Skip to main content

Full text of "مسألة فلسطين ( 8 أجزاء ) - هنري لورنس"

See other formats




الكتاب الثالث 
لوطسا 
انتداب على فلسطيف 
ا ا 





مسألة فلسطين 
الكتاب الثالث 
١951-١١‏ 


المركز القومي للترجمة 
إشراف : جابر عصفور 


العدد : 20> 
مسألة فلسطين (المجلد الثاني: 19575 )١55417-‏ 
رسالة مقدسة للعالم المتمدن 
الكتاب الثالث: انتداب على فلسطين )١981- 1١9717(‏ 
هنري لورنس 
بشير السباعي 
الطبعة الثانية 8" 


هذه ترجمة كاملة لكتاب : 
5 لمآ لإجمع11 عناء زكم7810 عل <<ع ملاوع1ن عل رونا5عنا0) هل>> 


7 00 
2 ,هن لالخ 1118/8هه عل لمع 18ر] © 


تم نشر هذا الكتاب بالاشتراك مع المركز الفرنسي للثقافة والتعاون (قسم الترجمة) التابع 
لسفارة فرنسا بجمهورية مصر العربية في إطار مشروع دعم النشر (طه حسين) التابع 
لوزارة الشئون الخارجية الفرنسية. 


حقوق الترجمة والنشر بالعربية محفوظة للمركز القومى للترجمة 

شارع الجبلاية بالأوبرا - الجزيرة - القاهرة. 2 ات: 51/584674 - 717764517 فاكس: 5764854 
2150 بلطاجع0 ا ,عدنه11 موعم0 .ا لان انطه0 باع 

4 :ه11 27354526 - 27354524 ناع 1 صرمء. ممطهيز © اأعصيممع امبرو «اتمصدع 


هنري لورنس 


مسألة فلسطين 






المجلد الثاني 
15١‏ 70 غ5١‏ 
الكتاب الثالث 
١1”١- 157‏ 
ترجمة 
3 ا 
القاهرة 
8" 


بطاقة الفهرسة 
إعداد الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية 
إدارة الشئون الفنية 


لورنس؛ هنرى. 

مسألة فلسطين/ تأليف: هنرى لورنسء ترجمة: بشير السباعى( مج ؟) 

ط" - للقاهرة: المركز القومى للترجمة؛ 5١٠5م.‏ 

3 صن 74 سم 

المحتويات: مج؟( 1793177 )١1147--‏ رسالة مقدسة للعالم المتمدن (الكتاب الثالث) 


انتداب على فلسطين(155717 - )١9151‏ 
-١‏ القضية الفلسطينية 
؟- فلسطين - تاريخ - العصر الحديث - الاحتلال البريطانى( 2159051 )١95144-‏ 
أ- السباعى بشير (مترجم) 
ب- للعنوان 1 
رقم الإيداع: 157.7/ 506.031 
الترقيم الدولى: 4 - 542 - 479 - 977 - 978 
طبع بالهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية 





صورة الغلاف : قبة الصخرة:ء القدس 

تهدف إصدارات المركز القومى للترجمة إلى تقديم الاتجاهات والمذاهب الفكرية المختلفة 
للقارئ العربى وتعريقه بهاء والأفكار التى تتضمنها هى اجتهادات أصحابها فى ثقافاتهم 
ولا تعبر بالضرورة عن رأى المركز. 


هذا الكتاب مهدى إلى ذكرى قانسان كلواريك. الذي كان من شأنه أن يفهم هذا 
العمل على أحسن وجه والذي يفتقده كثيرا جميع أصدقائه وزملائه في فريق العمل 
المختص بالعالم العربي المعاصر في المعهد القومي للغات والحضارات الشرقية. 


تصريح بلفور المؤرّخ في " نوقمبر/ تشرين الثاني 1411: 

« عزيزي اللورد روتشايلد. 

« من بالغ سروري أن أوجه إليكم من طرف حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي» 
المتعاطف مع التطلعات اليهودية الصهيونية» وهو التصريح الذي بعد عرضه على الوزارة. 
تمت الموافقة عليه من جانبها. 

« ” تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى القيام في فلسطين بإيجاد مقام 
قومي للشعب اليهودي وسوف تبذل كل مساعيها لأجل تيسير تحقيق هذا الهدف. على 
أساس أن من المفهوم بشكل واضح أنه لن يجري القيام بشيء من شأنه الحساق ضرر 
بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين. ولا بالحقوق 
والوضعية السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر'. 

« وسوف أكون ممتنًا لكم لو أبلغتم الاتحاد الصهيوني بهذا التصريح ». 


المادة ؟"؟ من ميثاق عصبة الأمم المعتمدة في 18 أبريل/ نيسان ١11١54‏ في 
فرساي!': 

.١ '‏ تنطبق المبادئ التالية على المستعمرات والأراضي التي لم تعد. على أثر الحرب. 
تحت سيادة الدول التي كانت تحكمها قبل ذلك. والتي تسكنها شعوب ليست قادرة بعد علسى 
حكم نفسها بنقسها. في ظروف العالم الحديث الصعبة صعوبة خاصة. إن رفاه وتقدم هذه 
الشعوب إنما يشكلان رسالة مقدسة للعالم المتمدن؛ ومن المناسب تسجيل ضمانات في هذا 
الميثاق لإنجاز هذه الرسالة. 

؟. والوسيلة الأفضل للتحقيق العملي لهذا المبدأ هي أن يُعْهد بالوصاية على هذه 
الشعوب لأمم متقدمة تعدء بالنظر إلى مواردها أو خبرتها أو موقعهاء أفضل من يتولى هذه 
المسئولية مباشرة ويقبل تحملها: وهي ستمارس هذه الوصاية كأمم منتدبَة وباسم العصبة. 


ملضمعع دعا اه كعنام دل كه تتعصمانه عملم ناا كفائظ علسدان)-ء مدلل ء مرعلرنانا! عملمامم 1١‏ 
.304-05 .مم ,1981 .طانوازء8 ,914-1920 | ,كع امككقاا 


في 


". ولابد لطابع الانتداب من أن يتباين بحسب درجة تقدم الشعب والوضع الجغرافي 
للأرض وظروفها الاقتصادية وشتى الظروف الأخرى من هذا القبيل. 

” 4. إن بعض الجماعاتء التي كانت تنتمي بالأمس إلى الدولة العثمانية. قد بلغت 
درجة من التقدم بحيث يمكن الاعتراف مِوَقُنًا بوجودها كأمم مستقلة؛ وذلك بشرط أن تُوجّه 
نصائحٌ ومساعدةٌ أمة منتدبْة إدارتها إلى اللحظة التي تصبح قادرة فيها على توجيه أمورها 
بشكل مستقل. وأماني هذه الجماعات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بادئ ذي بدء عند اختيار 
الأمة المنتنيّة ». 


الكتاب الثالث 


انتداب على فلسطين 


١45١-5 


تمهيد 


العصور المسماة بالوسطى والحديثة كانت عصور مجتمعات نظام. قائمة على 
هيراركية لا مساواتية للجماعات والطوائف. وفي أغلب الأحوالء كانت قيم 
الطهارة وانعدام الطهارة تضفى على هذه التمايزات التي كان المراد بها إيراز 
تباين الوظائف بين مختلف مكونات البنيان الاجتماعي. وضمن نسق الإحالات هذاء 
والذي مس مجمل العالم القديم وليس فقط أوروبا الغربية. كانت الحقائق الإثنية 
تعتبر ثانوية بالقياس إلى المحددين الرئيسيين اللذين يصوغان هيكل المجتمع: 
صاحب السيادة (كانت الدولة مُلك ملك وعائلته) والديانة. وكانت ديانة الملك ديانة 
المجتمع أيضاً (تبعا لعلاقة القوى. كان د هذا الطرف تارة. وذاك الطرف تارة 
أخرى. هو الذي يفرض مشيئته). ولم تعترف الدولة بوجود الجماعات التي تعتبر 
منشقة أو مهرطقة داخل ديانتها الخاصة (اليروتستانت عند الكاثوليكء. الكاثوليك 
عند البروتستانت. وأيضا عند المسلمين بين السنة والشيعة). وبالمقابل. نجد أن 
عدم الانتماء إلى الديانة المسيطرة قد سمح عموما بوجود معترف به ضمن وضعية 
اجتماعية مجرّدة من القيمة (اليهود في الجماعة المسيحية. المسيحيون واليهود في 
أرض الإسلام). على أن صعود الدولة الحديثة التوحيدية. ه في أو روبا الغربية. قد 
تحققء في أواخر العصر الوسيط. عبر طرد اليهود (فرنساء إنجلتراء إسيانيا). 

واعتبارا من أواخر القرن السابع عشرء يتعرض النظام الاجتماعي التقليدي 
الأوروبي للرفض بشكل متزايد باطراد من جانب ما سميت بحركة التقوير. إذ 
يجري إبراز قيم المساواة والمواطنة الجديدة» وهي تتعايش لبعض الوقت مع النظام 
الهيراركي القديم. وفي بلد كفرنساء يميل جهاز الدولة الإصلاحي إلى الرغبة في 
تقويض النظام الهيراركي وذلك بالسعيء باسم الكفاءة» إلى عدم رؤية غير رعايا 
متساوين أمام الملك (الاستبداد الوزاري). ويقاوم أصحاب الامتيازات ذلك» 
مستنفرين الرأي العام باسم الحريات. وسوف يستمر اضطراب الخواطر إلى بداية 
الثورة الفرنسية. 





1١ 


ومن غير الممكن أن نرى في هذا الانقلاب للقيم التي عاشت أكثر من ألف 
عام عمل مثقفين وحقوقيين عديمي الصلة بالحقائق الواقعية الاجتماعية الملموسة. 
فالرغبة في ترشيد سير عمل الدولة عبر إنهاء نظام الطوائف إنما تصدر أولاً عن 
الوظيفة العمومية الأعلى المشربة بروح الاقتصاد السياسي. ومن السابق لأوانه جذًا 
أيضا الحديث عن بورجوازية ظافرة رائدة للرأسمالية الحديشة. فرجال المال 
.والصناعة قد تكيفوا تمامًا مع النظام الاجتماعي القديم» حتى وإن كان بعضهم قد 
تمنوا إصلاحه. 

والحال أنه لا التفسير الاقتصادي ولا السببية الاجتماعية (إنضال الطبقات) 
يسمحان فعلاً بفهم اتساع التحول الذي يبدأ نحو عام ١76٠‏ والذي تعجله الشورة 
الفرنسية وما يقرب من ربع قرن من الحرب الأوروبية (117457 - .)١8١5‏ وربما 
كان الشيء الأكثر فتنة بالنسبة للمؤورخ هو المضمون الاستشرافي للمشاريع 
المستحدثة آنذاك. والتي تتناسب مع الحقائق الواقعية للقرنين التاليين بأفضل مما مع 
حقائق اللحظة الملموسة (ومن هنا الاتهامات ب«الإيديولوجيا» والتي سرعان ما 
جرى توجيهها). ويظهر مشروع المساواة بوصفه اتجاها قويّاء ضرورة صارمة»ء 
تنطلق في القرن الثامن عشر وتستمر إلى أيامناء بشكل مستقل عن السببيات 
الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل أطرا تفسيرية لها. 


الهدم الخلآق واختراع التراث 

السيرورة الجارية سيرورة هدم خلاق. ومن الواضح أنها تتجلى بشكل خاص 
في المجال المؤسسي. حيث نجد أن ما صار فجأة «النظام القديم» قد حل محله 
تكوين سياسي جديدء لكن الأمر كذلك بالنسبة لمجمل الحقائق الثقافية والاجتماعية. 
والحال أن الثورة الفرنسية» في جذريتها الأولى» قد أرادت إلغاء جميع الطوائف 
(ومن هنا تحرير اليهود الذي أنجز العمل الذي كان قد بدأه موظفو الملكية في 
أواخر أيامها) لأجل فرض علاقة واحدة بين المواطن والدولة» المنبتقة هي نفسها 
من سيادة الشعب. والحال أن صعوبة التوصل إلى تعريف دقيق لمن هو الشعب في 
نظام تمثيل سياسي كانت في مركز مفاجآت الثورة الفرنسية (مع الصراع على 
السلطة). ففي مرحلة أولى» كان قد جرى تعريف الأمة في البداية بأنها جماعة 


1 


مواطنين تتقاسم ممارسة السيادة الشعبية. لكن المصطلح سرعان ما اتخذ معنئ إثنيًا 
حتى بقدر ما أنه لم يجر السعي إلى إنشاء جمهورية عالمية» ذلك أن فرنسا قد 
ادعت أنها «الأمة العظمى» المربية للشعوب الأخرى المحرّرة عبر فتوحاتها 
إفتوحات فرنسا] العسكرية. 

والحاصل أن القرن التاسع عشر هو بمعنى ما وفي آن واحد الهدم المتواصل 
للمجتمع القديم والاختراع الدانم لتراثات جديدة يراد بها وصل العالم الجديد من 
جديد بالماضي الأقدم. واليهودية الأوروبية تقدم تصويرا لذلك. ففي قرن التنوير» 
نجد أنها تتألف من تعددية جماعات محلية تسمى بشكل مميز ب «الأمم». والحال 
أنها طوائف من طوائف النظام القديم التي» بصفتها هذه؛ تنتمي إلى التكوين 
الاجتماعي للبلدان المعنية. ومن غربي إلى شرقي أوروباء كان مكانها في 
هيراركية الشرف أخذا بالانحدار بشكل متزايد باطراد. وهكذا نجد «يهود 
الأطلسي». المنبثقين من اليهودية السيفاردية ومن التجربة المارّانية في فرنسا 
الغربية (بوردوء بايون) أو هولنده أو إنجلتراء والذين تساوت وضعيتهم مع وضعية 
البورجوازيات المسيحية» ثم «يهود شرقي أوروبا»» أو الأشكينارء الذين كانوا 
خاضعين لمعاملات تتميز بالتفرقة وذات جوهر غير مشرّف. وقد رفض يهود 
الأطلسي أي تشبيه لهم بيهود شرقي أوروبا وذلك بسبب هيراركية الشرف هذه 
عينها. 

وقد حاولت الملكية الفرنسية في أواخر أيامها إنهاء المعاملات غير المشرّفة. 
بينما قامت الثورةء انسجامًا مع رغبتها في إلغاء الطوائفء بإعلان تحرير اليهود 
على أساس فردي وليس جماعرًا. وكانت المساواة أمام القانون قد أصبحت المرجع 
الاجتماعي الجديد الذي حذت حذوه البلدان الأخرى في أوروبا بعد بضعة عقود. 
وقد أدى اختفاء «الأمم» [اليهودية] إلى قيام جماعة إيهودية] واحدة في كل بلدء 
منبنية حول شبكة من الموظفين الدينيين الذين تعترف بهم الدولة ومن وجهاء 
فاعلين للخير الإنساني وفق نموذج تنظيم قريب من البروتستانتية. وبما أن يهود 
العالم الحديث قد وجدوا أنفسهم وقد خرجوا من الجيتوء فقد كانوا معرضين لت أثير 
الثقافة الليبرالية الجديدة التي لم يكن بوسعهم التشكيك فيها لأنهم يدينون بتحررهم 
لها. 


1 


وكان مكان اليهودية في العالم الحديث مرتبطا ارتباطًا مباشر! بالمسألة 
الدينية. فانطلاقًا من مكتسبات القرون السابقة في مجال التحليل النقدي ذي الأساس 
الفيلولوجي» تعرّض تراث الكتاب المقدس لتناول منهجي تاريخي لا يرحم. 
وبالنسبة للمسيحيين؛ تعلق هذا التناول خاصة بالعهد الجديد مع تكاثر صدور 
المؤلفات حول «حياة يسوع»؛ وبالنسبة نليهودء أدى هذا التناول إلى قيام «علم 
يهودية» ذي نتائج متناقضة. ففقد مفهوم «الشعب اليهودي» مضمونه الديني من 
حيث كون هذا الشعب شريكا في حلف مع الرب ليأخذ مفهوم الفاعل التاريخي 
الممتل لجوهر قيم السامية» ومنذئذ انطرحت مسألة مصيره في المجتمع الحديث. 
وقد قبلت-اليهودية الليبرالية سيرورة التحول إلى إضفاء البعد التاريخي على الشعب 
اليهودي ووضعت في وجه الطابع البالي «المنتمي إلى العصر الحجري الحديث» 
لجزء من التراث روحانية الأنبياء الذين جرى اعتبارهم بشكل استرجاعي مؤسسي 
الليبرالية الحديثة. وبما أن الديانة اليهودية قد أصبحت رسالة روحية وأخلاقية. 
فإنها لم تعد بحاجة إلى «شعب يهودي» منفصل عن بقية الجنس البشري. وطبيعي. 
شأن الكاثوليك الذين يشجبون «الحضارة الحديثة» أو شأن اليروتستانت الأصوليين 
الذين يرفضون الداروينية» أن اليهودية تعرف أيضنا رد فعل رافض على كل 
أرثوذكسية صارمة ترفض هذه البدع الفاضحة. وكانت التمامية الكاثونيكية أو 
الأصولية البروتستانتية أو الأرثوذكسية اليهودية مختلفة تماما عن التجارب الدينية 
السابقة بحكم أنها تعد من حيث الجوهر حركات رفض للحداثة وبحكم أنها في 
موقع المواجهة الدائمة معها. وهكذا. قإن الهدم الخلآق إنما يحول دون أي عودة 
إلى الوراء في عين الوقت الذي يخترع فيه تعددية «تراثات» جديدة. 

ويتمثل مثال آخر لاختراع التراث في خلق الأسطورة الهندو- أوروبية. 
والتي تعد نتاجًا بامتياز لوجوه التقدم الذي أحرزته الفيلولوجياء وهو نتاج تتمثل 
وظيفته المزدوجة في تفسير أصل الظاهرة الدينية وأسباب التفوق الغربي على 
الحضارات الأخرى. والحال أن الفيلولوجيين. في بنائهم لألعاب التقابلء: إنما 
يعطون للأريين شركاء -خصوما هم في البداية الساميون (اليهود بالأمس. 
المسلمون اليوم)؛ يليهم الطورانيون (الشعوب المجرية والتركية والمغولية). وهكذا 
جرى إعطاء مجمل شعوب العالم القديم نسبًا كانت تجهل وجوده قبل قرن من ذلك. 


1١4 , 


واختراع التراث هو التتمة الملازمة للهدم الخلاق. فعصر المساواة لا يتصور 
نفسه على أنه طي لصفحة الماضيء بلء على العكس من ذلكء على أنه إعادة 
تعريف لهذا الماضي. بل إن الفرتسيين المشربين بالعقل إنما يستعيضون عن 
التقابل بين الغاليين - الرومان والفاتحين الجرمان. وهو التقابل العزيز على النظام 
القديم وعلى الثورةء بتتصيب الغاليين والرومان في مقام الأسلاف المميّزين لهم. 

وفي شرقي أوروباء تصمد هياكل النظام القديم صموذا أطول. فبالرغم من 
تقدم الليبرالية» والذي يرمز إليه ربيع الشعوب في عام 184. نجد أن 
الأرستقراطيات والملكيات تحتفظ بجانب كبير من سلطاتها. وسوف تنجح في أن 
توظف لحسابها جانبًا من اختراع التراث بجعلها من نفسها الإناء الجامع لهذا 
الماضي الذي أعيد اختراعهء فتعطي لنفسها بذلك شرعية جديدة. وهكذا س تبني 
الشسعوب السائدة والشعوب المسودة هويتها ضمن علاقة جوهرية بالتاريخ والدين. 
ولن تحيل الهوية الإثنية التي جرى تأكيدها إلى العلاقة بين اللغة والمواطنةء كما 
في أوروبا الغربية. بل ستحيل إلى الارتباط بالمجد الماضي والديانة الحاضرة. 
فالشعوب السلاقية «التي تيقظت» سوف يكون مرجعها الدول القديمة وهويتها 
الدينية: إن البولنديين أو الكروات سوف يكونون كاثوليك» في حين أن الروس أو 
الصرب أو البلغار سوف يكونون أرثوذكس. 

وفي ذلك الجزء من أوروبا الذي استولت عليه الليبرالية الحديثة: كألمانيا 
الرايخ الثاني أو النمسا- المجرء حذا التحرير الحقوقي لليهود حذو المشل الذي 
ضربته أوروبا الغربية» بيد أنه يظل من الصعب تحقيق استيعاب حقيقي. وفي 
الملكية النمساوية- المجرية الثنائية» يتعين على اليهود تعريف أنفسهم قياسًا إلى 
هويات متناحرة, ألمانية» مجرية» تشيكية» يولندية» الخ. وفي الإمبراطورية 
الروسية الأكش تخلفاء تنتهج الدولة التحديثية سياسة متناقضة. فهي تعمل على أن 
تختزل بشكل منهجي الحريات الطائفية التي تتمتع بها الطوائف اليهودية:؛ وذلك 
بهدف إنشاء مرجعية حديثة قائمة على الفرد وحدهء وتمتتع عن قبول التتمة 
الملازمة لذلك والتي تتمتل في استيعاب اليهود في الشعب الروسيء لأن هوية هذا 
الشعب تحيل إلى الديانة الأرثوذكسية. والحال أن تدابير التفرقة» كحظر الإقامة 
خارج منطقة الإقامة [اليهودية] في المقاطعات الغربية للإمبراطورية» إنما تعد آثارًا 


1١ 


مترتبة على هذا التناقض. وفي منطقة الإقامة هذهء والمتمثلة في مملكة بولنده 
القديمة» يجد اليهود أنفسهم وقد عوملوا كأجانب أكان من جانب الشعب الروسي 
السائد أم من جانب الشعوب المسودة التي تعرف يقظة قومية سافرة (شعوب 
البلطيق وبولنده وأوكرانياء الخ). 

وقد تكوّن لدى المعاصرين الانطباع بوجود تقدم ثابت ل«الحضارة الحديثة» 
الليبرالية والمساواتية (في الحقوق). إلا أن الليبرالية إنما تتوقف عن التقدم؛ منذ 
أواسط سبعينيات القرن التاسع عشر. فهي تتعرض للرفض على يسارها من جانب 
الاشتراكية» وتتعرض للرفض خاصة على يمينها من جانب النزعة القومية 
الإثنوية. وفي مؤتمر برلين عام 18717 بالفعل. فشلت الدول الأوروبية في أن 
تفرض على رومانيا الجديدة تحرير سكانها اليهود (خلافا لصربيا وبلغاريا). 
والحاصل أن النزعة القومية الحديثة إنما تتسلح بسلاح الأصالة بالغ الخطورة. 
ودعاتها يرفضون الحداثة الليبرالية باسم ماض متَخَيّْل يتماشى مع منتجات اختراع 
التراث. وإيديولوجيات الأصالة ترفض بعنف مجتمع الجماهيرء باسم التراث 
التاريخي الذي أعادت النزعة القومية استثماره. ويجري اتهام الليبرالية وأنصارها 
بالرغبة في هدم المجتمع عبر فرض النزعة الفردية على حساب التضامنات 
العضوية (تضامنات الطوائف القديمة) التي يجري تصويرها في صورة مثالية. 
ويُستخدم التاريخ في شجب العناصر الأجنبية» مع اتخاذ الديانة مرجعًا في بلدان 
الإمبراطورية الروسية واتخاذ الجنس مرجعا في الدول الجرمانية واتخاذ الأرض 
والموتى مرجعًا عند القوميين الفرنسيين. وتصبح معاداة السامية العنصر المشترك 
بين إيديولوجيات الأصالة هذه لأن اليهود إنما يجري تعريفهم في كل مكان 
كعناصر أجنبية من حيث الجوهرء وذلك من زاوية الديانة والجنس والتاريخ. وفي 
اللحظة التي تصبح نزعة الحرص على الصحة والتي روّجتها «الثورة الباستورية» 
مرجعًا عاماء تجري إدانة اليهود بوصفهم ناقلين خطرين لميك روب ليبرالية 
كوزموبوليتية نافية لماض أعيد إليه الاعتبار. فهم ليسوا غير قابلين للاستيعاب 
فحسبء بل إنهم الوحيدون الذين حافظوا على طابعهم كطائفة خاصة بشكل نوعي 
(دولة داخل الدولة) وذلك مع تحولهم في الوقت نفسه إلى محرضين مستترين على 
حداثة تمحو التباين» أكانت الرأسمالية الأكثر إنفلاتا أم النزعة الأممية الثورية 


حل 


البروليتارية. وهم ممتلو مشروع أعم: تكوين مجتمع جماهير يضم كل العالم» حيث 
ستتمثل وظيفة أدوات الاتصال الكبرى والخدمات الاجتماعية الموستّعة في العمل 
على اختفاء الهويات والفرديات الخاصة. 


الهدم الخلاق والعولمة الأولى 

منذ الكشوف الكبرى. تحيا أوروبا على إيقاع عالمي. فبعد أن انهمكت في فتح 
العالم الجديد. 00 سيطرتها الاستعمارية على حضارات العالم 
القديم الكبرى. ومنذ أواخر القرن الثامن عشرء فرض البريطانيون سلطتهم على 
العالم الهندي. و. خلال حروب الائتلاف الثاني الناشئة عن حملة بوتابرت على 
مصرء صار التوازن الأوروبي توازنا عالميًا يمتد من البحر المتوسط إلى الهند. 

والتنافس بين الدول الإمبراطورية يشكل الحماية الأقوى ضد سيطرة مباشرة. وفي 

الدولة العثمانية كما فى المملكة الفآرسية. يساعد توازن «أشكال النفوذ» الأوروبية 
على صون اطار الدوئة الذي يضطر إلى تحديث نفسه؛ كيما يتسنى له البقاء. 

والدولة العثمادية. بحكم قربها المباشر. هي الأكثر عرضة للتحولات التي 
أطلقتها أوروبا. وفى كل مرة تحاول فيها دولة أوروبية الاستيلاء على جزء من 
أراضيهاء فإنها تشهد انتصاب 2 الأخرىء المستعدة في نهاية الأمر لإعلان 
الحرب عليهاء ومن هنا تعاقب «أزمات الشرق» الأعم في تمييزه ل «المسألة 
الشرقية». وهكذا تحد روسيا نفسها وقد تم وقف زحفها إلى «البحار الدافئة»؛ بينما 
لا تنجح فرنسا في فرض سيطرتها إلا على الشمال الأفريقي المنفصل بالفعل عن 
الدولة العثمانية. وباسم «الوفاق الأوروبي»» تفرض الدول العظمى سيطرة مشتركة 
على الدولة العثمانية باستخدام نظام الامتيازات (امتيازات حقوقية ممنوحة للغربيين 
على شكل حصانات متنوعة) والرقابة على الذين العام. 

ويدرك رجال الدولة العثمانيون أن بقاء الدولة إنما يتحقق عبر تبني نظم 
التنظيم الأوروبية» من خلال مواعمة أليمة. ويتفكك النظام القديم العثماني تدريجيًا 
بحكم ضرورة الاعتماد على الجيش القائم على التجنيد. بينما غير المسلمين» 
المشتبه بأنهم يريدون الفوز بالحماية المفروضة من جانب الدول الأوروبية» يجدون 
أنفسهم وقد جرى تحريرهم بإيقاع أسرع من إيقاع تحرير غير المسيحيين فسي 

١17 


أورويا. إلا أنهء وبحكم الحقائق الواقعية للمجتمع العثماني» كان الذين حرروا 
جماعات لا أفراد. فتصبح الجماعات الطائفية غير المسلمة (الملل) مؤسسات 
معترفا بها من جانب الدولة. 

واختراع الأرض المقدسة في القرن التاسع عشر مثال جيد لاختراع التراث. 
ففي عين اللحظة التي تعرف فيها أوروبا الثورة الصناعية «تحررًا للعالم من 
الأوهام»: نجد أن رغبة الدول الأوروبية في فرض «حمايت»ها على الطوائف 
غير المسلمة في الدولة العثمانية إنما تجد ترجمة لها في تأكيد «حقوق» لمختلدف 
الكنائس المسيحية في الأماكن المقدسة. ويتلو ذلك تصعيد للنزعات التي تفضي إلى 
حرب القرم وإلى فرض قانون الوضع القائم بشأن الأماكن المقدسة. وبعد عام 
7 , يمر التنافس بين الدول العظمى عبر تدفق للسخاء الديني والمساعدة 
الخيرية الإنسانية» المميزة للتنظيم المدني للقدس الحديثة. والحال أن العثمانيين» 
بسبب هذا الرهان المحدّدء إنما يجعلون من سنجق القدس منطقة مرتبطة على نحو 
مباشر بالسلطة المركزية ومتمتعة بجميع المؤسسات التي تتمتع بها أي ولاية. فنجد 
أن فلسطينء المعرقة بسنجق القدسء تصبح واقعا بالنسبة لسكانها. وذلك في عين 
اللحظة التي يميل فيها الغربيون إلى التفكير فيها بوصفها أرضنا دولية. واعتبارًا 
من عام ٠187ء‏ تعطي استعادة النظام العام إشارة الانطلاق لزخم اقتصادي 
وديموغرافي قوي قائم على التكامل بين القدسء عاصمة السلطة والحج. ويافاء 
المدينة المشرقية ذات البورجوازية الجسورة. 

وإذا كانت العولمة ذات تاريخ طويل يمر بالغزوات المغولية والكشوف 
الكبرى في القرنين الخامس عشر والسادس عشرء فإن الظاهرة على نحو ما نفهمها 
اليوم إنما تبدأ في ستينيات القرن التاسع عشر مع الانتشار العالمي للشبكات الكبرى 
للمواصلات الحديثة. وهكذاء فمنذ أواخر ذلك العقدء جرى ربط فلسطين ببقية العالم 
عن طريق التلغراف والخطوط المنتظمة للسفن البخارية؛ المرتبطة هي نفسها 
بشبكات السكك الحديدية الأوروبية الكبرى. فتحل محل رحلات الحج الفردية 
رحلات منظمة من جانب وكالات سفر متخصصة كوكالة كوك والجمعيات الأخوية 
الدينية المسيحية. وتدخل فلسطين عالم جول قيرن. 


148 


وتنتشر هذه العولمة الأولى ضمن إطار الإمبراطوريات الأوروبية الكبرى. 
أكانت «رسمية» (مستعمرات؛. محمياتء دومينيونات) أم «غير رسمية» (السيطرة 
الغربية المشتركة الفعلية على الدولة العثمانية والتي تكرّسلها «ديبلوماسية البوارج 
الحربية»). وهذه الإمبراطوريات تكفل النظام العام وحرية مواصلات لم يتم بلوغها 
من قبل قط. فلاجتياز المحيطات والقاراتء. ليست هناك أي حاجة إلى جوازات 
سفر أو تأشيرات (إلآ فيما يتعلق بالإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية). وعندما 
تنفجر في عامي ١8875-1/68١‏ موجة أولى للمذابح التي تستهدف اليهود في 
الإمبراطورية الروسية. يتلوها تشريع متزايد باطراد في طابعه التمييزي. يتسنى 
ليهود ويا الاستفادة من الزبط الذي تم مؤخرا بين شبكة السكك الحديدية الروسية 

والشبكة الأوروبية الغربية التى تقودهم بشكل مباشر إلى كبرى موانئ المحيط 
الأطنسي أو البحر المتوسط. وبمئات الألاف» يهاجر اليهود إلى أوروبا الغربية أو 
الى القارتيس الأميركيتين 0 ل أفريقيا الجنوبية أو إلى ضفاف البحر المتوسط. 
وهم ليسوا الوحيدين الدين يستفيدون من حرية الحركة هذه شبه الكاملة. فحرركة 
اليجرة هذه تخص أيضا الجماعات السكانية الفقيرة في مجمل أوروبا الشرقية 
وأوروبا! المطلة على البحر المتوسط. بل وتخص الجماعات السكانية المشرقية في 
الدولة العثمانية (جماعات مسيحية في غالبيتها). 

وفي عين اللحظة التي تحدث فيها الهجرات الدولية؛ تتأكد النزعة القومية 
الإثنية بشكل متزايد باطراد فى مجمل أوروباء كما لو أن تأكيد واحتداد النزعات 
الخصوصية القوياتية: لازمَة أحبازية مثممة العؤلمة 3 تبادلات البشر والسلع. 
والحاصل أن يهود أوروبا الشرقية؛ الخاضعين لتشريع تمييزي لا يمكن احتماله 
لاسيما أن دولة القانون الليبرالية تظل النموذجٍ السياسي السائدء حال عدم هجرتهم 
أو عدم بحثهم عن ملاذ في كنف أرثوذكسية دينية متشددة؛ إنما ينتقلون في جانب 
كبير منهم إلى النزعة القومية» التي تعد الصهيونية شكلها الأكمل. 

وهذه الحركة» التي تعتبر نفسها عودة إلى الأصلء إنما تشكل بادئ ذي بدء 
قطيعة جذرية» أكان مع اللغات اليهودية التقليدية (اليتية) تحبيذا للاستخدام 
الحصري لعبرية أعيد اختراعهاء أم مع ديانة اليهود الآأرنوذكس أو الليبراليين. 
وهي تتميز بسمات النزعات القومية في أوروبا الشرقية («اليقظة» الثقافية» الإشادة 


1 


بأطر الدولة والأراضي القديمة» الهوية المعرّفة من زاوية الانتماء الديني). وهي 
تأخذ الشكل المطلق أكثر من سواه للنزعة القومية الحديثة لأنها لا تملك؛ فيما عدا 
حماسة أتباعهاء غير حقوق تاريخية صرفة» كونها تفتقر في البداية إلى اللغة 
والثقافة والأرض التي يتوجب عليها الفوز بها في حركة واحدة. 

والحال أن عين مفهوم الشعب اليهودي بوصفه فاعلاً سياسياء ليسء في 
البداية» غير نتاج لإضفاء البعد التاريخي على نص الكتاب المقدس من جانب 
العلوم التاريخية والفيلولوجية. وهذا البعث ممائل تمامًا لبعث الشعوب الخاضعة في 
أوروبا الشرقية (الشعوب التشيكية والمجرية والصربية» الخ). ويفكر البعض في 
استيطان ترابي في «البلدان الجديدة» الخاضعة للسيطرة الغربية في أميركا أو أسيا 
أو أفريقيا. بيد أن مشروعا كهذا لا يمكنه تصريف الطاقات الجماعية في ما لم يعد 
آنذاك مجرد مشروع «إنساني خيري»»؛ حتى وإن كان مصيره تقديم النجدة لضحايا 
أعمال الاضطهاد. فالعودة إلى أرض الأسلاف هي وحدها التي يمكنها تعبنة 
المشاعر الضرورية لمشروع كهذا وسوف تكفل له «توراتية» الثقافة الغربية 
تعاطفا إيجابيًا في أوساط الرأي العام والأوساط الحاكمة. والتي يعد الارتباط بين 
فلسطين واليهود بالنسبة لها شيئًا بديهيًاء . وترجع المحاولة الأولى المتظمسة 
للاستيطان اليهودي في فلسطين إلى البارون إدمون دو روتشايلد. ثم تأخذ 
الصهيونية السياسية في الانطلاق مع هرتسل. وبعد موت هذا الأخيرء تبدأ المنظمة 
الصهيونية التي أسسها في لعب دور فعلي في فلسطين. وهجرة ما قبل عام ١5315‏ 
هذه تستفيد من الحماية المغرضة من جانب الدول الإمبراطورية الأوروبية. 

وفي حين أن النزعة القومية اليهودية تنطلق في أوروبا الشرقية. بحسب عين 
منطق اليقظة الثقافية والتأكيد الهويّاتي» فإن عرب ولايات الشرق الأدنى في الدولة 
العثمانية يتوصلون تدريجيًا إلى كسب الوعي القومي ضمن سيرورة أليمة قوامها 
الانفصال عن الإطار العثماني. واعتبارا من عام :١1504‏ تصبح النزعتان 
القوميتان العربية واليهودية فاعلين وخصمين في فلسطين. 


الحرب العالمية الأولى وقيام الانتداب 


الحرب العظمى نتاج لاختلال العلاقات الدولية بسبب الشهوات القومية» وهو 
اختلاف يفرز منطق مواجهة بين تحالفات عسكرية في حين أن الرأي العام يصبح 
أقل فأقل استعداذا لقبول التسويات السياسية التي لا غنى عنها لإنهاء الأزمات 
المتعاقبة. وبما أن الحرب سرعان ما تصبح كلية بينما تصبح المكابدات فائقة 
للحدود. فإن الجماعات السكانية الأوروبية؛ المدنية والعسكرية؛ إنما تعارف 
«توحشا» متسارعا. وإذا كان الفاعلون في الغرب مقاتلين عسكريين أساساء بينما 
يفلت المدنيون نسبيًا من أعمال العنف المباشرء فإن مجمل المنطقة الممتدة من 
البلطيق إلى الشرق الأدنى إنما تدخل في محنة مروعة سوف تمتد إلى ؟951١1-‏ 
517 . مع طابور جهنمي من المذابح الإبادية والمجاعات والأوبئة التي يترتب 
عليها سقوط الملايين من الضحايا المدنيين. 

ولا تخفي الدول العظمى الإمبراطورية أطماعها الترابية وذلك مع اجتهادها 
تمامًا في حفز التمردات القومية في الأراضي التي يسيطر عليها أعداؤها. وهكذا 
فإن الألمان وحلفاءهم العثمانيين يحاولون استثارة انتفاضات إسلامية في 
إمبراطوريتي الفرنسيين والبريطانيين الاستعماريتين بينما يدعم الفرنسيون 
والبريطانيون تمردا عربيًا يقوده الهاشميون في الولايات العربية للدولة العثمانية. 
ودحول الولايات المتحدة الحرب في عام ١911717‏ يفرض في العلاقات الدولية حق 
الشعوب في تقرير مصيرها بنفسهاء يمن في ذلك الشعوبء» غير المسيحية, التي لم 
يكن قد جرى الاعتراف لها قط بهذا الحق. ومنذئذ؛ يتعين على المنطق الاستعماري 
والقانون الدولي العثور على صيغة حل وسط: وسوف يتمتل هذا الحل الوسط في 
الانتداب الممنوح من جانب عصبة الأمم. 

وخلال عام ١9117‏ الرهيبء نجد أن الصهيونية - التي جرت مماهاتها بالقوة 
الاستيهامية والخفية للرأسمالية الإميركية وللثورة الاشتراكية الروسية- قد أصبحت 
فجأة فاعلاً يُخطب وده على المسرح السياسي الدولي. والحال أن حاييم قايتسمانء 
المنحدر من الإمبراطورية الروسية» زعيم الاتحاد الصهيوني البريطاني» كان يملك 
الذكاء السياسي الكبير الذي مكنه من نيل الاعتراف بأن أهدافه السياسية تتماشى مع 
المصالح العالمية لبريطانيا العظمى (الولايات المتحدةء روسيا) كما تتماشسى مع 

"5 


أطماعها الاستعمارية (تقويض اتفاقات سايكس - بيكو المعقودة مع فرنسا). و هكذا 
يفوز بتصريح بلفور المؤرخ في ١‏ نوقمبر/ تشرين الثاني ١11177‏ قبل بضعة أيام 
من استيلاء أللنبي على القدس. ويعد التصريح بإيجاد مقام قومي يهودي «في» 

ومنذ عام :١114‏ يظهر التاقض الأول بين المصاكح الإمبراطورية 
البريطانية والمشروع الصهيوني. وشيئا فشيئاء سوف تتخذ الإدارة العاسكرية 
البريطانية موقفا معادياء خاصة بعد اضطرابات عيد النبي موسى الدامية في أبريل/ 
نيسان .١9720‏ لكن الصهيونيين يتغلبون على الأزمة الأولى ويتوصلون إلى إقامة 
إدارة مدنية تحت قيادة رجل دولة بريطاني من أصل يهودي ومحبّذ للصهيونية؛ هو 
السير هربرت صمويل. والحال أن هذا الرجل الليبرالي إنما يؤمن مخلصنا بإمكانية 
الانسجام بين المقام القومي اليهودي ومصالج السكان العرب ضمن الإطار 
الإمبراطوري البريطاني 

واعتبارًا من عام »١414‏ تصاغ بنية الحياة السياسية العربية حول جمعيات 
إسلامية- مسيحية؛ تضم الأعيان من جميع المدن. والأندية السياسية للشبيبة 
المتعلمة. وإذا كان رفض تصريح بلفور هو سمة الاتحاد بين هذين الفريقين. فإن 
الأعيان من أمثال موسى كاظم الحسيني إنما يميلون أكثر إلى هوية فلسطينية بشكل 
خاصء في حين أن الشبان المتعلمين لا يرون غير «سوريا جنوبية» تشكل جِزءًا 
من كيان عربي واسع. وفي ديسمبر/ كانون الأول و يتم التوصل الى تسوية 
مقيمة بين مختلف الاتجاهات التي تتفق على التعرف على نفسها ضمن هوية 
فلسطينية عربية. 

والحال أرْ أن حيوية المعارضة العربية إنما تقود البريطانيين إلى تقديم تفسير 
تقييدي لمفهوم المقام القومي اليهودي وذلك عبر الكتاب الأبيض الصادر عن 
تشرشل. وفي يوليو/ تموز ؟111., يجري التصديق على ميثاق الانتداب - الذي 
يستعيد تصريح بلفور- من جانب عصبة الأمم» وذلك بعد كثير من التقلبات. 
ويصبح بوسع البريطانيين أن يأملوا في أن الأمر الواقع سوف يفرض نفسه على 
السكان العرب في عالم يعاد بناؤه وفق صورة عالم العولمة الأولى الذي كان قائمًا 
قبل عام 1515. 


"2 


دائمًا ما كانت صلاحية التأريخ المعاصر وتأريخ الحاضر محل رفض ونلك 
أصلاً بسبب المشاعر التي يحركانها وبسبب مشكلات تعميق التوثيق. وفيما يتعلق 
بفلسطين في عهد الانتداب. فإن الجانب الأكبر من الأرشيفات قد أصب الآن 
مفتوحًا ومتاخاء حتى وإن كانت بعض الوثائق ما تزال محجوبة. والحال أن 
المصادر الفرنسية» والتي تتميز بثراء استثنائي. قد استخدمت هنا لأول مرة بشكل 
منهجي. وفي هذا الملف الخاص. نواجه بالأحرى وفرة من المعلومات زائدة عن 
الحد بأكثر مما نواجه نقصا. وقد قتم مؤرخون إسرائيليون وعرب يتمتعون بشهرة 
دولية دراسات عظيمة الجودة. تتصل عموما بجوانب خاصة. حتى وإن كانت تقدم 
نفسها على أنها تتصل بمجمل الانتداب. والبيبليوجرافيا العامة ضخمة. لكنها جد 
متفاوتة في جودتها. 

والحاصل أن تاريخ فلسطين المعاصر وتاريخ المقام القومي اليهودي إنما يعد 
موضوعا من بين أكثر الموضوعات تحريكا للمشاعر في القرى العشرين. وبحكم 
عين طبيعة النزاع. فإن هذا التاريخ إنما يتعلقء في رأي الفاعلين نفسه؛ بمشروعية 
وجودهم. وحجم الرهانات التاريخية (الأرض المقدسة, المسألة اليهودية» دمار يهود 
أوروباء الإمبريالية» الاستعمارء تصفية الاستعمارء الإسلام في القرن العشرين...) 
إنما يعد مهولاً بشكل خاص. خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المحدودية الواضحة 
للأرض محل النزاع (ما يعادل حجم محافظتين فرتسيتين). ومسألة فلسطين ليست 
تاريخ فلسطين. بل تاريخ مجمل التفاعلات التي تجعل منها أحد الموضوعات 
الأكثر تعقيذا في التاريخ المعاصر ضمن علاقة دائمة بين أوضاع في الساحة 
والتشابك الذي لا فكاك منه بين الجوانب الرمزية (المشاعر الدينية والقومية) 
والأبعاد المادية وتدخلات الدول من خارج المنطقة ومأسي القرن العشرين الكبرى. 
وفي الفترة التي يهتم بها هذا العملء طالب عرب فلسطين بالعودة إلى وضع 
طبيعي في حين أن الصهيونيين لم يكن بوسعهم إلا أن يدافعوا عن استتنائية 
الوضع. والحال أن عدة تواريخ متمايزة لها تماسكها الخاص (تاريخ العالم العربيء 
تاريخ العالم اليهوديء تاريخ الإمبراطورية البريطانية) إنما تتداخل تداخلا عميقاء 
ومن هنا جزئيةٌ زوايا النظر والتشرنق النسبي لكثير من الدراسات السابقة. 

أي 


وإلى كتابة تاريخية مسيّسة تسيا عميقا بالفعل» يضاف اليوم توجه دائم 
يسعى إلى تحديد المذنبين والضحايا ويؤدي إلى محاكمات رمزية بل وفعلية (وهذا 
لا يتعلق بفلسطين وحدها). والحال أن هذا الإضفاء الضمني لطابع قضائي على 
تأريخ الحاضرء خاصة فيما يتعلق بفترة الحرب العالمية الثانية» هو أعظم خطر 
يهدد الدراسات التاريخية الحالية لأنه يشكل تقهقرًا منهجيا مزعزعا للاستقرار 
بشكل خاص. فالسببية من النوع القضائي تحيل إلى ممارسات تأريخ تخلى عنها 
المؤرخون منذ عدة عقود لصالح استخدام منهجي لمكتسبات العلوم الاجتماعية. 
وحتى إذا كان المؤرخون يسعون إلى «إثبات» الوقائع عبر لعبة تساؤلات متجددة 
باستمرار يجعلون منها أيضا حججا ضمن جهد استدلالي يأخذ شكل رواية تتبع 
التسلسل الزمني بشكل يتميز بالخشونة» فإن ما يسعون إلى القيام به ليس إعادة 
تكوين ذات طابع قضائي. بل استخلاص دلالات للأحداث الموص وفة. ويتعين 
عليهم أن يقوموا دومًا بتجريد لمسألة الشرعية وأصدائها في أزمنتهم الحاضرة. 
وعندما يمستخدمون إحالات إلى الاقتصاد أو إلى السوسيولوجيا أو إلى 
الأنثروبولوجيا أو إلى علوم اجتماعية أخرىء فإن ما يرمون إليه ليس تعريف 
الظروف المخففة أو المفاقمة» يل تقديم عناصر تفسير. 

ومن الواضح أن الهدف الأول هو تقديم وصف للموضوع التاريخي المدروس 
يتضمن بالفعل في صميمه عناصر التفسيرء حتى وإن لم يكن ذلك غير مقدمة 
ضرورية للمرحلة التالية. مرحلة «التفكير في» الموضوع في مجمل أيعاده 
التاريخية. مع الإدراك التام لواقع أن هذا التركيب لا يمكن إلا أن يكون تركينا 
مؤقتاء انتظارا لتجديد حتمي للتساؤلات. ولا يجب أن يكون هناك من تدخل لمسألة 
التحيز أو عدم التحيزء وبالمقابل» فإن مسألة النزاهة الفكرية وتماسك المقاربة إنما 
تعد جوهرية. وبما أن المروية تفكير له منطقه» فإن عدم المراعساة الاختياري 
للوقائع - والتي تعد بحكم طبيعتها حججا- لأنها تتعارض مع تدليل المروية 
الضمني أو الصريح, إنما يمثل الخطر الرئيسي بالنسبة للمؤرخ. ولابد للمؤرخ من 
أن يطمج إلى ذلك المثل الأعلى؛ حتى وإن كان تناهيه؛ شأن تناهي جميع البشر 


الآخرين» يحرمه من تحقيقه تحقيقا ناجزا. 


كن 


والحال أن المنظور القضائي الحاليء بأولوية الضحية لديه» إنما يشكل تقهقرًا 
يميا يميل إلى العمل على نسيان أن الفاعل الرئيسي لمآسي القرن الععشرين هو أولاً 
مقاتل أو مناضل و أن التفسيرات يجب أن نبحث عنها ة في السيرورات الاجتماعية 
كما في المشاريع الإيديولوجية سواء بسواء وأن البشر. ٠‏ في هذا القرن المعذب. .قد 
«صنعوا» تاريخهم مع جهلهم في أغلب الأحيان لماهية التاريخ الذي صنعوه. 
والشيء الجيد في هذا المنظور هو أنه يذكرنا بأن هذا التاريخ هو أيضا تاريخ 


مكابدة أفراد وجماعات» و غالبا ما يسمح ح اللجوء إلى صيغ العلوم الاجتماعية 
المفاهيمية إلى نسيان أن الأمر إنما يتعلق بادئ ذي بدء ببشر يستحقون الاحترام 


والمراعاةء شأن أي إنسان. وليس بتجريدات. والحال أن خاصية الكينونة البشرية 
هذه قد راعتها المنهجية التاريخية دوما باللجوء إلى تمثل الأشخاص والأوضاع 
التي يوجدون فيها. 

ومن ثم فإن هدف هذا العمل هو وصف فترة الانتداب في مسألة فلسطين» بين 
تصديق عصبة الأمم على ميثاق الانتداب على فلسطين في يوليو/ تموز ١9575‏ 
واعتماد منظمة الأمم المتحدة خطة التقسيم في نوثمبر/ تشرين الثاني .١157‏ 
والحال أن الإشارة إلى هذين القرارين الصادرين عن هيئتين دوليتين إنما تبد تبين إلى 
أي مدى ينتمي الموضوع إلى تاريخ العلاقات الدولية وتاريخ الشرق الأدنى في آن 
واحد. وهذا الوصف يرغب في أن يكون سرديًا وذلك بإبرازه في كل مرة الآليات 
المباشرة لاتخاذ المواقف. مع دمجه» قدر الإمكان» لمعطيات العلوم الاجتماعية 
حتى يكون هذا التاريخ السياسي تاريخا تفسيريًا إلى حدٌّ ما. وبشكل منهجيء فإن 
حالة المناقشةء التي تجعل من فلسطين مسألة. سوف يجري تقديمها كي نبين إلى 
أي مدىء في ربع القرن هذاء كانت تساؤلاتنا الحاضرة موجودة بالفعل. فبمعنى ماء 
نجد أن التفسيرات التي قدمها الفاعلون للنصوص الحقوقية المرجعية (تصريح 
بلفورء المادة 7" من ميثاق عصبة الأمم) إنما تتميز بعين طابع التفسير المقدم اليوم 
لمراجع كالقرار ١‏ للجمعية العامة للأمم المتحدة أو القرار ١5*57‏ الصادر عن 
مجلس الأمن. كما لو أن مسألة فلسطين كانت بادئ ذي بدء تفسيرا لنصوص أريد 
لها أن تكون غامضة وملتبسة. ولابد عندئذ من أن نقول لأنفسنا من جديد إن الأمر 
إنما يتعلق قبل كل شيء ببشر ومكابدات وليس بنصوص أو مفاهيم. 


3 


الفصل الأول 
الرفض العربي 


تصريح الحكومة البريطانية بتاريخ ١١‏ يناير/ كانون الثاني 51 )١(١5‏ : 

.١ :‏ تكرّر حكومة صاحب الجلالة تصريحها الصادر في نوقمبر/ تشرين الشاني 
7 ., والذي لا يقبل التغيير. 

: ". سوف يتم إيجاد مقام قومي يهودي في فلسطين. وسوف يجري اعتيار وجود 
اليهود في هذا البلد ناشنا عن حق وليس عن أريحية. إلا آنه لن يترتب على ذلك أن حكومة 
صاحب الجلالة تنوي أن تجعل من فلسطين بلدا يهوديًا بمثل ما أن إنجلترا إنجليزية. 

". كما أن حكومة صاحب الجلالة لا تهدف إلى محو أو إخضاع السكان العرب أو 
لغتهم أو حضارتهم. 

: ؛. ستكون وضعية جميع سكان فلسطين فلسطينية. ولن تكون لأي شريحة من 
السكان وضعية أخرى أمام القانون. 

* ه. تنوي حكومة صاحب الجلالة العمل على أن تنشأ في فلسطين حكومة مسستقلة 
تمامًا وسوف تتمثل الخطوة الأولى نحو هذا الإنشاء في الإيجاد الفوري لمجلس تشريعيء 

.١ '‏ الوضع الخاص للجنة التنفينية الصهيونية لا يمنحها أي حق في المشاركة بأي 
درجة في حكم البلد. 

7. عدد المهاجرين المسموح لهم بدخول فلسطين خلال فترة محددة لن يتجاوز طاقة 
البلد الاستيعابية خلال تلك الفترة. 

' 8. سوف تناقش لجنة مختارة من بين الأعضاء المنتخبين في المجلس التشريعي 
مع الإدارة المسائل المتصلة بتنظيم الهجرة. والنقاط التي قد تكون موضع خلاف سوف 
تعرض على حكومة صاحب الجلالة». 


77 


خلافاً للآمال البريطانية. لا يؤدي التصديق على ميثاق الانتداب من جانب 
عصبة الأمم إلى قبول: ولو استكاني. من جانب عرب فلسطين. على العكسس 
تماماء فالحركة القومية الفلسطينية سوف تعرف مرحلة تأكيد للذات سوف تقودها 
إلى اختبار قوة لن يخرج منه أحد ظافرًا. فخلال العامين الممتدين من صيف عام 
إلى صيف عام 1474.ء تدور اللعبة السياسية ضمن إطار حدده الطرقفان 
ضمنيّاء وهو إطار يتخلى فيه أحد الطرفين عن استخدام العنف بينما يتخلى فيه 
الطرف الآخر عن اللجوء إلى القمع. ومن شأن وصف تفصيلي أن يسمح بإدراك 


منطق هذه الأحداث الضمني. 
المقترحات البريطانية وردود الفعل العربية 


كدف السير هربرت صمويل من الاحتياطات العسكرية والسياسية للعمل على 
مواجهة انتفاضة عربية محتملة على أثر التصديق على ميثاق الانتدابء في ”5 
يوليو/ تموز 1477 إلا أنه سرعان ما يطمئن: فالتقارير التي يوجهها إليه موظفو 
سلطة الانتداب إنما تشدّد على سيادة السكينة بين صفوف السكانء خاصة الفلاحين» 
الذين من الوارد مع ذلك أن تنجح دعاية القوميين في تهييج خواطرهم. وفي تلك 
الأيام الأخيرة من شهر يوليو/ تموز 1377١ء‏ لم تكن اللجنة التنفينية العربية قوية 
الوجود في فلسطين. ذلك أن أعضاءها الرئيسيين كانوا مايزالون في بريطانيا 
العظمىء في للوفد إلى لندن» وفي الحجازء في الوقد المرسل لإجراء محادثات مع 
الملك حسين. وقد سارت سياسة الأعيان التي دشنها السير هبربرت صمويل على 
خير ما يرام. فالزعماء القوميون يتمتعون بحرية كاملة في التعبير وبوسعهم رفض 
شرعية الانتداب؛ وما أن يلتزموا بالسيطرة على الوضع وبكبح كل عمل من أعمال 
العنف» فإن السلطة البريطانية لن تفعل شينًا ضدهم. على العكس؛ إنها تعتبرهم 
محاورين مداسبين» حتى وإن كانوا يمتنعون عن المشاركة في مؤسسات الانتداب. 

وفي الأيام التي سبقت التصديقء كان المندوب السامي قد بدأ في تهيئة 
الأذهان لمراحل الانتداب التالية. فقد عقد اجتماعًا للمجلس الاستشاري في ١7‏ 
يوليو/ تموز لكي يحيطه علمَا ببرنامجه السياسي7). فهو يقول إن التصديق لن يقود 
إلى أي تغيير في السياسة المتبعة إلى الآن. يل إنه سوف يسمح على العكس من 

4 


ذلك بالاقتراب من مرحلة الحكم الحر. وسوف يتكفل دستور بإنشاء جمعية تشريعية 
تتألف أغلبيتها من أعضاء منتخبين من جانب الشعب. ولإجراء الانتخابات» سوف 
يتوجب إعداد قوائم ناخبين على أساس تعداد للسكان. وفيما يتعلق بالهجرة» فسوف 
يجري تقريرها قياسا إلى طاقة الاقتصاد الاستيعابية. والحال أن المندوب السامي 
إنما يعتبر التنمية بمثابة الحل للمشكلات السياسية: 
فيما عدا إنشاء جمعية [تشريعية] تتألف أغلبيتها من أعضاء منتخبين؛ ومن ثم تحقيق 
ارتباط أوثق بين الشعب والرقابة على الشئون العمومية؛ فإن أي تغيير مهم آخر لن يتلو 
تطبيق الانتداب. فيما عدا أنه سيكون بالإمكان عندئذ طرح قرض حكومي. والحال أنني إنما 
دعوتكم إلى حضور هذا الاجتماع اليوم لهذا السبب. فمن الضروري في هذا البلد كما في 
غيره أن يكون بالإمكان التمتع برأسمال معين لمشاريع الإنماء التي تتجاوز [تكاليفها] 
المبالغ المتوقعة من الضرائب السنوية. ومن ثم فإننا ننوي طرح قرض حكومي لتحمل 
الأعباء المالية التي تفرضها على الحكومة مشاريع إنماء السكك الحديدية وشبكات الاتصال 
التليفوني وغير ذلك من احتياجات هيئة البريد والتلغراف. وبناء الطرق والمساعدة المقدّمة 
إلى الزراعة وردم المستنقعات للوقاية من الملاريا وتشييد بنايات حكومية,. وماقة حاجة 
أخرى. ولا ننوي طرح هذا القرض لكي نسدد للحكومة البريطانية قيمة تكاليف بناء السكك 
الحديدية ومرفق مياه القدس وغير ذلك من الأعمال التي تم تنفيذها خلال الحرب. إذ يجب 
لسداد هذه القيمة أن ينتظر إلى حين عودة القدرة المالية للبلد إلى الصعود بشكل ملحوظ. 


وما يزعج السلطات البريطانية في اللحظة المباشرة هو نشاط الوقد المرسل 

إلى الحجاز والذي يقوده الشيخ مُظفر. فهذا الوفد قد شجب السياسة البريطانية 

بعنف واتهم الصهيونيين بالرغبة في تحويل المسجد الأقصى إلى معبد. يهودي. وقد 

أرسل الحجاج إلى مكة برقية احتجاج إلى رئيس الوزراء البريطاني يطالبون فيها 

بإلغاء تصريح بلفور وباستقلال فلسطين(). بينما سعى السير هربرت صمويل» في 
كلمته في ١7‏ يوليو/ تموزء إلى تبديد الانزعاجات العربية : 

لقد جرى الزعم مرة أخرى بأن الحيازة الإسلامية للمسجد الأقصى وللحرم الشريف 

معرضة للتهديد وجرى إيفاد مندوبين إلى مكة للدفاع عن حقوق المسسلمين. وليس من 

الضروري الذهاب لإثارة كل هذه الضجة دفا لهجوم لم يقم به أحد أو لن يقوم يه أحسد. 


1 


فانحيازة الإسلامية للحرم الشريف مضمونة بصورة مطلقة؛ ليس فقط بتصريحات الحكومة 
البريطانية» وإنما أيضا بالمادة ١7‏ من ميثاق الانتداب نفسها'). فالانتداب بعيذا عن أن 
يكون تهديذاء إنما يعد حماية إضافيةء إن كانت هناك حاجة إلى حماية كهذه. للحقوق القائمة 
بالفعل لكل طائفة على الأرض المقدسة. 


على أن التوتر يظل قائماً مع ذلك؛ ويرسل مسلمو القدس إلى جميع أرجاء 
العالم الإسلامي رسائل تتهم اليهود بالرغبة في الاستيلاء على مساجد الحرم. كما 
تثبت ذلك الصور التي تصور الحرم وعليه رايات يهودية7). والواقع أن هذا 
التصوير للمساجد في الموقع الذي يعتبره اليهود موقع جبل الهيكل إنما يحمل نجمة 
داوود. فتقوم الأجهزة الفرنسية والبريطانية بالتحقيق في الأمر. وقد تمكن ترجمان 
قنصلية فرنسا في يافا من الحصول على الصورة المقصودة7): إن الصهيونيين 
يذهبون إلى أن هذه الصورة قديمة وليس لها أي طابع سياسي. وهم يقولون إنها 
كانت موجودة بالفعل قبل الحرب العالمية الأولى ولم يحدث قط أن أثار بيعها 
للحجاج اليهود حفيظة المسلمين. لكن المسلمين يذهبون؛ على العكس من ذلك. إلى 
أن الصورة حديثة. بينما أكد يهودي أرثوذكسي مناوئ للصهيونية أن الوثيقة ترجع 
بالفعل إلى العصر العثماني. 

وقد طلبت وزارة المستعمرات في لندن من سوكولوف أن يبدي رأيه في هذه 
الصورة(": فقال إنها بطاقة دينية يستخدمها الحاخامات خلال أوقات أداء العبادات 
في المعبد اليهودي. والكلام العبري الوارد على البطاقة معناه «المكان المقدس». 
ومن المفهوم أن ينزعج المسلمون من ذلكء بالرغم من أن هذا الانزعاج لا مبرر 
له. فالحاصل أن شركة في القدس قد طبعت هذه البطاقةء والمأمول هو أن تحظر 
حكومة الانتداب هذا النوع من البطاقات. أما المندوب السامي فقد اتجه إلى إجراء 
تحقيق في الأمر9): لقد جاءت الصورة من صحيفة صادرة باليذية في نيويورك. 
وهو يكرر التطمينات التي سبق له أن قدمها: إن الحرم برمته يخص المسلمين 
وليس لأي سلطة غير مسلمة الحق في التدخل في إدارة الحرم. 


لجنة الأماكن المقدسة 
بينما يؤكد البريطانيون للمسلمين متعففين أن ميثاق الانتداب يحمي أماكنهم 
المقدسة. فإنهم إنما ينشطون أيضنا في تفريغ جزء من بنود هذا الميثاق» يتعلق بهذا 
الموضوع.؛ من المعنى. فقد نصت المادة 4؛ ١‏ على إنشاء لجنة مهمتها «دراسة 
وتعريف وتسوية جميع الحقوق والمطالبات المتعلقة بالأماكن المقدسة وك ذلك 
مختلف الطوائف الدينية في فلسطين». والحال أن تعيين اللجنة وقوامها ووظائفها 
إنما يجب أن تخضع لموافقة من جانب عصبة الأمم. والنتيجة أن هذا الشكل من 
أشكال التدخل الأجنبي قد استثار على الفور نزاعا ديبلوماسيًا بين الأطراف المعنية 
بينما كان الفرنسيون والبريطانيون قد اتفقوا على فصل للمادة ١5‏ عند التصديق 
على الميثاق. ومنذ غداة التصديق. جرى استئناف المفاوضات. وقد طرح اللورد 
بلفور على الفور المسألة المبدئية الخاصة بتحديد قائمة الأماكن المقدسة وحقوق كل 
طرف من الأطراف المعنية في هذه الأماكن (الجماعات الدينية والدول) . 
وسيكون ذلك مهمة اللجنة التي سيتم حلها بمجرد الانتهاء من أداء المهمةء بينتما 
سيتحمل البريطانيون المسئولية عن تنفيذ قراراتها(''). ويجري التوصل إلى رفض 
أي تدويل. بينما يميل الفاتيكان بالأحرى إلى إنشاء لجنة دائمة مقرها القدس وتتألف 
من قناصل الدول المعنية!''). وتسعى فرنسا إلى الفوز بتعيين أعضاء من جانب 
الحكومات كما تسعى إلى الفوز بالرئاسة. المؤقتة على الأقلء للجنة؟©. 
ويجري تعيين هنري فروماجوء حقوقي الكيه دورسيه [وزارة الخارجية 
الفرنسية]ء لمناقشة هذا الأمر مع البريطانيين9”"). فيتم التوصل إلى خطوط عريضة 
لاتفاق: إنشاء لجنة فرعية للأماكن المقدسة المسيحية تكون الأغلبية فيها للكاثوليك 
وترأسها فرنسا9'). وذلك على أن يجري إنشاء لجنتين فرعيتين أخريين» واحدة 
مسئولة عن الأماكن المقدسة اليهودية وأخرى مسئولة عن الأماكن المقدسة 
الإسلامية؟'): 
« يمكن لأجنة الفرعية الإسلامية أن تتألف من إيطالي رئيسا ومسلم فلسطيني 
ومسلم فرنسي ومسلم هندي. ويمكن للجنة الفرعية اليهودية أن تتألف من أميركي رئيسا 


* 


ويهودي فلسطيني ويهودي بريطاني ويهودي برتغالي (أو إسباني) لتمثيل الطائفسة 
السيفاردية» 
والقرار المتخذ بالإجماع من جانب لجنة فرعية سيكون قرارا نهائيا. وفسي 
حالة الخلاف. سيتولى رئيس عموم اللجنة الفصل في الأمر. وفيما يتعلق بنزاع 
يتعلق بديانتين» ستجتمم “اللجنتان الفرعيتان معًا. وفي حالة الخلاف. سيرجع القرار 
هنا أيضًا إلى رئيس اللجنة برمتها. وقد يكون هذا الرئيس يروتستانتيًا أميركيّاء لأنه 
لن يكون هناك بروتستانتي في اللجنة الفرعية المسيحية. 
والحال أن الديبلوماسية البريطانية سوف تنشط في تخريب تطبيق المسشروع 
الذي قبلته من الناحية النظرية. فهي تقترح أن يكون الكاثوليك أقلية في اللجنة 
الفرعية المسيحية (5 مندوبين من .)'7)0٠١‏ وتعترض فرننسا على أن يكون 
المسيحيون الشرقيون أغلبية» فهذا من شأنه أن يقود إلى شلل حتمي للجنة الفرعية 
وإلى انتقال سلطة القرار إلى الرئيس البروتستانتيا"'). وهي تقترح إلغاء التصويت 
بالإجماع وتقترح التحول إلى الأغلبية لاتخاذ القرارات وتعديل قوام اللجنة الفرعية 
الإسلامية (ضم مسلم شيعي) ). ويقدم الإيطاليون مشروغا مسضادًا من شأنه 
إعطاء الأغلبية للكاثوليك في اللجنة الفرعية المسيحية!''). ويرفض القاتيكان 
المشروع البريطاني7'') بينما يعترض الإيطاليون على أن يرأس الفرنسيون اللجنة 
الفرعية!''). ويميل كيرزون إلى قبول أغلبية كاثوليكية» لكنه يترك للمعنيين مسألة 
اختيار الرئاسة الفرعية(""). أما تشرشل فهو يعارض ذلكء باسم الدفاع عن حقوق 
الأرثوذنكس؟'). وفي 4 أكتوبر/ تشرين الأول ١1577‏ يسحب بلفور المشروع 
متذرعًا بضرورة التوصل إلى اتفاق مسبق بين الدول المعنية قبل عرض نص على 
عصبة الأمم. وهكذا يجري دفن المشروع بشكل نهائي. وترجع الحكومة البريطانية 
المسئولية عن الفشل إلى مسألة تعيين رئيس اللجنة الفرعية المسيحية؟". , 
ورهان هذا الجدل هو رفض الدولة المنتذبّة لأي تدخل خارجي في إدارة 
الانتداب. فمنذ بداية الاحتلال. سعى البريطانيون إلى إلغاء مفعول الامتيازات 
وتوصلوا في سان ريمو إلى إلغاء حماية فرنسا للكاثوليك. وبثمن القضاء على 
عنصر جوهري من عناصر البنية الحقوقية للانتداب» أنهوا كل حماية خارجية 
للطوائف المسيحية. وهكذاء لم يعد للمسيحيين الفلسطينيين من فعل سياسي مستقل 


* 


وامتزجوا بالمسلمين في الإدارة الجماعاتية للمجتمع الفلسطيني والتي أنشأها السير 
هربرت صمويلء الأمر الذي أدى إلى تعزيز هوية فلسطينية عربية موحّدة. 
وسوف تواصل فرنسا معركتها من أجل مراعاة حقوقها وستحصل على الترضية 
الأدبية بصورة خالصة والمتمثلة في استعادة التشريف القنصلي خلال القداسات 
المسماة بالقداسات القندسلية. وسيدرك البريطانيون متأخرين جذًا أن غياب هيئة 
للوساطة في مسألة الأماكن المقدسة سوف يخلق لهم مصاعب عندما يؤول النزاغٌ 
حول حائط المبكى» وهو نزاع كان بالإمكان رصده بالفعل في بداية عشرينيات 
القرن العشرين. إلى صدام عنيف. على أن مأثرة هذه المفاوضات الفاشلة إنما 
تتمثل في مد الوضعية الحقوقية المعترف بها في القرن التاسع عشر للأماكن 
المقدسة المسيحية لتنسحب على الأماكن المقدسة غير المسيحية. والحاصل أن ذلك 
كان أمرا حتميًا بسبب اختفاء الدولة العثمانية. ضامنة العتبات المقدسة الإسلامية. 
وبسبب انتقال الأرض المقدسة إلى وضعية انتداب تابع لعصبة الأمم. 


فى اللحظة المباشرة. تنصب اهتمامات [البريطانيين] على ردود الفعل العربية 
لدى عودة الوفدين. وكانت اللجنة التنفيذية العربية قد حددت افتتاح المؤتمر الخامس 
لنجمعيات الإسلامية - المسيحية بعودة الوفد المرسل إلى لندن. وقد دعت أهل 
شرق الأردن إلى إرسال مندوبين للإعراب عن رفض الفصل بين المنطقتين. 
وعلى الفور. نجد أن فيلبي, الممثل البريطاني في عمّانء إنما يطلب من عبد الله 
الاعتراض على إيفاد أي مندوب من إمارته. ومع أن الأمير يعبر عن أطماع في 
الفوز بعرش فلسطين (إلى جانب عرش سوريا)ء فإنه إنما يمتثل لهذا الطلب دون 
مشاكل. والحال أن أول من يعود إلى فلسطين هو الوفد المرسل إلى الحجازء 
والذي يقوده الشيخ مظفرء الخطيب الإسلامي الأكثر جذرية» ويعبر الوفد عن نفسه 
بنبرة عنيفة» خلال تصريحاته العلنية. بل إنه سوف يمضي إلى حد الدعوة إلى 
انتفاضة من جانب المسلمين ذوذا عن الأرض المقدسة. وهو يرسل إلى السلطات 
المصرية برقيات تتهم الصهيونيين بالرغبة في الاستيلاء على مساجد الحرم. 


7 


ويبدأ المؤتمر أعماله في نابلس في ٠١‏ أغسطس/ آب 07177*'). وفي اليوم 
التالي» ينزل الوفد [المرسل إلى لندن] إلى حيفا ويذهب إلى مكان انعقاد المؤتمر 
مكثرا من الخطب الموجّهة إلى السكان. والحال أن موسى كاظم.ء بالرغم من إعلان 
عزمه على مواصلة المعركة» إنما يعبر عن أمله في التمكن من تغيير السياسة 
البريطانية من خلال المفاوضات. 
وفي المؤتمرء قدم الوفد المرسل إلى لندن تقريرًا وافيَا عن نشاطاته في 
أوروباء وتحدث عن ضرورة تعزيز الدعاية المعادية للصهيونية والتتنصرف في 
اتجاه اتحاد جميع العرب. ورٌفضت مقترحات المندوب السامي. فالجمعية 
[التشريعية] التي يقترحها ستكون بلا سلطة. وباسم اللجنة التنفينيةء يقدم جمال 
الحسيني7") (ابن عم الحاج أمين وموسى كاظم) التقرير الثاني. فيهاجم بقوة 
الجماعات العربية التي يمولها الصهيونيون لأجل شق صفوف العرب ويعبر عن 
سعادته للتقدم الذي أحرزته حركته. ويستعيد الوفد المرسل إلى الحجاز تيمة الدفاع 
عن الحرم ويوجه شكره إلى الملك حسين على استقباله له. 
وبعد سلسلة كاملة من المناقشاتء يعتمد المؤتمر عددا من القرارات بينها 
الميثاق الوطني: 
نحن ممثلي فلسطين أعضاء المؤتمر العربي الخامس نقسم أمام الله والأمة والتاريخ 
بأن نواصل المساعي المشروعة لتحقيق الاستقلال والاتحاد العربي ورفض الوطن [القومي] 
اليهودي والمهاجرة الصهيونية. 


والقرار الرئيسي هو رفض دستور فلسطين الجديد ومقاطعة الانتخابات 
القادمة. ويجري تجديد اللجنة التنفيذية. فيحتفظ موسى كاظم بالرئاسة ويحتفظ جمال 
بالسكرتارية. أما دروزه فهو عضو في المكتب الجديد. 

وإذا كان الأعيان يتمسكون بالسبل الشرعية بحسب الاتفاق الضمني المعقود 
مع المندوب الساميء فإن مناخ صيف عام ١177‏ هذا إنما يظل بالغ التوتر. ففي 
هذه السنة الرابعة للوجود البريطاني تعد أعمال قطع الطرق الريفية نشطة بشكل 
خاص ويجري رصد العديد من أعمال العنف في المدن. وتلك بشكل خاص الحالة 
في يافاء حيث جرى اغتيال عدة يهودا”). ويتهم السكان اليه وذ البريطانيين 


ع 


بالضعف. وفي 77 أغسطس/ آبء يجري قتل جمّال على سبيل الانتقام. ولولا أن 
الأعيان العرب قد تدخلوا لتهدنة الجمهور. لكان من الوارد أن تتكرر اضطرابات 
العام الماضي. ويظل التوتر بالغ القوة وخلال الشهور الأخيرة من عام 21977 
تؤدي المواجهات المسلحة بين الشرطة و«قطاع الطرق» الريفيين إلى سقوط 

وفي الأيام التي تعقب المؤتمرء تجوب اللجنة التنفيذية البلد داعية إلى رفض 
الدستور والانتخابات7"). والحال أن السير هربرت صمويلء واتفا من صحة 
سياسته. إنما يبدي إصراره على تطبيق الدستور منظْمًا احتفالاً عامًا في ١١‏ 
سبتمبر/ أيلول .١577‏ بحضورأللنبي وعبد الله. وذلك بمناسبة إدائه اليمين» والذي 
يشكل المرحلة الأولى في تطبيق النظام الجديد. فتدعو اللجنة التنفيذية إلى مقاطعة 
الاحتفال وإلى الإضراب العام في اليوم المذكور لكنها تجيز للعمد العرب حضور 
الاحتفال. وتتحدث المصادر البريطانية عن نجاح نسبي للإضراب إلأ في 
القدس7”"). وترى المصادر الفرنسية أن الالتزام بالإضراب كان أكبر من الالتزام 
بإضرابات شهر يوليو/ تموز ضد التصديق على ميثاق الانتداب7'). ويبدو السير 
هربرت صمويل. في خطبته. متفائلاً بشكل خاص. فهو يعلن عن عصر تاريخي 
قوامه السلم والازدهار لفلسطين. 

وبما أن العمد موظفون معينون من جانب الحكومة؛ فلابد من حضورهم 
الاحتفال. أمّا الحاج أمين, ذو الوضعية الملتبسة. فقد اتبع أوامر عدم المشاركة. 
وهذا الفارق يبين أن العمد يشكلون في واقع الأمر نوعًا من «حزب» معتدل يعتبر 
مرشده العمدة الأهم بينهم» عمدة القدسء راغب النشاشيبي. وخلال صيف عام 
يعتبر الفارق أكثر وضوحا بين من يميلون إلى تعاون مع السلطة 
البريطانية والقوميين الذين يرفضون أي تعاون. ويعرّف آل الحسيني أنفسهم بأنهم 
قادة الحركة القومية» أمّا جماعة المعتدلين فهي تدين بالولاء لآل النشاشيبي 
المنافسين. وهكذا فقد حضر بعض الأعيان من هذا «الحزب» احتفال ١١‏ سبتمبر/ 
أيلول» بالرغم من أنهم لا يمارسون وظيفة رسمية. ويحلل المسئولون البريطانيون 
هذا الانقسام بوصفه مشابهًا للانقسام في مصر بين الوفد وخصومه"). 


و 


وقد حصل المعتدلون على الدعم من جانب الأمير عبد الله. وقبل يومين مسن 
وقد هنأت السلطات البريطانية نفسها على موقفه «الشجاع» وطلبت من لندن زيادة 
«مصروف جييهه إلى ٠٠٠‏ 75 جنيها. وهذا استثمار زهيد إذا ما أخذنا بعين 
الاعتبار أن التكلفة السنوية لكتيبة هندية في فلسطين إنما تصل إلى ١6٠ ٠.٠‏ 
جنيها ! 

والأميرء الذي يستعد للذهاب إلى لندن» يمر بوضع صعب. فإمارته معرضة 
لهجمات من جانب بدو ابن سعود الوهابيين وهو بحاجة إلى الدعم البريطساني 
لصون دولته الصغيرة. ويتضامن والده. الملك حسينء» تضامنا علنيًا مع العرب 
الفلسطينيين ويجازف بالتبرؤ منه. لكنه يبدو في نظر المستولين في وزارة 
المستعمرات بوصفه رصيدهم الرئيسي في المسرح الإقليمي"". 


لوزان 

يكفهر الوضع الإقليمي فجأة. ففي 77 أغسطس/ آب 1477, شنت القوات 
الكمالية الهجوم على الجيش اليوناني في الأناضول. فينهار حليف بريطاني 
العظمى. وفي 4 سبتمبر/ أيلول يتم الاستيلاء على أزمير وتتعرض للحمرق. 
ويتجه الجيش التركي التابع لحكومة أنقره إلى بحر مرمرة. وهو منطقة محايدة. 
حيث توجد قوات بريطانية. وتتمسك حكومة لندن في ١5‏ سبتمبر/ أيلول بسياسة 
الحزم وتناشد بلدان الدومينيون وفرنسا تقديم الدعم العسكري لها عندما يتطلب 
الأمر ذلك (أزمة تشاناك) "). وعلاوة على الضعف العسكريء يتعلق الأمر بعدم 
الظهور بوصفها العدو الوحيد للإسلام. والحال أن فرنساء بعد إخفاقاتها في قيليقيا 
في عام » كانت قد تقاربت مع الكماليين وسحبت قواتها من المنطقفة 
المحايدة. ويعود عليها هذا بشعبية كبرى في مجمل العالم الإسلاميء يعتبرها 
المراقبون في ذلك العصر أكبر نحاح ل«سياست»ها «الإسلامية». ولا يمكن 
انتظار أي عون من الحليف في زمن الحرب العالمية الأولى والذي أرهقته 
«الدسائس البريطانية» خلال هذه السنوات الأخيرة في سوريا وغيرها. وبلدان 
الدومينيون» شأن الرأي العام البريطاني» ترفض حرا جديدة. وبعد مرحلة توتر 


لضا 


حادة» تبدأ مفاوضات في مودانيا لترتيب شروط التنازل عن تركيا الأوروبية 
لحكومة أنقره (" أكتوبر/ تشرين الأول .)١977‏ وتنتهي الأزمة في ؟ أكتوبر/ 
تشرين الأول. 

ويتهم الرأي العام لويد جورج وتشرشل بأنهما قد سعيا إلى الحرب مع تركيا. 
فيستفيد من ذلك المحافظون الذين يتزعمهم بونار لو لكي ينهوا انتلافهم مع الأحرار 
الإمبرياليين ١5(‏ أكتوبر/ تشرين الأول .)١1717‏ ويشكل بونار لو الحكومة ويحصل 
مجلس العموم. وفي ١5‏ نوقمبر/ تشرين الثاني» يحصل المحافظون على أغلبية 
عظمى بينما يتقدم حزب العمال بقوة وينهار الأحرار المنقسمون بين أنصار 
لأسكويث وأنصار للويد جورج (تشرشل نفسه لا يعاد انتخابه). وبعد ذلك مباشرة. 
نجد ان كيرزونء الذي احتفظ بمنصب وزير الشئون الخارجية. يسافر إلى لوزان» 
حيث يتعين بدء المؤتمر العام المقرر أن يسوي بشكل نهل5'ني مصير الدولة 

وبالنسبة للعالم الإسلاميء الذي آلمه الزحف الجديد للاستعمار الأوروبي على 
أثر الحرب العالمية الأولى. تعد الانتصارات الكمالية فرصة لحركة سرور وطموح 
ضخمة؛. خاصة في فلسطين. ففي غزة, أضيئت المحال والمساجد لدى الإعلان عن 
الاستيلاء على أزمير. وفي نابلسء حظر العمدة جميع التظاهرات لكنه لم ينجح في 
منع الصدامات العنيفة بين الشرطة والسكان الذين رفعوا العلم التركي. وفي يافاء 
بخف التوتر. ويرى الحاكم أن هذا إنما يرجع إلى أن المسلمين قد اس تردوا القفة 
بمستقبلهم. وفي الحرم الشريف في القدسء والذي يتبع الحاج أمينء أقيممت 
الصلوات احتفالاً بالانتصارات التركية. وفي كل ربوع فلسطين؛ يجمع الهلال 
الأحمر تبرعات باسم مصطفى كمال. ويتخيل البعض بالفعل مجئ القوات الكمالية 
لتحرير فلسطين من البريطانيين والصهيونيين. وشعبية فرنسا في أوجها بسب 
موقفها خلال الأزمة!""). 

وكان إجراء تعداد للسكان الفلسطينيين ضروريًا لتحديد القوائم الانتخابية. وقد 
لجأت سلطات الانتداب إلى التشريع العثماني بشأن الانتخابات لتهديد كل من 
يعارضها بعقوبة الحبس. وتفصل اللجنة التنفينية العربية بين التعداد» الذي يسمح 
ببيان كيف أن العرب يشكلون الغالبية الساحقة بين السكان» والانتخابات» التي تجب 


ا 


مقاطعتها. وأحداث الأناضول تشجعهم” ). والجولة التي يقوم بها السير هربرت 
صمويل في جنوبي فلسطين إنما تتميز برفض أي علامة من علامات الاحترام 
للمندوب السامي من جانب السكان7). كما يحضر الحج الإسلامي إلى النبي 
روبين» لكنه يرى المسلمين وقد انسحبوا إلى خيامهم عند مروره. وفي يافاء تخلو 
شوارع المدينة من سكانها أمام مندوب صاحب الجلالة الأكرم ويحعصرص المشاة 
القلائل على عدم تحيته. وانزعاجًا من كل هذه التطورات؛. يرسل السير هربسرت 
صمويل نائبه ديديس للتحادث مع موسى كاظم'”"). فيتمسك الباشا العجوز بقرارات 
المؤتمر [الفلسطيني الخامس في نابلس]. 

وفي مستهل شهر أكتوبر/ تشرين الأول» يبتعد خطر نشوب حرب بين 
بريطانيا العظمى وتركيا. وفي رسالة إلى تشرشلء يعبر المندوب السامي عن 
ارتياحه وثقته بالنصر النهائي للعناصر «المعتدلة» فسي صفوف السكان 
المسلمين8). 

ويتطلب التعداد تحديذا أوليًا للجنسية الفلسطينية. فجميع الرعايا العثمانيين 
السابقين يصبحون تلقائيًا فلسطينيين إلا إذا أبدوا الرغبة في اختيار جنسية دولة 
أخرى خلفت الدولة العثمانية. وبالمقابل» نجد أن كثيرين من اليهود لم يأخذوا 
الجنسية العثمانية وكانوا حائزين لجوازات سفر غربية. ويصبح اختيار الجنسية 
لحظة صعبة» إلا بالنسبة لليهود الروس. الذين فقدوا كل صلة ببلدهم الأصلي. 
ويخوض القوميون العرب حملة دعائية فعالة بنتشرهم شائعة مؤداها أن حائزي 
جوازات السفر الفلسطينية سوف يكونون كلهم مشبوهين في أوروبا بالبولشقية. 
واليهود السيفارديون» خاصة من ينحدرون من الشمال الأفريقيء يُبدون الكثير مسن 
النفور من التخلي عن الحماية الفرنسية!'). والنتيجة النهائية هي أن فصيلا مهما 
من الييشوف يرفض أخذ الجنسية الجديدة(' *). وتلك أيضًا حالة عدد معين من 
العائلات السورية اللبنانية المقيمة في مدن الساحل (خاصة يافا وحيفا). 

وإدراكا لواقع أن التعداد يعزز إلى حد معين من انغراس اليهود في فلسطين» 
تتذرع اللجنة التنفيذية بعدم تسجيل الفلسطينيين الغائبين عن بلدهم خلال التعداد 
لرفضه. وفي ١5‏ أكتوبر/ تشرين الأولء تعلن اللجنة أن الانتصارات الكمالية تلغي 
معاهدة سيقر ومن ثم تلغي الانتداب وتصريح بلفور7'”). وتدعو مؤتمر الصلح 


68 


القادم إلى تحديد خيار السكان العرب عن طريق الاستفتاء. وسوف يرسل العرب 
الفلسطينيون إلى ذلك المؤتمر وفذا جديدا. ويسارع صمويل إلى طلب تطمينات من 
وزارة المستعمرات البريطانية حول بقاء وضعية فلسطين7””“). ويدعو إلى المجيء 
إلى القدس موسى كاظم, الموجود في يافاء ويهدد علنا من قد يعارض ون التعداد 
بعقوبات شديدة(”*). ولا يمكنه أن يجيز لنفسه الانخراط في اختبار للقوة في الوقت 
الذي لا توجد فيه بعد حكومة في لندن7'*) وفي الوقت الذي يرفض فيه الرأي العام 
البريطاني أي حرب استعمارية. وبالفعل» نجد. في نابلسء أن تسعة أعيان كان قد 
حكم عليهم بالحبس لمدة شهر لمعارضتهم للتعداد قد حررتهم الجماهير من سجتهم. 
وبعد أن استعادتهم الجندرمة»ء جرى وضعهم تحت حراسة مناسبة*“). أما في 
الأرياف؛ فإن الفلاحينء وقد تذكروا التجنيد العثماني» قد امتدنعوا عن تسجيل 
أنفسهد!! *). 

وفي اللعبة بين المندوب السامي والأعيان القوميين» يجيد كل طرف عدم 
الشطط في مواقفه. فالسير هربرت صمويل يقدم ترضية مبدئية للجنة التنفينية 
بقبوله تسجيل الغائبين المؤقتين وبتأكيده علنا أن التعداد إجراء من إجراءات التسيير 
الإداري الجيد. يتجاوز بكثير جذا مسألة القوائم الانتخابية وأن الناس سيكون 
بوسعهم تحديد موقفهم بحرية حيال الانتخابات”"*). وبما أن الهدنة قد وقعت ب ذلك 
وأن كل طرف يعتبر نفسه الطرف الظافرء فإن بالإمكان استئناف النقاش. قفي ٠١‏ 
أكتوبر/ تشرين الأولء يلتقي المندوب السامي بوفد للجنة التنفيذية يرأسه موسى 
كاظم. فيجري بحث مسألة الجنسية الفلسطينية في هذا اللقاء. والموقف البريطاني 
معقد: ففي غياب معاهدة صلحء لا يمكن أن تكون هناك بعدُ جنسية» لكن التعداد 
يتضمن خيار! نهائيًا لصالح هذه الجنسية» وهو خيار ينطوي على رفض الجنسيات 
الأجنبيةء بالرغم من أنه لا يمكن استبعاد حالات ازدواج الجنسية ... والحال أن 
أحد المحاورين العرب إنما يستنتج» محقاء أن من المؤكد أن فلسطين أرض عجائب 
... وفيما يتعلق بمستقبل البلدء يظل كل طرف ثابنا على مواقفه فيما يتعلق بالآثار 
الحقوقية المترتبة على معاهدة الصلح القادمة. وسيكون بالإمكان للتعداد أن يتم في 
هدوءء حيث إن البدو وحدهم هم الذين يلتزمون بالامتناع عن تسجيل أنفسهم. 


ان 


وبفضل هذه التسوية الجديدة - التي تجد ترجمة لها في انعدام القلاقل خلال 
الاحتفال بذكرى صدور تصريح بلفور في ؟ نوقمبر/ تشرين الثاني» والتي تزامنت 
مع أحد الأعياد الإسلامية الكيرى-» يمكن لوفد فلسطيني جديد مغادرة البلد في / 
نوقمبر/ تشرين الثاني داعيًا علانية إلى انتداب تركي على فلسطين7”*). وفي 
مصرء يندمج الوفد بالوقد الذي جَهّزه القوميون العرب ليصبح وفذا «سوريًا- 
فلسطينيًا» يرأسه موسى كاظم وشكيب أرسلان1*). 

والحاصل أن العرب الفلسطينيين» المتحمسين كالعادة» إنما يؤيدون قرار 
حكومة أنقره بإلغاء السلطة العثمانية» وفصل الخلافة عنها (الأول من نوقمبر/ 
تشرين الثاني )١977‏ وخلع الخليفة المتهم بالتواطؤ مع البريطائيين وتعيين عبد 
المجيد خليفة بدلا منه ١1(‏ نوثمبر/ تشرين الثاني). وعلى الفور. تقام الصلاة 
باسمه في مسجد عمر. 

وكانت اللجنة التنفيذية قد أرسلت إلى أنقره الشيخ مظفرء الذي استقبله 
مصطفى كمال7*”). والحاصل أن هذا الأخير الذي كان ما يزال يبدو مجاهذا مسن 
مجاهدي الإسلام قد وعده بأن الوفد التركي لن ينسى العرب الفلسطينيين. أما في 
لوزان» فإن الوفد السوري - الفلسطيني سوف يمضي من خيبة أمل إلى أخرى. 
فالأتراك يرفضون دعم مطالبه ويكشفون بالأحرى أطماعهم الترابية في ولاية 
الموصل. ثم إن الولايات العربية السابقة (بما فيها فلسطين). سوف يتوجب عليهاء 
بناء على المعاهدة» سداد حصتها من الدين العثماني. 


خيبات الأمل الصهيونية 

لم يجهل الممثلون الصهيونيون في فلسطين أهمية «المسألة العربية». ومنذ 
بداية الأعقاب المباشرة للحرب [العالمية الأولى] اجتهد ح. م. كالقاريسكيء الخبير 
في الشئون العربية» في خلق حزب عربي يقبل التعامل مع الصهيونيين. وقد دعصم 
كالثاريسكي خلق أحزاب «معتدلة»» لاعبًا على تنافسات المجموعات العائلية وعلى 
مدفوعات مالية مهمة. وسرعان ما يعرف الجميع أنه موزع للإعانات. ويجري 
اتهام المعتدلين علناء وعن حق غالبَاء بأنهم صنائع كالقاريسكي؛ ومن هنا فقدانهم 
للاعتبار. ويتغاضى البريطانيون عن مبادرات الخبيرء. لكنهم يحترسون مسن 


1 


تشجيعها. فالسير هنري صمويلء وهو رجل أخلاقي. يمتنع عن كل ما من شأنه أن 
يكون فساذا سياسيًا. وفي أواخر عام 1477., نجد أن نقص الأموال - والذي 
يضاف إليه تصرفات محاسبية متهورة من جانب كالقاريسكي- إنما يؤدي إلى 
استبعاد هذا الأخير مؤقثًا من إدارة الأمور!'©. 

ومن الواضج أن فايتسمان والقيادة الصهيونية قد أسعدهما الانتصار التاريخي 
المتمثل في التصديق على ميثاق الانتداب. وما أن انقضت لحظة الشعور بالنشوةء 
حتى أصبحا هدفا للُوم من جانب كثيرين من المناضلين الذين يتهمونهما بأنهماء 
بقبولهما الكتاب الأبيض الصادر في عام »١477‏ قد تخليا عن أفق إيجاد دولة 
يهودية وخانا تراث هرتسل. ويتعين على قايتسمان أن يوضح موقفه من الأمر أمام 
المؤتمر السنوي للمنظمة الصهيونية الذي يبدأ أعماله في كار لسباد في 55 
أغسطس/ آب 3070477). فيعترف بأن الهجرة اليهودية مقيدة بطاقة الاقتصاد 
الاستيعابية ومقيدة. في النهاية» باعتبارات سياسية؛ بيد أنه يذكرْ بالحقيقة القاسية 
المتمثلة في أن الحركة الصهيونية لا تملك الإمكانات المالية الكافية لضمان هجرة 
جماعية إلى فلسطين (وهو يطرح حدًا أقصى قوامه ما بين 5.00٠١‏ و2000 مهاجر 
فى السنة). أمَا فيما يتعلق بالمسألة العربية. فهو يشير إلى أن هرتسل لم يقل عنها 
كلمة واحدة في أي مكان. وموضخا ما سوف يكون عليه الخط الموجَّهُ للسياسة 
الصييونية خلال مجمل فترة الانتداب» فإنه يؤكد أنه» إذا كان قد قبل الكتاب 
الأبيض بإخلاص. فإنه إنما فعل ذلك مثقل الفؤاد. وسوف ينشأ ظرف سياسي جديد 
من شأنه أن يسمح بتعديل [الكتاب الأبيض]. والمطلوب ليس القول بل الفعلء أي 
حشد طاقات جديدة للتمكن من تعزيز الوجود اليهودي في فلسطين. والباقي سيتلو 
ذلك بالضرورة. 

والقرار تاكتيكي ولا يمثل تغييرًا جذريًا للمشروع السياسي. وأهمية الكتاب 
الأبيض إنما تكمن في أن بالإمكان نقضه يومًا ما. وتتمثل الأولوية في الحيلولة 
دون حل نهائي يحول دون قيام الدولة اليهودية. وضمن هذا المنظورء يلتفي عدة 
مرات بعبد الله خلال إقامته في لندن في أكتوبر/ تشرين الأول 72477”). والحال 
أن التفاصيل الدقيقة لمحادثاتهما هذه ليست معروفة: وقد يكون أن عبد الله قد بدا 


4 


مستعدًا للاعتراف بالمقام القومي اليهودي في مقابل إعانات مالية وتصعيده إلى 
مرتبة ملك على فلسطين تضم شرق الأردن. والمحادثات تمهيدية وسرّية. على أن 
الشائعات بشأنها سرعان ما انتشرت واحتج المتشددون من الجانبين عليها. وقد 
أوضحت اللجنة التنفيذية العربية أن عبد الله لا يملك أي سلطة تخوله التفاوض باسم 
العرب الفلسطينيين!””). وانتقد بن جوريون بقوة سياسة الديبلوماسية السرية هذه 
التي قد تقود إلى تعاهدات لا يملك فايتسمان سلطة عقدها. 

والحاصل أن الصهيونيين أسرى مقاربتهم للعالم العربي. فهم؛ من جهة: 
يرون أن العرب في عمومهم يشكلون شعبًا محددًا على غرار الشعب اليهودي وأن 
حل المسألة العربية إنما يتحقق عبر تفاهم بين الشعبين. وكان ذلك منطق 
محاولاتهم التفاوضية مع الهاشميين والقوميين السوريين غغداة الحرب العالمية 
الأولى. ومن الجهة الأخرىء لابد [للصهيونيين] من أن يصرحوا لمحاوريهم العرب 
بأن سكان فلسطين العرب يشكلون جماعة على حدة لابد من التضحية بجانب مسن 
مصالحها. ويكمن تناقض الموقف في واقع أنه تجري مطالبة العرب غير 
الفلسطينيين بالانخراط في شئون فلسطينء؛ مع الخوف في الوقت نفسه من أن يؤدي 
مثل هذا الانخراط إلى تعزيز موقع عرب فلسطين في العلاقات مع البريطانيين» 
المشتبه بأنهم مستعدون للتضحية بجانب من المصالج الصهيونية لحساب المصالح 
العامة للندن في منطقة الشرق الأدنى””). وغداة التصديق على الانتداب. فإن 
ضعف الصهيونيين إنما ينبع من واقع أنهم ما عادوا يتمتعون بدعم خارجي قويء 
فعلي أو غير فعليء وأنهم محكوم عليهم بحوار وحيد الجانب مع البريطانيين. فلم 
يعد بوسعهم اللعب بورقة تأثيرهم المفترض على توجيه الشئون الأميركية أو 
الروسية» في حين أن افتقارهم إلى الإمكانات المالية إنما يترجم العجز عن إيجاد 
تجسيد مادي للقوة الاستيهامية ليهود العالم» والتي كانتء في الفترة السابقة» تثير 
الكثير من مخاوف المسئولين في الدول العظمى. ويتكرر هذا المأزق في تعاملات 
[الصهيونيين] مع المسئولين العرب. فهم يؤكدون أن الوحدة العربية ليست غير 
أسطورة سياسية مجردة من الأهمية الفعلية؛ وهو ما يجعل بحثهم عن مُحاور أمرًا 
عديم الأهمية» وء عندما يتناولون المشكلات بشكل ملموس. كما في محادثاتهم مع 


4 


عبد الله فإنهم سرعان ما يدركون أنهم إنما يجازفون بفتح صندوق باندورا 
[صندوق شرور] الوحدة العربية. التي تجازف بالارتداد إلى نحورهم. 

والحال أن أمير شرق الأردن لا يهدف إلى مجرد الفوز بعرش فلسطينء فهو 
منذ عام .117١‏ المرشح المعلن لعرش سوريا. وهو يرى أن تشرشل قد وعده به 
غداة مؤتمر القاهرة. والسير هربرت صمويل نصير سافرء منذ البداية» لوحدة 
للبلدان العربية ترتبط بها فلسطينء ويتكرر طرح المسألة بصورة منتظمة في 
المفاوضات التي جرت مع الملك حسين لأجل عقد معاهدة أنجلو- حجازية تسوي 
بشكل نهائي الحسابات التي فتحت خلال الحرب العالمية الأولى. وفي هذه الفقرةء 
جرى الاحتفاظ باتصالات أخرى. على سبيل المثال مع رياض الصلح., القومي 
العربي اللبناني النصير المتحمس للوحدة السورية. ولا تسفر هذه الاتصالات عن 
شيءء لأن الحركة الصهيونية لا يمكنها أن تسمح لنفسها بترف الدخول في مواجهة 
مع فرنساء الدولة المنتدبة على سوريا ولبنان» والتي أبدت دوما تحفظات قوية على 
المشروع الصهيوني. ثم إن الرغبة في عبرنة الطائفة اليهودية إنما تمر عبر نضال 
ضد المدارس الفرنسية» خاصة مدارس التحالف الإسرائيلي العالمي. ولا يتورع 
[الصهيونيون] عن استخدام أساليب عنيفة لثني التلاميذ اليهود عن تسجيل أنفسهم 
في هذه المدارسء الأمر الذي يثير عظيم استياء الممثلين الفرنسيين في فلسطين. 
والحال أن فايتسمان» وقد أدرك احتدام غضبهم؛ إنما يَعدُ خلال زيارته القدس 
بالرجوع عن هذا «الخطأ», 1 

وغداة الحربء كانت الطائفة اليهودية في فلسطينء الييشوفء تتمتع بتنظيم 
سياسي”7””). ففي أيريل/ نيسان »152١‏ اختار الناخبون نوابا لجمعية منتخية 
(كنيست إسرائيل). وانتخبت الجمعية النيابية بدورها مجلمنا قوميا دائمًا (قاعاد 
ليومي). وبشكل موازء فإن اللجنة الصهيونية التي انبتقت من المنظمة الصهيونية 
وتشكلت خلال الحرب قد تحولت إلى لجنة تنفينية صهيونية. وما أن تم التوصل 
إلى التصديق على ميثاق الانتداب» حتى سعى قايتسمان إلى البحث عن شخصية 
تتولى قيادة اللجنة التنفيذية الصهيونية في فلسطين. وقد وقع اختياره على ضابط 
محترف في الجيش البريطاني. هو الكولونيل كيش والذيء بالرغم من كونه 
مناضلاً صهيونيًا مخلصاء لم يكن ينوي الاستقرار في فلسطين. وهذا الاختيار 


1 


لدييلوماسي جيد ومنظم جيد كان اختيارا جد موفق» حتى وإن كان كيش قد أمكن له 
أن يبدو في أعين المستوطنين الصهيونيين أقرب إلى السلطات مما إليهم. 

وفي أواخر نوثمبر/ تشرين الثاني 1517.ء يزور فايتسمان فلسطين لكي 
يُنَصب كيش في مهامه الجديدة. وبالرغم من أنه يبدو متصالحًا مع المندوب 
الساميء فإنه إنما يتبنى النبرة الانتةادية السائدة في الأوساط الصهيونية في 
فلسطين7”). قهذه الأوساط ترى بوجه عام أن المصاعب الحاضرة إنما ترجع إلى 
انعدام الحزم من جانب السلطة البريطانية التي لا تجيد فرض قراراتها على السكان 
العرب. وهذا الانعدام للحزم هو الذي يفسر استمرار وجود معارضة في حين أن 
مسألة الانتداب كان لابد لها من أن تكون قد اعتبرت منتهية. ولا تفهم هذه الأوساط 
الصهيونية الخط الذي يتبعه السير هربرت صمويلء والذي يتمثل في تفادي العنف 
عبر سياسة حوار مع القوميين» وهو ما يؤدي إلى خفض تك اليف الإدارة التي 
يتحملها دافع الضرائب البريطاني. وهكذا يرى المسئولون الصهيونيون في انعدام 
اليقين الذي خلقه موقف المندوب السامي أحد أسباب التأخر في نمو المقام القومي 
اليهودي7'”). وهم يأخذون على المندوب السامي رغبته في أن يثبت للعرب أنه. 
بالرغم من كونه يهوديّاء فإنه ليس في خدمة الصهيونيين. 

ورأي فايتسمان في الطبقة السياسية العربية رأي سلبي دائمًا. وهو إذا كان 
يعترف بوجود حركة قومية في فلسطينء فإنه يرى أنها تتكون من عناصر غير 
متجانسة يمكن أن تأخذ على التعاقب شكل بولشقية ثم نزعة جامعة إسلامية. وهو 
يرى أن هذه الحركة إنما تعد من حيث الجوهر موبوءة برهاب الأجانب ومعادية 
للغربء مدفوعة بالحقد وبرقض الآخرء دون أن تملك أي فكرة إيجابية. 

والقائد الصهيوني ليس بحاجة للذهاب إلى فلسطين لكي يدرك أن الضعف 
الرئيسي لحركته هو نقص الإمكانات المالية. وإذا كانت جمهرة المناضلين موجودة 
في الدول الجديدة في أوروبا الشرقية» خاصة في يولنده؛ فإن الموارد الجديدة لن 
تأتي من هناك. وفي أوروبا الغربية» يظل البارون إدمون دو روتشايلد الممول 
الرئيسيء لكن البارون يقوم بعمله بشكل منفصل عن المؤسسات الصهيونية. وبعد 
مواجهة مؤتمر الصلحء أدرك فايتسمان ضرورة استئناف الاتصال والالتزام بنبرة 
تتميز بالاحترام لأب الاستيطان اليهودي. خاصة إذا ما كان هناك إضطرار لعرض 


1 


الحسابات عليه» وهي حسابات تكشف الأزمة المالية للحركة7:"). ويَعَدُ البارون 
بتقديم المساعدة ويقدم بعض الإعانات العاجلة'". 

وفي الأمد الطويل» يكمن الأمل في اليهود الأميركيين. فيركب قايتسمان البحر 
في أواخر فبراير/ شباط ١9717‏ متجها إلى الولايات المتحدة. وبرغم نبرة الفوز 
التي يتحدث بها في مراسلاته مع المقربين إليه عند سرد نجاحاته؛ فإن الوضع ليس 
جيذا إلى ذلك الحد الذي يدعيه. والحال أن نتيجة الصراع على السيطرة على 
الاتحاد الصهيوني الأميركي بينه وبرانديز في عام ١‏ قد تمثلت في كارثة 
حقيقية بالنسبة للقضية الصهيونية7”"). ففي حين أن الاتحاد كان يضم في أواخر 
الحرب نحو ٠١ ٠٠‏ مناضل يسددون اشتراكاتهم» فإنه لم يبق منهم بعد غير 
0١‏ مناضلاً وقت مؤتمر عام .١977‏ وهكذا فإن القدرة على الحصول على 
أموال إنما تصبح جد محدودة, أمّا تكاليف تسيير العمل فهي تستوعب الجزء الأكبر 
من هذه الأموال. 

والحاصل أن فشل الحركة الجماهيرية إنما يحيل فايتسمان إلى ضرورة 
التوجه إلى الوجهاء اليهود الأميركيين غير الصهيونيين ولكن المستعدين للإسهام 
في تكوين حياة اقتصادية يهودية في فلسطين. ويتعين عليه أن يتعامل مع الفرع 
الأميركي لآل واربورح ومع لويس مارشالء زعيم اللجنة اليهودية الأميركية 
القوية. وإذا كان يحصل منهم على بعض الأموال» فإن المفاوضات الجارية لتكوين 
الوكالة اليهودية التي نص عليها ميثاق الانتدابب» والتي يجب أن تقاد بشكل متساو 
بين الصهيونيين وغير الصهيونيينء» إنما تتكشف عن مفاوضات طويلة وصعبة. 

ول فلسطيريء عير إتركةة الأرلي في راو كيني لمولقة إقدر من المرارة. 
ذلك أن المؤسسات الصهيونية تشعر أنها قد أزيحت إلى دور ثانوي وسلبي خلال 
سير العملية الدمهتورية. وقد أعربت في البداية عن تحفظات عند اقتراح تكوين 
جمعية تشريعية. بل إن القاعاد ليومي والاشتراكيين قد فكروا في إحدى اللحظات 
في رفض المشاركة. وحيال تهديدات المقاطعة العربية التي كان من شأنهاء لو 
نجحتء أن تكرس الدور الرئيسي للّجنة التنفيذية العربية في شئون فلسطينء» 
اضطرت المؤسسات الصهيونية إلى قبول مشاركة في مشروع تتنصل منه بوصفه 
خطر! على مستقبل المقام القومي اليهودي. ومن ثم فسوف يستأئف كيش سياسة 


1 


كالقاريسكي الخاصة بدعم «المعتدلين» العرب؛ وإن كان بإشراف أفضل على 
الحسابات؛ هذه المرة. 

والحال أن المسئولين عن الأمن العام في فلسطين إنما يواصلون الانزعاج من 
تسلل العناصر البولشقية من خلال الهجرة اليهودية. وهم منزعجون بشكل خاص 
لأنهم يعتبرون الاشتراكيين الصهيونيين متعاطفين إيجابيين مع موس كوء ولآن 
عمليات تهريب نشيطة للأسلحة لحساب يهود فلسطين قد جرتء من جهة أخرى. 
وقد يستولي الشيوعيون على هذه الأسلحة للقيام بالثورة. وقد حرص المندوب 
السامي على عقد اجتماع لتناول هذا الموضوع مع فايتسمان7”"). ويسعى هذا 
الأخير إلى طمأنة محاوريه. فالصهيونية والبولشقية عدوتان لدودتان إحداهما 
للأخرى. والمراقبة السياسية للهجرة إنما ترجع إلى البريطانيين» لآن الصهيونيين 
لا يتحملون المسنولية إلا عن الجانب الاقتصادي للهجرة. وهو يعترف بوجود 
استيراد سري للأُسلحة» لكنه لا يتحدث إل عن أهداف تتعلق بالدفاع الذاتي. فأغلب 
اليهود موالون للحكومة» لكنهم يشكون في قدرتها على حمايتهم. والصهيونيون 
سوف يتعاونون مع السلطات في النضال ضد البولشقية. ويجري تكليف كيش بهذه 
المهمة. وفي مستهل عام 2913717'), يتوصل إلى أنه لا وجود هناك لحركة 
شيوعية حقيقية في فلسطين وإلى أن الأسلحة السرية ذات أهداف دفاعية. ويلاحظ 
محاوروه أنه قد اعترف بوجود تسليح سري لحساب قوة سريةء هي الهاجاناه. 
ويظل الاشتراكيون تحت مراقبة مشئده وتواصل خط بهم الداعية إلى نضال 
الطبقات إزعاج الشرطة. وفي ربيع عام 21577 يؤدي تحقيق جديد إلى استنتاج 
أن وجود العناصر البولشقية ضئيل الأهمية(''). ويشئّد دوق ديفونشاير على أنه من 
غير الوارد التصريح بحيازة أسلحة!'©. 

ويتمثل موضوع آخر للقلق في موقف اليهود الأرثوذكس المناوئين 
للصهيونية. فهم يرفضون المشاركة في المؤسسات الجماعية اليهودية التي يسيطر 
عليها الصهيونيون ويحاولون الفوز باعتراف السلطات البريطانية بمؤسساتهم 
المنفصلة. والمسألة خطيرة لاسيما أن الحكومة البريطانية» بالرغع من تدخلات 
السير هربرت صمويل المتكررة؛ لا تريد الاعتراف بشخصية حقوقية للمؤسسات 
اليهودية""). وهذه الأخيرة تتهم البريطانيين بأنها لا تحترم روح الانتداب» في حين 
أن العثمانيين أنفسهم كانوا قد اعترفوا لهذه المؤسسات بهذا النوع من الحقوق. 
وترى وزارة المستعمرات البريطانية') أن مثل هذه الشخصية الحقوقية مميزة 

1 


لأقلية دينية بحاجة إلى حماية خاصة في وجه أغلبية دينية تسيطر على الدولة. أسا 
الآنء فإن فلسطين إنما تدار من جانب البريطانيين وليس هناك ما يخيف الأقليات. 
وإقامة تفرقة من أي نوع: إيجابية أو سلبية» بين مختلف العناصر المكونة للمجتمع» 
إنما تتعارض مع جميع التقاليد البريطانية ومع ميثاق الانتداب. ويضطر المندوب 
السامي إلى الانضباط: إن أي تشريع يجب أن يسري على الجميع. 

والحال أن اليهود الأرثوذكسء المتجمعين في تنظيم أجودات إسرائيل» إنما 
يواصلون حملتهم ضد الصهيونيين» الذين يجري اتهامهم بعدم احترام الفرائض 
الدينية؛ خاصة السبت والتحريمات الغذائية. وقد وجدوا متحدثا بلسانهم في شخصية 
مثيرة للفضول. جاكوب دي هان7"). وهذا اليهودي الهولندي الأصل يتمتع بقدر 
من الشهرة بوصفه شاعر! يكتب بالهولندية. وقد كان في البداية شاعرًا من شعراء 
الصهيونية وهاجر في عام 1515» تاركا خلفه زوجته وأولاده. وهذا المتقف 
المعذب, ذو الميول الجنسية «المرضية»؛ والذي رفض البولشقية المستشرية في 
المنظمات العمالية» إنما ينتقل إلى الأرثوذكس اليهود مع تأليفه قصّائد ذات مصدر 
إلهام مسيحيء وقد حصل على منصب أستاذ في إحدى المدارس في القدس. والحال 
أن مواهبه الأدبية إنما تجعل منه شخصية جد شهيرة. وهو يصبح مراسلاً لصحف 
بريطانية» خاصة صحف اللورد نورثكليف واللورد بيقربروكء والتي تعيد نشر 
مقالاته الحادة ضد الصهيونية. ويرى كثيرون من الصهيونيين أنه خائن. ويبجري 
شن حملة تخويف ضده. فيشكو من ذلك لكيش في 75 أيريل/ نيسان 219717 
والذي يرى في شكواه علامة من علامات عقدة الاضطهاد(”". 

وخارج هذا العمل السياسي والعمل اليومي في إدارة الشئون الصهيونية» ينظم 
كيش بعض التظاهرات الاستعراضية؛ وأبرزها زيارة ألبرت أينشتاين للقدس في 
فبراير/ شباط ١١577‏ حيث يلقي محاضرة عامة بالفرنسية عن النسبية» مسبوقة 
بتقديم بالعبرية من جانب أوسيشكين وتختتمها كلمة بالإنجليزية من جانب السير 
هربرت صمويل7”"). وقد عقدت الندوة في بناية تقع على جبل س كوبسء موقع 
الجامعة العبرية القادمة» وربما تكون الندوة قد اعتبرت «نوعًا من الافتتاح لهسذه 


ع1 


الجامعة قبل ظهور هذا المصطلح»7”"). ويرفض العالم الشهير الإقامة في فلسطين 
«لأنه حر في أوروبا بينما سيكون هنا سجينا دائمًا». وهو لا يريد أن يكون عنصر 
ديكور في القدس 
الانتخابات 

بعد أن كرست صناديق الاقتراع حكومة المحافظين؛ تلجأ هذه الأخيرة إلى 
إعادة دراسة السياسة البريطانية حيال فلسطين. وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 
7 »؛ يوجه السير هربرت صمويل إلى دوق ديفونشايرء سكرتير الدولة الجديد 
لشئون المستعمرات» تقريرًا سريًا حول الوضع الاقتصادي والسياسي للانتداب!”"): 
إذا كان الوضع ما يزال متوتراء فإنه لم تقع أحداث خطيرة وقد أمكن خفض حجم 
الحامية خفضًا جديّاء وهو ما يتماشى مع الهدف العام للسياسة البريطانية. ودافع 
الضريبة البريطانيء الذي كان قد دفع 4 ملايين من الجنيهات في 2015715-1515١‏ 
لن يدقع غير تصف هذا المبلغ في العام الجاري. وفي العام التالي» سيهبط المبلغ 
إلى ١,5‏ مليون» بينما سيهبط في ١175-١574‏ إلى مليون. أما الإدارة المحلية 
فهي تحصل على مجمل تمويلها من موارد البلد. وتتألف المعارضة للانتداب مسن 
ثلاثة اتجاهات يوجد تمازج بين أفكارها: اتجاه القوميين العرب الوحدويينء واتجاه 
المعادين للصهيونية واتجاه أنصار الجامعة الإسلامية. والأرجح أنهم يمثلون غالبية 
السكان. وبالرغم من عنف كلامهم؛ فإنهم مستعدون لقبول ما هو قائم. وترى أقليسة 
أن تصريح بلفور «أمر مقضي» وتقبل الانتداب. ودافعها إلى ذلك هو العداوات 
العائلية التي تضعها في مواجهة القوميين ورفض الفوضى والرغبةٌ في تحقيق 
الثراء. ويحصل البعش على دعم مالي من جانب الصهيونيين ومن نشاطاتهم 
البناءة. وهو يرفض تهمة البولشقية. وقد رفضت إدارته سياسة القمع. وموقفة 
الليبيرالي سمح بمواجهة أوضاع صعبة دون مشكلات كبرى. واللجنة التنفينية 
العربية تتعاون بالفعل في الحيلولة دون وقوع أي أعمال عنف,. وقد جرى الاحتفاظ 
بعلاقات ودية مع زعماء المعارضة الرئيسيين. ويمتنع السير هربرت صمويل عن 
أي مظهر حكومة أهلية» خلافا للممارسة الفرنسية في سوريا ولبنان. فالمناصب 
العليا إنما يُعهد بها إلى بريطانيين في حين يجري توظيف أبناء البلد بما يتناسب مع 


14 


قدراتهم الفعلية. وفي اللحظة المباشرة؛ يحتاج السير هربرت صمويل إلى إعادة 
تأكيد للسياسة البريطانية سعيًا إلى إفهام السكان جيذا أن من غير الوارد إعادة 
النظر في الانتداب. ومع الفشل المتوقع في لوزان؛ فإن العمسرب سوف يذعنون 
بشكل طبيعي للأمر الواقع وسه ف يكسب الحزب المعتدل الانتخابات. 

وفي يناير/ كانون الثاني 1177, أنهت وزارة المستعمرات دراستها 
للملف؛): إن تصريح بلفور قد قدم خدمات مفيدة خلال الحربء وذلك خاصة 
بدفعه الولايات المتحدة إلى دخول الحرب العالمية"')؛ وقد روعيت التعهدات 
المتخذة حيال العرب مراعاة كبيرة وهم يتمتعون بوضع أفضل بكثير مما في العهد 
العثماني. أمّا استياء العرب الفلسطينيين فهو استياء محلي ولا يشكل خطر! حقيقيًا. 
وقد بين الكتابُ الأبيض بوضوح أنه لن تكون هناك دولة يهودية. وبما أنه من غير 
الوارد الجلاء عن فلسطينء فإنه لا يبقى سوى مواصلة سياسة العدل والتوازن التي 
حددتها الحكومة السابقة. 

وبعد الفشل في لوزانء يذهب الوفد الفلسطيني إلى لندن. وفي ١١‏ يناير/ 
كانون الثاني :١57‏ جرى الإعلان عن أن السياسة التي حددها الكتاب الأبيض 
سوف يجري الإبقاء عليها(''. وفي فلسطين» يقدم الصهيونيون مساعدة مالية 
ل«الجمعية الإسلامية- الوطنية» المطلوب منها التصدي ل «الجمعيات 
الإسلامية- المسيحية». وهي تضم أبرز أنصار اتجاه آل النشاشيبي ذوي الخلافات 
الشخصية أو العائلية مع آل الحسيني. ولا يحرز المعتدلون النجاح المأمول. ويدرك 
المدراء البريطانيون أن عدم. المشاركة من الأرجح أن ينجح”""). وقد أدرك 
المندوب السامي ذلك*"). إلا أنهه بسبب التزامه الشديدء لا يمكنه أن يتراجع. وفي 
"١‏ فبراير/ شباط 1577.» يجتمع بممثلي اللجنة التنفيذية الموجودين في فلسطين9؟". 
وهو يعدد الملفات المهمة التي ستتعين على الجمعية التشريعية القادمة معالجتها: 
التعليم» السياسة الضريبية؛ التنمية الاقتصادية» ويذكرهم بأن من غير الوارد تعديل 
الوضع الحقوقي لفلسطينء كما أوضح ذلك مؤتمرٌ لوزان والتغيرٌ السياسي في 
بريطانيا العظمى. وسوف تجري الانتخابات في أواخر الشهر ولن يؤدي عدم 
المشاركة إلى إلحاق الضرر إلا بالداعين إليه» والذين سيخسرون نفوذهم في البلد. 
ويرد عليه محاوروه بأنهم لا يريدون المشاركة في اغتيال أمتهم. وبحسب المخطط 


1 


المألوف لسياسة الأعيان؛ يؤكد السير هربرت صمويل أنه لن يكون هناك مسن 
ضغط لإرغام الناس على التصويتء وتضمن له اللجنة التنفيذية عدم حدوث أعمال 
عنف أو أعمال تخويف. ويجدد القوميون حملتهم من أجل المقاطعة. ويعد الحاج 
أمين الشيخ مظفرء أحد أكثر المتطرفين حماسة:؛ باستخدام الحرم لمخاطبة الجمهور 
في هذا الاتجاهء وهو ما يعود عليه بالتوبيخ من جانب سلطات الانتداب7”*). فيتعهد 
بألا يعود إلى ذلك مرة أخرى. 

ويجري نشر النظام الانتخابي. فالاقتراع سوف يتم على درجتينء بحسب 
المبدأ العثماني'*). وكل فلسطيني ذكر يزيد عمره عن 55 عامًا سوف يكون ناخبًا 
في الدرجة الأولى» وسيجري انتخاب ناخب في الدرجة الثانية من جانب كل 
مجموعة من ٠٠١‏ ناخب في الدرجة الأولى. ومن باب التحوط؛» يرى المندوب 
السامي أنه يكفي تصويت ناخبين في الدرجة الأولى لجواز انتخاب ناخب في 
الدرجة الثانية. 

ويريد «المعتدلون» الحصول على تنازلات من شأنها تمكينهم من تبرير 
عملهم. وفي سلسلة من اللقاءات مع صمويل في ١١‏ و9١‏ فبراير/ شباطء يطالبون 
بأغلبية عربية في الجمعية التشريعية وتولية أمير عربي على فلسطين كعلامة 
للمصالحة بين الحكومة والسكان7”*). ولا يسع المندوب السامي التعهد بأكثر مما 
تعهد به» لكنه يقترح إنشاء جهاز استشاري موسّع يضم أعضاء من الجمعية 
التشريعية وشخصيات ذات صفة تمثيلية يقوم هو بتعيينها. وهمو يوضع. وهذا 
صحيح, أنه يحبذ بالأحرى كونفيديرالية دول تضم فلسطين وشرق الأردن والحجاز 
في ظل أمير عربي7”). ويجب أن تكون الأولوية للانتخابات؛ لكن شينًا لا يحول 
بعد ذلك دون استكشاف هذه السبل. ووزارة المستعمرات7؛*) مناوئة لتعيين ملك 
عربي على فلسطينء فهذا من شأنه أن يستثير غضب الصهيونيين» لكنها تعلن أنها 
مستعدة لتأييد كل أشكال التعاون فيما بين الدول العربية «المستقلة» والذي ستنضم 
إليه فلسطين. ولتسوية الخلاف بين العرب والبريطانيين بشكل نهائي» سوف يتعين 
:الحصول من الملك حسين على اعتراف بالمصالح البريطانية الخاصة في العراق 
وفلسطين (خاصة تصريح بلفور بحسب تفسير الكتاب الأبيض له). 


والحاصل أن المعتدلين» نظرًا لعدم حصولهم على تطمينات فورية من جانب 
البريطانيين وبسبب غياب الدعم المالي من جانب الصهيونيين الذين تعوزهم 
الإمكانات المالية» إنما يعلنون عشية انتخابات الدرجة الأولى تأييدهم للمقاطعة. 
وفي هذه الظروفء. لا تلقى |امقاطعة أي معارضة فعلية» بينما تأخذ عمليات 
الاقتراع خسمة عشر يومال*). ولابد من مرور بعض الوقت للوصول إلى النتانج 
النهائية. حيث إن النظام الانتخابي يمزج بين الدوائر الانتخابية الجغرافية والهيئنات 
الانتخابية الطائفية (7*) 


كه 


وبعبارة أخرىء فبما أنه لابد من اثنين من الناخبين كحد أدنى في الدرجة 
الأولى لاختيار ناخب في الدرجة الثانية» فإن عدد المقترعين غير اليهود لابد له 
من أن يتراوح بين 5٠١‏ و56.0. 





المجلس الاستشاري 

على مدار عدة أسابيع» يراوغ السير هربرت صمويل قبل اتخاذ قرار. فهو 
يعرف أن الاتجاه إلى انتخابات الدرجة الثانية إنما يجازف باستثارة استياء مقيم من 
جانب السكان ويخشى من نشوب اضطراباتء الأمر الذي كان قد نجح» إلى الآن» 
في تجنبه"). فيرتأي الحل المتمثل في تسمية أعضاء مؤقتين حيثما لم يجر اختيار 
أي ناخب في الدرجة الثانية» والاتجاه إلى إنشاء مجلس استشاري مومتّع. بيد أنه 
سرعان ما يتخلى عن ذلك ويقترح ترك المقاعد غير المشغولة خالية لكي يتجه فيما 
بعد إلى انتخابات تكميلية عندما تصبح الظروف مؤاتية. وهو يمتنع عن أي إعلان 
علني قبل الحج إلى النبي موسىء والذي يزعجه إزعاجًا خاصٌا9"). قفي ١4‏ 
مارس/ آذار بالفعلء بمناسبة عودة الوقد المرسل إلى أوروبا إلى القدسء؛ وقعمت 


0١ 


صدامات عنيفة مع الشرطةا"). والصهيونيون أنفسهم منزعجون ويستعدون 
لمواجهات مستنفرين قوات دفاعهم السرية» الهاجاناء. المسكوت عنها من جانب 
سلطات الانتداب وإن كانت غير معترف بها من جانبها. والحال أن الحاج أمين 
إنما يجعل من الحج استعراضنا لقوته السياسية. ويتم الاحتفال بهدوءء لكن الحجاج 
يعلنون عداءهم للصهيونية أمام المندوب السامي وحاكم القدسء ستورس(:"). 

ويما أن الأعياد قد مرت دون وقوع حوادث. فإن المندوب السامي إنما يتبادل 
رسائل كثيفة مع الوزارة التي يتبعها تتعلق بإعداد دستور جديد لفل سطين يراعي 
الوضع الناجم عن فشل الانتخابات. ففي فلسطين» يشتد اضطراب الخواطر. 
ويجري الحديث بصورة منتظمة عن تعيين عبد الله ملكال''). والحال أن فيلبيء 
الممثل البريطاني في عمّانء إنما يتولى الدفاع عنه لدى الصحف البريطانية!"). 

ولتهدئة الخواطرء يؤكد البريطانيون رسميًا إنشاء إمارة شرق الأردن مع 
جعل عبد الله أميرًا عليها (إلى هذا الحين لم يكن إلآ تحت الاختيار) 9'). لكن الملك 
حسين يرسلء في ١8‏ مايو/ أَيّارء برقية إلى موسى كاظم يؤكد فيها أن بريطانيا 
العظمى تعترف في المعاهدة الأنجلو- عربية القادمة بقيام اتحاد عربي ستكون 
فلسطين جزءًا منه!'"). فيحتفل العرب بينما ينزعج اليهود. ويسأل الصهيونيون 
البريطانيين عن حقيقة الأمرء فلا يتحدثون إلا عن ارتباط اقتصادي بين فلسطين 
واتحاد عربي قادم وتمثيل للمسلمين في مجلس ديني إسلامي. وبالمقايل» قد يعترف 
الهاشميون بتصريح بلفور. 

وتجري ملاحقات ضد بعض المسئولين الإسلاميين- المسيحيين المتهمين 
بممارسة ضغوط من أجل منع الانتخابات. والحال أن اللجنة التنفيذية» المجتمعة في 
نابلسء إنما تحتج احتجاجا قويًا وتنظم حملة إقناع نشيطة لدفع الناخبين في الدرجة 
الثانية إلى التنحي7*). وتنشط الجمعية الإسلامية- الوطنية من جديد. فيتهم 
القوميون أعضاءها بأنهم خونة ومأجورون من الصهيونية. وقد وقعت مواجهات 

وفي أواخر مايو/ أيّاره يخرج السير هربرت صمويل عن صمته""). إن 
الانتخابات قد ألغيت وسوف تكون للمندوب السامي السلطة الكاملة في إصدار 
مرسومات بعد التشاور مع مجلس استشاري من 8 مسلمين واثنين من المسيحيين 


0. 


واثنين من اليهود. وهو يعين الأعضاء العرب في المجلس الاستشاري» وأغلبهم 
ينتمون إلى اتجاه آل النشاشيبي. وعلى الفورء يمارس القوميون ضغوطا أدبية قوية 
لدفعهم إلى التتحي(""). ولول هؤلاء الأعضاء الإفلات من الضغط مؤكدين أن 
وجودهم في المجلس لا يشكل تأييذا للسياسة البريطانية» لكن سلطات الانتداب ترد 
بأن المجلس الاستشاري إنما يعد بالفعل عنصرا من عناصر دستور فلسطين. 

ويعقد الإسلاميون- المسيحيون مؤتمرهم السادس في يافا من ١5‏ إلى ٠١‏ 
يونيو/ حزيران 37977'). فيسعدون بنجاح المقاطعة» لكنهم يهتمون أساسًا 
بالمفاوضات الأنجلو- حجازية. فيرسلون برقية احتجاج إلى الملك حسين يعلنون 
فيها أن الأمة العربية الفلسطينية لن تقبل أي معاهدة لا تلبي مطالبهم على نحو ما 
حددتها المؤتمرات السابقة. فيرد الملك على موسى كاظم على الفور بأنه مسسوف 
يتقيد بواجباته» لأن سمعته إنما تتوقف على ذلك. ويتقرر إرسال وفد جديد إلى 
لندن. فالمؤتمرون ما يزالون يؤمنون بإمكانية تغيير السياسة البريطانية. وخلال 
زيارات وفودهم السابقة» قوبلوا بحفاوة من جانب دوائر مؤثرة وأيدهم جانب من 
الصحافة البريطائية""). 

وفي أبريل/ نيسان 477 ١.ء‏ كان ويليام ديديس, السكرتير العام للانتداب» قد 
ترك منصبه ليحل محله فيه جيلبرت كلايتون الذي كان قد لعب بالفعل دورا مهما 
خلال الحرب العظمى والإدارة العسكرية. وفي أواخر يونيو/ حزيرانء يذهب 
السير هربرت صمويل إلى لندن لكي يحدد مع الوزير المسئول عن عمله 
التوجهات الجديدة للسياسة الفلسطينية. ويمارس كلايتون مهام المندوب السامي 
بالنيابة. ولدى وصوله» يتخذ في البداية موقف المؤيد لسياسة قوة» لكنه سرعان ما 
يدرك قوة الشعور القومي العربي. في فيضي كر نصاننا من ريس ويوكد لاأتضاء 
العرب في المجلس الاستشاري أن المشاركة لا تعني قبول الدستور('''). وبعد مهلة 
للتفكيرء يقبل ستة من الأعضاء العشرة المعينين المنتمين إلى فصيل النشاشيبي 
المشاركة في المجلس”'''). وفي منتصف يوليو/ تموزء يرحل الوفد العربي الذي 
يقوده موسى كاظم متجهًا بدوره إلى لندن 


0 


وفي العاصمة البريطانية» يتعاون الوفد مع مبعوث الملك حسينء الذي يبدو 
متفائلاً فيما يتعلق بالتعديلات المقترحة على مشروع المعاهدة لصالح العرب 
الفلسطينيين. وتوضح السلطات للوفد أنهء بما أن البرلمان في عطلة وأن الحكومة 
تكاد تكون في الوضع نفسه؛ ة.ن غير الوارد إجراء محادشات سياسية. فيسسلم 
أعضاء الوفد مذكرة ويوجهون نداءً إلى الشعب البريطاني ويعودون إلى قلسطين 
مفعمين بالأمل!). 
المؤتمر الصهيوني الثالث عشر 

عندما يرجع فايتسمان من الولايات المتحدة» ينزعج من إعادة الدراسة 
الجارية للسياسة البريطانية. وهو لا يعرف تفاصيلها ويناشد دوق ديقونشاير عدم 
تغيير شيء في الترتيبات المتخذة في عام 771577" '). ومتسترا على مخاوفه. 
يفتتح في 5 أغسطس/ آب ١9717‏ في كارلسباد المؤتمر الصهيوني الثالشث 
عشر3''). وفي كلمته الافتتاحية» يحاول طمأنة مستمعيه المنزعجين من حملة 
الصحافة البريطانية ضد الانتداب. فالحكومة الجديدة قد أعلنت نيتها في الإبقاء على 
سياسة الحكومات التي سبقتها. وفي فلسطين» فإن جمهور السكان» خاصة 
الفلاحين» قد أقام علاقات حسن جوار مع المستوطنات اليهودية. ويجب إيلاء 
الأولوية للبناء الاقتصاديء والذي يتطلب تضحيات من الجميع. ويجب الفوز 
بتعاون جميع اليهود غير الصهيونيين» وهذا هدف الوكالة اليهودية القادمة. ويدعمه 
سوكولوقف. وتتعرض القيادة لانتقادات عنيفة من جانب معارضة يسارية تتهمها 
بالرغبة في تسليم الحركة ل«اليلوتوقراطية» اليهودية. فيرد فايتسمان بقوة: إن 
سياسة الاحتجاج عقيمة» والمصاعب الرهيبة ذات الطابع السياسيء وإن كان 
بالأخص ذات الطابع الاقتصادي والماليء والتي تواجهها الصهيونية» إنما تجعصل 
من توسيع أطر الوكالة اليهودية مسألة حياة أو موت. ومن المستحيل العمل بشكل 
منهجي عندما يجري إمطار المرءء كل يوم» ببرقيات من المدرسين والرواد الذين 
يموتون» هناك؛ من الجوع. ولابد من موارد جديدة لا يمكن أن تأتي إلا من الوكالة 


6 


وهو يطرح مسألة الثقة. فيحصل على الثقة بأغلبية ١541‏ صونًا في مقابل "/ا 
صوناء لكن الامتناعات عن التصويت جد عديدة بحيث إن الأغلبية التي تم 
الحصول عليها لا تمثل غير نصف المندوبين. ويجري استئناف النقاش فيؤدي إلى 
صيغة حل وسط: إن الوكالة اليهودية القادمة يجب أن تتمتع بأسلوب عمل 
ديموقراطيء وذلك عدر تكوين مؤتمر يهودي عالمي يكفل الأغلبية للصهيونيين. 
ويتم انتخاب لجنة تنفيذية جديدة يقودها ثايتسمان وسوكولوف. بينمايجري اس تبعاد 
المعارضين. ومن بينهم أوسيشكين. وتستعيد القرارات المتخذة تيمة التعاون 
الضروري بين الشعب اليهودي والشعوب الشرقية التي تجمعها به آصرة الأصل 
المشترك (أي الشعوب السامية): 

يأمل المؤتمر في أن الشعب العربي. الذي يملك خارج فلسطين فضاءات شاسعة يمكنه 
أن يحقق فيها نهضته القومية. سوف يتفهم بشكل أفضل فأفضل بعث الشعب اليهوديء 
والذي تتمثل رغبته في العيش في انسجام تام وإخاء كامل مع عرب فلسطين. وأن يدرك أن 
اليهود عنصر ثمين. وقوة فعلية للشرق الأدنى. 


وتجري المطالبة بالاعتراف بالشخصية الحقوقية للجماعة اليهودية في 
فلسطين كما يجري الحديث عن مسألة شرق الأردن: 
يعترف المؤتمر بأن فلسطين الشرقية وفلسطين الغربية تشكلان وحدة تاريخية 
وجغرافية واقتصادية ويعبر عن الأمل في أن طموحات اليهود المشروعة سوف يجري 
احترامها رسميّاء أيّا كانت الترتيبات التي سوف تتخذ في موضوع شرق الأردن. 


ويخرج قايتسمان من المؤتمر منهكا ومتألمًا. فهو يشكو من نكران الناس 
للجميل. وقبل أن يذهب مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لجمع تبرعاتء تتعين 
عليه مواجهة التطورات الجديدة للسياسة البريطانية» والتي تحدث دون التشاور معه 
بشكل مباشرء هو الذي يستند عمله كله إلى علاقات مميزة مع أخذي القرار 
البريطانيين. 


66 


الوكالة العربية 
يظل انعدام اليقين قائمًا فيما يتعلق بمصير فلسطين. وفي أواخر أغسطس/ آب 
57٠ء‏ يصل ممثل للملك حسين. ويتم عقد لقاء مع وفود من كل ربوع 
فلسطين7*''). ويعلن ممثل الملك حسين أن الأخير قد طلب من البريطانيين إدخال 
تعديلات على مشروخ المعاهدة تنص على أن فلسطين ستكون بلدا مستفلاً يتمتع 
بحكومة من اختياره» فيصبح تصريح بلفور حبرا على ورق. وعندئذ يمكن 
لفلسطين أن تكون جزءًا من اتحاد كونفيديرالي عربي قادم. وهو وعائلته سوف 
يدافعان عن فلسطين حتى آخر قطرة من دمائهما: 
أمرني [جلالته] أن أؤكد لكم أنه ينظر إلى أهالي فلسطين نظره إلى أولاده على 
السواء. سواء المسلم والمسيحي واليهودي الوطتي ومن رجع من الصهيونيين عن أطماعه 
البلفورية في الأراضي الفلسطينية. 


وتصل شعبية الهاشميين إلى أوجها. بل إن النشاشيبيين يشعرون بالاضطرار 
إلى الانسحاب من المجلس الاستشاري. ويخشى الصهيونيون من أن تتحقق هذه 
الوحدة العربية دون اتفاق مسبق معهم لتسوية الملف الفلسطيني. 

وقد قضى السير هربرت صمويل الصيف في بريطانيا العظمى سعيًا إلى 
مناقشة مستقبل الانتداب مع الحكومة البريطانية. وكانت حكومة المحافظين قد 
سارعت إلى الإعلان» عند تشكيلهاء عن أنه لن يكون هناك من تغيير في السياسة. 
وقد اطمأن الصهيونيون بسبب تعيين أورمسبي- جورء ضابط الاتصال السابق مع 
اللجنة الصهيونية والنصير السافر لقضيتهم؛ في منصب نانب سكرتير الدولة 
لشئون المستعمرات. وكانت قد شكلت لجنة وزارية مشتركة مكلفة بدراسة المسألة. 
وسرعان ما فرضت شخصية اللورد كيرزون نفسهاء ولا يجهل أحد تحفظاته حيال 
التجربة الصهيونية”” '). وقد جرى الحديث علنا عن احتمال استقالة المندوب 
السامي» الذي أضعفه قشل مشروعه الدستوري. على أن اللجنة الوزارية المشتركة 
قد انتهت إلى الحفاظ على السياسة المتبعة: فلم يكن بالإمكان الرجوع عن التعهدات 
المأخوذة ومن شأن التخلي عن الانتداب أن يعني وجود الفرنسيين أو الإيطاليين أو 


كم 


الأتراك في فلسطين» بما يشكله نتيجة بالغة الضرر بالنسبة للمصالح البريطانية. 
وقد شدّد كيرزون على ضرورة التوصل إلى حل وسط مع العرب وطَرحَ فكرة 
وكالة عربية موازنة للوكالة اليهودية. وقد وافقت اللجنة ثم الحكومة على 
المشروع. واتجاه السياسة البريطانية واضح"''). فتكلفة إدارة فلسطين التي 
تتحملها ماليات المتروبول ما تزال ترتفع إلى مليون ونصف مليون من الجنيهات 
الاسترلينية. وبالإمكان الأمل في تخفيضها بسرعة إلى مليون» مع تأمين السكينة 
العامة في الوقت نفسه. والحال أن جذر المشكلة إنما ينبع من خوف العرب من أن 
يجري إخضاعهم لسيطرة يهودية: ولم يكن ذلك وارذا البتة وقد أكد الصهيونيون 
ذلك بقبولهم الكتاب الأبيض الصادر في عام 1577. ويجب الفوز بالتعاون 
السياسي من جانب جميع عناصر المجتمع الفلسطيني. 

ويرجع المندوب السامي إلى القدس في ١8‏ سبتمبر/ أيلول .١977‏ فينهمك 
في مشاورات مع الأعيان الفلسطينيين حول مشروع الوكالة العربية ويصطدم على 
الفور بمعارضة قوية. وفي حين أن المشروع الأولي للوكالة قد أشار إلى أن 
أعضاءها يجب تعيينهم من جانب حكومة فلسطين» يسلم السير هربرت صمويل 
بوجوب انتخابهم. والصهيونيون أيضًا يبدون معادين للمشروع: إذ لا يمكنهم قبسول 
هذا الشكل من أشكال المساواة السياسية المزعجة بالتنسبة للمستقبل. والوكالة 
العربية» غير المتضمنة في ميثاق الانتداب؛ من شأنها أن تشكل سابقة خطيرة في 
اتجاه تعديل التعهدات البريطانية!*”". 

وفي 59 سبتمبر/ أيلولء يدخل ميثاق الانتداب رسميًا حيز سريان المفعول. 
وفي ١١‏ أكتوبر/ تشرين الأول؛ يجتمع السير هربرت صمويل بالأعيان العسرب 
ويبلغهم رسميًا بالمقترحات البريطانية'”'). وهو بذكر بأن تصريح بلفور تعهد 
دولي من جانب بريطانيا العظمى من غير الوارد التتصل منه. ويتوجب فهمه» 
بحسب الكتاب الأبيض الصادر في عام 201577 على أنه يوجدُ تعهذا مزدوجا 
للحكومة البريطانية حيال العرب واليهود. وليس هناك من تنافر بين هذين 
التعهدين. والبرهان على ذلك هو الاقتراح الخاص بالوكالة العربية لأنها ستكون لها 
عين الوضعية التي للوكالة اليهودية: 


ين 


تطلب إليّ حكومة صاحب الجلالة إضافة ما يلي: إنها ترى أنها بإيجادها وكالة عربية 
إنما تقوم بخطوة كبرى في اتجاه تحقيق رغبات السكان العرب. وأن هذا الإيجاد يجب. مسن 
ثمء قبوله بوصفه يسوي جميع المسائل التي ما تزال محل نزاع؛ على الأقل إلى أن يستم 
تشكيل مجلس نيابي حقيقي. والأء أي في الحالة التي لا يتم فيها قبول هذا السشرط: فسإن 
الحكومة لن تواصل مشروعها. 

إن الاقتراح الذي قدَم إليكم للتوَ إنما يهدفء شأنه في ذلك شأن مشاريع إنشاء مجلس 
تشريعي ومجلس استشاريء إلى إتاحة الفرصة أمام السكان العرب للمشاركة فسي توجيه 
أمور البلد. ولا مراء البتة في أن هذه المشاركة ستكون جد مفيدة للجماعة العربية وستكون 
مفيدة أيضًا للحكومة. إلا أنه على السكان والمتحدثين بلسانهم أن يقولوا هم ما إذا كانوا 
مستعدين لانتهاز القرصة المتاحة لهم. 


وبحسب سيناريو متوقع سلفاء ينسحب الأعيان للتداول ثم يعهدون إلى موسى 
كاظم بمهمة تقديم ردهم الراقض. فيعبر المندوب السامي عن أسفه حيال هذا 
الرقفض ويضيف أن العريب لن يكون بوسعهم لوم أحد سوى أنفسهم إذا لم يتمتعوا 
في البلد بتلك الحصة من الحكم التي تخصهم. 
وبعد ذلك ببضعة أيام» يقدم الباشا العجوز نصنًا مكتوبًا ومسبّيًا يعرض مواقف 
اللجنة التنفيذية العربية سعيًا إلى إرساله إلى الحكومة البريطانية! ''). ويشير النص 
إلى أن المقترحات البريطانية تتعارض مع التعهدات البريطانية المأخوذة خلال 
الحرب العظمىء كما تتعارض مع حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ومع 
المادة 77 من ميثاق عصية الأمم: 
لا يخانج أحدا شك أن تصريح بلفور الذي يعد اليهود بتأسيس وطن قومي لهسم فسي 
فلسطين فرفضته الأهالي رفضا بانَا هو مخالف كل المخالفة لنصوص نظام عصبة الأمسم 
وروحه. فقد وضع هذا للنظام على أساس تحقيق رغانب الشعوب وحماية الأمم الضعيفة؛ لا 
على أساس اضطهلا حرية الشعوب وإكراهها على قبول خطة تحرمها من كل حقوقها 
السياسية وتخضع البلاد لسياسة وإدارة أجنبيتين على ما هي عليه الحالة الآن في فلسطين. 
فما أجدر حكومة جلالة الملك وهي من عصبة الأمم أن تلفي وعد بلفور هذا وتحل نفسها 
منه لأنه لا ينطبق على نظام عصبة الأمم وروحه. 


مه 


ولا يمكن أن يكون هناك من تعهد مزدوج لأن هذا إنما يعني أن العرب 
أجانب في بلدهم الذي يخصهم: 
أمّا ما تفضلتم به من أن وعد بلفور ذو شقين لا يناقض الواحد الآخر فأمر غريب. قد 
لا يكون تناقض بين شقي هذا التصريح إذا كانت البلاد يهودية وليس للعرب فيها إلأأما 
يكون لكل أجنبي دخيل في كل بلد من حقوق مدنية ودينية» وأمًا وهذه البلاد عربية ولها 
الحق المطلق في الحياة الحرة المستقلة فلا يمكن إلا أن يناقض الشق الأول مسن هذا 
التصريح الشق الثاني والتوفيق بين هذين الشقين مستحيل. 


ويؤكد البريطانيون أنهم عادلون. على أن الأمر إنما يتعلق هناء فيما يؤكد 
النصء ليس بالعدالة وحدها وإنما بالحرية أيضنًا. والاعتراف بالمساواة في الوضعية 
بين الوكالتين» هو اعتراف بأن البلد ليس عربيًا. 


زيارة الملك حسين: المملكة العربية والخلافة الإسلامية!'"') 


يوافق دوق ديفونشاير على موقف المندوب السامي””''). ومن غير الوارد 
تقديم مقترحات جديدة إلى العرب وسوف يجري التمسك بالسياسة التي حددها 
الكتاب الأبيض. ويعلن بيان رسمي في مستهل نوقمبر/ تشرين الثاني عن الإصرار 
البريطاني؟''). فالمندوب السامي سوقفه يحكم بمفرده» يساعده مجلس استشاري 
يتألف من كبار موظفين. وفي 37 أكتوبر/ تشرين الأول» تجتمع اللجنة التنفينية 
العربية لبحث الوضع؛ في حضور المفتي الأكبر049/, ويتحدث البعض عدن 
انتفاضة» تعد السبيل الوحيد لتلبية مطالبهم» لكن موسى كاظم يتمسك بخطه الخااص 
بالمعارضة غير العنيفة. وتمر ذكرى تصريح بلفورء في " نوقمبر/ تشرين الثاني» 
دون قلاقل كبرىا*”". 

وفي أواخر العام هذهء تصل منزلة الهاشميين إلى مستوى أعلى بينما تتبدد 
منزلة مصطفى كمال7'''). فإعلان الجمهورية التركية قد أدى إلى تحرر من 
الأوهام وينزعج موسى كاظم من المخاطر التي تتعرض لها مؤسسة الخلافة. 
ويعيد فصيل النشاشيبي تنظيم نفسه في «حزب وطني عربي»» يهاجمه القوميون 
بعنف7""'). وفي لندنء يقترح ممثل الملك حسين تعديلا جديذا للمعامدة يعترف 


05 


بالكتاب الأبيض الصادر في عام ١177‏ لكنه يضم فلسطين إلى اتحاد عربي ذي 
اختصاصات غامضة في تعريفها. والحال أن فايتسمان؛ الذي جرت استشارته؛ إنما 
يرفض هذا الاقتراح الذي تجده وزارة المستعمرات أيضًا غير مقبول*'". على أن 
الحل الخاص بالاتحاد العربي إنما يستثير اهتمام الزعيم الصهيوني: إن الصهيونيين 
على استعداد لتقديم عونهم لهذا المشروع؛ وذلك على أن يقبل العربء: في المقابل» 
سياسة سخية لصالح المقام القومي اليهودي"''). وفي أواخر نوشمبر/ تشر 
الثانتي» يركب البحر متجها إلى الولايات المتحدة. 

وقد قدم عبد اللهء من خلال رياض الصلح. مقترحات في هذا الاتجاء!""". 
والمقصود هو الحصول على العون من الصهيونيين لتحقيق وحدة عربية تشمل 
سوريا. ويرى الفرنسيون في هذا الأمر مؤامرة بريطانية جديدة"”". 

ويجري الإعلان في الشطر الثاني من شهر ديسمبر/ كانون الأول عن قرب 
زيارة الملك حسين إلى شرق الأردن. ويرى السير هربرت صمويل أن من 
الخطورة البالغة دعوته إلى القدس ويقرر زيارته عند مجينه (إلى شرق 
الأردن)7”'). وتدور تكهنات حول احتمال عقد لقاء بين جميع الأمراء الهاشميين. 
فتمنع لندن فيصلء الذي صار ملكا على العراقء من الذهاب إلى شرق 
الأردن7''). وعلى أي حال؛ فإن الرئيس السابق للمملكة العربية يحتفظ بعلاقات 
سيئة مع أبيه» الذي كان قد تجنب لقاءه في الأعوام السابقة. وأمّا فيما يتعلق بملك 
الحجازء فإنه» برفضه الاعتراف بالاتتدابات البريطانية» قد تبر من ارتقاء ابنه 
العرش. 

وتتحدث الشائعات عن نية مفترضة لدى الملك حسين في إعلان نفسسه 
خليفة'"'). وهو يصل إلى عمّان في ١8‏ يناير/ كانون الثاني ١1754‏ بصحبة أبناته 
علي وعبد الله وزيد. وهو يتصرف بوصفه السيد الحقيقي للبلد؛ بينما يتصرف 
الأمير بوصفه ابنا مطيعال”"'). وعلى الفور تتدفق الوفود من كل حدب وصوب. 
وينصب أمير شرق الأردن خيام تشريف في الشونهء حيث يوجد مقره"""). ويؤ 
ا 
جارية وأنه سوف يتصرف دومًا لصالح استقلال وحقوق الفلسطينيين. وفي حالة 
فشل المفاوضاتء سوف ينحاز إلى مواقفهم. وخيبة الأمل عظيمة:؛ لأن القوميين 


5 


كانوا يتصورون أن الملك قد جاء لكي يقدم لهم النتيجة الإيجابية لمفاوضاته. 
ويعتبر الحزب الوطني العربي الملك «والدا» لجميع عرب فلسطين ويناشده عدم 
السماح لنفسه بالوقوع في شرك «الدسّاسين» الذين يجرون البلد إلى الضياع تحقيقا 
لأطماعهم الشخصية. ولدى الخروج من اجتماع» يتعرض ممثلو فصيل النشاشيبي 
للهجوم من جانب متظاهرين يتهمونهم بأنهم خونة وعملاء للصهيونية» الأمر الذي 
يستثير غضب عبد الله. وسرعان ما يدرك الملك حسين أن اللجنة التنفينية العربيية 
تمثل المحاور الشرعي الوحيد"”". 

ويتوصل المندوب الساميء خلال لقائه البروتوكولي مع الملك الهاشمي» إلى 
موافقة الأخير على مقابلة وفد صهيوني يرأسه الكولونيل كيش. وفي عمّانء يجعل 
رياض الصلح من نفسه الوسيط بين الصهيونيين والهاشميين. والييشوف جد معاد 
لمثل هذا التحركء. لكن كيش يرى فيه فرصة لمناورة كبرى في مجال العلاقات 
العامة0*” '). وقد تم اللقاء في 7 يناير/ كانون الثاني/'"'). وحاخام فلسطين الأكبر 
هو المتحدث الرسمي بلسان الوفد. ويقلده الملك قلادة الاستقلال العربي العظمى. 
أمّا الكلام الموجّه إلى الملك فهو يتبع القواعد المألوفة للرطانة الصهيونية: تعاون 
شعبين ساميين شقيقين من أجل بعث الشرق. ويرد الملك بأنه منفتح دومًا على 
العدل وأنه مستعد لأن يفتح قلبه وأراضيه أمام اليهود ما أن يدخلوا من الباب وليس 
باختراق الجدار. وفي المساءء يقابل عبد الله كيش ويطلب منه إيضاحات بشأن 
البرنامج الصهيوني. فيؤكد له الكولونيل أن تصريح بلفور لا يفعل سوى الاعتراف 
بالحق التاريخي لليهود في العودة إلى وطنهم التاريخي لكي يقيموا فيه حياة قومية 
وأنه لا ينطوي على أي تهديد بالنسبة لسكان فلسطين العرب. فيرد عليه الأمير 
بأنهء في هذه الظروفء قد يكون العرب على استعداد لقبول وج ود اليهود في 
فلسطين كما في البلدان العربية الأخرى. وفي اليوم التالي» يجري الممثئل 
الصهيوني حوارًا مباشرًا مع الملك حسينء الذي يبدو أكثر مراوغة من ابنه. ويعلن 
له متابعة الاتصالات مع ممثليه. وقد جرت هذه اللقاءات في شهر فبراير/ شباط: 
فيوضح المحاورون العرب بجلاء أن حل المشكلة إنما يكمن في تنصيب عبد الله 
ملكا على فلسطين في مقابل اعتراف العرب بتصريح بلفور. على أن كيش الذي 
لا يريد «سيطرة عربية»» إنما يدير لهم الأذن الصماء. 


51١ 


وهو يجني على الفور ثمار تحركه. فيستخدم فايتسمان الصدى العام للقاء مع 
الملك حسين خلال مناسبات ظهوره العلني عند جولته في الولايات المتحدة ولقاءاته 
مع الشخصيات اليهودية غير الصهيونية7””). ويستفيد الكولونيل كيش من زيارة 
إلى القدس قام بها الأميران علي وعيد الله لكي يجد نفسه على مائدة واحدةه خلال 
حفل الاستقبال الرسميء مع مفتي القدس7'"". على أن الحاج أمين» الذي سعى 
دومًا إلى تجنب موقف كهذاء إنما يتهرب من نظره إليه ويمتنع عن التحدث معه. 

وفي تلك الأثناء» يزور وفد لليهود الأرثوذكس المنتمين إلى تنظيم أجودات 
إسرائيل الملك حسين لكي يعلنوا تنصلهم الكامل من الصهيونيين؛ الأمر الذي يثير 
عظيم سخط هؤلاء الأخيرين9”". 

ويبدو أن الأمور المهمة تحدث في لندن. فحكومة المحافظين التي يرأسها 
ستائلي بالدوين7”"" قد أعادت إطلاق النقاش المتكرر حول حرية التبادل. وبما أن 
الحمائية تتعارض مع البرنامج الانتخابي لحزبه في الانتخابات السابقة» فإنه إنما 
يلجأ إلى حل البرلمان. ولا تسفر انتخايات عام ١177‏ عن أغلبية واضحة. ويتفوق 
العمال على الأحرار. وفي 7١‏ يناير/ كانون الثاني 575١ء‏ تسقط حكومة 
المحافظين وء بحسب القاعدة» يصعد الحزب الأهم إلى السلطة. ومنذ اليوم التالي» 
يشكل رمزي ماكدونالد أول حكومة عمالية في التاريخ البريطاني. وهو محتاجء 
لكي يحكم؛ إلى دعم من الأحرارء المنقسمين إلى أنصار وخصوم للويد جورج. 
وفي مسألة المستعمرات؛ يحافظ على سياسة أسلافه. وسوف يخسر الأغلبية في 
مجلس العموم في سبتمبر/ أيلول ١9754‏ بسبب مسألة العلاقات مع روسيا 
السوقييتية. وترمز الانتخابات الجديدة (نوقمبر/ تشرين الثاني 5؟57١)‏ إلى انهيار 
للأحرار لصالح المحافظين. وبعضهم؛ كتشرشلء إنما ينضمون إلى الحزب الفائز 
الذي يتمتع بأغلبية راسخة. 

أوقي هذا السياق ينفجر خبر إلغاء الخلاقة بقرار من مصطفى كمال في " 
مارس/ آذار .١1374‏ وعلى الفورء يقوم الملك حسينء الذي كان ما يزال في 
الشونه؛ باعتنام الفرصة. وفي © مارس/ أذارء يجمع مندوبين من الحجاز والعراق 
وشرق الأردن وفلسطين ويجعلهم يعلنونه خليفة للمسلمين؟""). والحال أن الحاج 
أمين وموسى كاظم, الفاترين بالأحرىء إنما يرفضان في البداية أن تقام الصلاة 


512 


باسم حسين في المسجد الأقصى. فتقام ببساطة باسم أمير المؤمنين» دون تحديد 
هويته. والمقصود هو الضغط على الملك كي يشجب علنا تصريح بلفور. وفي 
النهاية» تميل الغلبة قي المجلس الإسلامي الأعلى لصالح أنصار الهاشميين. وفي 
مارس/ آذارء نجد أن وفذا يتألف من المفتي الأكبر ومن أعضاء المجلس 
الإسلامي الأعلى وراغب النشاشيبي وبطريرك الأرثونكس في القدس إنما يقدم 
البيعة للخليفة الجديد في الشونه7””'). وتقام الصلاة باسمه في ١4‏ مارس/ آذار في 
الحرم'”"). وعلى الفورء يشكر حسين السكان الفلسطينيين ثم يستعد للعودة إلى 
الحجاز. وفي نابلسء قلعة النزعة المحافظة الإسلامية؛ احتاج الأمر أسبوعًا لكي 
يقبل الأعيان تقديم البيعة» وفي عديد من المدن كانت المعارضة قوية في 
البداية!" 0 

وقد انضم عراق فيصل إلى الحركةء لكن مصرء حيث للملك فؤاد أطماعه 
الخاصة. إنما تعارض ذلك. وتظل بقية العالم الإسلامي في موقف الترقب 
والانتظار. أمّا المسلمون الهنود فهم معادون بشكل سافر. 

والتوتر الطائفي قوي نسبيًا. ففي 7١‏ مارس/ آذارء في يافاء خلال كرنقفال 
بوريمء أحس مسلمون بالإهانة من مواكب يهود يرتدون ثياب أهل البلد ونشب 
عراك استخدمت فيه المسدساتء الأمر الذي أدى إلى مصرع شخص من كل من 
الجانبين9''). وفي الأيام التالية» وقعت أحداث عنف جديدة في المدينة. ويؤكد 
موسى كاظم علنًا أن اليهود قد ازدروا الإسلام. فيطلب كيش معاقبته لتوجيهه 
«اتهامات [إلى اليهود باقتراف] جرائم طقسية» كما يطالب بتعزيز التدابير الأمنية 
خلال عيد النبي موسي القادم”"). ويمر الحج دون حوادث خطيرة. بل إن بعصض 
“-ابلسيين» وقد شعروا بالغيرة من دور آل الحسينيء قد. خططوا لتنظيم احتفال 
بالعيد في نابلسء. دون الذهاب إلى القدس. وينجح المجلس الإسلامي الأعلى في 
ثنيهم عن ذلك موضحدا لهم أن البريطانيين قد يستفيدون من غيابهم ليمنعوهم من 
الذهاب إلى القدس في الأعوام القادمة(:*". 

والحاصل أن مبايعة العرب الفلسطينيين لخلاقة حسين إنما تعبر عن أملهم 
الأخير في العثور على حليف خارجي ضد سياسة الانتداب. وهم يسعون إلى 
تجسيد توجهاتهم الجديدة باتخاذهم قرارًا بعقد مؤتمر جديد. ويقرر قصيل النشاشيبي 


5 


المشاركة فيه سعيًا إلى إظهار قوته. ويُدعى الدكتور دي هان إلى المشاركة في 
المناقشات. فيعتذر وإن كان يعرب عن تعاطفه مع موقف العرب'*"). بل إنه 
سيمضي إلى حد القول علنا بأنه في حالة صدام بين الصههيونيين واليهود 
الأرثونكس» سوف يفضل أن يكون مسلمًا على أن يكون يهوديا””*"). وتتتشر 
شائعة مفادها أنه سيذهب قريبًا إلى إنجلتراء وهو ما يؤجج مخاوف الصههونيين. 
ويجري اغتياله في ١‏ يونيو/ حزيران ١115‏ في القدس بطلقة رصاص من 
مسدس. ويرى كثيرون آنذاك أننا بإزاء اغتيال سياسي7*")؛ بينما يؤكد 
الصتهيونيون) سيا إلى 'شبركة متاحتهم» أننا. نإزّاءجريمة آداب. أمّا اليوم» فيظهر 
بوضوح أن الهاجاناه هي المسئولة عن الاغتيال بالفعلء بناءً على أوامر من القيادة 
الاشتر اكيةت؟؟, 
الصهيونية وسوريا وفرنسا 7" 

بشكل موازء يصطدم كيش بالسلطات الفرنسية للانتداب على سوريا ولبنان. 
وكان قد عبر عن الرغبة في الذهاب إلى الانتداب الفرنسي وحصل على تصريح 
بذلك. وهو يصل إلى دمشق في 74 مايو/ أيار 97474*). وبعد أن استقبلته 
الطائفية اليهودية استقبالاً طيناء طرح مشروع تكوين اتحاد صهيوني محلي. ويرى 
محاوروه أن غياب منظمة صهيونية إنما يرجع إلى عداء السلطات الفرنسية» التي 
ترى في الحركة الصهيونية أداة بريطانية للاستيلاء على أراض سورية. والحق أن 
الانتداب الفرنسي قد تتازل لفلسطين في مستهل عام ١1714‏ عن جزء من الجليل 
الذي يحتله الفرنسيون منذ عام ١97١‏ (منطقة الحوله وإصبع الجليل الذي يشكل 
تتوءًا بين لبنان وسوريا). وكان التنازل قد أصبح فعليا في ” أيريل/ نيسان 
4 وقد رحبت الصحافة الصهيونية بهذا الحدث باعتباره «استردادا لأرض 
مسروقة» وعبرت عن الأمل في أن يرجع إلى الوطن الأم يوما ما كل من الجنوب 
اللبناني حتى نهر الليطاني وجبل حرمون مع الجولان وكذلك سيناء حتى 
العريش7'''). ومن الواضح أن هذا التعبير عن نزعة صهيونية توحيدية إلجميع 
الأراضي المفترض أنها تشكل مجال إيريتز إسرائيل] لم يمر دون أن تلاحظه 
السلظات الفرنسية. 


54 


ومن باب الاحتياط» يصدر المندوب السامي فيجان في اليوم نفسه مرس وما 
«بشأن شراء وملكية الأراضي من جانب أشخاص اعتباريين» ينص على ضرورة 
الحصول على تصريح مسبق لإنشاء شركات أجنبية ويحظر وجودها في مناطق 
- يحددها مرسوم- قد يؤدي قيام مثل هذا النوع من النشاط فيها إلى نتائج غير 
ملائمة. وكان التنازل قد تم بسبب وجود مستوطنات يهودية في تلك الأرض وكان 
المقصود هو تجنب تكرار قيام هذا النوع من المشاريع. 
وفي 71 مايو/ أيّارء يستقبل كيش في بيروت روفيه:؛ المندوبْ السامي 
بالنيابة. فيترافع أمامه دفاعًا عن يهود سوريا ولبنان الذين يعدون» شأن جميع 
اليهود تقريبًا في مختلف أرجاء العالم. صهيونيين بالرغم من أن البعض لا يدركون 
ذلك وينفي تهمة معاداة الصهيونيين لفرنسا بوصفها تهمة حمقاء. وبحسب روايته» 
فإن المسئول الفرنسي قد أكد له أن إدارة الانتداب لا ترى أي اعتراض على تنامي 
النشاطات الصهيونية. وعلى أثر زيارته؛ تعلن الصحافة الصهيونية أن السلطات 
الفرنسية تجيز تكوين اتحاد صهيوني*'). وهذا الإعلان يثير سخط قيجان» الذي 
يرسل تصحيحا إلى موجراء قنصل فرنسا في القدس!5؟": 
لقد أعلن السيد دو روفيه في اللقاء الذي عقده مع الكولونيل كيش أن فرنسا لا تتبع 
في سوريا أي سياسة معادية للسامية. وأن تعاطفاتها أكيدة مع الطائفة اليهودية كمامع 
الطوائف الأخرى وأنها لا ترى أي مشكلة في أن يهتم يهود سوريا بالحركة الصهيونية في 
فلسطين. لكنه حرص على توضيح أنها ستقيم جدارًا في وجه أي محاولة لتوسع الصهيونية 
في سوريا. 
وسوف أكون ممتنًا لكم لو أوضحتم للكولونيل كيش بأنني أرجو ألا يترتب على زيارته 
أن تنشأ في سوريا حركة صهيونية لا وجود لها فيها وأن قرنسا لن يكون بوسعها الموافقة 
على أن يتكون في سوريا اتحاد صهيوني لم يكن من جهة أخرى من الوارد الحديث عنه 
وأرجو منكم أن تطلبوا إلى الكولونيل كيش أن يتفضل برد الأمور إلى تصابها. 


ويلتزم موجرا بتنفيذ هذه الطلبات وإن كان يؤكد أن كيش يرى أن تكوين دولة 
يهودية في فلسطين إنما يتماشى مع مصالح فرنسا في سوريا. ووفقا لرواية 
القنصل(**'/, فإنه هو الذي أعرب عن هذه الفكر ة مضيفا أن الصههيونيين لا 


56 


تراودهم أي رغبة في التوسع الترابي في سوريا ولا تراودهم الرغبة في اجتذاب 
يهود سوريا إلى فلسطين: 
إلا أنه علاوة على الصهيونية السياسية. توجد الصهيونية الروحية التي لم يوقفها أي 
جدار على مدار تاريخ دام عشرين قرنا كما لن يكون أقل إيقافًا لها اليوم أيضا. والمسألة 
هي معرفة ما إذا كانت هذه الصهيونية سوف تتجسد بوجه مقَنّع أم بوجه مكشوف. بطم من 
السلطات المحلية وتحت سيطرتها أم في الظل ودون إقرارها بهاء في مناخ من الثقة أم في 
مناخ من العداوة. 
وتوجد «اتحادات صهيونية» في جميع بلدان العالم تقريباء خاصة قفي فرنمسا. 
والسوفييت وحدهم هم الذين اعترضوا على ما كان قد تشكل منها [أي من الاتحادات 
الصهيونية] في روسيا. 


وإذا كان فيجان يتمسك بالحظر الذي فرضه؛ إل أنه سوف يطلب من 
سوكولوف التحدث في الأمر مباشرة مع الحكومة الفرنسية0'*). 

ويبرر المندوب السامي الفرنسي موقفه في برقية إلى الوزير الذي يتبعه 
مؤكذا أن الأمر إنما يتعلق بحماية سوريا من تهديدات الإمبريالية الصهيونية» تلك 
التهديدات التي يدعمها متهوسون7”*'). وهو يجدد موقفه في سبتمبر/ أيلول 
2464 إن على باريس رفض المطالبات بإقامة مستوطنات يهودية في 
الجنوب اللبناني وسورياء وذلك بسبب خطر ردود الفعل التي من شأنها إثارة 

وسرعان ما تجد مخاوفه ما يبررها. فبالرغم من التحذيرات الفرنسية» 
تستانف الحركة الصهيونية نشاطاتها في سوريا ولبنان. وخلال صيف عام 20575 
يحاول يهود سوريون منتمون إلى هذه الجماعات الحصول على أراض في 
الجولان والجنوب اللبناني. وهم غير معنيين بمرسوم قيجان. وكان البارون إدمون 
دو روتشايلد قد اشترى مساحات شاسعة قبل عام ١514‏ في حوران؛ أبعد شمالاً 
إلى حدّ ما. ولم يتمكن من توطين مستوطنين يهود فيها واكتفى باس تغلالها عن 
طريق فلاحين عرب تحت إشراف ممثليه. وهو يفكر في مبادلة هذه الأراضي 
بأراض يمتلكها الأمير سعيد عبد القادر الجزايرلي؛*'4 في فلسطين. والحال أن 
الاشتراكيين الصهيونيين قد اهتموا بهذه الأراضي الموجودة في حوران. وهم 


56 


يتوصلون إلى موافقة كيش وقايتسمان على أن يتدخلا لدى البارون لكي يوقف 
مشروع المبادلة هذاء وهو ما سيحدث في نوقمبر/ تشرين الثاني .١574‏ ويرد 
قيجان على ذلك بقوة فيحظر أي صفقة عقارية لصالح شخص اعتباري في 
المناطق المعنية ويطلب من المسئولين الإداريين تكثيف المصاعب في تلك المناطق 
في وجه مشتريات الأراضي التي يقوم بها إسرائيليون سوريون. وهو يوضصح 
موقفه هذا لكيش في نوقمبر/ تشرين الثاني ١175‏ عندما يذهب إلى القدس في 
زيارة رسمية: إن واجبه إنما يتمتل في الوقوف في وجه كل ما قد يؤدي إلى تعديل 
للحدود لا يناسب فرنسا!**"). 

وفي مارس/ آذار »١157©‏ يقوم ساريل» خليفة قيجانء بإلغاء القرارات 
المتخذة معتبرا أنها لم تعد ذات حاليّة. وفي الشهور التالية» لن يعود من الوارد 
الحديث عن استيطان يهودي في سورياء ذلك أن البلد قد انتفض ضد فرنسا. 

جرت زيارة الملك حسين إلى شرق الأردن في سياق صعود التعارضات بين 
آل سعود والهاشميين. وقبل وصوله مباشرة. فشل مؤتمرٌ عقده البريطانيون في 
الكويت للتوصل إلى تحكيم0”*'). وقد طرح آل سعود مطالبات بأراض تتبع قبافل 
تنتمي إلى فلك الحجاز وشرق الأردن. والحال أن البريطانيين؛ الذين لا يهتمون إلا 
بضمان الاتصال الترابي بين شرق الأردن والعراقء والذي يشكل عنصرًا حيويا 
في شبكة طرق المواصلات الإمبراطورية على طول الطريق إلى الهندء وغير 
الراغبين في الضغط على الأطراف المتتازعة» كانوا قد أعلنوا قبل سنة مقدّما عن 
وقف إعاناتهم المالية للملك حسين ولابن سعود اعتيارًا من 7١‏ مارس/ آذار 
4+. ويفسر ابن سعود هذا القرار تفسيرًا صائبًا بوصفه تعهدا بعدم التدخل في 
الشئون الداخلية لشبه الجزيرة. ومنافسه الهاشمي ضعيف لاسيما أن رفضه تقديم 
التأييد لنظام الانتدابات» عبر معاهدة» قد خلق في لندن عداوة قوية لشخصه. 
وإعلانه خلافته إنما ينتهي بعزله مع تقديمه ذريعة للحرب ضده من جانب آل 
سعود. ومنذ أواخر مايو/ أيّار 474١ء‏ يدعوه ابن سعود إلى التخلي عن الخلافة 
وعن رغبته في الهيمنة على البلدان العربية. ومسلمو الهند يدعمونه في نضاله ضد 


37 


الاغتصاب. وبعد أن أضفى طابعًا دينيًا على معركته: يطلق مقاتليه المدفوعين 
بالباعث الديني؛ الإخوان إلى محاربة الهاشميين في الحجاز وشرق الأردن 
والعراق. وفي أواخر أغسطس/ آبء يدخلون الحجازء بالجانب الرئيسي من 
قواتهم» ويستولون على الطائف في © سبتمبر/ أيلول. والحال أن الملك حسينء وقد 
0 البثّةء إنما يتتازل عن العرش 
5 أكتوبر/ تشرين الأول لصالح ابنه الأكبر علي. وتستسلم مكة في الأسبوع 

0 مداراة الرأي العام الإسلامي» يتجه ابن سعود إلى فتح منهجي 
للحجازء مع قبوله محاولات الوساطة المبذولة من جانب مسلمين هنود. وفي 
النهايةء سوف تسقط المدينة [المنورة] وجدة في يديه في ديسمبر/ كانون الأول 
101 

وقد ترك له البريطانيون حرية التصرفء. موضحين ب ذلك للها ميين ما 
يجازفون به بسبب عنادهم. وبالمقابل» ما أن يتعلق الأمر بطرق المواصبلات 
الإمبراطورية» فإنهم يتدخلون عسكريًا. وهكذا نجد أن منطقة العقبة:» التابعة 
للحجازء إنما يجري ضمها إلى شرق الأردن لضمان منفذ له إلى البحر الأحمر. 
ويصبح شرق الأردن مرتكزا عسكريًا مهمته ضمان حماية فلسطين من غزوات 
بدوية جديدة. والحال أن جيش شرق الأردن الصغير» الذي يقوده ضباط 
بريطانيون» وتحت إمرة بيك باشاء إنما يحطم هجوم الإخوان بنفضل دعم من 
الطيران البريطاني (معركة زيزيا) (*'). وفي العراق وشرق الأردن» تقوم 
«داوريات صحراوية» مدعومة من سلاح الجو الملكي البريطاني بتطويق ورد 
الهجمات الوهمّابية. 

وفي فلسطينء لا يعود من الوارد الأمل في الحصول على دعم خارجي. وبعد 
سيطرة آل سعود على الحجازء تجري العودة إلى ممارسة قوامها أداء الصلاة ياسم 
أمير للمؤمنين لا اسم له2”'). وتؤدي طموحات فصيل الحسيني وفصيل النشاشيبي 
المتنافسة إلى إصابة الحركة القومية بنوع من الشلل. فيجري تأجيل المؤتمر الذي 
كان من المقرر عقده في صيف عام ١175‏ إلى موعد لاحق. وتدخل الحركة 
القومية مرحلة خمول. 


54 


من مواجهة أعوام ١9114-١5977‏ سيبقى سؤال دون إجابة حقيقية. هل كانت 
الحركة القومية مخطئة أم محقة في رفضها مقترحات السير هربرت صمويل 
الدستورية ؟ إن كثيرين من المؤرخين الصهيونيين قد رأوا في ذلك الرفض الدليل 
على العجز التاريخي للقيادات المتعاقبة للحركة القومية الفلسطينية عن اغتنام 
الفرص المؤاتية» مستجيبة بذلك للعبة خصومها. ومن المؤكد أن عرض المندوب 
السامي كان مسموماء لأنه» في مقابل سلطة نسبية تمامًاء رأى العرب أنفسهم 
ملزمين بالاعتراف بالأمر الواقع المتمثل في المقام القومي اليهودي. على أن القادة 
الصهيونيين؛ وقد استشعروا فجأة هشاشة الدعم البريطانيء كانوا منزعجين من ذلك 
العرض. 

ويكمن ضعف القيادة الفلسطينية الحقيقي في عجزها عن التمكن من الفصل 
بين مرونة تاكتيكية آنية والأهداف الاستراتيجية طويلة الأمد» وهو الفصل الذي 
كان القوة العظمى للصهيونية. وهكذا فقد كان بوسع الصهيونيين أن يؤكدوا قبولهم 
الاضطراري للكتاب الأبيض الصادر في عام ١577‏ عاملين في الوقت نفسه على 
إحداث تحويل تال للمقام القومي اليهودي إلى دولة يهودية. وكانوا يتمتعون بهامش 
حركة كاف للتحضير لمستقبل» حتى وإن كان هذا المستقبل قد ظل افتراضيًا إلى 
حد بعيد. وبالمقابل» بالنسبة للعرب» كان من شأن قبولهم المقترحات البريطانية 
تهديد المستقبل دون الحصول على ترضيات حقيقية في اللحظة الآنية. ويستند 
العجز العربيء في التحليل الأخيرء ليس إلى قصور في القدرة على التنظيم واتخاذ 
القرار - وهو قصور فعلي مع ذلك -» وإنما إلى طبيعة مسألة فلسطين من حيث 
كونها لعبة حاصلها صفر. فمن يملك العنصر المهيمن؛ السيطرة على الأرض أو 
حيازتهاء يرى» بشكل مفارقء: أن هامش مناورته ينحسر: إن عليه أن يقدم تضحية 
أليمة ماديًا وعاطفيًا لصالح الطرف الآخرء دون أن يحصل على شيء غير 
تطمينات من الصعب عليه أن يثق بها فعلاً. وهذا هو الوضع الذي وجدت فيه 
اللجنة التنفينية العربية نفسها في أعوام .19754-١577‏ وسوف يتكرر في عدة 
مناسبات في مسلسل الأحداث التالي» مع انقلاب لمواقف الفاعلين أحياناء 


1 


الفصل الثاني 
النظام السياسي الفلسطيني 
في عشرينيات القرن العشرين 


' هناك أيضًا ملاحظة ذات طابع عام أحبُ الإدلاء بها فيما يتعلق بفلسطين. علاوة على 
الخلاف بين العرب واليهودء والذيء إجمالاً. ترك بصمته على السياسة خلال السنوات الست 
الأخيرة أو ما يزيد. فإن البلد إنما يتعرض لمصاعب خاصة مختلفة. ففلسطين خليط كامسل 
من الأجناس والديانات. وهناك الكثير من المطالب الدينية التي صيغت وجرى التمسك. بها 
بأقصى درجات الإصرار من جانب شتَّى ضروب الطوائف. وهي مطالب تجب مراعاتها 
بأقصى درجة من العناية. ومن جراء التحاسد فيما بين الشيع المختلفة» تنشأ مصاعب مسن 
آن إلى آخر. وهي مصاعب تتطلب من جانب حكومة الانتداب حكمة ويقظة في جميع 
الأوقات. ثم هناك أيضًا ما يلي: إن الأرض المقدسة؛ وبحكم اسمها وحده. هي موضع اهتمام 
غير عادي في العالم بأسره. وأخشى تمامًا من أنناء في فلسطينء قد كابدنا بالأحرى؛ في 
عدة مناسبات. من ذيوع زانئد عن الحد لما يجري هناك. فغالبًا ما حدث أن أتفه حادث قد 
وجد أصداءً مبالفًا فيها وقد نتج عن ذلك أن الملامح الأقل مدعاة إلى الارتياح في الصورة 
العامة قد اكتسبت أحيانا أهمية لا تستحقها بالمرة. وهذه؛ في اعتقادي. إحدى المصاعب 
الخاصة التي يتوجب علينا تذليلها. على أنني أعتقد أن من الصواب الزعم بأن حكومة 
الانتداب قد تصدت لكل هذه المصاعب ولكل هذه الهموم ليس دون نجاح. وهي لم تراودها 
آمال تتميز بالشطط ولم تتصور أن بوسعها التوصلء في التو والحال؛ إلى نجاحات مثيرة؛ 
لكنني أعتقد أنه قد تم التوصل إلى ضمانات راسخة لتحقيق النجاح. 

' فالوضعء اليوم. أسهل بكثير وأسعد مما كان عليه قبل ست سنوات. وأنا أعتقد أنه 
لا ميرر لأدنى شك في هذا الصدد. ولست ميّالاً إلى الإفراط في التفاؤل فيما يتعلق بالمستقبل 
ولا أزعم, بالتأكيد ؛ أنه لم يجر ارتكاب أي خطأ في الماضي ولا أن من المرجح أنه لن 

لف 


يجري ارتكاب أي خطا في المستقبل. لقد كانت هناك أخطاء وستكون هناك أخطاء. وكاقنت 
هناك وما تزال هناك مصاعب وسوف تكون هناك مصاعب؛ لكنني أعتقد أنناء فيما يتلق 
بالوضع السياسيء قد أحرزنا تقدمًا وأن النحظة التي سنتوصل فيها إلى تذليل المصاعب 
الرئيسية قد باتت قريبة. وإذا شئتم؛ فربما جاز لي التعبير عن الأمر بالشكل التالي: لقد 
توصلناء ربما ليس إلى حالة من الموذة المتبادلة فيما بين الطرقين المتنافسين. وإنماء على 
الأقل» إلى حالة من التسامح المتبادل. ويبدو لي أن هذا يشكل حصاذا ملموسًا. 

* ونحن. في اللحظة الراهنة. نمر بمرحلة اقتصادية صعبة. وأنا لا أعتقد أن ذلك قد 
يكون أكثر من مجرد مرحلة:. إلأ أنهاء طالما ظلت قائمة. سوف تكون مُحْرجَة وستميل إلى 
عرقلة أو تحجيم نشاطاتنا في الاتجاه الذي نحب السير فيه.» 

تصريح المندوب البريطاني في اللجنة الدائمة للانتدايات 


في 8" يونيو/ حزيران .١5151‏ 


ال 9 ن والنشاد ب 3 

كان من شأن إعادات التصنيف السياسية التي تلت الحرب العالمية الأولى أن 
جعلت من عائلة الحسيني المجموعة القائدة للحركة القومية. فموسى كاظم العجوز. 
وقد طرد من عمودية القدس في عام ١47١‏ لصالح راغب النشاشيبي» قد أاصبح 
رئيس اللجنة التنفيذية العربية الذي يعاد انتخابه بصورة منتظمة من جانب 
المؤتمرات المتعاقبة للجمعيات الإسلامية - المسيحية. وبالرغم من المناورات 
المضادة التي يقوم بها آل النشاشيبي وعبر استخدام الشعار القومي مع طمأنة 
السير هربرت صمويل على انعدام حدوث قلاقل في القدس» تولى الحاج أمين 
الشاب منصب مفتي القدس وقيادة المجلس الإسلامي الأعلىء المكلف بإدارة 
المصالح المادية للطائفة الإسلامية. وأخيراء أصبح جمال الحسيئي» ابن عمهء 
السكرتير الدائم للجنة التنفيذية العربية. وعلاوة على المعارضة لسياسة الانتداب: 
كان الرهان الرئيسي للفترة هو توحيد المجال السياسي الفلسطيني. وكما في جميع 
الولايات العربية التي كانت تتبع الدولة العثمانية في السابق» فإن إعادة التقسيم 
السياسي قد أدت إلى خلق مناطق جديدة لم تكن تشكلء إلى ذلك الحين» وحدات 
سياسية. 

ف 


وبشكل مميّزء فإن المجال الفلسطيني؛ بالرغم من مساحته المحدودة» قد أمكن 
تقسيمه إلى عدة كيانات فرعية. فالضفة الغربية الجبلية» حيث تقع الشبكة الكثيفة 
للقرى الكبيرة» قد ظلت قلب الهوية الفلسطينية. وطبيعي أنها كانت تحت سيطرة 
القدس. وقد أنشأت كبرى عائلات المدينة المقدسة هناك [أي في الضفة الغربية] 
الجمهور المتعاطي معهاء والمستند إلى تبادل الخدمات كما إلى آليات استغلال 
الفلاحين» عن طريق الربا خاصة. وكما في لبنان المجاورء واجه هذا الجيل ساحلٌ 
دينامي من الناحية الاقتصادية وذو ثقافة مشرقية. وكانت الجماعات المسيحية في 
هذا الساحل أكثر أهمية, بما لها من انتماءات إلى الشبكات التبشيرية الأجنبية. 
والحال أن الزراعة» عبر النهضة التي عرفها غداة الحرب إنتاجٌ الحمضيات: قد 
اتخذت طابعًا كثيفاء بل رأسماليًا (ما يسمى باقتصاد المزارع الواسعة). ومع انفتاح 
الأبواب على أوروبا وبقية العالم» ازدهر اقتصاد التبادلات. وفي هذه المنطقة» كان 
الوجود اليهودي من أقوى ما يكون؛ وذلك مع إنشاء تل أبيب في تواصل مع يافاء 
ومع الدور المتنامي لحيفا كمدينة ذات توجه صناعي. وكان بوسع تماثل 
الممارسات الاقتصادية أن يحفز خوفا من الزحف اليهودي كما كان بوسعه أن 
يحفز حاجة إلى التضامن الاقتصادي المبني على مصالح مشتركة (الحمضيات» 
النقل). 

وفي الجنوبء كانت منطقة النقب الصحراوية بعيدة عن أن تكون خالية من 
الناس. فمنذ الشطر الثاني للقرن التاسع عشرء مارس البدو أشباه المستقرين زراعة 
بعلية ووجدوا أنفسهم مستوعبين في نظام تبادلات مع المدن» التي تشكل مواقع 
للتجارة في المنتجات الأساسية ولبيع منتجاتهم الزراعية. ولم يكن الشمال جزءًا من 
سنجق القدس. فهذه المنطقة المؤلفة من أقضية سابقة تتبع ولاية بيروتء كانت 
ترنو بالطبع في اتجاه لبنان وسوريا. وكانت الهوية الفلسطينية في هذه المنطقة أقل 
قو وكانت نابلسء بدرجة أكثر من حيفا الشرقية» البؤرة الرئيسية للعمل السياسي 
والإيديولوجي. والحال أن نابلس'7)؛ معقل الإسلام وصاحبة التراث التجاري 
والصناعي الراسخ والتي مدت شبكاتها الاقتصادية إلى داخل شرق الأردن» كانت 
بؤرة مهمة للنزعة القومية العربية قبل عام ١114‏ ولفكرة فلسطين بوصفها سوريا 
الجنوبية في أعقاب الحرب المباشرة. وقد وجهها ميلُها الطبيعيُ في اتجاه دمشق 

0 


وكان من الصعب عليها قبول السيطرة الجديدة التي فازت بها القدس. كما كان من 
الصعب عليها تولي قيادة الحركة القومية الفلسطينية وء بالرغم من أنها قد قدمت 
بشكل متزايد باطراد كوادر للعمل السياسي الذي يستلهم غالبًا نزعة قومية عربية 
ذات بُعد إسلامي واضح. فإنها غالبًا ما بدت حرونا تجاه الشعارات القادممة من 
القدس. 

ومن الواضح أن تحول القدس إلى عاصمة سياسية إنما يدين كثيرًا لواقع أنها 
كانت عاصمة السنجق ثم عاصمة الانتداب البريطاني. فبحكم النزعة التوراتية» 
احتفظ البريطانيون بهذا الخيار في حين أنهء بوجه عام» في تاريخ المنطقة الألفيء 
كان المركز السياسئ الرئيسي يقع على الساحل (كما هي الحال مع عكاء في 
التاريخ الحديث). وبما أن البورجوازية المشرقية» المسلمة والمسيحية» لم تكن تثق 
طبعًا بنزعة نابلس الجذرية الإسلامية» » فقد وجدت المدينة المقدسة نفسها في موقسع 
الحل الوسط الذي يمكن أن تنتمي إليه في آن واحد المناطق الساحليةٌ وقرى الضفة 
الغربية والمنطقة الشمالية حديثة الدخول في المجال الفلسطيني. 

وكان المجلس الإسلامي إحدى الأدوات الرئيسية لتوحيد المجال الفل سطيني. 
ع ل ا وا ا - كانت في نهاية المطاف 
جد محدودةا")» ولم يكن من شأنها إلا أن تساعد على خلق جمهور من المتعاطين 
معه المدينين له بالمعروف - بقدر ما فعل ذلك بحكم الحاجة إلى إعادة تكوين 
مجال إسلامي سني متجانس لا غنى عنه بعد الصدمة المؤلمة المتمثلة في اختفاء 
الدولة العثمانية والخلافة وفي الخضوع لسيطرة دولة مسيحية. والحال أن عزة 
دروزه قد أوضح في صفحات مضيئة من مذكراته طبيعة هذه الظاهرة 5(). فقد جعل 
الحاج أمين من المجلس الإسلامي الأعلى منذ إنشائه شبه حكومة إسلامية» بككل 
البريق الذي تسنى له إضفاؤه عليه. وهكذا فقد أكسبه طابعًا تعويضيًا بعد اختفاء 
العلامات الخارجية للهوية الإسلامية» والتي ميزت السلطة قبل عام .١5١54‏ وقد 
تمكن على نحو يدعو إلى الإعجاب من فهم حاجة الغالبية العظمى من المسلمين 
إلى العثور على بديل للمؤسسات الإسلامية السابقة. وبموجب المنطق نفسه؛ سعى 
مبكرا جدًا إلى إعطائه طابعًا مجاوزا للطابع الفلسطيني سعيًا إلى جعله أحد أقطاب 
المرجعية الجديدة في عالم إسلامي سني محروم من الخلاقة. والحال أن واحدة من 


7 


أولى المهام التي أخذ على عاتقه القيام بها إنما تتمثل في ترميم وتجديد مساجد 
الحرم الشريف. حيث سعى إلى كسب اهتمام مسلمي الشرق الأدنى بهذه المهمةء 
عبر تقديمهم تبرعات مالية. وهكذا فقد سافر لأجل هذه الغاية إلى العراق في ربيع 
عام 277574)» وكان تأييده لخلافة حسين واحدًا من نجاحات الهاشميين النادرة عند 
محاولتهم استعادة الخلافة. ومنذ عام 193377ء تَوَجَّه بالنداء إلى مسلمي الهند لكي 
يحصل على مساعدتهم لهذا العمل الديني. كما أمكن الحصول على تمويلات مهمة 
من بلدان الخليج ومن مصر. 

وقد تمثل المحور الكبير الآخر لسياسته في انحيازه منذ البداية إلى 
مواقف اللجنة التنفيذية العربية. وفي مرحلة أولى؛ لم يكن في الصفوف الأولى 
للحركة القومية (فهو لم يشارك في المؤتمرات الفلسطينية العربية). لك سن 
شبكات المساجد والوعاظ التي تتبعه كانت أداة قوية في خدمة اللجنة التنفينية. 
وقد اضطر البريطانيون إلى دعوته إلى الانضباط بسبب خطب لهوب كانت 
قد ألقيت في مسجد عمر. على أنه قد تمسك من حيث المظهر بتعهده بحفظ 
النظام العام» وكان الدليل السنوي على ذلك هو ما شهدته أعياد الحج إلى النبي 
موسى بشكل متعاقب من حسن النظام. ولم يكن بوسع السير هربرت صمويل إلا 
أن يعبر عن ارتياحه إلى الخيار الذي أقدم عليه بتعيينه في منصب المفتي الأكبر 
في عام ١17١‏ وقد وجد الحاج أمين مدافعًا تشيطا لدى المندوب السامي في 
شخص مساعد ديديسء ثم مساعد كلايتون» |. ت. ريتشموندء الذي كانت معارضته 
للمقام القومي اليهودي معروفة. وقد أبقاه هربرت صمويل في منصبه حرصًا منه 
على الاستماع إلى آراء متوازنة في مجلسه:؛ لأن نورمان بنتقيستشء المسنول 
عن الشئون القانونية (ونه7*1ع56 !هعما)» كان يهوديًا بريطائيًا ومناضلاً صهيونيًا 
منذ البداية. وفي أواخر عام »١17*‏ سوف يستقيل ريتشموند, لعدم قدرته على 
تأييد سياسة يرفضها كليًا. وسوف يرجع فيما بعد إلى فلسطين لكي يدير مصلحة 
الآثار. 

وكان الحاج أمين» بحكم سنها") ومسيرته السياسية السابقة» القاتد الطبيعسي 
للشبيبة المسيّسة ذات الكفاءات والتي كانت قد دعمت محاولة المملكة العربية 
الفيصلية. وقد استرد رقاقه السابقين» كعزة دروزه في نابلس» بمساعدتهم على 

نف 


تكوين شبكة من المدارس الحديثة الإسلامية» التي أصبحت مواقع نشر لنزعة 
قومية عربية نضالية ذات نبرة إسلامية قوية. 

إويرجع التعارض بين النشاشيبيين والحسينيين إلى أواخر العصر العثماني. 
وخلاهًا لآل الحسيني ذوي النسب المهيب (أحفاد النبي). كان آل النشاشيبي رجالا 
جدذا منبثقين من الإصلاحات العثمانية"). وكانوا قد حققوا الثراء عبر الالتزام 
واضطهاد الفلاحين ولم ينتموا إلى عالم السلطات الدينية والوظائف العمومية 
العثمانية العليا. على العكس: لقد عُرفوا أنفسهم على أنهم ذوو عقول حديئة 
وبراجماتية. والحال أن راغب النشاشيبي» زعيم العائلة» كان واحذا من أوائل 
المهندسين الفلسطينيين المتخرجين من جامعة اسطنبول وقد أدى وظائف مخطلط 
ومهندس مدني في سنجق القدس قبل أن يصبح نائبًا في البرلمان العثماني. وشأن 
كثيرين من الأعيان من جيله (ولد في عام 847١)؛‏ كان يعرف التركية والعربية 
والفرنسية» وإن لم يكن قد عرف الإنجليزية. 

وقد أدى توليه منصب العمدة على حساب موسى كاظم إلى تحويل تنافس 
عائلي إلى نزاع سياسي. فبحكم وضعه. كان عليه في آن واحد أن يتعاون مع 
الإنجليز ومع الصهيونيين في إدارة المدينة. وكان في الوضع عينه الذي كان فيه 
العمد العرب الآخرون المعينون في المدن ذات الجماعات السكانية المختلطة كيافا 
وحيفا. وهكذا فقد كان مدفوعًا إلى تعريف نفسه بوصفه «معتدلاً» حريصا على 
الإنماء الاقتصاديء الأمر الذي جذب إليه فريقا مهما من بورجوازية الساحل 
المشرقية. والحال أن عداوة المعتدلين لآل الحسيني قد عادت عليهم بدعم مالي 
عرضي من جانب الصهيونيين وكانوا بالطبع ميالين إلى التجاوب مع تيمات التنمية 
التي طرحتها الدعاية الصهيونية. وبالمقابل» لم يكن بوسعهم التخلص من تهمة 
الخيانة والفسادء ومما أحزنهم إلى حد بعيد أن السلطات الدريطانية قد واصلت 
اعتبار اللجنة التنفيذية العربية المحاور الرئيسي من الجانب العربي. وإلى هؤلاء 
المعتدلين» الحريصين على الإنماء الاقتصادي» انضمت سلسلة بأكملها من الأعيان 
الذين كانوا قد شاركواء في مرحلة أولى» في الجمعيات الإسلامية - المسيحية ونتي 
الأندية السياسية - الأدبية قبل انتقالهم إلى المعسكر الآخر من باب العداوة لهيمنة 


و0 


آل الحسيني. ومن بين الأكثر أهمية؛ نجد عائلة الدجاني التي كانت» من خلال 
عارف باشا الدجاني» قد رأست الجمعيات الإسلامية - المسيحية قبل أن تخلي 
المكان أمام موسى كاظم. وحسن صدقي الدجاني» المنظم الأول للأندية السياسية - 
الأدبية والذي حل محله الحاجٌ أمين. وفي عكاء كان الانضواء الأكثر إثارة هو 
انضواء الشيخ أسعد الشقيري النائب السابق في البرلمان العثماني ومفتي الجيش 
العثماني الذي ناضل ضد العرب والبريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى. وفسي 
نابلسء اتحازت عائلة طوقان بشكل شبه تلقائي إلى صف آل النشاشيبيء لأن عائلة 
الأعيان الكبرى الأخرىء, آل حمّادء قد انحازت إلى صف اللجنة التتفيذية العربية. 
وفي أماكن عديدة» نشأت ظاهرة الانقسام هذه نفسها بحسب متطلق خاص 
بمجتمعات المنطقة كان معروفا بالفعل في العصور السابقة» كتكوين الحلفين القيسي 
واليمني. 

والحال أن تحالف النشاشيبيين الذي هزم سياسيًا خلال المواجهة مع اللجنة 
التنفيذزية عند محاولات إقامة النظام الدستوري في عام 1377 قد حَوّل نشاطاته 
ضد ما شكل بالنسبة له الخطر الأكثر إزعاجاء ألا وهو صعود قوة الحاج أمين. 
وهكذا أصبح من كانوا أنصار التعاون مع البريطانيين المعارضين لأغلبية المجلس 
الإسلامي الأعلى. وعندئذ أصبح أنصار المفتي الأكبر المجلسيين. 

والحال أن كيش وكالقاريسكيء وقد أدركا إخفاقاتهما السابقة» إنما يحاولان في 
١4175 4‏ تنظيم أحزاب زراعية عربية معولين على عداوة الأرياف 
لسيطرة الأعيان الحضريين. فيستخدمان خطاب الصهيونيين التقليدي الذي يضع 
جمهرة الفلاحين التي ستستفيد من العمل الاقتصادي في وجه «الأفندية» الحضريين 
الذين يستغلون الفلاحين. وبعد نجاح أوليء» تفشل هذه السياسة بسبب استحالة 
المضي إلى ما هو أبعد من قبول لسياسة الانتداب» فجمهرة الفلاحين تزداد انزعاجا 
باطراد من الاستيطان الزراعي اليهودي في حين أن اللجنة التنفيذية العربية تطرح 
نفسها بوصفها مدافعة عن الفلاحين في وجه الصهيونيين. وما أن يظهر النقص 
الدوري للأموال من جديد حتى يضطر الصهيونيون إلى وقف الإعانات التي 
يقدمونهاء الأمر الذي يؤدي إلى انهيار حلفائهم في الأرياف. 

7 


وستجد المعارضة أقصى قوة لها عندما تكون أقل انحيازًا إلى صف 
الصهيونيين. ومنذ عام »١977‏ تنخرط في حملة واسعة ضد الحاج أمين الذي 
تتهمه بتبديد أموال المجلس الإسلامي الأعلىء وتطالب بإصلاح لنظام توظيف 
العاملين فيه ولأسلوب عمله. 

وفي مرحلة أولى» نجد أن الإخفاقات المتكررة للجنة التنفينية في تعديل 
سياسة الانتداب» مع اتضاح أن أي تغير للحكومة البريطانية لا يؤثر على الخط 
المتبع في فلسطين - كما بينت ذلك تجربة حزب العمال الأولى في الحكم في لندن 
ثم عودة المحافظين إلى السلطةء وخيبة الأمل التي تعقب محاولة إعلان خلافة 
الملك حسين! والاتساع المتزايد للتنافس بين المعارضين والمجلسيين؛ إنما تستج 
خمولا سياسيًا لن ينجح النهوض الصهيوني في أعوام 1975-1974 في 
زعزعته. فهذه الأعوام كانت الأعوام السعيدة للعاليا الرابعة» والتي تُدخل آلافا من 
المهاجرين الجدد ورعوس أموال مهمة. والحق أن موجة الهجرة الجديدة هذه إنما 
تحدث دون ارتباط بالمؤسسات الصهيونية إلى حد بعيد وأنها تتلوها أزمة اقتصادية 
تعيد طمأنة العرب على مستقبلهم. 

والهدوء الجديد مثير خلال إحياء ذكرى تصريح بلفورء في ١‏ نوقمبر/ تشرين 
الثاني .١175‏ فالصهيونيون يحيون هذه الذكرى دون صخب. والنداءات العربية 
الداعية إلى الإضراب لا تجد تلبية واسعة لهالا). ويرى المراقبون الخارجيون أن 
انهيار اللجنة التنفيذية العربية هو من الجسامة بحيث إنها لم تعد توجد إل في 
النشاط الفردي الذي يقوم به شخص كجمال الحسنييء الذي لم يكن هناك مفر من 
خفض راتبه قبل أن يتولى المجلس الإسلامي توظيفه. فخلال تلك السنواتء لم تعد 
للسكرتير غير نشاطات عرضية تتمثل في إرسال احتجاجات إلى لجنة الانتدابات 
التابعة لعصبة الأمم؛ وهي احتجاجات كان يتم تسليمها في جنيف من جانب شكيب 
أرسلان. 
لجنة الانتدابات 


في عام 11754ء تبدأ في العمل المؤسسةٌ التي كان قد تقرر تشكيلها للإشراف 
على عمل الدول المنتذبة. فعلى الدولة المنتدبّة أن تقدم إليها كل عام تقريرًا عامًا 


74 


تعقبه مناقشة عامة بحضور مسئولي إدارة الانتداب» ثم تقارير حول العرائض 
المقئمة من جانب الأطراف المعنية. وفي ختام المناقشات» توجّه اللجنة توصيات 
إلى مجلس عصبة الأمم» الذي يتعين عليه قبولها أو رفضها من خلال التنصويت 
عليها. والحال أن شكيب أرسلان؛ الذي يمثل في جنيف اللجنة السورية -. 
الفلسطينية» قد قدّم نقذا حادّاء اكنه لا يخلو من الحقيقة: 
يجد المرء إغراءً في أن يرى في ذلك طبعة من مذهب المتصوفة:؛ الذين يزعمون أن 
الخالق والمخلوقات لا يشكلون غير هوية واحدة ذات جوهر واحدء وأن الشرائع التي يوحي 
بها الله إلى رسله ليست غير فروض مفروضة على الله من جانب الله نفسه. وتحن لاانرى 
مثالا آخر أفضل تصويرا لحميمية الآصرة التي توحد دول الوفاق بعصبة الأمم0"). 


وقد جرت المناقشة الأولى التي عقدتها اللجنة بشأن فلسطين في أواخر يونيو/ 
حزيران .١174‏ وبما أن التقرير البريطاني قد وصل متأخرًا جذّاء فإنه لم يكن 
بالإمكان دراسته دراسة تفصيلية ومن ثم فقد جرى الاكتفاء بتصريح صادر عن 
الحكومة البريطانية» والتي يمتلها أورمسبي - جورء يستعيد السمات العامة للسياسة 
المقرئرة في عام 77477''). ويعقب ذلك تبادل للآراء حول مجمل الملف. 

ويقدم تقرير السير هربرت صمويل تأريخًا لمشاريعه الدستورية ولفشلها 
بسبب معارضة العرب لها. وهو يرصد أنه لم تحدث؛ في العام المنصرمء انتهاكات 
جسيمة للنظام العام. ويقدم تقييمًا أقل تفاؤلاً فيما يتعلق بالوضع الاقتصاديء وإن 
كان يرى أن إدارته بسبيلها إلى التحضير لمستقبل أفضل. 

وترسل اللجنة التنفيذية العربية تقريرا انتقاديًا في أكتوبر/ تشرين الأول 
224 . فترى أن فلسطين تتعرض لعدوان حقيقي من جانب الصههيونيين 
المدعومين من جانب السير هربرت صمويل. وأن الانتداب البريطاني يتعارض 
تعارضنًا تامًا مع المادة 7" ويشكل تقهقر! سياسيًا بالقياس إلى الحقوق التي كان 
العرب يتمتعون بها في العصر العثماني. وسكان فلسطين لا يجري اعتبارهم 
ناضجين للتمتع بالنظام النيابي في حين أن شرق الأردن والعراق؛ الأقل تقدمًا من 
حيث التمدن. يتمتعون بحقوق من هذا النوع. والحال أن نجاح المجلس الإسلامي 
الأعلى إنما يثبت قدرات العرب على ممارسة الحكم الحر. والسياسة العقارية 


07 


البريطانية تقود إلى تجريد العرب من ممتلكاتهم عبر سلسلة بأكملها من التدابير 
المؤدية إلى دمار الفلاح العربي الذي أضعقته نتائج الحرب إضعافا جسيمًا بالفعل. 
وينتهي التقرير بالمطالبة بحكومة قومية ودستورية يتم تمثيل الجماعتين اليهودية 
والعربية فيها بحسب الأهمية العددية لكل منهما كما كانت عليه الحال قبل تطبيق 
السياسة الصهيونية. 
والمذكرة الصهيونية المواكبة تنتهي بتذكير بالمذهب الرسمي للحركة7”"): إنها 
راغبة في التعاون بشكل متسجم مع جميع عناصر المجتمع الفلسطيني. وقد أثبتت» 
قولاً وفعلاء بشكل واضحء أنها لا تنوي البتة إلحاق أدنى ضرر بالحقوق المدنية 
والدينية للجماعات غير اليهودية. 
وفي 78 أكتوبر/ تشرين الأول 1574. تنكبُ اللجنةٌ على أول تناول شامل 
من جانبها للانتداب على فلسطين. والسير هبربرت ص مويل هو الذي يمثل 
الحكومة البريطانية. ويساعده اللورد لوجاردء المندوب الدائم لبلاده في اللجنة. وهو 
يقدم عرضا يستعيد تيمات تقريره ويفند مزاعم اللجنة التتفيذية العربية. وتسمح 
المناقشة بعدد معين من الإيضاحات حول وضعية شرق الأردن والتشريع 
الزراعي. وفيما يتعلق بتيمة «جعل فلسطين يهودية بمثل ما أن إنجلترا إنجليزية», 
يلقي المندوب السامي بالمسئولية عن هذه التصريحات الاستفزازية على عناصر 
هامشية في الصهيونية. 
والحال أن العجوز القادم من أفريقياء اللورد لوجاردء إنما يستخلص الدرس 
من فشل المحاولات الدستورية: 
يقول السير ف. لوجارد إنه يُستفاد من عرض المندوب السامي أن مبدأ الحكم عن 
طريق أغلبية من السكان والسياسة الخاصة بمقام قومي يهودي إنما يصعب بالفعل التوفيق 
بينهماء وأن المحاولات التي بُذلت لتكوين مجلس تشريعي نيابي قد فشلت بالرغم من جهود 
الحكومة. ومن جهة أخرىء فإن مبدأ الحكومة النيابية المنتخبة لم يتطور قط عند أي جنس 
شرقيء ونجاحه. حتى في أوروبا اليوم؛ ليس جليًّا تمامًا. فهل فكرت الإدارة في أي وقت من 
الأوقات في إمكانية الاستعاضة بسياسة أخرى عن السياسة التي تَبَيْن أنها غير عملية ؟ ألا 
يمكن تبني سياسة قائمة على المؤسسات التي كانت موجودة من قبل في البلد ويكون هدقها 


تطوير أشكال شرقية أصيلة للحكم الحرء بدلا من إدخال نظام أجنبي, تَبَيّنَ في الهند والصين 
أنه غير عملي ؟ 


سيتعلق الأمر بتطوير مجالس قروية مهمتها إدارة الشئون المحلية. ويواقفق 
السير هربرت صمويل على .ذلك وإن كان يذكر بأن النخب المحلية. على غرار 
النخب المحلية في مصر وتركيا والهند. مشرّبة إلى حد بعيد بالأفكار الأوروبية. 
وهو يشير إلى أن لجنة يرأسها ستورس مكلفة بدراسة مسألة المجالس المحلية. 
وفيما يتعلق بالمسألة المركزية» عين طبيعة الانتداب على فلسطينء والذي 
يحيل في أن واحد إلى المادة ؟؟ وإلى تصريح بلفورء يؤكد المندوب السامي أن 
تصريح بلفور يُدخل التزامين متساويين: إنشاء مقام قومي يهودي وصون الحقوق 
المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية. ثم يجرى الالتفات إلى مسائل تقانية أكثر: 
طبيعة الهجرة اليهودية» التنظيم الإداري لفلسطينء النظام العقاريء الجنسية» النظام 
القضائيء الوضع الاقتصاديء المدارس... 
وفي دراسة عريضة اللجنة التنفيذية العربية» يشير المقررُ إلى أننا بإزاء 
مطالبة بالحكم الحر سعيًا إلى تهديد مضمون ميثاق الانتداب. والحال أن اللجنة 
موجودة لأجل العمل على احترام هذا الميثاق. ومن الطبيعي أن تسجيل الملاحظات 
يتم في غياب المندوب السامي. والمناقشة جد طويلة قياسًا إلى تدقيق النظر في 
اللغة المستخدمة في تعريف المذهب الرسمي لعصبة الأمم فيما يتعلق بمستقبل 
وتعترف اللجنة في حالة فلسطين بوجود «وضع خاص»: 
ليس البتة من اختصاص اللجنة؛ المكلفة بموجب نص المادة ١1‏ من الميثاقء بأن 
«تقدم للمجلس رأيها بشأن أي مسألة تتصل بتنفيذ الانتدابات»؛ أن تدلي بأدنى ملاحظة في 
موضوع مضمون الانتدابات نفسه والمدعوة إلى فحص تطبيقه. كما أنه ليس من 
اختصاصها البتة عقد مقارنة بين المبدأين اللذين استلهمهما المجلس في تحديده شروط 
الانتداب على فلسطين. إلا أنه, يما أن هذا الانتداب يعكس بالضرورة الازدواجية المبدئية 


قم 


التي استلهمها وبما أن تطبيقه قد أمكن له أن يؤدي إلى شكايات صادرة عن أولنك الذين 
يتمسكون بواحد فقط من هذين المبدأين. فإن النجنة سوف تكون مقصرة في أداء واجبها إذا 
ما تكدّمت المعاينات التي قامت بها في هذا الموضوع. ولكي تحدد اللجنة تفكيرها وتصوره 
أفضل تصويرء فإنها تحرص على إشعار المجلس إشعارًا خاصا بمشكلة الهجرة, والتي ييدو 
أنها تسيطر على مجمل الوضع الحائي في فلسطين. 

لقد علينت اللجنةٌ, بالرجوع إلى التقرير السنوي وتصريحات مندوب الدولة المنتدبة 
المعتمد. أنه قد حدثتء خلال الأعوام الأخيرة. هجرة يهودية قوية نسبيًا إلى فلسطين. 
والحال أن هذه الهجرة. القادمة بشكل أخص من مختلف مناطق أوروبا الشرقية؛ قد علدت 
على الأرض الفلسطينية بجماعة سكانية جديدة [تَبيّنَ] أن عناصرها. بصرف النظر عن 
حميتها وحماسها الصهيوني والرغبة التي تدفعها إلى الإسهام في إيجاد المقام القسومي 
اليهوديء ليست مهيأة عموماء من حيث تكوينها المهني ولا من حيث استعداداتها المتوارثة, 
للقيام بالأعمال اليدوية. وخاصة الزراعية؛ الضرورية في الحالة الراهنة في فلسطين. 


وتدكر اللجنة بالمعطيات الحقوقية وتنتهي إلى أنه: 

يقع من ثم واجب مزدوج على كاهل إدارة فلسطين بموجب شروط الانتداب نقسسها. 
فمن الواضح أنه إذا لم يكن على الدولة المنتذبّة أن تراعي سوى مصلحة سكان البلد. فإن 
سياستها الخاصة بالهجرة لا بد لها من أن تستلهم بالدرجة الأولى الحاجات الاقتصادية 
لفلسطين. وليس أقل وضوحاء من الجهة الأخرى, أنه إذا لم تراع الدولة المنتدبْة البتسة 
مصالح السكان العرب وإذا ما كان واجبها الوحيد هو تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين» 
فإنهاء في الشان الزراعي خاصة. قد تتبع سياسة من شأنها أن تسهل وتعجل. أكشر مسن 
سياستها الحالية. خلق مقام قومي يهودي. 


وهذا التصادم موجود أيضنا في «التجليات الأخرى للحياة الجماعية في 

فلسطين». وهذه المصاعب لا تُعزى إلى الدولة المنتتبّة وإنما إلى عين طبيعة 
الرسالة المزدوجة التي كان قد غهد بها إليها. 
47م 


التطورات المذهبية للصهيونية 

كان فلاديمير جابوتينسكي واحذا من ألمع شخصيات الصهيونية7'). والحال 
أن هذا الكاتب متعدد المواهب قد أراد أن يكون رجل فعل ومنظما للفيلق اليهمودي 
خلال الحرب العظمى. و:مد أن أصدر البريطانيون ضده حكمًا ثم عفوا عنه على 
أثر قضية النبي موسى في عام .157١‏ انخرط في تكوين قوة دفاع ذاتي يهودية 
في الحرب الأهلية الروسية؛ التي شهدت إراقة للدماء عبر المذابح التي تستهدف 
اليهود والتي ترجع إلى القوات البيضاء كما إلى القوات الحمراء. وقد عقد اتفاقا في 
هذا الاتجاه مع حكومة يتليورا الأوكرانية دون أن يستشير في ذلك القيادة 
الصهيونية. بيد أن اليسار الصهيونيء الذي كانت له تعاطفات قوية مع الحمر 
الروسء قد احتج على ذلك غاضبا. وقد اضطر جابوتينسكي إلى الاستقالة من 
الوظائف ذات المسئولية في القيادة الصهيونية في يناير/ كانون الثاني 19371 
وجعل من نفسه المنتقد الدائم للمنظمة الصهيونية» التي تمتنع عن التحدث علنًا عن 
مشروع الدولة اليهودية منذ اضطرارها إلى قبول الكتاب الأبيض الصادر في عام 
7 ,. وهو يحيط نفسه بلفيف من المناضلين يهدف إلى «تصحيح» الصهيونية» 
أي إلى العودة إلى صهيونية هرتسل السياسية. وقد انعقد المؤتمر التأسيسي للحزب 
التصحيحي في باريس في أيريل/ نيسان 1575.ء بيد أن عدذا كبيرا من الأفكار 
كان قد صيغ بالفعل في كتابات طفل الصهيونية المشاكس هذا. 

فهو يرى وجوب التأكيد علدا على ضرورة تكوين دولة يهودية على ض فتي 
نهر الأردن مع مطالبة بريطانيا العظمى بالموافقة على خطة للاستيطان الكثيف 
يتولى فيلق يهودي قوي ضمان تنفيذها. وفي نص شهير كُتب في نوثمبر/ تشرين 
الثاني »١57‏ يشرح جابوتينسكي طبيعة العلاقات التي تجب إقامتها مع العرب. 
فبوصفه قوميًا حقيقيّاك نجد أنه يتخذ موقف اللامبالاة بالشعوب الأخرى. وبما أنه 
من غير الوارد طرد عرب فلسطين وأن هؤلاء الأخيرين يرفضون تحويل فلسطين 


عم 


إلى بلد ذي أغلبية يهودية» فإن فلسطين يجب أن تؤول إلى ما آلت إليه 
المستعمرات الاستيطانية الأخرى: فمن غير الممكن خداع أهل البلد ببريق وعد 
المكاسب الاقتصادية» ومن هنا ضرورة إيجاد علاقة قوى ساحقة لصالح اليهودء 
عبر «جدار حديدي»»؛ أي جدار مسلّح» وضمن هذا الإطار وحده يجوز منح حقوق 
سياسية للعرب”''. وما يبرر ذلك هو الأنانية القومية وتفوق الصهيونيين الأدبي 
والثقافي على العرب. وفي نصوص أخرىء يشئّد الرجل على التفسوق المسادي 
والتكنولوجي للجيوش الغربية على الجماهير العربية والإسلامية» كما تَبيّنْ قلك 
تجاحات الدول الإمبراطورية الأوروبية. وهوء شأن الصهيونيين الآخرين؛ يرفض 
تحويل اليهود إلى شرقيين. ققد لعب اليهود دور! رئيسيًا في التمدن الأوروبيء 
والصهيونيون موجودون قي فلسطين لمد الحدود الأدبية لأوروبا إلى نهر 
الفرات7” '). ويسبب جابوتنيسكي حرجا كبيرا لتيار الصهيونية الرئيسي بتأكيده 
علانية على أن هدف الصهيونية هو تكوين أغلبية يهودية على ضفتي نهر الأردن» 
وأن المشروع [الصهيوني]؛ دون ذلكء سيكون عديم المعنى 8 معناه أن يظل 
اليهود في المنفى وإن كان داخل وطنهم). ولابد من تعجيل تدفق الهجرة, وإلاّ فإن 
معدل المواليد العرب سوف يجعل من المستحيل [على اليهود] أن يصلوا إلى الفوز 
بالأغلبية» ومن هنا ضرورة وجود حكومة استيطانية!'". 

ونزعته القومية تستمد زاذا من التاريخ الإيطالي من الريزورجيمنتو إلى 
الفاشية (هو في ذلك قريب من القوميين العرب. من جهة أخرى). وبما أن الشعب 
اليهودي لا يتمتع لا بلغة مشتركة ولا بأرضء فإن من غير الممكن تعريفه الأ 
كجنس. ومع أن جابوتينسكي كان» على المستوى الشخصيء جد بعيد عن الدين» 
إلا أنه يرى في اليهودية من حيث كونها ديانة اللُحمة الصامدة التي سمحت لليهود 
بالبقاء. فالديانة اليهودية, بعيدًا عن أن تكون أثرًا من آثار الماضيء إنما تعد موقسع 
الإنجاب الدائم للشعب اليهوديء الموقع الذي يمكن استمداد قوى جديدة منه. وهو 
يمزج بذلك بين المسيانية الدينية والمسيانية القومية. 


4 


وتدل افكاره على تأثر ملحوظ بمذاهب النزعة القومية التمامية» فهي تستلهمء 
في آن واحدء الوضعية والرومانسية» جد القويتين في أوروبا خلال فترة ما بين 
الحربين العالميتين. على أنه» فيما يتعلق بتنظيم السلطات في صفوف الشعب 
اليهوديء يظل ليبراليًا ويحتفظ بإعجاب ساذج ببريطانيا العظمىء وإن كان لا يفهم 
لماذا لا يقبل المسئولون البريطانيون الإذعان لكلامه الذي يعتبره هو من البديهيات. 
وهو. شأن جميع القوميين» صاحب رؤية عضوانية للمجتمع ويرفض بعنف صراع 
الطبقات؛ الذي ما يزال موجودا في قلب الخطاب الاشتراكي للجناح اليساري 
للحركة الصهيونية. وإذا كان يثني على رواد المستوطنات الزراعية» فإن جمهوره 
الحقيقي إنما يوجد في صفوف الطبقات الوسطى في المراكز الحضرية اليهودية في 
فلسطين. وهو يطرح نفسه بوصفه المدافع عن المبادرة الخلاصة والمشروع 
الاستثماري الحرء ويرى أن من الواجب وضع كل شيء في خدمة تكوين الدولة 
اليهودية» وأن حلم المجتمع الاشتراكي إنما يشكل إلهاءً خطيرا. ويعتبر 
الاشتراكيون جابوتينسكي الخصم السياسي الذي تجب إزالته. وتساعدهم في نلك 
السلطات البريطانية» التي تعتبر الرجل صانع متاعب يجب بالأحرى السعي إلى 
إبعاده عن فلسطين. 

وإذا كان جابوتينسكي يقوم بالجمع بين النزعة القومية التمامية الأوروبية 
والصهيونية» فإن الصهيونية ذات مصدر الإلهام الديني إنما تجدء في الفترة نفسهاء 
أعظم مذهبييها في شخص أبراهام اسحق كوكء حاخام فلسطين الأكبر الأشكينازي» 
والذي مازال يعد إلى اليوم واحدا من المراجع الكبرى في اليهودية المعاصرة. وقد 
قام بإعادة تفسير جذرية لمجمل التراث الديني لكي يجعله متماشيا مع بناء مملكة 
إسرائيل أرضية. وهكذاء نجد أنه يعطي مكانة رئيسية للواقع الملموس لإيرتيز 
إسرائيل» والتي كانت؛ إلى ذلك الحين» ذات قيمة روحية أساسًا بالنسبة للمؤمنين. 
ومن ثم تصبح العودة إلى صهيون فريضة دينية» بينما تصبح الحياة في الشتات 
عديمة القيمة بصورة عميقة. أمّا واقع أن جانبًا عظيمًا من المهاجرين يتألف من 


م 


علمانيين» بل ملحدين؛ فإنه ليس غير حيلة من حيل العقل - أو بالأحرى الله. وهو 
ينقذ الصهيونية عبر تفسير لاهوتيء إذ يعتبرها شرا لابد منه» مرحلة نحو توطيد 
أركان الخيرء حيث إن الدولة القادمة المسترشدة بشريعة الله إنما تندرج في إطار 
خلاص عام تفوز به كل الشعوب. والحال أن عودة اليهود المادية إلى أرض 
إسرائيل إنما تعني بالضرورة عودة كل الشعب إلى الاستقامة الروحية؛ و» من ثمء 
تحول مجمل البشرية إلى مراعاة شريعة اللهل””). ويتولى كوك إعادة إدخال - في 
اتجاه عالمي نسبيًا أيضًا - للمسيانية» التي لا تنفصلء في تصور المتدينين. عن 
العودة إلى الأرض التي وعد بها الله. وبشكل ملموسء يقدم الحاخام الأكبر حلولاً 
شرعية لمشكلات دينية تطرح صعوبات مادية جسيمة» كمشكلة السنة السبتية. 

وإذا كانت تعاليم كوك وجابوتينسكي قد ظهرت إلى الوجود في فترة ما بين 
الحربين العالميتين» فإنها لن تجد صداها الكامل إل بعد قيام دولة إسرائيل» خاصة 
بعد عام 1١177‏ أُمّا في عشرينيات القرن العشرين» فإن العنصر الأقوى. الخالق 
لميثولوجيا مباشرة ولأداة الاستيلاء على الأرض والفوز بها - بكل معاني هذا 
المصطلح - فإنه إنما يظل متمثلاً في الصهيونية الاشتراكية» التي كان مضمونها 
المذهبي قد صيغ بالفعل قبل عام .١1114‏ وهو بالفعل في المرحلة الصعبة للتحقيق 
الملموس*"). وإذا كان المناضلون مفعمين بدرجة عميقة بفكرة أخلاقية وعدالة 
القضية التي يكرسون لها أنفسهم. فإنهم إنما يريدون العدالة الاجتماعية (بنساء 
مجتمع عادل) بالقدر نفسه الذي يريدون به العدالة القومية (شرعية المشروع 
الصهيوني). وفي الحالتين» نجد أنهم إنما يصطدمون بواقع المشكلة العربية. 
ومن المستحيل تجنب معاينة الرفض. والإقرار بشرعية هذا الرفض إنما يعني 
تهديد مشروعية الصهيونية» لأن الاشتراكية تعتبر نفسها عالمية. وسوف يجدون 
إجابات متماسكة من الناحية المذهبية لحل المعضلة أوء بالأحرىء. للتهرب منها. 
فالإجابة الأولى هي القول بأن البروليتاريين العرب واليهود لابد لهم بالطبع مسن 
أن يتمكنوا من التفاهم وأن البروليتاريين العرب إنما يتم التلاعب يهمء لسوء 

كم 


الحظء من جانب «الأفندية». بما يؤدي إلى تعزيز الخوف من الاشتراكية 
والشيوعية بين صفوف النخب العربية. وفي اللحظة المباشرة؛ يسمح ذلك بالحفاظ 
على خطاب إخاء وتعاون؛ مع الاعتراف مع ذلك بأن هذه الحالة المثالية ليست من 
خصائص الزمن الحاضر. بيد أن هذه الحالة سوف تنشأ عندما يعترف العرب 
بصحة وعدالة المشروع الصهيوني. والحال أن فكرتهم الخيالية عن العربي إنما 
تسمح برفض الاتصال بالعرب الملموسين» والذين يمتلون منافسين اقتصاديين 
خطرين وذلك بسبب السعر الرخيص لقوة عملهم. وفي تلك الفترة يستمر النضال 
من أجل اقتحام العمل سعيًا إلى التوصل إلى التوظيف الحصري لليد العاملة 
اليهودية. وهكذا يتزود العمال الاشتراكيون يأخلاق دفاعية تتماشى مع حرصهم 
على الأخلاق. 

وخلافا لفيلق جابوتينسكي اليهوديء المراد به إبراز التفوق اليهموديء تريد 
الهاجاناه أن تكون أداة للدفاع الذاتي وليس للعدوان. وهي تتناسب مع واقع 
الإمكانات التي يحوزها الييشوف في عشرينيات القرن العشرين. وعلاوة على 
الخطاب الذي يؤكد أن المستقبل سوف يسمح بالتسوية السلمية للنزاع مع العربء 
فإن رجال الهاجاناه إنما يتحاشون التساؤل عن إمكانية وقوع مواجهة عنيفة 
وحاسمة. والأولوية يجب أن تُعطى للبناء الملموس للمقام القومي اليهوديء وهذا 
النوع من الجدل إنما يبدو عيثيّاء بل خطرا. إلا أنه يبقى مع ذلك أن هذه الرؤية 
المتفائلة للمستقبل لا تسمح بالإفلات من الانزعاجات المتكررة من نشوب أعمال 
عنف عربية» خاصة خلال الحج إلى النبي موسى في كل عام. 

وتنبع قوة الاشتراكيين الصهيونيين من واقع أنهم أولئك الذين يعملون بشكل 
ملموس في الساحة وأن خطاباتهم التي تتحدث عن السلام والأخلاق إنما تتناسب 
تماماء من حيث فن الاتصالء مع الحاجات التي تتطلبها دعاية حديثة. أمّا ضعفهم 
فإنه يكمن في التهرب من مشكلة يتصدى لها التصحيحيون صراحة بالتأكيد على 
أولوية الأنانية القومية. ومن جهة أخرىء نجد أن الشيوعيين اليهودء وهم أقلية 


ع4 


صغيرة تتبع الأممية الثالثة» قد اعترفوا هم أيضنًا بحتمية النزاع القوميء الذي 
يقترحون على أنفسهم تجاوزه برفض النزعة القومية لصالح الأممية 
البروليتارية''). وهم موجودون في فلسطين لمساعدة الفلاحين العرب على مقاومة 
الاستيطان اليهودي واختراق المنظمات الصهيونية والدفاع عن الطبقة العاملة 
العربية والعمل كمركز حفز لمجمل الحركة الشيوعية في المنطقة. 
المقام القومي اليهودي زمن «العاليّا» الرابعة 

تبدأ الموجة الرابعة للهجرة في عام 574!. وهي من حيث الجوهر نتاج 
سلسلة أخرى من التدابير التي اتخذتها الحكومة البولندية للسماح بانبثاق بورجوازية 
بولندية عبر تكثيف العراقيل في وجه البورجوازية اليهودية» كما أنها نتاج لإغلاق 
الولايات المتحدة الباب في وجه الهجرة اليهودية: 


هجرة اليهود العالمية بحسب الوجهة (نسب مئوية) (0') 


ا 0 1 
المتحدة أخرى بالآلاف 
اعد | اد | كيه | 6ن | حر لفقم | 
ددا عه ]قدت إددس | كذ ايوم 
1 ا ال ام ال 
ا سد د 7 ]| ات يضف 
افد | م | كن | اسي | اع مفو | 
إعاب عه 1 جه | تقد عا إعضس 
اكه | 4ك | كع عرق إل لط ةما 
: | 
|300١‏ 























4 


والحاصل أن العاليًا الرابعة» بعيذا عن أن تكون زيادة مقيمة للهجرة اليهودية» 
إنما تعد بالدرجة الأولى نقلاً لدفعة من المهاجرين المتجهين إلى الولايات المتحدة 
إلى فلسطين وذلك ضمن سياق عام لتراجع الهجرات اليهودية (قبل عام 20515 
كانت الهجرة إلى الغرب نحو ١١5 ٠٠٠‏ نسمة في العام الواحد'"), الذي يمشل 
أحد مكونات تراجع أعم للهجرات الدولية غداة الحرب العظمى. والحال أن 
الإغلاق التدريجي لأبواب العالم أمام الهجرة بعد عام ١114‏ لا يفسر الظاهرة إلا 
جزئيًا: فالجماعات السكانية اليهودية في أوروبا الوسطى إنما تميل بشكل متزايد 
باطراد إلى البقاء حيث هيء ويتجه فصيل ملحوظ من المهاجرين إلى فرنساء 
خاصة في عشرينيات القرن العشرين ١6٠١ ..٠0(‏ نسمة من عام ١115‏ إلى عام 
حل 2 والموجودون في الاتحاد السوقييتي» بعد إغلاق الحدودء يواصلون 
الانتقال شرقًا خارجٍ «منطقة الإقامة» [اليهودية] التي ألغيت خلال الحرب العظمى. 
ويستسلم فايتسمان لأوهامه عندما يتحدث عن يهود وسط أوروبا المليونين الذين لا 
يريدون سوى الهجرة”". 

وقد تأسس التشريع البريطاني الخاص بالهجرة إلى فلسطين على طاقة 
الاقتصاد الاستيعابية. وهو يحدّد عدة فئات من المهاجرين. والأولى هي فئة 
«الرأسماليين»: أي الناس الذين يجيئون ومعهم حدًا أدنى من رأس المال يتراوح 
قدره بين 0٠٠‏ و١٠٠٠‏ جنيه بحسب الاختصاص المهني. وهؤلاء يمكن مجيتهم 
دون حدٌ أقصى لأعدادهم. والفئة الثانية هي فئة «الشغيلة»»: والتي تتحدد أعداد 
المسموح لهم بالدخول منها من زاوية إمكانيات التوظيف. أمّا الفتقان الأخريان 
فإنهما تتعلقان ب «المعالين»: الذين يعولهم مقيمون (أفراد العائلةه رجال الدين) 
و«الطلاب». والحال أن حالات التحايل جسيمة والشهادات المزوّرة لا أول لها ولا 
آخرا", 


والعاليًا الرابعة هي موجة الهجرة التي تضم «رأسماليين» أكثر: 


44 


فئات المهاجرين بحسب التشريع البريطاني 
الاق هد حي ردير 






وهذا المكوّن القوي المنتمي إلى الطبقات الوسطى يؤدي إلى إفلات 
المهاجرين الجدد من سيطرة المؤسسات الاشتراكية التي يسيطر عليها مخضرمو 
العاليتين الثانية والثالثة» كما أنه يجعلهم قريبين من الوضع الاجتماعي للمنحدرين 
من العاليًا الأولى. وسوف تنتج عن ذلك رطانة عدوانية حيالهم في الأدبيات 
الصهيونية الرسمية» سوف تماهي بين نشاطاتهم الاقتصادية والمضاربة, الحضرية 
الخالصة؛ وهو ما يعد بعيذا عن الواقع. فالواقع أن الهجرة؛ كما في شت شتى الموجات 
السابقة» قد غذت النشاط الاقتصاديء ووضعت نهاية للركود الذي أعقب العاليًا 
الثالثة» وما أن يقل التدفق حتى يرجع الركودء تتلوه الأزمة» بما يؤدي إلى شبه 
توقف للهجرة (بل إلى رصيد هجرة سلبي). 

والحاصل أن عام 5؟57١.ء‏ بنجاحاته الظاهرة؛ إنما يشكل لحظة وهم فيما 
يتعلق بآفاق المقام القومي اليهوديء حيث يتواكب تزايد عدد المهاجرين مع خمول 
نسبي للاحتجاج العربي. وينبع الموضوع الرئيسي للانزعاج من جمع تبرعات في 
الولايات المتحدة من جانب يهود سوقييت لتشجيع توطين اليهود في الزراعة في 
القرم. والحال أن قايتسمان» خلال جولته في الولايات المتحدة في مسستهل عام 
6, قد حارب بكل ما يملك من بلاغة هذه المنافسة الخطرة. 
من بلفور إلى إدمون دو روتشايلد 

الحدث الرئيسي المميّز هو افتتاح الجامعة العبرية في القدس على جبل 
سكوبس بحضور اللورد بلفور وأللبني. وتدعو الأحزاب العربية إلى إضراب عام 
وإلى تظاهرة احتجاجية("", الأمر الذي أثار انزعاج المسئولين البريطانيين!"", 


5 


لاسيما أن رجل الدولة العجوز كان قد أعرب عن نيته في زيارة سوريا بعد 
ذلك2"). ولدى وصوله؛ في ١5‏ مارس/ آذار يكاد يكون الإضراب العام شاملا 
بين صفوف الجماعة السكانية العربية في فلسطين» وذلك بالرغم من التهديد 
بعقوبات تطال شبيبة المدارس والموظفين العرب!''). وهو ممنوع من دخول الحرم 
الشريف. إل أن بوسعه دخول الكنائس المسيحية (وبالمقابل» فإن رؤساء الكنفائس 
الشرقية» فيما عدا الإثيوبيين والأرمنء يقاطعون حفل الاستقبال الرسمي). 
وفي افتتاح الجامعة العبرية (الأول من أبريل/ نيسان »)١5175‏ لا يمثل عرب 
فلسطين سوى بعض البدو7): 
أعرب جميع الخطباء بالطبع عن أمانيهم في أن يجلس العرب أيضًا إلى جانب اليهود 
على مقاعد الدراسة في الجامعة. وبما أن التدريس لا يجري تقديمه إل بالعبرية؛ فإن هذه 
الأماني ليس لها غير قيمة المجاملة. ومن جهة أخرى. فإن العرب قد قاطعوا هذه الاحتفالات 
التي جرى الحرص على استبعادهم منها. والحال أن مجرد مجموعة من البدو من وادي 
الأردن - ذوي الشعور الطويلة تحت الغطرة والعقال وذوي العيون التي زاد الكحل مسن 
سوادها والمتمنطقين بالخناجر وجد الحقيقيين في النهاية بحيث إنهم قد بدوا وكأنهم قد 
خرجوا للتو من استديو من استوديوهات لوس آنجيليس - قد أخذت تمر وتعاود المرور 
أمام العدسات السينمائية ومن الواضح أن المراد من وراء حضورهم هو إظهارهم على كل 
شاشات العالم في صورة الممثلين لأبناء الصحراء الذي كسبتهم الصهيونية إلى حب 
الكيمياء العضوية. 


وبالمقابل» نجد أن جامعات الشرق الأدنى العربية الجديدة قد أرسلت ممتلين 

لها. وهكذا فإن الكاتب المصري الكبير أحمد لطفي السيدء رئيس جامعة القاهرة» قد 

حضرهء الأمر الذي يستثير سيلاً من الاحتجاجات من جانب العرب الفلسطينيين. 

وفي لقاء مع الحاج أمين» يقدم إليه اعتذاره» فهو لم يكن على دراية بالوضع". 

وتتولى الصحافة المصرية الدفاع عنه"): 

ردًا على الانتقادات التي وجهها الفلسطينيون؛ مسلمين ومسيحيين؛ إلى مشاركة 

مندوب رسمي مصري في الاحتفالات» قالت الصحف إن هذا المندوب لا يمشل السسياسة 

المصرية, بل العلوم المصرية, وأن مصر سيسعدها أن تشارك بالمثل في افتتاح جامعة 
عربية في فلسطين. إذا ما نشأت مؤسسة كهذه يوما ماء وهو ما تتمناه مصر. 

53١ 


وكانت الخطب عديدة» تحيط بها الدعوات9). فقد حضر الحاخامات لمباركة 
الإنجاز الجديدء فيما عدا حاخامات أجودات إسرائيل. وقد طلب سوكولوف أن تتخذ 
عصبة الأمم من القدس مقرً! لها. وبما أن جبل سكوبس كان الموقع الذي أقام فيه 
تيتوس معسكره خلال حصار أورشليم» فإن ممثلي الشعب اليهودي يرون [في قيام 
الجامعة] ثأرًا تاريخيّاء لاسيما أن الحرم؛ أو جبل الهيكل؛ قائم في الواجهة تمامًا. 
وبفضل سخاء يهود أميركيين أغنياء» كفيليكس واربورجء فقد أنشئ في المؤسسة 
الجديدة معهد للبحوث البحتة حول تاريخ اليهودية. ويريد القائمون عليه الجمع بين 
تأكيد استمرارية تاريخية للهوية اليهودية عبر آلاف السنين ونفي الشتات بوص فه 
وبوجه عامء كانت التظاهرات سلميةء الأمر الذي حقق عظيم الارتياح 
للبريطانيين. وقد أكثر اليهود من أمارات التكريم ل«قورش الجديد»2" الذي 
يواصل زيارة البلد (من باب الحصافة؛ كانت الخليل قد ألغيت من الجولة): 
إن اللورد بلفور. الذي لا يقرأ الصحف الإنجليزية. هو أقل قراءة للصحف العربية 
ويسدي للقدس منذ عشرة أيام - دون إخلال بمباريات التنس - صنيعًا جميلا جيدًا والراحة 
المتكية لضمير دون شانبة والغياب الأسعد للرغبة في التعرف على السياسة المحلية التسي 
يسيطر اسمه عليها. وأكثر ما يلقت في هذا الرجل الذي ربما يكون قد كتب على اسمه أن 
يظل مرتبطا إلى الأبد باسم فلسطين هو قلة درايته بهذا البلد. ويخامر المرء الانطباغ بسأن 
باعث الأمة اليهودية لم يفكر في فتح أطلس ليبحث فيه عن المقام القومي الذي خلقه إلا بعد 
وقت طويل من توقيعه تصريح بلفور. 


وسوف ينفجر العنف في المكان الذي لم يكن من المتوقع أن ينفجر فيه» في 
سوريا. فحزب الشعب الذي يقوده الدكتور شهبندرء وهو أحد أنصار الهاشميين؛ قد 
نظم تظاهرة عنيفة في دمشقء انطلاقا من مسجد الأمويين» في 8 أبريل/ نيسان 
23606" وقد أدت الصدامات مع الجيش الفرنسي إلى سقوط عدة قتلى. 
واضطرت السلطات الفرنسية إلى دفع ضيفها المزعج إلى الرحيل بسرعة إلى 
بيروت. ويمكن فهم الحدث ضمن سياق سوري يتعاظم فيه رفسض نظام 
الانتداب7"")؛ لكن الذريعة التي وقع عليها الاختيار إنما تشير أيضنا إلى انزعاجات 


51 


من الأرجح أنها ناشئة عن محاولات قام بها الصهيونيون في الشهور الماضية 
لشراء أراض في سوريا. وما حدث هو العلامة الأولى على اهتمام من جانب 
الرأي العام العربي غير الفلسطيني (في حين أن المصريين قد ظلوا بلا حراك). 
والقنصل العام البريطاني له عين الرأي الذي لنظيره الفرنسي في القدس. إن اللورد 
بلفور لا يفهم أسباب 5:ه الضجة. فهو لا يدرك أنهء من طوروس إلى سيناء» تعد 
سوريا بلدا واحذا من النواحي الطبيعية والعرقية والشعورية والاقتصادية. ودمشق 
قلبْ هذا البلدء وقد اعتبر سكانها زيارة صاحب تصريح ” نوقمبر/ تشرين الثاني 
07 عملاً من أعمال الاستفزاز. وهو لا يدرك مدى اتساع العداوة العربية 

ويبتهج العرب الفلسطينيون لما حدث بينما يشتبه البريطانيون والصهيونيون 
بأن الفرنسيين قد تركوه يحدث سعيًا إلى أن يبرهنوا على أن البريطانيين لا شعبية 
لهم مثلهم. عند العرب7"). وكل طرف يدفع عن تفسه المسئولية عن الفؤضسى: 
فالفرنسيون يتهمون البريطانيين بتعقيد حياتهم إذ نظموا زيارة هذه الشخصية 
المزعجة؛ والبريطانيون يؤكدون أنهم لا يد لهم في ذلك» لأن الصهيونيين هم الذين 
نظموا هذه الزيارة الخاصة ... 

وبعد بضعة أيام؛ فإن وزير المستعمرات البريطاني» إيمريء هو الذي يذهب 
إلى فلسطين. ويقبل الإسلاميون - المسيحيون مشاركة المعارضة في وفد واحد. 
وهذا اعتراف بالأهمية التي اكتسبها فصيل النشاشيبي2). 

وبحسب قنصل فرنساء فإن العرب إنما يعبرون لإيممري عن شكاياتهم 


المألوفة"): 
قنُما يخرج الرد الذي قُمه لهم السيد إيمري عن إطار التفاهات التقليدية» عن هذه 
السفاسف البالية التي تتضمنها الخطب الرسمية حيث يجريء لا محالة. تصوير اليهود 


والعرب. والعربء واليهود. على أنهم شعبان شقيقان. مكتوب عليهما التفاهم والتعاون. 


ومن جهتهاء تتخلى الليدي صمويل عن الذهاب إلى دمشق!"). 
وفي مايو/ أيّار © يقوم إدمون دو روتشايلد برحلته الأخيرة إلى فلسطين 
ويوجه وصيته الروحية إلى معبد تل أبيب اليهودي. ويعبر عن سعادته حيال 


5. 


ضخامة ما تحقق من تقدم منذ عام 18487» عام دخوله إلى المسرح. وهو يشير 
إلى البعد الروحي للعمل المنجّزل””): 
في كل ما تقومون به. في العمل الأكثر تواضعًا كما في أسمى تأملات الروح: يتوجب 
عليكم تحري الطابع الخاص للطموحات اليهودية؛ ألا وهو نشدان الكمال الأخلاقي. والذي 
يمثل جوهر ديقتنا. فالمبادئ ال للدة للروحانية الأسمى والتي جرى طرحها على العالم منذ 
آلاف السنين» في حين أن جميع الشعوب التي كانت محيطة بالشعب اليهودي كانت تحيا 
غارقة في البربرية الأكثر بغضاء قد أبقت هذا الشعب حا على الدوام. وكفلت قوته وصموده 
على مدار آلاف السنين. إن ألواح الشريعة التي جلبها موسى من جبل سيناء والتي سوف 
تحتفل بذكراها في غضون بضعة أيام في عيد شيقوت. عيدنا العظيم. ما تزال إلى اليوم 


أساس كل التمدن الحديث. [...]. 
كما أن تاريخنا إنما يعد بالنسبة لجميع الشعوب التاريخ المقدس بامتياز. تاريخ العالم. 
1 


والحال أنكم بمواصلتكم لهذه التقللر سوف يكون بوسعكم من جديد شغل مكانة عظمى 
في العالم, المكانة التي تليق بأحفاد الآباء. بأحفاد أولئك الذين أنصتوا لصوت أنبيائنسا. 
وسوف تحيون بما تبثونه في صدور الآخرين من احترام لكم, بعزة حياتكم. وسمو أفكاركم 
والعمل الذي ستقومون به لأجل تحسين حال الإنسانية والوفاق بين الشعوب. 

فلتربوا أطفالكم في روح المعتقدات التي جاء بها لنا آباؤنا والتي حافظت على وجود 
جنصنا؛ ولتواصلوا الوفاء لماضيكم ولتعملوا على الإنهاض الأخلاقي للعالم. ولينتقل مسشعل 
النور الذي سلمه لنا آباؤنا من جيل إلى جيل. فبهذا الشكل سوف تجطون [هذا] المقسام 
[القومي] عظيماء بالرغم من أنه قد يكون صغيراء وبهذا الشكل ستحيا إسرائيل لأجل أداء 
رسالتها. وستكون لها مكانتها بين الأمم العظمى وستقدم أحجارا من الجرانيت للبنيان الذي 
شيّدته في أرض إسرائيل. 

وهو يلقي تحية الوداع: 

لقد وصلت إلى العمر الذي ينوء فيه المرء بحمل جرادة» كما يقول سفر الجامعة. لقد 
انتهت مهمتي؛ وابني الأكبر جيمسء مدفوعًا بعين المشاعر التي دفعتني. سوف يواصل عملي 
وسوف يُخَلص للعمل الذي اضطلعت يه: 

فليشمل الحي القيوم بحمايته إسرائيل في أرض إسرائيل. 

53 


وفي تل أبيب» يهنئ الحاخامٌ كوك البارون على ما جاء في خطابه. والحال 
أن إدمون دو روتشايلد. كاشفا رؤيته الدينية» إنما يرد عليه بأنه يعارض سواءً 
بسواء «الأرثوذكسية الدينية» و«عدم الإيمان»!"). 

وفي نهاية الشهرء يصل نبأ تعيين خليفة للسير هربرت صمويلء الذي أنهى 
لتو مدة عمله التي استمرت خسة أعوام. وخليفته هو اللورد بلامرء أحد كبار 
الجنرالات البريطانيين زمن الحرب في أوروبا. وفي الوقت نفسه. في مصرء 
سوف يحل اللورد لويد محل أللينبي. 
تركة السير هربرت صمويل 

لا توجد وصية السير هربرت صمويل السياسية في تقريره السياسي الأخير» 
والذي يشكل تكرار! للتصريحات البريطانية المتعاقبة منذ عام 21571 بقدر ما 
توجد في برقية سرية مؤرخة في ©5 يونيو/ حزيران 1516. حول أعمال لجنة 
مكرسة لمسألة الحكم المحلي”*). فعلاوة على الالتزام العام بتشجيع الحكم الحر 
(امع ص مهمع -لاءى)» تظل المسألةٌ الجوهرية كالعادة مسألة تخفيض ميزانية 
الانتداب المدنية. وهذا يعني خفضنا للنفقات المخصصة للتعليم. والسير هربرت 
صمويل يعارض ذلك بقوة ويرى أن الحل الوحيد هو فرض ضريبة محلية 
مخصصة لهذا المجالء الأمر الذي ليس من شأنه أن يستثير معارضة من جانب 
السكان العرب. وسيكون بوسع هؤلاء السكان أن يكون لهم الحق عندئذ في 
المطالبة بإشراف على هذه النفقات. 

والمندوب السامي الذي يوشك على الرحيل يرى في ذلك أيضنًا الوسيلة. 
اللازمة لإغادة تحريفا سالة التمثيل السياسي بإنشاء أجهزة منتخبة مهمتها إدارة 
هذه الشئون المحلية. وبسبب بنية المجتمع نفسهاء يتوجب أن تؤخذ بعين الاعتبار 
التقسيمات عرف والإدارية (الأقضية» المدنء القرى) والطائفية. 

وهو يصطدم باستنتاجات كبار الموظفين؛ المتعنتين بالأحرى في اعتراضهم 
على هذا النوع من التطور. فالبعض يؤكدون أن الانتداب إنما يعني السيطرة 
الصارمة على الأمورء وأنهء ترتيبًا على ذلك» لا يمكن المضي في طريق الحكم 
الحر إلا بعد وقت طويل. أمّا السير هربرت صمويل فهو يرى أن الانتداب ليس 


536 


غير إجراء مؤقت. ويجب التحضير منذ الآن لإلغائه عبر تدابير تدريجية. والبعض 
الآخر أكثر جزمًا في التفسير الذي يقدمونه: إن البريطانيين ليست لهم حيال العرب 
غير التزامات سلبية» أي عدم عرقلة تحسينهم لظروف حياتهم؛ وليست لهم حيال 
الصهيونيين غير التزامات إيجابية: أي العمل على تشجيع قيام المقام القومي 
اليهودي. ورجل الدولة البريطادي يثور على نظرة كهذه: إن الدولة المنتتبّة عليها 
التزام أدبي واحد قوامه حفز رفاهية غالبية السكان؛ أكان ذلك في فلسطين. أم في 
الهند أم في جزر فيجيء وكأن تصريح بلفور لا وجود له. وهو يقترح إنشاء 
شبكتين تعليميتين» إحداهما عربية والأخرى يهودية: يرأسهما مجلسان يتكونان من 
عدد متعادل من الأعضاء المعينين ومن أعضاء يتم اختيارهم بعد التشاور مع 
المؤسسات التمثيلية. وإذا ما أنشئت فيما بعد جمعية تشريعيةء فإن هذه الجمعية 
ستكون الهيئة المقترحة. وإلا فإن المجلس الإسلامي الأعلى والقاعاد ليومي سوف 
يلعبان هذا الدور. ويجب التوجه فورًا صوب انتخاب المجالس البلدية ومجالس 
الأقضيةء التي ستكون المواقع التي سيتعنم فيها العرب واليهود التعاون فيما بينهم. 

وهذا كله يقال في البرقية. فقد حاول الليبرالي العظيمء الذي هو السير 
هربرت صمويلء الجمع بين نظام يتمثل اتجاه التمثيل السياسي فيه في خلق وحدة 
فلسطينية تشمل اليهود والعرب ويّراد من وراء المنطق الجماعاتي فيه إنماء حياة 
ثقافية وقومية. وكل ذلك في سياق مصاعب مستديمة تواجهها الميزانية. وقد فشل 
في طريق الحكم الحر وإن كان قد خلق مناخًا سمح بوضع حدٌ للمواجهات العنيفة. 
والآن» لن تمضي تركته السياسية في اتجاه تكوين هوية فلسطينية مشتركة بين كل 
العناصر التي يتكون منها المجتمع الفلسطيني. وبالرغم من خلقه مفهوم التزام 
بريطاني مزدوج تجاه اليهود والعربء فإنه قد أقام نظامًا جماعاتيًا ذا تعريف عرقي 
وديني مزدوج لن تتأخر مواجهته إلا بصورة مؤقتة. 

وفي الأول من يوليو/ تموز 1575ء يودّع السير هربرت صمويل قفي يافا 
أرض فلسطين. وفي ١8‏ يوليو/ تموزء في سوريا المجاورة؛ يبدأ جبل الدروز 

ثورة تحت قيادة سلطان الأطرش 


لل 


المؤتمر الصهيوني الرابع عشر 

يبدأ المؤتمر الصهيوني الرابع عشر في قينا في ١8‏ أغسطس/ آب 
276 . وتظل الألمانيةً اللغة الرئيسية لأعماله. وهو يتمتع بحماية خاصة من 
جانب الشرطة؛ التي تخشى من هجوم قد يقوم به النازيون النمساويون. والاتجاهات 
الرئيسية الثلاثة للدركة ممثلة في المؤتمر: المزراحي أو لصهيونيون المتدينون 
ومختلف مجموعات اليسار الاشتراكي والصهيونيون العاديون أي المجموعات 
الوسطية غير المتدينة وغير الاشتراكية والتي يتزعمها فايتسمان وسوكولوف 
أساسا. ويقدم قايتسمان تقريرا عن النشاط يعد واحذا من أكشر التقارير تفاؤلاء 
استناذا إلى افتتاح الجامعة العبرية والسكينة السائدة منذ عدة سنين في فلسطين» 
الأمر الذي يتباين عن الحال في البلدان المجاورة. ويحصل سوكولوف على موافقة 
على إرسال برقية تهنئة إلى إدمون دو روتشايلد بمناسبة بلوغه الثمانين من العمر. 
ويقدم أعضاء القيادة تقارير عن الجوانب التقانية للمنجزات الصهيونية الرئيسية. 

وفي المناقشات. ترد الانتقادات. فالمزراحي يتضامنون مع العناصر 
البورجوازية المهاجرة إلى فلسطين ويطالبون بمراعاة الحاجات الدينية. أمّا 
الاشتراكيون» وعلى رأسهم أرلوزوروف وبن جوريون. الأكثر اعتدالاً في 
كلامهماء فإنهم يأخذون على القيادة سياستها المالية والاقتصادية ويطرحون كأولوية 
مطلقة توطين مستوطنين يعملون بأنفسهم وعازمين على أن يخلقوا لأنفسهم حياة 
عن طريق العمل. 

وعلاوة على السياسة الاقتصادية» فإن الموضوع الرئيسي الذي يجري تناوله 
إنما يظل موضوع الوكالة اليهودية. فالدور الذي قد يلعبه فيها غير الصهيونيين 
ما يزال يزعج إلى حدٌ ما عدذا معينا من ممثلي الحركة. ويطالب جابوتيتسكي 
باتخاذ موقف أقوى تجاه الدولة المنتَديّة كيما تضع هذه الأخيرة تحات تصرف 
الصهيونيين الأراضي العامة. ولايد أيضًا من سياسة حماية جمركية وقوانين 
ضريبية وفوز المنظمة الصهيونية بالحق في الإشراف على تعيين الموظفين. وإذا 
لم تتحمل الدولة المنتذبئة مسئولياتهاء فإن اليهود لن يصبحوا أبذا الأغلبية في 
فلسطين» وذلك بسب النمو الديموغرافي للسكان العرب. والحال أن بريطانتيا 
العظمى لا يمكنها إل أن تعتمد على الصهيونيين لكي تبقى في فلسطين. ولابد مسن 

ا 


مطالبتها بأن تسمح بتطوير قوات مسلحة يهودية ستكون مفيدة لهاء بل وضرورية» 
للاحتفاظ يمجمل المنطقة. 

وحيال هذا الطوفان من الانتقادات التي يصعب على ثايتسمان تحملهاء لا 
يكف هذا الأخير عن التذكير بضرورة عدم الاستسلام للأوهام وض رورة التقيد 
بالواقع. وهو يعبر عن قناعته بأن البريطانيين سوف يتمسكون بالسياسة التي 
يتبعونها منذ عام 1177. وقد أخذ عليه أنه انتقد مهاجري العاليًا الرابعة» المتهمين 
بالرغبة في تأبيد النظام الاقتصادي والاجتماعي للجيتوء لكن نفي الجيتو هو عين 
جوهر الصهيونية. وفيما يتعلق بالوكالة اليهودية» فإنه لم يفعل سوى اتباع السياسة 
التي وافقت عليها المؤتمرات السابقة. وهو يرد على جابوتين سكي بأنه إذا كان 
صحيحا أن البريطانيين بحاجة إلى الصهيونيين للاحتفاظ بفلسطين؛ فإن جبل طارق 
ومالطه أهم بالنسبة لهم. ولا يمكن الاعتماد في الأمد الطويل على مجرد المصالح 
الاستراتيجية لبريطانيا العظمى. فقوة العلاقة القائمة مع الدولة المنتدية إنما تمن 
في الطبيعة الأخلاقية لهذه العلاقة. وسوف تكون بريطانيا العظمى فخورة بالدور 
الذي ستلعبه في التسوية الإيجابية للمسألة اليهودية. والتمرد الذي يهز سوريا 
المجاورة يبين أنه» للسيطرة على المنطقة» لابد من قوات من عدة عشرات من 
آلاف الجنودء وهو ما لا يتناسب مع إمكانيات المنظمة الصهيونية» بل لا يتقاسب 
مع إمكانات بريطانيا العظمى نفسها. وهناك 0٠0٠‏ عربي في فلسطين» 
يحوزون الجانب الأعظم من الأرضء والبريطانيون لن يقوموا بإزاحتهم لحساب 
اليهود. ويجب أخذ فلسطين على ما هي عليه؛ بجدبها وعربها ويهودها القادمين. 

ثم يجري الاتجاه إلى الاقتراع على الثقة. فيتم الحصول عليها بأغلبية ١71‏ 

صونتا في مقابل اعتراض 7١صوتاء‏ أي بأقل من نصف المندوبين. فيعلن ثايتسمان 
واللجنة التنفيذية استقالتهما. وحيال هذه الأزمة» يتدارك المؤتمرون موقفهم 
ويعطون فايتسمان وسوكولوف أغلبية ساحقة عبر اقتراع جديد. 

وتستعيد الفرارات التي حظيت بالموافقة عليها التيمات المألوفة حول بناء 
المقام القومي اليهودي والعلاقات مع العرب. 


54 


اللورد بلامر 

خلال الحرب الأخيرة [العالمية الأولى]؛ قاد اللورد بلامر [ولد في عسام 
القوات الإنجليزية المرسلة إلى إيطالياء ثم قاد الجيش البريطاني الثاني على 
الجبهة الفرنسية. وفي عام 1114 رقي إلى رتبة الماريشال؛ ثم حصل على رتبة 
اللورد و 7٠١ ٠٠٠‏ جنيه. وقد قاد قوات الاحتلال البريطانية في ألمانياء وء جراء 
تأثره لما آلت إليه حال السكان من شقاءء جعل من نفسه الداعية المؤثّْر لرقفع 
الحصار الرهيب الذي فرضه الحلفاء. ثم أصبحء فيما بعدء حاكمًا لمالطه. 

وقد انقسمت آراء الصهيونيين حيال تعيين الرجل [مندوبًا ساميًا في فلسطين]. 
فالسير هربرت صمويلء بسياسته المتوازتة والمعتدلة» قد خيب آمالهمء حتى وإن 
كان لابد لهم من الاعتراف بأن أواخر انتدابه تتماشى مع تراجع عام للعداوة 
العربية. وبوسعهم أن يقولوا لأنفسهم إن مندوبًا ساميًا غير يهودي قد يكون أنسب 
لمصالحهم, لكن اللورد بلامر لم تكن له البتة علاقات معهم”“). وقد أكد قايتسمان» 
خلال افتتاح الجامعة العبرية» أنه سوف يُستشار حول تعيين المفدوب السامي 
الجديد. ثم اضطر فيما بعد إلى الاعتراف بأنه قد علم بتعيين اللورد بلامر من 
الصحف. ويستفيد خصومه من ذلك لكي يعيدوا إطلاق حملة حول تيمة ققدانه 
للحظوة لدى الدوائر الحاكمة البريطانيةل'*). وليس من شأن مندوب سام محافظ 
ومفعم بالفكرة الإمبراطورية إلا أن يكون مؤيدً! للعرب. والحال أن كيشء الذي كان 
قد أغاظه موقف السير غربرت صمويلء إنما يستعيد رأي كبار موظفي الانتداب: 
إن هذا الرجل الحازم سوف يجيد التعامل بالشكل الواجب مع المعارضة 
العربية؛) 

وكان ثايتسمان قد طمح إلى أن يكون كلايتون المندوب السامي الجديد» لكن 
الحكومة البريطانية اختارت من اختارته دون مجرد الرجوع إلى وزارة 
المستعمرات. ويغادر كلايتون فلسطين ليكون مسئولا عن العلاقات مع ابن سعود. 
وسوف يموت قضاء وقدر! في عام ١175‏ في العراق؛ حيث كان قد عين للتوّ 
مندوبًا ساميًا. 

ويتولى اللورد بلامر مهام منصبه في القدس في 515 أغسطس/ آب 
6 ). ويستقبله اليهود متحفظين بينما يستقبله العرب متحمسين. وهذا الرجل 

1 


المنصف”3'*), الوحيد بين كبار القادة البريطانيين خلال الحرب العظمى الذي لم 
يُعرف عنه إراقة دماء جنوده هدراء إنما يسعى إلىتجنب كل بذخ مفرطء خاصة 
على الأرض التي عاش عليها السيد المسيح في فقر. وصرامته العسكرية مثيرة 
وتخيف محاوريه: إلا أن بوسعه إبداء لفتات رقيقة: فلدى حضوره مباراة رياضية 
في تل أبيب» من الطبيعي أن يقف ليستمع إلى ع1! 186 عدهى 004 [النشيد القومي 
الإنجليزي]؛ وبما أنه قد جلس بعد ذلك فإنه يعاود الوقوف. ضاربًا المثل لمرافقيه. 
لكي يستمع إلى الهاتيكقاء النشيد القومي الصهيوني. وفي اليوم التاليء حيال 
احتجاجات المسئولين العرب؛ يرد عليهم بأنه لم يفغعمل سوى الانصياع لآداب 
المجاملة والضيافة وأنه مستعد لأن يفعل الشيء نفسه مع النشيد القومي العربي. 
والحال أن محاوريه؛ المنزعجين؛ إنما يضطرون إلى الاعتراف بأنهم لا نشيد قوميًا 
لديهم. وعندئذ يوصيهم بالمسارعة إلى اتخاذ نشيد قومي لهم. وردًا على كيش الذي 
يسأله عما ستكون عليه سياسته؛ يقول إنه ليست لديه سياسة شخصية. فهو في 
فلسطين لأجل تطبيق سياسة حكومته!””). ويستنتج كيش من ذلك أن المندوب 
السامي الجديد سوف يدرس المطالب الصهيونية بالرجوع إلى السياسة التي حددتها 
لندن وليسء كالسير هربرت صمويلء من زاوية رد الفعل المتوقع من جانب 
العرب. 

ومثل هذه المقاربة إنما تقود اللورد بلامر بشكل طبيعي تمامًا إلى تبني توجه 
مرعوسيه المباشرينء المعادين لأي استعادة لسياسة الحكم الحر القائمة على الرغبة 
في تكوين بنية قومية مشتركة تجمع بين اليهود والعرب7'”). وسوف يتمسك بموقف 
الإنصاف والحزم ضمن خط الأخلاق الاستعمارية. وسرعان ما سوف يبدي ذلك. 
ففي أواخر شهر سبتمبر/ أيلولء خلال عيد كيبورء يُحضر اليهود مقاعد أمام حائط 
المبكى. وعلى الفورء يأمرهم ستورس بإيعادهاء فهو يعرف خطورة مثل هذا 
العمل. وتحتج المنظمات اليهودية. ويحذو كيش حذوها وإن كان يعتترض على 
القيام بأي تظاهرات سياسية أمام الحائط. ويوجّهُ حاكم القدس ملفا كاملاً حول 
المسألة إلى رئيسه(””). فمن الناحية القانونية يخص الحائط الطائفية الإسلامية من 
خلال وقف(7”). وليس لليهود من حق فيه سوى حق الانتفاع. والأحكام الصادرة 


1١. 


.في العصر العثماني تحظر تمامًا إحضار مقاعد إليه. وبحسب مبدأ الوضع القائم: 
فمن غير الوارد إعادة النظر في هذه الأحكام, لاسيما أن السلطة البريطانية قد 
اعترفت بها في عام .١477‏ ويجب حث الأطراف المعنية على التوصل إلى اتفاق 
وديّ حول هذا الموضوع. 

والتناول التالي لسياسة الانتداب من جانب لجنة الانتدابات يتم في نوشمبر/ 
تشرين الثاني 77537). وقد دار النقاش بنبرة هادئة ومفعمة بارتياح الجاندب 
البريطاني إلى ما قام به. ويجري تناول المسائل الترابية والإدارية والاقتصادية 
والاجتماعية الرئيسية. ويتم رفض عريضة عربية أولى؛ لأنها تشكك في مبدأ 
الانتداب نفسه. والمسألة الوحيدة المهمة نسبيّاء على أثر طلب عربي» هي ما إذا 
كانت اللجنة تملك الحق في العمل على القيام باستقصاءات ميدانية للوضع. 
والرئيس مؤيد لذلك بالأحرىء لكن اللورد لوجاردء المندوب البريطاني الدائمء 
يعترض على ذلك. فهذا سيكون بمثابة نيل غير مقبول من هيبة الدولة المنتتبّةء 
ومن ثم سيكون عامل إضعاف. وتتلو ذلك مناقشة أساسية حول صلاحيات اللجنة. 
ولا يتم اتخاذ أي قرار. 

ويضطر اللورد بلامرء خلال الشهور الأولى لمهمته؛ إلى مواجهة أصداء 
الانتفاضة السورية ضد السلطة الفرنسية. وضمن مواصلة لسياسة السير هربرت 
صمويلء يدع العرب الفلسطينيين يعربون عن تضامنهم مع أشقائهم في الانتداب 
المجاور وإن كان يغلق الحدود عندما تقترب الاضطرابات من فلسطين. ويشكره 
الفرنسيون على ذلك. ويبقى مع ذلك أن الدافع الرئيسي للتوتر بين الانتدابين إنما 
ينبع من الملاذ الذي يمثله شرق الأردن بالنسبة للثوار ذوي الاتجاهات المؤيدة 
للهاشميين بالأحرى. وتتجدد الاشتباهات الفرنسية القديمة بوج ود مؤامرة 
بريطانية ضد الوجود الفرنسي في المشرق7*”, وذلك بحكم أن الإنجليز يرفضون 
منح الفرنسيين حق ملاحقة [الثوار السوريين] في شرق الأردن ويتذرعون 
بضرورة احترام مبدأً الحرية الفردية لرفض المطالبات باعتقال لاجئين سياسيين 


سوريين. 


عمل اللورد يلامر الإداري 2 

يود اللورد بلامر أن يكون لا سياسيًا ويهتم بالأمن العام قبل ما عداء'”). وهو 
يرى أن حل المشكلات السياسية القابلة لتوليد الفوضى إنما يكمن في تنمية 
النشاطات الاقتصادية. وتمنحه لندن ما لم يتمكن سلفه من الحصول عليه: إمكانية 
طرح قرض ضخم تضمنه الخزانة البريطانية. ويتزامن تدشين مشروعاته الإنمائية 
مع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تصيب المقام القومي اليهودي غدة العالها 
الرابعة. وبفضل سياسة المندوب الساميء يحصل المقام القومي اليهودي على دعم 
نشيط في مأزق صعب بشكل خاص. 

واطمئنانًا إلى ديمومة الهدوء السائد في فلسطين؛ يواصل اللورد بلامر سياسة 
أسلافه المتمثلة في خفض النفقات المخصصة لحفظ النظام””). ففي مستهل عام 
5,» يلغي الجندرمة الخاصة التي تمولها لندن وينقل رجال الجندرمة السابقين 
إلى صفوف الشرطة الفلسطينيةء حيث سيشكلون قوة خاصة قوامها ٠٠١‏ رجل 
سوف يجري اختزال عددها فيما بعد. وبما أن المشكلة الرئيسية تظل متمثلة في 
خطر الغارات الوهّابية وفي السيطرة على الحدود بين شرق الأردن والانتداب 
الفرنسي الذي يشهد انتفاضة» فإن المندوب السامي إنما يقوم بتشكيل قوة جديدة: 
هي قوة حدود فلسطين وشرق الأردن [ع6نغهم؟ مهدلو[ - 5م17 لمة عمناوءادط 
0 ]ء المرابطة في شرق الأردن والمؤلفة من عرب يقودهم ضباط بريطانيون. 
ويتم تحمل المسئولية عن التمويل استناذا إلى حصتين ماليتين متساويتين يدفعهما 
كل من الانتداب والحكومة البريطانية. ولن يكون أي يهودي عضوًا في هذه القوةء 
الأمر الذي يستثير احتجاجات محمومة من جانب الصهيونيين» بالرغم من أن كون 
القوة الجديدة لا تتبع أمير شرق الأردن بل تتبع المندوب السامي يشير بالأحرى 
إلى دمج لشرق الأردن في فلسطين. والحال أن رغبة لندن في تحميل الماليات 
الفلسطينية عبء التكاليف كلها إنما يؤدي إلى مراسلات جد حادة بين القفدس 
والخزانة البريطانية0”). إذ يطرح اللورد بلامر نفسه بوصفه مدافعًا عن مصالح 
سكان فلسطين:.ففي غياب مؤسسات تمثيلية» لابد للمندوب السامي من أن يظهر 
بوصفه حامي السكان. 


١٠. 


وفي يونيو/ حزيران 1377» خلال قيام لجنة الانتدابات بدراستها السنوية» 
تُوْجَه أهذه اللجنة اهتمامها إلى مشكلة الاعتراف بالجماعة اليهودية'"). فيشرح 
الكولونيل سايمس تعقيد الوضع: إن المنظمة الصهيونية من حيث كونها وكالة 
يهودية هي وحدها الحائزة لوضعية قانونية. أَمّا الفاعاد ليومي فهو لا يحوز مشل 
هذه الوضعية؛ وإن كان يمثل مع ذلك الجماعة اليهودية ويعتبر من الناحية الرسمية 
متحدنًا بلسان هذه الجماعة. والأمر كذلك بالنسبة للمجلس الإسلامي الأعلى فيما 
يتعلق بالمسلمين. وأقلية اليهود المتدينين المنتمين إلى أجودات إسرائيل لا يعترفون 
بسلطة القاعاد ليومي. وبسبب الانقسام الشديد للمجتمع الفلسطيني وطابعه 
الجماعاتي. قمن الصعب تطوير مؤسسات بلدية للحكم المرء وقد بدا أن من 
الأفضل تطوير مؤسسات جماعاتية تؤول إليها المسئولية عن الخدمات الثقافية 
والاجتماعية والتي تؤول؛ في الأحوال الطبيعية» إلى البلديات. 

وتشير تتمة عرضه إلى استمرارية السياسة البريطانية: فاليهود والمسيحيون» 
بحكم تاريخهم الخاصء منظمون منذ زمن بعيد على أساس جماعاتي. ومن ثم فإن 
عمل إدارة الانتداب قد تمثل في إفهام المسلمين» الذين ظلوا إلى ذلك الحين تابعين 
للدولة» أهمية تبني هذا النوع من التنظيم. وتعد سلطة الانتداب لصياغة لاتحة أكثر 
طموحا بالنسبة للجماعة اليهودية سوف تكون نموذجا للطوائف المسيحية 
وللجماعات المسلمة. 

وتتصل المناقشة باليهود الأرثونكس. هل يشكلون أقلية ليست لها أهمية عددية 
حقيقية» وفي هذه الحالة لا يتوجب منحهم سوى حرية العقيدة» أم أنه يجب قبول 
مطالبتهم بأن يكوتوا طائفة متمايزة ؟ ويجيب سايمس بأن الإدارة تأمل.في التوصل 
إلى تعايش يكفل لمجمل اليهود العيش ضمن جماعة واحدة. 

وفيما يتعلق بالبلديات» فإن مجالسها إنما يتم تعيينها كالعادة من جانب 
الحكومة؛ فيما عدا بعض المراكز الحضرية اليهودية بالكامل كتل أبيب. وقد زاد 
عددها ويجري الاستعداد لإجراء انتخابات. 

وتجري دراسة الجوانب المختلفة للحياة الإدارية والسياسية والاقتصادية في 
فلسطين. وتبدي اللجنة انزعاجها من اختزال حجم القوات المخصّصة لحفظ النظام. 
وفيما عدا هذا التحفظء فإن السياسة البريطانية تلقى في مجملها ارتياحًا عامًا. 


1١ 


ومن جديدء في نوقمبر/ تشرين الثاني 5125١ء‏ تؤدي مسألة حائط المبكى إلى" 
وقوع حوادث7'". فالحجاج اليهود يشتكون من أنهم قد هوجموا من جانب سكان 
الحي العربيء الذين قذفوهم بالحجارة. وتبِيّنْ تحريات قامت بها الشرطة أن الأمر 
يتعلق» في احي الكالاك ميا من اا ري ل الاو ره د 
وقد عوقبت بالحبس لمدة شهر (زعمت أنها لم تستهدف أحذاء ويعتقد أحد رجال 
الشرطة أنها كانت تريد قذف أحد زملائهاء لا أحد الحجاج). وفي حالات أخرى. 
كان سقوط الحجارة غير متعمد أو أنه لم يتسن التثبت من الأمرء ذلك أن أحدا لم 
يكن مستعذا للإدلاء بشهادته أمام الشرطة. ويشكو كيش من الاستخدام السياسوي 
لهذه الأحداث من جانب التصحيحيينء الذين شنوا حملة صحافية تطالب بإعادة 
مناقشة الوضع الحقوقي للحائط كيما يتمكن اليهود من الصلاة أمامه في أمان. 

ويرى اللورد بلامر أن النزاع فيما بين اليهود والعرب لن يسؤى إلا بنوافر 
حسن النية لدى الجميع. وهو يجعل من نفسه المدافع عن الوضع القائم. وتحدت 
ضعغط من الخزانة في لندن لا غيرء يضطر إلى قبول تنظيم انتخابات بلدية؛ تعد 
ضرورية لفرض ضريبة بلدية من أجل تمويل التعليم الععام. وإجراء انتخايبات 
يطرحٌ مشكلة الجنسية الفلسطينية. والمرسوم الصادر ف في أغسطس/ آب وا 
يعطي مهلة سنتين لكسب هذه الجنسية» لكنه ينطوي على التخلي عن أي جنسية 
أخرى. ويحكم هذا للواقعء يتردد عدد كبير من اليهود في المغامرة بفقدان جنسيتهم 
الأصلية» وذلك بالرغم من الحملات التي ند نظمتها الحركة الصهيونية في هذا 
الاتجاه. ويضطر كيش نفسه إلى التخلي عن جنسيته البريطانية لكي يكون قدوة 
للآخرين'")؛ لكن الحكومة البريطانية تعيدها إليه سن(”"). ومن باب التخويف. 
تنشر الصحافة الصهيونية أسماء الأشخاص الذين رفضوا أخذ الجنسية الفلسطينية. 
ونتائج كل هذه الضغوط هزيلة جدًا. وتسمح القواتم الانتخابية بالتوصل في أواخر 
عام ١177‏ إلى تحديد عدد المقاعد التي ستؤول إلى الجماعات الرئيسية. وهكذا 
نجد أن العرب لهم أغلبية المقاعد في القدسء حيث يعتبر اليهود الأغلبية من الناحية 
العددية» وذلك لأن جانبًا كبيرا من هؤلاء الأخيرين قد رفضوا أخذ الجنسية المحلية 
(أخذ اللورد بلامر بعين الاعتبار عدد اليهود الذين كانوا بسبيلهم إلى كسب الجنسية 
الفلسطينية): 


التوزيع الجماعاتي للمقاعد في المجالس البلدية الرئيسية 79) 





ولكي يعوض اليهود عن دونيتهم العددية» فإنهم يتجهون» تحت قيادة القاعاد 
ليوميء إلى تعيينات عبر توافق الآراءء الأمر الذي يسمح لهم بلعب دور حكم بين 
الفصائل العربية خلال انتخابات أبريل/ نيسان 04151 

وخلال الدورة السنوية للجنة الانتدابات7”')؛ في غياب اللورد بلامرء وهو في 
عطلة يستحقها. وفي غياب سايمسء الذي يقوم بأعمال المندوب السامي في القدس» 
نجد أن جون شاكبيرجء الذي يدير ملف فلسطين في وزارة المستعمرات» هو الذي 
يمثل الانتداب. وهو يطلق العنان للتعبير عن ارتياحه: فبشكل متزايد باطراد» 
يجري اعتبار الانتداب أمرًا مقضيًا. وإذا كان العرب يرفضون الاعتراف بتصريح 
بلفورء فإنهم لا يعارضون الدولة المنتدبّة» وهو الشيء الرئيسي. والهدوء يسود 
البلد والانتخابات البلدية مرحلة مهمة صوب الحكم الحر. إلا أنه سوف يتعين مع 
ذلك تكرار التجربة في عدة مناسبات قبل الانتقال إلى انتخاب مجلس تشريعي. كما 
أن الانتخابات في القاعاد ليومي كانت أحد النجاحات حتى وإن كانت غالبية اليهود 
الأرثونكس لم تشارك فيهاء احتجاجًا على تمتع المرأة بحق الاقتراع. وتنبع 
المصاعب الرئيسية من الأزمة الاقتصادية التي تصيب المقام القومي اليهودي. ثم 
تتجه المناقشة إلى الملفات التقانية المختلفة. 

وتعبر اللجنة» في ملاحظاتهاء بلغة ديبلوماسية» عن نفاد صبرها حيال 
محدودية التقدم المحرز في طريق الحكم الحر. وهي «ترغب في أن تجدء في 
التقرير التالي» مؤشرات أكثر دقة على تطور «مؤسسات الحكم الحر» المننتصوص 
عليها في المادة ” من [ميثاق] الانتداب». 

1١٠.6 


وفي يوليو/ تموز 1477: تتعارض فلسطين لهزة أرضية. والضحايا 
الرئيسيون عرب (لم يحدث بين صفوف اليهود سوى إصابات بجراح). وقفسي 
المحنة» تبدي الطوائف كلها تضامنها. وفي هذا السياق» يصبح بوسع اللورد بلامر 
إنجاز عمله التشريعي بإصداره في ١١‏ يوليو/ تموز ١177‏ اللائحة الجديدة 
للجماعة اليهودية في فلسطين7”'): وهي تخص جميع اليهود الذين سجلوا أنفسهم 
كأعضاء في الجماعة؛ والمناطق اليهودية هي المناطق التي يشكل اليهود فيها ثلاثة 
أرباع السكان على الأقل؛ ويشتمل التنظيم العام على مجالس حاخامية» وجمعية 
تمثيلية منتخبة ومجلس عام (قاعاد ليومي) ومجالس للطوائف [اليهودية] المحلية. 
وتصرح الجمعية العمومية بجباية الضرائب لأجل التعليم وغوث الفقراء والمرضى 
واليتامى: كما تصرح بنفقات المجالس الحاخامية والمحلية ونفقات القاعاد ليومي. 
وهذا الأخير يتخب من جانب الجمعية ويدير لمدة عام أمور الجماعة بما يتماشى 
مع توجيهات الجمعية. وهو يمثل الجماعة لدى الإدارة ويدير مختلف ماليات 
الجماعة. 

والمرحلة مهمة في تاريخ المقام القومي اليهودي. فبما أن هذا الأخير لا يملك 
أرضاء فإنه يتقارب مع فكرة الجماعة القومية اليهودية على النحو الذي طورها به 
القوميون اليهود في أوروبا الشرقية في أواخر القرن التاسع عشر. وهذا ليس نهاية 
للمطاف. فالمناضلون الصهيونيون يرون أن الهدف إنما يظل متمثلاً دومًا في كسب 
أغلبية في فلسطين كيما تصبح هذه الأخيرة دولة مستقلة. 

وفي نوثمبر/ تشرين الثاني 19717ء يتم اتخاذ خطوة إلى الأمام بإصدار عملة 
فلسطينية خاصة: لها قيمة الجنيه الاسترليني'". فإلى ذلك الحين» كان النقد 
الأجنبي المستخدم هو الجنيه المصريء الذي كانت له القيمة نفسها. والعملة الجديدة 
مرهونة باحتياطيات بنكية مودعة في لندن. وتحمل القطع المعدنية وأوراق 
البنكنوت بيانات بالعربية والإنجليزية والعبرية. وبشكل موازء يتم الفصل الحقوقي 
بين فلسطين وشرق الأردن. والحاصل أن اللورد بلامرء الذي كان إلى ذلك الحين 
مندوبًا ساميًا في قلسطينء إنما يصبح مندوبًا ساميًا في فلسطين وشرق الأردن. ولا 
يعود للسكرتير العام للانتداب من اختصاص في هذه الأرضء ويتولى سكرتير عام 
مساعد وظيفة إضافية هي وظيفة مساعد المندوب السامي لشئون شرق الأردن!0. 


5 


وكالعادة. تمر الشهور الأولى من عام ١9748‏ في مناخ السكينة نفسه. وتضفي 
الحكومة البريطانية طابعًا رسميًا على وضع شرق الأردن بعقد معاهدة مع حكومة 
شرق الأردن تعترف بموجبها بوجود دولة مستقلة في شرق الأردن ضمن إطار 
الانتداب. 

والمسألة الرئيسية محل النقاش هي مطالبة المنظمة الصهيونية بقرض لأجل 
إخراج المقام القومي اليهودي من ركوده الاقتصادي ويتم تدبيره من خلال عصبة 
الأممل''). ويصل حجم القرض المطلوب إلى مليوني جنيه» على أن تتحمل بريطانيا 
العظمى عبء تقديم 76٠١ ٠٠‏ جنيه» بينما تتحمل الدول العظمى الأخرى الأعضاء 
في المنظمة الدولية عبء تقديم الباقي. والحال أن اللورد بلفورء الذي ينهي عمله 
السياسي من حيث كونه اللورد الرئيسي للمجلسء إنما يقدم دعمه لهذا الطلب. وبعد 
دراسة الموضوع.ء تجد الحكومة البريطانية أن الملف غير دقيق إلى حد بعيد وأنه 
لابد أؤلاً من معرفة موقف الدول الأخرى المعنية؛ خاصة فرتسا وإيطاليا. وفي 
شهر يونيو/ حزيران» يتم رفض المشروع بسبب التعقيدات السياسية المترتبة عليه 
وبسبب المكانة التي يمنحها للدول العظمى الأخرى في إدارة الملف الفلسطيني. 
ومن غير الوارد أيضنًا أن تكون بريطانيا العظمى بديلاً عن عصبة الأمم في تقديم 
ضمانات قرض للمنظمة الصهيونية. 

وفي شهر مايو/ أيّاره ترجع مسألة تكوين جمعية تشريعية إلى جدول 
الأعمال7'"). وسلطة الانتداب معادية: فهذا يجازف بتعقيد «فعالية الحكم»؛: بل 
يجازف بالحيلولة دونها؛ واليهود معارضون إلتكوين جمعية تشريعية]» بينما تعد 
المطالبة بها قوية في صفوف العرب. ويرتأي سايمس حلا توفيقيًا. إذ لا تجسب 
العودة إلى مقترحات السير هربرت صمويل. وهو يميل إلى نظام تمثيل ثنائي حيث 
تكون لمجلس أعلى أغلبية من الموظفين ويتمتع بسلطة اتخاذ القرارء بينتما تكون 
لمجلس أدنى وظيفة المداولة ويتم انتخابه على أساس تمثيل شعبي. وهكذا يتسنى 
إيجاد صمام أمان في وجه صعود شيء من النزعة الجذرية في صفوف الشبيبة 
العربية» كما يتسنى التقدم في طريق التربية السياسية للسكان. ويرفض اللورد 
بلامر هذا التوجه. وتحسم وزارة المستعمرات الأمر في اتجاهه. فهي ترى أنه لابد 
من الوصول يومًا إلى تكوين جمعية تشريعية» لكن المسألة في رأيها غير حاليعة. 


١.7 


وبالرغم من تحذيرات سايمسء فإن الهدوء يسود في فلسطين. وبما أن المندوب 
السامي سوف يترك منصبهء فإن خليفته هو الذي سوف يتوجب عليه النتشفر من 
وبشكل لا مفر منه» تستحوذ الشائعات على المسألة. ويشن التصحيحيون 
حملة احتجاجية وقائية ضد أي تكوين لجمعية تمثيلية في فلسطين!”"). فحركة 
جابوتينسكي ترى أنه إذا كان هناك بالفعل التزام مزدودجء فإن الالتزام لصالح 
المقام القومي اليهودي يجب أن تكون له الغلبة على الالتزام الخاص بإقامة حكم 
حر. 
وفي يونيو/ حزيران 1578: أي في الأسابيع الأخيرة لمهمة اللورد بلامرء 
يمثل سايمس الانتداب في لجنة جنيف. ومن ثم فإن سايمسء الذي سيرحل هو نفسه 
إلى عدن» إنما يعرض الوضع بحسب وجهة النظر الرسمية» والتي لا يتقاسمها إلآ 
بشكل جزئي: 
إن الملاحظات التي قدت في دورة سابقة من جانب السير جون شاكبيرج؛ والعسرض 
الذي قدمه السير ستيوارت سايمس نفسه؛ عن المصاعب الخاصة التي تواجهها الإدارة المدنية 
في فلسطينء لاشك أنها قد مكنت اللجنة من فهم الوضع. والحال أن عقبات ذات طابع محلي 
قد حالت إلى الآن دون إنشاء مجلس تشريعي يتميز بطابع تمثيلي أكثرء على النحو 
المنصوص عليه في المرسوم بقانون. وهذا الفشل يرجع إلى واقع أن العرب قد امتنعوا عن 
الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وتميل بعض المؤشرات إلى إثبات أن شريحة مهمة من الرأي 
العام العربي تدرك الآن أن ذلك الامتناع كان خطأ. إلا أنه لم تصدر على أي حال تصريحات 
رسمية في هذا الاتجاه. كما أنه لم تبذنل جهود جادة لإعلان هذا التحول في الرأي. والنتيجة؛ 
من الناحية الدستورية؛ أن الوضع يعد من الناحية المادية عين الوضع الذي كان قائمًا في عام 
77 . وهذا لا يعني من جهة أخرى أنه لم يحدث تقدم نحو الحكم الذاتي. على العكسء إن 
اتصالاً وثيقا مع المجتمعات القروية ومع المجالس البلدية المحلية ومع اللجان المهتمة بتوسيع 
المدن ومع الغرف التجارية» الخ قد أقنعه بتطور ما يمكن تسميته بالروح المدنية. والحال أن 
هذه الروح؛ إلى جانب تقدير صائب لفوائد هذا النظام وللتنظيم. كانت سمة ملحوظة للسنوات 
الأخيرة القليلة: إذ يبدو أن الهيكل العظمى للنظام البلدي التركي القديم يكتسب لحمًا بشكل 
4 


ولا مفرء بالطبع» من مضئ بعض الوقت قبل التوصل إلى نتائج عملية جديرة بمزيد 
من التقدير. والوضع المالي لكثير من الإدارات المحلية صعب ولا تجري دوم تسويته تسوية 
جيدة. من جميع الزوايا. وقد صيغ قانون جديد للبلديات ونشرت نماذج أحكام واعتمدت ومن 
شأنها تسهيل الإصلاحات. ويمكن على أي حال التأكيد بثفة على أن تقدما مُرضيًا قد كم 
إحرازء في كل مصلحة من مصالح الحكم المحلي. 

ومن المشكوك فيه أن هذا التقدم كان من شأنه أن يكون أكثر كفاءة لو كان الاهتمام 
العام قد انصبْ بشكل حصري على العمل التشريعي. الأكثر مسرحية؛ وإن كان يصعب أن 
يكون أكثر أهميةء والذي يتميز جانب كبير منه بطابع شكلي وتقاني. 


وفيما يتعلق بحصة الحكم الحر الأهم الممنوحة لشرق الأردن قياسَا إلى 
فلسطينء أجاب سايمس بالمقارنة التالية: إن تشغيل آلة عادية التركيب هو أمر 
أسهل من تشغيل آلة معقدة. وهو يعلن أن الدولة المنتديّة سوف تنخرط في الأعوام 
القادمة في برنامج واسع للإصلاحات الاقتصادية في فلسطين؛ خاصة في مجال 
الضرانب والجمارك. 
وتعرب اللجنة عن ارتياحها إلى هذا الموقف. وما تعارضه في اللحظة 
لمباشرة هو الفصل الفعلي بين شرق الأردن وقلسطين. وقد عقدت بريطانيا 
العظمى اتفاق 18 فبراير/ شباط ١578‏ دون الرجوع إلى عصبة الأمسم مسيقا. 
ويرد المندوب البريطاني بأن هذا من حقهاء لأن مبدأ هذا الحق قد كسبته منذ 
التصديق على ميثاق الانتداب. وتحرص اللجنةء في ملاحظاتهاء على تحديد 
موقفها: 
تقر اللجنة بأن الدولة المنتنبة هي المختصةّء بما يتماشى مع الميثاق ومع الانتدابء 
بالعمل على للتحقيق التدريجي للحكم الحرء خاصة في الأراضي الواقعة تحت الانتداب ألف. 
وهي لا تشك في أن المجلس سوف يدرس ما إذا كانت مواققته الرسمية؛ خاصة بالنظر إلى 
المادة 1؟ من الانتداب؛ تعد ضرورية لسريان مفعول الاتفاق المعني. 
وبما أن اللجنة قد كلفت بمهمة للسهر على التطبيق الكامل والحرفي للانتداب؛ فإنها 
ترى أن من الضروري لفت الانتباه إلى أن المادة ؟ من الاتفاق والتي نصت أيسضتاء ضمن 
أمور أخرىء على أن: 


* سلطات التشريع والإدارة التي عُهد بها إلى صاحب الجلالة. بصفته منتدبًا على 
فلسطين. سوف تَمَارَسْ في منطقة الأرض الواقعة تحت الانتداب المعروفة باسم شرق 
الأردن من جانب صاحب السمو الأمير» 

لا يبدو أنها تتماشى مع أحكام الانتداب والذي تنص مادته الأولى على أن: 

' الدولة المنتذبة ستكون لها سلطات تشريع وإدارة كاملة إل ضمن الحدود التي قد 
تكون شروط الانتداب الحالي قد حددتها». 


ويتزامن عهد اللورد بلامر مع الأعوام السعيدة للانتداب» من وجهة النظر 
البريطانية على الأقل. والحق أن الشريكين الآخرين على المسرح الفلسطينيء 
العرب واليهودء إنما يبدوان غارقين في مصاعبهما الداخلية وأنهما قد تركا للمدراء 
الاستعماريين البريطانيين مهمة إدارة البلدء وهو ما يتماشى مع رؤيتهم لعالم يتمثل 
دورهم فيه في تأمين «فعالية الحكم»؛ مع تربية أهل البلد تدريجيًا. 

ومن الواضح أن لا سياسية بلامر لا يجب أن تخفي أن عمله قد أنجزهء 
بموافقة من لندن هذه المرةء التطور الذي جرى البدء به في ظل السير هربرت 
صمويل. ألا وهو التحويل الجماعاتي لفاسطين. ومن الناحية الحقوقية؛ فإن 
البريطانيين قد قدموا إطار هذا التحويل بالنسبة لليهود. ومن الناحية السياسية لا 
يجب للهدوء الظاهر أن يجعلنا ننسى أن السيرورة نفسها آخذةً بالحدوث في 
صفوف السكان العرب. 
المجتمع العربي بين الإسلام والنزعة العربية 

يجد تراجع دور اللجنة التنفيذية العربية ترجمة له في تكاثر الأحزاب 
الصغيرة ذات للبرنامج القومي من الناحية النظرية؛ وإن كانت قاعدتها محلية بشكل 
محدّد. وهي تتألف عموما من الملتفين حول أحد الأعيان أو المتعاطين معه. وربما 
جاز أيضًا تفسير هذا التشرذم السياسي بوصفه تعبيرًا عن صعوبة الاعتراف بدور 
القدس المركزي أو قبوله. فثقل المدينة المقدسة والعاصمة الإدارية قد أعطى كبرى 
عائلات المدينة دون قياديًا في مجمل الحياة السياسية الفلسطينية؛ وقد وجدت 
عائلات الأعيان في المدن الأخرى صعوبة في قبول هذا الدورء ومن هنا إغراء 
انكفائها على الساحات الطبيعية لسلطتها ما أن يتراجع التوتر السياسي. 


1١٠ 


وهذا التشرذم للعبة السياسية إنما يعطي مكانا أوسع بكثير للمجلس الإسلامي 
الأعلى» الهينة العربية والإسلامية الوحيدة التي تغطي مجمل فلسطين. وتتأكد 
صدارة المجلس بعين حكم منطق التحويل الجماعاتي الذي يشجعه البريطانيون. 
وعندئذء تصبح شخصية الحاج أمين الحسيني عنصر الإحالة. وفصيلا 
«المجلسيين» و«المعارضين» يحددان نفسيهما من زاوية الموقف منه. وهو بحكم 
عمره - في منتصف عشرينيات القرن العشرين لم يكن قد بلغ الثلاشين بعد - 
قريب من عناصر الشبيبة المتعلمة وقد تقاسم معها تجربة سياسية مشتركة في عهد 
الإدارة العسكرية البريطانية والمملكة العربية. أمّا من حيث منبته ووظيفته كمفت 
أكبرء فإنه في صدارة العائلات الكبرى. ومنذ بداية عمله السياسي» عرف نفسه 
بوصفه قوميًا عربيًا وحدويّاء وإن كان قد تمكن من إعطاء البريطانين التطمينات 
الضرورية عندما جعل من نفسه ضامن النظام العام في القدس. وبوصفه زعيم 
رجال الدين» فإنه الممثل الأول للإسلام في فلسطين. 

ومن عام 1175١»؛‏ يصبح من الواضح أنه المستهدف الرئيسي مسن جانب 
أعضاء المعارضة وأنه. في الوقت نفسه, الشخصية الفلسطينية الوحيدة التي تملك 
القدرة على لعب دور يتخطى حدود فلسطين. فمنذ مستهل الانتفاضة السورية 
الكبرىا"'). يجعل من نفسه المدافع النشيط عن الثوارء وء في اللحظة نفسهاء يعبر 
عن تضامنه مع جمهورية الريف التي يتزعمها عبد الكريم والتي تخوض النضال 
ضد فرنسا وإسبانيا في المغرب الأقصى. ويجري تكوين لجنة مساندة» كما يجري 
تنظيم حملات لجمع التبرعات في المدارس الإسلامية والمساجدا؟”". وبشكل 
مناظرء تنحاز الصحافة اليهودية «بالإجماع إلى صف فرنسا والحضارة ضد عودة 
البربرية التي ستكون النتيجة الحتمية لنجاح المتمردين أكان ذلك في سوريا أم في 
المغرب الأقصى». 

والحال أن الأمير عادل أرسلان» شقيق شكيب أرسلان» وهو قومي عربي 
كان قد لحق بعبد الله في شرق الأردن ثم طّرد من الإمارة عندما تخلص الأمير 
الهاشمي من قدامى أنصار المملكة العربية قد استقر في فلسطين وأقام حلقة 
الوصل مع الثوار الدروزء الذين يتقاسم معهم أصولا طائفية واحدة (فهو درزي 
لبناني). ويطلب الفرنسيون من البريطانيين تقييد نشاطاته2"). والشيء نفسه يحدث 


1١1 


مع شخصيات سورية أخرى كجميل مردم بك(”")» الذي يجري إلقاء القبض عليه ثم 
تسليمه إلى الفرنسيين7"). ويؤدي قصف دمشق في أكتوبر/ تشرين الأول ١578‏ 
إلى إثارة غضب شعبي قويء ولا يتردد البعض في إعادة شن حملة دعائية مؤيدة 
لاتحاد سوريا وفلسطين في ظل انتداب إنجليزي/””: 
خلال اجتماع مهم لأعيان القدس المسلمين؛ تقرر حث السوريين على المطالبة 
بالانتداب الإنجليزي. ويبدو أن المشكلة الصهيونية قد تراجعت إلى المرتبة الثانية فسي 
شواغل الفلسطينيين. ومن جهة أخرى فقد وجدت إحدى الشخصيات الحاضرة صيفة موفقة 
للمصائحة بين الجميع: «في بيت أوسع. ستكون الجماعات المختلفة أكثر ارتياخا وأسيكون 
بوسع كل جماعة السعي إلى أهدافها الخاصة دون إزعاج جاراتها». والبيت الأوسسع هو 
سوريا وفلسطين في ظل دولة منتدبة واحدة. وفي هذه الظروف. فإن تصريح بلفور نفسسه 
سيصبح لا ضير منه. 


والمفتي الأكبر هو المنظم العام لحركة التضامن. وتمر التبرعات التي يتم 
جمعها من خلاله ضمن إطار لجنة القدس””). ويشهد الحج إلى النبي موسى في 
أبريل/ نيسان ١477‏ صدارة الشعارات المناهضة للفرنسيين على الشعارات 
المناهضة للصهيونيين والمناهضة للبريطانيين'). وفي هذا السياق» تسعى 
المعارضة إلى السيطرة على المجلس الإسلامي الأعلى. ققد أقام البريطانيون نظامًا 
معقدا. وهو يتمثل في القيام أولاً بانتخاب جمعية من 57 عضوا! يمثلون الناخبين 
في الدرجة الثانية بحسب النظام الانتخابي العثماني. ويتعين عليهم تسمية لجنة 
مراقبة مهمتها مراقبة الانتخابات وتتألف من أربعة أعضاء من المجلسء مع 
مراعاة أن المفتي عضو دائم في المجلس المذكور. ويجري الأمر كله في فوضى 
كاملة حيث تحدث المواجهة بين أنصار آل النشاشيبي وأنصار آل الحسيني. 
ويستخدم كل فريق جميع إمكانات الضغط المتوافرة. وتفوز المعارضة خارج 
القدسء لكن الحسينيين يسيطرون بقوة على المدينة المقدسة وجنوبي البلدل:*). وهم 
يحافظون على سيطرتهم على المجلس بأغلبية ثلاثة أصوات (بينها صوت المفتي 
الأكبر) في مقابل صوتين. فيطالب النشاشيبيون باعتبار الانتخابات لاغية» وهو ما 
يحصلون عليه استناذا إلى ثغرة شكلية('*). بل إنهم سوف يمضون إلى حد اقتراح 


١1 


أن تتولى حكومة الانتداب الرقابة على ماليات المؤسسات الإسلامية» على غرار ما 
حدث مع بطريركية القدس الأرثوذكسية» كي لا يبقى هذا السلاح القوي في أيدي 
خصمهم. وتعين الحكومة مجلسًا مؤقتا مسئولا عن تسيير الشئون العادية والتحضير 
لإصلاحات. والواقع أن المعارضة تنجح في الحفاظ على مقعديها في المجلس وفي 
زعزعة سيطرة المفتي على الشئون الإسلامية. 

والحاصل أن عدة شخصيات أجنبية بينها القومي التونسي الثعالبي المنفي في 
الشرق الأدنى» إتما تحاول القيام بوساطات بين الفصائل الفلسطينية!”*). ولكن دون 
طائل. وفي هذا النزاع بين الإخوة» يطرح الحسينيون أنفسهم بوص فهم المدافعين 
عن الاتحاد الضروري بين جميع العرب؛ من المغرب الأقصى إلى سورياء ضد 
الدول الاستعمارية وضد الصهيونية. وفي منتصف عشرينيات القرن العشرين» نجد 
أن كلمة «الإمبريالية»: القادمة من الدعاية الشيوعية؛ تدخل في الاستخدام الشائع 
في اللغة السياسية العربية”» والحسينيون هم الذين أدخلوها إلى فلسطين العربية. 
وفي الأسابيع التالية» يسمح اتحاد عابر للأحزاب العربية بتدشين نقاش مع سلطات 
الانتداب حول إنشاء جمعية تشريعية» لكن هذا النقاش يتوققف بسبب اعتراض 
اللورد بلامر" 

وفي ذلك الزمنء كان الحاج أمين قد ابتعد عن الهاشميين. وشأن أستاذه رشيد 
رضاء انتمى إلى الاتجاه المعادي لعبد الله وللملك حسينء وإن لم يكن لفيصلء الذي 
يظل شخصية محترمة بسبب وطنيته العربية. وهو [الحاج أمين] على اتصال وثيق 
بالقومي العربي السوري. شكري القوتلي» أحد القريبين من ابن سعود. وسرعان ما 
تصبح لجنة القدس هيئة منافسة لهيئة القاهرة» التي تتولى شئونها اللجنة السورية - 
الفلسطينية والتي يسيطر عليها ميشيل لطف اللهء المعتبرء هو والدكتور شهبندرء 
قائد الانتفاضة السوريةء أحد الأنصار الثابتين للهاشميين. 

وهكذا فإن مفتي القدسء الذي كان قد ساند الملك حسين في السابقء؛ إنما 
ينحاز بشكل سافر إلى ابن سعود. وهو لم يكن قد دعي إلى المؤتمر الإسلامي 
الأول خلال فترة ما بين الحربين العالميتين» والذي قد في القاهرة وسُمّي 
ب«مؤتمر الخلافة». والحاصل أن هذا المؤتمرء الذي انعقد في مايو/ أيّار 20575 
قد اكتفي بالتذكير بالشروط النظرية لتولي الإمامة العظمى في الإسلام» وبالمقابل» 


1١ 


دع الحاج أمين إلى مؤتمر مكة في يونيو/ حزيران 1477 والذي يتمثل هدفه في 
تحديد تنظيم الحج على أثر فتح ابن سعود للحجاز. وخلف هذا الرهان الأول٠‏ 
يكمن» بكل بساطةء سعي إلى دمج طهرانية الوهابيين الإصلاحية في الإسلام 
الرسمي. فإلى ذلك الحين؛ نجد أن هذا الشكل من أش كال الإسلام [الوهابية]» 
المعادي بعنف لتقديس الأولياء الصالحين ولممارسات الطرق الصوفية الأخوية:؛ 
كان يعتبر خروجًا على الملّة. وقي المؤتمرء يلقي الحاج أمين كلمة مهمة حول 
مسألة سكة حديد الحجازء التي كانت تشكل وقفا من جانب عبد الحميد والتي 
استولت عليها الدولتان المنتدبتان في سوريا وفي شرق الأردنا**). فتجري 
المطالبة برد سكة الحديد إلى أصحابها الشرعيين. وفي المؤتمرء التقى المفتي مسن 
جديد برشيد رضا واتصل بمسلمي الهند وأقام علاقة دائمة مع أبن سعود. 

ومع تضعضع الانتفاضة السورية» تنفجر الأزمة بين اتجاهي الحركة القومية 
العربية. وذريعة ذلك هي إدارة أموال الدعم واستقلال لجنة القدس عن لجنة 
القاهرة. وفي يناير/ كانون الثاني 5717١ء‏ يذهب ميشيل لطف الله إلى القدس لمقابلة 
الحاج أمين: بيد أنهما لا يتمكنان من التوصل إلى اتفاق7”*). وفي تلك الأثناءء 
صحيفة الجامعة العربية» والتي يعبر عنوانها نفسه عن طموحات الحاج أمين. 

وفي-عام 2١377‏ تهيمن الانتخابات البلدية على الحياة السياسية الفل سطينية. 
ويرى البريطانيون أن هذه الانتخابات مرحلة على طريق الحكم الحر وانبثاق هوية 
فلسطينية جامعة لكل عناصر السكان. ويتم الاعتراف بالواقع الطائفي عبر تحديد 
عدد محدد من المقاعد لكل جماعة طائفية في كل بلدية» إلا أنه» بالمقابل» لا وجود 
لمجموعات ناخبين [طائفية] منفصلة. وعندئذء فإن اليهود إنما يصبحون المحكّمين 
في السياسة العربية ("*). والحال أن الحسينيين والنشاشيبيين على حدٌ سواء إنما 
يحاولون نيل تأييدهم (حيث يهدد الحسينيون بدفع فريق من العرب إلى التنصويت 
لصالح أجودات إسرائيل). وفي مسلك يتميز بالحصافة» يقدم الصهيونيون تأييدهم 
للنشاشيبيين فيكفلون بذلك انتصارهم في المدن المختلطة الرئيسية. والحال أن غزة 
والمجدل هما وحدهما اللتان تمنحان أغلبية للحسينيين. وعندئذ تجد المعارضة نفسها 
في موقع قوة. 


وما يسهل إغراء عقد تحالفات سرية مع الصهيونيين هو المصاعب التي 
تخترق حركتهم. فالأزمة الاقتصادية تصيب الييشوف منذ عام ١975‏ وقد رّدّت 
الدعاوى الصهيونية إلى مستوى أكثر تواضعًا. ويجد تراجع معاداة الصهيونية 
ترجمة له في ارتخاء للتلاحم فيما بين المسلمين والمسيحيين. وفي هذاء يمر 
المسلمون الفلسطينيون بالتطور عينه الذي مرت به بقية مسلمي الشرق الأدنسى. 
فانتصار الوهابيين في بلاد العرب قد أعطى قوة جديدة للتيارات الإصلاحية 
الطهرانية التي تكافح الأشكال الأكثر تقليدية للمارسة الدينية كما تكاقح أيضًا المكانة 
الممنوحة للمسيحيين في المجتمعء والتي يُنظر إليها على أنها أكبر من اللازم؛ إلى 
جانب مكافحة هذه التيارات لعمل المبشرين الغربيين. والحال أن النشاط 
الاستفزازي غالبا والذي يقوم به المبشرون البروتستانت؛ ذوو الأصل الأميركي في 
الأغلب*'), قد أدى إلى فضائحء ويجري اتهام الدول الغربية بالرغبة في تتصير 
المسلمين. وإلى الخطاب الديني الخاص بالدفاع عن الإسلام الذي يتعرضص للهجومء 
تضاف التيمة الجديدة والخاصة بالنضال ضد الإمبريالية» التي قد يكون مسيحيو 
الشرق أداتها. 
الإسلام والسياسة 


لا يجب تناول البعدين الديني والسياسي في انفصال أحدهما عن الآخر. وفي 
العصر العثماني, نجد أن التعليم الثانوي الخاص الذي تولآه المبشرون الكاثوليك 
والبروتستانت. واليهودل'”) كان يمثل الحصة الأعظم إلى أبعد حدّ في شبكة التعليم 
الثانوي. وإذا كان قد أتيح للمسلمين» فإن صبغته الطائفية قد ظلت قوية. وفي 
الشرق الأدنى بعد عام 1514» انخرطت السلطات الجديدة القائمة في سياسة 
مدرسية إرادوية» واجتذب التعليم الذي تقدمه الدولة عدذا متزايد الأهمية باطراد من 
المسلمين. وفي لبنان كما في فلسطينء أنشأ المسلمون أيضًا مدارسهم الخاصة» 
والتي حصلت على دعم جزني من جانب الحكومة. وفي نابلس» كان عزة دروزه 
رائد تعليم ثانوي إسلامي حديث. وفي أواخر عشرينيات القرن العشرين»ء شكل 
المدرسون المسلمون بالفعل جماعة جد مهمة من الناحية العددية» وأدت الدورات 
الجديدة في كل عام إلى تضخم عدد الشبان المتعلمين. وفي سوق العمل؛ أص بحوا 


1١6 


منافسين للمسيحيين واليهودء الذين كانت حصتهم في الوظائف العمومية والخاصة 
أعلى بكثير من أهميتهم العددية في المجتمع. 

وقد تكونت في مصر أول جمعية للشبان المسلمين؛ وكان هدفها المعلن هو 
التصدي لنشاط المبشرين وصرف المسلمين عن التردد على المؤسسات المسيحية. 
والحال أن الحركة الأنجلو - ساكسونية للشبيبة المسيحية (جمعية الشبان 
المسيحية[«20:0أع4550 0دأ)واط0© م346 عددهلا]) كانتء في أن واحدء بمثابة نموذج 
تحذو حذوه جمعية الشبان المسلمين وبمثابة خصم لها على حدٌ سواء. وكاندت 
جمعية الشبان المسيحية قد حازتء بتشجيع من السلطات البريطانية» مقرًا ضخمًا 
في القدس وأتاحت للجميع نشاطات ثقافية ورياضية عديدة وإن كانت قد حافظت في 
الوقت نفسه على أمارات انتمائها الديني. وفي فلسطينء. في منتتصف عشرينيات 
القرن العشرين؛ تظهر أندية مسلمة تستعيدء غالباء عين المنتمين الذين كانوا 
أعضاء في الأندية السياسية - الأدبية في أعوام 1970-19518. وغداة 
الانتخابات البلدية التي شهدت المواجهة بين جماعات الأعيان العائلية» تعلن هذه 
الأندية أنها أندية غير سياسية وترفض علانية الانحياز إلى سياسة العصبيات 
والأحزاب. وهكذا ينازع هؤلاء الشبان المسلمون المتعلمون هيمنة الأعيان. 

وكما في مصرء سوف يكون النضال ضد المبشرين بمثابة ذريعة لهؤلاء 
الشبان. ففي مارس/ آذار - أبريل/ نيسان 1178. ينعد في القدس مؤتمر عام 
للإرساليات التبشيرية البروتسانتية!"؟). واهتماماته تعبر تمامًا عن روح العصر. 
ويكشف رجال الدين من أهل آسيا وأفريقيا عن روح استقلال قوية» بل عن نزعة 
قومية» ويطرحون المسألة العرقية التي تفصلهم عن المبشرين الغربيين. ويحتج 
المسلمون بقوة على عقد المؤتمرء الذي يشكل تأكيذا للروح الاستعمارية 
الأوروبية!''). وتجري مماهاة الفرنسيين والبريطانيين بصليبيي العصر الوسيطا""). 
والأرجح أنه في تلك اللحظة يولد الاتهام الذي يذهب إلى أن أللنبي وجورو قد 
اعتبرا نفسيهما بمثابة منتقمين في حملة صليبية جديدة» انتقما لهزائم الفرنج على 
أيدي صلاح الدين والظاهر بيبرس. وهذه المماهاة تجعل من الإمبريالية مواصضلة 
لحرب أبدية تخوضها المسيحية ضد الإسلام. 


كلل 


ويؤخذ على المندوب السامي أنه قد أضفى طابعا رسميًا على المؤتمر بقيامه 
هو نفسه بافتتاح أعماله. وفي عدة مدن في فلسطينء تشكل شبيبة المسدارس رأس 
حربة للتظاهرات. والحاج أمين هو المنظّم السري للحركة. وتتخذ السلطات تدابير 
أمنية معزّزة خلال احتفالات النبي موسىء والتي تجري في الأيام نفسها. ويستدعي 
اللورد لامر المفتي الأكبر لكي يدعوه إلى استعادة السكينة. فيرد عليه هذا الأخير 
بأنه منشغل بالحج. على أنه يذهب مع ذلك إلى الاجتماع الذي ذعي إليه لكي 
يطالب بإنهاء المؤتمر. ويمتنع اللورد بلامر عن الإذعان رسميًا لهذا الطلب» لكسن 
المؤتمر ينهي أعماله في اليوم التالي. والحاصل أن الحاج أمين؛ وفيا لاستراتيجيته: 
إنما يسهر على عدم وقوع أي حادث خلال الحج إلى النبي موسى. وقد كسب أول 
اختبار للقوة بينه وبين السلطات البريطانية. 

وفي غمرة الأحداث, تتحد الأندية المسلمة لكي تشكل جمعية الشبان المسلمين 
الفلسطينية وفق نموذج جمعية الشبان المسيحية. وعزة دروزه أحد الملهمين 
الرئيسيين لهال”'). وقد عُقد مؤتمرها التأسيسي في نابلس في مايو/ أيّار 41974", 
ويشكل المدرسون القاعدة الاجتماعية للحركة؛ التي تمتد إلى مجمل فلسطين» فيما 
عدا القدس. حيث ينجح الحسينيون والنشاشيبيون في الحيلولة دون انغراسها. وعلى 
الرغم من أن جمعية الشبان المسلمين جمعية غير سياسية؛ إلا أنها سرعان ما 
سوف تتخذ نبرة معادية للمسيحيين وتصبح موقعًا لتربية حشد بأكمله من الشبيبة 
سوف نجده في الصفوف الأمامية لأحداث ثلاثينيات القرن العشرين. إذ يقال آنذاك 
بالفعل أن من الضروري للمرء «أن يكون متطرفا في أفكاره وأعماله؛ لأن 
الاعتدال ضعف». 

والتعارض الطائفي نفسه ماثل في انقسام اللجنة السورية - الفلسطينية في 
القاهرة في أواخر عام .١371‏ فالجانب الأعظم من الأعضاء المسيحيين يظل 
منحازًا إلى صف آل لطف الله وشهبندرء الاتجاه الموالي للهاشميين» في حين أن 
أعداء الهاشميين يلتفون من جديد حول رشيد رضا. وقد طرح الحاج أمين نفسسه 
في البداية كداعية إلى التوفيق فيما بين الفريقين» إلا أنه ينعاز بعد ذلك إلى 
صف أستاذه السابق**). وطبيعي أن النشاشيبيين يتعرفون على أنفسهم في الاتجاه 
الآخر. 


1/ 


وعلاوة على القلق الناجم عن علو الصوت الإسلاميء فإن للمسيحيين 
الفاسطينيين مشكلاتهم الخاصة!'"). فمنذ تخلي فرنسا عن حمايتها الدينية» لم يعد 
من الوارد لهم أن يلعبوا بورقة تمثيل سياسي خاص. ومن المؤكد أن النزعة 
الطائفية الدينية تظل ماثلة في توزيع المقاعد في المجالس البلدية» لكن الإدارة 
البريطانية لا توفر من إمكانات التعبير السياسي غير قدر أقل من القدر الذي كان 
متاحًا في العصر العثماني. ومن الناحية السياسية» يتوزع المسيحيون بين مؤيدين 
لفصيل الحسينيين ومؤيدين لفصيل النشاشيبيين. وتوفر سياسة الأعيان إمكانيات 
للاندماج السياسي؛ على مستوى ثانوي بالتأكيد» تنكرها عليهم جذرية الشبيبة 
الإسلامية. ويظل الواقع الرئيسي مائلا في أن التحويل الجماعاتي للمجتمع 
الفلسطيني قد أدى إلى دفع المسيحيين إلى الانصهار في المكوّن العربي للمجتمع 
بدلا من السعي إلى طرح أنفسهم كمحاورين سياسيين لهم خصوصيتهم. على أنهم 
يميلون بالأحرى إلى تأييد فصيل النشاشيبي, ذي الانغراس الجيد في المناطق 
الساحلية حيث يعدون أكثر أهمية من الناحية العددية. ثم إنهم لا يثتقون باتجاهات 
الحسينيين الإسلامية» والتي يرمز إليها انحيازاهما المتعاقبان إلى الكماليين ثم إلى 
الثوار السوريين. وفي الانتخابات البلدية في القدسء تذهب مقاعد المسيحيين كلها 
لأنصارٍ للنشاشيبيين. كما أن الصحف التي يملكها المسيحيون (فلسطين, الكرمل. 
مرآة الشرق) ذات اتجاه نشاشيبي. 

وفي داخل الطوائفء تظل الشواغل كلاسيكية. فعند الكاثوليك, يتعلق الأمر 
كالعادة بمسألة إضفاء الطابع اللاتيني على الشعائر الشرقية. فبطريركية القدس 
الكاثوليكية» ذات الأعراف اللاتينية» تتململ من استقلال الكنائس الكاثوليكية 
الأخرى, كما أنها في نزاع منتظم مع القاصد الرسولي الذي أرسلته روما. وفي 
عام 1977» يبدو أن روما تفصل في الأمر لصالح الشعائر الشرقية» برغم أنف 
المونسنيور بارلاسيناء بطريرك القدس الكاثوليكي('"). وهذا الأخير يتهم الروم 
الكاثوليك وهم الأغلبية» بالإذعان للنزعة القومية العربية. وهو يرى أن دعاواهم 
من شأنها أن تقود إلى طرد رجال الدين الأوروبيين من الشرق والعودة إلى انشقاق 
الكنائس الشرقية المتحدة الآن بروما عبر الانضباط اللاتيني9'). وبالمقابل» نجد أن 
المونسنيور بارلاسينا وكذلك المونسنيور حجار قد اتخذا بشكل واضح موقفا منهجيًا 
١4 :‏ 


والحاصل أن نزاعًا له الطبيعة عينهاء وإن كان أكثر حدة:؛ إنما يصيب 
الكنيسة الأرثوذكسية"'. فمنذ عقود. نجد أن صغار رجال الدين العرب والمؤمنون 
يعارضون كبار الدين اليونانيين من حيث أصولهم العرقية. ويتعلق الأمر بادئ ذي 
بدء بتحديد عين معنى مهمة بطريركية القدس الأرثوذكسية. فاليونانيون يرون أن 
مهمتها تكمن في تمثيل مجمل الأرثوذكسية» بينما يرى العرب أن هذه البطريركية 
إنما تعد بالدرجة الأولى الكنيسة المحلية للمؤمنين الأرثوذكس. والحال أن الاختفاء 
السياسي للأرثوذكسية الروسية» التي كانت ميّالة إلى دعم الأرثونكس العرب» قد 
أضعف هؤلاء الأخيرين. وبما أن اليونان فاعل سياسي من الدرجة الثانتية؛ فإن 
البطريركية تسعى إلى اتخاذ السلطات البريطانية حاميًا لها. وحيث إن الحصرب 
العظمى قد أصابت ماليات الكنيسة إصابة قاسية» فقد سعت البطريركية إلى تسوية 
ديونها ببيع جزء من ممتلكاتها العقارية في منطقة القدس للصههيونيين. فينضم 
النزاع على المؤسسات إلى النزاع فيما بين العرب واليهود. وقد نظم المؤمنون 
الفلسطينيون أنفسهم في مؤتمر أرثوذكسي يعارض السيطرة اليونانية وحصلوا على 
مساندة من الجمعيات الإسلامية - المسيحية. والحال أنهم إنما يطرحون أنفسهم 
بوصفهم ضحايا ثلاث مرات: لليهود واليونانيين والبريطانيين. 

وبالرغم من التوترات الدورية» فإن الواقع الرئيسي إنما يظل ماثلاً في تماهي 
المسيحيين الفلسطينيين القوي مع المعاداة للصهيونية ومع الهوية العربية 
الفلسطينية» التي لا يتشككون فيها البتة. 

وفي أواخر عام ١1971‏ تستشعر مجمل صفوف النخبة العربية ضرورة 
القيام أخير! بعقد المؤتمر الذي لم ينعقد منذ عدة سنين. وأسباب هذه التحرك عديدة. 
فالإحباط فعلي من عدم التمتع بتمثيل سياسي لدى الحكومة:؛ خلافا للانتدابات 
الأخرى. فمن المزعج رؤية سكان شرق الأردن» الأقل تقدمًا بكثير من حيث 
التمدن. يتمتعون بمثل هذا التمثيل. وقد أدرك الأعيان أن الإدارة البريطانية تعد 
لإصلاح ضريبي واسع من شأنه أن يؤديء بين أمور أخرىء إلى خفض عبء 
الضرائب على الأرياف وزيادة هذا العبء على المدن. فتصبح مصالحهم المادية 
مهثدة!'''). والأمر كذلك فيما يتعلق بتعديلات السياسة الجمركية» والتي تسير فسي 
اتجاه زيادة الرسوم على المنتجات النهائية المستوردة سعيًا إلى تشجيع سياسة 


١6 


تصنيع. فالبورجوازية الساحلية تنزعج من ذلك لأنها تلعب دورًا رتيسيًا في 
المنتجات المستوردة ولأنها تخشى من العقوبات التي سيكون ضحاياها منتجو 
الحمضياتء والتي تشكل قطاعًا آخر تتمتع فيه هذه البورجوازية بانغراس جيد 
بشكل خاص. ولم يحدث من قبل قط أن بدت لها فكرة ضرورة الموافقة على 
الضريبة بهذه الدرجة من الوضوح, فوضعيتها الاقتصادية والاجتماعية قد باتدت 
ومن ثم فإن مطلب تكوين جمعية تشريعية إنما يعد مطلبًا ملحًا. وتمهيذا لعقد 
المؤتمرء جرت تسوية المسائل السياسية الرئيسية(”'').فالحسينيون والنشاشيبيون 
يتوصلون إلى تسوية: فيحتفظ الأولون بالسيطرة على المؤسسات الإسلامية بينما 
يجعل الأخيرون من المجالس البلدية قواعد سلطتهم. ويجري الحد من هيمنة القدس 
لأن توزيع المندوبين سوف يتم من زاوية التوزيع الديموغرافي لمختلف أقضية 
فلسطين (نحن بإزاء مطلب خاص من جائب سكان الشمالء الذين يرون أن 
الحسينيين والنشاشيبيين يمثلون بالأخص كبرى عائلات المدينة المقدسة). 
وبالمقابل» سوف ينعقد المؤتمر في القدس لأول مرة في عشرينيات القرن 
العشرين. ويحصل المسيحيون سلفا على عدد محدّد من المقاعد في المؤتمر. وفيما 
يتعلق بالوظائف العمومية» فإن المطلب الذي يلقي الإجماع إنما يتصل بالتخفيض 
الفوؤري لعدد الموظفين البريطانيين. 

وينعقد المؤتمر الفلسطيني العربي السابع في القدس في ٠١‏ يونيو/ حزيران 
22704 وهو يضم أكثر من 7٠٠١‏ مندوبء» ربعهم من المسيحيين9””'). وتدور 
المناقشات بسرعة فائقة كيما يتسنى إبلاغ لجنة الانتدابات بالقرارات المتخذة قبل 
انتهاء دورتها. وعزة دروزه هو أول خطيب يأخذ الكلمة. وهو يشير إلى أنه في 
الأماكن التي يحوز فيها العرب حكومة قومية (سورياء لبنان» العراق)؛ نجد أنهسم 
يدفعون ضرائب أقل مما في فلسطين. ويسهب المتحدثون الآخرون في الحديث عن 
التيمة نفسها. وفي المساء نفسه. يجري إرسال برقية إلى جنيف تطالب باسم الحق 
الطبيعي بتكوين حكومة برلمانية في فلسطين على أساس ميثاق عصبة الأمم 

والتعهدات التي تعهد بها الحلفاء للعرب خلال الحرب العالمية: 
إن فلسطين لا تقل في تقدمها المدني عن أخواتها من البلاد العربية المجاورة والتسي 
تتمتع بقسط وافر بالنسبة من الأنظمة البرلمانية المختلفة. إن سكان فلسطين لا يطيقون ولن 

نل 


يطيقوا أن يصبروا على نظام الحكم الحالي الاستعماري المطلق. ويطلبون بكل ما لهم مسن 
حقوق تأسيس هينة تمثيلية تضع دستورا فلسطينيًا يضمن لها إيجاد حكومة برلمانية. 


والحال أن تصريح سايمس في اليوم نفسه أمام اللجنة إنما يبدو كدفع احتقاري 
من جانب السلطات البريطانية بعدم جواز سماع الدعوى. 
وفي اليوم التالي يتم انتخاب لجنة تنفيذية دائمة تتألف من 77 مسلمًا و7١‏ 
مسيحيًا اختيروا من زاوية توزيعهم الجغرافي وفي حرص على التوازن فيما بين 
الفصائل. ويحتفظ موسى كاظم بالرئاسة. والحال أن القرارات المتّخذة إنما تومتع 
مضمون برقية الأمس: جمعية تمثيلية» خفض إنفاقات الحكومة» احتجاجات على 
المحاباة الممنوحة للصهيونيينء إنشاء بنك زراعيء زيادة ميزانية مصلحة التعليم 
العام وتسليم هذه المصلحة لمسئولين من أهل البلد. ويقف أعضاء المؤتمر ثلاث 
دقائق حداذا على سعد باشا زغلولء البطل القومي المصريء وعلى «شهداء 
سورية». وإذا كانت روح الاعتدال قد تغلبت؛ فقد لوحظ مع ذلك ظهور فريق مسن 
الشبان الجذريين الذين طالبواء نأول مرة؛ بإلغاء الانتداب وباستقلال فوري 
ولم يجر تمثيلهم في المكتب الدائم المؤلف من ستة أعضاء والمنبشق عن 
اللجنة التنفيذية والمشكل كالعادة من زاوية الحرص على التوازن. ويطالب موسى 
كاظم في مواقفه بانتداب من دون تصريح بلفور ويتمتع بجمعية تشريعية. ويرى 
البريطانيون أن مسألة الجمعية ليست واردة في جدول أعمالهم. إذ يجب التمسك 
بسيرورة تربية سياسية من خلال مؤسسات محلية. وفي 75١‏ يوليو/ تموز 2١1118‏ 
تبعث اللجنة التنفيذية إلى اللورد بلامرء وهو بسبيله إلى ترك عمله؛ مذكرة ذات 
نبرة أكثر تشددا تهاجم النظام الاستعماريء بل الإمبريالي9"): 
وفوق كل ما تقدم فإن الخبرة التي اكتسبها القلسطينيون في تطبيق الحكم الاستعماري 
المزعج مدة السنوات العشر الخيرة تدفعهم إلى أن يعلنوا عقيدتهم الراسخة مسن أن هذا 
الحكم قد أخفق إخفاقًا تامّاء مستدلين على ذلك بنتائجه المحزنة الظاهرة للعيان» لاستمرار 
الآزمة المالية التي استحكمت حلقاتها منذ سنين. كما تنطق بذلك البيانات والأرقام الرسمية 
المنشورة في تقارير الحكومة السنوية؛ وفي إرهاق السكان الفقراء بالضرائب الثقيلة لإعداد 


١١ 


البلاد للهجرة الصهيونية. كما صرح بذلك هذا الشهر المستر سايمس؛: مندوب الحكومة 
البريطانية: أمام لجنة الانتدابات. فكان من ذلك أن أسيء إلى أهل البلاد بتحميلهم ما لا طاقة 
لهم به. وأسيء إلى المهاجرين باستدراجهم من بلادهم التي كانوا فيها آمنين إلى بلاد 
يقاسي أكثرهم اليوم فيها أشد حالات البؤس والشقاء. 

والظاهرة أيضا بما قذفت به الحكومة هذه البلاد من القوانين التي لا توافق طبانع 
أهلها وعاداتهم وشرانعهمء فأوقعت البلاد في ذهول ودهشة ورجال القضاء والمحاكم في 
حيرة وقوضى. وقي عدم الاتصاق والتناسب في توزيع الميزانية العامة وعدم استقرارها 
على حال وفي أمور متنوعة أخرى كانت كلها نتيجة منتظرة لاستقلال رجال الحكومة 
بسلطتي التشريع والتنفيذ وكلهم من الغرباء الذين يجهلون حالات البلاد وطبائعها وعقلية 
سكانها وطبائعهم. 


ولأول مرة في نص من هذا النوع: يجري استخدام مصطلح «الفل سطيني» 
على شكل موصوف لا على شكل صفة» ودون أن يكون مسبوقا باسم «العربي». 
بؤس الصهيونية 

العام ١57‏ هو عام نشوة معينة في الأوساط الصهيونية مع افتتاح الجامعة 
العبرية وصدور المرسوم الخاص بتنظيم الجماعة اليهودية. وقد بدا اللورد بلامر 
مويّدًا لهجرة يهودية واسعةء» ضمن إطار طاقة الاقتصاد الاستيعابية» في اللحظة 
التي تبلغ فيها العاليًا الرابعة أوجها. فمحصلة الهجرة من س بتمبر/ أيلول ١914‏ 
إلى أكتوبر/ تشرين الأول 65 تزيد عن ٠٠0٠‏ 75 نسمةء وهو رقم لم يتم بلوغه 
من قبل قطل”'). إلا أنه يبقى مع ذلك أن مشروع الوكالة اليهودية إنما يظل كالعادة 
بعيدًا عن التجسد. ففاعلو الخير لليهود الأميركيون يدعمون مشروع الاستيطان 
لليهودي في القرم والذي دشنته السلطات السوقييتية. ومنذ نهاية الحرب العظمىء 
تجد أن لجنة التوزيع اليهودية الأميركية المشتركة [ )هذهل طكتمع1 مءمعمم 
عء)انصدده0© «مناناطة1(15]ء وهي المنظمة الرئيسية لجمع التبرعات لمساعدة اليهود 
في العالم» قد اهتمت بمصير يهود أوروبا شرقية منكوبة بنزاعات مختلفة. وكان قد 
جرى تقديم أكثر من ١‏ مليون دولار لرعايا بلدان أوروبا الشرقية غير السوثييتية 


١71 


ونحو ٠١‏ مليون دولار لمشروع القرم الخاص بتوطين ٠٠٠٠٠١‏ نسمة في 
الزراعة. والحال أن تدابير التجميع الزراعي خلال ثلاثينيات القرن العشرين 
والخطة الخمسية الأولى سوف تهدم هذه المساعي7”'). وتَردُ الأوساط الصهيونية 
على هذا النهج بقوة فتكثف التهجمات الشخصية على اليهمود غير الصهيونيين. 
والحال أن هؤلاء الأخيرين» وقد استاءوا من ذلكء إنما يتخذون موقا متشئدًا في 
المفاوضات المتعلقة بإنشاء الوكالة اليهودية. 

وقد أدت الانتفاضة السورية إلى عزل الجنرال ساريل والاستعاضة عننه 
برجل سياسيء. هو هنري دو جوفنيل. ويلتقي به قايتسمان في باريس في نوقمبر/ 
تشرين الثاني ١175‏ عند ليون بلوم وفي حضور أناتول دو مونزي7"” '). ويبدو أن 
المندوب السامي الجديد يتخذ مظهرً! مشجّعًا فيما يتعلق بآفاق التعاون بين فرنسا 
والحركة الصهيونية. وهو يذهب إلى لندن لكي يناقش المراحل الأخيرة لترسيم 
الحدود السورية - الفلسطينية. فتطالب الصحافة الصهيونية على الفور بضم جنوبي 
لبنان حتى نهر الليطاني ومنطقتي حوران والجولان السوريتين إلى فلسطين!* ), 
الأمر الذي يعيد إحياء المخاوف الفرنسية. 

وقي مارس/ آذار 1557.ء يذهب جوقنيل إلى فلسطين في زيارة رسمية!؟:). 
فتتهمه الصحافة العربية بالرغبة في التنازل عن جزء من لبنان لفلسطين. وهو 
يلتقي فايتسمان الذي يقوم بزيارة إلى فلسطين بينما يحظر عليه الحاج أمين دمخول 
ساحة المساجد فيما يقاطع الأعيان العرب حفلات الاستقبال الرسمية. ويؤكد البلاغ 
الرسمي على ضرورة قيام تعاون وثيق فيما بين الانتدابين. وفي حديث إلى 
الصحافة اليهودية» يعبر المندوب السامي عن انقلاب سياسة بلاده إذ يبدي إعجابه 
العميق بالعمل الذي أنجزه الصهيونيون: «إن فرنسا هي الصديقة الثابتة 
للصهيونية». وفي الشهر التالي» تعلن صحيفة هساآرتس الصهيونية أنه قد صرح 
بالاستيطان اليهودي في منقطة حوران!:'". 

وكما يوضح ذلك جوقنيل لبريان في ١7‏ أبريل/ نيسان 171177''), فإنه قد 
تحول إلى الصهيونية في الشرق بالرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى متاعب مع 
«العالم العربي». فهذه البلدان بحاجة إلى رأس المال والتقانة واليد العاملة اليهودية. 
وقد قال لفايتسمانء الذي زار بيروت في منتصف أيريل/ نيسان؛ إن مسن غير 


١ 


الوارد قيام الصهيونية في جنوبي لبنان أو حتى سوريا: «فهذا من شأنه أن يعني 
في واقع الأمر خلق نزعة قومية يهودية توحيدية متطرفة في البلدان الواقعة تحت 
الاتتداب الفرنسي وطرح مسألة خطيرة بالنسبة للمستقبل» هي مسألة الحدود.». 
وبالمقابل» فإنه قد اقترح على اليهود الاستقرار في وادي الفرات؛ وهو منطقة 
كبرى للاستيطان الداخلي في سوريا: 
ومن ثم فسوف يكون من حسن الحظ أن يتم الحصول على مال ورجال الصهيونية. 
ومما لا مراء فيه أن المسلمين سوف يحتجون على ذلك في البداية؛ لكن ذلك لن يكون إلا 
لوقت قصير. فأهل هذا البلد أكثر تعلقا بكثير بمصالحهم بحيث لا يسعهم التأخر عن التصالح 
مع من سوف يحققون لهم الثراء. 
وقد وافقني السيد قايتسمان على شعوري. وأنا لست متأكدا من أن مخيلته لم يغوها 
حلم إعادة خلق بالميرا جديدة. بيد أنه قد صرح لي. على أي حال بأنه سيكون من الممكن 
توجيه رعوس الأموال الأميركية الموجهة إلى توطين يهود في القرم إلى سورياء وهي 
رعوس أموال تصل. كما قال لي. إلى مبلغ ١٠١‏ مليون دولارا"''). وهذه هدية جميلة 
يَحسن تقديمها إلى الصحراء. 


ويذهب قايتسمان إلى باريس ويناقش المسألة مع بيرتلوء السكرتير العام للكيه 
دورسيهء والمعروف بعداوته لأطماع الصهيونية خلال مفاوضات ما بعد الحرب. 
ويتحدث الديبلوماسي عن توطين الصهيونيين في جبل الدروزء بما يعد وسيلة جيدة 
للسيطرة على هؤلاء السكان العٌصاة””'). وفي نوبة من الحماس؛ يحلم الزعيم 
الصهيوني بتكوين «فلسطين كبرى»9'''). وهو يمتتع عن مراعاة التحفقفات 
الفرنسية ويتحدث عن أولوية استيطان حوران2”". 

وفي > أغسطس/ آب 7 ؛ يضفي طابعًا رسميًا على موقفه في رسالة إلى 
بيرتلو''). فحوران لا الفرات هي التي تهم الصهيونيين. ويعرب الفرنسيون عن 
معارضتهم لذلك. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 21477 يترك جوقنيل» الذي كانت 
مهمته مؤقتة» المندوبية السامية» ولا يعاد النظر في الملف من جانب خليفته. 

والحال أن أطماع الصهيونيين إنما تعد غير متناسبة مع إمكاناتهم الفعليسة. 
فمنذ مستهل عام 11177ء تصيب الأزمةٌ الاقتصادية المقام القومي اليهودي إصابة 


1» 


قاسية. ويضطر فايتسمان» خلال كلمته التي ألقاها في ختام زيارته إلى فلسطين» 
في "5 أبريل/ نيسان 7 إلى الاعتراف بجسامة الأزمة» والتي تتميز بارتفاع 
نسبة البطالة"”'): إن قدرات الاستيعاب محدودة وسوف تظل محدودة ما لم يكتسب 
الشعب اليهودي الإمكانات اللازمة ل«إعادة بناء» البلد. وفي تقريره إلى اللجنة 
التنفيذية الصهيونية2"')؛ في ١4‏ مايو/ أيْار 1457» يلقي بالمسئولية على 
المهاجرين البولنديين» الذين تجمعوا في المدن بدلا من أن يشاركوا في استثمار 
الأرياف. 


وتشير المعطيات الشهرية إلى صدى الأزمة السريع على الهجرة اليهودية: 


الهجرة والنزوح اليهوديان في عام 99955'") 


قط 
١‏ 



























ل ل 







| «سمير/ كنون الأول | 0©؟_ | 
وفي تل أبيبء» وهي مدينة كان عدد سكانها 5٠ ٠٠٠‏ في عام 14177, كان 
عدد العاطلين "٠١‏ في يوليو/ تموز 575١؛‏ وهو يصل إلى 47٠١‏ في يناير/ 


1١6 


كانون الأول 1575., ثم إلى 5400 في يوليو/ تموز''). والحال أن 
التصحيحيين» وقد أصبحوا حزبًا في عام 1115. إنما يكثفون الهجوم على القيسادة 
الصهيونية وإدارة الانتداب. وهم يدعون إلى تشكيل «حكومة استيطانية» تقوم 
بتشجيع نمو الصناعة بجميع الوسائل (الحمائية الجمركيةء إعفاء المواد الضرورية 
لإنشاء الصناعات من الرسوم الجمركية؛ امتيازات ضريبية لصالح الصناعات 
الجديدة» إعانات للتصديرء أراضي مجانية للمصانع؛ معاهدات تجارية» الخ). وفي 
المجال الزراعي» سوف يتوجب منح المستوطنين» على نطاق واسع أراض زهيدة 

ويكرس فايتسمان جانبًا ملحوظا من وقته لجمع التبرعات. ومرة أخرىء 
يطلب ويحصل على مساعدة مهمة من إدمون دو روتشايلد 7٠ ٠٠0(‏ جنيه)!””) 
ويعاود السفر في خريف عام ١975‏ إلى الولايات المتحدة سعيًا إلى الدعوة مرة 
أخرى إلى تكوين الوكالة اليهودية. والمسألة صعبة لاسيما أن السياسة الاقتصادية 
الصهيونية تتعرض للنقد بشكل خاص. ويتعين عليه التعهد بتكوين لجنة من خبراء 
مستقلين مهمتهم تحديد توزيع أفضل للاستثمارات. وعلى هذا الأساسء يتوصل إلى 
اتفاق مع غير الصهيونيين على تكوين الوكالة اليهودية. ويشعر فايتسمان بالمهانة 
لاضطراره إلى مكافحة هذه القوى خاملة الذكر وإلى محاولة تركيز اهتمام الطائفة 
اليهودية الأميركية» ذات الروح المادية إلى هذا الحدء على شيء يتجاوز أهليتها 
ويتصل بقيم فكرية وأخلاقيةا؟”". 

أمَا وأن الاتفاق قد تم عقدهء فإنه يرجع إلى أوروبا بعد إقامته ستة شهور في 
الولايات المتحدة. ولدى استقباله في الكيه دورسيه7”” ')؛ يتفاخر بأنه قد حصل على 
للدعم من الحكومة الأميركية واليهود الأميركيين» ويتحدث عن ضرورة الاجتماع 
بالمندوب السامي الفرنسي الجديد في سوريا ولبنان: بونسوء لدراسة مسألة 
الاستيطان اليهودي بين الفرات وبالميرا. وفي تلك الأثناء»ء يستمر الوضع في 
التدهور. فبالنسبة للشطر الأول من عام »١977‏ نجدء فيما يتعلق بحركة الهجرة 
اليهودية» أن عدد القادمين يصل إلى ١115‏ بينما يصل عدد النازحين إلى 
م0 


١] 


:0 وفي المؤتمر الصهيوني الخامس عشر الذي يبدأ أعماله في بال في "٠١‏ 
أغسطس/ آب 21977 يحتفل فايتسمان بالذكرى السنوية الثلاثين للحركة ويثني 
على العمل التحريري المنجزل”"". وبالنظر إلى جسامة البطالة» فإن النقاش إنما 
يقع في منطقة الوصل بين ما هو اقتصادي وما هو سياسي. وينصب التقد على 
التوجهات الاقتصادية التي وقع عليها الاختيار منذ عام .١115‏ ولايريد 
الأميركيون الاكتفاء بدفع المال ويطالبون منذ تلك اللحظة بأن تكون لهم كلمة في 
إدارة الأمور. ويطرح قايتسمان نفسه كوسيط بين اليسار الاشتراكيء الذي تتعرض 
مصالحه لتهديد مباشرء والمعترضين الليبراليين. وفي مناخ متوترء يعاد انتخابه 
لقيادة اللجنة التنفيذية. وتشجب القرارات الموقف الجفول الذي تتخذه سلطة الانتداب 
والتي لا تقدم دعما كايا للاستيطان وللنشاط الثقافي الذي يقوم به اليهمودء الذين 
يرى المؤتمر أن عملهم في مجال إعادة البناء يفيد قلسطين كلها. 

وفي أواخر عام 1477» وبما أن البطالة ما تزال ماثلة؛ فإن عمال 
الهستادروت يلجأون إلى القوة في طرد العمال العرب من المستوطنات الزراعية 
الأولى. ويستنجد املك بالشرطة البريطانية للعمل ٠‏ على إعادة النظام'""): الأمر 
الذي يثير عظيم سخط المنظمات العمالية التي تستنجد بحزب العمال الإنجليزي. 
وتتولى سلطات الانتداب الدفاع عن قوات الشرطة المتّهمة بارتكاب أعمال 
وحشية. 

وفي يونيو/ حزيران 1578» نجد أن الخبراء» وهم شخصيات يهودية بارزة 
غير صهيونية كألفرد موند (اللورد ملتشيت الأول) وفيليكس واربورجء يقدمون 
أخير! تقريرهم””""). وهم يتهمون إدارة الانتداب بأنها قد تركت لمؤسسات 
صهيونية أعباء مهام كان لابد من أن تتحمل الدولةً أعباءها (الخدمات العمومية» 
الاستثمار)ء لكنهم يفعلون ذلك لكي يشككوا بعد ذلك في أسس السياسة التي جرى 
اتباعها إلى الآنء خاصة إعطاء الأولوية للاستيطان الريفي. وتمضي اس تنتاجاتهم 
في اتجاه سياسة حازمة قوامها الاققصاد وإدارة أكذر صرامة للاستثمارات. 
ويتوجب بشكل خاص إنهاء الاستيطان المستند إلى مبدأ الجماعية والاتجاه إلى 
أشكال تعاونية أو إلى ملكيات صغيرة للثراضي. 


1١ 


ويعترض اليسار على التقرير في التو والحال ويطالب بعدم تطبيقه. وينضم 
التصحيحيون إلى الاشتراكيين في شجبهم للتقرير. فهم يدركون جيذا أن سياسة 
اقتصادية لا تهتم إلا بربحية الاستثمارات سوف تقود لا محالة إلى انخفاض 
الهجرة. والحال أنهم يجعلون من رفضهم توسيع الوكالة اليهودية شاغلهم الأثير. 
فنجد أنفسنا بإزاء الاتحاد المقدس لمجمل الييشوف ضد تقرير موند. ويصبح بوسع 
العماليين تقديم أنفسهم على أنهم المدافعون عن المصلحة القومية ويتوص لون إلى 
رفض الهيئات الصهيونية للتقرير*""). 

والخلاصة أن الأزمة التي تصيب الييشوف منذ عام ١177‏ إنما تهدد 
التوجهات التي اتخذت منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى. وإذا كانت رهانسات 
السلطة والمصالح المادية تشكل عناصر الجدل المستترة؛ فإنه يبقى مع ذلك أن 
فلسفة الصهيونية برمتها هي التي تجازف بأن تتحول إذا ما انتتصر 
«البراجماتيون». وبقدر ما أن مسألة فلسطين تتضمن مشاريع إيديولوجية وقومية 
وإنجازات ملموسة على حد سواءء بهذا القدر نفسه. فمن الضروري الانتقال إلى 
دراسة الاقتصاد السياسي للانتداب الفلسطيني. إذ أن من شأنها أن تسمح بإدراك 
أفضل لطبيعة القوى الفاعلة وللتشوهات التي تفرضها الخطابات الإيديولوجية على 
التعبير عن المجريات الواقعية الاجتماعية والاقتصادية. 


١8 


الفصل الثالث 
الاقتصاد السياسي للانتداب 


' ”. تود المنظمة الصهيونية أن يكون من المفهوم تمامًا أن الأراضي التي تتعلق بها 
هذه المقترحات ليست سوى الأراضي التي تباع أو يمكن أن تباع بحرية؛ كما سبق لنا أن 
قلنا ذلك بالفعل. ولا حاجة إلى القول إن من غير الوارد اللجوء إلى الضغطه بأي حال على 
المزارعين لكي يتنازلوا عن أراضيهم؛ والواقع أن المنظمة الصهيونية سوف تذهب إلى أبعد 
من ذلك وتوافق على عدم تسجيل أي نقل للملكية لا يترك للبائع إلا أقل مما يحتاج إليه من 
الأراضي. ويستفاد من التقرير الأخير للجنة الدائمة للانتدابات أن الدولة المنتذبة ترغب في 
تشجيع استيطان اليهود في الأراضي وأنها قد أعربت عن استعدادها «لإيلاء اهتمام خاص 
تمامًا لأي طلب قد يتقدم به المستوطنون, أو قد يجري التقدم به باسمهم, للحصول على 
أراض تملكها الدولة أو على أراض بور يمكن توفيرها دون إلحاق ضرر بحقوق من ينتمون 
إلى أقسام أخرى من السكان». وتعتقد اللجنة التنفيذية أن مقترحاتهاء في هذه الظروف. 
سوف تكون موضع بحث سريع وإيجابي. الأمر الذي سيكون بمثابة خطوة أولى نحو تنفيذ 
المادة ١‏ من الانتداب. 

[...] * 8. إن حكومة صاحب الجلالة. في معالجتها لهذا الموضوع في رسالتها 
المؤرّخة في ١4‏ أكتوبر/ تشرين الأول 21516 قد بدأت بطرح مبدأ تطلب اللجنة التنفينية 
بكل الاحترام السماح بوضعه موضع المساءلة. فهذا المبدأء إن كنا قد أحسنًا فهمه؛ يعني أنه 
متى عاش جنسان يتكلمان لغتين مختلفتين جنبًا إلى جنب في بلد واحدء فلا وجود هناك لأي 
علاقة لزومية بين أعداد كل منهما والمساعدة التي يجب تقديمها إلى مدارسهما من خلال 
الأموال العمومية التي يسهم الاثنان سواء بسواء في دفعها [من خلال الضرائب] على قدم 
المساواة. وفي ضوء ما تعتقد اللجنة التنفيية أنه يكاد يكون القاعدة في كل مكان آخر. 
فإنها تجيز لنفسها قول إن المبدأ الذي عبرت عنه حكومة صاحب الجلالة في الفقرة " من 
رسالتهاء مع أنه قد يكون قابلاً لنتطبيق في أراض أخرىء قَلُما يمكن أن يكون قابلاً للتطبيق 

امل 


في الإنفاق على المدارس في بلد مزدوج من الناحية اللغوية. ويسعَدْ اللجنة التنفينية أن 
ترحب بمرافق التعليم التي مُنحت للسكان العرب. وتأمل في استمرار منحها وفي توسيعها. 
لكنها تعتقد, في الوقت نفسه. أن حكومة صاحب الجلالة لا يمكن أن تكون مرتاحة إلى وضع 
نجد أن جماعة, تمثل الآن نسبة 96١17‏ من سكان فلسطين؛ لا تحصل. بسببه. لأجل 
مدارسها إلا على نحو 705 من المبالغ المخصصة للتعليم في الأرصدة المالية العموميسة. 
ويسرنا التنويه بأن الحكومة؛ في ردها على الطلبات التي قدمتها إليها الجمعية الوطنية 
اليهودية الثانية. قد أفصحت للتوء بنبرة سخية؛ عن اعتزامها القيام بشيء لإزالة هذا 
التفاوت. ويّسعدُ اللجنة للتنفيذية أن ترحب ببادرة حسن النية هذه وتأمل في أن الترتييات 
العملية الضرورية لن تتأخر عن مواكبة هذه البادرة» 
رسالة ح. فايتسمان. بوصفه رئيس المنظمة 
الصهيونيةء إلى اللجنة الدائمة للانتدابات. ” مايو/ أيْار 
المحدلة 


التنظيم الإداري7 

يجمع التنظيم الإداري للانتداب بين الإرث العثماني والتجارب الارتجالية التي 
قامت بها الإدارة العسكرية البريطانية. والحال أن محدودية الأرض موضع النظفر 
وخصوصية الوضع المحلي قد حالتا دون تطبيق الفلسفة السياسية النظرية 
للاستعمار البريطاني. فلم يكن من الوارد تطبيق حكم غير مباشر من خلال زعماء 
أهل البلد. ومن المؤكد أن الفاتحين قد قامواء في بدايات الاحتلال.ء في البلديات» 
بتطبيق «سياسة أعيان» بالاعتماد على النخب العثمانية السابقة» لكن الأمر لم يتعد 
كون الأعيان مجرد سيور نقل تتبع «الضباط السياسيين» تبعية وثيقة. فلم يكن من 
الوارد قط استخدام أناس من أهل البلد في المواقع التي توجد فيها السلطة الفعلية» 
السلطة الإقليمية. 

وفي البداية» قامت الأوإيتا (إدارة أراضي العدو المحتلة) بتقسيم فلسطين إلى 
أربعة أقضية: القدسء يافاء المجدل» بئر سبع. وبسرعة فائقة» ومن باب تسهيل 
الأمورء جرت استعادة أقضية النظام العثماني السابقة» والتي تتألف مسن خمسة 
أقضية بالنسبة لسنجق القدس (القدسء يافاء الخليل. غزة؛ بئر سبع) وخمسة أقضية 


١ 


بالنسبة لسنجق عكا (عكاء حيفاء صفدء الناصرة» طبرية) وثلاثة أقضية بالنسبة 
لسنجق نابلس (نابلس» جنين» طولكرم). وكان على رأس كل سنجق متصرف 
وعلى رأس كل قضاء قائمقام» ثم جرى الاتجاه إلى تعديلات عديدة. ومن عام 
إلى عام .١577‏ كانت الأرض مقسّمة إلى سبعة أقضية: القدسء يافاء 
فينيقياء الجليل السامرة. غزة» بئر سبع. ومما له دلالته أن البريطانيين» عندما 
كانت تحديدات المواقع تسمح بذلكء قد تخلوا عن استخدام اسم المدينة الرئيسية لكي 
يمنحوا الأقضية أسماء توراتية» بما يشكل بداية لا واعية لسيرورة اغقصاب 
تستهدف السكان العرب. 

وفي الأول من يوليو/ تموز 1577, أعيد تذويب الأقضية السبعة في أربع 
مديريات» ثم أعيد تقسيمها في 57 يوليو/ تموز ١177‏ إلى قضائين (قضاء الشمال 
وعاصمته حيفاء وقضاء الجنوب وعاصمته يافا) وقسم (القدس). وفي عام 21517١‏ 
جرى تعديل الخارطة لتتألف من ثلاثة أقضية مقسسّمة إلى نواح: 

قضاء الشمال: حيفاء عكاء الناصرة» طبرية» صفدء نابلس» جنين» ط ولكرم» 
بيسان. 

قضاء الجنوب: يافاء الرملة» غزةء بئر سبعء العوجة. 

قضاءالقدس: القدسء رام الله. بيت لحمء أريحاء 

ويحكم كل قضاء «ع«مزدد تم اعأماى ةك (مباشر قضاء) يساعده مساعد أو 
عدة مساعدين. أما النواحي فيُعهد بها إلى 0/77265 4:21:25 (مباشري التنواحي). 
وتنقسم حكومة القدس المركزية إلى إدارات تعد وزارات حقيقية (العدل» الزراعة. 
الآثارء الخ) ومأمورو الأقضية هم في أغلب الأحيان رؤساء الإدارات في مناطقهم. 

وتنتج عن هذا كله مركزة جد قوية وتأطير قيادي لا نظير له في التجارب 
الاستعمارية البريطانية الأخرى. وتجد سلطة الانتداب عدة تبريرات لذلك. أولاء أن 
حقلاً واسعًا تمامنا من الاختصاصات قد ترك للجماعات لكي تدير شئونها الخاصة. 
وثانيّاء أن ضخامة عدد البريطانيين لابد لها من أن تتضاءعل بمرور الوقت لصالح 
تزايد عدد المواطنين الفاسطينيين. وأخيراء أن البريطانيين لا غنى عنهم في إدارة 
جماعة سكانية منقسمة إلى جماعات متعادية فيما بينها. والحال أن وجود عدد معين 
من اليهود البريطانيين» معظمهم من الصهيونيين» إنما يعقد الخطة. 


١ 


إدارة فلسطين في عامي ١5371١‏ و15174() 





وعلى سبيل المقارنة» فإن الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان في عام ١57+‏ 
كان عدد موظفيه الفرنسيين 97" بالنسبة إلى جماعة سكانية تزيد ثلاث مرات [عن 
عدد سكان فلسطين] 7). وفي الهندء لم تضم الخدمة المدنية الهندية غير عدد 
يتراوح بين ٠٠٠١‏ و١70١‏ موظفء وهو ما يعني أن التوظيف في المناصب 
العليا قياسًا إلى السكان هو بمعدل ١‏ إلى ٠٠١‏ على الأقل بين فلسطين 
وإمبراطورية الهند. وفي عام ١515‏ سيكون هناك ©14٠١‏ هنديًا ضمن عدد إجمالي 
للمناصب قدره .١١519‏ وفي سيلان» ضمت الخدمة المدنية السيلانية 417 أوروبيا 


1 


وده سيلانيًا في عام ١17٠0‏ بالنسبة لجماعة سكانية حجمها خمس ملايين نسمة(), 
أي بمعدل ١‏ إلى ٠١‏ بالمقارنة مع فلسطين. 

ولا يجب لعدد الموظفين الفلسطينيين في المقامات السامية أن يخدعنا. ذلك أن 
أي عربيء مسيحيًا كان أم مسلماء لم يتمكن من تخطي مستوى المساعدء أكان ذلك 
في إدارة الأقضية أم في إدارة الإدارات المركزية. والحال أن تمثيل المسيحيين 
الزائد سوف يكون باعثا رئيسيًا لاحتجاج الشبيبة المسلمة في أواخر عشرينيات 
القرن العشرين. ونجد كذلك وضعا مماثلا بالنسبة للموظفين اليهود الفلسطينيين. 
فهنا أيضاء ليس بوسعهم الوصول إلى مناصب القيادة الحقيقية. بسبب اس تحالة 
منحهم سلطة حقيقية على السكان العرب. والمصاعب التي يواجهها المرظفون 
اليهود البريطانيون لها دلالتها بالفعل في هذا الصدد. وقد حث ثايتسمان على تعيين 
أفراد من هذه الجماعة الأخيرة» تعد حالةٌ السير هربرت صمويل أيرز حالة بين 
حالاتهم. وبسرعة فائقة» جرى قصر دورهم على الوظائقف التي تضعهم موضع 
الاتصال المباشر بالطائفة اليهودية. وكان الاستثناء الشهير هو تعيين نورمان 
بنتقيتش» رئيس إدارة العدل» بفضل السير هربرت صمويلء الذي كان من 
أصهاره. بيد أن عمله كان على الدوام عرضة لانتقادات عديدة. وفي ثلاثينيات 
القرن العشرينء سوف يصبح من الواضح أن أي موظف يهوديء بريطانيًا كان أم 
فلسطينيّا لن يكون بوسعه الصعود إلى مواقع سلطة حقيقية. على أن نسبة 
الموظفين اليهود في المقامات السامية سوف تكون دومًا أعلى من نسبة اليهود في 
إجمالي السكان. 1 

والحق إن الموظفين ذوي الأصل الفلسطيني ليسوا كبيري العدد إلا في وظيفة 
مباشري النواحيء حيث يلعبون دور الوسيط بين السلطة والسكان. 

وتظل السلطة في أيدي الموظفين البريطانيين. وكما في كل بقية العالم 
المستعمرء فإن هؤلاء الموظفين إنما يدافعون عن مصالحهم الحاصة ويعارضون 
انبثاق منافسة كلية لهم. وهم يبررون موقعهم المميّز بادّعاء أنهم الوحيدون الذين 
يمكنهم «حكم» البلد «حكمًا رشيدًا». فيرفضون غاضبين أن يوضعوا تحت سلطة 
الموظفين الفلسطينيين» زاعمين افتقارهم إلى الكفاءة» بل وقابليتهم للارتشاءء حتى 
وإن كانوا من خريجي أفضل الجامعات البريطانية. وهذه المعارضة تبدو فعالة؛ بما 
في ذلك في الوظائف التقانية التي قد يتقدم لشغلها مهندسون يهود. والحال أن 
التعارضات بين الجماعات إنما تسمح للموظفين البريطانيين بالحفاظ على مواقعهم» 


يفل 


وهم يتكتلون فيما بينهم للحيلولة دون أي تغيير حقيقي. وبطلهم هو اللورد بلامرء 
الذي تمكن من إبقاء الجميع في أماكنهم. وإلى نهاية الانتداب» سوف يحتفظون 
بالذكرى الجميلة ل«أزمنة» اللورد بلامر «السعيدة». 
السكان 

الوضع الديموغرافي كامن في قلب مسألة فلسطين. وفي المنظور الليبرالي 
الذي ما يزال منظور عشرينيات القرن العشرينء فإن الدولة اليهودية لن تكون 
ممكنة إلا إذا أصبح اليهود الأغلبية. وعندما يحدث ذلك» سيكون بالإمكان ممارسة 
الديموقراطية (ولكن ليس قبل ذلك بالطبع). وقد أثبت العامان الأوئلان لحكم السير 
هربرت صمويل أن هذه الخاتمة ستكون بعيدة» بل مستحيلة» لأنه من غير الوارد 
حدوث هجرة يهودية جماعية» وذلك؛ في آن واحدء لعدم توافر الإمكانات المالية 
ولعدم وجود مخزون ديموغرافي من شأنه أن يكفل هجرة جماعية. 

ومن شأن النظر إلى المجريات الواقعية خلال عشرينيات القرن العشرين في 
ضوء أحداث ثلاثينيات ذلك القرن أن يترجم أفقا تاريخيًا زائفا. فسنوات الأعقاب 
المباشرة للحرب العالمية الأولى تعطي رؤية خادعة لأنه كان ما يزال بالإمكان 
تسجيل انتقالات مهمة للجماعات السكانية اليهودية في العالم بسبب الثورة الروسية 
واضطرابات أوروبا الشرقية. فنحن بإزاء أناس عديمي الوطن ليسوا في غالبيتهم 
سوى الفصيل اليهودي في حركة الانتقال الأعم المسماة بحركة «الروس 
البيض»3). وبانقضاء عام »157١‏ فإن حركة الهجرة اليهودية العالمية تتراجع لا 
محالة» ولا يتعلق الأمر بمجرد ندرة أماكن الوصول المتاحة (إغلاق الولايات 
المتحدة بموجب قانوني الحصص الصادرين في عامي ١17١‏ و1915١).‏ وكان 
اليهود يمثلون» في النزوح الأوروبي الكبير» نسبة تزيد ثلاث مرات عن وزنهسم 
النسبي في إجمالي سكان البلدان التي رحلوا عنها. والأرجح أنهم يحتفظون بالنسبة 
نفسها في حركة نزوح تتراجع تراجعًا سافرًا هي حركة عشرينيات القرن العشرين. 
وهذا التراجع إنما يرجع إلى إغلاق عدد معين من بلدان الوصول كما يرجع في 
الوقت نفسه إلى رغبة الناس في البقاء في بلدانهم. وبعد العولمة الأولى قبل عام 
154 تتأكد الآلية الخاصة بإغلاق العالم والتي كانت الحرب العالمية الأولى قد 


1١غ‎ 


الهجرة والنزوح اليهوديان في عشرينيات القرن العشرين7) 


39 7 0 7 


1١91778-84 
١1768 ١4 
1١910 ك1‎ 
١5781١ ١و4‎ 





واعتبارا من تعداد عام »١1977‏ نحوز بيانات عددية دقيقة بشكل خاص عن 
تطور مختلف الطوائف. 


سكان فلسطين بحسب طوائفهم من عام ١ 57١‏ إلى عام 1171*) 
(؟9145١155:‏ تعدادان؛ من ١15“‏ إلى :١57٠‏ تقدير في منتصف العام» لا يشمل 
البريطانيين) 





















4 
0 

















1١ 








نمو كل طائفة من الطوائف ؟1؟51١195171(15"1-1-..٠()‏ (') 


ا ام ]م لام عا 
اد ]هعد إكدر إعندر إسد إعد |ككر عجرا 
فالحركة الكبرى لعشرينيات القرن العشرين إنما تتمثل في أن واحد في زيادة 
عدد السكان اليهود بنسبة الضعف وقي تعرز الطائفة المسلمة. فنحو عام 2.057١‏ 
يحدث انقلاب لاتجاه ساد قرونا عديدة. فول مرة منذ القرن السادس عشرء 
يتجاوز النمو النسبي لعدد المسلمين النمو النسبي لعدد المسيحيين. وهذا لا يخص 
فلسطين وحدها. فالظاهرة تحدث بشكل مواز أيضا في سوريا ولبنان!'". 
وتتعلق الآلية بمجمل الشرق الأدنىء لكنها تتخذ طابعًا خاصًا في فلسطين». 
حيث تجد التعددية الطائفية ترجمة لها في تكوين كتل أنثروبولوجية متمايزة حقيقية: 
كمأ يبين ذلك جدول معدلات المواليد والوفيات. 





معدلات المواليد والوفيات في كل ألف (155754- ا 

اس الموليه 00 |0 وفيا 00020 أ 
الل سقو | خزور. يحون | اماد | متهن | عزو استعرة اتير 
01 ل 
56 | اكه إككة ات اا إكك إمك؟ إغهد إامط] 
كر ]كيد إأهه | ]تي إتم إ|نيس | كاد إكرا 
41 
4ص كل 
»)0 
اسدد عند إ|مه ىتم إك تن إتند]كتد_إته 


لهل 



















ويرجع نمو السكان المسلمين بالدرجة الأولى إلى معدل مواليد جد مرتفع. 
ثم اعتبارا من بداية ثلاثينيات القرن العشرين فقط إلى انخفاض في معدل 
الوفيات. ويظل معدل المواليد اليهود مرتفعًا في أن واحد بسبب البقاء المؤققت 
للأداءات السابقة على عام ١5١5‏ وخاصة بسبب أن الشبان هم الذين يهاجرون. 
ومن الناحية الديموغرافية. فإن المسيحيين أقرب إلى اليهود مما إلى المسلمين» 
مع أنه هنا أيضاء في مستهل ثلاثينيات القرن العشرين؛ يحدث التقارب مع 
المسلمين. 

ويمكننا إدراك أهمية معدل مواليد المسلمين إذا ما أخذنا بعين الاعتبار واقع 
أن عدد المواليد الإناث لابد أنه قد جرى تقديره تقديرًا يقل بدرجة طفيفة عن 
الواقع؛ وأن الأرقام الرسمية تشير إلى عدد مواليد يتراوح بين 8 و1 بالنسبة للمرأة 
الواحدة» وهو معدل أعلى تمامًا من المعدل المسجل في المناطق العربية - 
الإسلامية الأخرى. والأرجح أننا بإزاء رقم قياسي عالمي لن يكون المعادل الوحيد 
له إلا ارتفاع مواليد الطوائف اليهودية في القرن التاسع عشر في أوروبا الشرقية 
بالتحديد... 


وليس من شأن ظاهرة كهذه إل أن تترجم انزعاجًا حيال الهجرة اليهودية 
ورغبة لا واعية في الصمود في معركة العدد. والحركة أقوى في الأرياف مما في 
المدن» وإن كان نصيب السكان الحضريين المسلمين (9614 في عام )١177‏ يميل 
إلى النمو. 


اال 


السكان الحضريون والريفيون بحسب تعدادي عام ١571‏ وعام ١17١‏ (بمن في 
ذلك المقيمون البريطاني )00 





نمو السكان الريفيين المسلمين بين عامي ١9377‏ و١9151١1:‏ 9656 
النواحي الساحلية: غزة: 7657, الرملة: 96557, يافا: 290١77‏ طولكرم: 29014 
حيفا: 90178 


: بيانات غير متوفرة. 


والمدن المعنية أكثر هي مدن الساحل وكذلك القدس. وبالمقابل» فإن المدن 
الكبرى المسلمة بصورة خالصة - نابلس والخليل وغزة - إنما تميل إلى الركود أو 
إلى النمو بشكل ضعيف. 
وهجرة السكان لا تتم فقط من الأرياف إلى المدن» بل تتم أيضًا من داخل 
الأراضي إلى المناطق الساحلية. 
لول 


وإذا كانت السمات العامة للجماعة السكانية المسلمة لا تتعدل الأ بشكل 
ضعيفء فإنه يبقى مع ذلك أن الحصة الحضرية والساحلية تنمو بشكل واضح فيما 
بين التعدادين. ويترتب على ذلك تغير محسوس في مجال التعليم. 


نسبة من يجيدون القراءة والكتابة في السابعة من العمر أو أكثر بحسب تعداد 
عام 21581 





وكما سوف توضح ذلك أرقام أواخر عهد الانتداب؛ فإن الأمية إنما تطال 
بالأخص الجماعات السكانية الريفية»ء خاصة قسمها الأنثوي. وبالمقابلء تتراجع 
الأمية في صفوف الأجيال الجديدة. وأمية المسلمات مميّزة تمامًا للمرحلة الأولى 
للانتقال الديموغرافي. وينصب الجانب الرئيسي من المجهود التعليمي على البنين 
وتتمثل النتيجة الأولى للتحديث في توسيع الفجوة التعليمية بين «الجنسين». 
وبالنسبة للمسيحيين واليهودء لابد أن يكون محو أمية الشبيبة قد ت تحقق عملا في 
مستهل ثلاثينيات القرن العشرين. 

وإذا كانت الفجوة التعليمية تظل ملحوظة بين الطائفة المسلمة ذات المكوّن 
الريفي القوي والطوائف الأخرىء فإنه يبقى مع ذلك أن طبقة متوسطة مسلمة 
حضرية حقيقية تعد بسبيلها إلى الانبثاق وأنها على اتصال بالبورجوازية الصغيرة 
الريفية ذات المستوى الاجتماعي والتعليمي المساوي. وهذا لا ينخص فلسطين 
وحدها. فنحن نجد هذا التطور نفسه أيضًا في مجمل الشرق الأدنى؛ من مصر إلى 
العراق. 


1 


النمو الاقتصادي للقطاع العام 

طموح الوجود البريطاني ومصدر شرعيته هو التنمية الاققصادية 
والاجتماعية. والحال أن تكلفة فتح فلسطين قد تحملها المجهود الحربي؛ ولا يمكن 
أن يكون من الوارد تحميل دافع الضرائب البريطانيء المثقل بالفعل بأعباء ضريبية 
جسيمة» عبء هذه التنمية. ثم إن الطبيعة الحقوقية للانتداب إنما تعني أن فلسطين 
ليست جزءا من الإمبراطورية؛ ومن ثم فهي لا تستفيد من ضمان للاستثمارات 
القادمة من المتروبول. وقد تمثل عمل المندوبين الساميين الأوّلين بالدرجة الأولى 
في الحد من النفقات التي تتحملها الخزانة البريطانية. وقد تحملت الضرائب 
الفاسطينية عبء تمويل الإدارة» ولم يعد على لندن إلا أن تسوي النفقات العسكرية 
المرتبطة بالمصالح العامة للإمبراطورية البريطانية (الطريق إلى الهند). والحاصل 
أن هذه النفقات قد جرى الحدٌ منها بشكل كبير في ظل ولاية اللورد بلامر. 

ثم إن فلسطين كانت قد أدمجت في منطقة الجنيه الإسترليني النقدية. فالعملة 
المصرية ثم العملة الفاسطينية التي حلت محلها كانت قيمتها محددة بقيمة الجنيه 
الإسترايني. والنتيجة أن التضخم الرهيب الذي عرفته سنوات الحرب. حيث 
انهارت قيمة العملة العثمانية؛ قد تلته سياسة انكماشية جرى إتباعها بشكل ثابت 


تطور الأسعار في فلسطين (العام )'')1.٠. - ١915٠‏ 
[..د ]كد | »م |[ ه» | فك | ”5 | م | 


والحال أن السياسة النقدية المطبّقة لا تراعي الظرف الاقتصادي المحلي. فهي 
تتحدد بشكل صارم من جانب لندن» وذلك من زاوية معطيات لا تخص الانتداب 
في شيء. والسياسة الخاصة بالميزانية تخضع لقواعد حسن التصرف المألوفة في 
ذلك الزمنء والتي تتمثل في توازن الميزانية واللجوء الانتقائي إلى القروض. 
والحاصل أن الخيارات المتخذة إنما تدل تمامًا على حالة تطور الاقتصاد الفلسطيني 
وعلى قيود الفعل البريطاني: 











1١ 


نفقات حكومة ذ فلسطين بالمقارنة مع نفقات بريطانيا العظمم في فكتر 
الحربين العالميتين (نسب منوية)[7) 


ادس 5-.115 


الإدارة والأمن العا 


1 
١ 


الاستمارات الاقتصادية 
اخدمات الاجتماعية 





وتكلفة الإدارة ضخمة لاسيما أنه يجري اللجوء إلى استخدام موظفين 
بريطانيين خارج وطنهم. والأمن العام يضغط ضغطا متزايذا باطراد في ثلاثينيات 
القرن العشرين بسبب تفاقم التوترات ثم العنف. وتنصب الاستثمارات الاقتصادية 
بالأخص على قطاع المواصلاتء والذي يشكل مجالاً مهيا في استراتيجية التنمية 
التي اعتمدها نظام الانتداب. أمّا ضعف الخدمات الاجتماعية» والتعليم هو الجانب 
الرئيسي فيهاء فإن بالإمكان فهمه في ضوء كل من المنطق الاستعماري وطبيعة 
المجتمع الفلسطيني. فالبريطانيونء كالعادة» لديهم قدر من الريبة حيال تعليم أامل 
البلدء إذ ينظرون إليه بوصفه عاملاً من عوامل عدم الارتياح الاجتماعي ومن ثم 
فهو عامل من عوامل الاضطرابات السياسية. والخدمات الاجتماعية أولويتها 
ضعيفة بالنسبة لفكر استعماري يتمسك بالمذاهب الليبرالية للقرن التاسع عشر 
الأوروبي ولم يحذ حذو تطور المتروبول في القرن العشرين. شم إن كل خدمة 
اجتماعية لها دور توزيعي يولّد نزاعات عندما يكون المجتمع ذا طبيعة طائفية. 
فكل عنصر يَتَّهِمْ عندئذ العنصر الآخر بالاستفادة على حسابه من مزايا لا يستحقها. 

ومسألة توزيع الأعباء الضريبية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنظام تحصيل 
الضرائب. وفي بداية الانتدابء لا يُعَدَلُ البريطانيون» إل بشكل محدودء نظام 
تحصيل الضرائب الموروث من العهد العثماني» والذي صيغ هو نفسه على ضوء 
نظام الامتيازات. فتضغط الضرائب المباشرة على الإنتاج الزراعي وعلى الملكية 
العقارية. بينما تتعلق الضرائب غير المباشرة بالاستهلاك. وحصة الجمارك تزيد 

1 


بصورة منتظمة لأن الامتيازات لم تعد قائمة لتحول دون زيادة الرسوم. والطبيعة 
الدولية للانتداب تعني غياب الأفضلية وتعني المساواة في التعامل بالنسبة لجميع 
كاء قلسطين الاقتصاديين. 


تركيب الضرائب التي حصلتها الحكومة المركزية (نسب مئوية) -١9151١(‏ 
00 


4 منها 41,4 للجمارك و78,4 للضرائب الأخرى 


ا را ره ا دفع الجانب الأكبر 








تركيب وتوزيع الضرائب في 1١955‏ -2010519) 
| 22200 | التركيب | العرب | اليهود | الإجمالى | 
م اع اعد م | ست 


اغير المباشرة << ]ره | 


ل ا ا ا ا 


أما أن العرب يدفعون بالأخص ضرائب مباشرة فهذا مرتبط بواقع أنهم 
يسيطرون على الجزء الأكبر من الملكية الريفية والحضرية. وبالمقابل» فإن الحصة 
الملحوظة من الضراتب غير المباشرة والتي يدفعها اليهود إنما ترجع إلى مستوى 
معيشتهم الأعلى» ومن ثم إلى استهلاك أعلىء خاصة استهلاك المنتجات 
المستوردة. وعلى مستوى حصة الفردء فإن العرب يدفعون في تلك السنة جنيهما 
فلسطينيًا للفرد بينما يدفع اليهود 4,5 للفرد (ولابد من مراعاة هرم الأعمارء ذلك 
أن جزءًا ملحوظا من السكان العرب يعد دون الخامسة عشرة من العمر). 











١2 


وهناك تحويل فعلي من القطاع اليهودي إلى القطاع العربيء بيد أنه متواضع 
نسبيًا في عشرينيات القرن العشرين (960.5 من الدخل اليهوديء أي 907.7 من 
الدخل العربي). 

وتولي حكومة الانتداب الأولوية للبنى التحتية والمرافق على حساب الخدمات 
الاجتماعية وخصوصنا التعليم. والمجال الأول هو مجال السكك الحديدية. وقد ورث 
الانتداب مجمل الطرق التي أنشأها العسكريون وشبكة يافا - القدس التي تملكها 
شركة فرنسية. ولم يكن من الوارد ترك الفرنسيين يحتفظون بمصلحة كهذه في بلد 
تحت السيطرة البريطانية. وبعد مفاوضات شاقة» تشتري حكومة الانتداب الشبكة 
الفرنسة في عام مقابل مبلغ باهظ قدره جنيه مصري (نحواتلدث 
الميزانية السنوية). ويتوجب عندئذ وضع مجمل الشبكة على مستوى واحد من 
التجهيزات والانفراج بين القضبان؛ وربط مختلف الخطوط وتكوين شبة واحدة 
متماسكة وذات تجهيزات حديثة. وقد أقيمت الورش والعنابر في حيفاء وهي مدينة 
سوف تصبح القطب الصناعي للبلدا'). وتستفيد سكك حديد قلسطين من الجزء 
الأكبر من سلفيات وقروض عشرينيات القرن العشرين وتشكل شركة مملوكة 
للدولة تعد أهم رب عمل في فلسطين. وبما أن الأجور منخفضة وأن العمال 
يعملون يوم السبتء فإن العاملين في الشركة عرب أساسًا. 

وتفرض شبكة الطرق منافسة قوية بشكل متزايد باطراد. فبالرغم من ضعفها 
في بداية الفترة 40٠(‏ كيلومترًا من الطرق الحديثة ذات النوعية جد الرديئة)» فإنها 
تستأثر بنقل المسافرين» تاركة نقل الشحنات للسكك الحديدية. والحال أن لندن» 
القلقة على سداد القروضء إنما تسعى إلى الحد من تطور الطرق بينما تداقع 
حكومة الانتداب عن هذا الملف استناذا إلى دواعي الأمن. فكلما أصبح بوسع 
الجندرمة التحرك والانتقال بشكل أسرعء كلما أمكن تأمين النظام العام. والحاصل 
أن النزاع إنما تحسمه أزمة عام ١177‏ الاقتصادية. فقد جرى استخدام الععاطلين 
اليهود في بناء طرق جديدة. وتؤدي شبكة الطرق إلى تعزيز المركزة حول القفدس 
وإلى تطور المناطق الساحلية» خاصة منطقة حيفا. وعلاقة التباين واضحة بين 
الحركية الاقتصادية لهذه الأجزاء من فلسطين والركود النسبي للأجزاء الأخرى من 

١ 


البلد. ويشكل الشمال استثناء وذلك لأسباب عسكرية. فبما أن مصر وشرق الأردن 
تحت سيطرة البريطانيين» فإن العدو لا يمكن أن يجئ إلا من هذا الاتجاه. 

وتشهد فلسطين ثورة حقيقية في مجال المواصلات. ففي عام ١114‏ لم يكن 
هناك غير أوتوموبيل واحد("'). وقد استخدم العسكريون وسيلة الانتقال الحديثة هذه 
على نطاق واسعء وفي سبتمبر/ أيلول ١57١ء‏ وصل عدد المركبات المدنية بالفعل 
إلى 41١‏ أوتوموبيلا و47 شاحنة و47 دراجة بمحرك. وفي عام :,١95٠‏ تضاعف 
العدد ثماني مرات. وتقوم شبكات من الباصات وسيارات الأجرة الخاصة بالربط 
بين المدن والمراكز الرئيسية بينما تعد الأوتوموبيلات الأداة الرئيسية التي 
تستخدمها حكومة فلسطين. ولتمويل الشبكة؛ تفرض الحكومة ضرائب قادحة على 
المركبات. الأمر الذي يقود إلى إضراب يتحدٌُ فيهء بشكل إجماعيء السائقون العرب 
واليهود. 

وفي أواخر العهد العثماني» كان واضحًا أن فلسطين تفتقر إلى موانئ في 
المياه العميقة. وكانت السفن مضطرة إلى إنزال المسافرين والبضائع في عرض 
البحر على قوارب صغيرة: وتلك عملية مستحيلة عندما يكون البحر هائجا. 
وتتركز المناقشة الكبرى في عشرينيات القرن العشرين على اختيار ميناء جديد. 
يافا/م تل أبيب أو حيفا. والحال أن هذه المدينة الأخيرة هي التي يقع عليها الاختيار 
لأنها تتماشى مع الرغبة البريطانية في جعل هذه المنطقة القطب الصناعي 
لفلسطين. وسوف يضاف إلى الميناء المنفذ النهائي لخط أنابيب الزيت الذي ينقل 
بترول العراق. والمقصود أيضنا هو منافسة بيروتء التي تسيطر على المناطق 
السورية الخلفية وتجازف بالاستئثار بالتجارة مع العراق» بسبب ثورة المواصلات 
نفسها. وتبدأ الأعمال في عام ١47٠0‏ وسوف يجري افتتاح الميناء في عام 1١51515‏ 

وقد بنيت سلسلة بأكملها من المطاراتء بيد أن استخداماتها عسكرية أساسئا. 
وتخضع وظائفها لمنطق السيطرة على الطريق الجوي إلى الهند وليس لتنمية 

ومع النظام المدني الذي جرى تدشينه في يوليو/ تموز ١117١ء‏ ترك 
العسكريون الخدمات البريدية. وتنمو حركة المواصلات بسرعة بفضل ثورة 
الانتقال عن طريق الأوتوموبيل. ويشهد التلغراف في البداية توسعًا سريغاء إلأ أنه 


1. 


اعتبارًا من عام 11757» تؤدي الاتصالات اللاسلكية مع الخارج إلى أفول للخطوط 
الكلاسيكية. وفي داخل فلسطينء نجد أن الشبكة التليفونية» التي بدأت من العدم من 
الناحية العملية» إنما تشهد ثورة حقيقية: ألف مكالمة تليفونية خلال العام الأخير 
للنظام العسكري ثم ١١‏ مليون مكالمة في عام /957١ء‏ منها 0.٠ ٠.٠٠‏ مكالمة بين 
المراكز الحضرية. وفي ثلاثينيات القرن العشرين»ء سوف يصبح التليفون أداة 
ضرورية لحفظ النظام» تسمح بإرسال تعزيزات إلى مواقع العنف. 

ويتوقف المجهود الحكومي عند هذا الحد. فمنذ بداية الانتداب. قرر 
المسئولون البريطانيون أن الكهربة سوف يتحمل المسئولية عنها القطاع الخاص. 
وتتمثل الفكرة في استخدام الموارد الهيدروليكية لحوض نهر الأردن لبناء محطات 
لتوليد الطاقة الكهربائية. وصاحب الامتياز الذي يقع عليه الاختيار هو الثوري 
الروسي السابق بنحاس روتنبرجء الذي أسس شركة كهرباء فلسطين. والمال أن 
منح هذا الامتياز لشخصية بارزة من شخصيات الصهيونية قد استثار احتجاجات 
حامية من جانب العرب. المنزعجين من أيلولة احتكار الكهرباء إلى شركة يهودية 
فيما عدا في القدسء حيث يوجد امتياز كان قد مُنحَ في العهد العثماني. والحاصل 
أن هذه الاحتجاجات قد واصلتها في بريطانيا العظمى أوساط معادية للصهيونية. 
وينجح ونستون تشرشل في فرض خياره في غمرة التصويت على ميثاق الانتداب. 

وقد حشد روتنبرج رعوس أموال خاصة. ولم تقدم له المنظمة الصهيونية 
شيئا سوى الدعم السياسي؛ لأن أولوية استثماراتها تتصل بالمجال الزراعي. أمّا 
إدمون دو روتشايلدء المتقدم كالعادة على الصهيونية الرسمية بعشرين عاماء فإنه 
يقدم رعوس أمواله. فالبارون يدنو بالفعل من مرحلة التصنيع. ويقيم روتتبرج 
علاقة ثقة مع عبد اللهء المعني على نحو مباشر بالملف لأن الامتياز يهم شرق 
الأردن أيضًا. وانتظان! لتشغيل المحطة الهيدروكهربائية الكبرى المقامة عند ملتقى 
نهري الأردن واليرموكء والتي لن تنجز إلا في عام 21177 تبني شركة روتنيرج 
محطات للديزل في تل أبيب )١1377(‏ وفي حيفا وطبرية .)١175(‏ وتنتج شركة 
كهرباء فلسطين 5544 ألف كيلوواط في عام ١377‏ و51748 ألف كيلو واط في 
عام .١13٠‏ وفي المجالس البلدية العربية» تعد المناقشات عنيفة عنقا خاصنًا لتحديد 
ما إذا كان يجب الاعتماد أم لا على شركة كهرباء فلسطين. 


16 


وفي القدسء يجري تمديد الامتياز العثماني السابق في عام .١1575‏ وتبدا 
شركة القدس للكهرباء والخدمة العامة في إنتاج الكهرباء في عام .١3175‏ على أن 
أثر الكهربة لن يظهر بالفعل إلا اعتبار! من عام 1551 
الاستراتيجيات الصهيونية 

الصهيونية واقع اجتماعي معقد يجمع بين مشروع تحرير يتجه إلى بناء 
إنسان جديد ومنطق اقتحام الأرضء أي امتلاك أرض. وفي كل لحظة؛ يضفي 
الطموح التحريري طابعًا خاصًا على مختلف سيرورات الإنتاج» إلى درجة حجب 
واقع التطورات الجارية غالبا 

وغداة الحرب العالمية الأولى» تتحقق سيطرة المنظمة الصهيونية على 
الييشوف في ارتباط بانبثاق نخبة سياسية مؤلّفة من مهاجري العاليًا الثانية. وقد 
اضطرت العائيًا الثالثة إلى السير في ركاب هذه الجماعة المحرّكة. عبر تقديم 
الكوادر الثانوية مع إعطاء صياغة أقوى وأوضح للمشروع الاشتراكي. والحال أن 
قايتسمان» وهو استراتيجي بارعء قد أكد هيمنته على الحركة باللعب على علاقاته 
الممتازة مع الدوائر الحاكمة البريطانية وببناء تحالف مع الكوادر الاشستراكية. 
وهكذا نجدء في الشتات؛ أن المركزء المؤلف من صهيونيين عاديين» إنما يجعل من 
نفسه المداقع عن الإنجازات الاشتراكية والنزعة التوجيهية في الساحة. ومن ثم فإن 
منظور استيطان يستلهم مبادئ المشروع الحرء والذي كان برانديز المدافع عنه؛ قد 
تم استبعاده» ولا تبدو استعادة اليمين التصحيحي له ذات مصداقية لأنه بعيد تماما 
عن الواقع المادي للمشكلات الملموسة. 

وهكذا فإن الأقسام الكبرى المكونة لليشوف إنما تجد نفسها بعيدة عن السلطة. 
فالأرثونكس غير الصهيونيين لم ينجحوا في الحصول من البريطانيين على 
اعتراف يميزهم عن الجماعات اليهودية الأخرى. وكان السيفارديون عاجزين عن 
طرح مشروع منافس ومن ثم فقد وجدوا أنفسهم مهمّشين: وهكذا تمت إزاحة 
اليمنيين جسديًا إلى هامش المستوطنات الزراعية وأخذت على اليهود المشارقة 
والعرب الحضريين أساسنا ثقافتهم المتوسطية والفرانكوفونية. وبعد موت آرونسون 
السابق للأوان؛ لم يعد لأحفاد العاليًا الأولى» أول من ولدوا في البلد. من زعماء 


١ك‎ 


سياسيين معترف بهم. وبما أنهم قد أحسوا بأنهم غرباء عن الخطاب الرسمي؛ ققد 
اجتذبتهم تصحيحية جابوتينسكي. 
ومنذ ما قبل عام 11174., نجد أن أرثر رويّينء الممشل الأول للمنظمة 
الصهيونية» قد أعطى الأولوية» ضمن منظور التجريب الاجتماعيء للعلاقات بين 
تكنوقراطية الحركة والكوادر الصهيونية الأولى. وقد سار الكولونيل كيش في هذا 
الدرب نفسه. وهكذا فإن نمط التنمية الذي وقع عليه الاختيار إنما يعد مميّزًّا بشكل 
حاسم. فهو الاشتراكية القوميةا'"). 
وخلال سنوات الحرب العالمية الأولى والأعقاب المباشرة للحربء قكّم 
الخطاب الصهيوني لمحاوريه البريطانيين البرنامج المغري الخاص بتنمية 
اقتصادية طموحة لمجمل الشرق الأدنى تجمع بين رعوس الأموال والمعارف 
التقانية للمهاجرين اليهود واليد العاملة الأهلية زهيدة الثمن. والحال أن ت. !. 
لورانسء قد جعل من نفسه؛ في عام 2197٠0‏ المتحدث بلسان هذا الطموحا"): 
التجربة اليهودية من نوع آخر. فهي رغبة واعية. من جانب الشعب الأقل أوروبية 
بين شعوب أوروباء في معاكسة مسار الزمن سعيًا إلى العودة إلى ذلك الشرق الذي جاء 
[هذا الشعب] منه. فالحال أن المستوطنين سوف يجلبون إلى الأرض التي سكنوهاء على 
مدار عدة قرون قبل العصر المسيحي. نماذج من جميع العلوم والتقانات الأوروبية. وهم 
يعتزمون الاستقرار بين من يسكنون البلد بالفعل؛ وهم جماعة سكانية عربية اللسان» شعب 
شقيق من حيث أصوله لكن وضعيته الاجتماعية جد مختلفة. وهم يأملون في مواءعمة 
أسلوب حياتهم مع مناخ فلسطين. ويراودهم الأمل في أن يجعلوا من هذا البلد. بفضل 
مواهبهم ورءعوس أموالهم. دولة منظمة على أحسن وجه مثل دولة أوروبية. والحال أن 
نجاح هذا المشروع إنما يعني بالضرورة رفع مستوى معيشة السكان العرب الحاليين؛ الذين 
لم يكونوا أسبق [من المستوطنين اليهود الجدد] في سكنى البلد إل بوقت قصير؛ وآثار 
مشروع كهذا تجازف بأن تكون على أعلى درجة من الأهمية بالنسبة لمستقبل العالم العربي. 
فمجئ التقانات قد يجعل فلسطين مستقلة عن أوروبا الصناعية و في هذه الحالة» مسوف 
يصبح الاتحاد الكونفيديرالي الجديد عنصر قوة عالمية جبّارَا. ومثل هذه المحصلة المحتملة» 
إن كانت لا تخص الجيل القادم الأول ولا حتى الثانيء لن يكون بالإمكان مع ذلك تفاديها من 
جانب من قد يحاولون إرساء أسس إمبراطورية في غربي آسيا. 


1١ /ا‎ 


وفي عشرينيات القرن العشرينء» يظل مثل هذا الأفق جد بعيد. فالصناعة 
اليهودية الكبيرة ما تزال في طفولتها. والجانب الرئيسي من القطاع الثانوي إنما 
ينتمي إلى عالم الحرف. وهو عبارة عن حشد من الورش الصغيرة في مجالات 
كالسيراميك والدباغة وصناعة الملابس المحبوكة وصناعة السجاد وأعواد التقاب 
والسجائر على اختلافها والصابون والعطور والشموع والمرايا والتجليد والفلين 
والجلود والأدوات المنزلية والموبيليا والشمسيات وحفظ الفواكه والخضروات. كما 
توجد بالفعل بعض المشاريع الكبيرة» لكنها موجودة في قطاع الأغذنية. كمشروع 
طاحونات فلسطين الكبرى, والذي يشكو من العجز ويدعمه إدمون دو روتشايلد» 
والزيوت النباتية والتشييد (جبانة نيشير). 


الصناعة والحرف اليهودية9") 
ا | سا 


ع بآلاف الجنيهات الفاسطينية | 8.0 | 82000 أ 
رأس المال بآلاف الجنيهات الفلسطينية 





أمّا الاستثمارات الوحيدة طويلة الأمد فهي شركة كهرباء فلسطين التي أنشأها 
روتنبرج وفيما بعد بوقت طويل الامتياز الممنوح في عام ١17٠‏ لشركة بوتاس 
فلسطين المحدودة لاستثمار أملاح ومعادن البحر الميت. 

والييشوف هو السوق الآسرة للورش والمصانع؛ وتعتمد نشاطاتها اعتمادا 
مباشر! على تدفق المهاجرين الجدد ورعوس الأموال التي تجئ معهم. والأحوال 
دورية من حيث الجوهر. فمن شأن هجرة قوية أن تؤدي إلى نشاط قوي يجتذب 
بإزاء أزمة مفاجئة» تترتب عليها بطالة قوية تؤدي إلى انهيار مفاجئ وحاد لعدد 
القادمين الجددء ومن هنا المراوحة في كساد طويل. وهذا هو ما حدث في عام 
7. ويفسر الاشتراكيون الأزمة بالمضاربة في حين أن الأمر يتعلق بكل 

114 


بساطة بعجز المقام القومي اليهودي عن التوصل إلى اكتفاء ذاتي اقتصادي والكف 
عن الاعتماد على الخارج. 

وليس بالإمكان تشبيه تجربة المقام القومي اليهودي في عشرينيات القرن 
العشرين بتجربة بلد «جديد» كالولايات المتحدة أو الأرجنتين أو أستراليا في ذلك 
الوقت. ففي هذه البلدانء يعتبر النمو داخليًا وتسهم فيه الهجرة بتقديم اليد العاملة 
الإضافية التي تتطلبها حاجات الاقتصاد. أمّا هنا فإن طاقة الاقتصاد الاس تيعابية 
الشهيرة» بعيذا عن أن تكون نتاج نشاط داخليء إنما تتبع بشكل وثيق التمويلات 
الخارجية. وهذه التمويلات تحكم النمو والهجرة سواء بسواء. 

وفي هذا السياقء لا تعطي استراتيجية المنظمة الصهيونية الأولوية لإنتاج 
الثروات» والذي كان لابد له أن يكون لازمًا لضمان هجرة مهمة» بل تعطيها لتقديم 
الخدمات الاجتماعية وللاستحواذ على الأراضي. 

والميزانيات المتصلة بالأمر كاشفة تمامًا في هذا الصدد: 


إنفاقات الكيرين هاييسود (صندوق تأسيس فلسطين) من أبريل/ نيسان ١55١‏ 
إلى ديسمبر/ كانون الأول .١1477‏ بحسب تقرير قنصلية فرنسا!؟") 
]رصت | دض 


5 "كر اكتكل 
التوظيفات والأشغال العمومية 6 7م44 ل 
الإجما الع ا 

























ويمكن تقييم رأس المال القومي الذي وظفه اليهود في فلسطين منذ عام 
6 على النحو التالي: 


أموال أولية للإعمار 





وهناك مجال لإضافة رءوس الأموال المتمثلة في أرصدة إلى الشركات 
العقارية الثلاث: شركة تنمية أراضي فلسطين وشركة ميشيك وشركة جيولا 
المحدودة؛ وحجمها ١ ٠.٠6٠ .٠٠‏ جنيه و1) شركة روتنبرج 55٠ ٠٠0(‏ جنيه) 
و") شركة نيشير ٠.0(‏ جنيه) و4) صناعات خاصة مختلفة ١7٠٠١ .٠.0(‏ 
جنيه). فيصل الإجمالي إلى 50٠0 ٠٠٠‏ 8 جنيه. 

وبحسب تقدير ديزنجوفء. عمدة تل أبيب النشيط؛ فإن الميزانية «العامة» 
المخصصة للصناعة تشكل نسبة .90١,75‏ وتمويل المشروعات الكبرى خاصء. 
وهنا نجد من جديد وبشكل كبير - وبالتكتم نفسه كالعادة - إدمون دو روتشايلد 
(الأمر الذي يفسر الانخفاض النسبي لاستثماراته في الزراعة). وتلعب التعاونيات 
دورًا جِدّ هامشي في الإنتاج؛ لكنها تحتل مكانة مهمة في التسويق. 

والحال أن حصة الخدمات الاجتماعية» خاصة التعليم والصحة» إنما تقلل هذه 
الإحصائيات من أهميتهاء فهي لا تأخذ في الحسبان تدخل الجمعيات الخيرية 
الأميركية اليهودية. خاصة الهاداسا في مجال الصحة. وبما أن ميزائنية حكومة 
فلسطين لا تتحمل سوى القليل من أعباء الخدمات الاجتماعية وأنه؛ في هذا المجال» 


1١6 


تُولي الأولوية (التعليم) للقطاع العربي من السكان, فإن التنظيم الطائفي اليهودي هو 
الذي يهتم بهذه الخدمات من خلال تبرعاته الطوعية وتمويلاته الخارجية. ونحن 
بإزاء نظام توزيعي حقيقي بأكثر مما بإزاء نظام إعادة توزيع» وهو يطمح إلى 
توفير وحفظ مستوى معيشة من النمط الأوروبي للجماعة السكانية اليهودية:؛ بما 
يشكل خاصية للثنائية [الازدواجية] الاقتصادية والاجتماعية لفلسطين تحت 
الاتتداب. 
وبالرغم من التحويلات القادمة من الخارج على شكل خدمات اجتماعية» فإن 
الرغبة في توفير مستوى معيشة من النمط الأوروبي إنما تعني دفع أجور لليد 
العاملة اليهودية على مستوى أعلى تماما من مستوى أجور اليد العاملة العربية. 
وترصد قنصلية فرنسا ذلك في تقريرها عام :١5524‏ 
في بلد تولد فيه الرأسمالية بالكاد. حيث يتواصل وجود المؤسسات الاقتصادية 
المنتمية إلى العصر الوسيط تواصلاً يكاد يكون كاملا شهدنا. منذ عشر سنوات. عبر جهود 
التضامن اليهودي الأممي. وصول جيش بأكمله من البروليتاريين؛ جد الواعين بمصالحهم 
الطبقية. وجد المصرين على التمتع بمستوى معيشة أوروبي. وبما أن مستواهم الثقافي 
مرتفع بالأحرى. فقد نظموا أنفسهم في نقابات وتجمعات للدفاع عن حقوقهم. وهم ليسوا 
على استعداد لقبول خفض لأجورهم ولا لقبول الاستعاضة عنهم باليد العاملة العربية 
الرخيصة. والحال أن هؤلاء الشغيلة إنما يتجاورون هنا مع بروليتاريا أخرى كانت تتجاور. 
في القرن الخامس عشرء مع شعب من الفلاحين الذين يعملون لقاء أجور بائسة في أراضي 
الأفندية. ويكفي رصد هذا الواقع للتنبؤ بالمصاعب التي تترتب عليه. ومن المؤكد أن العمال 
من أهل البلد ليسوا معادين ولا يطالبون بأكثر من مساعدتهم في ألا يعملوا إلأ ست ساعات 
بدلاً من اثنتي عشرة ساعة على أن يحصلوا على ست عشر قرشا بدلا من عشرة قسروش. 
إلا أنه سوف يتعين توقع شيء من الانزعاج بالنسبة للمستقبل من جانب المجتمع العربسي 
العتيق ما لم يكن هناك اقتناع متزايد باطراد. من الجانب الصهيونيء بأنه ما من مخرج آخر 
ممكن بين اليهود والعرب سوى التعاون المفيد للطرفين. 


وبشكل تلقائيء فإن اليد العاملة العربية قد حصلت على الحصة الأكبر من 
الوظائف في القطاع العام. خاصة في السكك الحديدية. وبناء ميناء يافا مثال مميّز 


1١6 


فالمقاولون يستخدمون عمالاً عربًا أساساء أجورهم زهيدة تماماء ومن هنا 
احتجاجات ثايتسمان الحامية في عام 11478*). فهو يطالب بحد أدنى لأجور 
العمال اليهود يسمح لهم بالتمتع بمستوى معيشة قريب من مستوى معيشة 
الأوروبيين» كما يطالب بإلزام المقاولين بأن تكون اليد العاملة اليهودية نتصف اليد 
العاملة التي يستخدمونها. وفي العام التالي» عندما يشكل حزب العمال [البريطاني] 
حكومته الثانية» يتقدم الرفاق الاشتراكيون الصهيونيون بهذا المطلب نفسه إلى 
وزير المستعمرات الاشتراكي7""). والسلطات مستعدة لتقديم بعض التنازلات. إلا 
أن عليها مراعاة حدود ميزانية المشروع. وهي ترىء من جهة أخرىء أن الأجور 
العمالية» قياسًا إلى مجمل المنطقة» إنما تعد الأعلى بكثير. وحيثما توجد بلديات 
مختلطةء تنطرح المشكلة نفسها. فاليد العاملة العربية تزيح اليد العاملة اليهودية في 
هذه البلديات. وعندما تمتد البطالة إلى القطاع اليهودي. لا تنخفض الأجور العمالية 
إل قليلاًء بما لا يؤدي إلى تراصف مع الأجور العربية. 

والحال أن اقتحام العمل من جانب العمال اليهود إنما يتحقق» حيثما كان ذلك 
ممكناء عبر استيعاد استخدام العرب. والمطلب الأول للحركة العمالية اليهودية هو 
استبعاد العرب من القطاع اليهودي في الاقتصاد. وتترتب على ذلك تكاليف إنتاج 
أعلى نسبيًا بالنسبة إلى المنطقة» ومن ثم استحالة الإنتاج بشكل تنافسي لسوق 
الشرق الأدنىء كما يبين ذلك الميزان التجاري لفلسطين. 
الإنتاج الفلسطيني 

يظل الاقتصاد الحضري العربي قائمًا على التجارة والحرف. وفسي مجال 
المال» يتواصل البقاء ضمن نشاط خاص قوامه تقديم القروض بمعدلات ربوية 
غاليًا. والبنوك إِمَا أنها أجنبية أو صهيونية. وقد بُذلت محاولات لإنشاء بنوك 
عربية. والنجاح الأكثر دوامًا هو نجاح البنك العربي الذي أنشأه عبد الحميد شومان 
في عام ١170‏ وفق نموذج بنك مصر في مصرء أي ضمن هدف اقتصادي 
وقومي على حدّ سواء. ومديره العام هو أحمد حلمي باشاء وهو سياسي ميّال إلى 
استخدام البنك في تحقيق طموحاته السياسية. وبما أن الاستثمارات العربية تذهب 
بالأخص إلى الجزء الحديث من الزراعة؛ الحمضياتء فإن الجزء الصناعي من 
الاقتصاد العربي يظل ضعيفا. 


1١61 


والعجز الملحوظ في الميزان التجاريء والذي كان موجوذا بالفعل قبل عام 
54 إنما يشير إلى الاعتماد الوثيق على «المصادر غير المرئية»» والتي تتألف 
أساسا من عائدات السياحة والحج ومن تبرعات المؤسسات الدينية والمنظمات 
الصهيونية!"): 
|[ | اواردات |[ الصاهرات | إعادات لتصدير | 
1 ع«لل لاع + ١9.858‏ 
١158‏ ام .لمالا >" /لا6 /المع ١‏ 


وهيكل الصادرات والواردات في عام ١177‏ يوضح الهياكل الإنتاجية: 
صادرات عام 21555): ١ 588 5481١‏ جنيهاء منها 


تقال ا 























١ 






1 


1: 


5ه إإنجاتراءمصر | 
ال ال-0 
: 
7 
51 
١‏ 

مصرء أنج 


ذ دم لم إنجلترا 


!| آاغء 







1 
2! 





اللو 


ر 


1 


يُحينبة 
١‏ 


وفي ذلك الوقت» وبشكل واضح تمامّاء تأتي غالبية الصادرات من الجزء 
العربي في الاقتصادء حيث إن العرب كانوا ما يزالون يسيطرون على قطاع 
الحمضياتء والمنتج الصناعي الأول هو صابون نابلسء الممائل لصابون مارسيلياء 
والذي يشتريه مسلمو الشرق الأدنى» خاصة في مصرء بسبب نقائهء ونلك 
لاستخدامه في الوضوء. 
وتشير الوارناة إلى وحوة عجر الصاح تتش 
| القيمة | البلدان المصدرة مرتبة بحسب الأهمية_| 
جات القطنية ١ك‏ دلورنا» إرَيطانيا العظلمي: إيطائيا: مصنر 
5307 | مصرء الولايات المتحدةء أسترالياء فرنسا 


١851 9 00‏ ا إنجلترا 
الزراعية والصناعية 


لدع هك 
: 
اك ارد 
5 
ا 
برقال 

----22222ك- 
زيوت اليتون الغا 
سير ب ]0 





















م 
ا 


ع 
ا 
8 ا 










َ 
2 








ولا تندرج في هذه الأرقام التوريدات الذاهبة إلى مخازن الدولة» والتي ترتفع 
قيمتها إلى 87١‏ 7117 جنيهاء ولا التوريدات الذاهبة إلى مخازن الجيش (856 485 
جنيها)» والتي ترد من بريطانيا العظمى وحدها تقريبًا. وتستأثر مصر وسوريا 
بنصف الواردات الفلسطينية تقريباء لكن هذين البلدين إنما يعدان بالأخص بلدي 
ترائزيت لسلع أوربية. على أن مصرء حيث توجد بالفعل قاعدة صناعية معينة» 
تصذر إلى السوق الفلسطينية منتجات ذات استخدام عادي. ويشكو الصناعيون 
اليهود من منافسة يرون أنها غير مشروعة نظر! إلى تكلفة اليد العاملة المصرية» 
الأرخص أيضنًا من اليد العاملة العربية الفاسطينية. وهم يطالبون بزيادة الرسوم 
الجمركية. وبقدر ما أنهم يريدون ممارسة استراتيجية إحلال للواردات؛ فإنهم 
يسعون إلى الحصول على حماية بالنسبة للمنتجات النهائية وعلى تخفيض للرسوم 
على المواد الأولية. وقد حصلوا على ذلك مثلاً في مجالٍ إنتاج الأسمنت؛ حيسث 
تتكفل شركة نيشير في حيفا بتلبية 7٠٠١‏ من احتياجات الاستهلاك الفل سطيني 
بأسعار مرتفعة. 

والقطاع الأكثر إنتاجية في فلسطين هو قطاع الحمضياتء التي تشكل المنتج 
التصديري الرئيسي والمنتج الذي يكفل أفضل عائد على الاستثمارات إلى حد 
بعيد. وفي عشرينيات القرن العشرينء يسيطر العرب على هذا القطاع بشكل 
واسع: 


1١66 


إنتاج الحمضيات» 15371١‏ -1577ء بيانات أساسية!'") 





ويرجع هذا الوضع إلى استثمار يهودي منخفض في هذا القضاع في السنوات 
الأولى من عشرينيات القرن العشرينء يعقبه لحاق سريع [يالاستثمار العربي]. 
ك١‏ 


الاستثمارات في بساتين الحمضيات!") 























الاستثمارات بآلاف الجنيهات الفلسطينية 
م الأسعار الجارية أسعار عام ١9155‏ 
| | عرب | يعود |الإجملي | عرب | يود |الإجملى | 
ليب ليد صيين يي مهي ! 
2 ننه 

كا" 












الحددا المين 5508 374 عه ]5و 56 


ه51 


/ا17 


1١15158 





لمح 


5545| 0٠ 


1 


157 
وه 
15 





١و4‎ 
01 


١ة6ا/‎ 


ويرجع ركود الاستثمارات اليهودية في أوائل عشرينيات القرن العشرين إلى 
الرغبة المشتركة لدى الهيكل التقاني الصهيوني ولدى الحركة العمالية في رفض 
إنتاج الحمضيات. فهذه المحاصيل ذات عيب مزدوج. فلكي تكون مربحة» لابد من 
الاعتمادء عند قطفها خاصة» على اليد العاملة العربية» ثم إنهاء من جهة أخرى؛: 
ذات استهلاك محدود للمكانء ولا تسمح باقتحام الأرض الذي هو أيضنا اقتحام 
للأرض الزراعية واحتلال لها. وبشكل ممينّ» فإن مهاجري العاليًا الرابعة» الذين 
تمادى الاشتراكيون في ذمهمء هم الذين يعيدون تدشين الاستثمارات اليهودنية في 
هذا القطاع ويسعون إلى اللحاق بالعرب فيه. ويمكننا أن نرى إلى أي حدّ تعد تهمة 
المضاربة تهمة تتميز بالمبالغة وتخفي المأخذ الحقيقيء أل وهو عدم المشاركة في 
اقتحام الأرض ورفض اقتحام العمل. وفي أواخر عشرينيات القرن العشرين» 
عندما تظل البطالة اليهودية مهمة» يضطلع ساعد الهستادروت الخشن باس تخدام 
القوة في طرد اليد العاملة العربية من البساتين اليهودية. 

وهذه البساتين تعد بالأخص استثمارات خاصة يحوزها أحفاد العاليَا الأولى أو 
مهاجرو العاليَا الرابعة. وبما أن الاشتراكيين ينبذونهمء فإنهم إنما يشكلون الجمهور 
المتعاطي مع الحركة التصحيحية. ولا يجب للنزاع بين الاستثمارات الخاصة 
والاستثمارات التعاونية أو الجماعية أن يحجب المفارقة التي ترجع إلى الاشتراكية 
القومية. فاليمين القومي يستخدم اليد العاملة العربية ويتحدث في الوقت نفسه عن 
ضرورة بناء حائط حديدي فاصل عن العرب. والاشش تراكيون يتحدثون باللغة 
السامية التي تتكلم عن الانسجام القادم بين العرب واليهود ويسعون في الوقت نفسه 
إلى استبعاد أي وجود عربي من الاقتصاد اليهودي. ومن غير الوارد بالنسبة لهم 
تكوين نقابات عربية ويهودية مختلطة. وإذا ما اقتضى الأمرء فإنهم على استعداد 
للمساعدة في تكوين نقابات عربية متمايزة» لكنهم» بوص فهم قوميين حقيقيين» 
مقتنعون بأن هذه النقابات العربية لن يكون من شأنها إل أن تضع نفسها في خدمة 
القضية القومية العربية وتصبح خصما للصهيونيين. 

وفي مجتمع ثنائي؛ يتخذ الاقتصاد هذا الطابع. وقد أدركت الكوادر البريطانية 
بسرعة أن أي إجراء اقتصادي قد جرى تفسيره» من جانب أحد العنصرين 
المكونين للمجتمع؛ على أنه إجراء يحابي الطرف الآخر دون وجه حق. والدليل 


1١4 


على ذلك هو الجدل الذي ثار بشأن الرسوم الجمركية. فبما أن القطاع المصناعي 
العربي جد ضعيف. فإن جانبًا كبيرًا من الإيرادات العربية إنما يجئ من الزراعة. 
وبحسب قانون المزايا النسبية» فإن رعوس الأموال العربية تتوجه إلى القطاع 
الأكثر ربحية؛ ألا وهو قطاع الحمضيات؛ وتهمل الإنتاج الصناعي. وتتمثل 
المصلحة العربية في أن تكون الرسوم على المنتجات النهائية المستوردة محدودة 
نسبيّاء الأمر الذي من شأنه أن يسهلء على أساس المعاملة بالمثلء الصادرات 
الزراعية الفلسطينية» خاصة في سوق الشرق الأدنى. وبالمقابل» تكمن المسصلحة 
اليهودية في الاتجاه إلى إحلال للواردات لأجل تسهيل التصنيع. ومن ثم فإن الجدل 
حاد فيما يتعلق بالقانون الجمركي. ويحسم البريطانيون الجدل بتأييد الزيادة 
التدريجية للرسوم الجمركية على المنتجات النهائية. وهم يرون في ذلك وسسيلة 
لمكافحة البطالة اليهودية ويرون أن الإيرادات المتزايدة المتأتية من الجمارك سوف 
تسمح بخفض الضرائب المباشرة الضاغطة على المحاصيلء الأمر الذي يشكل 
إجراءً تعويضيًا للسكان العرب. 

وبشكل تلقاني؛ أدت الاستثمارات اليهودية والعاليتان الثالثة والرابعة إلى 
زيادة حصة الإنتاج اليهودي في اقتصاد فلسطين الإجمالي. وقد قادت أزنمة عام 
7 الاقتصادية» بالرغم من احتجاجات الاشتراكيين» إلى قدر معين من إعادة 
00 الاستثمارات إلى المدن. وهنا أيضاء من المرجح كذلك أن المهاجرين غير 

شتراكيين من مهاجري العاليًا الرابعة كان عليهم إعادة تدشين النشاط الاقتصادي 
1 الحمضيات. ثم إن الاقتصاد الجرني بطق بجوو فلي رمي 
اعتبارًا من عام ١178‏ بسبب اعتماده المفرط على القطاع الزراعي. وينتج عن 
ذلك تغير محسوس للعلاقة بين الاقتصادين. ففي عام 21117 كان الاقتصاد العربي 
مسئولاً عن 968١‏ من الناتج الداخلي الإجمالي في فلسطين. بيد أنه لم يعد ا 
إلا عن 9067 منه في عام 019:91 


الزراعة اليهودية 
المسألة العقارية في فلسطين تتميز بتعقيد رهيبء, وذلك؛ في آن واحدء بسبب 
تعدد الأوضاع الحقوقية والبشرية واحتدام المشاعر التي أثارها. وبقدر تقدمنا في 


4# 


١6 


تاريخ الانتداب» تصبح البيانات الإحصائية أدق فأدق. ولأجل تسهيل الأمورء يجب 
أن نأخذ بعين الاعتبار بيانات تمتد إلى نهاية الانتداب كيما تتوافر لدينا سلاسل 
كاملة. 

إن الجزء الأكبر من السكان اليهود موجود في المدنء والمهاجرون 
الصهيوتيون يذهبون ألا إلى تل أبيبء المدينة اليهودية بشكل حصريء كما 
يذهبون إلى حيفاء القطب الصناعيء وإلى القدسء المدينة المقدسة والعاصمة 
السياسية. 


السكان الريفيون اليهود والسكان المنخرطون في الزراعة ") 


السكان 
7ل 


سك م ا ا 11 


أواخر 

تووقير/ | 1١/5 ..١‏ [.7.6 475 9/01 اك 
0 

سرين 


ا 


وإذا كان السكان المنخرطون في الزراعة لا يشكلون غير شريحة من إجمالي 
السكان اليهود نسبتها أقل من :96٠١‏ فإنهم يستفيدون من الجانب الأكبر من 
1 





الاستثمارات اليهودية الجماعية. والبيانات بالدونمات7" المترية ٠٠٠١(‏ متر 
مربع)ء التي تعد المقياس المعتمد في عهد الانتداب. 
وتنجم عن ذلك زيادة منتظمة للملكية اليهودية: 


نمو الملكية اليهودية المسجلة بشكل قانونيء: مع استبعاد الأراضي الحكومية التي 
تم الحصول عليها لأجل امتيازات استثمارية (8") 
ابس”ى .هك | إسهر اإتمعم إتمدد. .| 


١ 8/ا. ه'”ماء‎ ١887 1١ ١٠١5 ك٠ كالم‎ 0٠.6٠ -1841 
١185٠ 
1١.5 رزفردنا ا م١" 15 5 كالا.‎ 0 -1١181١ 
115٠. 
١ ١1” 1١45 "5 0 ٠. 1١144 ٠ 153 
0 


ا 
06 ين كم كه: أهمو١‏ 6 كلا |١9.لا5١ 1١‏ 


عم .9 ا 5 1542 

١ ب‎ 24 1 

00 ا‎ 
١ 


1 























١5 






115 


110 


15 
557 
105 
156 





15 


/ا1 


لل 






28 
15 


وهي عبارة عن صكوك ملكية مسجّلة بشكل قانوني. ويجب أن نضيف إليها 
الأراضي الحكومية التي تم الحصول عليها كامتيازات استثمارية والأراضي التي 
تم نقل ملكيتها بشكل غير قانوني (النقل من الباطن). ويمكننا تقدير إجمالي الملكية 
اليهودية بنحو مليوني دونم في مايو/ أَيّار 1١554‏ 1 

وإذا كان المجهود المبذول ضخماء فإنه لا يتعلق إلا بجزء صغير من 
فلسطين» بل من ريف فلسطين 


الأراضي الصالحة للزراعة في فلسطين في عام ١17١‏ (بالدونمات المترية) :") 


سهل عكا 


للا هه" 0 لله 3 
1111 7 


صحراء يهودا وناحية ث.ثو9.ه. ١‏ 


١7 فلل اعء”‎ ١١56.٠ 


وعند نهاية الانتداب» تجد الملكية اليهودية نفسها تحت نسبة ٠‏ إلى حد 
بعيد (يرى البريطانيون أنها لا تزيد عن نسبة 905.7)» حتى ولو أخذنا الملكية 
العامة في الحسبان. والوضع ممائل في الزراعة» البعيدة عن أن تشكل أغلبية 





١ 














المجال العقاري اليهودي لأن البيانات تأخذ بالحسبان المساحة الحضرية ولأن 
المنظمات اليهودية قد حرصت على أن تشكل لنفسها احتياطيا عقاريًا ولأنها 
انخرطت في عمليات إعادة تشجير موازية لعمليات الحكومة. 


الزراعة اليهودية في عام ١5414‏ (بالدونمات المترية) مع استبعاد الأراضي 
الحكومية التي تم الحصول عليها لأجل امتيازات استثمارية (7) 


الاستثمارات |الاستثمارات التعاونية | الإجمالي 
الفردية والجماعية 


١5١ 4.٠ 1 













فواكة أخري 
إجمالى الفواكه 


5 


١ 


0 
ع 
03 





1 ١56 مث.ءء.‎ 


2 : 
1 
: 25| 





ويستفاد من الجداول أنه إذا كانت الرغبة في الاستثمار عاملاً مهمّاء فإنها إنما 
تظل ثانوية بالقياس إلى الهدف الرئيسي المتمثل في الاستيلاء (السياسي) على 
الأرض. واستقطاب الجهود لا ينبع من خطر خنق للإمكانيات الزراعية» بل من 
الرغبة في بناء مقام قومي يهودي. 

ويرجع التوزيع بين استثمارات فردية واستثمارات جماعية وتعاونية». علاوة 
على وجود مستثمرين فرديين» إلى وجود فاعلين كبيرين في الزراعة. أَمّا الفاعل 
الأول فهو جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطينء التي أسسها إدمون دو روتشايلد 
واعترفت بها حكومة الانتداب في عام .١15754‏ والحال أن زمامها العقاري قد 
استوعب الأراضي التي كان قد عُهد بها في مستهل القرن العشرين إلى جمعية 
الاستيطان اليهودي (إيكا).. وقد أضيفت إلى هذه الأراضي حيازات جديدة. 
وبحسب الخط المحدّد منذ بداية الاستيطان الروتشايلدي؛ فقد جرى التقازل عن 
جزء من الأراضي للمستوطنين على شكل ملكيات فردية عند إثبات قدرتهم على 
الكف عن الاعتماد على مساعدات الجمعية. ولهذا السبب» فمن الصعب تحديد 
حصة الملكية الفردية غير المستمدة من هذا الاستيطان. إلا أن بوسعنا افتراض أن 
جزءًا مهما من زراعة الحمضيات ينبع من مبادرات خاصة تمامًا. واعتبارًا من 
مستهل ثلاثينيات القرن العشرينء تقدم جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين 
مساعدة مهمة لمشاريع استثمارات تعاونية. 

والفاعل الآخر هو الصندوق القومي اليهودي (أو كيرين كايميت لي 
إسرائيل)» الذي تأسس في عام »15٠١١‏ والذي يشتري الأراضي ويعهد بها إلى 
صندوق التأسيس (الكيرين هاييسود). ويتحقق جانب ملحوظ من هذه الاستحواذات 
عن طريق شركة تنمية أراضي فلسطين. والحال أن التحالف المركازي بين 
المنظمة الصهيونية والحركة الاشتراكية إنما يتجسد من خلال واقع أن هذه 
الأراضي تستثمر بشكل تعاوني (موشاف) أو جماعي (كيبوتز). وهذه المستوطنات 
منتمية للهستادروت. 

وهنا أيضاء فإنه إذا كانت الحركة الاشتراكية تفرض إيديولوجيتها وتخلدق 
أسطورة الرائد الصهيونيء فإنه يبقى مع ذلك أنهاء على مدار الجانب الأكبر من 
عهد الانتداب» لم تكن الفاعل الرئيسي في الساحة: 


15 


توزيع الملكية اليهودية (بما في ذلك الأراضي الحكومية التي تم الحصول عليها 
لأجل امتيازات استثمارية: بالدونمات) ") 


الصندوق القومي | جمعية الاستيطان اليهودي في 
اليهود فلسطين وملاك أفراد 













الإجمالي 


1 مه 
1 ان 
؟55(] انيفكهةع ‏ | 200 
سور ..مودم | ١‏ 0 و ١‏ 
ل ال ١.‏ 0غ لاه ١‏ 


وكما قبل عام ١1١54‏ يجري دعم الزراعة اليهودية من الخارج إللسى حد 
بعيد. وجميع المزارعين يستفيدون من خدمات اجتماعية تتحمل المؤسسات 
الصهيونية المسئولية عنها. كما أنهم يتمتعون بتعليم زراعي ومساعدة من جانب 
الخبراء. وباستثناء الحال في قطاع المبادرة الخاصة تمامّاء والذي يركز أساسَّا 
على إنتاج الحمضيات في المناطق الساحلية» فإن من يتحمل تكاليف شراء 
الأراضي هو جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين والصندوق القومي اليهودي. 
كما تهتم المؤسسات بالاستصلاح (تجفيف الأراضي السبخية) والري وتقديم 
قروض ذات معدلات فائدة منخفضة (من 997 إلى 9617 في السنة) وطويلة الأجل 
جدًا (إلى ٠0‏ عامًا) ودوائر التسويق المتخصصة. وتتحمل هاتان المؤسستان 
المسئولية المباشرة خلال الأعوام الأولى للاستثمارء قبل أن يكون المستوطنون قد 

لحلا 


6.ء. 645 
ل ”.8و 


ث.ءة لّره. ١‏ 


_ 
٠. 


تمكنوا من الحصول على دخل حقيقي. وهكذا نجد أن استثمارات الكيرين هاييسود 
في الزراعة خلال أعوام ١145 - 197٠‏ قد وصلت إلى نحو 76٠ ٠٠00‏ © جنيه 
فلسطينيء منها.٠٠.‏ 715 ؟ للخدمات الاجتماعية والاستصلاح و0.. ١ 3١1‏ 
ذهبت إلى التعاونيات بشكل مباشر بينما ذهيت ٠٠١ ٠٠0٠‏ " إلى الاستثمارات 
الجماعية!*). 

والكيبوتزات هي مواقع تكوين الإنسان الجديد وتحقيق المثل الأعلى 
الاشتراكي. والتجريب الاجتماعي فعلي: ونكران الذات لدى المهاجرين ذوئ 
الأصول الحضرية والذين أصبحوا فلاحين يشكل اختبارا جسديًا ومعنويًا حقيقيًا. 
وهذه التجربة الاجتماعية لا تتحقق اقتصاديًا في قارورة مقفلة. فهي غير ممكنة إلا 
بفضل تدفق متواصل للمال الذي يمولها من الخارج. والحال أن دراسة أجريت في 
ختام أعوام ١914٠.‏ -147١ء‏ وهي أعوام سعيدة بسبب ارتفاع الأسعار الزراعية 
الراجع إلى الحرب العالمية» إنما تشير إلى أن الربح بالنسبة للكييوتزات ال5١‏ 
موضع الدراسة كان محدودا نسبيًا: 


النتائج المالية ل5١‏ كيبوترًا في الجليل والسامرةا”''(يآلاف الجنيهات الفلسطينية) 
. 


وقد أعيد استثمار الأرباح .٠00(‏ 187): أما المديونية فقد زادت من 
٠٠٠‏ 555 جنيه إلى ١ ١596.6٠‏ جنيه. وفي السنوات العادية؛ كانت 
الاستثمارات الجماعية تشكو من العجز. فمرة أخرىء تعتبر الربحية 
الاقتصادية ثانوية بالقياس إلى الهدف الرئيسي: اقتحام الأرض وتكوين الإنسان 
الجديد. 








كد 


والحاصل أن التبعية الوثيقة للاستثمارات الجماعية حيال المؤسسات 
الصهيونية إنما تسمح بسيطرة سياسية مباشرة. وكان مسموحًا بإطلاق الدعاوى 
الإيديولوجية الجذرية» إلا أنه لم يكن مسموحًا بالتشكيك في سلطة القيادة 
الاشتراكية. 

وخلال فترة الانتداب» جرى الحفاظ على الخيارات الزراعية المحتّدة قبل 
عام ١١4‏ بالنسبة للقطاع غير المنتمي إلى الحمضيات. والمقصود هو التمكن 
على مدار العام من استخدام اليد العاملة الموجودة وعدم الاضطرار إلى الاعتماد 
على الشغيلة العرب؛ ولو في العمل الموسمي. ويجري الانتقال تدريجيًا من 
محصول الحبوب البعلي إلى المحاصيل المختلطة مع استخدام الري. والجزء 
المرويّ مكرّس لإنتاج علف للماشية والدواجن ولإنتاج الفواكه والخضروات. 
والجدة بالنسبة لأواخر العهد العثماني تتمثل في إنتاج موجّه إلى السوق المحلية: 
اللبن» البيضء الدواجنء الفواكه والخضروات. وهي ناشئة عن التحسن الملحوظ 
للمواصلات مع ثورة الأوتوموبيل وتحسن المستوى المعيشي للجماعات السكانية 
الحضرية. 1 

وعلاوة على المكانة المهمة الممنوحة للملكية الخاصة؛ فإن سياسة جمعية 
الاستيطان اليهودي في فلسطين إنما تختلف اختلافا ملحوظا عن سياسة الصندوق 
القومي اليهودي. فالمؤسسة التي أنشأها إدمون دو روتشايلد تسمح بالاعتماد على 
اليد العاملة العربية» وهو ما يحظره الصندوق القومي اليهودي والحركة الاشتراكية 
حظرا صبازما: 
الزراعة العربية 

إذا كان القطاع الحديث في الزراعة العربية» وهو قطاع الحمضيات؛ قد 
تفوقء إلى عام 376١ء‏ على القطاع اليهودي المُناظرء من حيث القيمة والكميةء 
فإن القطاع العربي التقليدي في بقية فروع الإنتاج الزراعي إنما يشكل الجزء 
الأعظم في الزراعة الفلسطينية. 


/ا1 


الإنتاج الزراعي فيما عدا الحمضياتء. 1995--1947١‏ (يآلاف الجنيهات 
الفلسطيز 41)5) 


|[ | الأسار الجارية ‏ | أسارعلمة؟؟٠‏ 
| | العرب | اليهود العرب_|_اليهود_ | الإجما 

اف كام إمكة |ككة 1 |16 
ضحد اتمففدكن 414 اكه لا 7 3955 لاه " 

55900 1 لاه مه 5 15" ا" 8348 ”* 

هه 5081 ه /ا" 556 .لاه ”7 ونا 
ك0 ”7 هم 5م 8 " 585" الذيك 
5 
: 
,' 
ل ال ا ل ا 
























6 ة: 














31٠ 
176 
5 





١ك‎ 








والحال أن الإنتاج العربي خارج الحمضيات إنما تزيد قيمته بنسبة االضعف 
من الناحية العملية بين أوائل عشرينيات القرن العشرين وأواخر ثلاثينيات القرن» 
في حين أن الإنتاج اليهودي ينمو بنسبة سبعة أضعاف. 

وتظل المحاصيل العربية تقليدية» مع تخصصات جغرافية (قرى متخصصة 
في إنتاج الحبوب, والزيتون). وقرب المدن. تتصل التخصصات بالفواككه 
والخضروات. ونجد في جميع الأنحاء تربية للماشية المدّرة للألبان وتربية 
للدواجن. والتربية المكثفة للخرفان ممارسة رائجة في مناطق التلال. والعوامل 
الثلاثة لتضاعف الإنتاج هي تزايد المساحة المنزرعة (التي ستزيد من ٠‏ مليون 
دونمًا إلى 7 مليون دونمًا بين أوائل عشرينيات القرن العشرين وأوائل أربعينيات 
القرن» أي إلى زيادة في المساحة المنزرعة أعلى من مجمل الممتلكات العقارية 
اليهودية): وتزايد عدد الشغيلة وتكثيف المنظومات الزراعية التقليدية. 


تزايد السكان الريفيين العرب0'؛) 


النسبة المئوية إلى ١‏ أ 90 900 
إجمالي السكان العرب 


ولا تسمح الإحصائيات بالتعرف على حجم اليد العاملة المنخرطة انخراطًا 
مباشر! في الزراعة» لا سيما أن الأطفال» وفيري الأعداد ينخرطون؛ جزئيًا على 
الأقل» في العمل الزراعي. 







فكا 


تكثيف الزراعة العربية!"؛) 


0و1 - 48و1١‏ 





ومجهود الزراعة العربية داخلي أساسناء فهو؛ بعيذا عن أن يحصل على 
تمويل خارجيء إنما يتحمل المسئولية عن جانب كبير من الاقتصاد العربي العام. 
وبوسعنا افتراض أن نحو نصف الدخول من خارجٍ الحمضيات ينتقل إلى سداد 
إيجارات الأراضي وسداد الديون الربوية (ونسبة فائدتها نحو 967١‏ في السنةء 
وهي تعود في الحالتين لصالح البورجوازية الحضرية في أغلب الأحيان). 

وتسمح المقارنة مع الزراعة اليهودية بتحديد بعض الثوابت. فتنوع الأراضي 
والأوضاع يحول دون تقديم صورة ممثّلة لمتوسط زراعي بالنسبة لمجيمل 
الزراعتين. وتقديرات الخبراء الصهيونيين تقدم فكرة معينة عن استهلاك المكان 
من جانب المستوطنين. ففي عام 2١577‏ يرى روبّين أنه ضمن إطار الزراعة 
مختلطة المحاصيل في الاستثمارات الجماعية على الأراضي غير المروية» يتطلب 
الأمر متوسطا قدره ٠٠١‏ دونم عثماني (4 هكتارات) للأسرة الواحدة» بل يتطلب 
ما هو أكثر من ذلك في الأعوام الأولى7”*). وفي الأعوام التالية» يتحدد التوجه نحو 
محصول أكثر كثافة. وبالنسبة لعام ,١9727‏ يقدم جرانوفسكي نسبة ©,6193؟ 
للاستثمارات التي تتراوح مساحة الواحدة منها بين ٠١‏ و١"‏ دونمًا ونسبة 5,5 90١‏ 
لتلك التي تتراوح مساحة الواحدة منها بين "١‏ و١7‏ دونمًا ونسبة 9611 لتلك التي 
تتراوح مساحة الواحدة منها بين 7١‏ و١٠0١‏ دونمًا (نسبة ال9019,1 التي تخص 
الاستثمارات التي تقل مساحة الواحدة منها عن ٠١‏ دونمات تزرع محااصيل دون 
استفادة من مجمل السنة) 9 *). والحال أن حصص الأراضي الممنوحة من جاندب 
جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين إنما تعد أكثر أهمية من حبث الحجم. 

١و‎ 





وبالنسبة للزراعة العربية» يشير تقرير خبراء بريطانيين في عام ١17٠١‏ إلى 
متوسط قدره 20 دونمًا للأسرة الواحدة» وذلك استناذًا إلى دراسة ال ٠١5:‏ قرى 
عربيةا"*). ومن المرجح؛ بالرغم من صعوبة التفكير استناذا إلى معطيات غير 
متجانسة إلى حدٌ بعيد (فالأسرة اليهودية تتألف خاصة من راشدين قليلي الأطفال» 
لأننا عمومنا بإزاء مهاجرين جددء في حين أن الأسرة العربية تشمل أطفالا عديدين 
دون الخامسة عشرة من العمر). هلإ وجوه ملل الفارق مهم ان متوبتط اللتيلاة 
المكان للأسرة الواحدة بين اليهود والعرب وأن الحركة العامة تتجه إلى تكثيف 
زراعة المحاصيلء عبر أسلوب تقليدي لدى العرب. وعبر امول شرن شد 
اليهود. 

ونجد الصعوبات. نفسها من جديد في تحديد متوسطات الدخولء إلا أن 
مؤشرات مختلفة يبدو أنها تشير إلى وجود علاقة بسيط بمركب جد متصلة بحسب 
الأوقات. ففي أواخر ثلاثينيات القرن العشرين» في أفضل الأحوال (خارج 
الحمضيات)؛ كان الدخل السنوي للأسرة العربية الواحدة نحو 2٠‏ جنيهًا وكان نحو 
٠‏ جنيه للأسرة اليهودية الواحدة!'*). ومن حيث مستوى المعيشة؛ فإن التباين 
اال يكير اروب بحسن ند البحل العروى وتاك يندت تويلا الإيجارات 
العقارية والديون الربوية» بينما تستفيد الجماعة السكانية اليهودية من خدمات 
اجتماعية مثولة من الخارج وتطرق على العددات الاجشماعية للقن أتاحتها حكومة 
الانتداب للجماعة السكانية الريفية العربية. 

والحال أن التكثيف له حدوده في الزراعتين» في القطاع خارج الحمسضيات. 
والانتقال إلى الري المعمّم حيثما يكون ذلك ممكنا إنما يترافق مع اللجوء المتزايد 
إلى الميكنة الزراعية (وهو تطور كان قد بدأ بالفعل في الزراعة اليهودية). وهي 
قد تسمح بارتفاع للدخول الزراعية لكنها لا تسمح بنمو غير محدّد لعدد الشغيلة 
المنخرطين في الزراعة انخراطًا مباشرا. على العكسء فكما في الزراعات الأخرى 
على مجمل ضفاف البحر المتوسط, تؤدي الميكنة إلى خفض متواصل لليد العاملة 
المستخدمة. 

وبعبارة أخرىء فإن استراتيجية التكثيف التقليدي كانت أفضل خيار متَّبِع إذا 
ما أخذنا بعين الاعتبار الزيادة الديموغرافية العربية القوية. ومن المؤكد أنها تصل 


هن 


إلى حدودها في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين» وينتقل الفلاحون العرب إلى 
وضع فيض سكاني قياسًا إلى أتماط استغلال الأرض الزراعية منذ أواخر 
عشرينيات القرن العشرين. وكانت الظاهرة قد حجبتها الحاصلات الممتازة في 
أعوام 4 1178-1١97‏ والتي ترجع إلى ظروف مناخية ممتازة. وبالمقابل» 
اعتبارًا من عام ١4178‏ فإننا ندخل في دورة سنوات جفاف سيئة تبلغ ذروتها في 
عامي 15377 و1977. ونصبح بإزاء الانقلاب التاريخي الثاني في هذا العقد مع 
انقلاب العلاقات الديموغرافية بين المسلمين والمسيحيين. فكما في مجمل الشرق 
الأدنى نحو عام 2١151١‏ يجري الانقلاب من الانخفاض السكاني المميز للعصر 
العثماني إلى الفيض السكاني المعاصر. 

والنتيجة هي أن الجماعة الفلاحية العربية تشهد جوعًا إلى الأرض. وكان من 
شأن النمو الديموغرافي بحد ذاته أن يؤدي بشكل تلقائي إلى ارتفاع أسعار الأرض» 
والاستيطان اليهودي يفاقم الوضع مفاقمة خطيرة. وفي بداية الانتداب» كان مسعر 
الأرض مرتفعًا نسبيًا بالفعل قياسنا إلى الأعوام الأولى للقرن. وهو مستقر نسبيًا إلى 
عام 215174 ثم يتجه بقوة إلى الارتفاع اعتبارا من هذا التاريخ؛ ويتضاعف في 
ثلاثة أعوام تقريبًا. وبعد استقرار قصيرء يرتفع من جديد ضعفين بين عامي 
و15165. وتؤدي أعوام القلاقل بين عامي 1١5377‏ و140١‏ إلى انخفاض 
بنسبة الثلث قبل زيادة بنسبة ثلاثة أضعاف خلال أعوام التتضخم زمن الحرب 
العالمية الثانية”*). وبما أن المبالغ المكرسة لشراء الأراضي من جانب الصهيونيين 
تعد مستقرة نسبيًا إلى عام ٠514١ء‏ فإن هؤلاء الأخيرين يشهدون اختزال المساحات 
التي يحصلون عليها ما لم يحدث تدخل مباشر من جانب سلطات الانتداب. 

ويمكننا أن نفهم السبب في أن المستوطنين اليهود يتركون للمؤسسات اليهودية 
تحمل تكاليف حيازة الأرض: فهمء ببساطة تامة» لا يملكون إمكانات الوفاء بأعياء 
الاستثمار الأولى. ويمكننا أن نفهم بشكل أفضل ضيق الجماعة الفلاحية العربية» ما 
أن تستنفد جميع احتياطياتها العقارية» الأمر الذي لابد أنه قد حدث نحو عام 
.,. وإذا كان الاستيطان اليهودي لا يمس المجال العقاري العربيء من الناحية 
الظاهرية إل مما هامشيّاء فإنه إنما يضغط بقوة على أسعار الأرض بشكل يؤدي 
إلى تعزيز حركة ارتفاع لها لا مفرمنها بحال من الأحوال. 


1 


المجتمع الريفي الفلسطيني بعيد عن أن يكون متجانسًا. فإلى التنوع الطبيعي 
للأراضيء يجب أن نضيف تعقد البنى الزراعية وثقل الموروثات التاريخية. وكان 
الانخفاض السكاني المميز للعصر العثماني مرتبطا بمشكلة الأمن العام وعدم 
صحية الأراضي المنخفضة. وقد تجمعت الجماعة الفلاحية في قرى المرتفعات ولم 
تستغل مناطق السهول والوديان إلا استغلالاً هزيلاًء وذلك بسبب انعدام الأمن 
وانعدم الصحية. وبعيدا عن أن تكون هذه السمة خاصة بقلسطين وحدهاء نجد أنها 
كانت سمة مشتركة بين مجمل مناطق ضفتي البحر المتوسط. وفي القرن التاسع 
عشرء نجد أن العودة إلى النظام العام (وهي عودة صارت فعلية اعتبارًا من 
ستينيات القرن التاسع عشر) ومكافحة الملاريا وتطور الإنتاج الموجّه إلى السوق 
الأوروبية قد سمحت بإعادة اقتحام المناطق المنخفضة» وهي إعادة اقتحام حدّت 
منها قلة الناس ورعوس الأموال. والحال أن عدم توافر الإمكانات قد أدى إلى 
وضع إعادة الاستيطان الفلاحي في أغلب الأحيان تحت قيادة الأعيان الفضريين» 
الذين استفادوا من مواقعهم الاجتماعية ومن إمكاناتهم المالية لكي يسيطروا على 
هذه المناطق قيد الاستصلاح والاستثمار. 

وفي السهل الساحليء يرتبط تطور زراعة الحمضيات والخضروات والفواكه 
بالحالة الأفضل لخطوط المواصلات وبقرب المراكز الحضرية الآخذة في النمو 
السافر. وسرعان ما تبيّن أن الاستثمار الزراعي مربح: وأنه يدر في الأغلب عاتدا 
أعلى من العائد الذي تدره النشاطات الحضرية. وقد استثمرات بورجوازية المدن 
استثمارًا واسعًا في الأرياف ضمن إطار ملكيات ذات حجم متوسط نسبيًا لكنها ذات 
عائد جيد. وبين عامي ١84٠‏ و4١111.ء‏ يظل هناك وجود لاحتياطي عقاري معين 
في هذه المناطق؛ وقد تمكن الاستيطان اليهودي الأول من الفوز فيها بحيازات 
واسعة. وكما تثبت ذلك الحركةٌ الديموغرافية والاستثمارات في الحمضيات» فإن 
نمو المناطق الساحلية قد تسارع في ظل الانتداب لصالح العنصرين المكونين 
للسكان. وخلافا لخطاب الدعاية الصهيونية» فإن هذا النمو لا يرجع إلى جانبية 

١7 


الاقتصاد اليهودي. فهو يرتبط قبل كل شيء بالحركات الداخلية للاقتصادين» حتى 
وإن كان التفاعل بين الجماعتين السكانيتين في هذه المناطق أقوى مما في المناطق 
الأخرى (خاصة في قطاع الحمضيات). 

وفي وديان الداخل؛ خاصة في شمالي فلسطين» يعد الوضع مختلفا بشكل 
ملحوظ. ففي العقود العثمانية الأخيرة» كان الاستصلاح أكثر تراخياء وذلك بسبب 
صعوبات المواصلات. والحال أن بورجوازية ب يروتء. وهي المركز الإداري 
الإقليمي آنذاك» قد كوّنت ملكيات جد واسعة إذ سجلت باسمها مساحات كانت مهملة 
إلى هذا الحد أو ذاك. وقد عملت على استغلالها بشكل واسع عن طريق جماعة 
فلاحية بائسة جرى اختزالها بوجه عام إلى وضعية مستأجرين للأرض. 

وفي مناطق التلالء تظل الأرض مستثمرة غالبا في ملكية مشتركة على شكل 
الاستخدام الجماعي لها مع توزيع منتظم للحصص بين الحمولاتء أي الجماعات 
الفلاحية القائمة على وحدة النسب. وهذا هو النظام المسمّى بنظام المُسشاع8. 
والحال أن هذا النظام؛ القريب' من نظام الحقل المفتوح الأوروبي. قد سمح بتناوب 
للمحاصيل وباستخدام متزامن للمراعي. ومنذ أواخر القرن التاسع عشرء مال إلى 
أن يصبح خرافة حقوقية» فيما يتعلق بالتعديلات التي طرأت على التوزيع. على أن 
الانضباط الجماعي؛ الضروري لتناوب الاستخدامات بين زراعة المحاصيل 
والرعيء إنما يبقى. والملكية الفلاحية هناك أكثر حضور! مما في الأماكن الأخرى. 
بيد أن الأعيان الحضريين في كبرى المدن الإسلامية (نابلسء» القدسء الخليل) قد 
تجحوا في إدخال أنفسهم في النظام» فحوّلوا الفلاحين إلى محاصّين وسيطروا على 
الجميع عن طريق الربا. 

وفي مناطق النقب السهبية (قضاء بئنر سبع). يمارس البدو الآخذون 
بالاستقرار زراعة متتقلة للمحاصيل البعلية. وقد تعهد البريطانيون في عام 1935١‏ 
باحترام السلطة القبلية وبعدم التدخل في شئون البدو الداخلية. 

وخلال الفترة كلهاء تعمل سلطة الانتداب على مسح الأراضي سعيًَا إلى خلق 
سوق عقارية حقيقية وإلى تيسير الاستصلاح والاستثمار. وفي المناطق التي 


1 


يحكمها نظام الملكية المشتركة؛ يترافق المسح مع انتهاء الانضباطات الجماعية 
ومع ضم للأراضي. والعملية طويلة النفس وتخص المناطق الأغنيى بالدرجة 
الأولى. وغالبًا ما ترتبط بالاستحواذات اليهودية. 

وقبل عام »١1١4‏ اهتم الاستيطان الروتشايلدي بمناطق الشمال وبدأ ممارسة 
شراء للأراضي هناك من خلال جمعية الاستيطان اليهودي. وقد انضمت إليها في 
ذلك شركة تنمية أراضي فلسطين الصهيونية في الأعوام التي تسبق الحرب 
العالمية الأولى. وخارج هذه المناطق؛ تنصب عمليات الشراء اليهودية للأراضي 
على المحيط المباشر للقدسء و. بشكل إضافيء على -.ض المحاولات في منطقة 
وادي الأردن الحارة. 

وفي ظل الانتداب؛ لا يحدث تغير رئيسي في التوزيع الجغرافي للاستيطان» 
والذي يتكثف في المناطق الموجود فيها بالفعل. والسبب في نلك جد بسيط: 
فالاستحواذات اليهودية لا يمكنها أن تحدث إلا في مناطق ضعف الزراعة العربية. 
على أنه تضاف إلى ذلك استراتيجية ترابية خاصة بالمنظمة الصهيونية (لكن 
إدمون دو روتشايلد كان يفكر بالفعل في هذا الأفق). 

ويكرس الصندوق القومي اليهودي وشركة تنمية أراضي فلسطين إمكاناتهما 
المالية لحيازة ممتلكات عقارية واسعة في شمالي فلسطين. ويوجد هناك بائعون 
وذلك. في أن واحدء لأن العروض الصهيونية مغرية بشكل خاص ولأن 
البورجوازية البيروتية تجد نفسها منفصلة عن ممتلكاتها التي أصبحت فلسطينية في 
عام ١114‏ بحكم حدود الانتداب. والعملية الكبرى هي عملية شراء ممتلكات وادي 
إيزدريلون أو وادي جزرائيلء والتي تمتد من منطقة حيفا إلى وادي الأردن. 
ويصل المجموع إلى ١1١٠ ٠٠٠‏ دونم تتألف من عزب كبيسرة. وشركة تنمية 
أراضي فلسطين هي التي تديرها. 

وبما أن الزراعة هناك كثيفة» فإن نصف الأراضي التي تم التوصل إلى 
امتلاكها إنما يصبح في التوّ والحال تحت تصرف الاستيطان اليهودي. وتبقى 
مسألة المستأجرين وقراهم البائسة. وخوفا من القلاقل» تتدخل السلطات البريطانية 


١ا/‎ 


على الفور من أجل أن يجري تقديم تعويضات لهم؛ إمَّا أن تكون تعويضات نقدية 
مقابل الرحيل الفوري عن الأرض أو أن تكون على شكل استئجار للأرض مع 
خيار شرائها. ويظل الغموض قائمًا فيما يتعلق بمسألة حقوق الرعي التقليدية. 
ومنذئذء لا يعود تحت تصرف المستأجرين غير مجال عقاري محدود جذدّاء في 
حين أن عددهم يتزايد بسرعة بسبب ديموغرافيتهم الخاصة. وعندما تنقَل شركة 
تنمية أراضي فلسطين صكوك الملكية إلى الصندوق القومي اليهوديء قفإن هذا 
الأخير يطالب برحيل المستأجرين. ويؤكد هؤلاء الأخيرون أنهم قد مارسوا 
خياراتهم الخاصة بالشراء وأن المؤسسات الصهيونية قد رفضت الرد عليهم 
والاستجابة لهم. ومن الواضح تمامًا أن الطرف الآخر يزعم العكس. والحال أن 
أعوام الانتداب العشرين الأخيرة سوف تحفل بلجوء دائم إلى المحاكم لتسوية هذا 
النوع من القضايا وبمحاولات وساطة بريطانية تقترح تبادلاً للأراضي. والسكان 
المعنيون بالأمر ليسوا كثيرين بشكل خاصء لكن مسألة رحيلهم؛ حتى ولو بتعويض 
على شكل أراضء إنما تظل عنصرا مستديمًا في الواقع الفلسطيني إلى عام 
عت 

وهكذا يتشكل المجمل العقاري الصهيوني الأهم, الإيميك. وانطلاقًا من هذه 
المنطقة» يمكن لقايتسمان أن يفكر في توسع على طول الحدود مع شرق الأردن 
وسوريا. فهكذا سيتم التمتع بنقطة «استراتيجية» مهمة('*). والهدف يتجاوز فلسطين 
نفسها لأنه قد جرتء بشكل موازء محاولات لامتلاك أراض في سورياء على 
الجانب الآخر من الحدود. ّْ 

وقد طمحت الحركة الصهيونية إلى الاستفادة من تنازلات عن الأراضي 
العامة» المؤلفة في معظمها من أملاك كان عبد الحميد قد استأثر بها وكان نظام 
جماعة تركيا الفتاة قد صادرها. وبالرغع من احتجاجات حامية من جانب 
الصهيونيين» توصل السير هربرت صمويل إلى اتفاق مع مستأجري منطقة بيسان» 
ومساحتها 845 87" دونماء على مقربة من وادي الأردن» وينص اتفاق الأول من 
نوثمبر/ تشرين الثاني ١17١‏ على أن المستأجرين سوف يحصلون على ملكية 


كلا 


الأراضي بدفعهم على مدار خمسة عشر عاما ١,5‏ جنيه مصري للدونم المسروي 
الواحد و70,١‏ جنيه مصري للدونم الواحد غير المروي. وبالنسبة للسنوات العمشر 
الأخيرةء سوف يدفعون قائدة نسبتها 961,5 عن بقية المبلغ واجب السداد. وفي تلك 
الأثناءء سوف تتجه السلطة إلى التسجيل المساحي. وسوف تطالب اللجنة التنفيذنية 
العربية بتطبيق اتفاقات من هذا النوع لصالح مستأجري الملكيات البيروتية الكبرى» 
إلا أنها لن تنجح في التوصل إلى ذلك. 

ويبيع بعض الفلاحين حقوقهم للصهيونيين» بالرغم من أن ذلك غير قانوني. 
وهم مدفوعون إلى ذلك بحكم البؤس أو بسبب ضغط بعض الأعيان الذين يحصلون 
في المقابل على مال من جانب الصهيونيين. ويجري إدخال تعديل على الاتفاق في 
عام ١174‏ من جانب اللورد بلامرء الذي يخفض سعر الإيجار مع مضاعفة مدته 
سعيًا إلى تخفيض العبء الضاغط على الفلاحين. وهو يعترف بقانونية نقل 
الملكيات إلى المشترين اليهود ويعترف بمبدأ بيع الأراضي العامة للصهيونيين. 
والحال أن الأزمة الزراعية» التي تصيب الزراعة العربية اعتبارا من عام 2015174 
إنما ترغم المستأجرين من جديد على بيع حقوقهم لليهود. وفي عام 21154٠‏ تخلى 
من المستأجرين عن حقوقهم في مقابل تعويضات مالية. ومن ثم فإن العملية, 
التي كان من المتصور أن توضح للفلاحين العرب رغبة السلطة البريطانية في 
حمايتهم» قد منيت بالفشل. وأحد الأسباب الرئيسية لذلك يتمئل في بؤس الجماعة 
الفلاحين المعنية» والتي لم تكن تملك لا الكفاءات التقانية ولا الإمكانات المالية 
اللازمة لاستثمار حقيقي للأرض!"). 

والقضية الكبرى الثالثة الخاصة بالمستأجربن هي قضية وادي الحوارث. فهذه 
الأرض التي تصل مساحتها إلى "١ ٠٠٠‏ دونم على السهل الساحلي في متتنصف 
الطريق بين حيفا وتل أبيب كانت تخص قبيلة الهوارة البدوية (ومصر أصلها 
المفترض). ففي ستينيات القرن التاسع عشرء سجل زعيم القبيلة الأرض ياسمه؛ ثم 
باعها إلى رجل أعمال من بيروت. وقد قام هذا الأخير برهن هذه الملكية» واضطر 
ورثته إلى طرحها للبيع في مزادات. وهم يكلفون عوني عبد الهادي» ممارسًا مهنته 


١الا/‎ ٠ 


كمحامء بتمثيلهم. ويقال إنه حصل على رشوة ضخمة قدرها ١ 7٠١‏ جنيه من 
جانب الصهيونيين لكي يؤول بيعها إلى الصندوق القومي اليهودي. والواقع أنه قد 
عقد صفقة سرية لصالح موكليه» الذين يحصلون على ثلاثة أضعاف المبلغ المعلن 
رسميًا في مزادات أبريل/ نيسان 1475: أي ١55 6٠.٠‏ جنيه. وفي نوثمبر/ 
تشرين الثاني »١374‏ يتلقى المستأجرون إشعار! بالطرد. فيلجأون إلى القضاءء 
مشيرين إلى اللامشروعية المفترضة للصفقة (فهم يشككون في مشروعية التسجيل 
الذي حدث في القرن التاسع عشر). والحال أن القضية إنما تشغل المحاكم 
الفاسطينية على مدار سنوات» حيث يصبح عوني محاميًا للمستأجرين. وفي عام 
157٠ء‏ يجري تجديد أمر الطرد. وقد قُنَمت عروض ب دفع تعويضات لكن 
المستأجرين رفضوهاء وتصبح القضية رمز! للحركة القومية الفلسطينية. وفي نهاية 
الأمرء جرى طرد المستأجرين ١ ٠٠١(‏ شخص مع عائلاتهم) وتسكينهم في أراض 
عامة قريبة. فيختفي الهيكل القبلي مع نقلهم". 

وهذه القضايا تخص مستأجرين وتدوم لسنوات. وترفع الدعاوى أمام المحاكم 
بصورة منتظمة وتظل المسألة مدرجة في جدول الأعمال. وعلاوة على تصفية 
الملكية الكبيرة التي أصبحت أجنبية» فإننا نجد عمليات بيع لممتلكات كنسيةء خاصة 
ممتلكات بطريركية القدس الأرثوذكسية. 

ويمكننا أن نتعرف على أصول هذه الممتلكات من إحصائية لا تتعلقء لسوء 
الحظء إلا بما يزيد قليلاً عن تصف الاستحواذات: 


ليكنا 


توزيع الملكية العقارية اليهودية من زاوية أصحابها السابقين؛ يتعلق الاستقصاء 
بنسبة 858,4,؟ من الاستحواذات م 


08 
ويمكننا أن نرى أنهء في أعوام ١1717--1597٠‏ الحاسمة؛ كانت 0 
الساحقة من المبيعات متأتية من كبار الملأك؛ وهم في معظمهم غير فلسطينيين. 
وبالمقابل» هناك بالفعل مبيعات متأتية من أعيان فلسطينيين. والأسماء التي قدمها 
كينيث شتاين» استناذا إلى القيل والقال عمومال*). تسمح في الأغلب برصد أن 
الأمر يتعلق بأناس من اتجاه النشاشيبي وبأن البيع إنما يتم ضمن منطق عقلانية 
اقتصادية. فالمال المكتسب من بيع الأراضي إنما يعاد استثماره فورًا في 
الحمضيات. وفي عدد معين من الحالات» من المحتمل أن البائعين» الذين عقدوا 

قار 














: الصفقات عن طريق سماسرة: لم يكونوا يعرفون من هم الذين يحصلون على 
الأرض في نهاية المطاف. ومن المؤكد أن هناك من تصرقوا بدافع من مصلحتهم 
المالية وحدها. وما يجب أن نتذكره؛ في مسألة نقل الملكيات العقاريةء هو أننا 
بإزاء بعض كبار الفاعلين اليهود الجماعيين» من جهةء وكثرة من الأفراد العرب» 
من الجهة الأخرى. وكل أرض يبيعها العرب إنما تعد أرضّا يخسرونهاء لآن 
النتصوص الصهيونية تحظر أي تنازل عن الأراضي للعرب. إلا في حالة مبادلة 
أرض بأخرى. 

ويظل الواقع الرئيسي أن الجماعة الفلاحية الفلسطينية ليست بائعة وأن مناطق 
بأكملها منيعة حيال أي استحواذ يهودي. 
السكان الريفيون المستقرون بحسب الديانة والنواحي (تعداد عام ١‏ وتقدير 
بالنسبة لأواخر عام 54 )١514‏ 0*) 

| ]| هوضت | مب | مه | ميسن | مشأ 


لماك السك لع سف ره هه 
1 من سس إصير إصمر إعيم ‏ ا إاست | 








و«الآخرون» هنا هم الدروز أساسا. وبما أن سكان النقب لم يجر اعتبارهم 
مستقرين فلم يتم أخذهم في الحسبان في الإحصاءء بيد أن تعداد عام ١53١‏ يشير 
إلى جماعة سكانية ريفية بالنسبة لناحية بئر سبع تتألف من ١117‏ 48 نسمة. وينتج 
من الجدول أنه حتى وإن كان اليهود يشكلون أغلبية السكان في ناحية يافا في عام 
1 وأقلية قوية في ناحية حيفاء فإن انغراساتهم لا تصل إلى تكوين جماعات 
متلاحمة حقيقية. فنحن بالأحرى بإزاء أرخبيل من المواقع المختلطة بالسكان 
العرب. مع ضفة غربية شبه خالية من الاستيطان اليهودي (نواحي الخليل وجنين 
ونابلس ورام الله) إلا في منطقة القدس. حيث لا يشكل السكان الريفيون اليهود 
غير أقلية صغيرة ( من إجمالي /١17٠٠١‏ نسمة في عام .)١315454‏ 

ويشير تقاطع المعطيات الجغرافية مع معطيات شراء الأراضي إلى أن 
خريطة الاستيطان اليهودي تندرج في تاريخ فلسطين الزراعي. فمواقع فعله 
المميّزة هي السهل الساحليء حيث يوجد قطاع الزراعة الحديث؛ ووديان الشمال» 
حيث تشكلت في القرن التاسع عشر ملكيات كبيرة. وقرب التجمعات السكانية ذات 
الجماعات السكانية اليهودية القوية عامل إضافيء ومن هنا الشذوذ النسبي لمنطقة 
القدس. 

وفي جزء لا بأس به من السهل الساحليء من المؤكد أن زراعة الحمضيات 
الكثيفة تسمح بتخفيف وقع صدمة الاستيطان» بل وبخلق تضامنات في بعض 
الحالات. وبالمقابل» فإن مسألة المستأجرين في الملكيات الكبيرة السابقة تطرح 
مشكلة إنسانية جسيمة. فنحن بإزاء الفصيل الأكثر بؤسًا بين صفوف الجماعة 
الفلاحية العربية» والذي يفتقر إلى رعوس الأموال وإلى المعارف الزراعية. 
والحال أن المحاولات البريطانية الرامية إلى تحويل هذا الفصيل إلى جماعة فلاحية 
مستقلة بفضل التعويضات النقدية وتدابير إعادة التوطين إنما تعد. إلى حد كبيرء 
محاولات غير مثمرة. ودوام المشكلة يخلق توترًا مستديمًا. ومصير المستأجرين 
المحزن يزعج الفلاحين الآخرينء الذين يرون في وضعهم ما ينبئ بما قد يكون 
مصيرهم هم. 

والواقع» ضمن الإطار السياسي للانتداب» أن التركيب الراسخ لبنية الجماعات 
الفلاحية الفلسطينية إنما يسد الطريق أمام أي أمل في توسع حقيقي للاستيطان 


خيلا 


الريفي اليهودي. وخوف الفلاحين العرب لا مبرر له مادام الوجود البريطاني قائما. 
لكنهم بالمقابل» محقوق تمامًا في اعتبارهم أن الاستيطان الريفي اليهودي لا يشكل 
مجتمعًا زراعيًا عاديًا. ولا يوجد في عودة مهاجرين يهود إلى الأرض في زمن 
النزوح عن الريف أي منطق اقتصاديء وء خارج الدافع الإيديولوجي القويء لا 
يوجد أي منطق تنموي. فنحنء بالدرجة الأولىء بإزاء سلاح معركة:؛ بازاء أداة 
للاستحواذ على الأرض ولإعطاء الجماعة اليهودية بُعدًا ترابيًا. 

يشكل الانتداب شكلاً انتقاليًا بحكم تعريفه نفسه. وأخذا بعين الاعتبار نفاد 
الظاهرة الاستعمارية» أراد المسئولون في مؤتمر الصلح إطالة أمد توسع أوروبا 
الاستعماري وإعلان نهايته سواء بسواء. والحال أن الميزة الجيوسياسية التي 
حصلت عليها بريطانيا العظمى كانت ثانوية نسبيًا: تأمين تواصل الطريق الجوي 
إلى الهند وتكوين جدار لأجل حماية مصر وقناة السويس من الخصم الممكن 
الوحيد» فرنسا! وكانت مصالح البريطانيين الاقتصادية في فلسطين طفيفةء ولم 
يكونوا بحاجة إلى إدارة البلد لكي يشتروا منه البرتقال. ورجال الانتداب» بالرغم 
من مواجهتهم لوضع سياسي صعب ودون أن تكون لديهم إمكانات مالية خاصةء 
إنما ينتقلون من رؤية فيكتورية عن عبء الرجل الأبيض إلى عمل تسترا اي 
بشكل متزايد باطراد قوامه التنمية الاقتصادية. والدليل على ذلك هو تضخم إدارة 
الانتجاب» قياسًا إلى ضعف التأطير البيروقراطي المميز للإمبراطورية البريطانية. 

وتكمن خصوصية الوضع الفلسطيني في الهجرة والاستيطان اليهوديين. إذ لا 
يمكن تشبيه فلسطين ب«البلاد الجديدة» (الولايات المتحدة؛ كنداء أسترالياء 
نيوزيلنده...) في الزمن نفسه. ونشاط الانتداب مسلاا لا يسمح بإيجاد طاقة 
استيعاب حقيقية. والاستيطان اليهودي أقرب بكثير إلى الاستعمار الاستيطاني 
الفرنسي في الشمال الأفريقي»؛ خاصة في الجزائر» حيث يقوم المتروبول بتمويل 
استيطان المهاجرين قبل أن يتسنى لهؤلاء الأخيرين تدبير موارد مستقلة لأنفسهم. 

ومن الواضح أن بريطانيا العظمى ليست متروبول فلسطين. وبشكل أوضح 
مما كانت عليه الحال في العصر العثتماني؛ نجد أن هناك تقاسمًا لاأدوار: 
فالبريطانيون يتحملون مسئوليات السلطة السياسية وحفظ الأمن العام» بينما يتحممل 
الشعب اليهودي بمكوناته الصهيونية أو الخيرية تمويل الاستيطان. والمقام القومي 


كما 


اليهودي نتاج لاجتماع هذين العاملين. وفي أواخر عشرينيات القرن العشرين» 
وبالرغم من الجهود الضخمة المبذولة» يبدو هذا المقام جد بعيد عن التمكن من 
الوصول إلى هدفه النهائي» تكوين الدولة اليهودية. ومن المؤكد أن المقام القومي 
اليهودي قد أصبح واقعا ملموساء إلا أنه إذا كان يتمتع بالحماية البريطانية» فإنه لا 
يحوز الموارد المالية والبشرية اللازمة للسيطرة على البلد. وسوف يتغير الوضع 
جذريًا مع انتهاء الاستقرار الظاهر الذي عرفته عشرينيات القرن العشرين والعودة 
إلى زمن كوارث أوروبية. 

وطالما ظلت فلسطين ضمن إطار الإمبراطورية الليبرالية البريطانية؛» فمن 
غير الممكن تحويلها إلى أرض إسرائيل. فالتناقض موجود في الالتزام المزدوج 
الذي نظر له البريطانيون وعصبة الأمم. وهو ملحوظ بشكل خاص في المجال 
الاقتصادي. فالمقام القومي اليهودي لن يكون بوسعه الأمل في أن يصبح دولة 
يهودية إلا إذا دخل السكان العرب في سيرورة إفقار متصل يدفعها إلى الزوح- 
بشكل جماعي. لكن تكوين المقام القومي اليهودي والسياسةٌ البريطانية يفعلان كل 
شيء لأجل تنمية البلد بتزويده ببنى تحتية للمواصلات وبتوفير انطاقة. ومنذ أواخر 
القرن التاسع عشرء ودون أثر للهجرة اليهودية» كان مستوى معيشة السكان العرب 
أعلى بالفعل من مستوى معيشة السكان المصريين والسوريين والعراقيين. 
فاللبنائيون وحدهم هم الذين كانوا في وضع أفضل في المنطقة. وكانت الهجرة 
العربية الفلسطينية إلى بقية الشرق الأدنى أمرً! مستبِعذاء أللهم إل فيما يخص أقلية 
صغيرة من الكوادر. وكما بالنسبة لليهودء فإن القانونين الخاصين بحصص 
المهاجرين إنما يحولان دون دخول الولايات المتحدة؛ المخرج السابق للفائض 
السكاني في الشرق الأدنى. وفي عالم تصبح فيه الحدود صارمة بشكل متزايد 
باطرادء فإن عين المنطق الذي يوجّه الهجرة اليهودية المتبقية إلى فلسطين إنما 
يمنع العرب من مغادرتها. 

وتقدُمٌ مستوى المعيشة العربي اعتبارا من عام 21172١‏ وهو تقدم سافر مسن 
حيث الكمية النقدية التقديرية وأقوى أيضنا من حيث التنمية البشرية؛ لا علاقة له 
تذكر بالتحويلات المالية المتأتية من القطاع اليهودي. فهي ثانوية تتم عن طريق 
الدولة والأرجح أنها قد بولغ في حجمها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إعادة استثمار 


١مى؟‎ 


المال المدفوع خلال الصفقات العقارية7”). والحال أن حصة مهمة قد عادت 
بالفائدة على أناس يحيون خارج فلسطين بينما جرى تحييد حصة أخرى بسبب 
ارتفاع أسعار الأراضي. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار مجمل أعوام 1977- 
7 أي الدور المحرك الذي لعبته الحمضيات ورواج زمن الحرب العالمية 
الثانية على التعاقبء فإن المعدل السنوي لنمو الناتج الداخلي الصافي للاقتصاد 
العربي إنما يصل إلى نسبة ©,67؟ (وإلى نسبة 995,1 بالتسبة للفرد). وهذا النمو 
داخلي أساسنا. ولا يصل أي اقتصاد في الشرق الأدنى إلى مثل هذه الأداءات في 
ترة المشار إليها. أمّا نمو الاقتصاد اليهودي فمعدله السنوي يصل إلى نسبة 
و(وإِلى نسبة 994,8 بالنسبة للفرد). لكنه مدعوم إلى حد كبيير جِذدًا من 
الخارج. ومن جهة أخرى. فإنه إذا كانت الحصة اليهودية في الإنتاج الفلسطيني 
تصل في عام ١977‏ إلى نسبة 96057» فإنها إنما تظل ثابتة على هذا المستوى إلى 
نهاية الانتداب» بينما تتذبنب الحصة العربية منذ عام ١97‏ حول نسبة تتراوح بين 
5 و9640: وهو ما يدل على أن الاقتصادين يتقدمان بإيقاعين متساويين. 
ومن ثم فإن رد الفعل العربي على المقام القومي اليهودي إنما يعبر عن نفسه 

على عدة مستويات: نمو في العدد لأجل مواجهة الهجرةء وأداء اقتصادي ملحوظ 
بالنسبة إلى المنطقة وء بالطبع» فعل سياسي. وبما أن الأمر يتعلق بالأرض 
المقدسةء فإن المواجهات سوف سَستَأنفَ حول رموز يختلط فيها مقتّسٌ الدين بمقتس 
الأمة. 


14 


الفصل الرابع 
حائط المبكى 


' لقد أبلغ المؤتمر الإسلامي المندوبية السامية الإنجليزية باحتجاجه الشديد على تعدي 
اليهود. وقد تفهمت السلطات الإنجليزية حقنا. وعندئذ انقلب العالم الإسرائيلي عليها وسعى 
إلى الإيحاء بأن مندوبي الحكومة البريطانية يتحملون المسنولية عن تفجير عنف طائفي. 
والمؤتمر الإسلامي يحتج على هذا الأسلوب في التصرف ويدعو عصبة الأمم إلى النظر في 
هذه المسألة جد الخطيرة بحيث إنها تهم النظام الدولي نفسه. 

' وفي هذا الصددء يلفت المؤتمر الإسلامي انتباه عصبة الأمم إلى المخاطر التي يمثلها 
بالنسبة للسلام الديني القانون الذي أصدرته حكومة فلسطين في عام 1574١.ء‏ والذي يجيز 
المصادرة لأجل مصلحة عامة. والمؤتمر لا ينكر نفع قانون مصادرة مماثل للقانون الموجود 
في الدول الأوروبية العظمى. إلا أنه لا يعترف بأنه يجوز. باسم هذا القانون: المسساس 
بالأماكن المقدسة. فهذا القانون إنما يشبه أداة حرب مُعَدَةَ للتمكن يوما ما من التعدي علسى 
هذا الوقف الخيري أو ذاك من الأوقاف العائدة للمسلمين. 

* ومن شأنه بالأخص أن يسمج لليهود. سعيًا إلى مصلحة؛ ليست مصلحة نفع عام: 
بل مصلحة دينية. بوضع أيديهم شيئا فشينا على أماكن المسلمين المقدسةء وريما علسى 
الأماكن المقدسة العائدة لطوانف أخرى أيضًا. 

" ويشدّدٌ المسلمون على ضرورة تعديل قانون المصادرة هذا وعلى ضرورة احتوائه 

" ويلقت المسلمون انتباهكم إلى واقع أن السلطة القضائية الأعلى في فلسطينء أي 
سلطة النائب العام؛ لا يجب أن تكون في أيد صهيونية؛ بل يجب أن يُعْهَدَ بها إلى نائب غير 
متحيز بالمرة. وعازم على الإعلاء من منزلة مبدأ الحياد المطلق إزاء الشأن الديني». 

رسالة إلى عصبة الأمم من شكيب أرسلان وإحسسان 
الجابري ورياض الصلح. باسم اللجنة السورية - 
الفلسطينية. بتاريخ ؛ نوقمبر/ تشرين الثاني .)(١554+‏ 


فى 


في الشطر الثاني من عام 2١13174‏ تنتهي أزمنة الانتداب السعيدةء الأزمنة 
التي كان بالإمكان فيها الأمل في قيام تعايش مقبول من جانب جميع عناصر 
المجتمع. وفي مسلسل الأسباب التي أدت إلى أعمال العشف في أغسطس/ آب 
4 ركز المعاصرون والفاعلون على رصد تلاعبات تهدف. في كل معسكرء 
إلى الفوز بهيمنة سياسية. ويبرزٌ الصهيونيون دور! مؤذيًا ينسبونه إلى الحاج أمين 
الحسينيء الذي يقال إنه قد تعمد تأجيج المشاعر الدينية واستثارة أعمال العنف»ء 
سعيًا منه إلى استعادة موقع عائلته وفريقه المهتد. وبشكل مناظرء يلقي المعسكر 
العربي بالمسئولية على قيادة صهيونية» يقال إنهاء في سعيها إلى إخراج المقام 
القومي اليهودي من ركوده الاقتصاديء قد قامت على نحو مباشر بإعادة طرح 
مسألة الأماكن المقدسة بهدف إعادة الدياسبورا إلى أحضان الصهيونية في وقت 
يتزايد فيه عدم مبالاة هذه الدياسيورا بالصهيونية. 

ومع تذكر المسئوليات الفردية» والموجودة بالفعل. فإنه لا يجب الخلط بين 
أسباب الأحداث ونتائجها. فتعبئة المشاعرء والتي تحدث اعتبارًا من الشطر الشاني 
من عام 177١ء‏ لها منطقها الخاصء وفعل المسئولين السياسيين إنما ينجر وراء 
التعبئة الشعبية بأكثر من توجيهه لها. 

والحال أن سقوط الدولة العثمانية وقيام نظام الانتدابات قد غير بشكل جذري 
مكانة المسلمين في مجتمع الشرق الأدنى. فخسارة السلطة السياسية والتي دل عليها 
انتهاء تماهي الدولة مع الإسلام السني كان من الممكن أن تكون نذيرا بتسارع 
انحدار. لكن ذلك لم يحدث. فمنذ أوائل عشرينيات القرن العشرين» ولأول مرة منذ 
قرونء تجاوز معدل مواليد المسلمين معدل مواليد غير المسلمين» وفي أواخر 
العقدء يمثل تكاثر الخريجين المسلمين بداية تدارك نشيط للتأخر التعليمي قياسًا إلى 
عناصر المجتمع الأخرى. وقد رمزت حركة الشبيبة المسلمة إلى طموح هذه 
الجماعة الاجتماعية الجديدة إلى الحصول على وضعية اجتماعية أفضل. وفي 
مجمل المنطقة» نجد أن رفض النظام الاستعماري قد مزج المعجم الجديد الخاص 
بالنضال المعادي للإمبريالية برفض المجتمع المشرقي بوجود المسيحيين القفوي 
فيه. وهكذا فإن المبشرين المسيحيين» خاصة اليروتستانت. قد أص بحوا الهدف 
الأول لإعادة التأكيد السياسي هذه. وتلك حالة القدس مع تظاهرات الاحتجاج ضد 
مؤتمر الإرساليات التبشيرية البروتستانتية. 

لحل 


وفي فلسطينء لا يجب لإعادة توحيد القوى السياسية العربية حول تيمة إنشاء 
جمعية تشريعية أن تجعلنا ننسى المطالب الأخرى التي جرى طرحها. فالتمثيل 
الزائد عن الحد للموظفين البريطانيين في الإدارة الفلسطينية إنما يجري الاعتراض 
عليه من جانب خريجين يريدون؛ ببساطة تامةء أخذ الوظائف التي يرون أنها يجب 
أن تؤول إليهم. ثم إنهم لا يتحملون المعجم المتعالي» بل الاحتقاريء الذي يستخدمه 
الموظفون البريطانيون والذين يصفونهم عموما بأنهم عديمو الكفاءة. وفي عام 
أيضناء نجد أن الأزمة الاقتصادية التي تطال الاقتصاد اليهودي تمتد إلى 
القطاع العربي لأسباب أخرى. فالزراعة الفلسطينية» التي عرفت حاصلات ممتازة 
في ظل حكم اللورد يلامر إنما تصاب بمصاعب مناخية. ويتعزز ضيق الفلاحين 
العرب من الاستيطان الصهيونيء الأمر الذي يؤدي إلى خلق فضاء للمناورة 
بالنسبة للفعل السياسي. والحال أن المسئولين البريطانيين» الذين اعتبروا أنفسهم 
دومًا مدافعين عن البسطاء ضد استغلال الأعيان لهم؛ وهو ما كان هؤلاء 
المسئولون بعيدين عنه في الواقعء لم يروا على الإطلاق تشكل هذا التململ الريفي 
الجاهز للتوحد مع سخط النخب الحضرية. 
ومنذ صعود الحاج أمين الحسيني إلى المناصب الدينية الأعلى» مارس عمله 
على مستويين متمايزين تمامًا. فهو» في أن واحدء مرجع ديني مسلم ومسئول 
سياسي عربي. ويمكننا أن نرصد بوضوح هذين الجانبين في أغسطس/ آب 
وفي سورياء قام هنري يونسوء خليفة جوقنيل؛ بعقد الجمعية التأسيسية التي 
كان قد عد بها بعد سحق الانتفاضة. وفي التو والحال» يعترض القوميسون على 
إدراج صلاحيات الانتداب في مشروع الدستور ويعيدون إطلاق مشروع وحدة 
سورية بتحرير مادة هي المادة ” ذات الطابع الهجومي/"): 
" إن الأراضي السورية المنتزعة من الدولة العثمانية إنما تشكل وحدة سياسية لا تقبل 
التجزئة. وهذه الوحدة لا تلفيها التقسيمات الحادثة منذ انتهاء الحرب إلى اليوم. 


والحال أن الفرتسيين لم يخطئوا إذ رأوا في ذلك ليس مجرد تشكيك في وجود 
لبنان و«دول مشرقية» أخرى تحت الانتداب الفرنسيء بل تشكيكا أيضًا في فصل 
فلسطين عن سوريا. وفي ٠١‏ أغسطس/ آب :»١5718‏ يفض بونسو انعقاد الجمعية 


١ما/‎ 


التأسيسية لمدة ثلاثة شهور. بيد أن هذا الفض المؤقت سوف يصبح نهائيا. وفي 
فلسطين» في منتصف أغسطس/ آب9), يلتقي الحاج أمين وعوني عبد الهادي 
بقوميين سوريين كالقوتلي وإحسان الجابري وعادل أرسلان. وهم يصدرون بيانا 

مشتركا يطالبون فيه بتكوين سوريا متحدة تضم فلسطينء على أن يكون أحد أبناء 
ابن سعود ملكا عليها. وهكذا نعود بنبرة معادية للهاشميين عن قصدء إلى تيمة 
سوريا الجنوبية. : 

وفي 7" أغسطس/ آبء يحتفل المفتي الأكبر احتفالا مهيبًا بانتهاء المرحلة 
الأولى لأعمال ترميم مساجد الحرم الشريف7). فمنذ توليه لمنصبه. كرس تفسه 
لهذه المهمة التي أصبحت ملحة. وقد حشد معماريين أتراك وبريطانيين أعدوا لهذا 
العمل إعدادًا يتميز بالاعتناء. والحال إن ريتشموندء بوصفه مديرًا لمصلحة الآثارء 
قد قدم عونه. ثم إن الحاج أمين الحسينيء بما أن المجلس الإسلامي الأعلى لم يكن 
يملك الإمكانات المالية الكافية» قد أصبح جامعا للتبرعات؛ لا يعرف الكلل. في 
مجمل العالم الإسلامي. وهكذا فقد جمع تبرعات من الحجاز (الملك حسين) ومن 
الهند (من مسلمي بومباي وأمراء هنود) ومن العراق (الملك فيصل). كما أن همه 
كان ذا طابع اقتصادي أيضنا. فأعمال الترميم في الحرم قد سمحت بإعادة إطلاق 
نشاط حرفي فني في مجالات الموازييك أو أعمال الزجاج. 

وهو يدعو إلى الاحتفال الأمير عبد الله وممثلي مختلف البلدان الإسلامية 
المتبرعة ومديري إدارة الانتداب» الذين تلقوا شكر! حارًا على ما قدموه من عون. 
ويرى القائم بأعمال المندوب السامي في الحدث علامة على نهضة حقيقية للطائفة 
المسلمة في فلسطين. 

وخلال الشهور الستة التي تفصل بين رحيل اللورد يلامر ووصول خليفتقه؛ 
يمارس ه. ك. لوك السكرتير العام للانتداب» مهام المندوب السامي بصورة 
مؤقتة. وكان والده ذا أصل يهودي مجري وحاصلا على الجنسية الأميركية» بين ا 
كانت والدته مسيحية نمساوية من وسط صغار النبلاء. وبما أنه قد جرت تربيته 
تربية مسيحية» فقد صاغ اسمه (لوكاس) صياغة إنجليزية وفعل كل ما يمكن 
لإخفاء أصله اليهودي. وقد عمل في إدارة الانتداب كمساعد لستورس في القدس. 
ومع احتفاظه بعلاقات ودية مع الصهيونيين» كان على قناعة بضرورة مصالحة 


ياك 


المعارضة العربية عبر التقدم في طريق الحكم الحرء ومن هنا تقديره لعمل المفتي» 
وهو تقدير حافل بالثناء0©). 
مسألة حائط المبكى 
أولى الحاج أمين الأولوية في عمله للأماكن المقدسة في الحرم الشريف. 
والحال أن حائط المبكى كان قد أصبح. منذ عام 2١574‏ رهانا رئيسيًا في العلاقات 
بين اليهود والعرب. وقد أعادت حوادث عام ١175‏ التذكير بأهميته. ومن ثم فإن 
الحاج أمين» معتبرا نفسه حارس ثالث أماكن الإسلام المقدسة؛ لم يكن بوسعه ألا 
يتخذ موقفا حاسما تجاه الموضوع. فالحائط ينتمي إلى وقف أبو مدين الإسلاميء 
والذي أنشأه أحد أحفاد ولي مسلم مغربي في القرن الرابع عشر غز1"!. وبالتسية لهذا 
التيار الصوفي الإسلاميء فإن القدسء أولى القبلتين» لابد لها من أن تستعيد هذه 
المكانة في آخر الزمان أو حتى قبل ذلك. فمهدي آخر الزمان لابد له من الظهور 
في المسجد الأقصى. والمسجد مستندء ببناياته الثانوية» إلى سور الحرم. وقد تكوّن 
حي مغربي خارج هذا الحرم. والحال أن وثيقة تأسيس الوقف تحظر رسميًا أي 
نزع لهذه الممتلكات. وهناك درب اسمه درب المغارية» وهو درب ضيق بالأحرى 
(يتراوح طوله بين 1 و5؟ مترا بينما يصل عرضه إلى ",5)؛ يفصل سور 
الحرم عن البنايات. ويبدو أن هذا الجزء من الحانط يرجع إلى زمن هيرود الأكبر. 
ويرى لويس ماسينيون!": 
[أن] الأقصى كان القبلة الأولى وسوف يصبح القبلة الأخيرة. فالإسراء الليلي» حيمث 
أسرى الله «بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا» (والذي ميّرّه عمر لدى 
دخوله القدس) [السورة 17. الآية ]١‏ إنما يثبت بما فيه الكفاية أن القدسء «مدينة 
الأنبياء». هي «القبلة القلبية» الأولى لمحمد. وأن «مريد البراق» (مرقاة ذلك الجواد 
الأسطوري الذي لا يتحدث عنه القرآن. والذي يماهيه الدروز بسلمان)؛ أمام بوابة المغاربة» 
هو بتعبير أدق «محط» الانجذاب الروحي لمحمد. وهو «محط» يجابه اللسور الهيرودي 
للهيكل المهدوم؛ على بعد عدة أمتار من حائط العبكى. 


14 


ومنذ أواخر العصر الوسيطء نقل المؤمنون اليهود تدريجيًا موقع صلواتهم 
المميّز في القدس من جيل الزيتون إلى حائط المبكى. وقد سمحت لهم سسلطات 
الوقف بالصلاة هناكء بيد أنها حظرت عليهم إحضار أشياء إلى المكان. وبحصسب 
المبدأ الحقوقي للوضع القائم فإن أي تغييرء ولو كان طفيفاء في الممارسات 
الدينية» إنما يؤدي إلى خلق حقوق. ومن شأن وجود دائم للأشياء أن يجر تدريجيًا 
إلى تحويل المكان إلى معبد يهودي. ويبدو أن المؤمنين المسلمين»ء خلال الجزء 
الأكبر من العصر العثمانيء لم يروا أي خطر في مجيء الحجاج اليهود. وتبدأ 
الأمور في التغير مع محاولات إدمون دو روتشايلد الحصول على الحائط والأماكن 
المحيطة بهء وهو عمل تحظره وثيقة تأسيس الوقف حظرا صارما. ويصبح سكان 
الحي يقظين. ويتعزز الانزعاج مع المحاولة الصهيونية الرامية إلى امتلاك الموقع» 
في عام .١1514‏ وفي الأعوام التالية» تشير حوادث جديدة إلى أن المسلمين يراقبون 
بانتباه أفعال وتصرقات الحجاج اليهود. 
وفي 77 سبتمبر/ أيلول .١174‏ خلال عيد كيبورء يُحضر' المحتفلون دريئة 
أو حاجزا ساترًا لفصل الرجال عن النساء. وعلى الفورء يسارع سكان الحي إلى 
إشعار السلطات الدينية المسلمة بما يجري": 
ذهب المفتي7') إلى حاكم المدينة وأوضح له أن وجود الحاجز الساتر إنما يشكل 
تحويلاً للزقاق إلى معبد يهودي. بما يعد انتهاكا للوضع القائم واستيلاء على المكسان مسن 
: شأنه أن يصبح استيلاء غير قابل للإلغاء إذا ما جرى السكوت عنه ولو مرة واحدة. وقد 
أضاف أن هذه المناورة نفسها كانت قد وقعت قبل سنتين عبر إحضار مقاعد مطوية. وقد 
صودرت هذه المقاعد من الحضور بتدخل منه. فأصدر الحاكم أمرًا بإزالة الحاجز الساتر 
وقام الضابط الإنجليزي, قائد الشرطة المكلّفة بحفظ النظام قرب الحائط؛ بسدعوة حضور 
الاحتفال إلى إزالته بأنفسهم؛ فرفضوا ذلكء قائلين إنهم بصدد أداء صلاة لا يجب وقفها بأي 
ذريعة كانت. ومن ثم فقد قامت الشرطة بتنفيذ العملية بنفسها ونجم عن ذلك في هذا الزقاق 
الضيق تدافعٌ من السهل تخيله. 


ويؤدي تدخل الشرطة إلى احتجاجات حامية من جانب السلطات الصهيونية. 
فهي تعترف بأنه قد حدث بالفعل «انحراف واضح عن العادات القديمة المتصلة 


16 


بالترتيبات الاحتفالية للمراسيم الدينية»: لكنها ترى أن هناك عدم تناسب كاملاً في 
ذلك الفعل الذي أدى إلى إرباك صلاة المحتفلين اليهود في المكان الأقدس بالنسبة 
لهم وفي اللحظة الأقدس في العام. ومنذ غداة الحدث. تنطرح برمتها مسألة 
الوضعية الحقوقية للحائط!'): 
دار تحريض قوي في الأوساط اليهودية حول هذا الحادث. الذي جرى استغلاله وربما 
يكون قد جرى التحضير له سعيا إلى شد انتباه العالم إلى مسألة حائط المبكى والمطالبة مرة 
أخرى بتسليم الموقع للطائفة اليهودية. فجميع الهيئات القائمة لهذه الطائفة قد اجتمعمت 
وصوتت بالموافقة على خطابات احتجاج موجهة إلى الحكومة. وجرى إرسال برقيات إلسى 
لندن وجنيف وقد ألفيت دعوة كانت بلدية تل أييب قد وجهتها إلى ضباط حاملة الطمائرات 
عاعومط. 


ويتصرف المسلمون. من جهتهم؛ بشكل ممائل: 
رذا على هذا الهجوم. شكل المسلمون «لجنة الدفاع عن البراق الشريف» (أسطورة 
إسلامية يجري فيها ربط هذا الاسم الرمزي بحائط المبكى)؛ والتي أرسلت برقيات إلى 
القناصل في القدس وإلى لندن وجنيف. الخ. وبعد ظهيرة "٠‏ سبتمبر/ أيلول. تدفق حشد 
غفير على ساحة مسجد عمر؛ ويتألف هذا الحشد من وفود من جميع مدن فلسطين جساءت 
لتأكيد حقوق المسلمين في الموقع محل النزاع. 


ومن الواضح أن انتهاك الوضع القائم إنما يصدرء في تسلسل الأحداث»ء عن 
المحتفلين اليهود. وقد نشرت صحافة القدس اليهوديةٌ قبل أيام قليلة من الأحداث 
مقالاً حول ضرورة توسيع الطريق المؤدي إلى الحائط خلال الأعياد الدينية 
الكبرىء وذلك بالنظر إلى تدفق الحجاج الذين لا يمكنهم بعد الوصول كلهم إلى 
موقع الصلاة بسبب ضيق الممر. ويجري اقتراحٌ تملك بيوت المغاربة وهدمها. 
فهذا من شأنه أن يدل على مدى سير «خلاص إسرائيل» على الدرب الصحيح0'". 
وفي عدة مناسبات في عشرينيات القرن العشرين» طلبت سلطات الانتتداب من 
الحاخامية عدم تغيير الممارسات المعهودة بأي شكلء انتظارًا للتوصل إلى اتفاق 
مع المسلمين. 


وقد تصرفت السلطات الإسلامية بشكل قانوني مطاليّة بتدخل الشرطة 
البريطانية. والحال أن احتجاجات الصهيونيين الحامية قد استثارت رد فعل مماثلا 
من جانب المسلمين وكان الحاج أمين هو منظم رد الفعل هذا. ويرى الصهيونيون 
أن الحادث يطرح مجمل مسألة وضعية المقام القومي اليهودي. فبحسب الكتاب 
الأبيض الصادر في عام 377١ء‏ فإن الشعب اليهودي موجود في فلسطين «بحكم 
حق يتمتع به وليس بحكم منة من أحد». والحال أن هذا الشعب موجود في المكان 
الأقدس بالنسبة له بحكم منة وليس بحكم حق يتمتع به. ويشجب الصهيونيون انعدام 
عدالة هذا الوضع ويطلبون من حكومة الانتداب الاتجاه إلى مصادرة مباني الحي 
المغربي» لأجل مصلحة عامة. ويجب على السلطة العامة أن ترغم السلطات 
الإسلامية على التنازل عن حي الحائط!"". 

ويرى المسلمون أن الحائط لا ينفصل عن المحيط الذي صاغه المسجد 
الأقصى. وهذا هو الموقف الذي اتخذه المجلس الإسلامي الأعلى؟": 

-١‏ إن هذه الناحية من الجدار المذكورء هي مكان البراق الشريف, نسبة لبراق النبي 
محمد. صلى الله عليه وسلمء ليلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسسجد الأقصى. وإن 
المسلمين في جميع الأقطار يجلون الإسراء الذي جاء نصًا في القرآن الكريم. 

٠"‏ إن هذا الجدار هو جدار المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفينء الذي هو عند 
المسلمين عامة بمنزلة حرم مكة المشرفة وحرم المدينة المنورة. 

٠*‏ إن كل جزء من الحرم الشريف وكل جدار يحيطه بما فيه هذا الجدار الغربي هو 
في عقيدة المسلمين جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك الذي أشار النبي. صلى الله 
عليه وسلم. إلى فضل زيارته والصلاة فيه» وشدّ الرحال إليه من أدنى الجهات وأقصاها. 

من هذا كله يُعلَمُ أن المسجد الأقصى وكل جزء من الحرم الشريف القدسي. وخصوصا 
هذه الناحية من الجدار الغربي التي هي مكان البراق الشريف. له مكانة مقدسة عظمى عند 
المسلمين عامة» في مشارق الأرض ومغاربهاء وأنهم يتعلقون بهذا المسجد المبارك المذكور 
في القرآن الكريم تعلقا دينيًا شديذا مقرونا بالإجلال والتعظيم. 


ولم يحدث قط أن نشأت قضية كهذه في تاريخ القدس المعذب. ومن المؤكد 
أن النزاعات كانت مستديمة» لكنها كانت من حيث الجوهر مواجهات بين صفوف 


١و‎ 


المسيحيين حول ملكية أماكن مقدسة مختلفة. وضمن هذا الإطار تشكل قانون 
الوضع القائم. أمّا هذه المرة» فإننا بإزاء صدامات مباشرة بين ممتلي ديانتين 
مختلفتين» مع وجود خلطء منذ البداية» بين المقدّس الديني والمقدّس القومي. 
وسرعان ما تومنّعٌ لجنة الدفاع التي شكلها المسلمون من المسألة. فهي ترى أن 
الرغبة في الحصول على الحائط ومصادرة الحي المغربي ليست سوى المرحلة 
الأولى في خطة أوسع تهدف إلى الاستيلاء على الحرم الشريف برمته وهدم 
مساجده وإعادة بناء الهيكل فيه7 '). وعلى الفورء تضطلع السلطات الإسلامية 
بأعمال في الوقفء فتنشئ فيه مسجذا وترفع فيه الأذان الداعي إلى الصلاة» الأمر 
الذي يستثير رد فعل عنيفا من جانب السلطات الصهيونية التي تشجب بدورها ما 
تعتبره انتهاكا للوضع القائم. 
وقد عمل الحاج أمين على صوغ الرابطة بين الجانب العربي والجانب 
الإسلامي لعمله. وفي مستهل شهر نوقمبر/ تشرين الثاني» عقد مؤتمرًا إسلاميًا في 
القدس حضره بشكل واسع قوميون عرب من سوريال”'). وكانت القرارات من أهم 
القرارات لأنها تجعل من الفلسطينيين أوصياء على الأماكن الإسلامية المقدسسة 
بالأصالة عن مجمل الأمة المسلمة7'). وعزة دروزه هو المتحدث بلسان الوقد 
المكلف بإحاطة حكومة فلسطين علمًا بقرارات المؤتمر!”". 
وفي لندن» تنزعج وزارة المستعمرات من الوضع. وكانت قد أحيطت علمًا 
باحتجاجات صادرة عن حاخام انجلترا الأكبر منذ ٠‏ أكتوبر/ تشرين الأول!*". 
ويعلن المسئولون الصهيونيون عزمهم اللجوء إلى لجنة الانتدابات. وقفي ٠١‏ 
أكتوبر/ تشرين الأول؛ يطلب القائم بأعمال المندوب السامي من ممتلي اللجنة 
التنفيذية الصهيونية إصدار تصريح يوضحون عبره أنهم ليست لديهم أي أطماع في 
. الحرم الشريف. فيرفضون ذلك مؤكدين أن مثل هذا التصريح من شأنه إثارة 
نقاشات إضافية حول موضوع تجاوز بالفعل كل نقاش. وفي نهاية المطاف؛. في 
نوثمبر/ تشرين الثاني» ترضخ المنظمة الصهيونية مؤكدة أنها تعترف بحرمة 
الأماكن الإسلامية المقدسة!''). وهي تحيط الحكومة البريطانية علمًا مسن طرف 
خفي بأن تصريحا يرفض أي طموح فيما يتعلق بالحرم من شأنه أن يكون محرجًا 


لأن تصريحا كهذا لن يقبله جميع اليهود. وبالمثل» فإن العريضة المقدّمة إلى لجنة 
الانتداب ليس من شأنها تهدئة المسلمين!"): 


تحرص اللجنة التنفيذية على أن ترفض بشدة الشائعات التي تعتبرها زائفة وتشهيرية 
والتي جرى ترويجها والتي تذهب إلى أن الشعب اليهودي تخامره نية تهديد حرمة مكان 
إسلامي مقدس يحيط بالمسجد الأقصى ومسجد عمر. 

إن ما يطالب به الشعب اليهودي هو أن يتمتع بالحرية في الصلاة؛ بما يتماشى مع 
شعائره الدينية» دون تدخل من الخارج. والساحة الممتدة أمام الحائط موقع صلاة لليهسود 
ويجب إنهاء وضع يجيز لمؤسسة تنتمي إلى جماعة أخرى - هي. في هذه الحالة. 
المؤتمر الإسلامي الأعلى- التدخل في الترتيبات التي يتخذها اليهود فيما يتلق بأداء 
شعائرهم الدينية في المكان الأكثر إجلالاً بين أماكنهم المقدسة. 

وبالمثل. فإن الشعب اليهودي يعتقد أن اللجنة الدائمة للانتدابات سوف تعترف بأنسه 
لممًا يتعارض مع روح ونص الانتداب إرغام المؤمنين اليهود الذين يؤدون الصلاة أمام 
الحائط على الانحشار في زقاق ضيق (طوله ثمانية وعشرون مترًا وعرضه ثلاثة أمتسار 
وستون سنتيمترا) بدعوى أنه توجد. على الساحة المتاخمة. بعض المخيمات التي تعد ملكًا 
ل«الوقف» (منشأة خيرية دينية إسلامية)؛ لكنها ليست لها أي أهمية من الناحية الدينية. 


؛ وتطالب اللجنة التنفيذية الصهيونية بمصادرة الوقف المغربي. أمّا مذكرة 
الحكومة البريطانية فهي تلقي بالمسئولية عن الوضع على فعل من جانب واحد قام 
به المحتفلون اليهود الذين لم يخطروا السلطات باعتزامهم إدخال تغيير على ما هو 
متعارف عليه. والموقع نفسه مكان مقدس لدى المسلمين وهو يخصهم من الناحية 
الحقوقية. ومن ثم فإن: 
حكومة فلسطين وحكومة صاحب الجلالة قد انتهتا إلى أنه وفقَا لنص المادة ؟١‏ من 
ميثاق الانتداب على فلسطين, تعد هذه المسألة واحدة من المسائل التي تحرصان بشأنها 
على صون الوضع القائم الذي فسرتاه على النحو التالي: للجماعة اليهودية الحق في 
الوصول إلى الزقاق المذكور لأداء صلواتهاء إل أنها لا يمكنها أن تُحضر إلى الحائط سسوى 
مستلزمات العبادة التي كان مصرّحا بها في ظل النظام التركي. 


غ15 


وحكومة فلسطين مستعدة لعرض مساعيها الحميدة على الطرفين سعيًا إلى 
التوصل إلى اتفاق مرض للجميع. وفي 4 نوقمبر/ تشرين الثاني 13174ء نجد أن 
لجنة الانتدابات تعترفء بعد مناقشة جد صعبة:» بأنها لا تملك اختصاصات لجنة 
الأماكن المقدسة والتي لم تتشكل قطء وأنهاء بناءً على ذلك» لا يمكنها البت في 
المسألة. وهيء بالمقابل» تحث حكومة الانتداب على عمل ما هو أكثر من عرض 
مساعيها الحميدة وعلى التحرك بنشاط للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين. 
والحال أن اللجنة» في جلستها المعقودة في 4 نوقمبر/ تشرين الثشانيء إنما 
تطرح على نفسها مرة أخرى مسألة وضعية فلسطين بالنظر إلى عريضة اللجنة 
التنفيذية العربية التي تطالب بجمعية نيابية. ويقدّمٌ المقرّرٌ ردًا واضهًا وحاسما: 
يبدو لي أن اللجنة؛ وقد دُعيْتَ إلى النظر في هذه العريضة؛ لن يكون بوسعها إلا أن 
تلاحظ أنهاء بوصفها حارسة لمبادئ الميثاق والانتدابات. ليس من اختصاصها التوصية 
بشكل خاص للحكم في الأراضي الواقعة تحت الانتداب. فتحديد النظام الذي يمكن تطبيقه إنما 
يعود إلى الدولة المنتدبّة وحدها. وطائما أن هذا النظام لا يبدو متعارضا مع الميشاق 
والانتدابات, فلن يكون بوسع اللجنة التعبير عن أي رأي نقدي فيما يتعلق بشأنه. وقفي 
الحالة الحاضرة؛ يبدو من الواضح أن شكل الحكم الديموقراطي والبرلماتي لا ينص عليه لا 
الميثاق ولا الانتدابات, بل إنه لا يبدو متماشيًا مع الواجبات التي تقع على عاتق الدولة 
المنتذبة» بموجب شروط هذه الوثائق. 


والحال أن مذكرة الحكومة البريطانية» والتي جرت كتابتها بعد استشارة 
خبراء التاج الحقوقيين؛» إنما تُنشر على شكل كتاب أبيض في أواخر نوشبر/ 
نشرين الثاني ١174‏ ثم يعاد نشرها في الصحيفة الرسمية لفلسطين في ١١‏ 
ديسمبر/ كانون الأول .١1178‏ وهذا النشر يقود إلى تهدئة فورية للمسلمين» الذين 
يرون في صون الوضع القائم في أواخر العصر العثماني اعترافا بأطروحاتهم. 
وفي ذلك الوقتء كان من الممكن للمسألة أن تنتهي عند هذه الخاتمة. 


156 


المندوب السامي الثالث 

يدل تعيين ج. ر. تشانسلور مندوبًا ساميًا على الرغبة في تطبيع وضعية 
فلسطين. وبعد رجل دولة رئيسي وماريشال من ماريشالات الحرب العظمىء فإن 
من يتولى المسئولية عن الأرض المقدسة هو موظف كبير بوزارة المستعمرات 
كان قد عمل في أفريقيا وفي جزر الهند الغربية كما عمل في لندن. ودرايته بملفات 
الشرق الأدنى محدودة ولابد له من أن يأخذ بعض الوقت لكي يكوّن لنفسه فكرة 
عن الوضع. 

ومنذ وصوله؛ في ديسمبر/ كانون الأول 21514 يجد نفسه محاصترً! بشكايات 
صهيونية فيما يتعلق بالأعمال التي يضطلع بها المفتي قرب الحائط. وشكايات 
إسلامية تطالب بتحديد دقيق وتقييدي لحقوق اليهود ضمن إطار الوضع القائم. 
والصهيونيون لا يريدون مجرد إعادة تأكيد حقوق اليهود في مكانهم الأقدس؛ فهم 
يطالبون علاوة على ذلك بمصادرة الوقف كله. وهم يطرحون الدعوى التي تذهب 
إلى أن بالإمكان مبادلة ملكية من ملكيات الوقف بملكية أخرى إذا كان من شأن ذلك 
أن يعود بالفائدة على المستفيدين من الوقف. والحال أننا هنا بإزاء خلط بين هدف 
الوقف والممتلكات التي تكفل تنفيذ هذا الهدف. وفي الحالة التي نحن بصددهاء فإن 
هدف الوقف هو إيقاء مغاربة القدس في بنايات قريبة من الحرم؛ وهي بنايات لا 
يمكن التنازل عنها لا عن طريق البيع ولا عن طريق المبادلة أو التعويض (وهذا 
أمر يشار:إليه بشكل محدّد في وثيقة تأسيس الوقف). أمّا ممتلكات الضمانات فهي 
قرية عين كريم - القريبة من القدس- بكل أراضيها فيما عدا المسجد والجبانة» 
اللذين لا يمكن التنازل عنهما عن طريق المبادلة!''). ويتبنى تشانسلور الأطروحة 
الصهيونية ويعرض مساعيه كوسيط!""). 

وعلاوة على ذلكء تعيد اللجنة التنفيذية العربية طرح مسألة الجمعية النيابية 
باسم مبدأ «لا ضرائب دون تمثيل»7”"). فيشير المندوب السامي إلى المجالس 
البلدية ويعلن أنه سوف يدرس المسألة بعناية قبل أن يتحادث بشأنها مع مسئولي 
وزارة المستعمرات في لندن في الصيف القادم. وفي الشهور التالية؛ يجري لوك 
محادثات تمهيدية مع أعضاء اللجنة التنفيذية. 


ا 


وفيما يتعلق بمسألة الحائط” ). يدرك المسئولون البريطانيون أنه من غير 
الممكن التوصل إلى حل حقوقي لأنه من اختصاص لجنة أماكن مقدسة لم تنعقد 
قط. ويتوجب على الإدارة» وليس على محكمةء حسم المسألة. وهي ملزمة 
بالاعتراف بأن المكان يخص المسلمين وبأن اليهود ليس لهم سوى الحق في 
الوصول إليه والصلاة فيه. أُمّا فيما يتعلق بالأعمال التي يضطلع بها المفتي» فمن 
الوارد أن تكون ضمن اختصاصاته من حيث كونه مديرًا للمرم الشريف. أو أن 
تخضع لتصريح من مصلحة الآثار. والمشكلة هي أن غالبية آثار فلسطين عبارة 
عن أماكن مقدسة تعدء بحكم التعريفء» غير خاضعة للقانون الخاص بالآثار... 
والرغبة في مد القانون الخاص بالآثار إلى الحرم الشريف سوف يجري تفسيرها 
على أنها رغبة في رفع يد المسلمين عنه. 

وفي فبراير/ شباط ١1575‏ يرى المستشارون الحقوقيون للحكومة البريطانية 
أن الحائط لا يمكن اعتباره «مكانا مقشمًا إسلاميًا بصورة خالصة» ( رامسم 
© 500764 :1105167): وذلك بسبب حقوق اليهود في الوصول إليه والصلاة 
أمامه. ومن حق سلطات الانتداب التدخل للعمل على احترام حقوق اليهود دون 
التعدي على حقوق المسلمين. والمسألة كلها مسألة كياسة واحتياط. والشيء الأكثر 
إلحاا هو تكوين اللجنة الشهيرة الخاصة بالأماكن المقدسة ... 

وإذا كان هناك ميل في لندن إلى تقديم تنازلات للأطروحة الصهيونية» فإنه لا 
وجود لرغبة في اتخاذ تعهدات. وتجد إدارة الانتداب نفسها دون خط توجيهي 
واضح ويبدو أنها تميل بشكل تناوبي إلى جانب ثم إلى الجانب الآخر. ويجري 
البحث عن وثائق لتحديد الوضع القائم. فيكثر الصهيونيون من شهادات اليهود الذين 
يزعمون أنهم كان مسموحا لهم قبل عام ١1١4‏ بإحضار أشياء كالمقاعد أو 
الحواجز الساترة, بيد أن المسلمين يسجلون نقطة حاسمة إذ يأتون بقرار عثماني 
صادر في عام ,.111١7‏ اتخذه المجلس الإداريء يحظر تحديذا استخدام مثل هذه 
الأشياء. والحال أن الحاج أمين» في تصريحاته العلنية كما في محادثاته مع 
المندوب الساميء إنما يطرح نفسه بوصفه المدافع عن الشرعية التي يحددها هذا 
القرار والتي أعاد الكتاب الأبيض البريطاني الصادر في عام ١178‏ تأكيدها. 
ويرفض تشانسلور تحمل المسئولية عن اتخاذ قرار يحدد المضمون الدقيق للوأضصع 


157 


القائم وينتظر مجيء قرار من لندن. وينزعج المفتي والمسلمون من واقع أن اليهود 
يواصلون إحضار أشياء محظورة إلى الحائط. وهم يطالبون بتصريح علني يعيسد 
تأكيد أن اليهود ليس لهم الحق في إحضار أشياء إلى الحائط ويوضحون أنه في 
حالة عدم صدور مثل هذا التصريح فهناك خطر نشوب قلاقل خلال احتفالات النبي 
موسى القادمةل”'). وبعد هذا التصريحء سيكون المفقتي مستعدًا لاتخاذ موقف 
توفيقي. ويأخذ المندوب السامي هذا التهديد مأخذ الجد. وهو يعبر عن انزعاجه 
لقايتسمانء الذي كان في زيارة سريعة إلى فلسطين» ويعلن استعداده لاختزال 
استقلالية المجلس الإسلامي الأعلى ولجعل وظيفة المفتي الأكبر وظيفة قابلة 
للتجديد عبر الانتخاب كل ثلاث سنواتء وذلك لجعل الحاج أمين أكثر انصياعًال"". 

أمّا أن المفتي قد قاد حركة الدفاع عن الحائط فهذا أمر طبيعي بالنظر إلى 
وظائفه. وهدفه السياسي الأرجح هو السعي إلى إحراز نجاح يدل علئ اعتراف 
السلطات البريطانية بمشروعية مطلب المسلمين. أُمّا فيما يتعلق بخطر نشوب 
أعمال عنفء فإن الحاج أمين؛ منذ تعيينه في وظيفة المفتي» قد لَوْحّ به كوسيلة 
للضغط على حكومة الانتداب: خاصة خلال احتفالات النبي موسى. وهو ينتظر 
المقابل السياسي لدوره كمهدئ للمشاعر الدينية» بيد أنه لا يحصل عليه. 

وهكذا تمر احتفالات النبي موسى في أبريل/ نيسان ١174‏ دون حوادث» 
الأمر الذي يجري تفسيره على أنه علامة على أفول نفوذه""). ويواصل تشانسلور 
المراوغة. وهو يوضح لكيش أنه قد نقل إلى لندن مسألة ما إذا كانت الأعمال التي 
نيضطلع بها المسلمون تشكل انتهاكا للوضع القائم0"). ويرفض المسئول الصهيوني 
التسليم بأن الكتاب الأبيض الصادر في عام ١578‏ يحظر إحضار الأشياء المعنية 
الشهيرة» ألا وهي الحواجز الساترة والمقاعد. الخ. وفي ” مايو/ يار 25179 
يوضح تشانمللور عجزه للمفتي. فهو لا يستطيع تحديد مضمون الوضع القائم 
استناذا إلى ما يتمتع به من سلطة. فيرد عليه المفتي بأنه في الأماكن المقدسة 
المسيحية» خلال انتهاك للوضع القائم» فإن الكهنة أنفسهم هم الذين يزيلون الأشياء 
: محل النزاع. وبوسع المشايخ عمل الشيء نفسه... فيناشده المندوب السامي أن 
يكون صبورا. ويقدم الحاج أمين بادرة طيبة» بما يشكل شهادة على المودّة حيال 
المندوب السامي؛ إذ يعرض وقف الأعمال مؤقتاء وإن كان بشرط ال يشكل ذلك 


154 


اعترافا بحقوق لليهود. فيشكره تشانسلور على ذلك ويعد بكتمان السر: فاليهود لن 
يجزي إخبارهم بالوقف المزقت. ويصل الأمر بالمفتي إلى حد التفكير في العثور 
على حل بالنسبة للأشياء محل النزاع؛ وإن كان بشرط ألا يخلق ذلك حقا لليهود. 

ويرى تشانسلور أن الحاج أمين هو الذي أبدى أكبر قدر من المرونة؛ لكن 
المندوب السامي لا يمكنه فعل شيء وذلك بالنظر إلى صمت لندن. وبريطانيا 
التلتي في مزه عملة ااتغانة: ولأول مرة» يجري الاقتراب من اقتراع عام 
حقيقي (لن يت يتحقق بشكل كامل إِلآّ في عام 1144). ويفوز حزب العمال البريطاني 
بالعدد الأكبر من المقاعد دون أن يحوز الأغلبية المطلقة. وفي © يونيو/ حزيران 
8؛: يشكل رمزي ماكدونالد الحكومة العمالية الثانية. أمّا سيدني ويبء مفكر 
الاشتراكية «الفابية»: فهو يجمع بين سكرتاريتي الدولة لشئون المستعمرات ولشئون 
الدومينيونات. وهو ينتقل إلى مجلس اللوردات بوصفه اللورد باسفيلد. 

وفي منتصف يونيو/ حزيران 1975ء نجد أن حكومة الانتدابء. بعد أن 
تشاورت مع مسئولي التاج الحقوقيين» قد أصبحت قادرة على أن تعرض على 
المجلس الإسلامي الأعلى تعريفا للوضع القائم""'. فالمسلمون لهم الحق في 
الاضطلاع بأعمال في مجمل القطاع المتنازع عليه بشرط عدم التضييق على 
صلوات اليهود. وفي الجزء المعني مباشرة بصلوات اليهود (الجزء السفلي مسن 
الحائط)» سوف يتوجب عليهم طلب تصريح من السلطات الإسلامية. واس تخدام 
الأشياء الشعائرية (لقَات الشريعة» كتب الصلوات؛ أحواض الوضوءء الخ) 
مشروع. وبالمقابل» فإن أشياء من قبيل المقاعد أو الحواجز الساترة إنما تخضع 
لتصريح مسبق من السلطات الإسلامية. وانتظارًا لبيان رسمي من لندن؛ يصرح 
المندوب السامي للمسلمين باستئناف الاضطلاع بالأعمال. وتحصل الأجنة التنفيذية 
الصهيونية في سرّية على المعلومات نفسها. وهي ترد في 4 يوليو/ تموز بأن 
التسوية بعيدة عن أن تكون مرضية لأن نشاطات المسلمين تواصل إزعاج 
المؤمنين اليهود. ويتوصل البريطانيون إلى وقف حفلات الذكر الصاخبة قرب 
الحائط. 

وفي يوليو/ تموزء يذهب تشانسلور إلى أوروبا لحضور جلسة لجنة الانتدابات 
وللتحادث مع مسئولي وزارة المستعمرات ولقضاء إجازته السنوية. 


وول 


وهو يبدو متفائلاً في حديثه أمام اللجنة(”). فهو يرى أن العلاقات بين اليهود 
والعرب تواصل التحسن بالرغم من مسالة حائط المبكى. وتتناول اللجنة هذا 
الموضوع: بعد أن قامت بالاستعراض العام المألوف لمختلف المشكلات. فيقدم 
المندوب السامي عرضنا تاريخيًا للأحداث ويقدم لمحاوريه خارطة تفقصيلية للأماكن 
المتنازع عليها. والمعلومات التي يقدمها دقيقة» بما في ذلك المعلومات الخاصة 
بالمساومات مع المفتي الأكبر. وهو يختتم حديثه بعرض حالة الوضع في مستهل 
يوليو/ تموز: 
لقد شرحت الوضع للقادة اليهود معربًا عن رأيي في أن النهج الأفضل الذي يجب 
اتباعه هو التزام الصمت حيال هذه المسألة وعدم ملء صحفهم بالتهجمات على الحكومة 
وعلى السلطات الإسلامية. قبالتصرف على هذا النحوء سيكون بالإمكان تهدئة الخواطر 
وسوف يستعيد المحمديون الثقة شينا فشينا وسينشأ عن ذلك مناخ من شأنه أن يسمح لسي 
بالتدخل تدخلاً مفيدا. وبما أن هذه هي حالة الوضع الحاضر. فقد أصبح من الضروري بحث 
مسألة إصدار قرارات تتماشى مع السياسة المنصوص عليها في «الكتاب الأبيض» الصادر 
في نوقمير/ تشرين الثاني الماضي. 


وتوافق اللجنة على مقاربته للموضوع: 

يرى السيد رايّار أن بوسع اللجنة التعبير عن ارتياح كامل حيال التدابير التي اتخذها 
المندوب السامي. ويبدو أن الوضع هو عين الوضع الذي كان قائمًا في السنة الماضية. 
ومن ثم فلا يمكن سوى الأمل في أن تهدأ الخواطر و أنه. بالنظر إلى غياب تفاهم متبادل» 
لن يجري إدخال أي تعديل على الوضع القائم لصالح أحد الطرفين دون الموافقة التامة من 
جانب الطرف الآخر. 

ويعترف الرئيس بأنه لابد من تهنئة المندوب السامي على الأسلوب الذي سعى به إلى 
حل هذه المسألة بما يتماشى مع توصيات اللجنة. والحال أن الخبرة التي حصل عليها 
الرئيس في الشرق قد أوضحت له بأي سهولة يمكن للمشاعر الدينية أن تفسد العلاقات فيما 
بين الأجناس الشرقية. وهذا يسمح له بأن يدرك تمامًا صعوبة مهمة المندوب السامي وبان 
يهنئه على أنه قد فعل كل ما في إمكانه لأجل التوصل إلى اتفاق عادل ومرض. 


ويسمح تحليل العرائض المختلفة للُجنة باستئناف دراسة الملف. وتتصل 
المناقشة بوضعية القرار العثماني الصادر في عام .١9١7‏ وبما أننا بإزاء إجراء 
خاص بالنظام العام؛ فهل تملك حكومة الانتداب الحق في إلغائه؟ وهل الوضع القائم 
حالة قائمة أم حالة كانت قائمة في السابق (+):ه 4:0 :4:ه) ؟ ومن الذي يملك 
الحق في تعديل وضعية الأماكن المقدسة. في غياب لجنة الأماكن المقدسة ؟ 
وتنحاز لجنة الانتدابات. في ملاحظاتهاء إلى الموقف البريطاني: إن الاتفاق فيما 
بين الطرفين هو أفضل الحلولء إلا أنه بالنظر إلى عدم وجود مثل هذا الاتفاق» 
فإنه سوف يتعين التمسك بحفاظ صارم على الوضع القائم. وتعترف اللجنة بعدم 
اختصاصها فيما يتعلق بتعريف هذا الوضع القائم الذي يدور الحديث عنه. 
صعود التوترات والوكالةٌ اليهودية 

إذا كان محاورو حكومة الانتداب قد استخدموا نبرة حامية» فإنهم قد تمسكوا 
بحجاج ذي طابع حقوقيء وإن كانوا قد سرئبوا تهديدات أحيانا. وفي صفوف 
الجماعتين السكانيتين المعنيتين» أصبحت النبرة عنيفة بشكل فوريء أمّا تصريحات 
كل طرف من الطرفين فقد جرى اعتبارها من جانب الطرف الآخر بمثابة 
استفزازات. ومنذ البداية» رأى المسلمون في تطلع [اليهود] إلى ممارسة حقوق في 
حائط المبكى خطوة أولى نحو استيلاء اليهود على مجمل الحرم الشريف. فالرسوم 
الشهيرة التي تصّور الحرم تحت نجمة داوود كان قد جرى إظهارها من جديد. أما 
التصريحات المهدئة التي انتزعتها إدارة الانتداب فيما يتعلق باحترام الأماكن 
المقدسة الإسلامية فليس بوسعها تهدئة المعنيين» الذين يسمعون بشكل متكرر ودون 
توقف أن الحائط هو أقدس أماكن اليهودية لأنه أثر من آثار هيكل أورشليم. 
ويجري تذكر جميع المحاولات التي بذلت للحصول على الحائط أو لمصادرته؛ 
وه تبدوتير جلها علا متمياة وضيذا سارلا ء على مجمل جبل الهيكل. أمَّا 
الرطانة الصهيونية التي تستخدم الإشارة إلى هذا المكان استخدامًا مجاز يُافهي 
تؤخذ بمعناها الأكثر حرفية. ع 0 ب 
اللغة: «فلنقسم بأن شعب إسرائيل لن يلقي أبدا سلاحه قبل أن يقيم مقامه القومي 
على جبل مورياه»2'7). والحاخام كوك يتصدر الصفوف أيضناء وتصريحاته ملتبسة 
فيما يتعلق بعودة لجبل الهيكل إلى اليهود» إذ يمكن أخذ هذه التصريحات بمعناهما 
الزمني كما بمعناها الروحي. ثم إن القوميين اليهودء أعضاء الحركة التصحيحية أو 


"١ 


القريبين منهاء إنما يجعلون من الدفاع عن حقوق اليهود في الحائط تيمة ممئزة 
لعملهم السياسي. وفي أغلب الأحيان؛ يؤكد الصهيونيون بجميع مذاهبهم أن المقام 
القومي اليهودي هو الهيكل الثالث... 

ولا يسعى المسئولون المسلمون» من جهتهم؛ إلى تهدئة المشاعر. فهم يحيون 
فكرة أن المسلمين الفلسطينيين هم المنوط بهم الدفاع عن الأرض المقدسة 
الإسلامية. وتبدو دوافع المفتي مركبة. فهو واثق بصورة نزيهة من أن اليهود 
يهددون مجمل الحرم الشريف. وهو يستخدم القضية لكي يمزز موقعه على 
المسرح السياسي الفلسطيني والعربي (خلال هذه الفترة كلهاء نجد أنه على اتصال 
مستمر بالقوميين السوريين) ولكي يوضح للبريطانيين إلى أي مدى يعتبر دوره 
ضروريًا في إدارة ما كان الفرنسيون يسمونه ب«الشئون الإسلامية». 

والحال أن هذه المشاعر عند الطرفين إنما تتحول إلى كراهية. وهي تتعزز 
بالخوف الذي يحس به كل طرف من الطرفين. فالعرب يتوجسون دومًا من مخاطر 
التجريد من الملكية والطرد. واليهود يكابدون من القلق الدائم من انفلات جامح 
للعنف العربي الذي يماهونه بالمذابح الأكثر وحشية والتي ارتكبتها معاداة السامية 
ضد اليهود. وإذا كان وجودهم عند الحائط منة» فكيف يمكن الزعم بأنهم موجودون 
في فلسطين بحكم حق لهم ؟ وفي الآلية التي تقفضي إلى العنفه نجدء في 
المعسكرينء أن المقدس الديني يختلط بالمقدس القومي. وعلاوة على المخاوف 
ومتطلبات المقدّس القديم والحديث» فإن الاحباطات المتعددة إنما تغذي هذا الصعود 
للتوترات: إحباط لدى اليهود من الضعف النسبي للتقدم المحرز في تحقيق المقام 
القومي اليهوديء بعد التوقعات شبه المسيانية التي تلت تصريح بلفور وبالرغم من 
التفاؤل المصطنع الضروري للدعاية الموجّهة إلى الدياسبورا؛ إحباط لدى العرب 
من رؤية طموحهم القومي وقد جرى رفضه باسم التزامات أخذتها عصبة الأمم 
على نفسها ضد موافقتهم في لحظة تصعد فيها الدول العربية في مجمل المنطقة إلى 
درجة متعاظمة من الاستقلالية تتميزء على حد سواءء بتدشين أشكال دستورية ذات 
مصدر إلهام ليبرالي وبتطور إدارة تصبح عربية في تكوينها بشكل متزايد باطراد. 
ومما له دلالته أن مؤتمر الطلاب المسلمين في فلسطين الذي ينعقد في يافا في ١7‏ 
أغسطس/ آب ١175‏ يوجَهُ مطالبه في هذا الاتجاه: تعميم التعليم على مجمل 

"." 


السكان العرب؛ بمن في ذلك المرأة» إنشاء تعليم ثانوي كامل مع قيام مدارس 
تجارية وزراعية وتقانية» تأسيس جامعة عربية» توزيع الوظائف في الإدارة 
والأشغال العمومية بحسب نسب الطوائفء استقلال البلد ضمن إطار الوحدة العربية 
مع قيام نظام حكم برلماني"". 

وفي هذا المناخ» نجد أنه ليس من شأن الإعلان في مستهل شهر يونيو/ 
حزيران عن أنه قد تم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية بهدف تكوين 
الوكالة اليهودية سوى أن يؤدي إلى تأجيج التوتر("). ويعتبر قايتسمان [التوصل 
إلى الاتفاق] انتصار! تاريخيًا'). فبفضل وحدة الشعب اليهودي المتحققة غير 
تعاون غير الصهيونيين مع الصهيونيين» لم يعد المقام القومي اليهودي حلمًا. 
والإمكاديات الاقتصادية لفلسطين ومستقبلها كساحة فعل للاستيطان اليهودي إنما 
تعد الآن مؤمّنة ولا إمكانية هناك لتهديدها. وأساس الاتفاق بين مختلف عنااصر 
الشعب اليهودي هو إنماء المقام القومي اليهودي في فلسطين ضمن الإطار الذي 
حدده تصريح بلفور وميثاق الانتداب» والذي اعترف بصلة الشعب اليهودي 
التاريخية بفلسطين. ويجب على الوكالة اليهودية تشجيع الهجرة اليهودية مع مراعاة 
مطالب الشغيلة ومطالب الأفراد المستقلين على حدٌ سواء» وتنمية استخدام اللغة 
العبرية والثقافة اليهودية وتشجيع الحصول على الأراضي بوصفها الملكية القومية 
للشعب اليهوديء واستخدام اليد العاملة اليهودية في جميع المشروعات الخاصة 
والعامة الموضوعة تحت رعاية الوكالة. وفي جميع الهيئات» فإن نصف الأعضاء 
على الأقل سوف تعينهم المنظمة الصهيونية» في حين أن النصف الآخر سوف يتم 
اختياره بالسبل الديموقراطية من جانب غير الصهيونيين. 

ويتعين التصديق على القرار الخاص بتكوين الوكالة اليهودية من جانب 
المؤتمر الصهيوني السادس عشر الذي ينعقد في زيورخ اعتبارًا من 78 يوليو/ 
تموز. ولهذا السبب» فإن اللجنة التنفيذية الصهيونية في فلسطين؛ وعلى رأسها 
كيشء تغادر البلد خلال الشهر. والنتيجة المترتبة على ذلك جسيمة. فقد بدا كيش 
حازمًا حيال السلطات البريطانية» لكنه حظر أي تظاهر [يهودي] في الأحياء 
العربية في المدينة العتيقة وقرب الحائطء الأمر الذي عاد عليه بتهمة الخيانة 


3” 


والجبن من جانب الجذريين. وفي غيابه» لا يوجد من يسيطر على الوضع في 
لحظة تلتهب فيها المشاعرء وذلكء. تحديذاء على أثر بيانات المنظمة الصهيونية 
الموسومة بنبرة الانتصارء كما يستأنف المسلمون فيهاء بتصريح من المندوب 
السامي؛ الأعمال التي كانوا قد بدأوا الاضطلاع بها قرب الحائط. 

ويمثل المؤتمر أوج المسيرة السياسية لفايتسمان؛» المسئول عن تصريح بلفور 
وموحّد الشعب اليهودي. ومن المؤكد أن المناقشات كانتء كالعادة. حاميةء بيد أن 
مشروع الوكالة اليهودية إنما يتم التصديق عليه بأغلبية ساحقة قوامها ١٠؟‏ صونا 
في مقابل اعتراض ٠١‏ وامتناع ©: عن التصويت. وفي ١١‏ أغسطس/ آب. 
يتسنى انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الوكالة. ويجمع قايتسمان بين رئاسة المنظمة 
الصهيونية ورئاسة الوكالة اليهودية» التي يصبح إدمون دو روتشايلد رئيسها 
الشرفي. ويجري ضم الوجهاء غير الصهيونيين إلى القيادة حيث تضم لويس 
مارشال وفيليكس واربورج واللورد ملتشيت. ويصبح ليون بلوم وهربرت صمويل 
وكذلك ألبرت أينشتاين أعضاء في المجلس الجديد. 
أعمال العنف الأولى 


في منتصف يوليو/ تموز 1179» يستأنف المجلس الإسلامي الأعلى الأعمال 
في قطاع الحائط على أثر تصريح صدر في الشهر السابق. واللجنة التنفينية 

يونية غائبة كما أن المندوب السامي لم يبلغ أحذا بالقرار البريطاني لأنه مُقِيْدٌ 
بسرية الخبر. وعلى الفورء يحتج يهود فلسطين احتجاججا حاميًا. والحال أن 
المسئولين المؤقتين عن الإدارة إنما يقدمون مضمون القرار الجديد للحاخام كوك؛ 
ثم ينشرون نصه في الصحيفة الرسمية في 77 يوليو/ تموز. ويؤدي خطأ مؤسف 
في الترجمة إلى مفاقمة الوضع: وهكذا جاء في الترجمة المنشورة «في الأوقات 
المحدّدة للصلوات اليهودية» بدلاً من «في الأوقات المعتادة»7*). وبالرغم من 
صدور نفي سريعء فإن الصحافة اليهودية تتهم الحكومة بالغدر والتآمر على حقوق 
اليهود في مكانهم الأقدس. وهي تستعيد جميع الشكايات ضد المسلمين. وترد 
الصحافة الإسلامية بالنبرة نفسها. ويجري إخبار مؤتمر زيورخ بالوضع. فيسارع 


24 


كيش وديقيد يللين إلى السفر بالطائرة إلى لندن لمقابلة سكرتير الدولة لشئون 
المستعمرات. ولدى عودتهاء يؤكد أحد أعضاء اللجنة التنفينية الصهيونية أن مبدأ 
الوضع القائم لا يكفله الانتداب وأن حقوق اليهود أوسع من الحقوق التي يتضمنها 
الوضع القائم. 
وتعيد الصحافة اليهودية والعربية نشر المعلومات. ويرى المسلمون أن قرارًا 
جرى اتخاذه على المستوى المحلي سوف يجريء مرة أخرى. تهديده عن طريق 
الدسائس اليهودية في المترويول الإمبراطوري. وفي ؟ أغسطس/ آبء تنظمٌ لجنة 
الدفاع تظاهرة في ساحة الحرم الشريف. فيكرر المشاركون القسَمْ بالدفاع بجميع 
الوسائل وفي كل لحظة عن البراق والمسجد الأقصى7"). وهم يرس لون برقية 
احتجاج إلى لندن: إن الترددات البريطانية في العمل على تطبيق مبدأ الوضع القائم 
إنما تشجع اليهود على استنناف اغتصاباتهم» وإذا لم تنجح الحكومة قفي.فرض 
الاحترام الحاسم لحرمة الوضع القائم بحسب الكتاب الأبيضء فعندئذ. وعلاوة على 
المشكلات السياسية الحالية» سوف يبلغ سخط المسلمين قي فلسطين كما في 
خارجها نروته9”. 
ومواعيد المناسبات الدينية لا تسهل الأمور. فالخامس عشر من أغسطس/ آب 
هو ذكرى هدم هيكل أورشليم. والحال أن الشبيبة اليهودية الجذرية إنما تعبئ نفسها 
لهذه المناسبة. وتتصدر إحياء الذكرى حركة بيتار. ذات الاتجاه التصحيحيء وتقوم 
بإحضار أناس من تل أبيب. وتتحول المناسبة الدينية إلى تظاهرة قومية» وء بالرغم 
من اتفاقات تمت مع الشرطة» يلقي الشبان خطبًا سياسية أمام الحائط وينشدون 
الهاتيكقا'"). وهم يعلنون أن الحائط ملكهم. فيتهمهم المسلمون بأنهم قد اس تخدموا 
الدين» دون وجه حقء, لأغراض سياسية وبأنهم ازدروا النبي وديانته. وبشكل لا 
مفر منه؛ يرهون في اليوم التالي» وهو يوم ذكرى مولد النبي"): 
النتيجة أنه يوم الجمعة ١6‏ نحو الساعة ,.١17‏ غادر ألفا مسلم ساحة مسجد عمر حيث 
كانوا قد جاعوا للاحتفال يذكرى مولد النبي وساروا في الزقاق المتاخم للحائط (الزقاق الذي 
يشكل جزءًا من الوقف) مدمرين كل الأشياء التي صادفوها هناكء الطاولة؛ كتب الصلوات. 
التماسات المساعدة الإلهية المدخلة في شقوق الحائط. ولم يكن هناك سوى ثلاثة يهودء ذلك 
أن الشائعات حول قدوم المسلمين قد أدت إلى إفراغ الزقاق. وتؤكد الشرطة أن أحذا لم 


ن من 


يتعرض لهؤلاء الأشخاص الثلاثة وأنه قد أمكن لليهود العودة في المسساء نقسه لأداء 
صلوات السبت. 


وفي هذا المساء. يشكو المقيمون المسلمون في الحي بدورهم من الضوضاء 
التي تحدثها الرقصات الشعائرية التي يقوم بها المتصوفة الحاسيديون اليهود (في 
حين أن حفلات الذكر الإسلامية كان قد جرى وقفها). 
والحاصل أن المفتيء وقد اتصل به لوكء القائم بأعمال المندوب السامي» قد 
أبلغه بأنه سيبذل قصارى جهده لحفظ السكينة في الحرمء بيد أنه لا يمكنه منع 
المتظاهرين من الوصول إلى الحائط(*). ويلغي لوك جولة كان من المقرر أن يقوم 
بها في شمالي فلسطين وهو يجد أن من الصعب مواجهة الوضع لاسيما أن 
المسئولين الصهيونيين الرئيسيين ما يزالون غائبين. وفي ١٠‏ أغسطس/ آبء تقع 
أعمال عنف جديدة على شكل مشاجرات في أحياء مختلفة من القدس. فصبي 
يهودي في السابعة عشرة من العمر يلعب بالكرة مع رفاقه يرسلها ودون قصد منه 
إلى حديقة عربية. فتستولي عليها صبية عربية. والصبي يريد استعادتها. فيسارع 
عرب الحي إلى التدخل. وفي معمعان الشجارء يصاب الصبي اليهودي بجراح 
قاتلة. وفي مكان آخرء يصاب عربي بجراح خطيرة في شجار مع يهود. 
وفي ١8‏ أغسطس/ آبء يحتج عوني عبد الهادي» باسم اللجنة التنفينية 
العربية» على تحيز البريطانيين» العاجزين عن فرض احترام الوضع القائم والذين 
انحازوا إلى صف اليهود('؟): 
وتأمل اللجنة التنفيتية من فخامتكم أن لا يُسمح بإقامة مظاهرات مثل هذه بعد اليسوم 
وأن تصدروا التعليمات المشئدة لدائرة البوليس بالسهر على الأمن العام بصورة أتم. وبعدم 
التحيز لطائفة دون أخرى. 


والحال أن المسئولين السياسيين والدينيين اليهود إنما يهاجمون السلطة 
البريطانية بالنبرة نفسها. 

ويظل الالتباس قائمًا فيما يتعلق بمسلك المفتي. ففي حين أن التوتر يتصاعد. 
نجد أنه يطلب لنفسه ولعوني عبد الهادي تأشيرات للذهاب إلى سوريا. فالنزاع في 


الا 


داخل الحركة القومية العربية في أوجه. فبعد سحق الانتفاضة السورية» لجأ فريق 
من المقاتلين والزعماء إلى شرق الأردن في واحة الأزرق. ويعيد أنصار 
الهاشميين تدشين السجال ضد لجنة غوث القدس القديمة» المتهمة بتبديد الأموال 
التي قدّمت إليها في سبيل خدمة القضية. والرهان هو معرفة من الذي سيتولى قيادة 
النضال ضد الانتداب الفرنسي. والحاج أمين وثيق الارتباط بالفريق المناوئ 
للهاشميين والذي يمثله القوتلي والأمير عادل أرسلان» وهو على اتصال مستديم 
برياض الصلح. والجميع يريدون تبرئة أنفسهم لدى السوريين من التهم الموجّهة 
ضدهم/'“). والمسألة مهمة بما يكفيء كما تثبت ذلك نشاطاتهم في الأعوام السابقة» 
بحيث يتعذر أن نكون بإزاء سعي إلى التتصل عن المسئولية عن الأحداث التي 
ستحدث في الأيام التالية بذريعة عدم التواجد في فلسطين. والحال أن السلطات 
الفرنسية التي لا تريد رؤية المفتي في سورياء إنما تطلب إليه إرجاء زيارته. 

واعتبارًا من ١4‏ أغسطس/ آب؛ تروج في صفوف كل من الجماعتين 
شائعات منفلتة تتحدث. من جهةء عن قرب قيام المسلمين بارتكاب مذبحة وشيكة 
لليهود» وتتحدث؛ من الجهة الأخرى. عن قرب قيام اليهود بهجوم على الحرم 
الشريف بهدف الاستيلاء عليه. ويحاول لوك حظر ترويج هذه الشائعات عبر 
تعنيف الصحافيين» على أن الشائعات لا تروج أساسًا من خلال ما هو مكتوب. 
وإنما من خلال الكلام الشفاهي؛ وهو بحكم طبيعته غير قابل للسيطرة عليه؟). 
وسوف يبرر لوك موقفه في يومي ١5‏ و5١‏ أغسطس/ آب بالتأكيد على أنه إذا 
كان قد اشتبه بأن التظاهرات قد تتخذ طابعًا سياسيّاء فإنه لم يكن بمقدوره حظر 
اجتماعات دينية بهذه الأهمية. وهو يدرك ضعف قوات حفظ النظام الموجودة تحت 
تصرفهء كما يدرك خطر حدوث انفجارات لأعمال العنف. 

.وفي 7١‏ أغسطس/ آبء تنظم الشبيبة اليهودية تظاهرة ضخمة بمناسبة دفن 
ضحية حوادث يوم ؟1١.‏ ويسير الموكب بمحاذاة أسوار المدينة العتيقة. وتحاول 
عناصر متهوّسة التغلغل في الأحياء العربية» بيد أن الشرطة تردها بقوة على 
أعقايها. 

وفي 77 أغسطس/ آبء وسعيًا إلى البحث عن تهدئة» يجتمع لوك بممثلي 
الطرفين» خاصة عوتي عبد الهادي وجمال الحسيني. من الجانب العربي» وإسحاق 


"7 


بن زقيء من الجانب الصهيوني” '). وبعد تبادل الشكايات المألوفة» يجري الاتفاق 
على مبدأ بيان مشتركء ولكن ليس على مضمونه. ويعرض العرب الاعتراف بحق 
اليهود في الذهاب إلى الحائط في مقابل الاعتراف بالحقوق الإسلامية في البراق. 
ويرى اليهود أنهم ليسوا مفوّضين للتوقيع على اتفاق كهذا وأنهم لا يريدون سوى 
إصدار نداء يدعو إلى التزام السكينة. وهذه المرةء يرفض العرب نلك. ويقبل 
الطرفان استئناف الحوار في الأسبوع التالي- 

ومع أن لوك قد عاد إليه الاطمئنان بالأحرىء فإنه يحتاط مع ذلك بطلب 
تعزيزات من شرق الأردن. 
الأحداث 


أحداث يوم77 أغسطس/ آب الحرج والأيام التالية ذات تعقيد نادر. فيوم *” 
يوم جمعة» أي يوم صلاة المسلمين الجماعية الأسبوعية. وعدد المسصلين أكثر 
بكثير من المعتاد. وكثيرون منهم ليسوا من سكان القدسء بل فلاحون جاعوا بهدف 
الدفاع عن الحرم ضد اليهود. ومن المستحيل معرفة ما إذا كان المفتي قد نظم هذا 
التدفق أو ما إذا كانت التعبئة عفوية على أثر التوتر الذي شهدته الأيام السابقة. وأا 
كان الأمرء فإن الجانب الأكبر منهم مسلح بالعصي والسكاكين. والحال أن التجار 
اليهودء وقد انزعجوا من مجيء هؤلاء الفلاحين المسلمين إلى المدينة بكل حريةء 
إنما يتصلون بالشرطة التي تقوم بطمأنتهم؛ فقد جرى اتخاذ جميع التدابير اللازنمة 
لحماية السكان*؟). 

وخلال الصلاة» قبل الظهيرة بقليل. تبدأ أعمال العنف باعتداءات على مارين 
يهود. وعلى الفورء تطلب الشرطة البريطانية من المفتي» الذي لم يغادر منزله في 
قطاع الحائط» أن يتدخل (لم يكن الخطيب في ذلك اليوم). فيذهب من فوره إلى 
المسجد الأقصى حيث يحييه المتظاهرون المسلمون باعتباره «سيف الدين». فيطلب 
من الخطيب إلقاء خطبة تدعو إلى الهدوء ويرسل رسالة عاجلة إلى الشرطة يطلب 
فيها تعزيز عدد رجال الشرطة بالقرب من الحرم وفي المدينة العتيقة. بيد أن 
محاولة التهدئة هذه تمنى بالفشلء, وء عند انتهاء الصلاة» يخطب متطرفون في 


الجمهورء ويتهمون الحاج أمين بعدم الإخلاص للقضية الإسلامية. فيدعو هذا 
الأخير' إلى تفرق التظاهرة: لكنه لا ينجح في التوصل إلى ذلك'*). 
ويخرج المتظاهرون من الحرم متجهين إلى الهجوم على الأحياء اليهودية. 
وفي اللحظة نفسهاء يجري قتل (اثنين أو ثلاثة) من المارة العرب في حي ميا 
شعاريم اليهودي”*). وهم أول القتلى في ذلك اليوم. وأيّا كان الأمرء فإن المسلمين 
يتجهون إلى الهجوم على الأحياء اليهوديةة؟): 
كانت تلك مشاهد مذبحة؛ فالعرب يذبحون أو يرجمون بالحجارة من يجدونه أمامهم. 
دون رحمة بالنساء والأطفال. وقد لاذ اليهود في غالبيتهم ببيوتهم وتمكنوا من الدفاع عن 
أنفسهم بالحجارة والطوبء بل إنهم قد ألقوا قطعا من أثاث بيوتهم على المعتدين الذين لم 
تكن معهم, لحسن الحظ, أسلحة نارية. وهو ما يفسر السبب في أن عدد الضحايا لم يكن جد 
مرتفع. 


وقد أمكن تجريد الشرطة بالكامل من أي قدرة على السيطرة على الوضع. 
وسرعان ما تدرك السلطات استحالة استخدام عناصرها العربية التي ترفض إطلاق 
النار على مواطنيها أو إخوتها في الديانة. فتلجأ إلى البريطانيين الموجودين في 
القدسء وبينهم طلاب من أكسفورد في رحلة أبحاث. وفي الوقت نفسهء. يجري 
إعلان حالة الطوارئ التي تجيز الاعتقال الفوري لأي شخص يحمل سلاخا. وقد 
جرئ توجيه نداءات إلى الحاميات البريطانية في مصر وشرق الأردن لإرسال 
تعزيزات على وجه السرعة. ويستعاد ما يشبه النظام في آخر النهارء بيد أن أعمال 
العنف تستمر خلال الليل» خاصة في ضواحي القدس. وصباح يوم 54”؛ وبنفضل 
وصول التعزيزات الأولى» ومن بينها مصفحاتء تتمكن السلطات من استعادة 
السيطرة على المدينة'*). لكن الصدامات بين الجماعتين تستمر لعدة أيام أخرى في 
ضواحي المدينة. 

والحال أن مجيء عديدين من الريفيين إلى القدس يوم "7 إنما يشير إلى 
احتدام غضب السكان المسلمين. وإذا كان هناك تعمد لارتكاب أعمال العنف» فإنه 
لا يتعلق إلا بالقدس, لأنه في يوم "5" كانت بقية البلد هادئة. والشيء الممِيْزٌ هو 
الوضع في يافا. ففي ذلك اليوم» نجد أن الشيخ مظفرء جد الجذريء هو المكدّف 


5.؟ 


بإلقاء الخطبة في جامع المدينة الكبير. ومما يثير عجب الجميع أن خطبته تسعى 
إلى تهدئة الخواطر(:. 
وقد تصور كثيرون من المراقبين أن انتشار القلاقل راجع إلى فعل رسل 
سرئيين جاعوا من القدس. والأبسط هو أن نأخذ بعين الاعتبار واقع أن التوتر كان 
معسّمًا في كل فلسطين اعتبارًا من ١©‏ أغسطس/ آب وأن السكان كانوا متحرقين 
إلى معرفة ما يحدث في القدس. وفي كل مدينة مهمةء كانت الأخبار تصل عن 
طريق مواقف السيارات» بما يعد نتيجة غير متوقعة لثورة الأتوموبيلات» وقد تجمع 
الناس حول المساجدا””). وعندئذ فإن كل مركز حضري إنما يصبح مركزا مستقلاً 
للانتفاضة. وهكذا ففي يافا: 
يوم 4 ء انتشر نبأ في المدينة بأن عديدين من يهود تل أبيب قد اتجهوا إلى القدس 
مسلحين سعيًا إلى الانخراط في أعمال انتقامية ضد المسلمين. 
وعلى أثر اجتماع في المسجدء جرى إرسال رسل إلى الرملة واللد لاستنفار السكان 
والفلاحين والسير بهم إلى القدس. وفي غزة وبئر سبع؛ كان على رسل آخرين استفزاز 
المستوطنات اليهودية للقيام بعمل هجومي. 
وفي وجود هذا الوضع؛ قُطعت المواصلات مع القدس. 
والحال أن المسلمين. الغاضبين من إغلاق الطريق من جانب البريطانيين المرابطين 
في الرملة» قد اتهموا الشيخ مظفر بالخيانة وأهانوه وأوسعوه ضريًا... 


ويحاول المتظاهرون التسلل إلى تل أبيبء إلا أنه يجري صدهم. وكانت 
أعمال العنف في الأيام التالية محدودة وذلك بسبب تدخل الأعيان» بناء على طلب 
من الحاكم البريطاني» وبحكم الوصول السريع لبارجة بريطانية وجّهت مدافعها إلى 
المدينة. على أن عراكا عنيفا قد وقع يوم 75 عندما فتحت القوة البريطانية نيرانها 
على متظاهرين عرب كانوا متجهين إلى تل أبيب» وقد أدى إطلاق النار إلى سقوط 
عدة ضحايال””). ويظل التوتر قويًا يوم 075 لاسيما أن العناصر اليهودية تمارس 
أعمالاً انتقامية حيث «تطلق الرصاص على المارة المعتمرين بالطرابيش»7”*. 

ورواية زعيتر بالنسبة لما حدث في نابلس تبرز دور الناشفطين القوميين 
الشبان الذين يقومون بانتقالات مكوكية بين موقف السيارات والمساجد. وإن كانت 


"56 


هذه الراوية تشير أيضنا إلى انعدام أي تحضير للحركة. وكما في يافا في اليوم 
نفسهء يجري اتهام اليهود بذبح المسلمين في القدس. فيتجمع الجمهور ويزحف إلى 
ثكنة الشرطة طلبًا للسلاح. والصدامات عنيفة» لكن السلطات تنجح في احتواء 
المشاعر عبر بادرات رمزية. 

ما الحدث الأكثر دموية فهو يقع في الخليل» حيث يتلخص الوجود البريطاني 
في ضابط شرطة واحدء هو رايموند كافيراتاء ومبشرين عجوزين9"). وهذه المدينة 
التي تضم عشرين ألف نسمة من السكان معروفة بأنها مركز للنزعة المحافقة 
الدينية الإسلامية. والمئات القليلة من السكان اليهود تتألف من سيفارديين مستقرين 
في المدينة منذ زمن جد بعيد وكانوا مشمولين بالحماية الفرنسية إلى عام 
264 > . وخلال القرن التاسع عشرء انضم إليهم عدد من الأشكيناز. والعلاقات 
بين الطائفتين معقدة. فالمناكفات العديدة مع اليهود قبل عام ١1١5‏ قد اتخذت طابعًا 
معاديًا للصهيونية مع بداية الانتداب. على أن قدرًا من الاختلاط الاجتماعي [بين 
الطائفتين] يظل موجوذا وغالبية اليهود مستأجرون في بيوت يملكها عرب. 

ومساء ؟١‏ أغسطس/ آبء. تصل الأنباء الأولى عن أحداث القدس عبر 
المسافرين القادمين منهاء حيث يتردد الاتهام المعتاد نفسه بارتكاب اليهود مذبحة 
ضد العرب. ويحاول الضابط البريطاني تهدئة السكان. ويتصاعد التوتر بسرعة 
فائقة في المدينة بينما يطلب كافيراتاء عبثاء تعزيزات من القدس ... وهو يتلقسى 
وعودا من غزة ويافا. 

وصباح يوم 854 تهب جماعة من السكان المسلمين إلى نجدة القدسء الأمسر 
الذي يزيح عبئًا جسيمًا عن كاهل الشرطة المحلية التي تجد في ذلك عزاءً كبيرًا. 
ونحو الساعة الثامنة والنصفء تقع الهجمات الأولى على البيوت اليهودية. فيصدر 
كافيراتا الأمر إلى شرطييه العرب بإطلاق النار على الجمهور. وهم ينفذون الأمرء 
لكنهم لا ينجحون في الحيلولة دون اقتحام عدة بيوت7”). ويستمر الشغب ساعتين» 
حيث يؤدي إلى مصرع 537 يهوديّاء بينهم 7 امرأة و" أطفال دون الخامسة مسن 
العمر. وكان يمكن للمذبحة أن تكون أفظع بكثير لولا موقف الجيران العرب الذين 
فتحوا أبواب بيوتهم للجانب الرئيسي من يهود المدينة وقاموا بحمايتهم» معرضين 
حيواتهم هم للخطر. ومما له دلالته أنه في حين أن الغالبية العظمى من الطائفة 


”1 


اليهودية سيفاردية» فإن أغلب الضحايا كانوا من المنحدرين من وسط أوروباء وهو 
ما يسمح بافتراض أن الاختلاط الاجتماعي القديم قد لعب دورا ملحوظًا. 

ومذبحة صفد تالية لمذبحة الخليل بيومين. ففي صباح يوم 54: يجتمع 
الجمهور في المسجد بمجرد انتشار خبر مفاده أن اليهود بسبيلهم إلى الاستيلاء على 
البراق. والحال أن ضابط الشرطة البريطانيء وقد أفلت زمام الموقف من يديه. 
إنما يحاول التراضي مع المتظاهرين. ولا تسمح مكالمة تليفونية مع المجلس 
الإسلامي الأعلى في القدس بمعرفة حقيقة الوضع في المدينة المقدسة. فيغزو 
الجمهور الأحياء اليهودية» حيث ينزوي السكان في بيوتهم. ويوم 5؟. تتمكن 
الشرطة؛ وقد حصلت على تعزيزات» من تفريق تظاهرة بالقوةل”). وهكذا يظفل 
الوضع متوتر! إلى يوم 59. قفي ذلك اليوم» يجري غزو الأحياء اليهودية من جديد 
ويلقي عشرون من السكان مصرعهم في ظروف بشعة. ويهرب المسئولون عن 
المذبحة إلى الأحراش ويلجأون إلى جنوبي لبنان. وبعد ذلك ببضعة أسابيع» سوف 
يحاولون الاتصال بالسلطات الفرنسية طالبين الحماية وتشجيعًا على محاربة 
الإنجليز. لكن الفرنسيين يردونء متعففين» بعدم جواز سماع هذه الدعوى*”. 

والبؤرة الكبيرة الأخرى هي حيفا. فالعنف فيها لا ينشب إلا يوم 5؟ بين 
الأحياء العربية واليهودية. وفي مرحلة أولى» يتغلب العرب» مجبرين اليهود على 
ترك بعض مستوطناتهم. وفي يوم 78: يسمح نزول جنود البحرية البريطانية» لقاء 
اختبار قوة قاس» باستعادة السيطرة على المدينة. وفي الأيام التالية» يظل التوتر 
خصائص وأصداء الأحداث 

خلال الأيام الأولى» تصور المراقبون أنهم بإزاء حركة منظمة من جانب 
المفتي» ثم أدركواء أمام اتساع الحركة» أنه لو كان هناك تنسيق حقيقي لفقد 
البريطانيون في التو والحال السيطرة على مجمل فلسطين. على أنهم قد اتهموا 
المفتي مع ذلك بأنه قد حاولء عبر رسل سريينء مد التمرد إلى مجمل البلد. ومما 
له دلالته أن هذه الأطروحة التي تتحدث عن موامرة قد جرى التخلي عنها منذ 
أواخر أغسطس/ آب لصالح تفسير سوسيولوجي وسياسي. فمنذ الأول من سبتمبر/ 


"17 


أيلول: قدّم مدير قنصلية فرتسا التحليل التالي: إن مسألة الحائط ومسألة مؤتمر 
زيورخ ليستا غير السببين الظاهريين للصدامء فهما مجرد ذريعتين1”): 
تتصل الأسباب العميقة باستياء العرب حيال تقدم الصهيونية؛ حيال التسسلل البطسيء 
لهؤلاء الأغراب الذين يريدون أن يُوجدوا هنا مقامًا قوميًا وأن يصبحواء شيا فشيئاء سادة 
للبلد. والحال أن العرب يزعمون أن فلسطين ملكهم وأن الصهيونيين دخلاء؛ يجب طردهم 
مهما كان الثمن. 
ومن ثم فإننا لسنا بإزاء نزاع دينيء بل بإزاء نزاع سياسي. 


والحاصل أن كَتَّاب المذكرات العربء كدروزه أو زعيترء يرون أن الأعمال 
التي جرى ارتكابها خلال حوادث العنف تعد مشروعة تمامًا ويلتزنمون الصمت 
حيال واقع أن الضحايا كانوا بالأخص مدنيين غُْلاً ونساء وأطفالاء في حين أنهم 
يعبرون عن غضبهم حيال الأعمال الانتقامية اليهودية. وهم لا يتحدثون في أي 
مكان عن تحضير منسق لانتفاضة» حتى وإن كانوا يعترفون للمفتي بدور رئيسي 

في الشهور السابقة في الدقاع عن البراق. ودروزه هو الوحيد الذي زعم أن الحاج 
أمين قد لعب دور منظّمٍ لأحداث القدسء وهو ما يتعارض مع ما ذهب إليه 
المؤرخون الا 'حدث7”"). بيد أنه لا يقدم تفاصيل. ثم إن المعني نفسه. في أحاديثه أو 
في مذكراته التي نشرت بعد عدة عقود من الأحداث7'')؛ لم يزعم قط أنه قام 
بالتحضير لأعمال العنف هذه أو بتنظيمها. والتفسير العربي منشورء منذ 5١‏ 
أغسطس/ آب ».١1553‏ في بيان طبعته في القدس لجنة الدفاع وموجّه إلى العالم 
الإسلامي. وبحسب هذا البيان» فإن اليهود هم الذين أثاروا الفتنة في فلسطين سعيًا 
إلى الاستيلاء على البراق والمسجد الأقصى. وهم المسئولون عن أعمال العنف. 
فالمسلمون لم يفعلوا سوى الدفاع عن أنفسهم وكانوا ضحايا فظائع ارتكبها اليهود 
والقوات البريطانية. وقد ظلت هذه الرواية للأحداث سائدة في الكتابات الإسلامية 
إلى اليوم. 

ومن الواضح أن التوتر الذي خلقته تظاهرة ١6‏ أغسطس/ آب كان السبب 
المباشر لقلاقل الأسبوع التالي. وكما أشرنا أعلاه» فإن منشأ العنف خارج القدس 
يرجع إلى الشائعات التي روّجها المسافرون القادمون من تلك المدينة. وقد تمثل 


لفق 


خطأ فادح بشكل خاص من جائنب السلطات البريطانية في قطع الاتصالات 
التليفونية بين العاصمة والمدن الأخرى في فلسطين وحظر نشر الصحف العربية» 
إذ لم تترك للجمهور سوى صحيفة رسمية ذات مضمون يتميز بالتهرب على نحو 
خاص [من توضيح مجريات الأمور] ("). ومن ثم فقد كان من المستحيل معرفة 
الوضع الفعلي في المدينة المقدسة. فساد الاعتقاد في كل مكان بأن اليهود قد 
استولوا على الأماكن المقدسة الإسلامية» ومن هنا غضب المتظاهرين وأعمال 
العنف التي قاموا بها 

وسرعان ما تبدل الفاعلون. فخلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أغسطس/ 
آبء نجد أن المحتجين المسلمين قد جاءعوا بالأخص من أوساط الشبيبة المسلمة 
المتعلمة. وبالمقابل» في ١”‏ أغسطس/ آب في القدس وفي يوم 74 في الخليل» نجد 
أن الفلاحين قد قدموا الجانب الرئيسي من مرتكبي أعمال الشغب. أمّا في نابلس. 
فقد كانت الحركة حضرية أساسًا ولم ينجح الشبان المتعلمون في انتسزاع قيادتها. 
وفي يافاء بالمقابل» يبدو أن عملهم كان حاسماء بيد أن الفلاحين قد وسّعوا ساحة 
المواجهات ومدوها إلى منطقة بيارات البرتقال. وفي حيفا وصفدء لعبت العناصر 
القادمة من خارج المدينتين دور! رئيسيًا في المواجهات. 

واعتبارًا من ١‏ أغسطس/ آبء تخشى السلطات بشكل أخص من احتمال 
انضمام البدو إلى الحركة. والواقع أن جماعات قادمة من شرق الأردن كانت قد 
تحركت باتجاه فلسطينء لكن التحرك المشترك لقوات الشرطة والسلاح الجوي أدى 
إلى تفريق التجمعات. 

وبالرغم من التوتر الذي شهدته الأسابيع السابقة» فإن حكومة فلسطين قد 
فوجتت بانفجار أعمال العنف وبامتداده إلى مجمل البلد. والحال أن لوكء الذي 
يمارس مهام المندوب السامي بصورة مؤقتة» قد اضطر إلى التصرف بشكل 
ارتجالي على نحو دائم. وانتظارًا لوصول تعزيرات؛ قام بتسليح البريطانيين 
الموجودين» جاعلا منهم قوات شرطة مساعدة. وهو يطرح على نفسه في التو 
والحال مسألة تسليح اليهود. وفي مرحلة أولى» انضم الجنود اليهود السابقون في 
الجيش البريطاني إلى قوات الشرطة المساعدة ولجأوا إلى إنزال أعمال انتقامية 
بالسكان العرب» حيث قتلوا بشكل خاص أربعة مسيحيين في القدس7'). وقد طالب 


"1 


البطاركة والمفتي بنزع سلاح الجنود اليهود. والحال أن لوك؛ بعد أن تشاور مع 
المسئولين المدنيين والعسكريين» قد آثر الرضوخ لهذا المطلب خوفًا من أن تكتسب 
الانتفاضة قوة جديدة!''). وقد ظهر أن خوفه له ما يبرره؛ لآن بععض رجال 
الشرطة اليهود العاملين قد تعمدواء في بعض الحالاتء قتل مدنيين عرب بدافع من 
الرغبة في الانتقام. 

وقد سارع الموظفون البريطانيون إلى التأكيد على أن مثل هذه الأحداث ما 
كان لها أن تحدث في عهد اللورد بلامرء الذي كانت شخصيته القوية كافية لإيقاف 
سكان فلسطين عند حدهم: غير أنهم اضطروا إلى الاعتراف بأن المسئول الرئيسي 
عن الضعف العددي لقوات حفظ النظام هو المندوب السامي السابق- 

وخلال الأسبوع الدامي الممتد من ؟” إلى ٠١‏ أغسطس/ آبء كان الجانب 
الرئيسي من القيادة الصهيونية موجوذا في أوروبا. والحال أنهاء قي تفسيرها 
للأحداث من زاوية تجربة اليهود التاريخية المأساوية» قد سارعت إلى اتهام 
البريطانيين بأنهم قد تركوا الحبل على الغارب لارتكاب «مذبحة تستهدف اليهود» 
في فلسطين7”"). ومنذ أواخر أغسطس/ آبء تطالب الصحافة الصهيونية برحيل 
موظفين «ممالئين للعرب» في حكومة فلسطينء هم ورثة للورانس ولفيلبي اللذين 
«عملا دومًا على إيقاء العداوة فيما بين اليهود والعربء لاقتناعهما بأن من شأن 
هذه السياسة أن تخدم مصلحة الإنجليز»07"). وفي لندنء يكرر الصناعي اليهودي 
اللورد ملتشيت هذا الاتهام في رسالة إلى اللورد باسفيلد» سكرتير الدولة لوزارة 
المستعمراتء مؤرّخة في ١5‏ أغسطس/ آب7"). وهو يطالب باعتقال الحاج أمين» 
باعتباره المسئول الرئيسي عن القلاقل؛ وإن كان يرى فيه أيضًا المنظم الرئيمسي 
السري لجميع الأعمال المعادية للبريطانيين في مصر والعراق و«بلاد العرب». 
وهو يرى أن معاداة الصهيونية ليست سوى ذريعة: فمن المغرب الأقصى إلى 
الهند» أصبح المسلمون مستعدين لتحدي الهيمنة الغربية. وهو يكرر هذه التيمات 
في اجتماعات عامة. 

وكثيرون يتقاسمون هذا الخوف من انتفاضة واسعة معادية للاستعمار. 
فالسلطات الفرنسية في بيروت منزعجة من خطر امتداد الانتفاضة الفلسطينية إلى 
الانتداب المجاور. وفي 7١‏ أغسطس/ آبء نجد أن تظاهرة تضامن في دمشق إنما 


"1 


تنتهي بمواجهات عنيفة مع الشرطة؛ وقد لجأت سلطات الانتداب إلى استنفار 
الجيش. وفي الأيام التاليةء جرى حظر التظاهرات7). كما جرى اتخاذ ترتييات 
لإغلاق الحدود مع فلسطين. أمّا مشاركة المسيحيين في حركة الاحتجاج فهي تذهل 
الفرنسيين. فيصرحون في أواخر الشهر بالتظاهرات شريطة أن تكون معادية 
للصهيونية (ومعادية للبريطانيين) فقط وألا تشكك في مشروعية انتدابهم هم. 

وخارج الشرق الأدنى» توضح الوكالة اليهودية مخاوفها فيما يتعلق بأصداء 
الأحداث على يهود الشمال الأفريقي» خاصة يهود المغرب الأقصى. فالمسلمون 
المغاربة قد تضامنوا على الفور مع مسلمي الشرق الأدنى. وتعد باريس بتنبيه 
السلطات المختصةل''). ويجري تبادل الرسائل حول هذا الموضوع مع الولاة 
الفرنسيين الذين يحكمون الشمال الأفريقي. ويكتب سفير فرنسا لدى موسكو تقارير 
عن تشجيعات الصحافة السوقييتية للنزعة القومية العربية» بينما يكتب بول كلوديل» 
السفير [الفرنسي] لدى واشنطونء تقارير عن ردود فعل اليهود الأميركيين 

عَجّلَ المندوب السامي بعودته إلى فلسطين. وفي الأول من سبتمبر/ أيلول» 
يتوجه بالخطاب إلى السكان. فيعبر عن سخطه حيال «الفظ ائع التي اقترفتها 
عصابات من المجرمين الدمويين ضد السكان اليهود العزّل» دون مراعاة للعمر أو 
الجنس» وهي أعمال ترافقتء. كما في الخليل» مع اعتداءات ذات وحشية لا توصف 
وإشعال حرائق في البيوت في المدينة والريفء والقيام بأعمال سلب ونهب وتدمير 
للممتلكات». وهو يعلن عزمه على أن يعاقب المذنبين باقتراف أعمال عنف عقابا 
قاسيًا. ومن غير الوارد الآن الحديث عن حكم نيابي في فلسلين. 

وهذه الرسالة تستثير غضب المسلمين» الذين يردون بذكر أعمال العنف التي 
جرى ارتكابها ضد السكان العرب7""). وهم يتهمون الإدارة البريطانية بالتحيز و» 
بما يتجاوز إطار الأماكن المقدسة؛ يطالبون بإلغاء تصريح بلفور وبإقامة مؤسسات 
تمثيلية. وفي © سبتمبر/ أيلول» تجتمع اللجنة التنفيذية العربية في القدس لتقرر 
إرسال وفد إلى لندن لهذا الغرض. وتتوافق قصوية المطالب مع ضرورة التوصل 
إلى برنامج مشترك بين أنصار الحسينيين وأنصار النشاشيبيين!؟”. 


"1 


والحال أن المندوب الساميء؛ وقد أصابه الانزعاج؛ إنما يتراجع. قفي بيان 
صادر في 4 سبتمبر/ أيلول؛ يؤكد أن القمع سوف يقرره قضاة بريطانيون وأن 
جميع المذنبين بارتكاب الفظائع؛ من اليهود والعرب على حدٌ سواءء سوف ينزل 
بهم العقاب!”"). وسوف يتلو ذلك مشهد بغيض بشكل خاص: فبما أن الصحافة 
اليهودية تتهم عرب الخليل.بالتمثيل بجثث الضحايا اليهودء فإن العرب يطالبون 
باستخراج جثث الضحايا لفحصها طبيًال'). وسوف يكسبون دعواهم» لكان حالة 
تحلل الجثث لن تسمح بحسم مسالة التمثيل بها. 

ويعلن المندوب السامي» في تتمة نصه.» عن قرب وصول لجنة تحقيق 
بريطانية. وهو يستقبل وفذا من العرب ليدعوهم إلى التوقف عن الجدل حول معنى 
البيانات البريطانية وإلى الانكباب على تحضير دفاعهم أمام لجنة التحقيق القادمة. 
ويرد العرب بتدشين مقاطعة معمّمة للمنتجات اليهودية» ويفعل اليهود الشيء نفسه 
بالنسبة للمنتجات العربية". 

وفي ذلك الوقتء يستعاد النظام تقريبًا بعد تفريق التجمعات البدوية. وييدو 
تشانسلور متفائلاً أمام مدير قنصلية فرنسا في القدس7”'): إن كل شيء سرعان ما 
سوف يعود إلى النظام» وسرعان ما سوف تقتصر القوات على عمليات يوليسية 
للبحث عن المجرمين وتوقيع غرامات على بعض القرى. ولهذا الغرض» سوف 
يقوم المندوب السامي بإدخال تعديل ملحوظ على روح القانون فيما يتعلق بالعقوبات 
الجماعية. ففي البداية» يتعلق الأمر بالمعاقبة عن الجرائم التي فجرتها الثارات التي 
لا حصر لها والتي يتميز بها هذا المجتمع المتوسطي: فعندما تكون هناك اعتداءات 
على ممتلكات أو أشخاص جماعة معينة (عشائرء قرى)ء سيجري فرض غرامة 
فادحة على الجماعة المفترض أنها هي التي اقترفت الاعتداء. والمقصود بهذه 
الغرامة هو استخدامها في التعويض عن الخسائر التي حدثت7"). وهذا الإجراءء 
الممارس في المستعمرات البريطانية في أفريقياء يتناسب نسبيًا مع المجتمع المحلي» 
فهو يعيد إنتاج ممارسات التعويض القديمة» وإن كان مع الفارق الملحوظ الذي 
يتمثل في أن التعويض كان يتم التفاوض عليه بين الجماعات من خلال محكّمين 
مقبولين من الأطراف. والحال أن كيش والمسئولين الصهيونيين الآخرين إنما 


"1 


يطالبون بالتطبيق الصارم لهذا القانون سعيًا إلى الحصول على تعويضات مهمة. 
ويترك تشانسلور تطبيقه لمباشري الأقضية. 

ويندد العربُ بانعدام العدالة. والحوار صعب لاسيما أن الفاعلين يجدون 
أنفسهم في وضع مقلوب. ففي حالة منطق التعويضء لابد لواقع أن عدد القتلى 
اليهود يرتفع إلى ١75‏ في مقابل ١77‏ من العرب وأن عدد الجرحى يرتفع إلى 
٠‏ في مقابل 74٠‏ (ما يقلل من عدد الجرحى العرب هو واقع أن فريقا منهم لم 
يخبروا السلطات بإصاباتهم) من أن يفضي إلى انعدام اتخاذ إجراءات قضائية. 
ويرى البريطانيون أن القانون يفرض نفسه وأنه لابد من معاقبة جميع المذنبين. 
وبالمقابل» فإن العقوبات الجماعية» القائمة على منطق التعويض نفسه. والذي 
ترفضه سلطة الانتداب فيما يتعلق بالأشخاصء إنما تبدو بالنسبة للعرب كنفي 
للقانون الحديث... 

وضمن منطق التوترء تجد الصحافة العربية مسئولاً مناسيًا عما يجري النظر 
إليه باعتباره عملاً من جانب السلطة لا يمكن اغتفاره. فهي تهاجم بنتفيتش: الذي 
تحدده باعتباره ملهم هذا القانون الاستثنائي. ومركز المدعي العام يصاب بالضعف 
لاسيما أنه لا يتمتع بثقة المندوب السامي. ولا يتعلق الأمر بمسألة القمع؛ بل بمسألة 
القانون الزراعي. فتشانسلور بسبيله إلى أن يبلور لنفسه قناعة بأن مصدر التململ 
ينبع من بيع الأراضي لليهود. وهو يفكر في قانون تقييدي يعارضه «وزير»ه 
المستول عن العدل. وتتدهور العلاقات فيما بين الرجلين. فيصل الأمر بالمندوب 
السامي؛ الذي يتمتع بدعم من كبار الموظفين الآخرين» إلى تصور أن من المفروغ 
منه أن أي يهودي لا يمكنه أن يحرص حقا على المصالح البريطانية7"). وفي 
اللحظة المباشرة» لا يمكن [للمندوب السامي] إعطاء انطباع بأنه يرضخ للعرب لو 
ضحى بمدعيه العام. 

ولا تغيب هشاشة المركز البريطاني عن تشانسلور. فمن المؤكد أنه قد استعاد 
السيطرة على البلد بفضل ت تدفق التعزيزات: بيد أن هذا لا يمكنه أن يكون حلا 
دائمًا. وهو يعترف ببراءة لقنصل فرنسا: إن من المؤكد أن داقع الضرائب 
البريطاني ليس مستعدا لأن يستمر طويلاً في دفع تكاليف وجود حامية قوية9". 
والحال أن الخطاب العربي قد تغير. فالنبرة قد أصبحت معادية للبريطانيين بعنف. 


14 


ويجري مزج إنجلترا بالصهيونية كعدو للعرب الفلسطينيين. والبرهان على ذلك هو 
موقف المفتي. ففي“تصريح أدلى به الحاج أمين لصحيفة ديلي إكسبريسء؛ لجأ 
الرجل إلى التهديد العربي والإسلامي7"": 
إننا بإزاء ثورة قومية قد يمتد صداها إلى مجمل بلاد العرب المسلمة. إننا بإزاء 
انتفاضة قومية كبرى تتجه فيها التعاطفات إليناء و. إذا ما تطلب الأمر ذلك. فسوف نتمتع 
بالدعم, ليس فقط من جانب عرب سوريا ومصر والشمال الأفريقي» وإنما أيضًا من جانب 
كل بلاد العرب. أي من جانب ٠١‏ مليونا من السكان. 


ولن يتسنى حفظ السلم إلا بقدر تغيير بريطانيا العظمى للسياسة المتبعة 

وسوف يحاول المندوب السامي قلب هذه السياسة وإن كان يبدو حازمًا بشكل 
خاص فيما يتعلق بملف القمع الذي يبلغ أوجه: اعتقالات وأحكام وعقوبات جماعية. 

وهكذا يجتمع بالمفتي في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 77575'*). فيشكو 
المعني من تحيز البريطانيين لصالح الصهيونيين في حين أن السكان العسرب في 
فلسطين كما في بقية الشرق الأدنى ما يزالون حسني النوايا تجاه بريطانيا العظمى. 
ويكمن ضعف العرب في غياب تمثيل سياسي لهم في أوروباء بينما يسيطر اليهود 
هناك. فمنذ ألفي عامء تسنى لهم النجاح في ذلك بفضل ميلهم إلى الدسائسء. كما 
تثبب- تيت تلك متعاكنة الزؤمان المية السوح: وعندما ينتقل المفتي إلى الحديث عن 
شكايات أكثر تحديذاء فإنه يهاجم بنتيش » المسئول عن ظلم المعاملات التي أنزلت 
بالعرب. ويدافع المندوب لاني يمر يزلياة دفاعًا فاتراء ويعد بأن يسهر 
. شخصيًا على أن تجري معاملة العرب بإنصاف. وهو ينتقل إلى ما يهممه بشكل 
مباشر: إصدار تصريح مشترك من جانب المسئولين اليهود والعرب يهدف إلى 
تهدئة الخواطر. وهو يترك وقنّا للحاج أمين لدراسة المسألة. 

وفي اليوم التالي» يستقبل المندوب السامي اللجنة التنفيذية العربية» التي تعبر 
عن الشكايات المعتادة ضد بنتقيتش. ومع أن تشانسلور يتولى الدفاع عنه؛ فإنه يؤكد 
أنه سوف يأخذ بعين الاعتبار الاحتجاجات التي قُنَمت إليه. وبعد نقاش طويل حول 
العدالة» يجري تناول مسألة لجنة التحقيق. فيؤكد المندوب السامي أنها سوف تكون 


ذالم 


غير متحيزة. ويعبر جمال الحسيني عن الانزعاجات العربية من الضغوط اليهودية 
أو غير اليهودية التي قد تحدث في لندن لصالح الصهيونية. وينتهي اللقاء بالحديث 
عن دراسة إصدار تصريح مشترك من جانب اليهود والعرب. 

وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول» يجتمع تشانسلور بالمفتي من جديد لمعالجة 
مسألة الحاتط('*). فيخبره بقرب تكوين «جهاز مكلف باتخاذ قرار بشأن هذه 
المسائل». فيؤكد له الحاج أمين رغبته في التعاون» مثلما فعل دائصًاء في حفظ 
النظام. وتصبح المناقشة تقانية» تتصل بممارسات مختلفة» مسموح بها أو غير 
مسموح بهاء تتعلق بالعبادات اليهودية. 

ويسعد المندوبُ السامي باستتناف الحوار مع المسئولين العربء لكنه؛ كالعادة» 
أكثر انزعاجًا من صعود السخط الذي يمتد إلى الطبقات الدنيا من المجتمع وإلى 
القرويين0"). إذ لا يجب التعامي عن خطر حدوث انفجار جديد أكثر عنفا بكثير. 
ومن المستحيل تخفيض حجم الحامية» بالرغم من التكاليف الباهظة المترتبة على 
وجودها. والحال أن يونسوء المندوب السامي الفرنسي في سوريا ولبنان» قد تصحه 
بتقديم تنازلات للعرب سعيًا إلى تجنب وقوع اضطراب جديدا". 

ويما أن شهر أكتوبر/ تشرين الأول تتخلله أعياد يهودية» فإن السلطات إنما 
تتخذ احتياطات استثنائية لتجنب وقوع حوادث عند الحائط7'*). ويحتج العرب على 
كل ما يبدو لهم بوصفه دلائل على رغبة في تحويل الموقع إلى معبد يهودي. 
وبالرغم من توتر الخواطر القويء لا تحدث مواجهات. على أن اللجنة التنفينية 
تنجح؛ في يوم 217 في تنظيم إضراب عام وتطالبء للمرة الأولىء بعزل 
تشانسلور7””). ونجد أن فاريل» وهو موظف إنجليزي في التعليم العامء يعاقب 
عشرين تلميذا من نابلس بالضرب بالخيزران لتكوينهم لجنة لمراقبة الالتزام بتنفيذ 
الإضراب. فتعقب ذلك صيحة احتجاجات صارخة في كل فلسطينء يتلوها يوم 
لمقاطعة المنشآت المدرسية!6. 
التظاهرة النسائية العربية الأولى!”) 


الحدث الأبرز هو التظاهرة السياسية النسائية الأولى في تاريخ فلسطين. ففي 
يوم 3١‏ أكتوبر/ تشرين الأول 1575» ينعقد في منزل عوني بك عبد الهادي 


"1 


مؤتمر لمنردات الستطاين؛ 'وكل المؤتمرات ينتمين إلى أوساط الأعيان. وتنتخب 
الحاضرات المائتان مكتبًا وتتخذن بالتصويت قرارات سياسية تستعيد التيمات 
المعتادة للقادة العرب (إلغاء تصريح بلفور» قضية بنتقيتش وقضية فاريل...). وهن 
يقسمن على القرآن والإنجيل بأن يقاطعن طيلة حياتهن اليهود ومن قد تكون لهم 
علاقة بهم» حتى وإن كانوا أزواجهن أو إخوتهن. ويشكلن وفذا برئاسة مسلمةء هي 
زوجة عوني عبد الهاديء ومسيحية» هي زوجة مغنم أفندي مغنم. وتستقبل الليدي 
تشانسلور الوفد. وبعد الظهرء تلجأ السيدات إلى الابتكار بالسير في أول تظاهرة 
بالأوتوموبيلات في تاريخ فلسطين. وهذه الحقيقة البسيطة تشير إلى أهمية ثورة 
توصت الجرية في اظارويينة ينواء العري تمي 
وتتقدم الموكب سيارات الشرطة وتتبعه سيارات غاصة بالشبان الوطنيين. 
وتخترق التظاهرة الشوارع الرئيسية في القدس. 
وفي المساءء يحرر المؤتمر خطابًا موجهَا إلى المندوب السامي: 
السيدات العربيات في فلسطين اللواتي حافظن على سكوتهن فيما يختص بالمطالب 
الوطنية؛ رأين الحالة في بلادهن قد وصلت إلى درجة خطيرة تقضي عليهن بالخروج عمسن 
الصمت. 
رأت السيدات العربيات بلادهن تجاه سياسة صهيونية جائرة أدت إلى الاضطرابات 
الخطيرة التي كان من ضحاياها الرجال والنساء معاء وقد أصبح الخطر في المسستقبل لا 
يتهدد الرجال فقط بل يتناول النساء أيضا بخلاف الأقطار الأخرى التي لا يوجد فيها خطر 
القتل إلا على الرجال في ميادين القتال فقط. 
ومن أجل هذا قد عقدن مؤتمرًا عاما في هذا اليوم» وآلين على أنفسهن إلا ببقين بعد 
الآن معتكفات, وأن يظللن يدافعن عن حقوق بلادهن إلى أن يلغى وعد بلفور والسياسة التي 
سارت بمقتضاه. وهن يعتقدن أنه حان الحين للدولة الإنكليزية أن تنظر بين الجد إلى 
الحالة الخطيرة التي نشأت عن تلك السياسة والتي جعلت هذه البلاد المقدسمة معرضة 
للأخطار والفواجع الدامية» والهلع المستمر في كل وقت وزمان. الأمر الذي لا يوجد في 
بقعة من بقاع الأرض. 


لذلك, فقد قررن الاحتجاج على وعد بلفور الذي هو السبب فيما حدث حتى الآن مسن 
الاضطرابات في هذه البلادء والذي سيكون سببا لحدوث اضطرابات مثلها أو أشد منها فسي 
المستقبل. مادام هذا الوعد موجودا. وقد قررن أيضا الاحتجاج على الأمور الآتية: 

١‏ عدم إيقاف المهاجرة الصهيونية في هذه الأيام بالنظر للأحوال الاقتصادية 


والسياسية السيئة. 
١‏ تطبيق قانون العقوبات المشتركة المخالف لجميع الشرائع المتمدنة وجعله شاملا 
لما قيله. 


بقاء المستر بنتويش على رأس النيابة العامة بالرغم من كونه صهيونيا يعمل 
لمصلحة اليهود ضد العرب. 

4 ضرب وتعذيب البوليس لموقوفي العرب. 

5 عدم مجازاة المستر فرل والمستر بيلي اللذين عملا على ضرب تلاميذ مدرسة 
نايلس من قبل البوليسء الأمر المخالف لأصول المدارس جميعها. 

1 تخصيص مبلغ عشرة آلاف جنيه لمنكوبي اليهود وعدم تخصيص أي مبلغ كان 
لمنكوبي العرب. 

إن السيدات العربيات؛ يا فخامة المندوب السامي؛ يرجون تبليغ احتجاجهن هذا إلسى 
حكومة جلانة ملك بريطانياء ويلتمسن اتباع سياسة في هذه البلاد أرشد من السياسة المتبعة 
اليوم نحو العرب. 


وفي مجتمع جد محافظ كمجتمع فلسطينء يشكل هذا الحدث قطيعة. وكما في 
مصرء فإن تحرر النساء السياسي إنما يمر عبر النضال القومي ومن خلال وسط 
الأعيان. وهكذا فإن الناشط السياسي زعيتر يحيّي في يومياته دور النساء في 
التربية القومية للشبيبة الفلسطينية» فهن يقمن بإعداد رجال الغدل"). وكان قد جرى 
التحضير للتظاهرة بعناية وقد نوقش تنظيمها مع سلطات الانتداب. وقفي ختام 
المؤتمرء جرى انتخاب لجنة تنفيذية للنساء العربيات. وهي» من حيث تكوينهاء 
قريبة من اللجنة التنفيذية العربية (فعدة زوجات لإعضائها ينتمين إليها) إلا أنه لا 
يمكن اعتبارها مجرد دمية بيد القوميين. ويتضح ذلك بجلاء تام من واقع أن 
الصراعات الفصائلية بين العائلات الكبرى غائبة عن الحركة النسائية!؟), 


يفف 


منذ 76 أغسطس/ آب.ء دعا ثايتسمان السلطات البريطانية إلى تشكيل لجنة 
تحقيق مستقلة تتولى تحديد المسئوليات عن القلاقل وإنزال القصاص بالمسئولين 
عنها. وفي 74 أغسطس/ آبء يطلب إلى اللورد باسفيلد إجراء تسوية فورية 
لمسألة الحائط7”'). وفي © سبتمبر/ أيلول» يلتقي برئيس الوزراء رمزي ماكدونالد 
ويهدد بالتنحي إذا لم تجر الاستجابة لمطالبه. وهو يتحدث عن سخط يهود أوروبا 
وأميركا الذين يوشكون على فقدان ثقتهم ببريطانيا العظمى. 

وفي " سبتمبر/ أيلول» تعلن وزارة المستعمرات عن تكوين لجنة التحقيق. 
وفي يوم 217 يتم تحديد مهمتها. إذ يتوجب عليها تقصي الحقائق فيما يتعلق 
بالأسباب المباشرة التي أدت إلى أعمال الشغب وتقديم توصيات فيما يتعلق بالتدابير 
الواجب اتخاذها لتجنب تكرار وقوعها. ويرأس اللجنة السير والتر شوء وهو 
حقوقي شهيرء وتضم ثلاثة أعضاء بالبرلمان» هم السير هنري بترتون (من حزب 
المحافظين) ور. هوبكن موريس (من حزب الأحرار) وهنري سنيل (مسن حزب 
العمال). 

وطموحات فايتسمان كبيرة. فهو يريد تطهيرًا لإدارة فلسطين مع استبعاد 
الموظفين المعادين للصهيونية» وزيادة لعدد تأشيرات الهجرة:؛ وإشراكًا معمّمَا 
لليهود في الإدارة وفي قوات الشرطة» واتخاذ موقف ودي حيال مشروعات الوكالة 
اليهودية» بوجه عام. وهو يعتقد أن لجنة التحقيق يجب أن تدرس الأسلوب الذي 
جرى اعتماده إلى الآن في تطبيق الانتداب» وإن كان لا يجب عليها الننظفر في 
أسس سياسة الانتداب. وهو يعرض أفكاره على رمزي ماكدونالد في لقاء تم عقسده 
في 75 سبتمبر/ أيلول!''). وعلى هذا الأساسء يستخدم تعبيرًا سوف يتكرر خلال 
عقود: بوسع الحكومة البريطانية أن تكون «وسيطًا نزيهًا» (+م,ة 0054ة) بين 
الصهيونيين والعرب» وما يعنيه بالفعل ليس حفنة «الأفندية الفلسطينيين»؛ يبل 
ممثلي الشعب العربي في بغداد أو دمشق أو القاهرة. فمن غير الوارد الاعتراف 
بأن العرب الفلسطينيين يمثلون شعبّاء فهم ليسوا غير فصيل من المجمل العربي 
الكبير الذي يجب أن يشعر بالامتنان لما يفعله البريطانيون من أجله. 


"7 


وفي البداية» نجد أن أطروحات الصهيونيين» التي يرددها أصدقاؤهم العديدون 
في دوائر السلطة("', تجد صدئ إيجابيًا لدى الحكومة. بيد أن تقارير المندوب 
السامي حول تدهور العلاقات مع العرب وحول تكلفة الإبقاء على قوات حفظ 
النظام سزعان ما تؤدي إلى تعديل المنظور. إذ يبدو أن المصالح المباشرة للسياسة 
البريطانية ومصالح الحركة الصهيونية لا تتطابق بالفعل. 

والمنهج الذي تختاره لجنة التحقيق هو منهج جلسات الاستماع 000 
العرب والصهيونيين وحكومة فلسطين. وسوف يشارك كل طرف في المناقشة 
خلال محامين يكون لهم الحق في مواجهة الشهود. وتتعاقد الوكالة اليهودية في 7 
والحال مع فريق من المحامين اللندنيين المشاهير. وتحصل اللجنة التنفيذية العربية 
على وضعية مساوية. ويهتم عوني عبد الهادي بالمسألة. فيتعاقد مع محام إنجليزي 
من لندن ثم يطلب إلى مكرم عبيدء السكرتير الشهير لحزب الوفد الممسصريء 
المجيء إلى القدسء فيمتنع مكرم عبيدء ويكتفي عبد الهادي بمحام إنجليزي في 
المحاكم المختلطة في مصر. أمّا هو نفسه فسوف يكون رجل القانون الثالشث في 
الطرف العربي. وتقوم حكومة فلسطين» من جهتهاء بتجنيد فريقها الحقوقي 
الخاص. 
خطة فيلبي الأولى والثنائية القومية ومشروع التقسيم إلى كانتونات 

طرحت أعمال العنف مسألة مستقبل فلسطين. فهناك شعور مشوّش بأن 
الانتداب على نحو ما عمل إلا الآن لم يعد صالحًا. وإذا كان قايتسمان يرى أن 
بوسع الحكومة البريطانية أن تكون «وسيطًا نزيهًاه على أساس الأمر الواقع 
الصهيوني؛ فإن نوعًا آخر من المفاوضات سوف يتكرر على مدار عقود سوف 
يعبر عن نفسه لأول مرة: ظهور وسيط يقدم نفسه بنفسه بهذه الصفة. ويتعلق الأمر 
في البداية بكابتن إنجليزيء هو كاننج؛ الذي يقدم نفسه بوصفه مستشارا سابقا لعبد 
الكريم خلال حرب الريف. ويستقبله القوميون العرب الذين يجعلونه يزور البلد. 
وهو يستخدم خطابًا معاديًا للإمبريالية» بيد أن محاوريه العرب يشتبهون بأنه عميل 
للاستخبارات البريطانية مكلف بتهدتة الغضب العربي على بريطانيا العظضمى9". 


ووجوده يزعج فايتسمان9'). وسوف يوجّه كاننج لدى عودته إلى لندن تقريًا إلى 


وزارة المستعمراتء التي لا تعتبره شخصنًا جادًا:"). 

ويصل الموضوع إلى ذروته مع عودة ظهور هوراشيو سان جون فيلبي7". 
فهذا المغامر والرحالة الشهير كان قد ترك الخدمة العامة بعد أن كان قد خلف 
ت.!.لورانس كممثل لحكومة فلسطين لدى عبد الله في عَمّان. وكان قد استقر في 
جدة وأعاد عقد علاقات مع ابن سعود ترجع إلى زمن الحرب العالمية الأولى. 
ولكي يكفل لنفسه دخلاء أصبح ممتل شركات تجارية أميركية وإنجليزية في بلاد 
العرب. وفي عام ١9117١»؛‏ سوف يتحول إلى اعتناق الإسلام وسوف يرتدي ملابس 
عربية. 

وبما أنه قريب من حزب العمالء فإنه يبتهج لوصول الحزب إلى ال سلطة. 
وبعد أن كان قد التقى اللورد باسفيلد وعرض عليه مشروعات تجارية ض خمةء 
ذهب إلى سورياء حيث قام القوميون العرب بتعريفه على فلسطينيين» في أكتوبر/ 
تشرين الأول .١1174‏ فيعتزم أن يصبح وسيطا في الملف الفلسطيني ويسافر إلى 
القدس. حيث يلتقي الحاج أمين» الذي يصغي إليه باهتمام. وعلى الجانب اليهودي؛ 
يلتقيه يهودا ماجنسء رئيس الجامعة العبرية» الذي انخرط في سعي لا يكل إلى 
التوفيق بين اليهود والعرب. والحال أن هذا الرجل المنحدر من اليهودية الأميركية 
التي دخل عليها الإصلاح.ء إنما يعد من دعاة المسالمة وقد سجن في الولايات 
المتحدة خلال الحرب العظمى بسبب آرائه. وماجنس قريب من جمعية تعمل من 
أجل حل توفيقي بين اليهود والعربء دون أن يكون عضوا في هذه الجمعية من 
الناحية الرسمية. والحال أن جمعية «تحالف السلام» (بريت شالوم) هذه التي يقل 
عدد أعضائها عن المائتين إنما تجند أعضاءها من أوساط المتقفين خاصة»؛ ذوي 
الأصل الألماني غالبا (هوجو برجمان» جيرشوم شوليم) ومن ممارسين للصهيونية 
كروبّينء «الأب الثاني» لليشوف (كان إدمون دو روتشايلد الأب الأول) 
وكالقاريسكي وثون. ويشارك في الجمعية موظفون يه ود بريطانيون كبنتقيتش 
وإدوين صمويلء ابن السير هربرت صمويل. ويرجع عدم وضوح الجماعة إلى 
واقع أنها مؤلّفة من أناس مشربين بقناعات أخلاقية إلى جانب كونهم مشربين 


بنزعة براجماتية مدركة لعلاقات القوى الكائنة بين اليهود والعرب (يعبارة أخرى. 
سوف يتركون الحركة عندما تتغير هذه العلاقة بشكل ملحوظ لصالح الصهيونين). 

وعلى مدار عدة أيام» يقوم فيلبي بجولات مكوكية بين ماجنس والحاج أمين. 
وينجم عن ذلك مشروع اتفاق ينص على أن يتم حكم فلسطين من خلال مجلس 
تشريعي ومجلس وزراء على أن يتم تمثيل اليهود والعرب فيهما بحسب نسبة عدد 
كل منهم من إجمالي السكان. وينص مشروع الاتفاق على أن يحتفظ المندوب 
السامي بحق النقض وعلى السماح بالهجرة بما يتماشى مع طاقة الاستيعاب. كما 
ينص على أن كل طائفة من الطوائف الثلاثء اليهودية والمسامة والمسيحية» 
ستكون لها وكالتها الخاصة المسئولة عن تقديم المشورة إلى الحكومة. 

وشهادة دروزهء الذي شارك في المحادشات؛ شهادة قاطعة""*). فالمفتي 
ومساعدوه قد أخذوا مقترحات فيلبي مأخذ الجد. فقد رأوا فيها وسيلة للتوصل إلى 
الحكم الوطني الذي جرت المطالبة به في عام .١974‏ وضعف الهجرة [اليهودية] 
في الأعوام السابقة يجعلهم مطمئنين فيما يتعلق بحدود قدرة اليهود على أن يصبحوا 
أغلبية في فلسطين. وهم مستعدون لقبول مقام قومي يهودي ذي طابع رمزي ولا 
يهدد وجود فلسطين العربية. 

وينقل فيلبي مشروع الاتفاق إلى وزارة المستعمرات*"). لكن اللورد باس فيلد 
يمتنع عن الرد عليه. فإدارته غاضبة من اتخاذ مبادرة دون موافقتها. أمّا القيادة 
الصهيونية فهي تتمسك بامتناعها القديم بالفعل عن مناقشة مسألة حكومة نيابية. 
وفي هذا الأمر الذي انخرط فيه المفتي بالفعل» لا يوجد محاور صهيوني. أَمَّا فيما 
يتعلق بماجنسء فهو يواجه «صهيونية سياسية عسكرية وإمبريالية» لا يمكنها أن 
تنجح إلا بقوة 0 ولا أن تدوم إل من خلال الاضطهادء ب«صيهيونية روحية 
سلمية» أممية»: يمكنها الفوز من خلال التفاهم وحسن النوايا والتعاون. 

وقد تحدث مع تشانسلور بشكل مباشر عن محادثاته مع فيلبي9"). فقال إن من 
شأن الخطة أن تسمح لليهود بأن يكونوا عنصر سلام في المجتمع العربي كما أن 
من شأنها أن تسمح في اللحظة المباشرة بتفادي حمام دم مرّجح تمامًا. وقد رد عليه 
المندوب السامي بأنه يحيا في الوهم. فكراهية العرب لليهود عميقة الجذور إلى حد 


"1 


بعيد. ولا يمكن لليهود أن يشكلوا عنصر استقرار وسلام: والبرهان على ذلك هو 
ما حدث في روسيا. وفي فلسطين أيضاء هناك الكثير من العناصر اليهودية الثورية 
أو البولشقية ... ويرفض المندوب السامي تقديم دعمه. ويدعمه في موقفه تدخل 
ممثلي الوكالة اليهودية» الذين يشدّدون على واقع أن ماجنس لا يمثل سوى نفسه. 

وقد تحدث ماجنس في محادثته عن المليساردير اليهودي الكبير فيليكس 
واربورجء الذي يعد ماجنس أحد المقربين إليه. ويسعى الأخير إلى دفعه إلى 
التدخل كمؤيّد له. بيد أن واربورجء وقد انزعج من نبرة الأستاذ الجامعي 
التحذيرية» إنما يفضل الاتصال بقايتسمان. والحال أن رئيس الوكالة اليهودية» بعد 
أن اطمأن إلى تمتعه بالتأييد من جانب جيمس وإدمون دو روتشايلد ومجممل 
المسئولين الصهيونيين في أوروباء إنما يوضح أن تحرك ماجنس خطير بشكل 
خاص في سياق لجنة التحقيق وأن من غير الممكن التفكير في محادثات مع العرب 
إلا بعد نشر تقرير اللجنة!:”'). وهو يحذر من خطر الرضوخ للابتزاز العربي: إن 
المفاوضات لن تكون ممكنة إلا من موقع قوة. وتحركه يسمح بعزل ماجنس كلا 
عن الشخصيات اليهودية الرئيسية في الدياسبورا. 

وعندئذ يتجه ماجنس إلى بريت شالوم سعيًا إلى شن حملة لصالح الثنائية 
القوميةا'''). وهو يوصي بالمطالبة علنا بإلغاء تصريح بلفور تأييذا لتكوين 
«مقامين قوميين»» واحد عربي وآخر يهوديء يتعاونان في إنماء البلد. ويتوجب أن 
يؤدي هذا كله إلى إدارة مشتركة من جانب أمتين وفق النموذج السويسري أو 
الكندي. فالمقصود هو أن يكون المرء «فلسطينيًا» قبل أن يكون يهوديًا أو عربيًا. 
وتجربة القلاقل تشير إلى أن اليهود لا يمكنهم أن يظلوا إلى الأبد تحت حماية 
القوات البريطانية. وبدرر روبّين موقفه باعتبارات ديموغرافية7”'): فلا شيء 
يسمح بالأمل خلال السنوات الثلاثين القادمة بأن من الممكن أن يصبح اليهود أغلبية 
في فلسطين. 

وكان الزعيم الاشتراكي بن جوريون قد تأثر بشخصية ماجنس القوية. 
فالقلاقل قد جعلته يدرك ضرورة إعادة تعريف العلاقات بين اليهود والعرب. وهو 
يرفض غريزيًا خطة فيلبي: فاليهود لم يأتوا إلى فلسطين لأجل تأييد وضعيتهم 
كأقلية. ولا يمكن لمنفى أن يكون بديلاً عن منفى آخر. ويصوغ بن جوريون بشكل 


ا" 


محموم خطة مضادة قادرة في رأيه على إرضاء الطرفين. فهو يرى أن من غير 
الممكن أن تكون هناك إدارة مشتركة» بل يمكن أن يقوم «كانتونان» مستقلان نسبيًا 
يدير كل منهما شئونه الخاصة ويتعاونان مع السلطة البريطانية التي يجب أن 
تحتفظ بالسيطرة على مجالي الأمن (الشرطة» الجيش) والسياسة الخارجية. ومسن 
شأن هذا كله أن يقود إلى فيديرالية ترأسها حكومة ثلاثية من تسعة أعضاء: ثلاشة 
بريطانيين وثلاثة يهود وثلاثة عرب. ومن غير الوارد الحديث عن تكوين برلمان 
فيديرالي. 
وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول» ينقل الاعتراض إلى اجتماع لبريت 
شالوم7"'). وهو يربط «المسألة اليهودية» ب«المشكلة العربية» (يرى بن 
جوريون أن أول انتصار للصهيونية هو تحويلها المسألة اليهودية إلى مشكلة 
عربية). وهو يرفض أطروحات روبَّين: إن من شأن هجرة سنوية قوامها١٠٠. ٠١‏ 
شابًا أن تحقق الأغلبية لليهود خلال اثنتي عشرة سنة. وفكرة الدولة ثنائية القومية 
في فلسطين ليست ذات مضمون سياسيء لأنها لا تراعي واقع أن يهود وعرب 
فلسطين لا يمثل كل طرف منهما سوى فصيل من شعب أكبر. وفي كنداء تجد أن 
الحقوق القومية للفرنسيين لا تخص سوى فرنسيي كندا وليس مجمل الفرنسيين في 
العالم. وبالمثل؛ لا يتعلق الأمر في سويسرا إلا بإيطاليين وفرنسيين وألمان 
سويسريينء لا كل الشعوب الثلاثة. ولا تراعي الثنائية القومية حق يهود الدياسبورا 
في «الصعود» إلى إيريتز إسرائيل. ومن شأن أقلية يهودية في فلسطين أن تجازف 
بأن تلقى مصير الجماعة اليهودية في الخليل. ومن الواضح أنه لابد من الاعتراف 
بحقوق للعرب الذين يحيون في فلسطينء لكن هذه الحقوق لا يمكن أن تكون مطابقة 
لحقوق اليهود. وذلك لأن الأمة العربية تتمتع بأراض شاسعة خارج فلسطين تسمح 
لها ببناء ثقافتها القومية وبتأمين إحياء دولتهاء في حين أن اليهود لا يملكون سوى 
فلسطين: 
علينا صون المساواة في الحقوق لجيراننا العرب. إلا أنه سيكون من الزيف قول إن 
إيريتز إسرائيل تعني بالنسبة للعرب كما بالنسبة للشعب العبري شينًا واحدا. وإذا كان مفهوم 
الثنائية القومية يرتأي هذه المساواة الأخيرة فإنه سيمثل مخالفة للحقيقة تَبَطل هدفنا 
النهائي. وبدلاً من مصطلح جد معقد كهذاء فإنني اقترح: إن إيريتز إسرائيل تخص الشعب 


6 


العبري والعرب الذين يحيون فيها. وأي مشروع لدستور ينفي هذا الغرض الأساسي لا يمكن 
أن يكون صالحا. ومساعدة مشروع يهمل حق الأمة العبرية في الوجود إنما تعني التخلي 
عن الأمل الوحيد للشعب اليهودي. 
وأنا أعارض مشروع الجمعية التشريعية. وليس فقط من وجهة نظر يهودية. فمن 
وجهة النظر هذه يتعارض أي نظام يقام استنادا إلى الوضع القائم مع نظرية وممارسة 
الصهيونية. ومثل هذا النظام لا يعني حتى دولة ثنائية القومية بل يعني دولة عربية. 
وأنا أعارض قيام برلمان عربي ليس لأن العرب لن يكونوا قادرين على حكم أنفسهم 
بأنفسهم: فلو كان هذا هو السبب لأمكن إلغاء الكثير من البرلمانات في أورويا ! إن الخطر 
أكبر: فهذا البرلمان لن يمثل الشعب العربي؛ وهناك بلاد أخرى تدار أيضا من جانب حفنة 
من ملاك الأرض والرأسماليين. إنني أرفض أن يكون لعرب البلد الحق في أن يديروه 
وحدهم. ومن المناسب الاعتراف بالحقوق المدنية لعرب إيريتز إسرائيل وبمساواتهم القومية 
والسياسية الكاملة» ولكن ليس بحقهم في الانفراد بالحكم. 
وضمن منطق بن جوريون» يضع الرجل العرب الذين يسكنون قلسطين في 
تعارض مع مجمل الشعب اليهودي. وعبنًا يزعم الدعوة إلى تعاون» فما يسعى إليه 
في الواقع هو الانفصال: 
في المقام الأول؛ من المناسب دمقرطة الاستقلال النسبي البلدي في المدينة والقرية» 
وزيادة سلطات السلطات المحلية. ويجب إلغاء جميع القيود وضريبة حق الانتخاب. وبدلاً من 
الهيئات الانتخابية القائمة على الديانة» يجب تدشين انتخابات بحسب النسبة؛ء إلغاء البلديات 
المختلطة بقدر ما يكون ذلك ممكنًا. 
ويجب لما حدث في القدس أن يكون تنبيها لنا. فدساتس الموظقين البريطانيين 
والأفندية العرب هناك قد حولت أغلبية يهودية مهمة إلى أقلية تافهة. وبقدر دفاعي عن 
حقوق سكان القدس اليهود, فإنني أدافع عن حقوق غير اليهود. ومثلي الأعلى ليس سيطرة 
' الأغلبية اليهودية على الأقلية العربية في القدس. فأنا أرى أن الحل المناسب الوحيد هو 
بلدية عبرية تدير الأحياء اليهودية. أمّا جميع الشئون المشتركة» التي لا يمكن تقسيمها على 
قطاعات جغرافية. فيمكن أن تكون من اختصاص لجنة مختلطة تجمع بين البلديتين. 
وعلاوة على الاستقلال النسبي البلديء يجب لكل شعب ولكل جماعة أن يتمتعا بالحكم 
الذاتي القومي والجماعاتي. فالتعليم يجب أن يكون بالكامل تحت سيطرة القطاع القسومي 


5 


المستقل نسبيًا. ومن المناسب أيضنًا أن تَحَوْلَ إليه الضرائب المقرر توجيهها إلى التعليم 
والتي تقوم السلطات المركزية الآن بتحصيلها. وبالنسبة للمشكلات القومية التي تخرج عن 
إطار الحكم الذاتي الجماعاتي والقوميء فمن المناسب قيام تعاون بين اليهود والعرب علسى 
أساس تعادل التمثيل في حكم البلدء ليس فقط في هيئة تشريعية؛ وإنما بالدرجة الأولى في 
الهيئة التنفيذية. والنظام الوحيد المناسب لهذا البلد يجب أن يقوم على المشاركة المتساوية 
من جانب ثلاثة عناصر: الإنجليز واليهود والعرب. 


والحال أن التعارض المذهبي بين دعاة الثنائية القومية والصهيونيين الآخرين 
إنما يتصل بطموح أساسي. فالأوائل يسعون إلى تكوين هوية فلسطينية مشتركة بين 
اليهود والعربء والأخيرون يريدون خلق دولة يهودية يتعين عليها التكيف مع 
وجود أقلية عربية. 

وفي نوقمبر/ تشرين الثانيء تجد أن أعضاء بريت شالوم الذين يقومون 
بالتدريس في الجامعة العبرية يتعرضون للتجريس من جانب الطلابء الذين 
يأخذون عليهم موقفهم العلني. 

وفي الشهر نفسه؛ يذهب جمال الحسيني إلى إنجلترا ويحاول الدخول في 
اتصال مع مسئولين يهود. فيعترض فايتسمان على ذلك طارهًا الأسباب 
تفسها”*''). والواقع أن ابن عم المفتي يتوسل بفيلبي ويحاول معرفة ما آل إليه 
المشروع. ويجري استقباله استقبالاً بالغ السوء في وزارة المستعمرات7”"'). حيث 
يشتبهون بأنه يريد الدخول في اتصال مع موسكو. وفي ديسمبر/ كانون, الأول» 
يحصل على لقاء مع اللورد باسفيلد الذي يطلب منه انتظار نتائج لجنة التحتيق. وأيا 
كان الأمرء فإن الجمعرة التشريعية من شأنها أن تكون متعارضة مع شروط 
الانتداب: إن فلسطين لا يمكن بالقعل اعتبارها انتدابًا من انتدابات عصبة الأمم من 
الفئة ألف. على مستوى واحد مع سوريا أو العراق7''). وهو يبدوء للجميع» 
بوصفه مبعونًا شخصيًا للمفتي الذي يرغب في قيادة الحركة القومية في فلسطين. 


3” 


الفصل للكافدد 
التهديد الأول للانتداب 


" إن انعدام ١'فعل.‏ الجزئي على الأقل. من جانب حكومة فلسطين. حيال هذه الظاهرة 
غير المسبوقة» ألا وهي الحركة الصهيونية؛ لم يُلحق الضرر بالمصالح اليهودية وحدها. 
فالواقع» في الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في فلسطين؛ أن نشاطًا استيطانيًا 
مبذولا على مثل هذا النطاق الواسع كان لابد له بالضرورة؛ بمجرد تطوره بعيدًا عن التدخل 
النشيط من جاتب السلطات العامة؛ أن يؤدي إلى اضطراب عميق بالنسبة ل ذلك العنصر 
السكاني الذي جرى إهماله وتركه خارج هذه الحركة. 

" وحيال جمهور يهودي منظّم تنظيما قويا. ويخضع لقيادة واحدة ويحوز رعوس 
أموال قوية. فإن الجمهور العربي, غير المنظّم» والمحروم من جميع الإهكانات المالية. ما 
كان يمكن له أن يتخلف عن تحسس مخاوف مشروعة على مستقبله السياسي. 

' وربما كان بوسع العنصر العربي أن يجد حماية لمصالحه في سياسة زراعية 
تتضمن, علاوة على تنفيد أشغال عمومية من شأنها إنماء المساحة القابلة للزراعة في 
البلد. تنظيم انتمان زراعي وانتمان عقاري وتعاونيات. مع استكمال هذه السياسة بعمل 
دعائي من شأنه إفهام الفلاح سير عمل هذه المؤسسات ومساعدته على تقدير مزاياها 
وتعميم المناهج الحديثة لاستثمار الأرض في هذا الوسط. 

' وهذا من جهة أخرى شاغل لا يقيب عن بال الدولة المنتتبّة» كما توضح ذلك 
تصريحات مختلفة للممثلين المعتمنتين في الدورة الحالية. على أن المخاوف التي أحس بها 
العرب وهم يرون انتقال الأرضء عبر عمليات البيع العديدة» إلى أيدي اليهود؛ كان بالإمكان» 
دون شك. تخفيفها إلى حد بعيد لو كانوا قد عاينواء في الوقت نفسه؛ زيادة لمساحة ولعائد 
الأراضي المتوافرة في عموم البلد. 1 

' ومثل هذا العمل؛ الاجتماعي والاقتصادي في آن واحدء لا يمكن أن يكون إلا من فعل 
الحكومة؛ فمن غير الممكن توقع بذله من جاتب العرب أنفسهم. ولو كان قد جرى القيام به 
لمصلحة العنصر العربي المباشرة لكان من الوارد أن يعود بالفائدة على إقامة المقام 
القومي اليهودي بشكل غير مباشر. وهكذا فإن لجنة الانتدابات تجد نفسها مدفوعة إلى 
تصور أن سلطة الانتداب. إذا ما أشرفت بشكل وثيق على التكييف الاجتماعي والاقتصادي 


ا" 


للسكان العرب مع وضع الأمور الجديد الناشئ عن الهجرة اليهودية» قد تخدم مصالح 
عنصري السكان. فلو كانت سلطة الانتداب قد عملت - في تسيير التنظيم الاقتصادي المأمول 
أن يتمتع به هذا اليلد حيثء بأكثر مما في أي مكان آخرء تؤثر المشكلات الاقتصادية على 
الاستعدادات المعنوية لكل فرد - على إيجاد ارتباط وثيق بين عنصري السكان. فلريما 
أسهمت في قيام هذا الانصهار للمصالح والذي يساعد. بأفضل من أي وسيلة أخرى. علسى 
إنماء حس التضامن وإضعاف التناحرات. 
" وفي الوقت الحاضرء فإن كل هذه المؤسسات التي كان من المأمول أن تكون متاحة 
على قدم المساواة لعنصري السكان؛ متحدين تحت إشراف سلطة الانتداب؛ قد أنشئت لأجل 
عنصر واحدء بمبادرة من المنظمة اليهودية و. كما هو واضح بذاته. لصالح السكان اليهود 
وحدهم. وإذا ما أمكن الآن؛ بمبادرة رسمية؛ قيام مؤسسات لصالح كل السكان؛ ويالأخص 
لصالح العنصر العربي الذي جرى تركه دون عونء إلى الآن» فأليس مما يُخشى منه أنها قد 
تدع بدورها الجمهور اليهودي الحائز للإمكانات بالقعل عديم المبالاة ؟ هكذا سوف نكون 
عرضة لأن نرى استمرار غربة عنصري السكان أحدهما عن الآخرء في هذا البلد الصغير. 
وهذا خطر لابد من تفاديه ومن واجب سلطة الانتداب أن تعمل ضد هذا التوجه عبر الجمسع 
بين رعوس الأموال في مشاريع صناعية وزراعية وتجارية». 
تقرير لجنة الانتدابات إلى 
مجلس عصبة الأمم, يونيو/ حزيران .3١57٠‏ 


لجنة شو(" 


تعقد لجنة شو جلستها الأولى للاستماع في عين يوم وصولها إلى القدسء في 
© أكتوبر/ تشرين الأول .١1475‏ ويعرض رئيسها هدف مهمتها: فهي ليس من 
واجبها تحديد ما إذا كان العرب أم اليهود هم الذين على حقء بل يتوجب عليها أن 
تقدم إلى حكومة لندن تقرير! دقيقا عن الأحداث وأسبابها””). وفي الوقت نفسه9, 
يصدر المندوب السامي مرسوما يعدّل القانون الجزائي العثماني في اتجاه قمع 
أقسى للقلاقل وللمسئولين عنها (المرسوم ليس بأثر رجعي» إلآ أنه لا يمكتنا الآ 
نعاين إلى أي حد نسي البريطانيون خطابهم ضد الاستبداد العثماني...). ويعتبر 
العرب هذا المرسوم خبيئًا بشكل خاصء لا سيما فيما يتعلق بالعقوب 
الجماعية؟؟). 


7” 


وفي 37 أكتوبر/ تشرين الأول» يعقد القوميون مؤتمرا عربيا كبيرا في 
القدسء» يضم أكثر من 1٠٠١‏ شخص قادمين من مختلف أرجاء فلسطينء وإن كانوا 
قادمين أيضًا من سوريا وشرق الأردن والعراق7). ويقترح فريق كبير من 
المؤتمرين مقاطعة اللجنة في حالة قصرها تحقيقها على الأسباب المباشرة للقلاقل. 
بيد أن المعتدلين» وعلى رأسهم عوني عبد الهاديء تعلو أيديهم: فسوف يجري 
الاعتماد على محامين وسوف يجري وضع اللجنة «على محك الاختبار». وسوف 
يكرس الشهود العرب مداخلاتهم للمسائل الأساسية؛» أي لعدم مشروعية المقام 
القومي اليهودي. أَمّا القرارات الأخرى للمؤتمر فهي تهاجم القمع هجومًا حاميا. 
والإضراب العام في ؟ نوشمبر/ تشرين الثاني")» بمناسبة ذكرى صدور تصريح 
بلفورء وهو الإضراب الذي يلتزم به السكان عن بكرة أبيهم؛: إنما يشكل 
تحذيرًا. 

وطبيعة مناقشات اللجنة نفسها سوف تكون بمثابة مؤشر لمعرفة لأي طرف 
ستكون الغلية. فإذا ما جرى الاقتصار على تناول الأسباب المباشرة؛ فإن 
الصهيونيين هم الذين سيتغلبون؛ أُمّا إذا جرى بحث الأسباب العميقة» فإن الطضرف 
العربي هو الذي سوف يتغلب. وسرعان ما تشير أعمال اللجنة إلى أن الأطروحة 
العربية يبدو أنها تتتصر. ويتمكن المتحدثون العرب من أن يوضحوا باستفاضة إلى 
أي مدى يتعارض تصريح بلفور مع الحقوق الطبيعية والتاريخية للسكان العرب». 
وأن الانتداب البريطانيء بعيدًا عن أن يساعد على الحكم الحرء إنما يُمَدُ تقهقار 
سياسيًا بالقياس إلى العصر العثماني» حيث كانت هناك انتخابات ومشاركة واسعة 
من جانب العرب في نشاطات الإدارة(). ويتعلل الصهيونيون بحسن نواياهم 
ويبرزون رسالة الأمير فيصل إلى فرانكفورتر. فيسارع عوني عبد الهادي إلى 
طلب توضيح من ملك العراق. فيرد هذا الأخير بأنه لم يقبل قط فصل فلسطين عن 
سوريا”). ثم إن المحامين الذين يدافعون عن الطرف العربي يشيرون إلى أن 
فيصل لم يكن مفوضنا من جانب العرب الفلسطينيين للتحدث باسمهم خلال مؤتمر 
الصلح. 

ولا يخفي أعضاء اللجنة عن الديبلوماسيين الفرنسيين حيرتهم: فكلما تقدموا 
في التحقيق» كلما تعذر عليهم الوصول إلى حلء إذ يبدو الوضع في نظرهم غير 


ينف 


قابل للحل7). وحيال الهجمات المشتركة من جانب اليهود والعربء تراص 
صفوف إدارة الانتداب وترى أنها قد عوملت معاملة ظالمة. 

ويظل المناخ العام متوترا. فمنذ شهر سبتمبر/ أيلول» نشهد سلسلة مسن 
الاعتداءات. وقنصل فرنسا يعد منها 51 اعتداغ بين مستهل سبتمبر/ أيلول 
ومنتصف نوقمبر/ تشرين الثاني '). ويشتبه البريطانيون بوج ود تواطؤ بين 
القوميين والشيوعيين بأوامر من موسكو”'". والحدث الأكثر إثارة هو الهجومء في 
5 نوقمبر/ تشرين الثاني؛ على بنتقيتشء في مقر المندوب السامي نفسه. وهو 
يصاب بجراح في ساقه بطلقة مسدس. ويجرى على الفور اعتقال مهاجمه. ومو 
صبي يعمل بالمكتب العربي. وبالنسبة للجذريين» يصبح فعل هذا الفدائي البالغ من 
العمر ١5‏ عامًا نموذجًا يجب الاقتداء به" 

ويستفيد المندوب السامي من الحادث لكي يتخلص من مرعوسه المزعج. ففي 
ختام فترة نقاهته» يقترحون عليه منصبًا مساويًا في قبرص. بيد أن المعنيً يرفض 
ذلك ويستقيل من الوظيفة العامة. وسوف يحصل له قايتسمان على كرسي بالجامعة 
العبرية» حيث سيصبح من جديد هدفا للهجوم» وإن كان هذه المرة من جانب 
الجذريين الصهيونيين الذين سيتهمونه بأنه معتدل. 

وخلال أعمال اللجنة» لا تتعطل المحاكم عن العمل وتنهمر الأحكام كالمطر 
على العرب المعتقلين. وسخط السكان في ذروته في حين أن البريطانيين يكشرون 
من استعراضات القوة. فمن جديدء ترجع السفن الحربية إلى الموانئ القلسطينية. 
وفي أوائل ديسمبر/ كانون الأول» تحصل السلطات على معلومات تنذر بالخطر. 
فإذا ما أدى تقرير اللجنة إلى إصابة العرب بخيبة الأملء فسوف تعقب ذلك 
انتفاضة واسعة سوف ينخرط فيها شرق الأردن وسورياء بل وكل بلاد العرب9". 
والقاتيكان لديه معلومات مطابقة ويقوم بتأجيل زيارات كبار رجال الكنيسة إلى 
القدس09, 

وفي ؟ ديسمبر/ كانون الأول؛ يمثل المفتي أمام اللجنة التي تنتقل إلى مقر 
المجلس الإسلامي الأعلى لسماع أقواله» مراعاة لمكانته الاجتماعية. فيذكٌر محامو 
الطرف الصهيوني بدوره في أحداث عيد النبي موسى في أبريل/ نيسان .147٠١‏ 
فيردُ الحاج أمين مقارنا نفسه بالمسيح الذي كان قد اقتيد. قبل ١6٠١‏ سنةء في 


5” 


المكان نفسه؛ إلى المثول أمام محكمة بناغ على طلب من اليهودا*')... ويضع 
عوني عبد الهادي ممثلي الصهيونية في موقف عصيب فيؤكدون في تعفف أن 
هدفهم لا يتمثل في إنشاء مملكة يهودية في فلسطين ٠١(‏ ديسمبر/ كانون الأول 
69 ومما يزيد من ارتباكهم أن جابوتينسكي يعلن في 77 ديسمبر/ كانون 
الأول في تل أبيبء أن [إنشاء مملكة يهودية في فلسطين] هو معنى تصريح بلفور 
بالفعل7”'). وتعتبر حكومة فلسطين هذا الخطاب بمثابة استفزاز وء في مستهل عام 
» تحظر على جابوتينسكي الإقامة في فلسطين. 

وفي لندن؛ ينشر قايتسمان في التايمز رسالة إلى بلفور ولويد جورج وسمتس» 
المهندسين الثلاثئة لإصدار تصريح بلفور. وتذكر الوثيقة بالتعهدات التي أخنتها 
بريطانيا العظمى على نفسها وتطلب أن يتم القيام بعد اختتام أعمال لجنة شوء التي 
تعتبر اختصاصاتها محدودةء باستقصاء أوفى حول سياسة إدارة الانتداب 
والممارسات الإدارية لهذه الإدارةا""). وهذا يترجم انزع اج القائند الصهيوني 
المتزايد حيال التوجه الذي اتخذته أعمال اللجنة. وفي ١7‏ ديسمبر/ كانون الأول» 
يؤكد رمزي ماكدونالد في مجلس العموم أن المسائل ذات الأهمية الرئيسية تفع 
بالفعل خارج نطاق اختصاصات اللجنة. وفي 4؟ ديسمبر/ كانون الأول» يبدأ 
محامو كل طرف في إلقاء مرافعاتهه2"). 

ويوم 55+ تنهي اللجنة أعمالها في القدس بعد أن كانت قد استمعت إلى أقوال 
٠‏ شاهذا في جلسات استماع علنية وإلى أقوال ٠١‏ شاهذا في جلسات مغلقة. 
وهي تذهب إلى لندن لكي تكتب تقريرها. ويرى الجميع أنهاء باهتمامها بالمسائل 
العقارية وبملف الهجرة» قد مالت إلى صف الأطروحات العربية. فيرى العرب في 
ذلك مقدمة بالفعل لإلغاء تصريح بلفورء بل ولإلغاء الانتداب. ويخامر الصهيونيين 
سخط حادل"!). 


تهديد المقام القومي اليهودي 
أدرك المندوب السامي بالفعل استحالة إصدار ترتيب بشأن حائط المبكى يمكن 


للجميع قبوله. ولدى عودته إلى القدسء طلب إلى لندن نقل الملف إلى عصبة الأمم. 
وفي سبتمبر/ أيلول ١575‏ تنزعج لجنة الانتدابات من القلاقل في فلسطين!”). 


"6 


وبما أنها لا يصلها شيء من السلطة البريطانية في هذا الصددء فإنها تقرر النغفر 
في الملف خلال دورة قريبة استثنائية. وترد لندن بإرسال مذكرة في ١8‏ نوقمبر/ 
تشرين الثاني» فيجري فحصها اعتبارًا من 7١‏ نوقمبر/ تشرين الثاني. وتتقتصل 
المناقشة بإنشاء اللجنة الشهيرة المختصة بالأماكن المقدسة. وتشدّدُ لندن على تكوين 
لجنة خاصة» ذات اختصاصات تقتصر على حائط 0 فهل تملك لجنة 
الانتدابات» وهي لجنة استشارية» هذه السلطةء وهل يمكن قبول إنشاء لجنة جديدة 
في حين أن اللجنة التي جرى النص عليها في الوثائق لم يتم تكوينها؟ وبعد 
مناقشات جد حادةء ترفض اللجنة الطلب البريطانيء» وإن كانت تبدي استعدادها 
لدراسة أي اقتراح» 
من شأنه؛ دون أن يكون متعارضا مع شروط الانتدابء أن يساعد على تسوية 
الخلافات الحادثة بين اليهود والمسلمين فيما يتعلق بحانط المبكى وعلى إعادة الهدوء إلسى 
الخواطر وتأمين السكينة والنظام في فلسطين بشكل حاسم. 


وبما يتعارض مع توصية اللجنة» نجد أن مجلس عصبة الأمم؛ المنعقد في 
يناير/ كانون الثاني 2.١570‏ يوافق على قرار بإنشاء لجنة خاصة"'"). وكانت فرنسا 
قد اعترضت في البداية على ذلك ثم توصلت إلى النص على أن هذا الإنشاءء 
الراجع إلى مقتضيات الوضع الملحة؛ لا يجب أن يؤدي إلى الإضرار «بأي شكل 
بحل المشكلات المتصلة بمسألة الأماكن المقدسة في فلسطين والتي سيكون المجال 
متاحًا في المستقبل لتسويتهاء في نهاية المطاف». 

وتتحدد الشهور الأولى لعام ١978‏ كموعد متوقع للدورة الاستثنائية. 
وتتوصل لندن إلى تأجيله سعيًا إلى التمكن من الحصول على تقرير لجنة شو. وفي 
نهاية الأمرء سوف يتم فحص الملف الفلسطيني في إطار الدورة العادية لام 
سعيًا إلى تجنب 'نتقال أعضاء اللجنة إلى جنيف مرتين متتاليتين. 

وفي مستهل عام ٠117ء‏ يترقب الجميع بنافد الصبر صدور تقرير لجنة شو. 
وفي تكتم» تصرح السلطات بإعادة تسليح المستوطنات اليهودية عبر إعادة إنشاء 
مخازن السلاح الموصدة التي تحتوي بنادق ومسدسات بشرط عدم اس تخدامها 3 
في حالة الضرورة!" "). والحال أن توسيع الشبكة التليفونية سوف يسمح باستتفار 


شف 


السلطات قورً! في حالة وقوع أحداث عنف. ويعرف المندوب السامي جيّدَا أن هذا 
ليس سوى علاج مؤقت. فخبرة الشهور الأخيرة قد أفهمته تناقضات السياسة 
البريطانية» ليس فيما يتعلق بالالتزام المزدوج أساسناء وإنما فيما يتعلق بالضغوط 
التي تفرضها على الانتشار الإمبراطوري. فلندن ليست لديها رغبة سياسية في 
فرض قبول تكاليف وجود حامية قوية دائمة في فلسطين. 

وفي ١7‏ يناير/ كانون الثاني 2157١‏ يرسل تشانسلور مذكرةً مستفيضة إلى 
وزارة المستعمرات» يعرض فيها آراءه حول مستقبل فلسطين7"). وهو يقدم 
عرضنا تاريخيًا لمجمل الملف الفلسطيني منذ الحرب العظمى. فيؤكد أن العرب لم 
يقبلوا قط شروط الانتدابء ومع التقدم الأكيد الذي أحرزته النزعة القومية العربية 
في مجمل الشرق الأدنى» فإن الوضع البريطاني إنما يجد نفسه وقد أصابه الضعف 
بشكل متزايد باطراد. والحال أن الإبقاء على السياسة المتبعة في عشرينيات القرن 
العشرين إنما يعني لجوءًا مستديمًا إلى استخدام القوة في فلسطين كما يعني أزمة 
عميقة في العلاقات بين بريطانيا العظمى والعالم الإسلامي. 

وهو يرى أن الحل الوحيد إنما يتمثل في الاعتراف بأن المادة ”7 تنطبق 
بالفعل على فلسطينء فهي انتداب من انتدابات عصبة الأمم من الفئة ألف. ويجب 
تطوير تدابير للحكم الحر وتقديم تفسير متواضع لتصريح بلفورء عبر رفض أي 
وضع مميّز للمقام القومي اليهوديء وهو ما يعني تعديل ميثاق الانتداب. وهو 
يقترح اتخاذ المقترحات الدستورية التي قدمها السير هربرت صمويل في ؟971١-‏ 
*17 أسامًا للانطلاق. ومن شأن اللجوء إلى عصبة الأمم لتقرير تسوية نهائية 
لمسألة حائط المبكى أن يسمح بتهدئة المشاعر الدينية. والواقع أن هذه المشاعر قد 
تأججت من جراء النزاع بين اليهود والعربء وهو نزاع كانت المسالة العقارية 
باعثه الرئيسي. وهو يرى أن الحل إنما يكمن في إصدار قانون جديد يحد بشكل 
جذري من نقل ملكيات الأراضي. 

وتتطابق آراء تشانسلور مع آراء وزارة المستعمرات» لكن اللورد باس فيلد 
ليس مقتنعًا بعدُ. ويجري نقل مضمون مذكرة تشانسلور إلى أعضاء لجنة شوء 
الذين يعملون في اتصال مباشر مع المسئولين عن السياسة حيال المستعمرات» وفي 
شهر فبراير/ شباط» تعمل الأجهزة الحقوقية على تعديلات تالية لميثاق الانتداب 


وفرانا 


تتوجب الموافقة عليها من جانب مجلس عصبة الأمم2"). وخلال شهر مارس/ 
آذارء تجري دراسة التقرير النهائي للجنة شو في الدوائر الحاكمة. 

وفي تلك الأثناءء يواجه فايتسمان أزمة في علاقاته مع اليهود الأميركيين غير 
الصهيونيين في الوكالة اليهودية. فقبل تحسس الآثار الأولى للأزمة العالمية» التي 
تبدأ في نوقمبر/ تشرين الثاني ا لم تكن قد تمت تسوية الخلافات حول 
التوجهات الاقتصادية التي يتعين اتباعها في فلسطين. ولا يمكن لفيليكس واربورج 
أن يكتفي برؤية الجماعة التي يمثلها وهي تساعد على تمويل النشاطات الصهيونية 
دون أن يكون لها حق النظر في استخدام الأموال. وهو يطالب بأن تكون سنة 
الميزانية من يناير/ كانون الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول وليس من أكتوبر/ 
تشرين الأول إلى سبتمبر/ أيلولء كما جرى عليه العرف سابقا سعيًا إلى مواكية 
السنة اليهودية لا التقويم الجريجوري. وتضاف إلى ذلك التوجهات الليبرالية التي 
يوحي بها إليه يهودا ماجنس. ويضطر فايتسمان إلى معارضته مقدمًا إليه عرضئا 
شاملاً للوضع”"): إن موقف حكومة حزب العمال البريطانيء والذي يحبذ في كل 
مكان من الإمبراطورية البريطانيةء من مصر إلى الهندء الحكم الحرء إنما يُعَدُ 
كارثة حقيقية» لأن هذه البلدان المتأخرة غير مؤهلة للصعود إلى مستوى تمدن 
البلدان الأوروبية. وهو يرى أن والتر شو رجل رجعي وعدو للسامية. ومن غير 
الوارد الآن إجراء مفاوضات مع العرب. أمّا مشروع الحكم الدستوري في فلسطين 
فهو لا يعدوء في نظرهء أن يكون غير أداة لرمي اليهود في البحر. والسلام مع 
العرب في هذه الظروف سيكون بمثابة سلام القبور. 1 

وفيما يتعلق بمسألة سنة الميزانية» يكسب قايتسمان المعركة» إلا أنه. منذ 
فبراير/ شباط 21517١‏ تؤدي الأزمة العالمية إلى اختزال للمتحصلات النقدية0". 
وفي رسالة إلى لويس مارشال7"")؛ يستعيد هذه التيمات: إن العرب لا يسعون إلى 
أن يلقوا معاملة عادلة من جانب اليهودء فهم يرفضون وجودهم في فلسطين. وإذا 
كان اليهود لا يريدون أن يكونوا شعبًا تائها إلى الأبد» مُعَرضًا للظلم من جانب 
الآخرين» فلابد لهم من الحصول على ركن في الأرض. والمقام القومي اليهودي 
يعني أن وجود اليهود في فلسطين مشروع بدرجة واحدة كوجود العرب: إذ يجب 
لليهودي أن يتمتع بحق شراء أراض من العربي بموجب الشروط نفسها التي 


"6 


يشتريها بها عربي من عربي آخرء دون أن يكون مسئولاً عما يحدث أو لا يحدث 
للبائع أو لحفيده. وليس على اليهود أن يعتذروا عن وجودهم. 

والواقع أن ماجنس ينشر كراسات يدافع فيها عن أطروحاته. فتترجمها 
صحيفة فلسطين, الصادرة في يافاء والتي تعبر عن اتجاه فصيل النشاشيبي» مؤكدة 
أن العرب لا يمكنهم التفاوض فيما يتعلق بالمستقبل إلا مع الدكتور ماجنس ومن 
حذا حذوه"). 

وخلال الشهور الأولى لعام ٠97١ء‏ يواصل قايتسمان حملته ضد مشروع 
الجمعية التشريعية. وهو مستعد لقبول استقلال نسبي واسع للجماعة العربية في 
إدارة التعليم والمستشفيات والمؤسسات الدينية والثقافية» إلا أنه ليس مستعدًا لقبول 
ما من شأنه إعطاء العرب سلطة على المقام القومي اليهودي؟". 

ومن الجانب العربيء ينتقل الحاج أمين إلى الهجوم. والرهان الرئيسي هو 
قيادة وقوام الوفد الذي سيجري إرساله إلى لندن. وهو يضغط على اللجنة التنفينية 
العربيةء التي تختاره رئيسا للوفدء يرافقه راغب بك النشاشيبي وعوني عبد الهادي 
والمسيحي ألفريد روك ١١(‏ يناير/ كانون الثاني 1510 7'). ويستقيل موسى 
كاظم احتجاجًا ويتضامن عوني مع الباشا العجوز. وتعقب ذلك بضعة أيام يهيمن 
فيها عدم الوضوح. فيتخلّى المفتي عن الرئاسة لصالح موسى كاظم. ويجري تعديل 
قوام الوفد سعيًا إلى تأمين تمثيل مختلف الاتجاهات7'". 

وإذا كان دور المفتي أكثر توطّدًا في الحياة السياسية الفلسطينية» فإن الرجل 
موجود دومًا في اللعبة السياسية السورية» حيث لا تنتهي المواجهة بين الممالئين 
للهاشميين والمناوئين للهاشميين. وفي لبنان» تدقع الأزمة الاقتصادية حكومة إميل 
إده إلى خفض إنفاقات الدولة. والقطاع الذي يعاني من ذلك أكثر من سواه هو 
قطاع التعليم» الذي يفيد المسلمين خاصة. ويستثير هذا الإجراءغ صرخة استنكار. 
وفي أواخر فبراير/ شباطء ينضم الحاج أمين إلى موجة الاحتجاجات؛ الأمر الذي 
يستثير عظيم سخط الفرنسيين» الذين يأمرون بمصادرة الصحف التي تنشر تصريح 
المفتي الاحتجاجي7”"). ويحتج المسيحيون على هذا التدخل في الحياة السياسية 
اللبنانية. ويحاول الصهيونيون الاستفادة من الوضع لتقديم عروض إلى المسيحيين 
حول تيمة: «أن القضية الصهيونية لها عين المصالح التي للقضية اللبنانية. فالاثنان 

عم 


عليهما أن ينتصراء أو سوف ينتصران - الصهيونيون في فلسطين والموارنة في 
لبنان- على القوتين المعارضتين لهما: الإسلام والاستعمار». وتلقى هذه الأفكقار 
صدئ إيجابيًا في بعض الأوساط المارونية؛ لكن الصهيونيين أكثر اهتماما 
بالمسامين. فالحال أن كالقاريسكي؛ من جميعة بريت شالوم» يستأنف اتصالاته» في 
حين أن إيتامار بن آثيء المفوض سرًا من جانب قايتسمان؛ يقوم بتحركات موازية. 
والمحاور المعتاد هو رياض الصلح كالعادة» وتتصل المحادثات بتيمة: «أن مسن 
المناسب تحقيق الاتحاد بين المسيحيين والمسلمين» ثم بين العرب واليمودء بعيذا 
عن الوسيط البريطاني؛ إذ يتوجب في الواقع حرمان الأجانب من إمكانية استغلال 
خلافات الشرق الداخلية. وقد ظل القوميون الفلسطينيون متشددين ولم يفهموا فاندة 
سياسة الوفاق؛ وتكمن المصلحة الحقيقية للقوميين السوريين واللبنانيين في اجتذاب 
القيادة الصهيونية إليهم». ولا تتعدى المباحثات مرحلة استئناف للاتصالات. على 
أن قايتسمان يبدو متفائلاً فيما يتعلق بالمكسب الذي يمكن تحقيقه من وراء العلاقات 
مع رياض الصلحا"). وهو يقول إن هذا الأخير قد أيد توطين العرب الفلسطينيين 
في شرق الأردن وأيد قيام تعاون سياسي بين اليهود والعرب. ومن الصعب معرفة 
ما إذا كان الزعيم القومي العربي قد قال كلامًا كهذاء لاسيما أنه يرفض مقابلة 
فايتسمان كما يرفض التصريح بموقف علني9). 

: وكل هذا النشاط يجِدَّدُ انعدام ثقة الفرنسيين» القلقين كالعادة من النزعة 
التوحيدية الصهيونية التي تتطلع إلى الفوز بالأراضي السورية واللبنانية. وفي 
يناير/ كانون الثاني 190 يحظر الفرنسيون تداول أوراق لعب مخصصة للشبيبة 
اليهودية تضم خارطة لفلسطين التاريخية شاملة جزءًا من شرق الأردن ودولاً من 
دول المشرق©), 

ويبرز المفتي دومًا شواغله السورية بإقامة احتفال بعيد الاستقلال العربي في 

+ مارس/ آذارء ذكرى إعلان فيصل ملكا على سوريال"). وبعد تأجيل للسفر عدة 
مراتء يركب الوفد الفاسطيني البحر في ١١‏ مارس/ آذار متجهًا إلى أوروباء وسط 
حماسة شعبية عارمة"". 


31 


تقرير شو 
في ” مارس/ آذارء يقوم اللورد ياسفيلد بإبلاغ قايتسمان بمضمون التقرير. 
فيرد على الفور مؤكذا أن اللجنة قد تجاوزت اختصاصاتها حين عالجت المسائل 
الأساسية: إذ ليس من حقها قول إن فلسطين مزدحمة بالسكان أكثر من اللازم وإن 
سبب القلاقل يكمن في تصريح بلفورء الذي أدى إلى مجيء جماعة سكانية جديدة 
إلى بلد غاص بالسكان بالفعل"). ويثور رئيس الوكالة اليهودية: إن من الممكن 
لسياسة إنمائية قائمة على التعاون بين الصهيونيين وسلطة الانتداب أن تسمح بحل 
المشكلة. ثم إن شرق الأردن يشكل احتياطا عقاريًا مهمّاء وكذلك العراق. وبما أن 
اليهود لا يمكنهم الاستيطان هناك؛ فإن بوسع العرب أن يذهبوا إلى هناك. وسوف 
تتولى الوكالة اليهودية تمويل مشروع كهذا. وهكذاء ولأول مرة؛ تتحدث القيادة 
الصهيونية عن إمكانية «ترانسفير» [ترحيل] لجزء من السكان العرب. 
وفي ١9‏ مارس/ آذارء يرحل اللورد بلفور عن عالمنا. وإذا كانت الأوساط 
الصهيونية تعبر عن حزنهاء فإنه لا وجود هناك لتظاهرات مثيرة في فلسطين9". 
وفي 56 مارس/ آذارء يتلقى فايتسمان تقرير شو ؛). ويتضمن التقرير 
عرضنا تاريخيًا وافيًا للملف منذ العصر العثماني» ثم يتضمن دراسة تفصيلية 
للأحداث اعتبارًا من عام .١974‏ فيجري اعتبار العرب معتدين» وإن كان دون 
عمد. ويشار إلى أن الحركة لم تكن موجّهة ضد السلطة البريطانية»ء فالنزاع قد 
نشب بين عناصر من السكان. ومن المؤكد أن المفتي قد لعب دور محرك فسي 
أعمال المسلمين اعتبارًا من عام 2015074 إل أنه لآ يمن اعديانه عمسنو لا عبن 
قلاقل شهر أغسطس/ آب. واعتبارًا من 77 أغسطس/ آبء تحرك المفتي في اتجاه 
تهدئة الخواطر واستعادة النظام. وقد وقعت أسوأ أعمال العنف في القدس وصفد 
وحيفا ويافاء حيث يهيمن خصومه السياسيون. وترجع أصول الاض طرابات إلى 
واقع تجاوز الهجرة لطاقة الاقتصاد الاستيعابية. والمشكلة زراعية قبل أي شيء 
آخر: 
لا توجد أراضي بديلة يمكن للأشخاص المصادرين أن يستقروا فيها. ومن ثم يجري 
خلق فئة من الناس المحرومين من الأرضء. أي من الساخطين: وهذا نذير خطر بالنسسبة 


"5 


للبلد. وإذا لم يجر علاج هذا الوضعء فإن السخط القائم سوف يستمرء وقد يفضي إلى قلال 
جديدة في المستقبل. 

وما لم يجر إدخال تغيير جذري على أساليب الزراعة القائمة؛ فإن فلسطين لن تتمكن 
من تأمين وجود جماعة سكانية زراعية أوفر عددا من الجماعة التي تسكنها الآن. وعبر 
زراعة أكثر كثافة. سيكون الأمر ممكنا وسيكون بالإمكان تسكين عدد معين من القادمين 
الجدد في يضع أقضية. 


ويرى التقرير أن أماني العرب السياسية والقومية قد تعرضت للامتهان» ومن 
هنا مخاوفهم فيما يتعلق بمستقبلهم الاقتصادي. ومن ثم فإن سياسة إصلاحات إنما 
تفرض نفسها. ومن شأن هذه السياسة أن تحد من الهجرة ومن نقل الملكيات 
العقارية. وفيما وراء ذلك؛ فإن كل شيء سوف يتوقف على التعاون فيما بين 
الشعبين. 
والحال أن العضو العمالي في اللجنة إنما يتتصل من الاستنتاجات فيما يتعلق 
بالتعمد ويتهم المفتي بالمسئولية عن القلاقل. وكان هذا العضو قد وقع تحت تأثير 
إدوين صمويل!"). 

وفي يوم 278 يجتمع قايتسمان برمزي ماكدونالد المناوئ بالأحرى لمضمون 
التقرير. ويوجه الزعيم الصهيوني اتهامًا عنيفا إلى حكومة فلسطين ويطالب بتعيين 
نصير سافر للصهيونية» كسمتس؛ في منصب المندوب السامي. ويوم ١‏ مارس/ 
آذارء يجري تقديم التقرير إلى البرلمان. 

وتأخذ الصحافة البريطانية على لجنة شو تجاوزها لاختصاصاتها ببحثها عن 
الأسباب الأساسية للقلاقل وليس عن الأسباب المباشرةل”*). وتعبر الصحافة العربية 
عن ارتياحها للتقرير7”*). بينما يتحدث اليهود عن «مذبحة معنوية لليهود» تتذو 
«المذبحة الجسدية» التم. وقعت في شه رأغسطس/ آب!!4). 

وفي ” أبريل/ نيسان» درست الحكومة البريطانية التقرير. وهي تكتفي باتخاذ 
قرار سريع بالاتجاه إلى تعزيز قوات حفظ النظام في فلسسطين. ومن المسستبعد 
تكوين لجنة ملكية لإعادة النظر في الملفء إلا أنه سبوف يجري تعيين خبير مهمته 
دراسة مسائل الأرض والهجرةل”“). وفي اليوم التالي؛ يؤكد رئيس الوزراء أمام 


ع5" 


البرلمان رغبة حكومته في مواصلة إدارة فلسطين على أساس ميثاق الانتداب 
وضمن منظور تيسير قيام المقام القومي اليهودي وحماية الحقوق المدنية والدينية 
للسكان غير اليهود. فيشعر فايتسمان بالارتياح» لكنه يبتئس عندما يعلم باختيار 
الخبير. فقد اقترح مرة أخرى اختيار سمتس كخبيرء لكن الرجل الذي اختير هو 
السير جون هوب سمبسونء النائب السابق لرئيس لجنة عصبة الأمم المكلفة بإعادة 
توطين اللاجئين في اليونان بعد عقد معاهدة لوزان التي فرضت ترانسفيرًا جبريا 
ليونانيين وأتراك. وهو لم يسبق له قط الانخراط في الملف الفلسطيني ولا يعرف 
«الآثار الأدبية والسياسية التي تنطوي عليها» المشكلة. وقد طلب قايتسمان من 
ياسفيلد أن يسمح له بمقابلة سمبسون قبل سفره إلى فلسطين. فوعده سكرتير الدولة 
بذلك؛ دون أن يفي بوعده مع ذلك. والآن يعتبر قايتسمان باسفيلد خصمالا*) وينتابه 
القلق حيال عدم وصول معلومات من الأوساط الحاكمة البريطانية. فهو لا يجري 
إطلاعه على المباحثات فيما بين الوفد العربي ووزارة المستعمرات. 

وبعد لقاءات تمهيدية» يجري استقبال الوفد في الأول من مايو/ أيّار من جانب 
رئيس الوزراء واللورد ياسفيلدا”*). ويذَكَرُ الوق بمعارضته للانتداب الذي يعتبره 
غير مشروع. ويعقب ذلك نقاش طويل حول طبيعة الحكم الحر. فيؤكد باس فيلد أن 
الحكم الحرء ضمن إطار شروط الانتداب» لا يعني الاستقلال. وفيما يتعلق 
بالهجرةء يجب انتظار تقرير سمبسون. 

ويستمر النقاش في الأيام التالية في غياب رمزي ماكدونالد. والمأزق مرتسم 
المعالم بوضوح. فالحكومة البريطانية موجودة في فلسطين لأجل تطبيق الاتتداب, 
بينما العرب يرفضونه. وعصبة الأمم وحدها هي التي تملك الحق في تعديل 
ميثاقه. وليس بوسع لندن عمل شيء في هذا الموضوع. والحال كذلك فيما يتعلدق 
ب«برلمان» فلسطيني. فسلطاته يجب تعريفها ضمن إطار الانتداب وليس بوسعه 
مساعلة تصريح بلفور. فيرد الحاج أمينء الذي لم يتدخل في النقاش إلا قليلاًء بأند 
في هذه الحالة» تجري مطالبة العرب أن يقتلوا أنفسهم («0اراءى). ويقترح 
باسفيلد «مجلسنا عربيًا منتخبًا» ذا صلاحيات استشارية بشكل محدد. فيرفض عوني 
عبد الهادي هذه الفكرة ويشتد على برلمان منتخب لكل السكان. أمّا إذا ما أعرب 
المندوب السامي عن اعتراضه على قرار للبرلمان» فيجب نقل القرار إلى عصبة 


11 


الأمم لكي تبت فيه. ويرى باسفيلد أن هذا غير عملي لأن هذا النوع مسن الأمور 
سيحدث كل أسبوع. ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدي إلى تولي عصبة الأمم الإدارة 
المباشرة لفلسطين. 

ويطرح ألفريد روك السؤال الرئيسي: إذا ما أصبح اليهود الأغلبية:ء فهل 
سينشأ آنذاك برلمان؟ ويرد سكرتير الدولة بأن اليهود لن يصبحوا أبذا الأغلبية 
وبأن البريطانيين» على أي حال» سوف يعارضون أي اضطهاد للأقلية من جانب 
الأغلبية. وهو ما يعني أن فلسطين لن تكون أبذا مستقلة. وراغب بك هو أول من 
يبدي انزعاجه من خطر ترحيل للسكان إلى شرق الأردن أو إلى أماكن أخرى. 
ويطرح عوني السؤال الاستفزازي حول ما إذا كان سيكون بوسع العربء في حالة 
تعرضهم للشقاءء أن يهاجروا إلى بريطانيا العظمى. فيتهرب باس فيلد من 
الموضوع. 

ويدرك العرب أن البريطانيين لن يمضوا إلى ما هو أبعد من تكوين وكالة 
عربية. وهم يطالبون باحترام حقهم في أن يكون لهم برلمان منتخدب بشكل 
ديموقراطي. فيبدي سكرتير الدولة دهشته: إذ لم يكن من الوارد قط الاعتراف 
للعرب بمثل هذه الحقوق. ففلسطين تم فتحها من جانب الدول المتحالفة ثم عَهَدَت 
بها عصبةٌ الأمم إلى بريطانيا العظمى ضمن إطار انتداب. ويبدو ياسفيلد واضحًا: 
إن فلسطين ليست مستعمرة بل انتداب» وهو ما يعني في هذه الحالة» وضعًا أدنى 
من وضع مستعمرة. فيسأل الحا أمين ما إذا كان هذا يعني أن العرب الفلسطينيين 
أدنى من سود أفريقيا. فيجاب بأنهم في وضع وسط بين السود وسكان دومينيوني 
أستراليا وكندا. 

ويرى سكرتير الدولة أن المناقشة لم تعد تتسع للمزيدء لكن الحاج أمين 
يردف: في فلسطين» يوجد شعب يناضل من أجل البقاء وهو خاضع لسياسة من 
شأنها أن تؤدي إلى استنصاله وموته. فيرد باسفيلد بأنه طالما بقي البريطانيون 
هناك فإن العرب لن يتعرضوا لهذا الخطر. وبما أن المتحاورين لم يعد لديهم ما 
يقولونه» فإنهم يفترقون. وسوف يرجع أعضاء الوفد إلى فلسطين ساخطين 
و«زعلانين»70“). وفي بيان لهمل'“). يستنجدون ب«العالم العربي والإسلامي من 
حيث كونه شريكا لفلسطين ضد الطغيان الذي يهدد البلاد المقدسة وسكانها». 


>" 


ويذهب المفتي إلى جنيفء. حيث يتم استقباله بصحبة شكيب أرسلان» من جاندب 
السكرتير العام لعصبة الأمه0:*). 

وفي فلسطين؛ يشعر المندوب السامي بالإحباط الشديد ويتطلع إلى تقاعده 
القريب7””). على أنه يحرصء بدافع من الشعور بالواجبء. على إنجاز بقيمة 
مهمتهل””). فيُكثر من تدابير الأمن خلال أسبوع أبريل/ نيسان المشئوم الذي يتزامن 
فيه عيدا الفصح المسيحي واليهودي إلى جانب عيد النبي موسى7””). والمهمة ليست 
سهلة لاسيما أن اليهود قد جاءوا للسخرية من الموكب الإسلامي أمام بوابة يافساء 
وقد جرى تعزيز الاحتياطات لمواجهة التظاهرات الاشتراكية والشيوعية في عيد 
الأول من مايو/ أيّار. وتصل اللجنة الخاصة لعصبة الأمم إلى فل سطين. فيشكل 
اليهود والعرب وفوذا تتألف من أصحاب نفوذ قادمين من العالمين اليهودي 
والعربي سعيًا إلى طرح قضاياهم!؛”). وبعد الحصول على إفادات المعنيين» تحاول 
اللجنة والإدارة التحرك في مسعى توفيقي. فيرفض المسلمون الجلوس مع اليهود. 
ويبدو عوني عبد الهادي مستعدًا لتقديم تنازلات» لكن الحاج امين ودروزه يثبتان 

وبما أن النظام سائد في فلسطين, فإن تشانسلور يعلق مؤقنًا منح تأشيرات 
دخول للمهاجرين بالنسبة للشطر التالي من العام7””)» وهو يبرر ذلك من الناحية 
الرسمية بحالة الوضع الاقتصادي وبضرورة انتظار نتائج بعثة سمبسون. فيحتج 
فايتسمان على ذلك بقوةل””). وهو يتحرك من خلال مالكوم ماكدونالد» ابن رئيس 
الوزراء البريطاني: لكي يحصل من والده على قرار بإلغاء هذا الإجراء. كما يهدد 
بالتنحي بعد عقد مؤتمر عالمي للمنظمة الصهيونية تدان فيه السياسة البريطانية 
علنا. والحال أن رمزي ماكدونالد إنما يطلب من فايتسمان» من خلال مالكوم؛ عدم 
فعل ذلك. ويجري البحث عن حل من شأنه السماح للجميع بإنقاذ ماء وجوههم. 
فتؤكد الحكومة أن الملف الفلسطيني كله بسبيله إلى أن يخضع للدراسة وأنه لن 
يجري اتخاذ قرار نهائي قبل انتهاء بعثة سمبسون7”). وهي تؤكد أن التعليق راجع 
إلى سوء فهم إداري بين لندن والقدس. وأن التأشيرات التي منحت بالفعل 15٠0(‏ 
تأشيرة) لم يجر إلغاؤهاء وأن التعليق لا يتصل إلا بالطلبات التالية. 


وفي هذه المسألة» استعاد قايتسمان خطابه المعتاد: إن الصهيونية هي الوسيلة 
الوحيدة لصون الشبيبة اليهودية المنتمية إلى أوروبا الشرقية والوسطى من جاذبية 
القوى الثورية والهدّامة0”). وفي تلك الأثناء» نجد أن روتنبرجء الذي يرأس القاعاد 
ليوميء يقترح على وزارة المستعمرات تكوين وكالة عربية وخطة لتنمية شرق 
الأردن. وهو يسعى إلى تمزيق الجبهة العربية عبر إثارة اهتمام النشاشيبيين بهذا 
المشروح9*. 

وفي "١‏ مايو/ أيّارء يجري استقبال قايتسمان. بصحبة ليون بلوم؛ في الكيه 
دورسيه(”"). فيطلب مرة أخرى امتيازًا زراعيًا في الأراضي السورية في منطقة 
الحوله. فيحيله بيرتلو إلى المندوب السامي بونسو وإن كان لا يمنحه سوى القليل 
من الأمل» وذلك بالنظر إلى المصاعب التي لابد من توقعها من الناحيتين السياسية 
والمادية مع السكان الحاليين» الملأكء المسلمين. ومرة أخرىء يُقدَمْ فايتسمان بشكل 
متفائل ما لا يعدو أن يكون غير رفض مهذب من جانب السلطات الفرنسية!'©. 
وهو ينخرط في مشروع كبير لشراء أراض من بحيرة طبريه إلى القنيطره. 
وسوف يأتي التمويل (مليون جنيه) من إدمون دو روتشايلد واللورد ملتشيت 
وفيليكس واربورجا"". 
التزامات وأهداف الانتداب 


الدورة السابعة عشرة للجنة الانتدابات مُكرّسة لفلسطين7"). وهي تبدأ أعمالها 
في " يونيو/ حزيران في جنيف. ونائب سس كرتير الدولة (البرلماني) بوزارة 
المستعمرات؛ دراموند شيلزء هو الذي يرأس الوفد البريطاني9'). وهو يذكرٌ 
بمضمون تقرير شو وبواقع أن مسألتي الأرض والهجرة سوف تتم معالجتهما في 
تقرير سمبسون. ويجري تكريس وقت طويل من المناقشة لمسألة الحائطء وإن كان 
دون التمكن من تناول أساس الملفء لأنه من اختصاص اللجنة الخاصة لعصبة 
الأمم. ويذكر' لوك بالوقائع على نحو ما نظرت إليها الإدارة البريطانية. فتنهممر 
المؤاخذات على رأس القائم السابق بأعمال المندوب السامي» الذي يدافع عن نفسه 
بالتذكير بأن من السهل على المرء أن يكون حكيمًا بعد وقوع الأحداث. 


لحان 


أمّا مقر اللجنة» ان ريسء وهو مؤازر للصهيونية» فهو يرى أن 
البريطانيين قد أخطأوا حين ظنوا أن العرب يستهدفون اليهود وحدهمء وبسبب 
بواعث اقتصادية واجتماعية: 
إن قلاقل شهر أغسطس/ آب 15375. وكذلك القلاقل السابقة من النوع نفسه؛ لا تمثل 
في الواقع غير جانب خاص من جوانب مقاومة يبديها الشرق في كل مكان, بتقاليده 
الإقطاعية البالية» للغزو من جانب تمدن أوروبي. أدخلته إدارة غربية وساعده, في الحالة 
الماثلة» النشاط اليهودي. 


وهو يأخذ على تقرير شو أنه لم يراع قط حق اليهود في وجودهم ونشاطهم 
في فلسطين. وهو يوضح أن العنصر اليهوديء بحسب ميثاق الانتداب. إنما يعد 
شريكا للإدارة في عمل التمدن. كما يؤكدء معتمذا على تقرير سنيل» حدوث تدبير 
متعمد للقلاقل من جانب القادة الدينيين والسياسيين العرب. فما حدث يشبه ما يحدث 
في الهندء حيث يُعَدُ غاندي: بسبب حملات العصيان المدني التي يقودهاء مسئولاً 
عن القلاقل التي يزعم أنه لم يحرض عليها. ومن المؤكد أن الحاج أمين هو 
المذنب الرئيسي المسئول عن أعمال العنف. 

فيرد شيلز بأنه بسبيله إلى تحويل الدورة إلى لجنة شو ثانيةء في حين أنها لا 
تملك إمكانات هذه الأخيرة لإجراء تحقيق في الساحة وأن التقرير قد كتب على أثر 
نقاشات متناقضة في اتجاهاتها. ولا يستند فان ريس إلا إلى مذكرة الوكالة 
اليهودية» دون أن يحاول سماع الأطروحات العربية» التي قد تكون متماسكة تماسك 
أطروحات الوكائة اليهودية27"). فيرد قان ريس بأن اللجنة أدرى بانتفاضة الأهالي 
وأنه إنما يعبر عن أفكاره الشخصية. 

ويجري تناول الأسباب العميقة. فيعترف شيلز بأن العرب قد تمسكوا دومٌا 
برفض الانتداب. لكن عصبة الأمم هي التي حددت شروط الانتداب ... وفيما 
يتعلق بالمعطيات الاقتصادية والعقارية» فإنه يتوجب انتظار تقرير سمبسون. 
فيجري تذكيره بأن بريطانيا العظمى هي التي سلّمت فلسطين لعصبة الأمم وبأنها 
هي التي حددت شروط الانتداب ... فيتمسك شيلز بموقفه. 


71 


وفيما يتعلق بالحكم الحرء يرى أعضاء اللجنة أن البريطانيين يخلقون ارتباكا 
إذ يخلطون المشكلات الدستورية بمشكلات الإدارة المحلية. فيؤكد شيلز أنناء في 
الحالتين» بإزاء مبدأ واحدء وأن البريطانيين قد طرحوا بصورة منتظمة مقترحات 
بشأن إقامة مؤسسات نيابية» وهي مقترحات رفضها العرب: «بالإمكان اقتياد 
حصان إلى مورد ماءء إلا أن من غير الممكن إرغامه على الشرب». 

ما رئيس اللجنة» الماركيز تيودولي» فهو يرى أنه يجب العثور على حل 
وسط يكفل في آن واحد تطور المقام القومي اليهودي والحكم الذاتي العربي: قعلى 
أي حال؛ ربما يكون الحصان قد أدرك أن الماء ملوث وأن لديه أسبابًا ممتازة 
للامتناع عن الشرب. والحال أن رايّارء أحد أعضاء اللجنة؛ إنما يوضح له 
التناقض: إذا منحنا الحكم الذاتي الكامل للعرب. فسوف يستخدمونه ضد المقام 
القومي اليهودي. 

ويقدم ثان اريس النقطة التالية في جدول الأعمال: المسألة الزراعية ومسألة 
الهجرة. فيعود شيلز إلى التذكير بضرورة انتظار تقرير سمبسون القادم. فتجري 
مناقشة قشة الموضوح. ولكن من زاوية استرجاعية لأن من المستحيل معرقة التوجهات 
المستقبلية للدولة المنتَدبّة. . ويستخدم الجميع تقارير وملاحظات الأعوام السابقة. ثم 
يركز المندوب البريطاني على تعزيز قوات الأمن. فيستأنف ثان ريس هجماته على 
مفتي القدس ويشير إلى تدخله في الشئون اللبنانية: إنه يبحرض على القلاقل ليس 
فقط مسلمي فلسطينء وإنما أيضنا مسلمي البلدان المجاورة. ويقلل شيلز مسن شأن 
المسألة: إن فرنسا لم ت تحتج رسميًا على ذلك. ويشار إلى التباس وضعية الحاج 
أمين: إنه ليس معيّنَا من جانب حكومة فلسطينء بينما يحصل على راتب من 
الإدارة لقاء وظائفه. فهل هو موظف؟ 

ثم يجري استئناف نقاش مهم. فلجنة الانتدابات موجودة للعمل على مراعاة 
المهمة التي قررتها عصبة الأمم» لا للعمل على تعديل هذه المهمة. وبما أن 
المطالب العربية غير منسجمة» فمن غير الممكن تلبيتها. بيد أن س لطة الاتتداب 
يجب أن تتعامل مع عنصري السكان بشكل متساو... ويجري ترك مسألة القلاقل 
للانتقال إلى استعراض مختلف نشاطات الإدارة. وبعد رحيل الوفد البريطانيء 
يجري الاستماع إلى تقارير حول عديد من العرائض التي وصلتء وهي عرائض 
يهودية وعربية على حدٌّ سواء. 


204 


والحال أن اللجنة» في تقريرها إلى مجلس عصبة الأمم إنما تعبر عن عدد 
معين من التحفظات حول تقرير لجنة شوء الذي يبدو لها جد متسامح حيال موقف 
القادة العرب. ودورها ليس البت في المسئوليات بين اليهود والعرب؛ بل تقييم 
موقف إدارة الانتداب. وأحداث عام ١174‏ لا يمكن اعتبارها مناوئة لليهود 
وحدهم: فبقدر ما أن العرب يرفضون شروط الانتداب فإنهم إنما يقفون» بهذا القدر 
نفسه. في وجه الدولة المكلفة بتطبيق هذه الشروط. وفي صعود التوترات اعتبارً! 
من عام 11748.ء لم تشأ إدارة الانتداب حسم مسألة الوضع القائم واستخدام سلطاتها 
البوليسية لمنع الخطب المحرضة على الاضطرابات والصادرة من المعسكرين. 
وهي لم تتخذ تدابير أمن مناسبة ووجدت نفسها وقد تخطتها الأحداث. 

وتعترف اللجنة بأن مهمة الدولة المنتدبّة إنما تعد حساسة وصعبة بشكل 
خاص. بيد أنها ترى مع ذلك أن إدارة الانتداب غير فاعلة بالأحرى في مهمتها 
المتمثلة في تشجيع إقامة المقام القومي اليهودي. ومع استحالة العفور على حل 
سياسي» تتصح اللجنة بدرب التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوهمي» الذي تتصور 
أن بوسعه إيجاد علاج لجميع المصاعب. فهي ترى أن إتاحة فرص اقتصادية 
واجتماعية جديدة للسكان سيكون من شأنها الاتجاه إلى صهر المصالح: «الذي 
يساعد. بأفضل من أي وسيلة أخرى؛ على إنماء حس التضامن وإضعاف 
التناحرات». 

وتوافق اللجنة على الموقف البريطاني الذي يؤكد على القيمة المتساوية 
للالتزامات المنصوص عليها لصالح عنصري السكان وواقع أنها التزامات لا 
يستحيل التوفيق بينها. وهي تميز بين أهداف الانتداب والالتزامات الحالية للدولة 
المنتدبّة. فالأهداف هي إقامة المقام القومي اليهودي وتدشين مؤسسات للحكم الحر. 
ولا يمكن تحديد أي موعد لإنجاز هذه الأهداف: فهي تتوقف على كثير مسن 
الظروف التي تخرج عن سيطرة الدولة المتتدبّة. وتتمثل الالتزامات الحالية فسي 
توفير وضع من شأنه تأمين إقامة المقام القومي اليهودي وتأمين قيام مؤسسات 
الحكم الحر أيضًا. ويتعلق الأمر بسيرورة حركية: 

بين طرفي هذا الالتزامء لا يعترف الانتداب لا بصدارة من حيث الأهمية ولا بأولويسة 


ومن الخطأ إدعاء أن الدولة المنتدبة تتحمل المسئولية. بعد مضي ثمانية أعوام على 
سريان مفعول الانتداب, عن أن فلسطين ماتزال تجد نفسها محرومة من نظام حكم حرء كما 
أنه لا مشروعية لمؤاخذتها على واقع أن المقام القومي اليهودي لم يحقق البتة بعذ تطوره 
الكامل. فهذه أهداف الانتداب» وتحقيقها لا يشكل بالنسبة للدولة المنتديّة التزامًا حاليا 
ومباشرا. فهذا الالتزام لا يتألف من شيء آخر سوى العمل على أن تتوافر وتتواصل في 
فلسطين مجموعة من الظروف المؤاتية للتحقيق التدريجي للهدفين المعهود بهما إلى 
الانتداب. 

وليس من شأن سياسة الدولة المنتبّة أن تستدعي انتقادات مشروعة إلا إذا ماللت 
إلى تجميد المقام القومي اليهودي في الحالة الراهنة لتطوره أو إلى تجميد المؤسسات 
السياسية في فلسطين في شكلها الحالي. ومن حيث الأعمال التي تؤكد هذه السياسة بشكل 
متواصل كما من حيث النتائج التي تم التوصل إليها بالفعل فإن هذه السسياسة لا تسستحق 
البتة مؤاخذة كهذه[...]. 

والحال أن سكان فلسطينء لو نفد صبرهم أكثر من اللازم؛ لن يكون بوسعهم سوى أن 
يعرقلواء على حسابهم. سير عمل نظام لا يمكن لانتقاداتهم أن تطال أسسه الدولية. 

وعصبة الأمم لها الحق في أن تتوقع من الفلسطينيين, أَيا كان الجنس الذي ينتمون 
إليه» أن يعترفوا اعترافًا مخلصا بمآثر نظام يقود البلد. مع تضمنه لضمانات فعالة ضد 
التعصف. إلى حالة سياسية سوف يقدرونها بمرور الوقت لاسيما أن غالبيتهم لم تحز قط 
حرية سياسية ولا حتى استفادت من ضمانة كاملة للحرية الفردية. 

إن نظام الانتداب إنما يسمح بأن تتشكل في فلسطين جماعة سياسية على غرار الأمم 
الأخرى التي وجدت في تباين عناصرها مصدرًا لحيويتها واستمدت روح التسامح من تنوع 
الديانات. 


وفي مرحلة أولىء يرفض البريطانيون تهمة عدم الفعلء متعللين بأن إنشاء 
المقام القومي اليهودي إنما يعود إلى اليهود لا إليهم هم. وهم يرون أن إدارة 
الانتداب لم تقصّر في القيام بمهمتها الإنمائية» بالرغم من إمكاناتها المحدودة. 


والدليل على ذلك هو أن لجنة الانتدابات لم توجّه انتقادات في هذا الصدد في 
الأعوام السابقة. 


36 


ومنذ غداة الاضطراباتء» يعكف تشانسلور على إعادة تنظيم قوات حفظ 

النظاء(" ام!'"). وقد راوده الأمل في أن ينتزع من سلاح الجو حو الكلكي عيب لقا عن 
0 هذه المهمة إلى وزارة الحربية: إلا أنه لم يتمكن من تحقيق هذا 
الأمل. وبالمقابل» أرسلت لندن مفتش الشرطة العام في سيلان» هربرت ل. 
دوبيجين» لإجراء استقصاء حول إصلاح الشرطة الفلسطينية. وعلى أثر تقرير 
قدّمه في أبريل/ نيسان ,١3172١‏ يجري تعيين قيادة جديدة وتعزيز القوات البريطانية 
بصورة خالصة. وتزداد إمكانات واختصاصات إدارة التحقيق الجنائيء المكلفة 
بالمهام الاستخباراتية. كما يجري إصدار تشريع يعلق الحريات ويمنح المندوب 
السامي سلطات أكبر. 
تقرير سمبسون 

انتظار تقرير سمبسون هو بمثابة فترة انتقالية في فلسطينء لأن بريطانيا 
العظمى لم تحدد بعد سياستها في الأمد الطويل. والبريطانيون على دراية جيدة 
بمجريات الأمور بحيث يمكنهم معرفة أن الأماني الخيرة التي أعربت عنها لجنة 
الانتدابات إنما تلقى الرفض من جانب المعنيين. والحال أن تشانسلور إنما يعترض» 
في 4 يونيو/ حزيران 21512١‏ على استعادة مشروع الوكالة العربية), متذرًعًا 
بأن المسلمين يتمتعون بالفعل بأغلبية الاختصاصات الطائفية المقترحة وبأن هذه 
المؤسسة لن يكون من شأنها سوى زيادة حدة الانفصال بين اليهود والعرب. أمّا 
النتائج الأولى لبعثة سمبسون فإنهاء بعيدًا عن أن تتعارض مع استنتاجات لجنة شوء 
إنما تعززهاء ومن هنا ضرورة الحفاظ على تعليق الهجرة2©. 

وإذا كان المندوب السامي يميل إلى تقييد للهجرة ولنقل الملكيات العقاريئة» 
فإنه عازم أيضاء بشكل حازمء على فرض احترام النظام العام. وهو يحافظ على 
حظر إقامة جابوتنيسكي9") ويعطل الصحف اليهودية والعربية التي نشرت مقالات 
استفزازيةا”")» ويلجأء بالرغم من تدخلات السلطات الدينية الإسلامية والمسيحية» 
إلى إعدام ثلاثة من العرب الذين صدرت ضدهم أحكام بالإعدام ١7(‏ يونيو/ 
حزيران )١150‏ بسبب جرائم ارتكبت في أغسطس/ آب 27159" (وبالمقايبل» 
فإن اليهودي الوحيد الذي صدر حكم ضده سوف يجري العفو عنه في شهر 


"1١ 


أغسطس/ آب). وتنشر الصحافة العربية التصريحات الوطنية التي صدرت عن 
هؤلاء الشهداء الأوائل قبل إعدامهم7"). وبما أن الشبان المسلمين» بدفع من 
جذريين كأكرم زعيترء قد أصبحوا أداة النضال المعادي للانتداب» فإن المندوب 
السامي يحظر على الموظفين توظيفهم7"". أُمَّا زعيتر نفسه فإنه يتم اعتقاله 
ومحاكمته ووضعه تحت المراقبة في إقامة جبرية. ويجتمع تشانسلور باللجنة 
التنفينية» قبل أن يأخذ أجازته الصيفية» لكي يبلغها بأنه سوف يعتبرها مسئولة عن 
أي اضطراب قد يحدث9". وهو يشير إلى أن من مصلحة العرب ألا ينخرطوا في 
تظاهرات في غير محلهاء فهو خير من يدافع عنهم. 

والحال أن القادة العربء وقد عادت إليهم الطمأنينة» إنما يسارعون إلى 
المشاركة بحرارة في حفل التوديعء الذي يقاطعه اليهود. وتروج الشائعات بأن 
أعمال بعثة سمبسون سوف تميل إلى صالح العرب. بل ويقال إن رئيسها قد أعلن 
أنه قد أرسل للبحث لليهود عن أراضء وإن كان على العرب أن يجدوا لهم هذه 
الأراضي. 

أمّا التظاهرات التي في غير محلها فهي احتفالات تأبين «شهداء الإسلام». 
وكان المندوب السامي قد حظر أي احتفال ماعدا الاحتفال بذكرى الأربعين. وهذا 
موضوع نقاش لاجتماعات اللجنة التنفيذية العربية(”'). والمفتي يشارك الآن في 
اجتماعات هذه اللجنة. وهو يلقي فيها خطبة جد عنيفة: إن فلسطين لن تصبح 
مستقلة إلا باتحاد البلدان العربية» وهو ما سيتحقق سريعًا بفضل مساعي شكيب 
أرسلان ورياض الصلح. ما الإنجليز فإنهم لن يقدموا تنازلات حقيقية. ولن يتسنى 
الفوز بالاستقلال إلا بالقوة. ثم ينسحب المفتي بعد ذلك لكي لا يكون شريكا في 
اتخاذ القرارات. ويلقي عزة دروزه خطبة لها الطابع عينه. لكن المعتدلين يتغلبون. 
ويلمح عوني عبد ألهادي إلى المخططات الصهيونية التي تستهدف الأرض السورية 
ويشير إلى تحفظات السلطات الفرنسية. وبما أن رياض الصلح على اتصال دائم 
بالحاج أمين وعونيء» فمن المرجح أن المعلومات تجئ منه: إن اتصالاته 
بالصهيونيين تساعد خاصة على الوقوف على مشاريعهم. 

والنداء الداعي إلى الاحتفال بذكرى الأربعين لرحيل الشهداء يتوجهء عدة 
مرات»ء إلى «الفلسطينيين» وليس إلى «العرب الفلسطينيين»7”). وذلك بمثل ما أن 


"1 


الوفد الذي جرى إرساله إلى لندن قد سمّىّ بالوفد الفلسطيني7”") وليس بالوفد 
العربي الفلسطيني؛ كما في .1477-1937١‏ وهكذا فإن تاكيد الهوية الخاصة 
للفلسطينيين إنما يعد معاصر! ومكمّلا لاستعادة الخطاب القومي العربي (فمخاطببة 
العالمين العربي والإسلامي منتظمة). ويبدو أن التمييز يحدث بين استخدام داخلي 
تمامًا لمصطلح «الفلسطيني» ضمن إطار داخلي خالص وإحالة «عربية» عند 
مخاطبة العرب الآخرين. 

وتقتصر اللجنة التنفيذية العربية على تنظيم إضراب عام يوم *” أغسطس/ 
آب إحياءً لذكرى القتلى العرب في السنة الماضية. وكل هذا يحدث في هدوء8”". 
وإذا كان الحاج أمين وعوني من دعاة الوحدة العربية» فإنهما أيضنًا متنافسان 
سياسيّان. وإذ يشعر الحاج أمين بالاستياء من انتقادات منافسة» فإنه يستفيد مسن 
المصاعب المالية للمجلس الإسلامي الأعلى لإعفاء محامي المؤسسة من وظائفه. 
وعندئذ يضاعف عوني من حذة النقد الموجّه إلى المفتي؟"). ويغتنم رياض الصلح 
فرصة زيارة إلى فلسطين لكي يوفق بين رفيقيه. وهذا التأكيد لسلطة المفتي يستثير 
استياء أعضاء اللجنة التنفيذية العربية» ويتزعم راغب النشاشيبي المعارضة من 
جديدا””). ويزيد من الشقاقات في صفوف القيادة العربية توترٌ جديد بين المسيحيين 
والمسلمين على أثر حوادث طائفية في يافا بشأن مسألة ملكية ججّانة0, 

وفي لندن. يواصل قايتسمان مناقشاته مع مسئولي الحكومة البريطانية. 
ومالكوم ماكدونالد بمثابة وسيط ثمين له. وسوف تجري مراعاة ملاحظاته حول 
تقرير سمبسون عندما يصبح هذا التقرير معروفال"). وللرذ على انتقادات غير 
الصهيونيين الأميركيين» يجري تعديل قوام اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية» الأمر 
الذي يُعَدُ بعيدا عن أن يكون قادرًا على تخفيف المصاعب المالية الجسيمة والني 
ترجع في الواقع إلى امتداد الأزمة الكبرى إلى الولايات المتحدة. ويضطر فايتسمان 
إلى مواجهة انتقادات قادمة من كل حدب وصوب بينما يشن التصحيحيون حملة 
واسعة ضد اعتداله. 

وفي شهر أغسطس/ آب» ينقل سمبسون استنتاجاته إلى وزارة 
المستعمرات7””*). وهو يرى أن إدارة الانتداب قد فشلت في مهمتها وذلك بسماحها 
بهجرة يهودية كبرى ألحقت ضرر! بالعربء الذين جرت إزاحة عدد كبير منهم 


"1 


والذين يجدون أنفسهم بلا أراض. ومن حسن الحظ أن الإدارةء عبر حكمة لا 
واعيةء قد فرملت هذه الهجرة. وهو يرى أن إمكانيات فلسطين الصناعية محدودة: 
ومن هنا الجانب الأساسي المتمتل في المسألة الزراعية. والحال أن خطساب 
الصهيونيين الرسمي حول نواياهم الحسنة تجاه الفلاحين العرب لا يستند إلى أي 
شيء جاد. ويستفاد من مناقشات خاصة مع اليهودء وخاصة مع نسائهم» أن المل 
الوحيد هو نقل العرب إلى شرق الأردن. وهذا الموقف تتخذه خاصة مستوطنات 
المنظمة الصهيونية» وذلك لأن جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين التي يتولى 
أمرها آل روتشايلد تستخدم» على عكس هذه المستوطناتء عمالاً عربا وتحتفظ 
بعلاقات ممتازة مع جيرانها العرب. والحال أن الحظر الذي فرضته المؤسسات 
الصهيونية على الاستعانة باليد العاملة العربية إنما يعد أحد أهم العوامل المسئولة 
عن تدهور الوضع. وقد ترتبت على إقامة نظام قضائي حديث عواقب مؤسفة. 
فالمحاكم تطبق القوانين تطبيقًا صارما وتطرد المستأجرين دون وجه حق (الأمر 
الذي ما كان يمكن له أن يحدث من جانب محكمة عثمانية). كما أنها تعمل لصالح 
الدائئين وتعزز بذلك من عبء المديونية الفادح الذي يضغط بالفعل على الفلاحين 
العرب. ويجب إنشاء لجنة للتنمية تتمثل مهمتها في تمكين الزراعة الفلسطينية مسن 
إعاشة جماعة سكانية أكبر بكثير. والمالية الفلسطينية عاجزة عن دعم مجهود كهذاء 
ولذا قإن على حكومة لندن أن تتحمل عبء الوفاء به. وتلك هي الوسيلة الوحيدة 
لصون الانتداب. أُمّا المفتي فهو رجل خسيس النوايا ويجب التخلص منه. وبالمثل» 
فإن الاشتراكيين يلعبون دور! زائذا عن الحد في المؤسسات الصهيونية وينتهجون 
سياسة باهظة النفقات. ويجب الاعتماد على أناس كواربورج لكي ترجع الوكالة 
اليهودية إلى التوجه نحو الاستثمارات ذات الربحية. 

وقد عمل سمبسون في اتصال وثيق مع تشانسلورء» حتى وإن كانت آراؤه 
تختلف مع أرائه حول بعض النقاط. والحال أن تشديدهما معًا على الجوانب المفيدة 
لعمل اليهود غير الصهيونيين (إدمون دو روتشايلد» واربورج) إنما يتماشى في آن 
واحد مع تحليل اقتصادي واجتماعي (العلاقات الطيية التي تحتفظ بها جمعية 
الاستيطان اليهودي في فلسطين مع بيئتها العربية» منطق ربحية الاستثمارات وعدم 
السعي إلى اقتحام الأرض كما عند الصهيونيين الاشتراكيين) ومع استراتيجية 

ع0" 


سياسية: فهما يريدان عزل قايتسمان داخل الوكالة اليهودية باللعب على ورقة غير 
الصيهونيينء, اللذان يعرفان صداماتهم المتكررة مع رئيس المنظمة. وهما يرتبان 
تحركاتهما لإبلاغهم بمضمون استنتاجاتهمال. 

ويجري إنشاء لجنة وزارية لإعادة النظر في الملف الفلسطيني7”*"). وهي تسلم 
استنتاجاتها في منتصف سبتمبر/ أيلول .١17١‏ وتتألف هذه الاستنتاجات من 
ضرورة تعزيز الحامية سعيًا إلى تأمين القانون والنظامء و؛ في موضوع الحكم 
الحرء من ضرورة العودة إلى مقترحات السير هربرت صمويل الدستورية. ويجب 
إيلاء الأولوية لتحسين وضع الزراعة العربية. ويجب أن يكون نقل الملكيات 
العقارية مشروطا بهذا الهدف. وهو ما يعني حدًا شديذا من مبيعات الأراضي 
للصهيونيين في الأعوام القادمة. وهؤلاء الأخيرون يحوزون على أي حال احتياطيًا 
عقاريا مهما لم يجر استغلاله بعد. ويجب تعديل التشريع الخاص بالهجرة. 
فتأشيرات دخول المهاجرين يجب منحها من جانب الحكومة وليس من جانب 
المؤسسات الصهيونية التي يسيطر عليها الاشتراكيون. ويجب لطاقة الاقتصاد 
الاستيعابية أن تراعي وضع مجمل سكان فلسطين لا وضع عنصرهم اليهودي 
وحده (أي عدم الاكتفاء بمراعاة البطالة اليهودية وإنما مراعاة البطالة العربية 
أيضا). ويكمن صالح الجميعء اليهود والعرب والبريطانيين» في التعاون المخلص 
من أجل بلوغ هذه الأهداف. 

وبعد ذلك ببضعة أيام» تصل الأرقام التقديرية للمبالغ اللازمة لتنفيذ 
المقترحات الإنمائية التي طرحها سمبسون: أكثر من ١‏ ملايين من الجنيهات خلال 
عشر سنوات! وإذا ما جرى اللجوء إلى قرضء 'فإن هذا إنما يعني فائدة على 
القرض تصل بالدين إلى نحو 4٠٠ ٠٠٠‏ جنيه في العام الواحد! وبالنظر إلى 
الحالة المؤسفة للمالية البريطانية» فإن العملية إنما تعد مستحيلة. ولابد من إعادة 
النظر في المشكلة. 

وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأولء يلتقي ياسفيلد قايتسمان وينقل إليه 
استنتاجات اللجنة(*). فيحتج قايتسمان. وكعادته» يتحدث عن خطر «تجذر» يهود 
أوروبا إذا ما وجد المقام القومي نفسه وقد جرى «خنقه» بذلك. وقد تحدث سكرتير 
الدولة عن قرض تصل قيمته إلى مليوني جنيه تتكفل مالية فلسطين بضمانه. فيثور 


"50 


الزعيم الصهيوني: إن تنمية الزراعة العربية سوف تتم بأموال مكتوب لها أن* 
تضيع وسوف يدفع دافع الضرائب اليهودي في فلسطين حصة كبيرة منها””)! وبعد 
أن درس الملفء فإنه يعترض على أي إصلاح زراعي من شأنه أن يعود بالفائدة 
على القطاع العربي وحده من السكان كما من شأنه أن ينذر بزوال المقام القومي 
اليهوديء وهو ما لا يمكن أن يكون ما تنويه حكومة صاحب الجللة/*". 

ويحاول الزعيم ااصهيوني القيام بمناورات تعطيلية» بيد أنه لا ينجح في 
الحيلولة دون نشر تقرير سمبسون والتصريح السياسي (الكتاب الأبيض الصادر 
عن باسفيلد) في 5١‏ أكتوبر/ تشرين الأول .)*9147٠‏ وهو يتنحى على رعوس 
الأشهادء في ٠١‏ أكتوبر/ تشرين الأولء عن قيادة المنظمة الصهيونية والوكالة 
اليهودية. 

وفي فلسطين» يرفض الحاج أمين مشروع الجمعية التشريعية باعتباره غير 
كافء في حين أن النشاشيبيين يعلنون تحبيذهم للموافقة عليه!”'). والواقع أن العرب 
إنما يبدون مرتاحين إلى ما يعتبرونه» محقين» تقدمًا مهمًال''). وهكذا لا يحدث 
إضراب في "١‏ نوقمبر/ تشرين الثاني» ذكرى صدور تصريح بلفور. 
الخطاب الأسود 


استراتيجية فايتسمان واضحة: إثبات وحدة العالم اليهودي حول شخصه سعيًا 
إلى التأثير على الحكومة البريطانية. ونجاح الرجل صارخ. ففي 5" أكتوبر/ 
تشرين الأول» يستقيل واربورج بدوره من قيادة الوكالة اليهوديةء جارًا وراء 
فايتسمان مجمل غير الصهيوتيين الأميركيين. ويرفض جميع الصهيونيين الكتاب 
الأبيضص الصادر عن باسفيلد» بما في ذلك جمعية بريت شالوم. وهكذا نجح 
فايتسمان» مؤقتاء في تحقيق الاتحاد المقدس حول شخصه. ومن لندن إلى وارسوء 
ومن نيويودك إلى رأس الرجاء الصالح» تنظم الحركة الصهيونية تظاهرات 
احتجاج ضخمة ولا تترك بابًا دون أن تطرقه. وهكذا فإن اللورد ملتشيت يتوجه 
بالخطاب إلى سفير فرنسا لدى لندن لكي يحيطه علمًا بسخط يهود العالم بأسره"©. 
وهذا الوزير السابق في حكومة الأحرار والصناعي المهم يجرؤ على التساؤل عن 
الدولة الأخرى التي يجب أن يُعْهْدْ إليها بالانتداب على فلسطين: 


"00 


سوف تستأثر فرنسا بكل تفضيلاته ومن شأن اتحاد سوريا وفلسطين أن يسهل التنمية 
الاقتصادية للبلدين إلى حد بعيد. والسيد موسوليني مستعد تمامًا للحصول على الانتداب. 
لكنه هو نفسه [أي ملتشيت] وغالبية اليهود إنما يفضلون الاعتماد على قرنسا عن طيسب 
خاطر. 


ويسارع سفير فرنسا إلى إبلاغ وزارة المستعمرات البريطانية بانزعاجاته؟"). 
فهياج اليهود يمكن أن تترتب عليه عواقب رهيبة: فهم بسبيلهم إلى سحب أموالهم 
من ألمانيا (في ذلك الوقتء تضرب الأزمة العالمية ألمانيا بقسوة مع السحب الواسع 
لرعوس الأموال الأجنبية)» وقد يفعلون الشيء نفسه في فرنسا وفي بريطانيا 
التط 

ويجري تحريك كل الممارسة القايتسمانية الخاصة بالاعتماد على جماعات 
الضغط. فالمعارضة المحافظة (ستائلي بالدوين» أوستن تشامبرلين» ل. س- أيمري) 
ترفض التصريح السياسي الذي يتعارض مع التعهدات البريطانية أمام عصبة الأمم 
ويجازف بأن تترتب عليه عواقب بالنسبة لموقف يهود الولايات المتحدة والبلدان 
الأخرى. أمّا لويد جورجء فهو يؤيد تحرك المحافظينء بالأصالة عن فصيله في 
حزب الأحرار. والحال أن مصداقية بريطانيا العظمىء والتي تعد الرصيد الرئيسي 
لسياستها الإمبراطورية» إنما تتعرض للتهديد (رسالة إلى التايمزء نشرت في ؟” 
أكتوبر/ تشرين الأول). وفي منتصف نوقمبر/ تشرين الثاني» تضطر الحكومة إلى 
مواجهة سجال صاخب في مجلس العموم وفي مجلس اللوردات. 

فتتنصل وزارة المستعمرات من القرار معربة عن أسفها لعدم التشاور معها 
سلفا قبل اتخاذه”"). وكان وزير الشئون الخارجية البريطاني في جنيف. لحضور 
دورة مجلس عصبة الأمم عندما أجرت الحكومة مداولاتها. 

وفي فلسطينء ينزعج العرب بسرعة من الهياج الذي خلقه اليهود. فيتجذرون 
بدورهم ويقررون تنظيم حملة مضادة في البلدان الإسلامية”'). وهم يرون النفوذ 
الخفي لليهودية العالمية والذي سيفضي إلى تنازلات بريطانية [لليهود]. فيفك رون 
في تدشين حركة عصيان مدني. وهو ما يدفع تشانسلور إلى تحذير لندن: إن هناك 
اتجاها إلى انتفاضة عامة جديدة(”'). ومن المرجح أن المندوب السامي يْضَخمٌ 


ا" 


بشكل مسرف من مخاطر العنفء إلا أنه لم يخطئ فيما يتعلق بعواقب تراجع 
الحكومة البريطانية. 

وفي 5 نوثمبر/ تشرين الثانيء يلتقي رمزي ماكدونالد قايتسمان!'') لكي يبلغه 
بقراره تشكيل لجنة وزارية فرعية مهمتها دراسة الوضع في فلسطين مع 
الصهيونيين*'). وينتقل الملف إلى إشراف وزارة الخارجية» ويتولى هندرسون» 
سكرتير الدولة للشئون الخارجية» رئاسة اللجنة الفرعية. ويحتفظ مالكوم ماكدونالد 
بدوره كرسول بين أبيه وفايتسمان. وكبادرة استرضائية» يجري منح تأشيرات 
دخول المهاجرين التي كانت قد رقضت في مايو/ أيّارلة©. 

وفي أواخر الشهرء يتم إعداد مشروع نص تفسيري للكتاب الأبيض7:""). ولا 
يكتفي قايتسمان بذلك. بل يسعى إلى تحويل اللجنة الوزارية الفرعية إلى مؤسسة 
دائمة تجرد وزارة المستعمرات من سلطتها على فلسطين وشرق الأردن. وطبيعي 
أن الوزارء تقلوم بكل ما ملكا من قزى هذا الديديد بالتجريد. وطلاوة حلى إضتفاء 
طابع مؤسسي على اللجنة الفرعية. يتصل النقاش بوضعية النص التفسيري (هل 
ستكون له عين مرتبة الكتاب الأبيض؟) وبالتحديد الدقيق لالتزامات الانتداب 
وبتوجُه السياسة العقارية وسياسة الهجرة: إذا كانت فلسطين مزدحمة بالسكان أكثر 
من اللازم بالفعل» ألا يمكن نقل جزء من سكانها إلى شرق الأردن؟ 

وفي حين أن فايتسمان يخامره الانطباع بأنه يتقدم نحو انتصار حاسم فإنه 
إنما يواجه ما يسميه ب«هستيريا جماهيرية»: وبميل إلى التطرف وبنزعة وطنية 
مسرفة «على غرار نزعة هتلر و[ليون] دوديه»» وهي نزعات يلهمها روتتبرج 
والصهيونيون الأميركيون7''). وبما أنه قد صار مثقلا بأعباء جسيمة» فإنه يفكر 
في هجر النشاط السياسيء بمجرد حسم الموضوع7”). ثم إن الوضع المالي لا 

. يزداد إلا تفاقمًا: فمن جديدء تنشأ استحالة في الانتظام في دفع رواتب موظفي 

الوكالة اليهودية في فلسطين» يخامنة اللدرسنة وفي مستهل عام 155١‏ يضطر 
قايتسمان إلى توجيه نداء غوث حقيقي إلى إدمون دو روتشايلد””') (فهو لا يمكنه 
طلب الكثير من فيليكس واربورج» ج» أمّا ألفريد موند اللورد ملتشيت الأول» فقد مات 
للتوً؛ في حين أن ابنه» هنريء اللورد ملتشيت الثاني» قد ربّي باعتباره مسيحيًا). 
والمعجزة وحدها هي التي قد تسمح بتجنب انهيار المقام القومي اليهودي. ويتبرع 


4ه" 


البارون ب ٠١ ٠٠0٠‏ جنيه وسوف يتكفل بتمويل الجناح الفلسطيني (الصهيوني) 
في معرض المستعمرات في عام 1915١‏ 

وفي فلسطينء تسعى المنظمات الصهيونية إلى التستر على الأزمة الاقتصادية 
التي تصيب الييشوف من جديد. وهي تنظّم مقاطعة للمنتجات الأجنبية بهدف 
تشجيع الصناعة المحلية وتقليل عدد العاطلين اليهودا''). ومرة أخرىء يلجأ عمال 
الهستادروت إلى استخدام القوة في طرد اليد العاملة العربية المستخدمة في بيّارات 
البرتقال في منطقة يافال”''). والحال أن أرباب العمل اليهود مستعدون بالفعل ل دفع 
أجر أعلى قليلاً للعمال اليهود؛ لكنهم يرفضون أن يكون تفاوت الأجور بنسبة ١‏ 
إلى ؟ كما يراد فرض ذلك عليهه"”". 

وعلى الجانب العربيء يتمسك الحاج أمين بموقف متشدّد. ويكتب عوني عبد 
الهادي رذًا باسم اللجنة التنفيذية» وهو رد حازم في جوهره وإن كان معتدلاً في 
شكله. وهو يتمتع بدعم اتجاه النشاشيبي. وتصبح المناقشة عنيفة. وفي نهاية الأمر» 
تتم الموافقة بالإجماع على إضافة ذات نبرة أقوىء كتبها عوني عبد الهادي 
أيضنا””” '). وحرصا على تأكيد وحدة العالم الإسلامي» يحقق المفتي الرغبة الأخيرة 
للزعيم الهندي المسلم محمد عليء الذي مات للتو: أن يدفن في الحرم الشريفت5:". 
ويحضر ٠١ ..٠‏ شخص تشييع الراحل إلى مثواه الأخير. ويمتقع النشاشيبيون 
عن الحضور. أمّا قايتسمان فقد أعرب عن قلقه حيال هذا النجاح الذي يعزز موقف 
الحاج أمين الداعي إلى الوحدة الإسلاميةل؟: '). في حين أن شوقت عليء شقيق 
المتوفي والشخصية الهندية المهمة؛ إنما يدعو إلى الاعتدال: فبوسع العرب أن يثتقوا 
بالبريطانيين» وقد أكد له اللورد ياسفيلد أنه لن يحدث تعديل للكتاب الأبيض!:'"... 
وفي عام ١117١‏ أيضاء سوف يجري دفن حسينء ملك الحجاز وشريف مكة 
السابق» في الحرم المقدس. 

وفي مستهل عام »١191١‏ يحس هندروسون بضرورة الانتهاء من الأمر 
بسرعة. وهو يوضح لياسفيلد أن من الواجب وقف التحريض اليهودي في 
العالم7”''). بيد أن الاشتراكي الفابي القديم يتريث. إذ تتألف استراتيجية وزارة 
المستعمرات من التراجع فيما يتعلق بمسألة الكتاب الأبيض وإن كان بشرط احتفاظ 
الوزارة بصلاحياتها فيما يتعلق بفلسطين وشرق الأردن. ويجري إقهام 


1" 


البيروقراطيات الأخرى أن من المستحيل ترك الإدارة اليومية لوزارة المستعمرات 
وترك التوجهات الكبرى للجنة فرعية دائمة سيكون الصهيونيون موجودين فيهاء. 
وإذا ما جرى المساس بشرق بالأردن» فإن ذلك سوف يترتب عليه انفجار فوري 
للعنف('''). والحال أن مالكوم ماكدونالد إنما يبلغ فايتسمان بالأمرا”''). ويتوصل 
باسفيلد إلى نجاح أخير: إن الخطاب التفسيري سوف يجري توقيعه من جانب 
رئيس الوزراء وليس ' ن جانب هندرسونء فيجري بذلك توضيح استقلال وزارة 
المستعمرات عن وزارة الخارجية. 

والحال أن خطاب ماكدونالد إلى قايتسمان والذي يشكل «تفسيرا رسميًا للكتاب 
الأبيض» إنما يجري نشره في ١7‏ فبراير/ شباط1737571'"). وفيما يتعلق بنقل 
الملكيات العقارية وبالهجرة» يجري الرجوع إلى الوضع السابق على تقرير 
سمبسون. وسوف يجري القيام يتحقيق جديد للتعرف على واقع الوضع الريفي في 
فلسطين. كما يجري قبول الاستخدام الحصري لليد العاملة اليهودية» وسوف تقوم 
الإدارة بتوظيف المزيد من اليهود في الأشغال العمومية. أسْا حقوق الجماعات 
السكانية غير اليهودية فيجب تفسيرها تفسيرا تطوريًا وليس بإمكانها أن تعني حظر 
أي تغيير. ولا يرد ذكر للجمعية التشريعية. 

ويسمى العرب هذا التفسير ب «الخطاب الأسود للكتاب الأبيض»*'"". 
عواقب الخطاب الأسود 


يحاول تشانسلور تخفيف شعور العرب بخيبة الأمل مقترخا تحديد موعد 
لتكوين الجمعية التشريعية. وترفض لندن مسايرته وتطلب إليه عدم تقاول شيء 
سوى مسالة الخطة الكبرى للتنمية”'"). وفي ١١‏ فبراير/ شباط: يجتمع المفدوب 
السامي باللجنة التنفيذية العربية. فيتحدث موسى كاظم عن شقاء السكان الذين» بعد 
أن كانوا قد صذقوا الوعود البريطانية» يجدون أنفسهم الآن في وضع أسوأ مما في 
السابق. وقد قام البريطانيون بتسليم العرب لليهود. أمّا مقاطعة اليهود الدائمة للعرب 
فقد جرى إضفاء الشرعية عليها! وفي هذه الظروفء لا يمكن أن يكون هناك مسن 
أمل في التوصل إلى تفاهم مع الصهيونيين. ويحاول تشانسلور أن يوضح له دون 
أن يكون مقتنعًا بذلك بالفعل» أنه لم يحدث تعديل للسياسة؛ فكل ما حدث هو مجرد 


"6 


تبديد لأشكال سوء الفهم. وهو يعلن لأعضاء اللجنة التنفيذية عن قرب رحيله. ولا 
يُرْجع تنحيه إلى ضغوط صههيونية» بل إلى أسباب شخصية. 

وفي بيان مؤْرّخ في 5١‏ فبراير/ شباط"'©» تدعو اللجنة التتفينية الشعب 
العربي إلى الاتحاد وإلى عدم الاعتماد إلا على نفسه وعلى العالم العريبي 
والإسلامي» بما أنه قد تأكد بشكل نهائي أنه لا يمكن توقع أي إنصاف من جاننب 
الحكومة البريطانية» حيث إن خطاب ماكدونالد قد قضى على الآثار الأخيرة للتقفة 
بهذه الحكومة. وهي تدعو عرب جميع البلدان إلى التصدي للاضطهاد وللمقاطعة 
التي يمارسها اليهود في فلسطين ضد العرب. 

وهكذا فإن الآلية الجهنمية التي أطلقتها مسألة خائط المبكى إنما تقود إلى 
تعارض متزايد الحسم باطراد بين العالم العربي والعالم اليهودي» وهو تعارض 
سوف يكون يهود البلدان العربي ضحايا له لا محالة. وكرد فعل» فإن شعور 
الانتماء إلى جماعة تتجاوز الحدود إنما يتحول إلى أداة معركة. وقد أدت الدعوة 
إلى تضامن يهود العالم إلى تأكيد مقابل لهوية عربية جامعة ولتضامن إسلامي. 
ومن حيث المبدأء يدعو عرب فلسطين أيضنًا إلى تدخل «العالم المتمدن»9”, 
لكنهم يميلون بشكل متزايد باطراد إلى عمل مشترك من جانب الشعوب التي 
تسيطر عليها الإمبريالية. وفي الأسابيع التالية» يدعو القادة إلى تدابير جذرية» 
كالعصيان المدنيء بيد أن الفعل العملي إنما يتعرض للشلل من جراء التعارض بين 
الحسينيين والنشاشيبيين. وخلال أعياد الفصح, يتظاهر المسيحيون لصالح اتحاد مع 
المسلمين9'). وإذا كان التوتر قويّاء فإنه لا تقع مع ذلك حوادث مهمة. وبالمقابل» 
وقعت هجمات محدودة في الأرياف ضد اليهود. فيثور التساؤل حول ما إذا كانت 
هذه الهجمات أعمال قطع للطريق أم عملا سياسيًال"'). ويشتبه البعض بتدخل 
الكومنترن رغبة منه في خلق قلاقل في فلسطين. ويرى دروزه أن الهجمات همي 
الأعمال الأولى لحركة نضال مسلح تتألف من فلاحين طردهم الصهيونيون من 
أراضيهم ووجدوا أنفسهم في عشوائيات حيفا. وفي داخل المدينة الصناعية في 
شمالي فلسطين؛ والمستقلة بشكل خاص عن القيادة السياسية في القدسء يتشكل سرًا 
جنين حركة تجِندُ مناضليها من صفوف يروليتاريا تتألف من فلاحين جاعوا مؤخرا 
للاستقرار في الوسط الحضري. ويشك البريطانيون في شيء ماء لكنهم يشتبهون 


ك5 


بوجود حركة إسلامية عامة كبرى ومعادية للإمبريالية يقودها من أوروبا شكيب 
أرسلان بينما يقودها في آسيا شوقت علي. وهم يشتبهون بأن الحاج أمين هو 
وصلة هذه الحركة في فلسطين!!"2. 

والحال أن سمبسون قد أطلق» في تقريره» قنبلة زمنية. فققد أشارء دون أن 
يذكر أسماء. إلى أن أعضاء في اللجنة التنفيذية العربية وأعيان آخرين قد باعوا 
مساحات من الأراضي لليهود. ويؤدي هذا إلى إثارة ضجة كبرى. فتقرر اللجنة 
التنفينية تشكيل لجنة تحقيق في هذا الموضوع تتألف من دروزه ومظفر وعوني 
عبد الهادي. ومهمة هذه اللجنة صعبة لاسيما أن المسألة تصبح سلاخا سياسيًا بين 
الفصائل الفلسطينية. ويتبين أن بعض الشخصيات قد باعت بالفعل مساحات من 
الأراضيء وذلك؛ عموماء لأجل إعادة استثمار المال في مزارع الحمضيات. أَمّا 
الصفقات الأخرى فقد تمت عن طريق سماسرة ووسطاء. فيدافع المشتبه بهم عن 
أنفسهم بأنهم لم يكونوا يعرفون المشتري النهائي. وأخيراء يشار إلى دور عوني 
عبد الهادي في قضية وادي الحوارث. فيدافع هذا الأخير عن نفسه مؤكذا أنه لم 
يفعل سوى ممارسة عمله كمحاما""') . وكل هذه التحريات تستغرق شهوراء وهي 
مناسبة لصدور العديد من الاتهامات» كما أنها تكدّف انزعاج السكان ولا تفضي إلى 
شيء وذلك بقدر ما أن اللجنة التنفيذية سرعان ما سوف تحل نفسها. 

ويذهب قايتسمان إلى فلسطين في أوائل الربيع. فتقاطعه الأحزاب العربية 
كلها. وهو يتهم تشانسلور بالعمل يذا بيد مع الحاج أمين» في حين أن إقائته من 
وظائفه الرسمية من شأنها أن تسمح للعرب المعتدلين بالتمكن من التعاون دون 
خوف مع الانتداب7"'). وكان يأمل أيضنا في الاجتماع بالأمير عبد الله وقد قام 
كيش بالتحضير لزيارته. على أن عاهل شرق الأردن. والذي لا يخفي أطماعه في 
فلسطينء إنما يرفض في نهاية الأمر استقباله29""). ويأمل الزعيم الصهيوني. حيال 
الأزمة المالية لحركتهء في وضع خطة التنمية» التي وعد بها تقرير سمبسون؛ فسي 
خدمة المقام القومي اليهودي: وسعيًا إلى هذا الهدفء فإنه يقَدْمْ مقترحات إلى وزارة 
المستعمرات!”''). ويريد العرب؛ من جهتهمء بالفعل» مناقشة التنمية الاقتصادية مع 
السلطات البريطانية» وإن كان بشرط عدم الاعقراف بالمقام القومي اليهودي 


"5 


والتمسك بالكتاب الأبيض الصادر عن باسفيلد دون الخطاب الأسود. ومع الامتتاحع 
عن أي اتصال بالصهيونيين. 

ويتصل الجدل بمكان المحادثات» لندن أم القدسء وبمقاصد خطة التنميسة. 
ويريد الصهيونيون لندن دون سواهاء الأمر الذي يعد بالنسبة لهم وسيلة لحفظ 
الاتصال بالحكومة مع اختزال دور وزارة المستعمراتء بينما يريد العرب القفدس 
بالطبع» للسبب المضاد. وترى وزارة المستعمرات والمندوب السامي أن الأولوية 
المطلقة يجب أن تكون من نصيب إعادة تسكين العرب الذين لا أرض لهم. 
فتعترض الوكالة اليهودية على ذلك بحزم. فهي ترىء في خطابهاء أن ذلك سيكون 
بمثابة اعتراف بأن اليهود مسئولون عن هذا الوضع. وفي المسكوت عنه؛ فبما أن 
الهدف هو الاستيلاء على الأرض وإيجاد بُعد ترابي للشعب اليهودي؛ فإن ذلك لن 
يعني سوى إزاحة المشكلة. ويسجل المندوب السامي نقطة بعمله على تعزيز حقوق 
المستأجرين في حالة نقل ملكيات الأرض. 

أمّا المؤامرة الإسلامية العامة التي تعزي إلى المفتي فهي ليست في الواقع 
غير رغبة الحاج أمين في طرح نفسه كشخصية رئيسية في العالم الإسلامي سعيًا 
إلى كسب اهتمام الجماهير الإسلامية بمسألة فلسطين مع تعزيز مكانته السياسية 
الشخصية في فلسطين. وفي مواجهة عالم غربي يبدو له خاض عا لنفوذ اليهود 
الخفي؛ كما دل على ذلك الخطاب الأسودء فإنه يسعى إلى أن يجعل من العالم 
الإسلامي» الصورة الأولى للعالم الثالث: الأداة الضرورية للضغط على اتخاذ 
القرار البريطاني. وهو يطرح فكرة عقد مؤتمر إسلامي في القدسء هو المؤتمر 
الإسلامي العام الثالث في قترة ما بين الحربين العالميتين. ومن الواضح أن 
الفلسطينيين إنما يربطون مصيرهم بشكل متزايد باطراد بمصائر المسلمين 
المستعمّرين الآخرين. وهكذا فإنهم يشاركون في التظاهرات التي تجتاح العالم 
الإسلامي ضد ما يسمى بسياسة «الظهير البربري [الأمازيغي]» التي تنتهجها 
فرنسا في المغرب الأقصى''"). والشبان المسلمون هم المعبرون عن هذا التضامن 
الإسلامي!""". 

وفي مستهل شهر يونيو/ حزيران 2157١‏ تنشر اللجنة الخاصة لعصبة الأمم 
تقريرها حول مسألة الحائط""'). ويعترف التقرير بحقوق ملكية المسلمين لمجمل 


يلف 


المبنى؛ إلا أنه سيكون من حق اليهود المجيء إليه في أي لحظة لأداء صلواتهم. 
ويمكنهم إحضار أشياء» ولكن فقط لأجل استخدامات فردية بشكل حصري. أمّا كل 
ما يمكن استخدامه استخدامًا جماعيًا فهو محظور. ومن المحظور القيام بأي 
تظاهرة سياسية هناك. 

ويحتج الطرفان على الشكل. ويشعر المسلمون بأنهم بإزاء انتتصار لهم 
بالأحرىء لكن مزايدة الأحزاب» خاصة حزب النشاشيبيين» إنما تمنعهم من إيداء 
ارتياحهم كم 

ويقود دراموند شيلز الوفد البريطاني إلى الدورة العشرين للجنة الانتدابات» 
في يونيو/ حزيران .١1517١‏ وهو يسعد لعودة السكينة بالرغم من التوتر السياسي. 
ويذكر العدد الكبير للتقارير المرسلة أو التي سوف يتم إرسالها والتي تعالج الملدف 
معالجة تفصيلية. ويتفق جميع المشاركين على أن المسألة العقارية تحتل بؤرة 
السجالات» لكن الحكومة البريطانية لم تعتمد بعد سياسة نهائية» انتظارا لإجراء 
دراسات جديدة. والحال أن ثان ريس. المدافع كالعادة عن الصهيونيين؛ إنما يؤكد 
أن المسألة سياسية بقدر ما أنها اقتصادية» وهو ما يرفضه شيلز: «إن الحكومة إنما 
تأمل؛ على العكس من ذلك؛ في تفادي المصاعب السياسية بالتركيز على الناحيسة 
الاقتصادية». ويتهم قان ريس البريطانيين بأنهم لا يراعون سوى العرب الذين 
جُرّدوا من أراضيهم ولاد تهتم بمصالح الاستيطان اليهودي إلا بشكل ثانوي. ويوافق 
شيلز على ذلكء لكنه يذكر' بأن من منطق خطة الإنماء زيادة طاقة الاقتتصاد 
الاستيعابية. 

وتغطي المناقشة جميع جوانب الانتداب. ويتعلق عنصر مهم بالهجرة: فعندما 
يدخل يهودي إنى فلسطينء فإنه إنما يفعل ذلك بوصفه منحدرًا من بلد آخرء وذنلك 
بالنظر إلى أن مصطلح اليهودي لا وجود له في القانون الدولي فيما يتعلق 
بالجنسية. ويرفض قان ريس هذا الرأي بقدر ما أن تصريح بلفور وميثاق الانتداب 
يعترفان بوجود شعب يهودي. وهكذا فمن الصعب عمل إحصاءات للدخول 
والخروجء إذ تؤخذ في الاعتبار في آن واحد جنسية البلد الأصلي والانتماء إلى 
الشعب اليهودي. ثم إن كل شخص مقيم لأكثر من ثلاثة شهور في فلسطين إنما 
يجري تصنيفه على أنه «مهاجر»» وهو ما يشمل الموظفين ورجال الشرطة 


33 


البريطانيين» ومن هناء منذ عام »١375‏ الزيادة المحسوسة لعدد المهاجرين غير 
اليهود. 

والمناخ أكثر انفراجًا بالفعل مما في السنة السابقة. وتنتوه اللجنةء في 
ملاحظاتهاء بالرغبة «في التوصل إلى تسوية عادلة؛ تستند إلى دراسة معمّقة 
لمجموعة من المسائل ذات الطابع الاقتصاديء وهي دراسة تعتمد الدولة المنتدتّة 
في إجرائها على تعاون السكان». 
سقوط فايتسمان 

منذ عدة شهورء كان قايتسمان قد أَكَد للمقبين منه رغبته في الانسحاب من 
وظائفه القيادية. فهو قد عاش حياةٌ مُّجْهِدَةَ هذه الأعوام الأخيرة وعانى من مشكلات 
صحية. وقد تمنى العودة إلى أعماله العلمية والاهتمام بأموره الشخصية؛ خاصة 
فيما يتعلق بتدبير مداخيل. وهو لم يعد يتحمل عنف الانتقادات التي توجهها إليه 
مختلف الأوساط الصهيونية ويجدء محقاء أنه لم يحدث إدراك لأهمية الانتتصار 
السياسي الذي أحرزه بدفع الحكومة البريطانية إلى تغيير سياستها. على العكس» 
فهناك اتجاه إلى اعتباره مسئولا عن موقف وزارة المستعمرات العدائي. وهو يدفع 
بذلك ثمن تماهيه المتواصلء في القول على الأقلء. مع المصالح البريطانية. 
وأخيراء فإن مسألة خطة التنمية لم تسوه ومشكلة العرب الذين بلا أرض تضع 
عقبة في وجه تقدم المقام القومي اليهودي. 

وفي الانتخابات إلى المؤتمر الصهيوني السابع عشرء الذي كان انعقاده قد 
تأجل بسبب الظروفء يتقدم التصحيحيون تقدمًا ملحوظاء خاصة في يولنده. فلهم 
؟5 مندوباء وذلك في مقابل 5١‏ مندوبًا في عام .١9759‏ ويصبح بوسع جابوتينسكي 
إعلان طموحه إلى «اقتحام» اللجنة التنفيذية الصهيونية. ولا يفقد العماليون غير 
جانب محدود من ساحتهم؛ والفضل في ذلك إنما يرجع إلى رسوخ قاعدتهم في 
الييشوف (75 مندوبًا في مقابل 8١‏ مندوبًا في عام 1171). أمّا الصهيونيون 
العاديون» وهم خليط من الجماعات الوسطية ويشكلون التاخبين الطبيعيين 
لقايتسمان» فهم يسجلون تقهقر! حقيقيًا (44 مندوبًا في مقابل ١46‏ مندوبًا في عام 
84 ثم إن جانبًا مهما من بينهم» خاصة بين صفوف المندوبين الأميركيين» 


36 


إنما يُعَدُ في حالة تمرد على قايتسمان. وفي السياق الذي خلقته أحداث عام 3195575: 
فإن تجذر المواقف هو الميل الطبيعيء أمّا الخطاب التوفيقي الذي اعتمدته القيادة 
الحالية عادة فلم يعد واردًا. 

ويبدأ المؤتمر السابع عشر أعماله في بال في “٠‏ يونيو/ حزيران 
"37١‏ وثُتْرَككُ لسوكولوف كلمة الافتتاح. فيهاجم بقوة «لجان المذابح التسي 
تستهدف اليهود» والتي حولت موجهي الاتهام إلى متهمين والتي أنكرت على 
اليهود حق الاستقرار في أرضهم. . وفي اليوم قلي يلقي فايتسمان خطبة وداع 
طويلة تلْخَصْ أعوامه الثلاث عشر في القيادة ('"')., وهو ما يجري تفسيره على أنه 
رغبة في عدم ترشيح نفسه للقيادة» في حين أن الرئيس مستعد للاستجابة لرجاء 
أصدقائه بأن يسعى إلى كسب مدة رئاسة جديدة. وبعد أن دافع عن واضعي 
تصريح بلفور» الذين تصرقوا بدافع من اعتبارات أخلاقية أساساء فإنه يبين إلى أي 
مدئ 2 المقام القومي اليهودي تحديًا بالنسبة للشعب اليهوديء الذي يجب أن 
يكون على مستوى المهمة التي يتعين إنجازها. وهو يعاود التمترس خلف سلطة 
أحاد هاعام الأدبية لكي يؤكد أن المراد هو إقامة مقام قومي يهودي في فلسطين لا 
جعل قلسطين المقام القومي اليهودي. وهو يذكر بأنه اعتبارًا من المؤتمر 
الصهيوني الأولء كف هرتسل عن الإشارة إلى الدولة اليهودية (أو دولة اليهود). 
وهو يرى أن الكتاب الأبيض الصادر في عام ١170‏ كان تهديذا لما تم التوصل 
إليه» لكن خطاب ماكدونالد قد أعاد الوضع القائم إلى نصابه. وقد جرت تلبية أماني 
العرب القومية بما نالوه في بغداد أو دمشق أو مكة. والمستقبل للتعاون فيما بين 
الجنسين» كما يتبت ذلك مشروع التنمية. وفي فلسطين نفسهاء يجب على الشعبين 
أن يتمتعا بالتعادل السياسي دون مراعاة الأهمية الديموغرافية لكل منهما. ويبجبب 
النضال ضد كل ما قد يشوه صورة النوايا الصهيونية (أي الدولة اليهودية). 

وهذه الخطبة المستفزّة تمامًا للحضور إنما تجد تفسيرهاء في آن واحدء في 
الإشارة إلى الصهيونية الروحية - فخلق المقام القومي اليهودي لا يهدف إلى جمع 
كل اليهود في أرض واحدة؛ لكنه يهدفء بخلقه هوية يهودية جديدة» إلى منح يهود 
الدياسيورا شعورا بالعزة يسمح بتجاوز الشعور بالاغتراب في المنفى - 
براجماتية الرجل الصارخة. فحتى مع أنه لا ينسى الهدف النهائي» فإنه يرى أن 


"5 


الأولوية يجب أن تكون من نصيب البناء المادي لأسس الحياة اليهودية في أرض 
إسرائيل» وهذه الأولوية إنما تمر عبر تكيفات مع حقائق السياسة البريطانية 
والوضع الموجود في الساحة. 

وبعد أن ينتهي قايتسمان من إلقاء خطبته. يعرض مسئولو اللجنة التنفينية 
و المؤسسات الصهيونية المشكلات والحلول الملموسة التي يتعين تقديمها لها. 

وعندما تبدأ المناقشة العامة. في ” يوليو/ تموزء يقود جابوتين سكي الهجوم 
على القيادة: إن خطاب ماكدونالد خديعة لكونه يعطي العرب مكانة أهم. 
والمنجزات الاقتصادية ليست كافية لخلق مواقع قوة سياسية. ولابد من تعريف 
أهداف الصهيونية تعريفا واضحا: فسواء كان الأمر يتعلق بدولة يهودية أو بمقام 
قوميء فإن الهدف الذي يجب بلوغه هو إيجاد أغلبية يهودية على ض فتي نهر 
الأردن. ويذْكَر أوسيشكين بأن قايتسمان كان قد أعلن بالأمس أن فلسطين يجب أن 
تكون يهودية بمثل ما أن إنجلترا إنجليزية. ويتهم اليسارٌ خصوم فايتسمان بأنهم لا 
يحوزون أي فكرة عن واقع الوضع الفلسطيني. والاشتراكيون يشبّهون 
التصحيحيين تشبيهًا سافرا بالفاشيين» ويشبهون جابوتينسكي بهتلرء بدرجة واحدة 
من العلانية. فهم لا يفعلون شيئًا سوى الصراخ بينما يعجزون عن أداء أي عمل 
بذاء. 

ويدعم الصهيونيون المتدينون (مزراحي) التصحيحيين: إن قايتسمان بسبيله 
إلى اختراع صهيونية بلا صهيون! والوسيلة الوحيدة لجمع الأموال الضرورية هي 
الكف عن إخفاء هدف الصهيونية النهائي» إيجاد أغلبية يهودية في فلسطين وإقامة 
دولة يهودية. أمّا الشخصية الصاعدة في الحركة الصهونية الأميركية:؛ الحاخام 
ستيفن وايزء فهو يهاجم السياسة البريطانية بعنف ويهاجم بالعنف نفسه مسايرة 
فايتسمان لها. فاليهود لم يحررهم هرتسل لكي يجعلهم قايتسمان عبيذا للإنجليز! 

وفي هذا السياق العاطفي المحتدم؛ نجد أن قايتسمان يفاقم قضيته مفاقمة 
ملحوظة بإدلائه بحديث للوكالة التلغرافية اليهودية: يجب التمسك بخطاب 
ماكدونالدء فإذا ما جرى رفضه: فما الذي ستفعله اللجنة التنفينية الجديدة؟ إن 
التعادل السياسي هو الحل الوحيد للتفاهم مع العرب. وهذا لا يعني دولة ثنائية 


ا" 


القومية» ناهيك عن أن هذا يتسطلح غامض بزلا يشي التمالل بالمتؤورء ذا أن 
يصبح [اليهود] أغلبية في فلسطينء فهذا لا يعني الأمن بالضرورة. 

« الأغلبية ليست ضرورية لإنماء تمدن وثقافة اليهود. والعالم لن يفسر هذا 
المطلب إلا بشكل واحد: أننا نريد أن تكون لنا الأغلبية لكي نطرد العرب. فلماذا 
نطرح مطلبًا كهذاء ليس من شأنه سوى خلق انطباع مهيّجٍ للخواطر؟ إن الحرككة 
الصهيونية يجب أن تتصدى لمهمتين لهما أهميتهما: تطوير الوكالة اليهودية في 
الولايات المتحدة والتوصل إلى تفاهم مع العرب؛ كما يجب أن نحتفظ بموقعنا في 
لندن». 

وحيال الاحتجاجات. ين 
قد حدث مع ذلك. 

ويطلب التصحيحيون أخذ الأصوات حول أهداف الصهيونية. فيحصلون على 
تأييد من الصهيوني الجذري الألماني ناحوم جولدمان"”'؛ ويحرز اقتراحهم أغلبية 
ساحقة. فيعاود فايتسمان التحدث ويدافع عن سياسته. وهو لن يرشح نفسه للقيادة. 
وفي تلك اللحظة يظل بوسع التصحيحيين تصور أن بإمكانهم الوصول إلى السلطة. 
إلا أنه ما أن يتم طرد قايتسمانء, فإن التحالف بين الصهيونيين العاديين والعماليين 
سوف يُستعاد. ومشروع القرار الفائز حول أهداف الصهيونية يحيل إلى برنامج بال 
وإلى حق اليهود في استعادة حياة طبيعية وقومية عبر الاستقرار في فل سطين. ولا 
يرد ذكر للدولة اليهودية. وبعد عشر ساعات من النقاشات المحمومة؛ نجد أن 
سوكولوفء الرجل الثاني الأبديء يجري انتخابه رئيسًا للمنظمة الصهيونية 
العالمية. وتتصل القرارات الصادرة بالقيود المفروضة على الهجرة؛ خاصة. أما 
تصريح فايتسمان فَيُنَظرْ إليه باعتباره داعيًا للأسف. بينما يُنَظَرُ إلى إيضاحاته على 
أنها غير كافية. 

وفي غمرة وقائع المؤتمرء تعقد الوكالة اليهودية مجلسها الثاني. ويرأسه 
سوكولوقف. ويجري اختيار قيادة جديدة. ولأول مرة» يشارك اشتراكيان في هذه 
القيادة. فكيشء, الذي استقال قبل المؤتمرء يحل محله في قيادة الإدارة السياسية في 
فلسطين الاشتراكي حاييم أرلوزوروفء العنصر الألمع بين صفوف الجيل 
الاشتراكي الشاب. والحال أن هذا اليهودي الألماني الأصلء وهو أحد مهاجري 

54 


ينفي ينفي الرئيس المغادر أنه قد قال كلامًا كهذاء لكن الضرر 


العاليًا الثالثة» إنما يعد واحذا من أفراد هذا الجيل النادرين الذين تسنى لهم الصعود 
على هذا النحو المبكر جدًا إلى مناصب المسئولية. والحق أن مذهبيْ «الاشتراكية 
القومية» هذا قد نجح في الفوز بقبول أفراد العاليًا الثانية» الذين رأوا فيه رجل 
فعل. ويترافق التوجه إلى الاشتراكية مع حلول رجال من الييشوف محل رجال 
الدياسيورا. 

ويستلهم أرلوزوروف برنامج قايتسمان الخاص بالتعادل السياسي بين اليهود 
والعرب7""). ونبرته ليست دفاعية: إن الصهيونية حقيقة لا مفر منها ولن يكون 
بالإمكان وقف مسيرتها؛ ومن ثم فمن مصلحة العرب والبلد قبول برنامج تمليه 
«الحكمة السياسية والإحساس بالحقائق الواقعية». 

ومنذ مستهل عشرينيات القرن العشرين» أدت حوادث تهريب سلاح؛» غير 
متواصلة» لصالح الصهيونيين» إلى استثارة غضب العرب. وقد عرفوا أن 
البريطانيين قد قررواء بعد الاضطراباتء إعادة تسليح المستوطنات اليهوديةء بل 
وتقديم تدريب على استعمال السلاح. والحال أن جذريي تابلس (اتخنت جمعية 
نابلس الإسلامية - المسيحية لنفسها اسم الجمعية الوطنية العربية)» ومن بينهم 
دروزه وزعيترء إنما ينظمون في مستهل الشهر مؤتمرا احتجاجيًا يدعو إلى إعادة 
تسليح العرب9""). وينزعج المفتي واللجنة التنفيذية من نشاطات الجذريين. فإيرازً! 
لعزمهم» ينظمون إضرابًا عامًا في 77 أغسطس/ آب بمناسبة الذكرى الثانية 
للاضطرابات7*""). فيتولى المندوب السامي تأمين السكينة عبر تدابير أمنية 
استثنائية. ولا تقع أعمال عنف حتيقية إلا في نابلس. وللمرة الأولى؛ على ما يبدوه 
شاركت النساء جنبًا إلى جنب الرجال في التظاهرات7”"). ولتهدئة الخواطر» 
ذكرت إدارة الانتداب أن تسليح المستوطنات محدود الوزنء الأمر الذي يستثير 
غصب الصهيونيين - فهم يتهمون السلطة بالرغبة في تحريض العرب على 
مهاجمتهم بتأكيدها أنهم بلا دفاع. 

وعندما يغادر تشانسلور فلسطين بصفة نهائية» في مستهل س بتمبر/ أيلول» 
يمتنع الأعيان العرب عن المجيء لتحيته. 


"56 


خريف مكفهر 

في مستهل خريف عام »197١‏ استمر وضع فلسطين الاققصادي في 
التدهورء على أثر الأزمة العالمية. والحاصل أن حكومة رمزي ماكدونالد العمالية» 
وقد أعيتها الحيلة من جراء انهيار احتياطياتها المصرفية» إنما تقرر تكوين حكومة 
وحدة وطنية» على أن تكون مهمتها الأولى إجراء تخفيضات حادة في الانفاقات»: 
خاصة في الميزانيات الاجتماعية (4؟ أغسطس/ آب .)١17١‏ بيد أن الغالبية 
العظمى لحزب العمال ترفض الموافقة على ذلك. ويتزعم آرثر هندرسون 
المعارضة الجديدة. وحيال الهروب السريع لرعوس الأموال إلى الخارج.ء تتخلى 
الحكومة الجديدة عن كل العرف الاقتصادي البريطاني. ففي 7١‏ سبتمبر/ أيلول؛. 
يجري التخلي عن التعادل الثابت مع الذهب ويهبط سعر الجنيه الاسترليني في 
بضعة أسابيع من 4,87 دولارات إلى 7,٠١‏ دولارات. وفي الوقت نفسه. يجري 
الإعلان عن انتهاء التبادل الحر وعن اعتماد الحمائية. وسعيًا من الحكومة إلى 
تدعيم مركزهاء فإنها تقوم بحل البرلمان ( أكتوبر/ تشرين الأول) وتتجه إلى 
إجراء انتخابات جديدة (77 أكتوبر/ تشرين الأول). فيحرز المحافظون الفوز. إذ 
يكسبون 51١‏ مقعذاء بينما تفوز الجماعتان الحليفتان لهم وهما جماعتا سيمون 
وصمويل القوميتان - الليبراليتان» © و" مقعذا بحسب الترتيب؛. في حين يفوز 
القوميون - العماليون الذين يقودهم ماكدونالد ب ١‏ مقعذاء بينما لا تحصد مختلف 
جماعات المعارضة سوى أقل من ٠١‏ مقعذا. وحتى مع أن ماكدونالد يحتفظ 
برئاسة حكومة الوحدة الوطنية» فإن السلطة الفعلية إنما تصبح الآن في أيدي 
المحافظين. وسوف يستفيد الاقتصاد البريطاني من هذه التدابير الجسورة ويشهد 
تحسنا تدريجيًا. وبما أن الطبقة السياسية البريطانية تتأثر بهذه الظروف المحرجة: 
فإنها سوف تبدو مناوئة لسياسة حركيّة في مجال إعادة التسلح» في حين أن النازية 
سوف تتربع على عرش السلطة في ألمانيا. ظ 

والحال أن الجنيه الفلسطينيء وقيمته محدّدة بقيمة الجنيه الاسترليني, إنما 
يضطر إلى مواكبته في انحداره7"''). فحائزو رعوس الأموال قد اشتروا بالذهب أو 
بعملات مضمونة بالذهب (الفرنكء الدولار). وقد حاول التجار إلغاء طلبياتهم مسن 
المنتجات الواردة من البلدان ذات العملات القوية. وشهدت تكاليف المعيشة ارتفاعًا 

ا" 


قويًا للأسعار (بنسبة 997١‏ للدقيق وبنسبة 968 للسكر وبنسبة تتراوح بين 90٠١‏ 
و9670 للسلع المستوردة). وفي بلد تعد الواردات فيه أعلى عدة مرات من 
الصادرات» فإن الصدمة قوية بالفعل» والسكان يتذكرون التضخم الرهيب الذي ساد 
خلال سنوات الحرب العالمية الأولى. وبالنسبة للبورجوازية الفلسطينية»يعد تخفيض 
قيمة العملة دليلاً جديذا على عدم احترام البريطانيين للتعهدات التي أخذوها على 
أنفسهم"'). وفي شهر نوقمبر/ تشرين الثاني" يزداد وضوح عواقب تخفيض 
قيمة العملة: ارتفاع عام لتكاليف المعيشة» لا يواكبه ارتفاع الأجور إلا بشكل 
ضعيف (والشغيلة اليهود هم أول ضحايا هذا الارتفاع). ومرة أخرىء تتسع 
البطالة. وتميل الواردات إلى الاقتصار على البلدان ذات العملات الضعيفة. ويأمل 
الصناعيون في نمو للصناعة يُغني جزئيًا عن المنتجات المستوردة. وفي السوق 
العالمية للحمضياتء تتمتع فلسطين بميزة مهمة على إسبانيا التي لم تلجأ إلى 
تخفيض قيمة عملتها. وإذا كان بوسع الوكالة اليهودية أن تعتقد أن فلسطين تصبح 
أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب» فإن انحسار رعوس الأموال المتاحة في العالم إنما 
يسير في الاتجاه المضاد. وأخيراء في سياق التخفيضات الحادة في الميزانيات» 
يمكن أن تنشأ انزعاجات مشروعة حول إمكانية تجسيد غطة التنمية التي وعدت 
بها لندن. 

وخلال فترة الانتقال» قبل وصول المندوب السامي الجديد. تتابع إدارة 
الانتداب البرنامج الذي جرى ترتيبه لإجراء دراسات تحضيرية لخطة التنمية. 
ويجري تكليف لجنة جديدة يرأسها لويس فرنش دراسة الوضع الفعلي للزراعة 
العربية وتحديد عدد الفلاحين الذين أصبحوا معدمين على أثر المشتريات 
الصهيونية. وفي التو والحال يجري اتهام عملها بأنه دسيسة جديدة ضد المشروع 
الصهيوني7 *'). والحق أن الاستنتاجات الأولى لعمل اللجنة» والمؤرخة في "١‏ 
أكتوبر/ تشرين الأول 191» إنما تثبت عدم وجود أراض شاغرة في فلسطين. 

والحدث المميْنُ الآخر واد السكان الجديد. وقد تم في ١6‏ نوشبر/ 
تشرين الثاني» دون مشكلات كبرى(”*"). فكل ما هنالك أن بعض البدو قد حاولوا 
التهرب منه خوفا من فرض تظام تجنيد. بينما أراد التصحيحيون تنظيم مقاطعة كي 
لا يظهر [في التعداد]) ضعف اليهود العددي. وفي الحالتين» قام القضاء بمعاقبة 


ا" 


المحرضين. وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية» فإن حكومة فلسطين لا تمنح» خلال 
الشهور الستة الممتدة من أكتوبر/ تشرين الأول ١37١‏ إلى أبريل/ نيسان 215171 
سوى 55٠‏ شهادة هجرة من ١٠١‏ شهادة مطلوبة9*'). ثم إن 16٠‏ شهادة سوف 
يكون الهدف من وراء منحها تسوية أوضاع مهاجرين غير شرعيين. ومن الواضح 
تمامًا أن المسئولين الصهيونيين إنما يحتجون بقوة على ما يبدو تعليقا فعليًا للهجرة. 
لكن السلطات تتمسك يسياستها المنظقية” قم غير الوارد السماح بدخول مهاجرين 
في الوقت الذي تعد فيه البطالة مرتفعة إلى هذا الحد. 

أَمّا المندوب السامي الجديد» المعيّن في يوليو/ تموز ,147١‏ وهو آرثر 
ووتشوبء فهو في السابعة والخمسين من العمر. وبما أنه عسكري محترفء فقد 
شارك في حرب البوير وفي الحرب العظمى [الأولى]. كما خدم في ألمانيا كمندوب 
بريطاني في لجنة المراقبة العسكرية التابعة للحلفاء في برلين» وهو حائز لدراية 
مباشرة بالتصدي لحرب العصابات في أيرلنده. وهذا الرجل الأعزب شخصية 
سلطوية وبوسعه ترويع إدارته. وغالبًا ما يعتبره مرعوسوه المباشرون مجنونا. 
والحق أنه يتحمس بسرعة لوظيفته الجديدة وأن توجهاته لن تمضي بالضرورة في 
الاتجاه الذي تتمناه مجموعة كبار الموظفين التي تعمل في فلسطين منذ نحو خمس 
عشر عاما. 

ويواصل سلفه تشانسلور محاولة التأثير على السياسة بإمطار وزارة 
المستعمرات بوابل من المذكرات الداعية إلى سرعة تكوين جمعية نيابية في 
فلسطين7”*'): يجب اغتنام فرصة تكوين حكومة وحدة وطنية في بريطانيا العظمى 
لوضع سياسة عمل في هذه الاتجاه تكون متحررة من أي تورط حزبي. ومن 
الطبيعي أن المندوب السامي الجديد لا يرد على مثل هذا النوع من الرسائل. 

وهو يتولى مهام منصبه في ٠١‏ نوقمبر/ تشرين الثاني 91411*'). وبسيب 
الوضع الاقتصادي السيّئء فإنه يمتنع عن أي شكل من أشكال البذخ. وهو يعلن أنه 
غريب تمامًا عن البلد وأنه جاء إليه دون أن تكون لديه أي فكرة مسبقة. فهو ليس 
سوى جنديء وسوف يوجّه اهتمامه الأول إلى حفظ النظام والسكينة العامة. وهو لا 
يشير إلا إلى اللورد بلامرء فلا يذكر لا السير هربرت ص مويل ولا تشانسلور. 
ويستقبل الموظفون البريطانيون بسرور تلك الأمنية في العودة إلى الأزمنة السعيدة 


1 


السابقة. لكن العرب متحفظون بشكل واضعء فهم يذكرون بأن هدوء عهد يلامر 
كان راجعا إلى انقسام العرب وإلى ضعف الصهيونية. ويمتنع اليمود عن أي 
تعليق: فتجربة تشانسلور قد أوضحت لهم تمامًا ما يمكن أن يطرأ من انقلابات 
مفاجئة على سياسة الانتداب. 
المؤتمر الإسلامي في القدس 

أقنعت مسألة «الخطاب الأسود» الحاج أمين بأن العرب الفلسطينيين لن 
يتمكنوا بمفردهم من تغيير السياسة البريطانية. وهو يعتبر سياسة الضغط الكثيفة 
التي ينتهجها الصهيونيون في لندن دليلاً على الجبروت الذي يفرضه اليهود على 
الأوساط الحاكمة في بريطانيا العظمى. وفي لحظة أدت فيها أحداث أغسطس/ آب 
65 , للمرة الأولىء إلى قيام العالمين اليهودي والإسلامي ككتلتين متعارضتين» 
فإن هذا القومي العربي الشاب (لقد دخل للتوّ فقط ثلاثينيات عمره) هو أيضناء 
وبفضل وظائفه كمفت للقدسء فاعل مهم في عالم إسلامي هزه اختفاءً الخلافة. 
وعلى المستوى اليروتوكوليء يمنحه البريطانيون مرتبة سامية» فيجعلونه نذا 
لكاردينال كنيسة كاثوليكية. وبما أنه قد طرح نفسه بوصفه حامي الأماكن الإسلامية 
المقدسة التي يهددها الصهيونيون في القدسء فإنه سرعان ما كسب مكانة دينية - 
سياسية تتجاوز إلى حد بعيد إطار فلسطين وحدها. ولإدراكه لنقاط ضعف 
المنظومة الإمبراطورية البريطانية» فقد عمل جاهذا على بناء علاقة قوية مع 
مسلمي الهند ضمن سياق يسعى فيه الراج البريطاني إلى الاعتماد عليهم لكي 
يوازن صعود حزب المؤتمر*'). ولكونه واليّا - دون اللقب - على مسلمي 
فلسطين؛ فإنه مسئول أمام سلطات الانتداب عن حفظ النظام العام؛ الأمر الذي 
يعطيه إمكانية ممارسة ضغط قوي. وبما أنه واقع في شرك التنافسات على السلطة 
بين العائلات الفلسطينية الكبرىء فإنه يعمل منذ وقت طويل على بناء تحالف راسخ 
مع الجذريين العرب وجمهور السكان العرب الفلسطينيين الذي مازال يتألف من 
فلاحين» وهو تحالف يراد به توحيدهم في معركة مشتركة ضد تقدم الاستيطان 
الزراعي الصهيوني. وفي صراع الفصائلء تميل استراتيجية الرجل إلى عزل 
مجموعات الأعيان الأخرى والبورجوازية المشرقية عبر الالتفاف عليها. وتعددية 


لا 


نشاطه السياسي غالبًا ما تضعه في موقع ملتبس يصبح فيه المتعاون الرئيسي مع 
سلطات الانتداب وخصمها الرئيسي في آن واحد. 

وبعد فشل مباحثات لندن» هدّدَ الحاجٌ أمين باستتفار العالم الإسلامي. وكان 
دفن الزعيم الهندي المسلم محمد علي في الحرم الشريف أول تظاهرة إسلامية 
عامة تتجاوز إطار آسيا العربية. وقد تبع هذا الدفن دفن ملك الحجاز الأسبق. وفي 
تلك المناسبة» أكد المفتي عزمه على جعل المكان المقدس مدفنا لكبرى الشخصيات 
العربية والمسلمة: وهكذا فإن تكريم ذكرى عظماء الإسلام سوف يسمح بلقاء 
دوري لمسئولي مجمل العالم الإسلامي/0". 

وكانت فكرة عقد مؤتمر إسلامي عام واردة منذ وقت طويل. وعدة مراسلين 
للحاج أمين يزعمون أنهم أصحابها. ويلعب المنفي التونسي الثعالبي دورا محرّكا. 
بيد أن المفتي هو الذي يدشن الدعوات. ويجيء الاعتراض الرئيسي من مصر. 
فالحسينيون يحتفظون بعلاقات ممتازة مع حزب الوفد القوميء في حين أن الملك 
فؤاد ورئيس وزراءه النشيط والسلطوي صدقي باشا يخوضان نضالا لا هوادة فيه 
ضده. والحال أن المصريينء بما أنهم يعتبرون أنفسهم أول دولة إسلامية مستقلة» 
إنما يحزنهم أنهم لم تجر استشارتهم» وكانت لدى الملك فؤاد طموحات إلى أن 
يصبح خليفة. وأخيرا فإن جامعة الأزهر الإسلامية القوية إنما تغفشى من قيام 
جامعة منافسة في القدس. 

وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول يذهب الحاج أمين إلى القاهرة لكي يهدئ 
المخاوف. فمسألة الخلافة لن ترد في جدول الأعمال» والجامعة الإسلامية ليس لها 
من هدف آخر سوى مواجهة الجامعة العبرية. وبشكل استعراضيء يعلن المفقتي 
تمسكه بالابتعاد عن مسائل السياسة الداخلية المصرية. وتظل الحكومة المصرية 
مرتابة: فبالرغعم من تصريحها بمشاركة مصريين في المؤتمرء فإنها تتدخل لدى 
سلطات الادتداب كي لا يتم تناول «مسائل غير مستحبة بالنسبة لدولة صديقة»59"©. 
ويلعب ريتشموند دور الوسيط بين المجلس الإسلامي الأعلى وحكومة فلسطين. 
ويجري تحديد برنامج المؤتمر: 

المادة الأولى: سكة حديد الحجاز؛ 

المادة الثانية: الجامعة العربية في القدس. 


3” 


المادة الثالثة: حماية الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس؛ 
المادة الرابعة: مكافحة الإلحاد والبولشقية في العالم الإسلامي؛ 
المادة الخامسة: حماية مصالح الإسلام العامة. 


ويستقبل المندوب السامي الجديدٌ الحاج أمين. فيؤكد له الأخير أنه لن يقال 
شيء ضد أصدقاء بريطانيا العظمى وأن مسألة الحرم الشريف لن يجري تناولها 
إل بشكل بتاءء دون دعوة إلى العنف”*'). فيصرح ووتشوب بعقد المؤتمر سعيًا 
إلى عدم إغضاب المسلمين الهنودء الحاضرين حضورا كبيرًا في هذا الملف»ء 
وسعيًا إلى تجنب نشوب أعمال عنف جديدة إذا لم يبال المسلمون الفلسطينيون 
بحظر يُفرض على عقد المؤتمر. 

أمّا المراد بمكافحة البولشقية فهو إدخال الطمأنينة إلى صدور الأوروبيين» 
الذين سرعان ما أنزعجوا من احتمال وجود تواطؤ سري بين الإسلام والشيوعية. 
وعلى الفورء ترى موسكو في عقد المؤتمر مناورة من جانب إنجليز الهند. أمّا 
تركيا الكمالية فهي ترفض أي تدخل للدين في السياسة. كما أن الدول الاستعمارية 
الأوروبية تنزعجء خاصة إيطاليا الفاشية» التي تخشى من أن يتعرض القمع 
الوحشي الذي تمارسه في ليبيا للشجب. 

ومع زوال هذه العقبات؛ يسعى النشاشيبيون بكل السبل إلى معارضة عقد 
المؤتمر”'*'). فهم يشون بالحاج أمين لدى ابن سعودء إذ يتهمونه بالرغبة في تدويل 
الحجاز. ويتدخل السعوديون لدى البريطانيين لكي يحصلوا على تطمينات بأنه لن 
يجري عمل شيء ضدهم. وسوف يرسلون في النهاية وفذًا إلى المؤتمر» بيسد أنه 
سيصل بعد انتهاء المناقشات... 

ويدعو النشاشيبيون المسيحيين إلى معارضة عقد مؤتمر سوف يتقرر فيه 
مصير بلدهم دون استشارتهم. ويُشتبه بأن الصهيوتيين يقدمون عونا مالا 
للنشاشيبيين في معركتهم ضد المؤتمر. ويعقد هؤلاء الأخيرون مؤتمرًا إسلاميًا 
فلسطينيّاء لكن تظاهرتهم تبدو باهتة بالقياس إلى نجاح الحسينيين- 

ويبدأ المؤتمر أعماله في القدس في ديسمبر/ كانون الأول 1571١‏ ذكرى 
إسراء النبي إلى المسجد الأقصى '). وقد ضم المؤتمر © شخصية إسلامية. 


ا" 


ومن الواضح أن الغالبية سورية وفلسطينية (وبينها القوتلي ورياض الصلح)؛ بيد 
أن الأسماء الكبيرة في الهند وإيران والعراق كانت حاضرة. ولأول مرةء قفي 
مؤتمر كهذاء شارك في النقاشات مسلمون من الشمال الأفريقي (عدد من القوميين 
المغاربة والتونسيين الذين يحيون في المنفى). وقد مثل الشيعة مجتهدهمْ الكبين 
كاشف الغطاء (من العراق) وعلماءً من الجنوب اللبناني. وكان آخر ظهور كبيير 
لرشيد رضا في اجتماع عام في هذا المؤتمر. 

والحال أن عبد الرحمن عزامء ممثل حزب الوفد المصري آنذاك: إنما يتحدث 
عن تضامن مصر وفلسطين الطبيعي ذاكرا حزبه دون أن يذكر الملك فؤادء الأمر 
الذي يثير مشاحنة مع صحافي ملكي مصري. وفي اليوم التالي» يجري انتخاب 
مكتب للمؤتمر. وتستغرق المناقشات خمس عشر يوماء وقد جرى ترك المسائل 
الأكثر سياسية لنهاية المؤتمر. ويرجع هذا التريث إلى حادث جديد تسبب فيه 
عزام. فهذا الناشط كان قد حارب في ليبيا ضد الاستعمار الإيطالي. وهو يغتنم 
الفرصة لكي يلقي خطابًا ذا نبرة شديدة العنف ضد وحشية القمع الإيطالي» مطالبا 
بمقاطعة المنتجات الإيطالية. فيحتج قنصل إيطاليا. وتقوم سلطات الانتداب بطرد 
المصري المندفع وتقدم اعتذارات إلى الحكومة الإيطالية. 

وبالرغم من رغبة المفتي في التقيد بالإطار الفلسطينيء فإن الاستعمار 
الأورؤبي كله في أراضي الإسلام إنما يتعرض للشجبء من سياسة الظهير 
البربري في المغرب الأقصى إلى الممارسات السوقييتية في القوقاز وآسيا 
الوسطى. فلأول مرة» تطال إدانة الإمبريالية الغربية السوقييت. وفيما يتعلق 
بفلسطين» يجري طرح عدد معين من المبادئ: حماية الأماكن المقدسة الإسلامية: 
إنشاء جامعة إسلامية في القدسء رفض السياسة البريطانية الممالئة لل صهيونيةه 
النضال ضد الاستيطان اليهودي والهجرة اليهودية إلى فلسطين. ويجري إنشاء 
مكتب دائم لتنسيق عمل مختلف البلدان الإسلامية. والمناخ يسوده شعور عارم 
بالارتياح» وقد أحرز الحاج أمين نجاحًا ضخما في تدعيم مكانت فياسًا إلى جميع 
منافسيه. 

وقد تابعت الدول الأوروبية المناقشات باهتمام. وهي لا تجهل أنه على هامش 
المؤتمر جرى عقد لقاء آخر في ١‏ ديسمبر/ كانون الأول في منزل عوني عبد 


لهف 


الهادي. وقد ضم هذا اللقاء أعضاء الجمعية العربية الفتاة العددين السابقين في عهد 
الحكومة العربية في دمشق. وانضم إليهم المندوبون القادمون من الشمال الأفريقفي 
ومصر. وهناك أيضنا ألقى عزام خطبة حماسية تدعو إلى الجهاد ضد جميع الدول 
الإمبريالية. ثم اعتمد المجتمعون الخمسون الميثاق الأول للنزعة القومية العربية 
الحديثة: 
المادة الأولى: إن البلاد العربية وحدة تامة لا تتجزأ وكل ما طرأ عليها مسن أنواع 
التجزنة لا تقره الأمة ولا تعترف به. 
المادة الثانية: تُوَجْه الجهود في كل قطر من الأقطار العربية على وجهة واحدة هسي 
استقلالها التام كاملةً موحّدة ومقاومة كل فكرة ترمي إلى الاقتصار على العمل للسياسات 
المحلية والإقليمية. 
المادة الثالثة: لما كان الاستعمار بجميع أشكاله وصيغه يتنافى كل التنافي مع كرامة 
الأمة العربية وغايتها العظمى فإن الأمة العربية ترقضه وتقاومه يكل قواها. 


وقد أقسم المندوبون على تنفيذ هذا البرنامج كل في بلده وعلى التضحية 
بأجسادهم وممتلكاتهم؛ إن دعت الحاجة إلى ذلك في سبيل التوصل إلى تحقيقه. 

والحاصل أن المؤتمر الإسلامي في القدسء والذي جرى التفكير فيه من أجل 
التعبير عن التضامن الإسلامي؛ قد تحول تدريجيًا إلى تأكيد لشرعية النضال ضد 
الإمبريالية والاستعمارء أكانا أوروبيين أم سوقييتيين أم صهيونيين. فيصبح المؤتمر 
لحظة رئيسية في تاريخ الإسلام في القرن العشرين. وقد استوعب معجمه السياسي 
الآن المفاهيم الحديثة القادمة» بشكل مفارق؛ من الحركة الشيوعية؛ وإن كان قد 
جرى قلبها لتحديد الاتحاد السوشييتي والإلحاد كخصم يتميز بالطايع نفسه الذي 
يتميز به الاستعمار الأوروبي. ١‏ 

وفي تاريخ النزعة القومية العربية» يعد الحدث تأسيسنًا. فلأول مرةء لم يعد 
العالم العربي آسيا العربية وحدهاء بل كل الأراضي الواقعة بين المحيط الأطلسي 
والخليج الفارسي. وفي حركة واحدة؛ من المغرب الأقصى إلى مسصرء صارت 
جميع الأراضي العربية - الأفريقية بسبيلها إلى الميل في اتجاه النزعة القومية 
العربية (وذلك ثمرة للنشاط الذي لا يكل والذي يقوم به شكيب أرسلان انطلاقًا من 


ا" 


جنيف). وفي هذه البلدان» جرى اعتبار التمرد العربي في عام ١115‏ خيانة 
للإسلام وللدولة العثمانية وموالسة خطيرة مع الاستعمار الأوروبي. وبفضل 
النضال ضد الاستعمار والإمبريالية» فإن البرنامج الوحدوي بسبيله إلى التغلب على 
نزعة قومية ذات أساس محلي أو إسلامي. ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 35177١‏ 
ينشأ سديم من الاتصالات والعلاقات بين منظمات كل من هذه الأقطار (عبر 
أوروبا في أغلب الأحيان). 

وفي ١5‏ ديسمبر/ كانون الأول يقوم المندوب السامي بزيارته الأولى إلى 
جنوبي فلسطين. وفي يافاء يستقبله أنتصار النشاشيبيين» في حين أن أنصار 
الحسينيين ينهمكون بشكل استعراضي في الترحيب بأعضاء المؤتمر 
الإسلامي”*'). ويوم 77ء في تل أبيب7”*')» يتحدث ديزنجوف باسم جميع السكان 
اليهود الذين يشعرون بالسخط حيال التسامح البريطاني مع نشاطات المؤتمر. ققد 
قدمت السلطات اعتذارات إلى إيطاليا عن الكلام الذي قيل في الإوتن: الكنها لتم 
تفكل” شيئًا أضد الحئلة المتاوثة للبيوة: وفي المدينتين» تعبر البلدينان عن 
انزعاجاتهما حيال الافتتاح القريب لميناء حيفاء والذي يجازف بأن يحول إلى 
صالحها نقل الحمضيات. ولدى عودة المندوب السامي إلى القدس7”*). يقوم 
باستدعاء المفتي لكي يوجه إليه مؤاخذات. فيرد عليه الحاج أمين بأنه لا يمكن 
إسكات ممثلي الشعوب المضطهدة. وهذا الردء الذي تنشره الصحافة العربية» إنما 
يزيد من شعبيته أكثر فأكثر. 

وفي أواخر الشهرء يقوم أرلوزوروف بإبلاغ قنصل فرنسا العام بتحليله 
للوضع: لأول مرةء شن مؤتمر إسلامي هجوما على اليهود. والجماعات السكانية 
اليهودية في البلدان العربية في خطر. ومعاداة الصهيونية وثيقة الارتباط بمعاداة 
الإمبريالية: «إن اليهود أكثر تضامنا مع أوروبا مما مع الشرق. وما يممسهم في 
فلسطين إنما يمس مصاحة أدبية أوروبية». 


لقد خامر المعاصرين شعورٌ بتسارع حركة التاريخ خ. ففي مستهل عام ؟15157اء 
بعذ عامين من الأزمنة الاقتضبادية العالمية؛ تكشف أن الأمل في العودة إلى عالم 
مستقر أمل وهمي. وفي فلسطين» »؛ أدت معارضة المشروع الصهيوني إلى التعجيل 


17 


بتطور نجده أيضًا في أماكن أخرى: إن النزعة القومية المحلية قد تبنت الخطاب 
المعادي للإمبريالية وإن كانت قد أضفت عليه صبغة دينية إسلامية محددة. وقد 
وجهت أحداث عام ١974‏ ضربة رهيبة إلى روح الانتداب» حيث بددت الأوهام 
في تعايش سلمي بين عنصري السكان. وبفضل مثابرة فايتسمان الديبلوماسية» 
نجحت الحركة الصهيونية في التغلب على الأزمة المترتبة على التشكيك في 
التعهدات البريطانية. على أن مرحلة جديدة في المسار التاريخي لمسألة فلسطين قد 
تم اجتيازها: فمن الواضح أن العالم اليهودي والعالم الإسلامي قد دخلاء في مستهل 
ثلاثينيات القرن العشرين: في مرحلة مواجهة سوف تهدد أوضاعًا مكتسَبَة منذ 
قرونء بل منذ آلاف السنين. وهذا شيء مفرط في دراميته لاسيما أنه اعتبارا من 
عام ١97‏ سوف تضغط الكارثةٌ الأوروبيةٌ بشكل أفدح فأفدح على فاسطين وعلى 
العلاقات فيما بين العالمين سواء بسواء. 


اخحفا 


الهوامش 


المختصرات 

علاعىمعلانهمن عاناعدودا ععمدنااة :تاكلم 

(دعة) دعرغع مدءاة دععنداكة كعل عرغاذاد ألا :عطملكذا 

(وعأمةل!) كعرغع صدماة دعمنداكه دعل عمغاكنم 84 تدع مدل .مالا 

(5ع:020آ) غ011 لرمعع عناطبظ :0ط 

الكتاب الثالث 
انتداب على فلسطين 
١19١-15‏ 
الفصل الأول 
الرفض العربي 


.26 ”95 كأهعلرعوع أعذمع 1 عل مناءأأن8 .101 .ضرعأ دكنامة[ ,ععامداظ .مك38 .1923 ععتحمدز (1) 


أ 0262 لوكتسصممت طعنط عط برعمع اعباط كتلط برط العميع )512 ,733/23/289 00 20ص (2) 
كتقاط كمدل عكتقعمة؟ ممناءعيلمم1 .1922 "17 رامل .اعمس بمموتحلم أه عماعمم 
10 ,ظ بورع ادكنصة1 .وعامدلل 

تاقاط أه 5ع ناةامعدعرمع1 مرمء؟ مبديوءاء 1 .733/31/159 00 820 .1922 /إء اندز 14 (3) 
.نم81 عصسلءط 0) مدزلء دا 

.0م ,ءاهد عبي ع1 6| عل ««مأننرء نرلئط كصهل عممك ها عل 14 )ع 13 5عاءنايه كعل عايرع7 (4) 
.622-03 


5ع عتناعا .27 ,21637111 ,1918-1929 .عم انوعلد ,أموباع[ ,تفاخ .1922 أءلاننز (5) 
.؟ع1288 عل 02285 أناكناهم غنات طعأ ددناء6[ عل كم دص اناكتائم 


-1918 ,عطناوع !22 ,أمدلاعا ,تتفل3 .94 .8 ,درعادكسة1 ,وعامدلظ ,عذاة .1922 عم لانسز 29 (6) 
ع1 .11 ة دالدل ة عدمةظ عل علء الععمدط ذا عل موممطء مدصمعمعل ع1 .79 .1< ,1929 
2ع[2كنارة1 .عم تأوعاوط هع ععمدرط عل ادفمعع انكدومن 


5011 لمارع)كدك/! .ل عتى عل عامم 733/36/289 00) 210 .1922 انامن 5 (7) 
0 00 20 .1922 أقامج 10 (8) 
.9 2 2150 ,1922 انامة 4 (9) 


1 


امنة5 عل ألنام0) 10 4ئا82[10 )0 اهدع عط1 .733/31/346 0©© 520 1922 الامج 5 (10) 
.علتةاناه 


00)) 210 .1922 إنامة 4 (11) 


.عناونانا0م «وناعع:1ل د[ عيامم عادلظ8 .97 .617 .5110 عهمالة .1922 غنمد 8 (12) 
.115رأهد تداءعقنا كعك تمادكتسورم "© ها عل اعزياى )نه أواكخ/ا .لا عل كدنم غيم ندعو 0 


كنوه" 5ععداط نإأه1] .733/31/300 00 210 ,1922 1نهج 10 (13) 

.15 لماعلا .617.149 .51211 .تتشالة 1922 :نم 25 ع1 .وتروط (14) 

5 .لاناعنآ 065 00180155101 .51(11.617.163 ,تفلخ ,1922 :نه3 31 (15) 

.نأاعمعء2 عل الاعنكده71 ذ ع2000 دل عازوا/ا .617.183 ./5101 ,تف ك8 ,1922 ععطادمعامءة 3 (16) 


عل عاتكا؟) ابماكوتنلره) وععواط رام .733/31/84 0© .1922 علطمعامعة 4 (17) 
. .(وء901ما ذه أمعع تمرموط 


عأذام 8 انعكده© يلل امعلزومءط ع[ .192 .511.617 .ظلمكلة ,1922 عبطاوعامءد 11 (18) 
ذا عل الماوعدمومع. ,لانادأامممط عتعتكمه]8 3 (6,معمتمط) كعمغعمدناة ععرتداكةم دعل 
.5م210]! دعل 1606أت50 11 عل اأعكمهن نات عناوتاطسم186 


101101 عل ع «اصدمع616) . 201 .617 ,51011 .تفاخ .1922 عبطممعامءة 20 (19) 
.عع 1م06 للزهانآ ذ تصمدمكة0 .733/31/518 00) ,1922 ععطمعامعو 21 (20) 
.0 ععمدء! عل ؟ناء5520دطدوة .203 .617 ,51010 ,تملظ .1922 عءرطمعامءو 23 (21) 


,51216 أ لإمداعرعء5 عع0ملآ ما أمقطمن01 .733/31/506 00 .1922 عمطمعامعد 27 (22) 
.ع0116 لقتهدمامه 


.5 000 .1922 عراماءه 6 (23) 
أسدمكه©0 ذعء011 مواعءه] ,733/31/580 00 ,1922 عوطماءه 13 (24) 

(5؟) حول المؤتمر الفلسطيني العربي الخامس؛ انظر 
0© 0هط ,6 كم كامعءسصعمع تعومعع عل ماعاانظ8 .101 ,85 ,رعلقكدغ1 ,دعامدلم ,تفلا 


تامسر عط وتتصنك ع ااأتئعاوط هذ ابمالهسلى اأمعتنتامم ءا هه +رممء 8 ,733/25/184 
,922 [اكياع» 4 


وثائق المقاومة الفلسطينية العربية ضد الاحتلال البريطاني والصهيونية,» -1١51+‏ 231575 
مؤسسة الدراساتء بيروت .١94488‏ ص ص *ه - 51, ودروزهء مذكراتء بيروت. 21357 
المجلد الأولء ص ص 8 ده -5157. بيان نويهض الحوتء القيادات والمؤسسات السياسية في 
فلسطين. 19117 -1448ء مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروتء .٠١985‏ ص ص 015117 - 
6 وههم - /709 (قائمة بأسماء المشاركين في المؤتمر). 


"83١ 


(11) أنظر الملاحظة البيوجرافية التي كتبها دروزة عن جمال الحسينيء مذكراتء المجلد الأول» 
ص ص 015 - 010. وهو ينتمي إلى عين جيل الحاج أمين ودروزه. وهو مجاز من الجامعسة 
الأميركية في بيروت ويتكلم الإنجليزية بطلاقة. وقد كان مساعذا للحاكم العسكري البريطاني 

لنابلس من عام ١114‏ إلى عام 2157١‏ قبل أن يستقيل لكي ينضم إلى الحركة القومية. 
عنع ا أععمقطء 13 عل سحتمومعل ع1 .94 ,8 لمع ادكدية1 ,كعأامدلة .84 ,1922 انامد 26 (27) 
ضع لدكيصة[ عمتاوء !و مع ععموءط عل أدفمقع انكمم غ1 .لذ دأكدلة ععمدظ عل 

.515 - النتصوص منشورة في وثائق المقاومة الفلسطينية .... ص ص 7م‎ )١4( 

عط عمعنل عمناوء او مذ ممتلةنؤاك أمعنانامم عط مه ممع ,733/26/110 0© صخلط ر29) 
2 ععطامرعامء؟ أه طامممم 
3 عل مععقطء مقصعمعل ع[ .100 .معلتكصة1 ,دعنمدل! .عمالة .1922 عبطوعامءد 12 (30) 
.8 ملاع لدكنارة6[ ,كعامدلظ ,عفاا .1922 عطمعامعد 17 ...2)كهل ذ عنمو عل عنى | اع عمق 
.7*7 كلع لمعمع أعكمع؟ عل مننعءاان8 .101 


2 1922.0 عطامعامء؟ 15 نال طعءناطءاعنطك ة 5علعه1 عل عنناء! دا عتملا (31) 
.اعنصم53 ذ التطعسطت .733/26/108 00 0[ط2 .1922 عرطمعامع؟ 26 (32) 


(«ماكدرا/ا1 ,لااعدره1 وذ #اعملاا .امعط 1ن متصدلط .ععتهدكد'ا عل عاطمعموع"| عنك5 (33) 
.8521-2 .مم ,1975 .5ع01همآ .ممعمنل8! .1917-1922 ,اانطع سه 


عط عمعمل عمتادء[2 مز مملغد غلك لدءنغتامم عط مه أرممع1 .733/26/110 0© هط (34) 
.922 ععطامرعامع؟ أه طاممم 


عل «تاءللن8 .101 .8 .معامدعة1 .وعامدلط .عمالا ,1922 عموطوعامءه 21 (35) 
+115 65 أ1“10١٠‏ 5ء0 011أث5ك 7ع من! اهل .8 ؟17 كالاع تعوع أعومع 1 


3 عل ععتقطء ممسرومعل عة .100 .سعلدئسة1 ,كغامد .تتما8 .1922 عرطمعامعد 22 (36) 
ذ عملادعا2ط مع عمموط عل لمدوفمقع اندده0 عا .10 3 1215 ذ ععموط عل عمع]اءعمم 
.ع1 2كنارة6ل 


كأمعممعمع أعدمع 1 عل مناعلان8 ,101 ,معاددعة1 ,كعنمدلظ ,114 .1922 عبطمعامءة 28 (37) 
.10115 أهأياممم كعك عوه امع روط ما ,9 كر 

» :3216لاثناد 08؟12 13 عل اناأاعممء 11 .733/26/106 0© 0ج]5 ,1922 عرطمئعه 8 (38) 
خنطا ها لإدد عند 25 (ودممط! عط - 000 ) "صذلله'-دلا طدالخ" .علانادابءءمة كز كلط اله أنظ 
« لا ]امه 

2 عل موتقاء مقسرعمعل عآ .117 ,8 معادكعة1 ,دعامداة ,عفالة .1922 ءبطسعامعو 23 (39) 
ذ عسناكعءله2ط مع ععموءظ عل أمفمعع أنوده© غ1 .4ل ق دلكدل ذ عدموعظ عل عتعلاء عمو 


.171ل |1 (أأكعلهع 16زأهدوتزولة .سو امصمعل 


>34 


نك |اعدع امن عنتاعهءدا عممدتاله'! عل عمدعءه) 1922 عرطمعه'ل بزمعط ىن نجنوع (40) 
«إن كثيرين من الرعايا الإسرائيليين لدولة غربية لم يكونوا مستعدين للتخلي عن جنسيتهم؛ ويكمن 
البرهان على ذلك في واقع أنه. بما أن طلب الحصول على الجنسية لم يعد الآن بالنسبة لهم غير 
قرار يتوقف على رغبتهم الحرة. فإن الإسرائيليين الأجانب المقيمين في فلسطين؛ حتى الروس 
والنمساويين. إنما يترددوز. في التخلي عن جنسيتهم الأولى». 
1101ل 1اناءاءن27 .158 .01 .1915-1929 .عمتادع 21 .أمواعا .ماخ .1922 عرطمهه 15 (41) 

92 عتاماءتة 15 عا بد ن«انععاوص-مطمة مؤروورمن) *5 يلافطا 0116© غلك 


طعنط غطا مم1 صسفععات) ععمعطمدمدط .733/26/242 00 0ظهط .1922 عطمعه 16 (42) 
.جعنهما0ن عط ,هط كعنخها5 أ0 بمقاعوعة5 عط 0 عماإععاوط ,10 وعم تككتصصه©6 


دا عل عععفكن مدمعمعل عا .100 .ممعلدكضة1 ,دعنمدل! .قفالا .1922 عوطماعه 17 (43) 
...13113ذ ععموظ عل عنما أععممطء 


.طععنططاعنط5 ذ كعلءء<12 ,733/38/178 1922.00 عرامه0 20 (جه4) 


ع5 كامعسعمعأعموعظ عل متاءلان8 .101 ,معادكسصة_1 .دعامداظ .عمكا .1922 عرطماء0 21 (45) 
0 مم .1 .للا( .مسفصعوط7 .عكئيمامم/! ن وعاطينه:1 .ات «عودععءء: ما .12 


دا عل معتقطء مقصعمرل عآ .100 .تع [تكندمة[ ,كعامداط ,عمك8 .1922 عرطماءه 24 (46) 
...13102 ذ ععمة"1 عل عتع ا اءععمقطء 


87 كالعمةوع امومع عل ماعاان8 .101 .رعلتقكمة[ ,كعامدل؟1 .هالا .1922 عرطمازع0 26 (47) 
اء .غ011 امتصواقت ند اعنامسدك . !733/26/48 00 لطاط لبر جعوتععه” ما ع نرزاوءولهم .13 
-174115 اله 6 ارأاكعانط 1ذ 1مألقانأى أمئ امم :1 ١زه‏ 7رومء !1 .733/27/106 0© 0ط 

, 922 «عامء0 زه «أثاتهد” عذأا وتناطلاك امهل رول 


-170115 تله ء الأأاكعاعهط «١‏ تامألهاالزى أمعتاثامم عن[ دنه رمو ,733/28/288 00 0ط (48) 
.كعامدا! ,علفال! ,1922 عتطمعييمم 1922.9 ععطسعنمل[ أن «أبمهدم عا وتاعنل تمل رول 
لقنا أن ونقابعللا .16 ك5 كامعمعموعتعدمعظ عل مناعءلان8 101١‏ ملرعلمكسة16 

.66 .م ...هلازا اعمال 


كاقعمرعمع أعجدءع 1 عل ماعلان8 .101 ,معامكيدة1 ,كعنمة]8 ,عمآلل .1922 ععطمعلامم 15 (49) 
522 


دروزهء مذكرات, المحلد الأول؛ ص 6174. 


-115ل 1 1ه 6 لأتكعاهط ١ذا‏ 0/1ألهااازى أعءأنثامم ١١١‏ ١ه‏ إرممء! .733/41 00 0ظ][ط (50) 
2 «عطنععء 2 زه «ألضودد ءذأا وتنك ابول ول 


وغى عرادا عا كمهل عفسونامعء معلط امعدصعئغ النامتاعهم اذء لإنلواءةلاادكا عل «متاءهآ (51) 
.كعكلهمماآ ,1917-1925 ,المناك01) ع4 عذأ؟ لضن جتمعل وتاروعلعم .مدامدت) اوعلط عل عاتن 
.78 ,ؤكه") عأموط 


م" 


أتناكقة 0 أرممع!1 ,لمكع/113 رعمعك!ا عطا /ه ع01 20ع11 ,733/36/313 00 0ط (52) 
,8 دعلىء5 ,الممجيأء/لا ««تهنات) 06 كمعوءط فاه كرءلاصا 71:6 .0هطواعة0) )3 ععمع علوم 
3 ,ركع كم تاتكاعلالصمنا أع15:3 .1931 لإلنل-1898 إأؤنونسث 1[ .ا بععممهم 

.353-359 .مم ,لعرعممط عقم ممع 6ق امعدععبعلمةأان) 


ركاماتءعال4 مغندأامعوء!! ١0815ل2-طه4‏ «راعمط ,[ ,هماما اننظ ,هدامد© انعلا (53) 
.3 ,0355) عله هر ر5ع201مآ ,1913-1931 


كال 6ع أعدوع 18 عل «تاعلااظ ,101 .ديع ل2كنصعل ,دعامدلة ,مك8 ,1922 عبرطمئعه 20 (54) 
.تأهاأعفطق4 «نتدت'| عل د5ء107اما ن عوهنازه" عا .1 1ه 


(06) إدارة الشرق الأوسط بوزارة المستعمرات هي التي تدير شئون الانتدابات. 
كأوعمرعمع أعدوع ]1 عل منتاعالنا8 ,101 ,لمعاقدضدة1 .كعأمداظ ,علف1ل8 .1922 عرطجوءء6ل 12 (56) 
ناسين 


بكلقكونآ عطوه]! ,عاتهده1100 مدد»ا .عسنادعء اد يع عأوتهمهز؟5 عناوأغتامم ممتانغتأكمم 15 ع5 (57) 
وعقعتطان) 01 لإاتواع الو[] ,عتهلاتماط ءا «علنن عءتراوعاعط ,صتامط ذاعم؟د! ذا زه عدراعوة,0) 
.8 .بووععط 


زه كنعجهآ هاه ك5رءااما :71 :ا .طاع1ن1210 3 1922 عوطمورعء06 10-11 كعل عمناءا هدو عزهك/ا (58) 
رك5ع]2 لإالوكعلاتدلا اعهة5] .219-222 .مم ,31 .أ0/ ,درعلاما ىم كعاعء3 ,ابابمدددأاء/ة! مدان 
.(1©75اعما عدم 6مع ذك6ل العمرع سناع لغ اأنا) 1977 


اقنامء 0010 ,كمعاطمء2 لصة كوعرهوهءع2 .1923 ععلربة1 15 .364-382 .مم ,1 ,...كرعمهم (59) 
.ع0111 أدنوهاه0) م رممع8 


5..كاءذاعا (لمعقط نال عمتهافرعه؟) بعموعه/71 وماك 3 1923 ععتربت1 عل عمناء١‏ .1© (60) 
.-232 .مم 


.239-44 .مم .71 ...ورم 1اصل ,1923 ععتمة1 7 ع1 .طعوتككط ة ممقدمعء/18 (61) 


11 10 علط ااامزل «اكقانول2 امء 47 الإعاذاهتآ .1 هأااءة8 ,ععمدعء 616 عل عونآ (62) 
.5 ,رووع:2آ هماكة«حاء آل[ 01 لإاتذكء انطل] ,أكبيعءماه1] 


)0 210 ,1922 عءطووعع06 8 (63) 

.لاعلصةءظ8 اعدمامهت ده طعوتك1 عل ععناء1 ,733/41/749 00 250 ,1923 يعتامدز 8 (64) 
.8 0022 210 ,1923 نهم 3 (65) 

.3 000 210 ,1923 دنهم 14 (66) 


65 عتاقء ع0300ممم5ع2زهء عل ععمدطءة ,733/42/530 00 280 ,1923 ععتحموز 26 (67) 
.115155215ع -اناقط ع1 اء دعلا أداز كمو نالا ناكما 


>38 


.أعنالقة5 العطمع1] ؟أك 3 1120لا مسرم ,733/42/557 0© 210 ,1923 5يهم 29 (68) 


-3) .الوألأقامعكةمم .1921 ءابدوءاع7 .مهدل] عط اعدءدآ طمعول عزملا ,عع دمدمدععم ع1 ع5 (69) 
+0217 13طآ ,عوط ,كأعماكمةء/18 مقطنولط! عل كموتأمامصمة اء كتدلمداءع6م يل ممناعيل 


1997 
.49-50 .مم ,1938 متعصدااه0 عماعزلا .وععلمما ....صعاط ءمتتعواعع مطعوتكا (70) 
أل .مه بطعوتكا (71) 


كامع ممع أععمع18 عل مناءلان8 ,101 ,8 بلع ادكسدة1 .كعامدلط ,عذام ,1923 ععنوبة] 7 (72) 
8 


6 520 (73) 
.59 20 ]ط (74) 
(75) هذا زعم من أغرب المزاعم, فالولايات المتحدة كانت قد دخلت الحرب قبل ذلك بأكثر من 


3 


ستة سهور . 
0ه كلمع لرعمع أعدمع 1 عل متاعاادظ .101 .معادكسة1 ,كعامدلة ,تفاخ ,1923 ععتاهدز 21 (76) 


بعغال لاله لمحا أانعندء (رعسنمم) يال ترمتاه تعاع6ل عاأءنصرول8] ,26 


.170115 0الل عانأاكء|ه”1 ١(آ‏ ١نمالهننالى‏ لمعقاتامع ع1 تنه ترمو ؟! ,0/733/42/320© 2120 (77) 
3 برمانضهل أن تأنتتمدر عذأا وتتعلاكل هل مل 


.ع0111 لدندها00 ناه أعنامية5 ,00/733/41/198 210 ,1923 ععانامدز 27 (78) 


)79( 210 0006© 


-176115 2014 عانأادءأه انا «اوألكعالى أمعتاثاوم نأا دده ترممعء؟! ,733/43/134 00 20م (80) 
,كعلهةل! ,عشالظآ 1923 ععلبثة) 19 .1923 جممطءظ زه نامهد خا عنامال بعلمل 
اأعددم) عنه درو أاععاة كعطا ,30 كه كامعممعمعنعدمعه عل ملاعلان8 ,101 ,معادكسعل 

[أنهاءةوةا 


كادعممعمع أعدوع18 عل متاعلان8 ,101 ,8 ,تمعلدكنمة1[ ,كعامداط ,تفاخ ,1923 عرق 7 (81) 
بوعل لع أاعمم لاك 10115لءء6[1 وعا ,28 9م 


.6 ©2100 اه 33/42/4311 00 210 (82) 
(؟8) رأي ديديس في ذلك حلا للتعارضات بين العرب واليهود. 


اعدةكآ-واعمط ,كعكلهمآ ءمتتععاوط ١ج‏ ععلءء2 ««ع طوسلا ,متعادرعدوة/8آ لعددعظ عتملا 
.26.م ,1973 ,مم أغواءمووم 


.جاع تناطءاع ناد عل ع101! .733/42/390 00) 0ظ]ط (84) 


ه83" 


عع نعكلع1 عل «ناء لان ,101 ,«دعاوكدسة ]1 ,ععامداظ ,818 ,1923 كعهم 17 اك 15 (85) 
010 ل كما ,33 أن 32 95م 
5ع! كناد ع01116 [2نو0010© نال 15نا00ة1مممة1/1! . 00/733/44/357 250 ,1923 دهم 28 (86) 
.عمتادعلوط دع كوممتاعهاة 

َقدَمْ مصلحة الاستخبارات الفرنسية أرقامًا مختلفة؛ وإن كان بنسب مماثلة. 
اناق أع53111 اكعارع11 علد عل عتتصسديعةات ,733/43/[68 0 نجاط .1923 هم 10 (87) 
ع01 لدتمهام 
0010121 2 أعناصة5 ارعطيع1] عزد عل عتممتدععة6اغ /733/43 00) لط ,1923 دهم 21 (88) 
.ع0111 
-كاله17 لالت عارأاكوعلهآ اذأ (مالهنالاى أمعايتامم عنأ1 تنه أرممء ]| 733/44/59 0 0)خاط (89) 
.23 «أعمعاط ان «أادمس عدأ وساعل هجول 
*ه كاقعمتعمع أعووع1 عل صناع|آبن8 ,101 .8 ,معلددكدة1 .ئعامدل7 .عماللا .1923 ىهم 31 (90) 
.45-6 .مم ...ه21 .طعون] .34 
-كدله17 0ه ء1نااكعاه 2 ١ط‏ هناد أمعءتثامم ١6‏ ره محرت .733/45 00 0طآط (91) 


21كنم16 ,قعامدل8 ,تق314 .1923 اربج 20 223 [ امش إه «اتتيمنة عذا) وصنل فلعول 
ءأاوءاوط ها أمالعلط4 جأدمةءا ,38 9ه كتمعصوعمع زعووعظ عل متتعااسظ ,101 


.1015مآ ,المالاطارق أعأماته1 1( عداكعأمط أنه ناماا لطم وتنا .وبعلة طمعدول (92) 
.17 .م.1996 ,كعلك3 كالزصمامة 51 .لاا ددعءط مذن!! 34224 


.2 ”5 كأمع ممع تعدمع2 عل مناءللن8 ,101 .سسعامكسمة[ ,كعامدلة .مك8 .1923 نهم 21 (93) 
بأع1 077 106 |11 لازام © ,عأالعل سو زك ه12 هل ث عكثواعانه عكوع رمرم ها 


-17915 اله عاأاكعله2 ذا 0أهنالزى أهء ةلثامم ءا تزه كرممء !1 ,733/46/332 ©0) 0ط (94) 
.923/ نجهلا أن «طندمرر عناا وستعاتك امل رول 

*8 كااع0اع0ع أعدمع18 عل ماك [آن8 ,101 ,18 ,لأعلدكدعة16 ,دع)مدلط! .تتذاا ,1923 ننم 2 (95) 
ا ل قاء 

*8 كلقع 2ع أعكمع18 عل هناء1[نا8 ,101 ,8 ,دعادسعطة[ .كعنمداظ ,عمالخ8 .1923 منندز 18 (96) 
ءانه عل ددروزاعءاة دعل «منان |41 ,43 

0 اء ,كناةالنادممء اتعدومء غ1 كناد ععنوومل ,0/733/45© 0ط ,1923 نبز 13 (97) 
الهه0ل-كنه17 00 عاااعوعاو جا #نمالعاالاى أمعتنئامم ءذ[ا تره 1رمصع! ,427/142 /00/733 
.9 ونال كزه انام عذأ؟ وال 


(44) حول المؤتمر السادسء انظر دروزة. مذكرات. المجلد الأول»ء ص 575, وثائق المقاومة 
الفلسطينية... ص ص 58 - 76 


"4 


,44 "5 كالعصمعمع أعدمع18 عل ملأعلآن8 .101 ,8 بورع لمكيمة1 ,5عنمد1! .كتفاة .1923 منناز 26 

تعتؤؤمل .617 /00/133/46) .06هل عل دقرودمن) | جهم 5م016 كارم ا سناموة؟ دما ,عمتاععاوط 

2[ عل 5غععمم ع1 كياد 

(19) بعد موت اللورد نورثكليفء تولّى الدفاع عنهم قطب آخر من أقطاب الصحافة؛ هو اللورد 
بيثربروك. 

170115 انه عالأاتعاوط جلا انألهاالأى أمع تامع ءنأ؟ بره 1رموء ,00/733/48/126) لآم (100) 

.923 لوال زه تأاضمجم عرلا وصتعاتك عل رول 


"م سأمعمعمع أعكمع18 عل مع 1آسظ .101 ,معاددبمة6[ ,دع نمدلم ,عماة .1923 انامة 16 (101) 

:أله االتكصم أأعوددمن) ما .49 

)٠١1(‏ دروزهء مذكرات, المجلد الأول.ء ص 2077 وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص م/,ا 
-- 1 

ل ل-كده 1 كاقل عتتاوعاق © 11١‏ ١وألقفالاى‏ أهعتاثاوم عناا تنه أرممء8 ,733/49 00 وخ[اط 

.23 اكياعييش كإه 701117 ©1[1 هالأطياك 


عل عنل بح 1923 أءلأنسز 26 بال عتنامآ .345-350.مم .21 ...كمع 1اصا .ممدمجاء187 (103) 
.ععتطؤومنعج12 


عاطاممعامع؟ ,نأمط ك دنمط .1923 غقمة 31 كء 1923 انامة 24 واثاةن؟ئة عمعستولائط (104) 
.393-404 .مم ,1 ,...ومعمه2 ,ممقدوع/8 .1923 


كاهع مرعوع أعجوع 1 عل متاءالن8 .101 .درعلدجيية[ ,كعأمداط ,مك8 ,1923 عرطمعامءد 4 (105) 
تكذالا .1923 عطوعامع؟ 12 .ااعدديلط نم انك 6انوةا6ل ستل ءاكذلا ع«ناععامم .52 عم 
أمعل1و26ة ,ردممنه2 .14 ذ طدللء رط ذ ععمورظ عل ادلنكوه0 ,103 ,8 ,معلدكنم6ل ,كوعتمهلح 

قد انرااعءاط كعات دوزلء1آ )نك أه8] مما ,كعغع 6230 كعرندااخة دعل عتاكلم أ ,اتعدومده0 يل 


اتاء تاباصع ندمر) زروافلنيعالا 11 عتتاوعاوط ذا «أعتفام8 786 ,اع ؤوعووة/11ا لتدوعظ (106) 
78 ملإأعزع50 امعنءماكنةآ اهلامآ بعملمما .1917-1929 ععنالم) كمه ل-طوملم ع1 انه 

.125-99 .مم 
العطرع11 رتك ن عوتطكدملاعء12 عل عنال ذال عتااعمآ ,1923 ععرطماع0 4 , 00/733/50/47) 0خلط (107) 


أعنامة5 


كأمعمرعمع أعدوع18 عل وناء[آساظ ,101 ,معادكدصة16 ,5عنمدل8 ,تتفا8 ,1923 عرطماعه 27 (108) 
.« عطمجه ععازعع4 » نا بعترأاوءاه2 ,59 9م 


عل ماعلآن8 ,101 ,«تعادكسية1 ,ععادداط ,ملظا ,1923 علطماءه 12/18 (109) 
5و0 5أممع؟ ,11001001 اال عناراع76 بال للاعناعأنا تت عدل[ ,عترزاكءأه2 ,58 م كالاعممعمع اعدمعر 
7 1869 ملك عرتاوعامط 4[ «لامم 6غ1للاا 14 ,كطاتعء 5ع «انماء عا ,كلع نهآ 1[ 
,93 220 ,1923 عوطواعه 11 .342-344.مم ,« كهأناوناه8 » ,أ2)!00آ اأرعطوخ]1 


14 


1 نال «متصنات: 12 عند ععتكدول ,00/733/50/93) 210 ,أعناتصد5 رعطرع1] عزى عل عمرصدمععاة 
.عراماء0. 


47-8 وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص‎ )٠٠١( 
توجد مجموعة ثمينة من الوثائق الرسمية حول زيارة الملك حسين إلى شرق الأردن في‎ )١١١( 
كتاب الرحلة الملكية من مكة المكرّمة إلى عمّان والبيعة بالخلافة للشريف الحسين بن علي بن‎ 
.1١995 عونء إعداد: محمد يونس العبّاديء عمّانء وزارة الثقافة»‎ 
)112( 17 .أعناصة5 أمعطك1] عاد ة عسسدءعوةاء 1 .733/50/97 00) 2150 ,1923 عوطماعه‎ 
)113( 2100 5. 


-176/5 هالت ©اأاوء اه ١ذآ‏ ::0أنها !لاد أهءذاثامم ع1[ انه رمع .733/51/179 0 © ولط (114) 
.3 ععطماء00 إه تألارهد ©:[ا وانا تال الول 


كاهع ممع أعكمع 1 عل مناء11آن8 ,101 ملع أتكدصة[ ,كعامدلة رعلف81 .1923 عبطميعلمم 6 (115) 
جالو/اه8 «متتهتدماءقل وأ عل عمتهكرعنممشا .عدتاعوعاوط .60 عم 


كألعماعوع أعدوع1 عل وناع1آنا8 .101 ,معلدكنصة16 ,وعامدل! ,تكقا8 ,1923 عبطمعلامم 9 (1160) 


.علاو7)! عناواأطلارة]! ها اه كعاه:4 دعا عضتادءاه2 بعذتهلمزدايه: 7 .لمكم 


عل ماعلآتن8 .101 .ممعادددسة1 .كعامدلط .طملة ,1923 عبطمعع6ل 10 (117) 
1 ١ل0ألهنازى‏ أمع ةلثامم ءن[؟ «ره تروص ! ,00/733/52/259) 2150 .64 كج كأمعمعمع أعدوع ]1 
23 «عطنرعنملا/ زه تأنضمج 12 وتاصناكل تعمل ممل-كنه 1 لتنه عترتععاعم 


.405-6.مم ,آ ...تعره .تمفمعت لآ ,عيعمحط مز رومع ,1923 عرطوعلاهمم 12 (118) 
1 ....ورعلاعلا ,1923 عوطمعندمم 14 ع1 طاعوتك1 قاع اعسصوك معطيع]!1 عند ذ كعراع.] (119) 
.18-2 .مم 

عل مناعءلامسظ ,101 ,تعامكصة1 ,ذعادداطا ,خفلا ,1923 عبطوعامءد 17 (120) 
.54 17 كامعدمعمع أعدمع .1 


عل «عنعلانسظ ,101 ,لتعالدكدة1 ,كعامدلط .عملم ,1923 علاممعامءة 28 (121) 
5957 كألعمرعوع أعومع]1 


9 .ع لأطقهم/ء120 3 1201-0010101552115! . 733/52/281 00 210 ,1923 عواورععقل 19 (122) 
,67 29 كاأمعدمعمع نأعدمع18ز عل مناءلانظ ,101 ,لمعلتدعسدة1 ,كعامداة .تماة3 .1923 عرطمعءع6ل 
.أعككعالآ 801 اك ععهنزه: ما 


)123( 24 ق ع1 تناك08»ع10 , 733/52/287 00 2150 ,1923 عوطورعء6ل‎ 53110٠ 


-كاله: 1 0ه ونرطاىوع|هط «١‏ :11)01101أى أهءةاثأمج ء نأ دنه بجرمعء؟! ,733/63/192 0© نجاط (124) 
.1923 “«عطررععء 2 زه تأاضوده 1[! وتتعال «علرمل 


"84 


,070201 ]0 والله ©1116 فته ه81 ,الهاأسقط4 ودتكلا ,وهكاة/لا .0 بمهلة (125) 
.79-80 .مم .1987 ,ووعع بزاتوع امنا عولط هوك 


)١26(‏ دروزهء مذكرات. المجلد الأولء ص ص /الاه - 108ه. 
--71707 اله عذاكء اه 1١‏ 01ألهانااى أمءنانامم ع١[‏ جه ارمصء؟! ,733/65/232 00 جزم 
.1923 بجيمننجعل زه انمد ء١(!‏ وتأعلال «تمل رول 


#ضل اءااكلط 76[هل-تتنءأهكيامعل عم عنصيعة أوءارتامط زعىعءع5 ,733/66/409 0© 0ط (127) 
.4 صعصءر ,297 عدت لمتمعط 


,5ء0015مآ ,1917-1925 ,اروتاكء0) مك4 16[ هه رصعل ء«أاععاع2 ,هقامة©) انعكة (128) 
.179-22 .مم ,1978 ,وقة0 علمدط 


.106 ذ 93 .مم ,1938 ,2عم3|ا00 جماءالا ,5ع:لوم.] ....صعتط عم«ةادعاوط ,طعوتككا (129) 


ععءة1 13 دل اأمطدئدة8 ددمل ة عناعا ,128-130 .مم ,211 ,...ىء اما ,مممصددزء للا (130) 
1924 

.5 .م ...لها عارطادعاه2 ,طاعوة1 ,1923 يعترة]؟ 28 ع.[ (131) 

*2 كاوعتمعمع تعدمع1 عل ماعاان8 ,101 ,معلدكنمة1 ,5عامدل8 .تكة]1 ,1924 دهم 4 (132) 


.65 :011110001 كإنهاز أء 3101115165 اما ,15000116 ,1716 


(؟١١)‏ أضطر بونار لو إلى التقاعد لأسباب صحية. أما اللورد كيرزون فقد جرى رفض صعودء 
إلى منصب رئيس الوزراء بذريعة أنه عضو في مجلس اللوردات. وقد أصبح بالدوين الزعيم 


5 5الع0معمع أعكوع1 عل «أعاادسظ ,101 ,متعلتكسية[ ,كع تأمدلظ ,ك3 ,1924 دهم 8 (134) 

77, 77015004111+ 4 

كامعطمعمعاعكمع1 عل ماعاامسظ ,101 ,8 ,مرعامكنسة1[ ,كعامداة رعلة]8 ,1924 ذعهدم 13 (135) 

.6 أاك ءاه ,0278 

نص البيعة منشور في كتاب الرحلة.... ص ص 177 - 178. قََكْم البطريرك الأرثونكسي 
البيعة على مستوى واحد مع ممثلي المسلمين الفلسطينيين. 

كه كامعمعمعأعدذمع] عل مناعالناظ ,101 ,ورعادكدئة16 ,كعامدلظ ,تفلا ,1924 دعقم 16 (136) 

.عارلادء |2 ,79 


59 كالع72عمع أعدمع1 عل مناءلأنا8 ,101 ,8 بت 6521 ,كعام 112 ,علش]31 ,1924 11د 9 (137) 
5ه| أذكللة 7015 .ولرام0'! اء اتأءككلالط 06مهممم6؟م صل وستاكعاهط عأمعلرمرزديه:1 ,84 
000 210 هذ «منوة2 عدم 1924 كعقم: عل 5تمطر ع1 عنامم كعنو6نامم كارممم12 


ودروزه؛ مذكرات. المجلد الأولء ص ص ١لاه‏ - ولاه. 


"1 


كالع12عمع أعكدع 1 عل هناءلان8 ,101 ,8 ,اتمعلتكصة][ ,كعأمدلة ,عتفالة .1924 ذهم 23 (138) 
80م 

.111-114 .مم ,...صعاط عنزيععاوط ,طعوتكا (139) 

امل ءأطاكاط ©[إهل-تمء اهمع ل ١م‏ 6اسادة !1 أمءنازامط اعرعءء5 ,733/68/566 00) 2110 (140) 
.1924 47[ برهاا ءادن لوتروم 


*0 كادعمعمع تعكمع1 عل متاعلان8 ,101 ,ممعلددسة1 ,كعاهمدلظ ,فالا ,1924 نهم 21 (141) 
العلل كاعم كؤروارم» *7 مما .1 ,عارفاوءاوط ,90 


.119-10 .مم ....صماط عرتيدعاله2 ,طعوتكا (142) 


عطءةم6ل ....81 ,2337111 ,1918-1929 ,عمناععادط ,أمويع] ,عماة ,1924 إءالأناز 10 (143) 
.0 00 210 مع ععتدومل ندع [دكنصة1 ذ ععمورط عل أوفمقع اأندمم0 يال 


6 كاءىعهد كما ,لقه:15'ل ءاءؤا3 عا كمقل أعصعتن) أووع11 اء بإومععدا دعسوعد[ (144) 
.241-47 .مم ,1994 ,لعهنرة"آ! ,وتموط ,عةوممة 


عل 0 )لفالة]'! عل شعاط عل عتامصعم عا ذمهل أعزتد عء عند ععنتوومل أمعلاععدع (145) 
عل 5نةج20؟ غقلمقم عا كنامذ مقطئآ نلق اع عتكرزك مع عأكتوماك 6الاناءة'آ» ,لسامطط لمطامعاع 
.« 1939 8 1924 


.1122-5 .مم ....صواط عدزندءاوط .طعوتكا (146) 


كامعممعمع تععمع18 عل مناءأاسظ ,101 ,8 ,معلدددمة16[ ,دع نمدلظ ,طماة ,1924 انه 15 (147) 

لديل 

.93 كه كامعممعمع تعدمع1 عل متاعلان8 ,101 .مع أدكدمة1 ,كعامداظ ,تتفاخ ,1924 مندز 9 (148) 

نحن بإزاء نوع من خبر صادر عن كيش فعباراته مشابهة للعبارات التي استخدمها في دفقر 
يوميّاته. 

.113005 .تكش81 .65 .2017111 ,1918-1929 .عمناوء22|1 ,أمولاع[ ,ظلة1ة .1924 مندز 13 (149) 

.94 ,8 ,دمع امدسفل 

عع /1لا 3 كمع 8120 ,94 .8 ,دمع 2كدة1 ,5عام3ل! ,ظلق]/! ,1924 منداز 18 (150) 


هذا النوع من الحوادث يسمح بالتشكيكء فيما يتصل ببعض النقاط» في يوميات كيش» التي نشرت 
قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة» والتي تميل إلى أن تنسب إلى كثيرين من المحاورين اتخاذ 
مواقف صههيونية بما يهدد بالإساءة إليهم»ء خاصة عندما يكون هؤلاء المحاورون عريًا. 


)١15١(‏ «قال لي بكل أمارات ضيق صادق» ومع توصيتي بألا أحيطك علمًا بهذا الإفضاءء إنك إذا 
ما تمسكت بقرارك؛ فسوف يكون عليه أن يرجو من الدكتور سوكولوف عرض المسألة على 
الحكومة الفرنسية» مع صعوبة هذا المسعى بالنسبة إليه» بالنظر إلى رغبته في الوفاق مع سوريا 
وبالنظر إلى ما يحس به حيالك من تعاطف ممتزج بالاحترام». 

1 


وذلك زمن انتلاف أحزاب اليسار. وقد تمتعت حكومة إيريو بتأبيد الاشتراكيين. والحال أن 
ليون بلوم وماريوس موتيه قد جعلا من نفسيهما المدافعين النشيطين عن المصالح الصهيونية. وفي 
مراسلات فايتسمان (209.م .211 ....1//675)ء نجد رسالة إلى بلوم مؤرّخة في 3,7" يونيو/ 
حزيران 219474 حيث يتعلق الأمر بطلب تدخل من أجل رفع الحظر عن صحيفة صهيونية فسي 
المغرب الأقصى. ومن جهة أخرى فسوف يجري سحب فيجان في نوقمبر/ تشرين الثاني ١575‏ 
لكي يحل محله «الجمهوري» ساريل. 
.01113 ,1918-1929 ,عونادعاةط .أمديع.! ,تكذالا ,1924 ءا اأساز8 (152) 
مع 27 ع .5أمدط 3 لممعنزء/لآ ,85 ,203/111 ,1918-1929 .عمنادعادط ,أمداع[ ,ععتمالا (153) 
.1924 عوطمت] 
)١54(‏ هو أحد أحقاد الجزائري الشهير. وكانت هناك جماعة سكانية مهمة من أصل جزائري في 
الجليل» قام العثمانيون بتوطينها هناك في أواخر القرن التاسع عشر. 
151-22 .هم ...صعاط عماتنعواعم ,طعوتكا (155) 


0< ,ه53 5/ ,موكوعظ كعلدلا عل ععمععة)6: عل عرانا عل عزه؟ ,عمته]كة'! عاناه مساك (156) 
ؤزه12 دعل كمونائل8 عاظللةكتلهآ ,عاقهنامه3 ءزطه جل ل عننانهنرم!! نال ععابعككته 1 صا ,مقط 
.كاطع مامه 


.5ع01مآ ,ماوعا طعية4 ع[ آو بجرمزى 71:6 ,ططناات أمعد8 صطم1 ,علهكزم6 اءء بن5 (157) 
.62-63 .مم .1948 ,وممغطعنه51 لم2 ,علل1100 


-1918 ,لتعنع نهل[ أمدوتتها! طهب كه -معتددءاوط علا أن عع ورعترط +711 ,طتوعوط .لا (158) 
.(اءزناك ع1 كناك 1001م ع28]لاناه) 161 .م ,1974 ,0355 علمهءط .5عئلهم] ,1929 


الفصل الثاني 

النظام ال يا الفل طيذ في ع نيات ألقم 5 العث ين 

بكو ,اءاماكأل و5 كء عععنمامه/ة ,لمعددن[ عرغم نال عنواعهأوممعطاعة علسفك"! عملا (1) 
.27 ,ععمطانءن ابوط 


(1) كانت الميزانية السنوية 0٠ ٠٠٠‏ جنيه في عشرينيات القرن العشرين و 7١ ٠00‏ جنيه في 
ثلاثينيات القرن. 


02 .م ...عمو 1اظ 71:6 ,طتهومط .لا 
(") مذكرات, المجلد الأولء ص ص 5ه -7/اه. 


29 كالعمعقع أعذوع1 عل مناعاان8 ,101 ,8 ,مرعادسصصة1 ,5ع نمدلظ ,رعتذلة ,1924 اناد 15 (4) 
85 


1و١‎ 


(5) يبدو أنه ولد في عام 214417 وإن كانء لأسباب واضحة:ء قد اضطر إلى أن يتظاهر بالكيرء 
ومن هنا سلسلة من تواريخ الميلاد تبدأ بعام ١847‏ لتصل إلى عام 2١441‏ بحسب المصادر. 
انظر السيرة التي صدرت مؤخرا والتي كتبها إيراهيم أبو شقراء الحاج أمين الحسيني منذ ولادته 
حتى ثورة 1475.ء اللاثقية» 2١994‏ ص١7.‏ 
(5) على أنهم ادّعوا أنهم ينحدرون من عائلة كانت في خدمة سلاطين مصر المماليك الذين قاموا 
بإيجاد مقام لها في القدس في القرن الثالث عشر لإدارة الأماكن المقدسة الإسلامية. 
هاه أطثأدعناكهل! ءداود؟! ,عععنمل/ا «ء:[01) 5 درءاوئيمعل ,تطتطئمطددلظ متللط يعكحولظ وزملا 
,1990 ,تعاعد ,ووعع8 وعقطاآ ,920-1948 | ,ععننتاوط ممتسمتتوعاوط م« «وانمرعلولط1 
(1) بعد تنازل الملك حسين عن العرشء أقام في شرق الأردن. وفي يناير/ كانون الثاني ©2055 
جاء وفد فلسطيني يقوده المفتي ليقدم إليه التحية. والحال أن الملكء الذي خابت آماله؛ إنما يُرجع 
المسئولية عما لحق به إلى معارضته لتصريح بلفور: «رفض الملك وضع توقيعه على معاهدة 
تضمنت الموافقة على تصريح بلفور والمقام القومي اليهودي: ولهذا السبب تخلى الإنجايز عن 
وعدهم وتخلوا عن حليفهم السابق». 
“85 كالعلمعمع أعدمع 18 عل مناء[ان8 ,104 ,8 ,معامكيمة1 ,كعاهداظة ,كفك ,1925 ععتلامةز 27 
117 


ذ 112081325 .89 ,227/111 ,1918-1929 ,عمنادء |22 ,أمدلاعآ ,ظلف1ل8 .1924 عتطدعامم 8 (8) 
.كموط 

كازمد أأجبرى ها عل عنوانتامم مأسامبظئا ,طنوططمه لممدسفظال عرنذا دل ععوغءم (9) 
.17 .م ,1928 ,وموط ,نهل دهم 


عتلهةد عا ت1زه ,عمغدكء6) ه علاء) الوأكدةد + «مغارلهيبو ها عل سوط عبندوؤعممم (10) 
١30 5‏ 15 ن .1924 داز 30 ألدها ءا ومع عند زع وم) 
عانادءاه2 أ0 عنهاء ج11[ أن امم ,230 ,1918-1929 ,عمتاكعلوط ,أمديع.آ ,ظتلفاكة (11) 
أ ١نوأككتتتزلمء‏ عله0تتهدرر عدأ 10 وعاللتمطنلى ارمأتعراكتتنا رمه أأبكق ]0 جرمعبر ععلول عرتمعال 
علا بوط علتتدعاوط عم تعدرماككاهمن) «أعالا اا ظآ .لل أونام؟ !ا كددمةتعلظ أن عننوهعا عذار 
.ددع وع011ن) ورم عرتاوعلوط عن أن معلل جهن عنزايع ويس 

-510 52108 نمقع 107 ع0 161201201119 ,2276 ,1918-1929 ,عمنادوء 21 ,أقدلاع[ ,علة381 (12) 
.2205015 ذ5عل 100أكوتصمرمء 12 ة عادام 

6 .لقمتطاععغطء5 .8 طأمعو10 وممعدمصممء مهمد عل عتطمهعوم]ط 13 ,لإكاكم 136611 ع5 (13) 
,]0501ل كقصتوط]" ,دومعب نكما ءا ,أعتاصمءط هته «عءتتاعة"! ,923-1940 | ,بماد بواودةامطمل 


ها عل أ اماعط ,تعسمتامطء5 كنساءة81 عل عدنا أمعااعععع'! )ع ,1961 .لعولا بعل ,وعلدمآ 
1 ,عرعاممه0) 12 ركء[أعكناحظ ,مز «عداى ث واعسةلامطمل عل عموءةاةه ١د‏ ءازه:4 


.84-86 .مم رتعمأأقطء5 (14) 


"0 


.هم .1981 ,كغااهآ .)-.[ ,كاموظ ,عادلارماى مكاعم ها عل ء«نواونط ,معوتاة ممرواط5 (15) 
عننا ل المذاتء ناارأنا ,أ أمطاععة© متداخ ,عممعم6]غ عل عوورحنه'! عقم عع )6 اممرهء م .244-245 
.1993 ,لمقصستالةن .كموط ,عبوتتامح 6اتجء0مس ها ك أقه؟دا ,«مألهه 


عل متاعاان8 ,104 ,8 بممعامكسعة1 ,كعامدلظة .مك8 ,1926 عبطصعدمم 3 (16) 
.196 0 كاأصعممعمعاءممع 1 


01 .م ..لاء .مه ,#مطاءوتط (17) 


1 ,اعطلوط 0110 أوانصا .ةتأطقط5 فأأمخ ,ومتأكعنان علاعء كناك أمأمعصدلمه؟ ععدرنن0 (18) 
تعناناء تامهم هع ,1992 ,كوعع2 لإاتؤيع الملا لره0:1 ,1881-1948 ,ععجه 10 ارمدء 1 21015١‏ 
.126 -122 .مم 


1601171 )1ل كالاء071مأ0) ,لقتككقمنل8 ع1 عملتله1 .ععمعئقغ6, عل عووصن0 (19) 
.20 كععوعكء5 عل جعووعء ,ركمو ,لدءل0)-عنر40/| بال كةاأرمصتم دعا اك عداو1لة اهمد «ململا'] 
1207 


ععلتاطسةن0) عداوعءاوط «رمنم لمالا ان ««جمدرمعط لء0110 1136 ,كعجاعكلطا معدل (20) 
.66 .م ,1998 ,ؤوعء2 لإانوقع نونلا عع لءطمةن) روعأ لساك أكدظ ع1ل110 


.2 .م ,1974 ,ك5ع1 لإاتؤاع انم [] 01010 ,ربكا نرمن7 01 كارنع 01 786 ,لهالا 9210قجآ (21) 


.« اعلساط » ,ختعوط ,عكتمعايعرر 6 ©14| كحصهك إنيدز عحاظا رعممتاتطط ععلنهة8 (22) 
.م 


م ,211 ...كمع /ام] ,1924 غعااتنز 18 عا ,كقسصمط؟ لإمصعط دعم3[ 3 عمناع[ (23) 


ن «ذاءء8 ء2 بسعامطءد مطوء0 عل كتمعلايامد كع! كمهل عمممل عامصععه'! علهلا (24) 
متهم عمغتصمعةم عل اء لدطماع ععنتكوه2آ .223 .م ,1984 ,اعطعتاآ هتطاه ,كتعدط ,ادءاعسسعل 
.1-69 5.مم ,عنتما 1[ «ع0ت عامأاوعله ,لمكصم ه11 كمدل 


.6 .م ....لعهاطاط ع:[1 ,كعماء11! لامء3[ (25) 
(1) وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص 17 - 14. 


(ء025 لمتوما© سه أهاع ل ععتقاةعه؟) لإمعمرة ,733/89/420 0© لجزط ,1925 دهم 7 (27) 
.أعنامة5 اأرعطيك1] متو 8 


.انقصد5 أدمممعع دة أعنام:د5 رعطرع1] عزو ,733/92/304 00 2150 ,1925 5عقم 11 (28) 
.كنا82110 100 عل ناوع/ 13 كناد 0055166 ,733/92/122 00 2150 (29) 

+5 ,161 :207/11 ,1918-1929 ,عصنادء 221 ,امولاع 1 ,عتفالة ,1925 اترحة 2 (30) 
.5 000 220 (31) 


.لتقلانة0 ,13 ,1آ1آلاعاع<ا ,1918-1929 .عمنائتادط ,)مديعآ ,عفلة ,1925 الرحة 3 (32) 
يلف 


.كلقن ناة ععمدرط عل عتاكتمتم 
1120018625 ,161 ,203/111 ,1918-1929 ,عدناوء!22 ,أمداعا ,عطذكة ,1925 1زوماة 2 (33) 


أنا5ه0© ,25ئع120 مك03 .141 ,95 ,8 ,لع أدكناء6[ ,كعامدلط ,عها8ة ,1925 الرحة 4 (34) 

ععاو/ات8 0جها عل مومرملا ....عمناكعلوط عع ععموءط عل لورممعع 

ة عناوتممقائءط لتتعمقع أنكوه© نال أأعثت, ,733/92/309 00) 210 ,1925 انان 14 (35) 

10225 

إن جورج أنطونيوسء الذي كان آنذاك وكيلاً للتعليم في فلسطين؛ هو الذي كان قد كلف بمرافقة 
اللورد بلفور. ويرى القنصل أنه قد أدى واجبه بكثير من الكياسة. 

اهنبل زه كعتنتامط +111 بعاعقفتيدا!ا :اعدء 1 16[ 0ه وأببرك ,لاسمطعا .5 مناتطط (36) 

.142-143 .مم ,1987 ,ووعرط لإاتوكء اتصلآ مماعمولوط ,945 [-920 [ بترو ةاهنرمنتهولل 


3 كأمع ممع أعودع1 عل مناءالن8 .104 ,8 بورع لتكبمة[ .وعامدلظ .تفاخ .1925 انعد 16 (37) 
.ع 1أاكء اه اكت المتننامره' أ ات 0:165 0 عل كانء عار وعا بء«رزاوعءاوط . 131 


(4؟) بيان نويهض الحوت. القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين؛ !015148-151 
مؤسسة الدراسات الفلسطينية» بيروت. .١3485‏ ص ص 25197 - .١45‏ 


أنا0015©) ,11311825 وماكة) .14 ,117 ,8 ,تمع اتكتاءة[ .5عأمداظ ,عذال ,1925 انج 25 (39) 
.كعانرهام2) كع عراعتضتسر فال عدايعء لوط دن مرتكتلا .... لهرفومع 


النص العربي متشور في وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص 48 - 417 


29 كالعمعمع أعدوع 1 عل ملاعالن8 ,104 ,8 ,لعلقكعاة1 ,كعنودل! ,عذفاة ,1925 1نراد 30 (40) 
ّ 133 


دلق لاتطععطاه] عل ل«مصقط عل كتنامع15[ ,1925 نهم 29 سل عاثاقهركا عرعضولائا (41) 
1925 نهم 17 نل باتحخ-اع1 عل عناعمعدداد 


.82 .م ....تصهاط عدرفاوعاوط ,طعوتكا (42) 
.5 022 250 (43) 


,كه هلظ ,114 ,213 ,207/111 ,1918-1929 ,عمناوءاد .أمديع ا ,كتفالط ,1925 6ناه2 25 (ج4) 
ة ,عطعتكاسة مع عدوتاطيام16 دآ عل ععاكتم 1/1 .دتقطعء2صسيوعظ8 عل .81 ,94 ,8 ,وعامدتع1ل 
,1918-1929 ,عسناكءلةط ,أصديعا ,تتذالا .كم غعصدماة كععتداقة كعل عتاكتصلم ع1 عنعأكدمكل1 
.0« .1 ....كعم260آ ,تمقموم لا .عاكتوزى عؤرورم “4 [ فال اذاه |أ)!8 أمداتند ء 225 ,21/111 

.450-468 
87 كامع0عمماء1225 عل مناءالن8 ,104 ,8 ,مرعاددددة[ ,دعامدل1 .ماخ ,1925 نهم 29 (45) 
نعللا تتممع)! اععتنتامط ,733/94/648 00) 0غخاط ععبصناط لصا كك دع اكأن«وأد دصا .1 ,137 


125. 
15 


*م كامعمعمع أعدمع 1 عل مناءألن8 .104 ,8 ,مع أمكيصة16 ,كعامداظ ,ظلهالا ,1925 مندز 13 (46) 
نال طعوتكا ة ممفسجاء/17 عل ععااع! ها تككيية عزه/ا .ءمتيوعاوم ,1925 منناز 13 دمع افددة1 ,136 
ّ* 52 .م ,1211 ...دع ناما ,1925 صنناز 4 

.م ....تصعاط عسفامعاوط (47) 


”م كاضعمرعمع أعدوع1 عل مناعاان8 ,104 ,8 ,دع لدكبصدة1 .دعأمدلط ,ذلا ,1925 :نم 27 (48) 
145 


0 كلهم! ددمن) .عععالاد تعطمماكتعيط) كمقل ععمساط لجها عل اتدعومم سعط و18 (49) 
.1965 ,كمهذاا0ن ,ؤععلوممآ عمرور 


20 .م ....حصعلط عدنيعءاهط (50) 
(01) هذا موقف سايمسء. الذي حل محل كلايتون في السكرتارية العامة للانتداب» 
.0 .م ....جعاط عمستتوعاهط 
.5 عتطاماءع0 31 ,733/98 0) 0خزط (52) 
0007 280 (53) 


0 يلقن عرنامءه 19 بلكل عنغدء6) 6 ععندءا «وأودعد أامرؤزاوعد ها عل نسيعنارءدد-ئؤغعمرع (54) 


. 1925 اماع 


رع أعزناد ع! عناد كعمرلاك عل تعنودهل هن 733/116/406 00 0ط مع عامصعي عدم ءته/ا (55) 
.1926 ععطمرعامعة 


نه اننع 7نارعن0ر) بوولعلانه كما 1116 ,عدالوءاه! درا «أكقلل8 7176 ,سأعاوعووة/لا لسممعظ (56) 
.مم ,1978 ,لإأعاع50 أهعترما5ز11 لدلامآ ,مملممآ ,1917-1929 أعنازممن اأعاسول-طهء4 116 
.151-55 


09 كالعمعمعأعدمع2 عل صلاء[ان8 ,104 ,8 ,متعادكدة1 ,كعامدل7 ,عقةا/! ,1926 كعمم "1 (57) 
168 


.126 عنطماء207 عل يعنوومل غ١‏ 733/117 00 2150 ون عاممعءءء عدم عته/ا (58) 


كع 16ا716ه77اعم المأككلانباام هأ عل ارماكوءد عغأسضعه ها عل سوطرعءءوؤعمرم (59) 
.6 نبز 25 بات 8 بال عباغدرءز) 6 عل1عا 15ه10هد 


.26 عطميع01م 17 نال 11ممم12 .733/118/326 00) اخلط (60) 


كالعممعمع نعدمعز عل قناع لان8 ,104 ,8 ,دوع امكعة1 ,كعامداط! ,لم81 ,1926 عبطماعه 61(.16) 
كم 


.3م ....صماط عارااوءاهط (62) 


"6 


.4 مم ,...صعاط ء«تاوعاهط (63) 


؟5 كامءمرعمع أعدوع1 عل طناءلأن8 ,104 ,8 ,مرعلدكندة1 ,كعامدل؟ ,عماة ,1927 انويحح 9 (64) 
.1 أمكسدىةل ث كءأعوآعنابه: ودوذاءهاة وصة ,218 


بالمأكدءدى مجه ها عل أوطعد-ئغعمجم ,كتملههم دعل عا1اعنه ممعم «رمتكدا«61) (65) 
. 7 أاءااتياز 6 ينه ايز 20 يال ممغدء 2 © مااع 1 


.2 .1918-1929 ,عسناوء221 ,أمهاعا ,فكلا (66) 

منحه مرسوم صادر في عام ١977‏ الحق في الاتجاه إلى إصدار تشريع كهذا. 
كاهع ممع مع تأعكدع18 عل متاعااب8 ,104 ,8 ,دع أفكدمة1 ,كعامدآ! ,814 ,1927 عرطماءه 25 (67) 
22229 
عل «تاعلاس8 ,104 ,8 ,لع ام2كدة1 ,كعاهداط ,عفلظة ,1927 عبطمعلامم 15 (68) 
*5 كأالعلروعمع أعكمع 1 
0 00) 2150 مع ععنووه120] (69) 
.و (©0)) 2150 ون مث 120551 (70) 
.8 000) 20 مع ععنووه (71) 


87 كالعلرعمع أعدمع1 عل مناء[ان8 ,104 ,8 ,مع لفكنصة1 ,كعأمدلظ ,عذ]ة ,1925 انه 11 (72) 
.كع كنا 102 كء| علامع أء كانات 121/7 5ء| عيامع علتندعهمه:2 1٠١.‏ ,ءدزادوءلوم .1/42 


,ناقعىة!821 اند .351 ,115 .8 ,بلع ادكعصة[ ,5عنمدلطة ,عمل8ة ,1925 عبطميعامعد 30 (73) 
دمد 3 بعمتاكعاوط مع ععمورظ عل لأدؤمعع )تانكم تل أمدقع عممدرط عل انوومكت 
: عننأاكءاهط تك اوألهلالا35 ,كع غعصدهاة دععنه]قك دعل عمادتم 181 عا يعتكمه81 ععمعالاععجظ 


كاهع23عمع أعكمع 1 عل متاع[آن8 ,104 ,8 ,درعلقدصة_1 ,كعامداظ! ,مك1 ,1925 عرطماعه 19 (74) 
.كان ]الاي كاناءلهاأعه دعا .1 .152 9م 


عل غةاناكم00) نال أمقرقع عط ,100 بنع مك16 .دعامداط ,3814 ,1925 عباماعه 21 (75) 
...02113 ذ ععمدط 


عل غتأناكهه00) نال ادوقع عآ ,100 ,مدعاتحعة1[ ,وعاهداظ ,علةكا1 ,1925 عدطماعه 27 (76) 
--.109ن0 ة ععموظط 
كالع 9ع أعكاع 1 عل ملاع اانا8 ,104 ,8 ,تع أدكنصة[ ,كعامدا! ,تتفال! ,1925 :م01 27 (77) 
.عاذاد ءاه ١آ‏ 0 015 7تأناكلة: 5ع| © ك5هنتئه 0 عل كلاء 6171نت 5ع1 .1 .153 9م 
طه4 5ه ععننتاه5 :11 عنمفتبعا! اعدءء! ع[1 غهانه وأجلز3 ,لاكنامط؟1 .5 متائطط (78) 
235-42 .مم ,1987 ,ؤ5ع:ا لإاتواع/اتوتآ سوماععمعط ,945[-920[ ,امكتلهدمننهلظ 

لذن 


إبراهيم أبو شقراء الحاج أمين الحسيني منذ ولادته حتى ثورة 575 ١ء‏ اللائقية. +2153 ص ص 
12-1 


عل ماعااس8 ,104 ,8 ,لمعاأقدنصة1 ,كعنمدا! ,عتفا8 ,1926 انرحة 27 ,معادكت1 (79) 
.6ككناه1/! أطاهل! ع0 5ه/2] دصا . ! ,174 *5 كاسع ممع أعممع 1 


-1918 بامعمءدها! أهدمنتعلا! طهبك4-ممادزنوعامهط عذ[ا 01 ععدعع 6 1136 ,طتهممط .لا (80) 
.325-238 .مم ,1974 ,0255 علأمةءظ ,كععلوم1 ,1929 


م كامعممعمع أعكمع عل صناء لان 8 ,104 ,8 ,لتعلدكنءة1 ,كعامدا! ,1148 ,1926 دهم ”1 (81) 
.عناو1ةةتنهأكا عنة ؟صلا3 اأعكادمن) عنه ك«مقاءء ]6 وصآ . ! ,168 


2 كالعممعوع أعذوع18 عل مناءاان8 ,104 .8 ,ديع ادكدءة[ ,كعنمداظ! ,فاخ ,1926 نهم 16 (82) 
.اكءله2 ,177 
.7022865 أناكناتم 5عئ1ة!1م ع560-كلامد ,31-33 ,عناوا له-1 ,ظلذ]38 ,1926 اتلد 13 (83) 
مم8 3 لها 1ن ,ع:021) عا ,8 م عصسام 
«إن دعاية موسكوء والتي لم يجر الشعور بآثارها في الشرق إلا منذ نحو سنة؛ء قد اجتهدت 
بالأخص في نشر فكرة أن جميع الحركات القومية الموجّهة ضد الدول التي تمارس «الإمبريالية 
الاستعمارية» إنما تجمعها آصرة تضامنية. وهذه الدعاية» التي تهمل عن قصد المذاهب الشيوعية 
الأصلية وتقتصر على خلق تعارض بين الشرق والغربء إنما يجري القيام بها بشكل بارع [...] 
وتحت هذا الحفزء فإن الحركة القومية المصرية التي تظاهرت دوء! بأنها حركة ترابية بشكل 
حصريء قد فقدت هذا الطابع وأصبحت مناوئة لأوروبا؛ فالصحافة الصادرة بالعربية في مصر لم 
تخف تعاطفها مع متمردي الريف ثم [32.م] مع المتمردين الدروزء وقد رأى زغلول أن من 
واجبه الاحتجاج علناء في الخريف الماضيء على قصف دمشق. وقد نشأت حركة مماتلة في 
البلدان المجاورة وخاصة في الهند». ونجد الشيء نفسه بالضبط في فلسطين لَيضًا. 

,104 ,8 ,دوع [ةذنمة1 ,كع ام 113 ,عل1814 ,1926 3004 12 (84) 

د.وزهء مذكرات, المجلد الأول»ء ص ص 5050 - 5١١‏ (صورة زنكوغرافية للوثائق)- 
56-7 .مم , 1927 ,ءكتعجواته و عأكفا (85) 
كاطع ممع تعدمدع عل مناءلان8 ,104 ,8 بدعالمكطة1 ,وعنمةل! ,هكلم ,1927 عءاامدز 22 (86) 
50 


نة-ذعقم عل كامعمرعمواءدمع12 عل كمناءالناظ ,104 ,8 ,معاددة1 ,وعءامدلة رعقه381 (87) 
238-40 .مم ,...ععاء م716 71716 ,تلنهره2 .لا .1927 


دروزهء مذكرات, المجلد الأول» ص ص 558 - 215. إبراهيم أبو شقراء الحاج أمسين... ص 
ص 548 - 0ل 


(88) هؤلاء المبشرون قادمون جدد وتعوزهم حكمة تبني ممارسة «الدعوة عن طريق ضرب 


11 


المتل» العزيزة على من يكبرونهم والمستقرون منذ القرن التاسع عشر. وهم ينخرطون في 
محاولات عبثية إلى جانب كونها استفزازية لتوزيع نصوص دينية مسيحية في الأوساط المسلمة. 
وممثل فرنسا في القاهرة لا يرحمهم في حكمه عليهم: «يجب أن نلاحظء في الواقع» أن المبشرين 
الأميركيين هم دوما تقريبًا سبب الحوادث التي من هذا للنوع. وتوجد بينهم بعض الشخصيات جد 
0000 7 9 5 3 1 8 8 5 
المتميزة» بيد أن بينهم أيضًا من ينحدرون من الأوساط الأكثر عاديّة والذين يتخيلون أن كونهم 
مولطنين أميركيين ومبشرين يجيز لهم ألا يراعوا لا قوانين البلدلن التي يمرون بها ولا مشاعر 
سكانها الدينية» 
لممفظ ذ لعد!!:ه0 .148-149 ,25 ,عامروظ ,1918-1940 ,عنونكة->1 ,عذاة ,1928 01 20 
موأككنه كعصمعءنمءعاء كهمنانكتاكما كعل )امملمعم ع1 أند؟ عل أنداة عانا26:د ععمؤزالق'آ] (89) 
.كع لهم 
كان التحالف الإسرائيلي في للواقع صنوا للمؤسسات المسيحية التبشيرية. 
115 70/111 ,1918-1929 ,بعمنادءاة .تأضولاعآ ,عفلظط ,1928 كتمهم 24 (90) 
عل متاعللن8 ,105 ,8 ,«ليعلمكصة1 ,كعامداطة ,تلفلا1 ,1928 انبج 9 .كععيءنعناء, 
248 29 تامع عع أعدمع 1 
بيان نويهض الحوت. القيادات.... ص ص 774 -517. إيراهيم أبو شقراء الحاج أمين...» 
ص ص 560 -59. 


(11) دروزهء مذكرات؛ المجلد الأول» ص ص 501-50١‏ 
(41) إلى ذلك الحين؛ لم تكن الحملات الصليبية سيئة السمعة باالضرورة لدى الرأي العام 
الإسلاميء انظر ما كتبه عنها محمد عبده في رسالة التوحيد. 
(؟1)تروزهء مذكراتء المجلد الأول»ء ص ص 5575 - 514١‏ 
(14) وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص .1١1١- 151١١‏ 


.كعامةلة! ,تلفكلخا :52 ,2001 ,1918-1929 ,عصناوعء 1ط ,أمويع[ ,عل1814 ,1928 انراد 26 
.250 29 كامع د عمع تعدمع1 عل متاعاان8 ,105 ,8 ,دوع امديدعل 

اهعمج أعكدعآ عل متاعالن8 ,1927 عوطماعه 31 ,104 ,8 ,لع أهدب164 ,كعنمدلظ ,مك3 (95) 
,7 عوطنمععءةل 10 .232 “2 كالعووعمعاعكمع1 عل مناعلابن8 ,1927 عوطروعلامم 15 .231 9م 
.2 *ه كادعمرعمع تعكمع 1 عل سناع لاس8 


294-02 .هم ....ععارعع عط 771:6 ,طتهعمط لا (96) 
كالعماعمع أعودع1 عل مأاعالن8 ,104 ,8 ,دمعاقكنم16 ,كعامدلة ,كتهاة ,1927 إعءالنز 7 (97) 
27 


عل مناعالن8 ,104 ,8 ,بصيعاتكنه16 ,كعامداة ,قتذكلة ,1925 علطمعلامم 29 (98) 
.159 *2 كاسعمعمع أعدومء 8 
مو" 


وعلدكنمع1 6ه عنقطعء عوط «ملمط02 كاعم عط]1 » .تومطمنك] عمطموط (99) 
024 :هةك4 ٠.‏ عمناععاد هذ عن لم8 طكتتفظ عطا كه دمعلا عالتمصصوظ غطا عمكصسل 
-17.مم ,12-1 ,كعتفساك مع ترم 


"0 كالعتمعمعاعكمع1 عل مناءاآن8 ,105 ,8 ,لاع لدكدية1 ,كءامدلة .عف81 ,1928 كعم 6 (100) 
.000 116و ةالاوم وآ © 710615 تلاوءناها0!! 5ع.آ . [ ,243 


.5ع7]201 رعلف1ا8! ,1928 21م 26 .251-255 .مم ...ع ءتعع86 +71 ,طندعمط .لا (101) 
بأصداعا ,فاط ,1928 عنسز 11 .254 عم كامعصسعمواعممع؟ عل مناعااظ ,105 ,8 ,لمعلددسةل 
..-21622كن16 ةق ععصةءط عل اممممع اناكده0) .67 ,2)0211 ,1918-1929 ,عمأإوعلوط 


37 كاقع لاقع أعكرع 1 عل مناءلان8 ,104 ,8 ,تمع أ د كك[ ,5ع1م7[3 رظلة]1 ,1928 مننز 21 (102) 
.عطمعه عن برع1:م) 7 عا .1 ,258 


دروزهء مذكراتء المجلد الأول» ص ص 57١‏ - 1750. وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص 
.١١5 - 6‏ بيان نويهض للحوت. القيادات...» ص ص 198-20519868 

.4857- 855 تتباين التقديرات بحسب المصادر؛ ونجد قائمة في كتاب الحوت» ص ص‎ )٠١( 
)104( 81. عطقتة هع عماعا عرغم عا .382-384 .مم ....كقانت دعل ملاماء!! صا ,كمعسهآ‎ 


عصدتلدلعمسذ ع عمكتاقتممام كته) ها ة عصوميء 


258-22 ,20377111 ,1918-1928 ,عمناوء|ة2 ,أمداع] 8 ,ككة11 ,1925 عرطممعلامم 25 (105) 
عط .)1 ععمع | اععياظ دمذ فق ,عسناكء او مع ععمدء] عل لدقمقع أناكم0© ,كقعع 112100 مماكدت) .131 
.6208615 كعونه)لة كعل عماكتد نكا 


عه 17/0101 وبنا1]' عط معو ساع8 بوبورعك لممعاءع دصق » ,لقم ناتع1 مسعطهدعء81 .106 
كععننهالن) «وزها! ,لقصانات أعوءدتلا مز ,« لإووعل مدعمصسسظ 10220 علنانالخ 5ئغآ لم 
بلاتعطكة /ا 20 لا بمععلدكدة[ ,اكيوءعماه8 ء؛ أن ماعلا عم بط عاصمءط «اإعتسعل ع[؟ ست اللا 

.156-159 .مم ,1996 


442 .م ,7611 ,...كتعائعا بممقمرجةء:/1787 (107): 


عمعنتعومع2 عل متاعلان8 .104 ,8 ,دمعلدسدة1 ,ؤعامداظ ,تفل ,1925 عبطمعلمم 29 (8ن:) 
.نالع اراك ء له م-م الى ةدرمز ها عل !ادعلا ها ,159 م كاوعمر 


.1926 اناج 9 يلل عنتامعركة كرعنةلا'رآ (109) 


كاقعممعمع أعقمع1 عل مناءاان8 ,104 ,8 ,دوع لقكندصة1 ,حعامداة؟ ,رظذفالا ,1926 انرحة 17 (110) 
5217 


.0 ,2017 ,1918-1929 .عمنا5ء 221 ,أمدناعآ ,عملا (111) 


)١١1(‏ الواقع أنه مبلغ كبير بالفعل يتراوح بين ١١‏ مليونا و١٠‏ مليونا من الدولارات. 
ك1 


ذ أماعطاك8 ,35 ,20375 ,1918-1929 ,عمنعءاد5 ,أمداعآ ,ظفلة ,1926 نمدم 4 )1١13(‏ 
يه 


31 .م ,2111 ,..عمعااعا ,القطوعةا! دننامآة ممقدعاء لآ ,1926 نهم 13 (114) 
.45-46.مم ,2111 ,...كرعناعا ,طععتاط لع نط5 ة ممقددنء/77 ,1926 نهم 28 (115) 
85-7 .مم .111< ,...ورعااعا (116) 

ه468 .مم ,1 ,...كرعمهم2 (117) 

.472-46 .مم ,آ ,...ورعءمعم (118) 


عل مساعلان8 ,104 ,8 ,وعأمكدة1 ,كعامداة ,عل814 ,1926 عبطماعه 16 (119) 
ع[ ,2 ,ك2 ,عمنادء|22 بأمهناعآة 28 رعتقالاط ,1927 ععلبثة] 28 ,195 عم كامعمرعمعنعومعع 
كععنهة)1ش دعل ع الما غ1 .164 عممع [أععءاط ممذ ةق ,عمتتععلوط و ععمدءظ عل أوءفمقع اتكدمه0ن) 
.مقط ,كعرقع م 2ناة 

ع025طاملث .11 ,220116 ,1918-1929 ,عمتادء 21 ,أمدباعا 2 ,رظل814 ,1926 عوطمعه 25 (120) 
كعل عتاذته 84 عا .14 ععمعااععاظ و50 ق ,عمتاكعلوط و ععموءظ عل أوععم6-انكوده0 ,عرزمط 
.011571اى ,كعوغع دكات كع رنهالهم 

.م.1111 ,...دء لاما (121) 


...كاعلاعا ,كعل8 12010 عنعدنم710 اء أعساءط لامطلرعظ 3 ,1926 عبطمعرمم 25 (122) 
.138-144 .مم ,2111 


1 ,2000 .1918-1929 ,عمنادء21© ,أمداعآ ,قلفلا ,1927 نهم 2 (123) 

ع1 مومع أناكه00) عآ,2 .20115 ,عدناوعء221 ,أمداعآ 8 ,عهك8 ,1927 ععطمعامعد 2 (124) 
235 ,كعكغع 0هناة 5ع5ن3]كة كعل عكاكنهة1// ع1 .76 ععدعااععءا م50 ذ عمناععلوط مع ععمورط] 
516-11 .مم ,1 ,...كمعمهم (125) 


عل مساعلاسظ ,104 ,8 ,تصسعلدكدة1 ,كعنمداط ,عتفكة ,1927 عبطموععفل 20 (126) 
للاوطها نه كاروص؟! ,733/145 00) 810 ...ورعارياه كعأطياه:1 . ! ,236 *2 كتمع ممعمع أعكدع 1 
...ءابامكلك 

,1928 اع لانن[ 31 ع1 ,ممع هكد[ .371-380 .مم ,...كةانءت دعل «باماء1 عما ,كمع نامآ .11 (127) 
1928 )200 11 .265 عه كأاسعمعمع أعدوع1 عل متاعاان8 ,105 ,8 ,مع اتكدد14 ,كعام 113 ,تكهالزا 

ركة07 طرعةةاكاأهاعود قء عاكتلمدمالم علق ,أقه :داك ععستوتره عدف ,العطدعاد ععم2 (128) 
.363-364 .مم .1996 ,لعتناج]1 


الة / ما 

الاقتصاد السياسي للانتداب 

أعء161كلا ,لانصا رام عذآ؛ جا عراماط ع4 ,ععواظ ومعلأ0 ,ععمء6 ]6 عل موجن0 (1) 
رككعء© متامقاآ .54 ,1917-1929 عدزنوماوط انا «مائهجاكتمتل4 اكتناء8 ع( 6ه وأصهجومء) 


هته عانذاكعاءظ زه أوم6ط8070 11:6 .1994 ,رصع أتكتدة1 ,ؤوعءء عمعة81 عغط]” بكارملا بعلم 
.1934 .وع05همآ ..0©) لهة هذا لت لاعد81 ,ومناتلت عمغتكامكا ,معدرمل-دمه1 


-جة: كعا 5غعجة'ل ,246.م ....ء«تادءاه2 اجا جأىة1ة,8 77:6 ,صأعادعدعة11 لعقمعظ تععسسود5 (2) 
.كعنالوتممقتقط 5اع:015 كترمم 


(؟) يتعلق جزء كبير من المناصب الصغيرة بالمواصلات خاصة (السكك الحديدية» البريد). 

.م 5.1٠.1931,‏ ,كته واعثر تعكهأ! كنامك اابلاعا نلك ك5نهك1 دعا ,«نام0"2 0ومتررة 1 (4) 
(0) أشكر السيد إريك مايرء زميلي بالمعهد القومي للّغات والحضارات الشرقية» على تزويده ليائ 
بهذه المؤشرات- 

(1) انظرء في الفصل للسابقء المقام القومي اليهودي زمن «العاليًا» الرابعة. 

111001 عولتطامسةن) ,عسادعاوط «روتعلمهارا| تزه ردم«مدوعط مع 4ا21ط 11:6 ,كعماع ةا امعو[ (7) 
.مم ,1998 ,كدعو لإانويع نانهتآ ععلعطسف ,دع نلنا5 امد 

يجب أن نضيف إلى هذا العمل الممتاز كتابيّ إيراهيم رضوان الجندي؛ سياسة الانتداب البريطاقي 

الاقتصادية في فلسطين والصناعة في فلسطين إبان الانتدابة البريطاني, دار الكرملء عمّان» 


١4 


ع عو 1946 تممنيعل فته 1945 «عطدعءء12 عجة فلع تمجءمم عايأاععاوط كره «رعتحيرى 4 (8) 
1 عل امتوعا .141 .م ,صسوما زه ععلتصمن) مععامعدم م ماعودة ع1 كزه مقلم «مملاا 
.كءذلن50 عمتادء[ة .ه؟ عابطتاكه1 1 عدم 


(9) دروز وبهائيون. 
2 .م ,1 ,...ترعتصير3 (10) 


ركعناوعة؟ عممنتائط2 اء ععدطكنه0 أعدكداملا باعزناد عه عناى لقامعم:ةلم؟ عرأانآ (11) 
.1992 ,لكقلزة"1 ركمو ,عمال أت عطععه ماك[ "ا عممعك كلتال ك كمعتنةرطل) 


.0 مم بهنط! (12) 
.147-148 مم ,1 ,...تروصيرى (13) 


سه ج«عاطمءط وستنوعاعءط ,تعومعت اعنهو٠ط‏ ,ككة0 نوء05 ,مقطندآا8 .12 رعه50م (14) 
142 .ع ,1946 ,كمتهورة عناطياط جره اتعضياه2) «بععصء 471 ,لإفلاا3 عتتممعظا فيك ,ععترموط 


.م ...ع أععله مقط )8 كعطه10 (15) 
كاسم 


.0 .م ...1104 116 ,ععقاء11 امعو[ (16) 
.م" ....لء 110 :17 ,اأعقاع 11 م2[ (17) 
.5 ...م110 11:6 ,؟عقاء11 مم3[ (18) 


طله4 تنه كزه 1/مأله :1721501 بت/قه11 ,لالدعائء5 نرد/! عل عمباذ! امعااعععرع'! ,12115][ سد (19) 
.95 ,ارلا بناع[1 رقع201مآ ,كمع طكتاطن2 كتنة1' ,1918-1939 ,نراءاءعمى 


.132-149 .مم ....ععتممظ م4 ,ععونظ ومعل1) (20) 


,العطامعا5 اعع2 عل كععتماوء1070م اء 20)65م2ء06 كع5ل[ز21مة 5ع1 زه ,أمتمم عه كاذ (21) 
.1996 ,لكةاة*1 ,ذتكة8 ١,‏ 7كتلماءهك اك ع١كتاهدمائمه‏ عرندك ,أقع كلل كءراع 7ه س4 


776 كفقل تتدقم ,(8351 عمتعمقطء عغط1) «ععمقطء تناو أمعن0ل» ,عموء هآ .8 .1 (22) 
.] ,ععدع «لاصلا 28 :7 ها أممنها عدغرغط]1 عل ومناعن 120 .1920 عءطمعامعد وى عاطه1 ل سيمل 
.238 .م ,1992 ,« كلأناونا80» بامه)1هآ أرعط10 ,235 ,لأذكدءمآ 5أعموع عل ومناألت 


2 .م ,...عأاععله2 ,مقطندل؟ ع1805 (23) 


اناكهم) مآ ,1927 567366 28 عنآ .عامةلاتناد أء 2 ,21736 ,عمناوء22[1 ,أمداعآ 8 ,طملا (24) 
كعانداكة كعل غتادنه841 ع1 .101 عممعااءءط مود ةق عمنادعاوط وه ععموءظ عل اأوفوعع 
.كمة2 ,وعرغعمدماة 


.498-505 .مم ,2011 ...ومع 1اما ,1928 عرطماعه 9 ع1 ,ععرم-ترطود02 ةق ممقدمجاء/1ا (25) 
4 220 ,1929 اءأ1انن[ (26) 


ممك ةق ص ا مكدم6 ل ذة ععمدءظ عل [د62مقع اناكوه0 عا ,02433 ,عتفلة ,1928 اء1انناز (27) 
.27 عناوم [2أت1126زمء 016مم3ظ1 ,كع عع هدعاة كععتداكخ دعل ععاكتمة8 غ1 .101 ععمعااءعءردظط 
كعكنداكف كعل ععشاكنها81 ناه مع أمكدة1 ذ ععممءظ عل لندده© ع[ ,02434 ,ظل114 

462 .م ,1 ,بروصيرى .1930 عوطمرععقل 30 ع1 ,وعرفعمدن»ة 


الأرقام الواردة في برمد؛ا5 تختلف أحيانا بعض الشيء عن الأرقام التي تشير إليها مصادر نلك 
الزمن» وإن كان بشكل قليل الأهمية. 

-طممت ع1 عناى لدأء تع سمدم قغطعهانة'! عل أءرممم1]3 ,02433) ,تلة]1 ,1927 ععطمرعامعو 24 (28) 

.26 و عسصتاوءلةط 13 ع1 ععرعمر 

/ 1 ...هع 4أطاطط 1716 ,كعهاء ]لا امعو[ (29) 

.3 .م ,...لءهاطاط 1116 ,تعقاع ا مامعوة (30) 

.4 .م ....1064ا :11 ,تعقاء11 مم3[ (31) 

.م ,1940 ,عازهلا بجع1! ,عسقاعوعاوط مز بوءذاوط لها ,نوات 01مة02 مستقطدءطة (32) 


"1 


-تقهنل عل أعنساط (33) 


لإأتوع اندلا عط]” ,1917-1939 ,عمناوعءاوط را ارمذاوءنا0) 0انصا 716 ,داعاد طاعودمعع1 (34) 
.6 .م ,1984 ,ووعع2 فتورم تله 


هذه معطيات صادرة عن مؤسسات صهيونية» وهي تختلف اختلافا طفيفا عن المعطيات التي 
قثمها إحصائيو حكومة الانتداب» خاصة بالنسبة لتولريخ نقل الملكيات. 

.4 .م ...0106511011 لانصا 1116 ,وأعاد طاأعممعك]ا (35) 

م.م ,آ ,...توحيرق (36) 

76 .م ,آ ,...لإءسوياى (37) 

7م م,1آ ,...تونديرى (38) 

.385-386 .مم ,] ,...تروتصيدى (39) 

.25 . ....106 21 11:6 ,كعداع 1/1 امعو1 (40) 

.5 .م ,...ءلادءاه2 ,مقطندل؟ كعطهه (41) 

.198 .م ,...عسفاوءلهم ,مقطندل؟ غميعطام] (42) 


1 1071لهكذائمع07 أكلامل2 116 زه مأأمعتدما0) أع«سنايءتع4 7186 ,ضاممن1 عسطاعة (43) 
.8 .م ,1926 ,كعكلهمآ بعاماوعلوءط 


.105-66 .مم ....ترعنامط 14نصا ,لإكأةا0م613) (44) 


وعنداكة كعل علغاكنم 111 باه دوع ادكدة1 ذ ععمدء8 عل أنادوده0© ع[ ,2434© ,تلهلة (45) 
.30 أعءطممععقل 30 عا ,وعيغع مدتك 


.217-218 .مم ...عم ععامط بمقطندلظ كمهل كعممومل ع1 رزه7٠‏ (46) 


عه6ة ,188 .م ,...عاأاوعاه© بمقطنة1! أككناة عآه/ :88 .م ,...لءماساط 1116 ,كعتاع 7/1 امعةة (47) 
.كعادع 1116ل ناعم هنا ذكنكت21 كعل 


(44) انظر الصفحات المكرّسة لهذا الموضوع في اختراع الأرض المقدسة؛ الكتاب الأولء ص 
ص 11/07 - 144 


.299-308 .مم 1 ,...بونصلاى .50-59 .مم ...411 أاكء0) 14نصة 171:6 جتتتعاك للتعمدعك1 (49) 
3 .م ,2111 ,...ومع2اع1 ,1929 تقم 29 ع1 ,عاذتدهمكك أمفدعع اأعقده0) تنه ممددمدء177 (50) 


مموعظ عط1]» ,ع1 .2 .181 ./3آ .59-64.مم ,...ا«مااكء 0 4ائها 717:6 ,متعاك طاأعصدعك؟ا (51) 
اذاباة ,2 كه ,25 .701 ,كءألغاا3 7#رعاكمط 114416 ,"عسمناكعالو2 بممندلصة]8 هذ عناوكآ كلممصل 
1253-2 .مم .1989 


نل/لا عطا 280 لإعمقمعء1 ,لمتامط لممط بودمغدلمة84» ,(معطمن) ععال4 ملزه8 (52) 
.مم ,1986 عملضرماتة ,2 عه ,7 .أهلا بامعتدمه عا عع تسرك ,"1929-1933 ,كنداكة طامة ملآ 
لعمآ عط )0 بعالا ععطامهة : طالية3آ11 1/201 أه كامددعء1 عط[ » ,عرمعغم يلل ,233-258 
عه ,20 .اول ,كعتهيا3 بععاكمط عاهكة4! “زه أممجامل أهدمانواصعا:ط! . "عستاوعلدط هأ ممتاكعن 0 
.197-20 .مم ,1988 أقمم ,2 
ع عالاظ ,عللااعلا317 4اله لبورماكالط ,عاأادعاءط ١‏ #اعاكلز3ى 4انصا 7116 ,0632011 .كة (53) 
.م.1952 ,ؤ5ع0همآ .علمه15 )مم5 

(64) خاصة من الممتلكات الكنسية. 
.228-238 .مم ...6مذاكء 0 14ها 71:6 (55) 
.150 .م .1 ...نمي (56) 
١‏ يختلف تحليلي حول هذه النقطة عن تحليل متزرء الذي يرى أن الاستثمارات العربية في 
الحمضيات قد جرى تمويلها إلى حد بعيد من الأموال المتحققة من نقل الملكيات العقارية. والحال 

أن 

,و2715 لموبدمعةعون ,1920-1948 عاهفاماا 116 «ع10ها ‏ 6رأاوء/ 22‏ ,لمكصيهير1[ 
,175-176 .مم ,(1950 عل ممتاتلئع'! عل أمتومعع) 1976 .أنء أاعع ممه 


إنما يشير بالفعل إلى أن المشتريات الكبيرة من الأراضي في مستهل الانتداب لم تعد بفائدة كبيرة 
على الفلسطينيين. 


القصل للرابيع 
حائط المبكى 
.كش لصةطط ذعل ممأككتم:م:20) 13 عل ممتدوعد عضرؤ ممتيو 15 عل لأقاء؟ وغعمرط (1) 
العطقا يلك ء ءززنا3 ها عل :«مألعيالاد ها عند كدمتانهل! دعل 301616 ها ن 1رمممه! ,ظل114 (2) 
.16.م ,1929 .5تموط .(1928 عء6اماره) 


ذ ععموظ عل لوعمقع لنكدهن) عآ .100 ,تمعاتكدة1 ,5عغم813 ,فلا38 ,1928 انمد 14 (3) 
,1928 غنمة 21 .طاساممزء8 ة عناوتاطنام186 ذا عل عدتوووتسصمء-تنحط 1 .14 ذ مرعلدسدةل 
عط تعامعة 8 .267 "2 كامعمعمع اعدوع2 عل مناءلات8 ,105 ,8 ,دعادكحة1 ,وعتمدلة ,فالا 

.268 ”2 كالعممعمع أعدمع 1 عل هناءاآن8 ,105 ,8 ,دمع أدكات1 ,دعنمدلظة ,مك8 ,1928 


.0 210 325ل عع زووه12 (4) 
.203-05 .مم ك 155-156 .مم ...عا اندعاوط «١‏ «أعننا8 71116 ,لتعاومعدومة71 لرقمعظ (5) 


خمعممء لقمتعمكهم ذهقم اتاكنام 5و0 كذكناءأكناام كناك كأاع2ناء120)» ,ممع 112551 5زيامآ (6) 
دع امكنم16 فق مدنال82 قطة معتهععمع!) “رومس عا عند اء مموطقط ذ3 تنستصسة1 “ووس ما كناد 
ع 


.181-32 .مم ,111 .) ,1969 ,*7]01 ,ؤفوط ,عجممثاا مرعم0 صا,« (1951) 
.192 .م ,لاطا (7) 


عل كالعمعمع نتعقمع 1 عل مناءاان8 ,102 ,2011 ,1918-1929 ,عم نادعاة2 ,أمداعا ركلة81 (8) 
.1928 أعرطمرعامعة 110 12 


(9) المقصود بالمفتي هنا مسئول الوقف وليس الحاج أمين 
كمع ممع أعدمعر عل ملععالن8 ,105 ,8 ,متعلدكنء16 ,وعأمدل! ركلخ11 ,1928 عبطمعه “1 (10) 
- 5271 


.930 عع تلاصقل 17 ذال عااعنامعل مم عطعقم06 13 عل ع«عممة ,00/733/183 220 (11) 
7 .م .7111 ...كع اما ,مقدم0000 انط ة ممقمداء1 ,1928 عرطماعه 10 (12) 


)١١(‏ بيان بتاريخ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 117+8, وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص 
١1١5-6‏ 


)١4(‏ وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص 23١8-1١١7‏ بيان لجنة الدفاع عن البراق 

الشريف إلى المسلمين كافة» القدس .١9374/١٠١/58‏ 

عل ماعلان8 ,105 ,8 ,وعلدكنمة16 ,كعنمولط ,تفلظة ,1928 عبطمسعمم 3 (15) 
*25 الع دوعمع اعد 1 


.154-1١9 وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص‎ )1١( 

(17) دروزهء مذكرات, المجلد الأول»ء ص 553 
0 220 (18) 
28200 (19) 


كاملهارا دعل «مأعكتنبورم) ها عل «وأكدءد 6ر8 غ107هلابو >ا عل سنوطء ١‏ -وؤعممط (20) 
.1928 عرطاسعنامم 13 ينه عرطماءه 26 نل عبغرع2) ن عتصناة: 


مومع ندكة/! عل عاعنضد'! كمدل عاعد'1 وزه/ا (21) 
3 220 ,1929 عع اامهرز 12 ع1 طععناطءاعطذ ة هالععمة (22) 


,ك3816] ,تقذ 11 ,112 ,20011 ,1918-1929 ,عصهنادء22 داع[ ,تفاط ,1929 ععاامدز 8 (23) 
.1929 تعتامدز 8 بال 2 9ه كالعمرعمع تعدمع18 عل مناءاآن8 ,105 ,8 ,دعا دك6ل 


وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص -١178‏ 71715 
.ناا نال متاكعنان 13 كناك 706100121101013 ,00/733/98) 210 (24) 
16 80108 22ل كدبد بلاعالامعادز عط شه .1929 211 6 ع1 معنا عماد ,00/733/163) 0ظ]ط (25) 


6 


ركعلا الاناكء؟ فمكد]/! تطدا1 عط 4ه طعهمءمم2 عط ؤه بعتلا صذ قط لنقد ععمعمتسظ 8115 ,عوماء 
كذ )ذ رعانامكال أمعوعم عل كه سعتبا ها .موتوتععل .لزاعقء مق عه؟ دناه تكامة 'إأعقائه هدم كوس عط 
كن تطداظ غطا ومتعيال دسعلذكيمع1[ مذ ععطادع طاعنطبه ولسصدى ممعادهك]8 عط عوط عاطقاتيعها 
لإعطا كذ عأطنامعا 04 عوناقء 2 غ0 الأوتمم )آ .لاأأكم كنك ك0 اناه 1لد7ا عط هئ علعه1/ لأنمبت عاعمه 
لقناق عطاه 0م كعطعمء6 لمة كمتقط ,رعمد2 عنتطلالآ عط عاتمكعل بأقط) 600 16 عمعير 

« .معط غطعنامء] ماعط اأتاد عععنة 5ععم هقمع سناممة 


.538-540 .مم ,1 ...كع صوط ,كعده 51د اهن طع ن1] طائد ممتكديه:1215 ,1929 91ج 23 (26) 


؟2 كالعتوعمع اعكمع1 عل صناءاان8 ,105 ,8 ,دع أدكط16 ,كعاهدك ,ظظقكة ,1929 01يد 30 (27) 
10 


3 210 ,1929 20321 4 ندل معناءاوط (28) 
.3 229 


عنهلاة7 010215ها/[ دعل «وتدككةامدمم) ها عل ا«منكدعد عدغتع داعب ها عل هطع -س-وؤعممعط (30) 
.9 ععااتمرز 19 به "1 عل عبؤوء 0 ن 

بلاغلا همهتا ,كمةط ,كامعةاءياوم دعل كمارء! عنه ممتاععاعط دك انهاة'© ,لاعوء5 1021 (31) 
2 ,2000 


,لتقطاعة كمع رمع .14 ,2011 ,1918-1929 ,عمنادء لوط ,أمويع1 ,علخلا ,1929 20314 20 (32) 
عل عتاكتمناظ عا ععمعلاءء»8 موك فذق بسع ادكمكل ذ ععمدءط عل أدفمقع 1دانكمم ع1 أمممع 
.كء5غ8 0دا6 دعتنداكاه 


عل لتطوقع تنكدمك ,عاأقصنة 2 .14 ,94 ,8 ,ورءامكم14 ,كعامداة ,كظخ11 ,1929 ونسز8 (33) 
6 ,كعكغعقةناة كعتنداككة كعل عتاكتدتلظا غ٠‏ .84 ععمعااعععظ مود فق ,تمعافسيدة1 ذ ععموظ 


.عنغياز نارمع 4 ] 
.54050 .مم ,1آ ,...كمءمو2 ,1929 متناز لع ممقددداء /لآ عل عادع ]نم81 (34) 


طوتناع1 01 ككنامط لاكقلماكناء » اع «متطاكيمنط طؤاباع1 01 كتتامط لع<؟ » (35) 
.« متطاكرمبس 


(5") إيراهيم أبو شقراء الحاج أمين.... ص 57. 
(7؟) النص العربي في كتاب إبراهيم أبو شقراء والنص الإنجليزي في .0/733/163© 880 


ع000816وكع مم ,00/733/163) 210 .369 .م ....عااععامءط به اثماة'0) ,لاععوء5 10:0 (38) 
.2075مآ اء درم [دكيد16 عمادي 


"2 5أئ776ع 9ع أعكلاع18 عل فناعاانا8 ,105 ,8 ,نمع لدكدة1 ,كعامدآ2 ,علذ]1 ,1929 1نّهج 19 (39) 
.24 


8 


2 نال عانهآ عل لمممهه .ع0126 أدنأمه1اه00) ننه ععلسها عل عمصصمدوةاء .1929 :نه 17 (40) 
.3 21200 ,1929 2006 


.١147- ١59 وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص‎ )4١( 


عل كمناءلاظ ,105 .8 ,مرعاتكدعغ1[ ,كعام2ل8! ,عتفلة .1929 20016 19 اء 1929 ]00د 8 (42) 
.24 كم ات 22 "م كأصعمرعمع تعومعم. 
(4) فيما يتعلق بالشائعات؛ تعد يوميات أكرم زعيترء الموجود في نابلس» صريحة. مذكرات 
أكرم زعيتر. المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروتء. 2١5344‏ ص ص 758 - .4١‏ فهو 
يسجل في يوم 17: «مساء السبت :١7‏ شرعنا بجمع المعلومات ممن عادوا بالسيارات من القدس. 
وهكذا علمنا أن الاضطرابات قد اتسعت» إترجمة عن الفرنسية.- م.]. ويسجل دروزه في 
مذكراته (المجلد الأولء ص ١‏ 15) المعاينة نفسها: «انتشرت الأخبار في كل فلسطين» [ترجمة 
عن الفرنسية.- م.]. 
دامتعالل 15و أنهأامعء|!! أكادده21-طورىة راممط ,1 .ا ,«وعهدمماونط عانياط ,هدامد0 انع1ة8 (هه4) 
.80-82 .مم ,1983 ,ككة0©) عأصهء ,5علممآ .1913-1931 


انكمم عا أمققع .لتقطعة كععرمعء0 .84 ,118 .8 .لع ادكسخ1 ,كعامدلة ,عملة3 (45) 
.5غ 0دتاة كع نداكى كعل ععاذته 81 عا عممع | اععياظ مود ق .دع لقكتصة_1 3 ععموءط عل لادرممعع 
.اد |ه2 أت كلترماع 50 دعاطياه:1 

116 274 ااالإعكنال1-اه انتض4ق ززه11-]4 ,ال ءامسعل 06 فلأ11 786 .كقاتد11 متاتطم (46) 
.مم ,1988 واأعملا بوعل! ,ؤوعوط براتووعء تهنا متطصنامت ,تمع معنملا أعممقتمل! «بمتسانوعاهط 
467 


.374., ....عاتاععاعط ده نتعاة'©) ,لاعوء5 م10 (47) 
.)نام 28 نال لكقطعف'ل أرممم82] (48) 


ع0 «تاعااسظ ,105 ,8 ,مريعادكده164 ,كعامدكظ ,مك8 ,1929 عءطمسعاوعةو 3 (49) 

عارلاكء اه 7اء إآغال الال 6716711 ٠غ‏ أغامى عا ,25 5 قاع مرعمع أعومع ]1 

رتكة]1 ,193-194 ,2011 ,1918-1929 ,عمناوءا22 ,أمدباعآ ,عمل8 ,1929 امه 29 (50) 

أناوده© ع.آ .154 3 1362 3 ععمدرظ عل اداتاكدمء دل أسقعع ع1 ,118 ,8 ,دع [فكيدة1 ,وعنمدلط 

.عمتاكعاوط مع ععمدء] عل لدرممقع 

(51) شهادة زعيتر: «ذهبنا إلى مواقف السيارات بحثًا عن معلومات ممن وصلوا مسن خارج 

نابلس [...]. وطفت على المساجد بصحبة إخوة كالحاج فوزي خَيّاط لكي ندعو إلى الثورة على 
الحكومة» [ترجمة عن الفرنسية.- م.]. 

عل غ]2أناكهمء ناك )86530 نال 011مم3: ,2011 ,1918-1929 ,عمنادء!22 بأن3لاعآ ,ه381 (52) 

غنم 25 16 ,ةلذ ععمم1ا1 


.م 


.20 26 ع1 ألقمعع نال 01مم2 ,118 رظ ,تع أ2دد16 ,كع81321 ,عل114 (53) 
.375-85 .وم ...ءا «اععاهط ١‏ الهاة © ,لاعوء5 1051 دهقل أءعأجددمء أزع16 (54) 

(55) اختراع الأرض المقدسة: الكتاب الأول. ص 581 -7817. 
(07) سينشب جدل حول هذه الطلقات. إذ يقال إن كافيراتا قد تأخر كثيرًا في إصدار الأمر 
بإطلاق النار ومن ثم سمح للمذبحة بأن تبدأ. وفي الخليل» كالعادة» فإن رجال الشرطة العرب 

بالفعل هم الذين فتحوا النار على مواطنيهم وإخوتهم في الديانة. 

ع عانةأناكقمت أقعع38'! ع0 01مم3؟ ,118 ,8 ,لع [2كدضة1 ,5ع أمدلط ,ها ,1929 ]200 27 (57) 
.0غ ط ةذ ععمةظ1 


- أناقط عآ ,206 ,20111 ,عمتاععلة غملمة84 ,عذ]8 ,1929 عوارمعلمه 23 غ1 طتنامرعظ8 (58) 
.65211815 5ت115د]كث كعل عكاذنم 81 16 .141 3 عدندعمة6 عدو تاطسمة18] 12 عل عتتةدكتستصرمء. 


...لمقطاعكة كععممع0 .11 ,118 ,8 ,هنع ادكددة1 ,كعاهدل؟ ,عتذا8 ,1929 عوطدعمعو ”1 (59) 
.لقمتوءه'! كمدل كقمع ذأناه؟ كئنه134 


(0) دروزهء مذكرات, المجلد الأول» ص ص 56٠0‏ - 561. 

(11) هو في المنفى ويقدم نفسه آنذاك على أنه مناضل ثابت من أجل القضية العربية والإسلامية. 

(19) ترد إشارة جد مهمة إلى هذا الموضوع في مذكرات أكرم زعيتر. ص .4١‏ 

ع «اعالن8 ,118 ,8 ,تنعاتكنت16 ,5ع)2دا1 ,مك8 ,1929 عبطوعامء: 3 (63) 
.25 29 كااعمعمع تعكوع 1 


.0 210 لع لمم عن عناد علباءآ عل مهدع تأكنا[ (64) 

(15) وهكذا يشارء في الروايات اليهودية للأحداث» إلى أن مثيري القلاقل العرب كانوا يهتفون 

«الحكومة معنا»؛ كما في زمن المذابح التي استهدفت اليهود في الإمبراطورية الروسية» وهو ما 

لا تشير إليه المصادر الأخرى. والحق إن النصوص العربية إنما تتحدث باستغراب عن موقدف 
رجال الشرطة للبريطانيين الذين يتولون الدفاع عن اليهود. 

الث مع8 كقتسقط] 0 "عكباءع2'ل » ذ5عاء1امة ,25 0 كتمع ممع تعدمع1 عل مأاأءللس8 (66) 

ةق اتناك ا 733/173/22 00 0ش1ط (67) 

.1 ,1918-1929 ,عستاكعلد2 ,أمواعآ ,عتشاطا دء دعسهدمع6 اك عل عكن5 (68) 


© «لامم 8/016 ,191 ,2011 ,1918-1929 ,عصتادع221 باأمداعآ ,كقة81 ,1929 316مد 29 (69) 
كاتعك ات عترلز3 اتن عابتاوعلو] عل كلدعدع ون دعل كاروزدعااءرعوةم بعننو الثامم «مناءعرقل 
.| يدك عننواطرم | 


.18 .8 ,لع أمكن164 ,تعام دا رعنلخا! كهدل د5عنءرعء؟ (70) 
وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص .١6٠.-1١147‏ 


م.م 


564 - 567 دروزهء مذكرات. المجلد الأول» ص ص‎ )7١( 


بأققلاعآ ,شاط كمقل كتداومة علعء1 .316-317 .مم ,1929 ,عكتعوممر عزعفة (72) 
63 ,20111 ,1918-1929 رعمتععلوط 


(؟7) مذكرات أكرم زعيترء ص ص 48 - .0. 
017 ,1918-1929 ,عمناوعا22 ,أمورعآ ,تتمالا وء يعتوومط 


عل متاعاانس8 ,105 ,8 ,اتمعلمكدة1 ,دعامداز ,فلا38 ,1929 عبطسعامعد 14 (74) 
.26 59 كارع لوعمع اعقو 12 


118 .8 ملعامكدصة1[ ,كعامة]1 ,نتفل3 ,1929 علطرمعامءة 5 (75) 


ما عاك «أعتاة87 ,4انه3ى عالناعوياما2 ,لععطمعغطد تمرمداط كمهل عومصت غمعلاءء»ءع (76) 
999 ,لإعوعع1 بجععآظ باع اسكصبو8 بوعل8 ,ككعء2 لإ)زذرع الملا 5تععان[ ,1917-1948 عمنيوعامعم 
.د 00 210 كمقل أءزباد عه ذا ع20386 0م0025 .كعاهة تناد أء 199 .مم 


112-113 .مم ...مادق موصت نأعلاماط ,لتعطمعطاد (77) 


,118 .8 بلمعلقكدة1 ,كعامدلة رعله81 ,2434) ,تل4كة3 ,1929 عرطومعامعةو 23 (78) 
,اأعقهم0 نلك امعلنوقوط غ1 .14 3 بدعلفصعة1 ذق ععموءظ عل لمفمعع انحدك بعتفصسسنة ل 
.62186565 كنكنة ]كلخ دعل عتاكنه 1/1 


.355-56 .وم ,1929 ,وكتمعايمر ءأكهءا (79) 

)80( 220 0225. 

)81( 20 3 

.5 00 20 ,1929 عوطمزعه 12 عا ,وااععم قطن عل عسصسدجةاة1 (82) 
210 هع رع زوو10 (83) 


كاقع ممع أعكدع12 عل مناعااد8 ,105 ,8 بدمعلدكدة1 ,كعنصداظ ,عتفكلة ,1929 ععطماعه 10 (84) 
22 


...9631قع أناكده0© عنآ ,118 ,8 ,دعلدسنصة1 ,كعام 112 ,تتذفاة ,1929 عرطماعه0 18 (85) 
(81) مذكرات أكرم زعيتر. ص ص 4ه - هه. 


كا عل «ناء[ان8 ,105 ,8 ,سرع | 2كندة1 ,دعامدا! ,تتفا8 ,1929 عءماعه 27 (87) 
4 


وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص ”216:5 .١164-‏ 
(84) مذكرات أكرم زعيتره ص 7ه. 


اين 


غطا 6ه ععمعوعمة غ15 » ,لمممصطءولعاظط .آ مولاظ ,عدوم عل علساظ (و8) 
.0 ,كءتههاى عااتععامط كزه أماسيلول .ء 1929-1939 ,العوء 110 وأمعمه/آ لقتملأكعلوط 
.16-32 .مم ,15 أعن55آ ,2000 كمل1عاد م ,093 ,20061236 


.7-13 .مم ,ه721 ....وءناما ,مممددع/8ا (90) 
49-2 .مم ,لاا ,...درعءلاما ,وسطءة 8 «ناع ق ممقدصعئء/18 (91) 


1 بإملها3ى 4 ,كاكتدمن2 عاأنوء6) 71116 ,ع1805 .ذ .آل ,أعزناد عه 3 ععمعء ]ع6 عل عرللنآ (92) 
.73 ,و5ع001ما ,ككة© علمةظآ ,1929-1939 ,بعممرمامنما اعندهن2-واع::4م 


(37) دروزهء مذكرات, المجلد الأولء ص 158. مذكرات أكرم زعيتر. ص ص 58 -56. 
.8 21000 
.0 .م ,117 ,...ومع لاما ,1929 عوطماعه 30 ع1 ,رعطنا8 متأمقل8 3 ممقدداء/178 (94) 
.0 210 (95) 


زه برطان(م ,عمعدهل! طاأعطمدتاع'ل نساعء غكة ,ععوعرةاة, عل عو دييه'! .لإطلئطم سك (96) 
مققامةن) اتعلظ ,لإطاتطط مهام ععتصععم عا عن .1973 ,ععطة1 #4 'عطوظ1 ,5علومارماطم4م 
.209-220 اع 87-90 .مم .1آ ,عمصماصتط ماتيا 


(17) الملف الكامل منشور مع صور زنكوغرافية للوثائق العربية في كتاب دروزهء مذكرات. 
المجلد الأول.» ص ص 559-569 
.5 00 2150 مع عع نووم2] (98) 
لاع 2255 ق عهااععمقك عل عئاء1| .733/175 00 2150 ,1929 عرطتوع مم 2 (99) 
.62-5 .مم ,/11ع! ...ودع العا كهقل 5ععم3لدمممدععرم عل عاطتمعكمط (100) 
كما سعى قفايتسمان إلى الحصول على مساندة من ليون بلوم وجوزيف بول - بونكور. 


أنعهدف ,عاقصسة ل .54 ,118 ,8 ,معلمضصع1 ,كعتمدا؟ رققا1 ,1929 عبطسعمم 24 (101) 
كععنةاقة دعل عتاكتهن/8 عا مسعاكده84 ععدعالاءءءاط موك ذ ,لمعاددسةل[ ذ ععموءط عل لدفممع 
بأمقاعآ ,كفلا مع أه6معع 12055١6]‏ .398-404 .مم ,كانه دعل علاماعا عا .كع غومةءاة 


201 ,عمنامعلوط 


هللا ها ععوعء] !امج ,كطه4 اممننيااوءاوط 16[ هته رميات ع8 ,طاعع1 أقأطقط5 (102) 
...م ,1985 ,ؤوعع بإ)زويعء انملا ل:ه010 


-228 .هم ,1974 ,كضقوط باأعوكة01) ,أ8ه:١؟1‏ االهده أقهج؟ا ,كع «أمنرة14 ,همعداه0 مه (103) 
.232 


9092 .مم ,76117 ,...ورءلاصا باأعاءاع84 لعها هة ممقصدئء/17 ,1929 عرطمعدمم 21 (104) 


لضا 


.8 00 0ظ]ط (105) 
.8 )0 0ط (106) 


الفصل الخامس 
التهديد الأول للانتداب 
.119 ,8 ملع ا تكنية1 ,كعاهدل! ,عقفلا دء أعامميمء ععنووم1 (1) 
...قنك '0 .11 ,20111 .عمصناوع ان ,أمدلاع.ا ,تفاخ ,1929 عرطماعه 25 (2) 
...1 2هكناث '0 .101 ,20111 ,عسنادءا22 ,أمدلاع 1 ,تتفاة ,1929 عطماعه 31 (3) 
(4) مذكرات أكرم زعيتره ص 54. 
كالعلمعمع أعكدع 1 عل وتاعاأن5 ,105 ,8 ,لع لدكعة1 ,كعغمدلظ ,3814 ,1929 عبطماعه 29 (5) 
.كناش 'ل علالاتانمرع 1616 ,23111 ,عمنادء!22 بأمداع.آ ,علخا!ا .35 9م 
مذكرات أكرم زعيتر» ص 517. 
...عقتس ل .21 ,20111 ,عمنادعلدط ,مدعا ,رتكفالة ,1929 عباصع امم 4 (6) 
(1) لقد توبعت هذه المناقشات بتلهف, كما تَبِيّنْ ذلك مذكرات دروزه وخاصة مذكرات زعيترء 
والتي تورد مقتطفات كبيرة من المناقشات. 
(4) دروزهء مذكرات, المجلد الأول ص ص 517 - 71/5 
...021تندث 'ل .14 ,118 ,8 بلع لقكدعص6[ .كعأامداط ,لف3814 ,1929 عءرطمعلامم 25 (9) 
...اقدصسة :ل .11 ,118 ,8 ,ضع امسصة1 ,وعغمدا! ,نفام ,1929 عطممعنمم 25 (10) 
.5 00 2250 (11) 
)١١(‏ مذكرات أكرم زعيتر» ص ص 77-1١‏ 
000 220 (13) 


علقدكةطحة'! عل عستصسدرعة 61 ,20111 ,عمنادعءا22 ,أمديعآ ,رعما8 ,1929 ع,طوععةل 4 (14) 
.ععغ1ك-مند5 نال كغممنة عممدء8 عل 


(15) مذكرات أكرم زعيتر ص ص 47 -47. دروزه؛ مذكراتء للمجلد الأول»ء ص ص 5174 


ماك 
(15) زعيترء المصدر السابق»ء ص ص 47 - 18 وا١1 .٠١8-‏ 
)اع رعل114 .169-170 .مم /ا[ ...عمعلاها ,ممقدعاء77 ,1929 عوطورععء6ل 20 (17) 


.كع علومآ ف ععمدرط عل عداءل2دكةطومد'! عل عطاءقمةل ,20111 ,عمناععلوط 
اكلم 


.40444 .مم ,كغانى دعل جياماء؟! ما 5هدل 5عاءىرء1 (18) 
...ع اقصسة ل .11 ,10 ,132آ ,1930-1940 ,عمنادع لوط ,أمواع] ,عا-عل3114 (19) 


كعك 7710/111عم المأككا«من) ها عل وأكدءد عاررؤاءاءد ها عل سسعط + -وؤعمرط (20) 
.1929 عرطارع امم 26 ينه 6 يال عداغارءر) تن عااازء١‏ 5/ه10نماد 


كت1نقاكة كعل عناأذنه 181 عآ ,121 ,8 بلعادذدصة16[ ,كعامدك! ,عفلة ,1930 ععتلامدز 28 (21) 
لع لمكدةل ذ ععمدع عل ادرقمعع أبكده0) ,عاقصسة ل .51 ذ كع غومدنة 


2 00) 150 وء 1205516 (22) 
.3 ©2200 (23) 
.00 (24) 


-193 .مم , ل/ا21 ,...دتعلاعا ممقدداء 18 ,1930 ععأابامدز 16 غ1 ,عوسطءدلا رزاع ذ عااعآ (25) 
.204 


...ة لقصسة 'ل .151 ,8,97 ,ونع لدكتك[ ,5ع امول ,علة11 .1930 ععتربة) 3 (26) 
205-11 .مم , /ا1ة ....كنعء1اها اامقدودء/لآ ,1930 ععتامدز 17 عنآ (27) 
.علاأداز عناوتطمدمع6 61 ععمععهم ,1929 ,عتربة] 20 (28) 
.239-243 .مم ,/ا31 ....وبعلاعط ,أعسساطءاعنطد هذه[ عأد ذ .1930 كدعقم 5 (29) 
...ع اقسصسث'ل .351 ,118 ,8 ,مع اقددم16 ,كعنمد1ظ ,لم81 ,1930 ععنامدز 11 (30) 
(11) مذكرات أكرم زعيتر» ص ص 1١5-205١1١١‏ 


101121ككقم أت 8لمآ .39-58 ,102.آ ,1930-1939 ,أمديعع[ ,8 ,ذا ,1930 كعدلة (32) 
771001 كلام كلهلذا دء| كصمل عتلوعاعط عل كلرءمعقدة عءل اروأعدويعم فصقم 12 كناد أرممم 3 
.مه .2 امتمعاناء 1 ند 0ل 


وأنا أغتنم هذه الفرصة لكي أحييّ ذكرى هذا المستعرب العظيم الذي رحل مؤخر! عن عالمنا بعد 
أن أنتج على مدار أكثر من ستين عامًا دراسات عظيمة القيمة حول الشرق الأدنى. 
م.م , 7611 ....كرعلاما ,وتساطية/7! عنام" ذ ,1930 نهم 15 (33) 


(4؟) يجب أخذ سياق للرسالة في الحسبان. فقايتسمان يسعى للى إقناع واربورج بأنه يبذل كل ما 
في وسعه لتأمين التوصل إلى تعاون حقيقي مع العرب. 


,2137] ,1930-1940 ,عمتادء|22 ,أمدلاع.ا ,8 ,ظلفك1 ,1930 ععءزامدز 27 (35) 
.0 ,1(2آعآ ,1930-1940 ,عمناوة221 ,اأمقلاعآ ,8 ,ظظخ11 ,1930 كتنهم 10 (36) 
مذكرات أكرم زعيتر. ص ص 179 .١4٠١-‏ 


م 


...ع !قصسة ل .121,150 .8 بسع لدكضة1[ .كعامد11 ,عتذفاة ,1930 كدعقم 21 (37) 


ذ ممقصواء/ ,1930 دعقم 16 .590-593.مم ,1 ,...كمعم20 ,ممقددة7 ,1930 كهم 6 (38) 
-248 .مم ,117 ...جلاعا ,هعل مم5 اأعطظ 


...6 1 ةل .11 ,117 ,8 بلع أذكنه14 ,كعامدك! ,ك4 31 ,1930 ندم 23 (39) 
4413-4 .مم ,عقا دعل سنماء!! ءا كصهل كعتهرفمقع كممأدناعدمء كعل علءء 1 (40) 
(41) هذاء على الأقل» ما يؤكده هذا الأخير في مذكراته» 
.96 .م ,1970 ,كوع8 كعتاتوء اتملا أعهكك1 ,امءاهكيدعل جا عنمناء/شا 4 
.194-196 .مم ,1930 ,عكتهجا زر عأكة ا (42) 


عل اناذوه© ,60 ,122آ ,1930-1940 ,عمنإوعلو ,القلاعآ ,8 رتلف81 ,1930 اناج 4 (43) 
...12108 ةق ععمممآ 


.ع7نادء221 ,امقاعة .ظ ,قلط ,121 ,8 ,ع أتكدصة1[ ,كعامدلظ رفاظ ,1930 01ج 7 (م4) 
...ع1 2صسة ل .54 ,80 ,1.173 ,1930-1940 


00 210 ,عئ521دتسصرمء-اناقط نلد ع01116 اقتومامن نل عسدورععاة) ,1930 انريحج 4 (45) 
!223/19 


(©4) أنظر رسائل شهر مايو/ أيّار 197 في مراسلاته. 
00) 2150 اء 126[ ,1930-1940 ,عم ناكع1ة2 بأمهاعآ ,ا ,تتشاا مء ئ أؤوه12 (47) 


عا كهمدل 5ن2ة؟ج22 م8 .733/191 00) 210 ,1930 نهم 24 غ1 طععسطءاعنسطكة عولاء عمد (48) 
16 


ع6 11 عل عناوتطمقععة6ا6] مهأ)دمد[عمءط ,49 ,609 ,51211 ,عتفك3 ,1930 أهم 12 (49) 
.32 ؟تأباعقءدء'| ذ عممع تمتاوعاهم ع226ة 


.609 ,51011 ,تعهلة ,1930 نهم 29 (50) 

...ع لقسة ل .850 ,136 ,8 رسع أمكندة1 ,خعأمدل2 ,شام ,1930 انوحة 8 (51) 
...16 ناش 'ل .56 ,37 ,511,609 رتم38 ,1930 1نرحة 18 (52) 

...ع أقسث'ك .121,84 ,8 رصع امددصة1 ,كعامداظ ,ظفل ,1930 [كلاة 21 (53) 


(04) انظر يوميات كيش بالنسبة لعام ١97١‏ ودروزه؛ مذكرات؛ المجلد الأولء ص ص 344 
ا 


...ع أقصسة :0 .12111 ,8 بمرعلدكنة1 ,وغ غم 2ل ,علف31 ,1930 نهم 21 (55) 
.299-300 .مم ,1117 ....ئى1ه16اعا ,1930 نهم 16 (56) 


م 


)57( 20 00 1. 

.313-16 .مم ,/71 ,...ورء ما ,للقهموداء8542 صام !142 ة ,1930 نهم 23 (58) 
.13 00 2120 دع ععذكدمل ,ممقدددةء /الآ عل ععمدلمممدعهمء 13 عنان0 (59) 
.56 ,/11آ ,1930-1940 ,عصنادة!2 ,أمويع] ,5 ,قله311 ,1930 نهد 30 (60) 


طالبن اعم [» :333-338 .مم ,/2211 ,...درعااعما ,عناطعة للا تناع ق ,1930 منبز 17 (61) 
عنة نإغطا عامتطا 1 .طعمعءط عط ذه مهم عط جه عمتلمهادعلمن لمة برطعدم ميرد عاطهرء 1510م 
عدره1؟ لقدمندا8 عط ععلتكومء نزعطا عقطا نزدوبت علطئوهة) 2 مذ ومتدمطد 0 امعدعمم )2 معلااع 


35 .|058م10م 5ناملرع5‎ ٠ 

.339-40 .مم , /11]: ....ىء1اما ,ساظ «مقآ ذ ,1930 مندز 19 ع] (62) 
(19) نحن بإزاء «دورة استثنائية»» بيد أنها تنعقد في الأسبوع الذي يسبق الدورة «اللعادية». 
(14) غضب للصهيونيون بشكل خاص من كون نوك عضوًا في الوفد. 
(15) نشرت الوكالة اليهودية تقريرا مضادًاء يعارض النقاط الرئيسية لتقرير شو ( 0© 520 
2 وفان ريس يلتزم بالخطوط الرئيسية لهذا التقرير المضاد. والحال أن أحد أعضاء 
الوفد البريطانيء والذي كان سكرتيرا للجنة شوء سوف يكتب مذكرة تبريرية يدافع فيها عن تقرير 
شو 


5ا810! انه 0706 ,نالصا ,لإكاكهتا0كا[ 18/35 ,مماكعنقو ا عند اعتامعدكه عرانا (66) 
.1993 ,ودعو 05ناكة]/! .)5 ,كعكلممآ ,1928-1935 ,عدرزاوعاوط بررونله ل عالطا 


.3 00 20 (67) 
.3 0000 210 ,1930 عننز 6 مل عممدععاة1 (68) 
.6 00 210 ,1930 منسز 1 بل عمستصدعع16ة؟ (69) 
...7316اناش'ل .11 ,805 ,طأنا0علزء8 ,كع غ112 رعلة81 ,1930 منسز 16 (70) 
.ع قسة ل .51 ,187 ,0آ.آ ,1930-1940 ,عمناكع 221 ,أمداعآ ,8 ,كل814 ,1930 مندز 17 (71) 
-422.مم ,كقاننت دعل «انماء !ا عملا (72) 

النص العربي منشور في وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص ١174‏ - 778. 
*2 كالعضمعمعأع5م186 عل قتاع ااب8 ,105 ,8 ,دع امديص16 ,كعأمدا1 ,عتفلة ,1930 منناز 25 (73) 
170 
5 ,609 ,51011 ,لفل .121 ,8 بسع أتكددة1 ,كع أمدآظ ,كقذ11 ,1930 أء1لننز 3 (74) 
ا عل «ناء اانا ,105 ,8 ,لمعلتدددة1 ,كعامدل8 ,عتفخلة ,1930 غءااسز 28 (75) 
2066م 

غك" 


(77) وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص 1١841١ -18٠‏ 


(7) وثائق المقاومة الفلسطينية.... عدة بيانات للوفد اعتبارًا من ص .١750‏ انظر أيضًا وثائق 
الحركة الفلسطينية من أوراق أكرم زعيتر. مؤسسة الدراسات الفلسطينية» بيروت؛ 21415 ص 
7. ونجد الاستخدام نضه في مذكرات أكرم زعيتر. ص ص ١4٠‏ و55١.‏ وفي النص نفسهء 
نجد بالفعل «الوفد العربي الفلسطيني» (ص 5١١)ء‏ لكن هذا التعبير إنما يرد في بيان رسمي 
صادر بالعربية عن حكومة فلسطين. 


,1930 2006 27 ...عاهصسة ل .81 ,121 ,8 ,امعلدئعة]1 ,دعنمداظ ,عذاة ,1930 غأنامد 26 (78) 
.224 “85 كأصع ل عدع أعكوع1 عل عأ210 ,105 ,8 ,دنع | 2كنا6 ,5ع 1م713 رتله للا 


(79) دروزهء مذكراتء المجلد الأول ص 77. وبحسب المصادر الفرنسيةء 

927 5اقع77ع0ع أعكمع1 عل صناعلان8 ,105 ,8 ,رع ادذناة[ ,كعاصدلة ,ثل814 ,1930 عرطماعه 5 

.54 فإن التعاون بين الرجلين إنما يتصل بالموقف الذي يجب اتخاذه في مسألة الحائط. 
...ناش نل .121,11 ,ذا رسع ادكداءة1 ,كعامدل1 ,عتفكل8ا ,1930 عوطماعه 4 (80) 


كالاعمعمع أعدمع1 عل «ناءاان8 ,105 ,8 ,لتعلدكددة1 ,5ع]2120 ,ملز ,1930 عدطم1هء0 6 (81) 
5259 


!359-36 .مم ,/آ1كآ ,...وءااعا .1200310ء712 سامه|842 ذ ,1930 )ع1 انراز 9 (82) 
3 00 220 (83) 


,1918-1948 ,عارتاوءاءط عم عاأععنما3 186 ,عءءبماه8 ع1[ ها 4انها 4 بمقطامطة اعسطة رج8) 
عل عنتقم ذ ععمعئة)ة: عل عراذا امعااععءرط .51-52 .مم ,1993 ,اأحكه-اء1' ,ىلوم8 5100 
.1929 


)85( 20 03 

.599-603 .مم ,آ ,...كعم0م بممقصداع717 (86) 

-317 .مم , الا ,...عرع1اصا ,1930 عوطماعه 6 م1 ,قعناطتة/لا <زاء* للم (87) 
.382-84 .مم , 7611 ...يلاعا ,1930 عوطماعه 15 عا ,لاعأكموط 10م (288) 
.423-430.جم ,كقانيب كعل علاماء!آ ما 5هةل عدلااوصة (89) 


كامعدعمع أعددع 1 عل هناء|ان8 ,105 ,8 ,دع لدديد16 ,كعأهدلظ ,كلف]1 ,1930 عرطامنعه 30 (90) 
5279 


(11) دروزهء مذكرات, المجلد الأول»ء ص ص 547 - 544. 
لاقتعناء!؟ عل .11 ,121 ,8 ,دع لقكصة1 ,ؤعاهداظ ,تتفاة ,1930 عرطاماعه 27 16 ,5عرلدمآ (92) 


5ع عتاكتمتد ,لممفظ .34 ععمعلاءعرظ م50 ذ ,كععلمم.[ ة ععموءط عل عنعلددعقطصة 
6208875 كعتنه1ا4 


وكم 


.8 ((0)] 20ص (93) 
.3 00 0ط (94) 


عل ساعلاآن8 ,105 ,8 ,سعلمكد34 .كعنمداط ,فا ,1930 عبطمعامم 15 (95) 
.285 29 كأمعلمعمع أعودع 1 


.3 ©0060 210 ,1930 عوطمعلامم 12 نال عسسمع6اة7 (96) 
.607-610 .مم ,1 ,...كرعمه7 ,لامممرداء/78 عمقل نفمعء عامممه0) (97) 


-1929 ,لإعمهارماواط أاكندمن2-مأعانة جا «لناى هذ ,كاكتومن2 عاثتلدء6) 7116 ,ع12805 .له .ل8 (98) 
0 .م ,1973 ,5ع0همآ ,كود0) علصوع2 ,1939 


مما له دلالته» أن رئيس الوزراء يطلب مشاركة يهود أميركيين في اللجنة الفرعية. وبما أن هو لاء 
اليهود لا يريدون العمل في عجلة» فإنهم يرفضون. لكنهم يختارون أثنين من المراقبين» بينهما 

النائب اليهودي للعمالي هارولد لاسكي. 
...لاقكناء11 ع0 .121,11 ,8 ,دع اتكندة[ ,كعامدلة ,عماخ ,1930 عبطمعلدمم 19 (99) 
.3 000 0ظط (100) 


5 0 .63-66 .مم ,/30 ....65 اما ,وناطءةللا «ناءع1 3 ,1930 عرطوعع06ل 11 (101) 
.عنءعا ع1 كمقل 


.14-5 .مم ,27 ,...ونعلاعا ,ع؟ءطامعطاه؟. كنمه8 3 ,1930 عوطممعءقل 24 (102) 
.82-84 .مم . 13/7 ....درعلاما .1931 ععتنامدز 2 ع[ (103) 
..-12613 ذ ععممرظ عل انكده0 عا ,02434 ,قلفك1 ,1930 عبطمرععقل 14 (104) 


,امآ ,1 رظلة]38 .121 ,8 .لرعءادكسة1 ,كعادداظ ,عذك؟ .1930 عتطموعفل 21 (105) 
...1213 ة ععمدء1 عل اناكوه") ع.آ ,120 ,/11غ1.7 ,1930-1940 ,عم نوعاوط 


...ةلق سق 0 .11 ,105 ,8 ,دع لأمكعة1 ,كعأامدلظ ,عل8 11 ,1930 ع«ادمعءعل 30 (106) 

.5417 دروزهء مذكرات. المجلد الأولء ص‎ )٠١0( 
30 كالع ممعمع تعكمع 1 عل مناءلاتن8 ,105 ,8 ,مع لدكصة1 ,كعنمد]8 ,عة81 ,1930 عبطدمعء6ل‎ 2" 
305 1 
جرى اس تخدام مصطلحي‎ .7728- 1١5١ مذكرة في وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص‎ 
«العرب» و«الفلسطينيين» بشكل شبه متعادل؛ ولكن من غير صيغة «العرب الفلسطينيين». بل إننا‎ 

نجد تعبير «الفلاح الفلسطيني». 

...21 تصناة ل .14 121 ,8 ,دع لدكع1 ,كعامداظ! ,عتشل8ة .1931 رءترمدز 24 (108) 
.87-9 .مم ,07 ,...ورع ما (109) 

لحلض 


0) 210 ,عكناهام312 عل جعه015 أعتماولط غ1 عقم 1930 كتدم 11 نال تسبالصدءرمم116 (110) 
ْ2/197ظ22 


7 20 ,1931 يعامدز “1 عآ (111) 

7 00 2150 ,1931 معترة؟ 5 بل أعلر6 اك تسمتسمعلها عاتصرمء-كناه5 (112) 
7 20 (113) 

.431-439.مم ,كعات كعل علاماء!! عا كصقل علءء 1 (114) 


عمنادعءا22 امواعا 5 لخ1ل8 ,122 8 العامة[ دعامداظ علشلة ,1930 تعلخ 17 (115) 
..ع1 تنظ 'ل .11 ,63 ,غ1.آ ,1930-1940 


دل ممتمنقم 12 عل نلمع؟ عامصوم ,ععتوبة؟ 14 عل اك 13 عا تعمصسدعة616) عل ععمقطءظ (116) 
7 210 وة 16 


75١-51١2 وثائق المقاومة الفلسطينية.... ص ص‎ )١١7( 
يظهر المصطلح عدة مرات في هذا البيان كما في بيانات أخرى.‎ )١١4( 
)119( 13 3081 1931, ..0216ناك ل .804 ,122 ,8 ,قوع أدكدصة16 ,5ء:135؟ ,ككشاة‎ 
)120( .مم ...صما ع«ةإععاوط ,طعوتكآ‎ 399 
)121( مع يعزووه1‎ 220 00 04. 
.5579- 5484 دروزهء مذكرات, المجلد الأول» ص ص‎ )1١17( 
)123( 16 .مم ,لا ...ىرع 1اعط رع تكنااءة/الا تناع ذ ,1931 01د‎ 131-16. 
)124( 2 تنحش 'ل .11 ,122 ,8 بدن أتكنت16 ,وعغمدآا1 _,عتخاخ ,1931 انرحة‎ 216... 
)125( 28 .مم ,/2 ,...دعناعة ,طععداطءاءعنط5 مطم1 عزو ف ,1931 اأنرحة‎ 141-144. 
)126( 25 2261 1931, ...216لتناش ل .11 ,47 ,2172آ ,1930-1940 ,عسناوع !22 ,أمهلاعآ ,تكذ1خ‎ 
ترد إشارات عديدة إلى هذا الموضوع في مذكرات أكرم زعيتر.‎ )١720( 
)128( 1 .مم ,كقانت دعل ملاماء!! عا كهول عاءء‎ 437-438. 


"2 قالع عع أعووع1 عل عاأه[2 ,105 ,8 ,لع أدكدمة1 ,5عنمدا2 ,ظفكا8 ,1931 مندز 15 (129) 
.201 


1 0©) 2120 يع غءامسرمء ععنووه (130) 
613-41 .مم ,آ ,...كمعمه2 (131) 
)١١1(‏ يزعم جولدمان في سيرته الذاتية 


ام 


8 -126 .مم ,1971 بلعديزة"آ ,كوتمةط) عننامرمرومةطول:4 
أنه قد سعى إلى صفقة مع قايتسمان: أن يتعهد هذا الأخير بعدم ترشيح نفسه على أن يعمل 
جولدمان على إلغاء اقتراح بحجب للثقة عنه. لكن فايتسمان» بحسب رواية جولدمان» قد رفض 
هذه الصفقة»ء لثقته بأنه سوف يعاد انتخايه. 


.186 ,7117.آ ,1930-1940 ,عمنادعاةط ,أمدبعآ ,ط رشك ,1931 عءطممعامعد "1 (133) 


(4؟1١)‏ دروزه؛ مذكرات, المجلد الأولء ص ص 747 -701. مذكرات أكرم زعيتر.... ص 
ص 7.7 -.كللار 


...86215210 ,122 .8 ,دوع [دذنص6ل ,كعاهداظ ,ظفل ,1931 انمد 5 


,7 ناكءلة2 ,اأمولاعآ ,8 ,فالا ,122 ,8 ,نرعاهكسة1 ,دعامدلظة .غ814 ,1931 انمد 19 (135) 
...5653220 ,127 ,كنآ ,1930-1940 


مذكرات أكرم زعيتره ص ص 7١7‏ - 515. 
...200كقع8 ,122 ,8 ,دع لمكنضة1 .كعامقالة رعذ ك8 ,1931 عرطصمعامعه 2 (136) 


المع ععموءظ عل أنكوده© .0مقجرء8 لق .11 ,2434) ,عفاة .1931 عتطممعامعد 29 (137) 
كعمنداكث كعل عتاكتمتلك8 1 .10 عممعااععءظ وهك ق ,معادكيدة16 ذة ععموءظ عل ادأبكده© نل 
.ع لاكعاوط تت عرغاع الهاج ء ءانهأاامازمء6 1اوالعلااا3 .كعغعمقعاة 


...85300 .ة .11 ,02434 ,عتما . 1931 عتطماعه 14 (138) 

عل عكدنمط ها عل دععرعاناوةىنرمه دء| «لاى ءاول( ,2434© ,ه81 .1931 ععطوعمم 25 (138) 
.1ط أدعاى ءزز| ها 

0) 2150 وع يعزووم8 (140) 

2 ....عاقصسة12 ,122 ,8 ,لرعأتكصة1 ,كعامداط ,فا ,1931 ععطمعاممد 19 (141) 


ال اا 

5جء2 ...ع اقصسخ'72 .122 ,8 ,مع افسعصة1[ ,دعامدل؟ ,تشاة .1931 عتطمعلمم 20 (142) 
.كاغاز 151711 ااهل[ نه انوذلممعتتمدرة' ل 

)143( 20 00 5. 

كهقاعا ,8 رظلف81 ,94 ,8 .معادكدخ1 ,دعامدل؟ ,رعتفكة ,1931 عبطمعمم 20 (ج4ل) 
...ع1قمسسش ل .151 ,203 ,32.آ ,1930-1940 ,عملءوعلوط 


)١145(‏ حول هذا الموضوع. انظر تيسير جباره. المسلمون الهنود وقضية فلسطين. رام الل 
عمّان. .1١994‏ 
)١157(‏ إبراهيم أبو شقراء الحاج أمين.... ص .١15١‏ في هذا الكتاب» نجد دراسة تفصيلية 
اتحضيرت ووقائع المؤتمر. 

14م 


)١41(‏ علاوة على مسألة الخلافة» هناك مسألة الأوقاف المصرية في مكة والمدينة [المنؤرة]ء 
وهي موضوع نزاع بين مصر والعربية السعودية. 
.3 00) 2150 رعوطوعلامم 21 نل عممطعية /لا عل عمصصدمعقاة1 (148) 


عل كمناعاان8 .1931 عتطمعلامم ,105 .8 ,ورعاتكنهع36 ,كعنمدلط ,تملظ (149) 
1 )© 330 ,320 *89 كاهع معمع أعكمعه 


)16١(‏ عزة دروزهء حول الحركة العربية الحديثة؛ المجلد الثالث.» صيداء ١505‏ (؟),. ص 17م 
وما بعدهاء وكذلك. دروزهء مذكرات. المجلد الأول» ص ص ١8-7١١6‏ 179لا -7الا. 


...86280 .136 .داع أقكددة1 ,دعنمدا! ,رتفا 1931 عوطدمعءء6ل 23 (151) 
215 6ع أعكمع: عل 21016 .105 .تع أ 2كنم16 .5عامدلة ,عف81 1931 عبامععقل 29 (152) 


ممع أعكمع1 عل سناءالن8 ,105 ,8 .معامكيضة1 ,كعامولة رعذ81 ,1931 عمطاصسعءقل 31 (153) 
.399 5ه كأمعمر 


علض 


1922-8 ,5 ظافكته0اافانا 711/5 5عامم ها 1 








5عانممتتلهميعاما وعغاصن؟ ا 
80168 عان/غع. ميمامه 
عانم ل0ز,م 65أنا30 حسد 


ألأوجلاه كم 
6 
ووم لو باع ««#ننة 


فح ستو 


المحتويات 


الكتاب الثالث 
انتداب على فلسطين 


١598-5 


تمهيد 

خلآق واختراع التراث7١.؛‏ الهدم الخلق والعولمة الأولى17: الحرب 
الهدم الخلاق واختراع التر الهدم الخلاق والعولمة الأولى7١2‏ الحرب 
العالمية الأولى وقيام الانتداب١7»‏ كتابة التاريخ المعاصر؟7” 


الفصل الأول: الرفض العربي 

المقترحات البريطانية وردود الفعل العربية74ء لجنة الأماكن المقدسة!١”ء‏ 
المؤتمر الفلسطيني الخامس”77؛ لوزان 77 خيبات الأمل الصهيونية» 4» 
الانتخابات44: المجلس الاستشاري١0.‏ المؤتمر الصهيوني الثالث عشر؛ ©: 
الوكالة العربية©©: زيارة الملك حسين: المملكة العربية والخلافة 
الإسلامية514: الصهيونية وسوريا وفرنسا14» نكبات الهاشميين717 


الفصل الثاني: النظام السياسي الفلسطيني في عشرينيات القرن العشرين 
الحسينيون والنشاشيبيون7/اء لجنة الانتدابات78ء التطورات المذهبية 
للصهيونية87» المقام القومي اليهودي زمن «العاليّا» الرابعة47» من بلفور 
إلى إدمون دو روتشايلد85»: تركة السير هربرت صمويل14.: الموتمر 
الصهيوني الرابع عشر45: اللورد بلامر48: عمل اللورد بلامر 
الإداري١١٠.2‏ المجتمع العربي بين الإسلام والنزعة العربية4٠١٠,‏ الإسلام 
والسياسة؛ ١١١‏ بوس الصهيونية ١71١‏ 


1 


"7 


فى 


الفصل الثالث: الاقتصاد السياسي للانتداب 

التنظيم الإداري١17ء‏ السكان174» النمو الاقتصادي للقطاع العام٠‏ 204 
الاستراتيجيات الصهيونية47 ١؛‏ الإنتاج الفقلسطيني157ء الزراعة 
اليهودية55٠ء‏ الزراعة العربية71٠ء‏ مسألة نقل الملكيات العقارية77١‏ 


الفقصل الرابع: حائط المبكى 

مسألة حائط المبكى184ء المندوب السامي الثالدث45١؛‏ صعود التوترات 
والوكالةٌ اليهودية١١٠23‏ أعمال العنف الأولى4١7؛‏ الأحداث8٠7؛‏ خصائص 
وأصداء الأحداث777» سياسة تشانسلور7١7»‏ التظاهرة النسائية العربية 
الأولى +77١‏ تجهيز لجنة التحقيق277» خطة فيلبي الأولى والثنائية القومية 
ومشروع التقسيم إلى كانتونات4 7١1‏ 


الفصل الخامس: التهديد الأول للانتداب 

لجنة شو5737» تهديد المقام القومي اليهودي57”7»: تقرير شو١4‏ 7 التزامات 
وأهداف الانتداب47”. تقرير سم سون7517» الخطاب الأسود765, عواقب 
الخطاب الأسود٠‏ 277 سقوط ثايتسمان775: خريف مكفهر755, المؤتمر 
الإسلامي في القدس777 


الهوامش 


قف 


هم 


ا" 


لحف 


للمترجم 


تأليف: 
تروبادور الصمت. دار النيل» الإسكندرية. .١994‏ 
مرايا الانتلجنتسياء دار النيل» الإسكندرية.ء .١5526‏ 


مبدأ الأمل, دار جورء القاهرةقء 1١9355‏ 


ترجمة: 

ز. أ. ليقين: الفكر الاجتماعي والسياسي الحديث قي لبنان وسوريا ومصرء دار ابن 
خلدونء» بيروت» ذملاوة١.‏ 

ط” تحت عنوان: الفكر الاجتماعي والسياسي الحديث في مصر والشامء دار شرقيات» 
القاهرة. /1551. 

ز. أ. ليقين: التنوير والقومية. تطور الفكر الاجتماعي العربي الحديثء. مكتبة مدبولي» 
القاهرق. .١541‏ 


جورج حنين» لا مبررات الوجودء أصواتء القاهرة» ١1417‏ (بالاشتراك مع أنسور 


كامل). 
- تيموثي ميتشلء استعمار مصرء سينا للنشرء القاهرةء ١14٠‏ (بالاشتراك مع أحمد 
حسان 


ك. ب. كافافي: قصانئد. دار إلياس» القاهرةء ١915٠١‏ 

- تيموثي ميتشل» مصر في الخطاب الأميركي؛ مؤسسة عيبال» نيقوسياء .1991١‏ 

- تزقيتان تودوروف. فتح أمريكاء مسألة الآخرء سينا للنشرء القاهرةء .١9917‏ 

ط". دار العالم الثالث» القاهرة» .7٠١19‏ 

- روبير مانتران (إشراف): تاريخ الدولة العثمانيةء جزعانء دار الفكرء القاهرة» 
00 

فيليب فارج ويوسف كرباج: المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي 
والتركيء سينا للنشرء القاهرة. .١5155‏ 


0 


- إدواردو جاليانو: الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية. تاريخ مضادء دار النتيل» 
الإسكندرية» ١1314‏ (بالاشتراك مع أحمد حسان). 

- توماش ماستناك: الإسلام وخلق الهوية الأوروبية» دار النيل» الإسكندرية» ١992©‏ 
طاء الملتقىء مراكشء "اء 1395 

- هنري لورنس وآخرون: الحملة الفرنسية في مصر: بونايرت والإسلام؛ سينا للتشرء 
القاهرةء 1956. 

توماش ماستناك: أوروبا وتدمير الآخر. الهنود الحمر والأتراك والبوسنويون؛ دار 
مصر العربية» القاهرة. .١996©‏ 

- جورج حنين: أعمال مختارة؛ منشورات الجملء كولونياء .١355‏ 

ط؟ (مزيدة) تحت عنوان: منظورات. الهيئة العامة لقصور الثقافة» القاهرق .١5354‏ 

- تيموثي ميتشل: الديموقراطية والدولة في العالم العربي» دار مصر العربية» القاهرة» 
00 

- زكاري لوكمان: خطاب الأقندية الاجتماعي. ,.1514-1١455‏ دار مصر العربية» 
القاهرة, .١991/‏ 

جان-كلود جارسان: ازدهار وانهيار حاضرة مصرية: قوص. سينا للنشرء القاهرة» 
له 

- هنري لورنس: المملكة المستحيلة. فرنسا وتكوين العالم العربي الحديث: سينا للنشرء 
القاهرةء 1551 

هنري لورنس: بونابرت والإسلام. بونابرت والدولة اليهودية؛ دار مصر العربيةء 
القاهرةء 191548. 

- جويس منصور: افتح أبواب الليلء منشورات الجملء كولونياء 1594. 

عبد الله الشيخ موسى: الكاتب والسلطة. دار مصر العربية» القاهرة» .١599‏ 

-:ذرنان برودن: هوية فرنساء المجلد الأول: المكان والتاريخ: المجلس الأعلى للثقافة» 
القاهرةء 1955 

- فرنان برودل: هوية فرنساء المجلد الثاني: الناس والأشياءء المجلس الأعلى للثقافةء 
الجزء الأول تدك الجزء الثاني» ثثدقل 

صفاء فتحي: إرهاب, المجلس الأعلى للثقافة: القاهرة, .١595‏ 


4 


- هنري لورنس: الأصول الفكرية للحملة الفرنسية على مصرء الاستشراق المتأسلم في 
فرنسا (758-1554١)ء‏ دار شرقياتء القاهرة. 1595. 

برنار نويل: لسان أناء دار شرقيات؛ القاهرةء .١195‏ 

هنري لورنس: كليبر في مصرء المواجهة الدراءية مع بونابرتء دار شرقيات» 
القاهرق. .١9155‏ 

جاك دريدا وصفاء فتحي: دريدا... من جهة أخرىء. فيلم تسجيلي» أخبار الأدب» 
القاهرةء 15545 

برنار نويل: حالة جرامشي.ء الهيئة العامة لقصور الثقاقة؛ القاهرق 2٠٠١‏ 

أندريه ريمون: !لمصريون والفرنسيون في القاهرة »)18٠01-1١1744(‏ عينء القاهرة» 
وان 

- نوربرت إيلياس وآخرون: التمدن بين الاجتماع والتاريخ» متون عصرية في العلوم 
الاجتماعيةء *» القاهرة. 22٠0٠١‏ (بالاشتراك مع إيمان فرج) 

- شارل بودلير: سأم باريسء الكتابة الأخرىء القاهرةء ديسمبر» 7٠٠١١‏ 

- ميشيل بالار: الحملات الصليبية والشرق اللاتينيء عينء القاهرةء 7٠١7‏ 

آلان جريش وطارق رمضان: حوار حول الإسلام, دار العالم الثالث؛ القاهرة: .7٠١7‏ 
- هنري لورنس. المغامر والمستشرقء المجلس الأعلى للثقافة؛ القاهرق ٠٠١*‏ 
توماش ماستناك: السلام الصليبيء المجلس الأعلى للثقافة» القاهرق 5٠١٠17‏ 

جاك بيرك: أي إسلام؟؛ دار العالم الثالثء القاهرة. 27٠١5‏ 

- ريشار جاكمون: بَينَ كَبَة وتاب الحقل الأدبي في مصر المعاصرة: دار المستقبل 
العربيء القاهرةء .7٠١5‏ 

هنري لورنس: المشرق العربي في الزمن الأمريكي. من حرب الخليج إلمى حسرب 
العراق: دار ميريت. القاهرة, .7٠٠١6‏ 

هنري لورنس: مسألة فلسطينء. الكتاب الأول 15114-1155ء المجلس الأعلى 
للثقافةء القاهرة. .7٠١5‏ 

ايف ميشو (إشراف) جامعة كل المعارف: ما المجتمع؟, المجلس الأعلى للثقافة» 
القاهرةء ٠٠٠١5‏ (بالاشتراك مع آخرين). 


م 


- ايف ميشو (إشراف) جامعة كل المعارف: ما الثقافة؟. المجلس الأعلى للثقافة» القاهرة» 
(بالاشتراك مع آخرين). 

ميكائيل لووي وأوليقييه روا وموريس باربييه: حول الدين والعلمانية: دار ميريمت» 
القاهرةقء 5٠١5‏ 

تيموثي ميتشل: دراستان حول التراث والحداثةء دار ميريت» القاهرةء 3٠٠١5‏ 

هنري لورنس: مسألة فلسطين: الكتاب الثاني. 21577-١514‏ المجلس الأعلى 
للثقافة» القاهرة, .7٠٠١5‏ 


هن 


المشروع القومي للترجمة 


المشروع القومي للترجمة مشروع تنمية ثقافية بالدرجة الأولى» ينطلق من الإيجابيات 
التي حققتها مشروعات الترجمة التي سبقته في مصر والعالم العربي ويسعى إلى 
الإضافة بما يفتح الأفق على وعود المستقبل معتمذا المبادئ التالية: 


١‏ الخروج من أسر المركزية الأوروبية وهيمنة اللغتين الإنجليزية والفرنسية. 

”" التوازن بين المعارف الإنسانية في المجالات العلمية والفنية والفكرية والإبداعية. 

؟ الانحياز إلى كل ما يؤسس لأفكار التقدم وحضور العلم وإشاعة العقلانية 
والتشجيع على التجريب. 

5 ترجمة الأصول المعرفية التي أدسبحت أقرب إلى الإطار المرجعي في الثقافة 
الإنسانية المعاصرة» جنبًا إلى جنب المنجزات الجديدة التي تضع القارئ في 
القلب من حركة الإبداع والفكر العالميين. 

العمل على إعداد جيل جديا من المترجمين المتخصصين عن طريق ورش العمل 
بالتنسيق مع لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة. 


1 الاستعانة بكل الخبرات العربية وتنسيق الجهود مع المؤسسات المعنية بالترجمة. 


التصحيح اللغوي: صفاء فتحي 
الإثشثراف الففي: حسن كامل